حلقة 390: فضل صيام الست من شوال - هل تحرم الرضعة الواحدة - من هو الذي كتب القرآن ورقم آياته - مسألة فيها خصومة - حكم المحكمة هل يجب شرعا تنفيذه - توجيه لمعرفة كيفية شراء الكتب - أفضل الكتب في التفسير - هل هناك سنة للجمعة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

40 / 50 محاضرة

حلقة 390: فضل صيام الست من شوال - هل تحرم الرضعة الواحدة - من هو الذي كتب القرآن ورقم آياته - مسألة فيها خصومة - حكم المحكمة هل يجب شرعا تنفيذه - توجيه لمعرفة كيفية شراء الكتب - أفضل الكتب في التفسير - هل هناك سنة للجمعة

1- يسأل عن صيام الست من شوال، وعن فضلها؟ جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله, وصلى الله وسلم على رسول الله, وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد ثبت عن رسول الله-عليه الصلاة والسلام-أنه قال: (من صام رمضان ثم أتبعه ستاً من شوال كان كصيام الدهر)، رواه مسلم في صحيحه، وهذا يدل على فضلها وأن صيام الست مع رمضان كصيام الدهر كأنه صام الدهر كله، وهذا فضل عظيم، فرمضان بعشرة أشهر, و الست بشهرين والحسنة بعشر أمثالها فكأنه صام الدهر كله، مع أن الله بلطفه- جل وعلا-جعل رمضان كفارة لما بين الرمضانين, فالست فيها زيادة خير, ومصلحة عظيمة, وفائدة كبيرة في امتثال أمر النبي- صلى الله عليه وسلم- امتثال إرشاد النبي- صلى الله عليه وسلم- وترغيبه, والحرص على فعل ما شرع الله من العبادة، وهذا خير عظيم، كون المؤمن يتحرى ما شرع الله ليمتثل ويطلب الثواب من الله هذا له فيه أجر عظيم.  
 
2- لي بنت عم رضعت معي رضعةً واحدة، أريد الزواج بها، فهل يجوز ذلك؟
نعم إذا كانت لم ترضع إلا رضعة واحدة من أمك, أو أنت رضعت واحدة من أمها فالرضعة لا تحرم ولك أن تزوجها, لقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (لا تحرم الرضعة ولا الرضعتان)، أخرجه مسلم في صحيحه، ولقوله- صلى الله عليه وسلم- لزوجة سهل بن أبي حذيفة: (أرضعي سالما) الذي يدعى ابن أبي حذيفة، يقول- صلى الله عليه وسلم- لزوجة أبي حذيفة بن عتبة: (أرضعي سالماً خمس رضعات تحرمي عليه) خمس, ولما ثبت عن عائشة- رضي الله عنها-، قالت: (كان فيما أنزل من القرآن عشر رضعات معلومات يحرمن، ثم نسخن بخمس معلومات فتوفي النبي-صلى الله عليه وسلم-والأمر على ذلك)، خرجه مسلم في صحيحه، والترمذي وهذا لفظ الترمذي، ولفظ مسلم- رحمه الله-:( فتوفي النبي- صلى الله عليه وسلم- وهي فيما يقرؤ من القرآن)، فالمقصود أن التحريم مربوط بخمس، معلق بخمس رضعات، فإذا كانت الرضعات أقل من خمس فإنها لا تحرم، والرضعة أن يمص الثدي فيبتلع اللبن ويطلق الثدي, ثم يعود إليه في المجلس أو في المجالس الأخرى خمس مرات هذه الرضعة, أما إن كان أمسك الثدي لكن لا يجزم أنه حصل لبن أو ما حصل لبن ما يعتبر, أو يشك هل كمل خمس أو ما كمل خمس لا يعتبر، لا بد من خمس معلومات يقين، كل رضعة فيها لبن يصل إلى جوفه، في الحولين قبل أن يفطم, فإذا كانت أقل من خمس أو بعد الحولين فإنها لا تعتبر ولا يكون الرضاعة معتبرة، أو شك فيه هل بلغ خمساً أو ما بلغ، أو هل وصل اللبن إلى جوفه أم لا، أو كانت المرأة المرضعة ما فيها لبن إنما تسكته فقط لئلا يصيح تشغله بالثدي وإلا ما فيها لبن، أو لبن ما يعتبر ماء ما له قيمة ما يسمى لبن، ما دام يتسرب منها ماء فهذا لا يسمى لبنا، فلا بد أن يكون لبنا ينفع الطفل، ولا بد أن يكون خمس مرات أو أكثر.  
 
3- حدثونا لو تكرمتم عمن كتب لنا القرآن الكريم، ومن وضع رقم الآيات؟
القرآن الكريم كتبه الصحابة عن النبي- صلى الله عليه وسلم-, ثم في عهد عثمان شكل له لجنة رباعية، منهم زيد بن ثابت كاتب الوحي فجمعوا المصحف الموجود بين أيدينا الآن على حرف واحد حتى لا يتنازع الناس، وكان أنزل على سبعة أحرف، فجمعه الصحابة في عهد عثمان على حرف واحد، وهو الذي بين أيدينا الآن والحمد لله, وهو محفوظ عن النبي- صلى الله عليه وسلم- من طريق الصحابة-رضي الله عنهم وأرضاهم-، لم يغير منه شيء وهذا من لطف الله؛ لأن قال- سبحانه-: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9)، فهو الذي نزل الذكر وهو الذي حفظه وهو القرآن، ولهذا يقول-جل وعلا-: إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ (الحجر:9) ، فقد حفظه الله على يد رسوله-صلى الله عليه وسلم-, ثم على يد الصحابة ثم بعد ذلك على يد أهل العلم قرنا بعد قرن، يحفظونه في الصدور, ويتلقونه عن بعضهم البعض، ويكتبونه في المصاحف كل ذلك من لطف الله وحفظه لكتابه العظيم-سبحانه وتعالى-.   
 
4- أنا طالب أدرس في إحدى الدول العربية، وخلال هذه الدراسة استأجرت غرفة عند حجة متقدمة في السن -ربما يقصد امرأة كبيرة السن- اعتادت أن تؤجر غرفاً من بيتها، وعند انتهاء تلك السنة الدراسية أردت أن أذهب لزيارة أهلي لمدة شهرين ثم أعود، فسألتها: إن كانت تقبل أن أترك أغراضي في الغرفة حتى أعود، فأخذتها من عندها فقبلت، وقالت: ضع ذلك تحت السرير بشكل لا يظهر، ففعلت، وبقيت شنطة ثيابي فوضعتها على ظهر خزانة الثياب، وتركت للحجة المفتاح؛ لأنها كانت غائبة عن البيت تلك الساعة، المهم: عندما رجعت لأخذ الأغراض قالت لي: أين ذهبت وتركت أغراضك؟! ولم يرضَ أحد أن يستأجر الغرفة بسبب هذه الأغراض، هذا على حد قولها، وأنكرت إنكاراً شديداً أنها سمحت لي بإبقاء ثيابي وملابسي عندها، وطالبتني بأجرة، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيراً.
هذه خصومة بينك وبينها راجع المحكمة والمحكمة فيها الكفاية والحمد لله.
 
5- إذا كانت تلك خصومة بيني وبينها وحكمت المحكمة علي بما تحكم من دفع المال، فهل يجب علي شرعاً أن أدفع؟
إن أعطيتها الأجرة ولم تخاصمها فهو خير لك وأحسن، إن أعطيتها الأجرة ولم تخاصمها فهو خير لك، وإلا فالمحكمة فيها الكفاية إذا ألزمت عليك أن تلتزم بحكم الشرع.
 
6- نعلم أن الكتب الصحيحة الستة كتبٌ خيّرة، الرجاء أن تفيدونا، هل تختلف هذه الكتب من طبعة إلى أخرى، ونظراً لكثرة الكتب لم أعرف ما هو الصحيح فيها، الرجاء أن تفيدونا عن ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
نعم تختلف الطبعات، بعضها رديء بعضها فيها أغلاط، فينبغي لطالب العلم أن يختار الطباعة الجيدة، ويسأل أهل العلم الذين يعرفهم عن الطبعة الجيدة حتى يستعملها ويشتريها، ليست الطبعات على حد سواء لا في الصحيحين, ولا في السنن الأربع، ولا في غيرها من الكتب، حتى القرآن قد يقع فيه غلط من الطابعين, فطالب العلم يجب أن يكون عنده انتباه وعنده بصيرة حتى يقتني إلا الطبعة الجيدة التي عرفها العلماء باستقام الصحة والسلامة من الأخطاء، وفي إمكان كل واحد منكم أن يسأل عن الطبعة الجيدة، إذا كان عنده قصور لا يعرف يسأل أهل العلم، يقول عندي طبعة كذا طبعها فلان، من كتاب ابن كثير، من كتاب البخاري، من كتاب مسلم، من كتاب سنن الترمذي إلى غيره، يسأل أهل العلم الذي يعرفونه والذي يعرفهم حتى يدلوه ويرشدوه على الطبعة الجيدة.
 
7- يسألون عن أفضل كتابٍ في تفسير القرآن الكريم، ويسألون سماحتكم عن رأيكم في تفسير ابن كثير؟
أحسن كتاب في علمت في التفسير تفسير ابن جرير, وتفسير ابن كثير, وتفسير البغوي، هذه الثلاثة أحسن التفاسير, ثم يليها تفسير القرطبي جيد ومفيد, تفسير الشوكاني جيد ومفيد، ولكن كل واحد لا يغني عن الآخر، كل واحد لا يغني عن الآخر، وطالب العلم يميز بين الأخطاء، فقد يقع أخطاء في بعض الروايات ويعتمدها بعضهم, وقد تكون أحاديث ضعيفة عند ابن جرير, أو عند ابن كثير, أو عند غيرهم, فطالب العلم لا بد أن ينظر في الأسانيد ويعتني بها إذا كان من أهل الفن, يعرف صحة السند وعدم صحة السند, كذلك الأقوال يعرضها على الأصول الشرعية والقواعد الشرعية إذا كانت الأقوال مختلفة حتى يتميز أهل الصواب من غيره، وهكذا بعض المفسرين يؤلون الصفات كما قد يقع في تفسير القرطبي, فلا بد يكون طالب العلم عنده بصيرة فيمن يتأول الصفات, أو يرجح بعض الأقوال المرجوحة حتى يختار ما هو الأفضل، وحتى ينبه على الخطأ, ولا يوجد كتاب يسلم من الأخطاء إلا كتاب الرب- جل وعلا- إلا كتاب الله-سبحانه وتعالى- هو المعصوم المحفوظ, الذي ليس فيه خطأ بل هو محفوظ، أما كتب الناس فقد يقع فيها خطأ من جهة المؤلف, وقد يقع فيها خطأ من جهة الكاتب, وقد يقع فيها خطأ من جهة الطابع, فطالب العلم ينظر ويتحرى إذا اشتبه عليه شيء سأل أهل العلم حتى يتميز له الحق من الباطل.  
 
8- يسألون سماحتكم عن رأيكم في الانتقال من بلد إلى بلد؛ لزيارة ضريح أحد الأولياء، ولو كانت المسافة قصيرة، ولتكن المسافة مثلاً مائة كيلو متر، وليكن مثلاً هذا الولي هو أحد الصحابة؟ جزاكم الله خيراً.
السفر لزيارة القبور ما يجوز، لكن تزار بدون سفر، الإنسان يزور القبور في بلده يسلم عليهم يدعو لهم إذا كانوا مسلمين، وإن كانوا كفار يزورهم للاعتبار والعظة فقط ولا يسلم عليهم؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، هكذا قال-صلى الله عليه وسلم-: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، رواه مسلم في صحيحه، وكان يعلم أصحابه-رضي الله عنهم-إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، وربما قال في بعض كلماته إذا زار القبور: (أنتم لنا سلف ونحن بكم لاحقون، غداً مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، وربما قال: (السلام لأهل القبور يغفر الله لنا ولكم أنتم سلفنا ونحن بالأثر)، فالإنسان يسلم عليهم نحو هذا، نحو ما جاء عن النبي-صلى الله عليه وسلم-، يدعو لهم، لكن من دون شد رحل، إذا كانوا بعيدين لا شد الرحل يزور القبور التي في بلده من دون شد الرحل، وإذا سافر إلى بلد من أجل مصلحة التجارة, أو زيارة أخ له وأحب أن يزور قبورها لا بأس، إذا كان السفر ليس لأجلها بل لأجل تجارة, أو زيارة قريب حي, أو صديق, أو لأسباب أخرى وأحب يزور القبور فهي سنة الزيارة سنة، فيها عظة وفيها مصالح تذكره الموت وتذكره الآخرة، كما قال النبي- صلى الله عليه وسلم-، لكن ليس له أن يشد الرحل إليها إذا كانت بعيدة, لقول النبي- صلى الله عليه وسلم-: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، فهذه المساجد الثلاثة هي التي تشد إليها الرحال، للصلاة فيها والعبادة، وللحج في المسجد الحرام، أما غيرها من المساجد ومن البقاع والقبور فلا يشد لها الرحال، لا تشد الرحال إلى بقعة من البقاع لا مقبرة, ولا صخرة, ولا الطور الذي كلم الله فيه موسى ولا غير ذلك، هذه لا تشد الرحال إلى هذه الأشياء، ولما سافر أبو هريرة الطور أنكر عليه ....أبا سعيد الغفاري، وقال: "لو علمت لما سافرت"؛ لأن النبي- صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تركب المطي إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى)، فأنت يا عبد الله عليك أن تتبع السنة ولا تخرج عنها, فتزور القبور في بلدك ولا تشد الرحال إليها في أي مكان لا تسافر إليها، وهذا للرجال خاصة، أما النساء فليس لهن الزيارة؛ لأنه-صلى الله عليه وسلم- لعن زائرات القبور، فلا يزرن القبور، وإنما يزورها الرجال فقط، هذا هو الصواب.   
 
9- هل هناك سنة للجمعة؛ لأن بعض المؤذنين هنا بعد الانتهاء من الأذان الأول يقول: سنة الجمعة يرحمكم الله؟
هذا غلط، هذا المؤذن الذي يقول هذا الكلام هذا غلط بدعة لا أصل لها، والجمعة ليس لها راتبة قبلها، بل يصلي ما يسر الله، يصلي ثنتين, أو أربع ركعات تسليمتين، أو ست ركعات ثلاث تسليمات أو أكثر، يصلي ما قدر له إذا وصل المسجد والحمد لله، وليس هناك حد محدود قبل صلاة الجمعة، ولو صلى مائة ركعة، قبل أن يدخل الإمام يسلم من كل ثنتين، أما بعدها فالأفضل أربع ركعات، النبي- عليه الصلاة والسلام- قال: (إذا صلى أحدكم الجمعة فليصل بعدها أربعا)، وقال: (من كان .......فليصل بعدها أربعا)، فالسنة أن تصلي بعدها أربعا تسليمتين، سواء في المسجد أو في البيت، هذا هو الأفضل.
 
10- توفي عمي قبل جدي بزمن، وترك بنتاً واحدة، وبعد موت جدي بفترة طويلة حصلت قسمة الأرض التي يمتلكها جدي بين عمومتي، فهل هذه البنت تشارك حصة عمي المتوفى قبل جدي، وإذا كانت الإجابة بـ: لا، فبكم؟
ليس لها حق في الإرث، إذا كان أبوها مات قبل أبيه فالحق للموجودين للأبناء الموجودين والميت لا حق له الذي مات قبل أبيه، وإنما الحق للورثة الموجودين البنين والبنات للذكر مثل حظ الأنثيين، كما قال الله-تعالى-: )يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ (النساء: من الآية11) إلا إذا كان جدها أوصى لها بشيء، إذا كان أوصى لها بشيء من الدراهم, أو بشيء مشاع كالربع أو الخمس لا بأس، لكن ليس له أن يوصي بأكثر من الثلث، إذا أوصى بالثلث أو أقل أو بدراهم معينة لا تزيد على الثلث أو بأرض, أو بيت لا يزيد على الثلث لا بأس، أما إن زاد على الثلث فلا يسمح له بالزيادة إلا برضا الورثة إذا أوصى لها بشيء يزيد على الثلث فالزائد ليس لها حق فيه إلا برضاهم، يعني الورثة إذا كان مرشدين، أما إن كانوا قاصرين لا، لا تعطى الزيادة.  
 
11- إذا كان أصل ملكية الأرض للدولة، وهي مستغلة من قبل الأشخاص منذ زمن طويل جداً، فهل يجوز معاملة الذكر معاملة الأنثى عند القسمة على ورثة أحد الأشخاص؟
إذا كانت الدولة قد أعطتهم أقطعتهم هذا أو اشتروا منها لا بأس، وإلا ما دام على ملك الدولة فهم إما مستأجرون, وإما معارون، فليس لهم حق في الأرض، إلا إذا كانت الدولة قد أقطعتهم إياها منحتهم إياها فذلك على حسب الإقطاع كل له نصيبه، أو الدولة باعت عليهم، أما إذا كان لا بيع ولا إقطاع وهي على حساب الدولة، فهم يعتبرون إما مستأجرين, وإما معارين، وإما مغتصبين إذا كانوا دخلوها بقوة من غير إذن.
 
12- إذا قال الشخص: بالحرام بالطلاق -ولعدة مرات- فلانٌ لن يتزوج فلانة، فإذا حصل الزواج هل يقع عليه الطلاق؟
هذا يختلف على حسب نيته، إذا قال: علي بالطلاق بأن فلان لا يتزوج فلانة، هذا أولاً لا يجوز الحلف بالطلاق، ولا يجوز الحلف بالحرام ما يجوز، فالحلف يكون بالله وحده، لا يجوز لأحد أن يحلف بالطلاق, ولا بالحرام, ولا بالأمانة, ولا بالنبي, ولا برأس فلان, ولا شرف فلان، ولا حياة فلان، كل هذا لا يجوز، يقول النبي-صلى الله عليه وسلم-: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت)، ويقول-صلى الله عليه وسلم-: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك، لكن إذا كان قصده أن عليه الطلاق عليه الحرام أن فلان لا يتزوج فلانة وقصده منعه، فهذا إذا فعل عليه كفارة يمين، حكمه حكم اليمين، إذا ما أطاعوه و زوجوه وهو يقول: عليه بالطلاق بالحرام ما يتزوج فلانة يكون عليه كفارة يمين، ولا يقع الطلاق في أصح أقوال أهل العلم إذا كان قصده المنع، أما إذا كان قصده أن يقع الطلاق، والتحريم، إذا كان قصده الطلاق إذا تزوج فلانة، قصده أن زوجته طالق أو قصده أنها حرام عليه ناوي هذا يريده أنها تحرم عليه أو تطلق فله نيته، وهو على ما نوى.  
 
13- إذا قال الشخص لزوجته: (أنتِ طالق) أكثر من ثلاث مرات في نفس اللحظة، هل يعتبر ذلك طلقة واحدة؟
إذا قال لها أنت طالق ثلاث مرات، أو تراك طالق ثلاث مرات، يعتبر ثلاث طلقات؛ لأنها جمل متعددة، تراك طالق، أو أنت طالق كررها ثلاث مرات يكون ثلاث طلقات، إلا إذا نوى التأكيد أو التفحيم فلا بأس, إذا قال ما أردت إلا واحدة ولكن كررت أريد أفحمها أو أأكدها، أكد الطلاق الأول، ما قصدت تكرار الطلاق، فهو على نيته الأعمال بالنيات، أما إذا كان ما له نية تقع الثلاث، على المرأة إذا كانت صالحة لذلك، أما إذا كان الطلاق في الحيض, أو في النفاس, أو طهر جامعها فيه وليست حبلى ولا آيسة فهذا الصحيح أنه لا يقع؛ لأنه ثبت من حديث ابن عمر- رضي الله عنهما-، أن النبي- صلى الله عليه وسلم- أمره لما طلق امرأته وهي حائض أن يمسكها حتى تحيض, ثم تطهر, ثم تحيض, ثم تطهر، ثم إن شاء طلق، أمره أن يمسكها حتى تطهر من حيضتها التي طلقها فيها، ثم تحيض مرة أخرى ثم تطلق، ثم يطلق إن شاء، وقال: (فليطلقها قبل أن يمسها)، وفي اللفظ الآخر: (فليطلقها طاهراً أو حاملاً)، فدل ذلك على أن تطليق المرأة وهي حائض أو نفساء, أو في طهر قد مسها فيه قد جامعها فيه وهي ليست حبلى ولا آيسة يكون طلاقاً بدعياً منكراً، لا يقع في الصحيح، وذهب الجمهور إلى أنه يقع, ولكن قول الأكثرين مرجوح، فالأقرب أنه لا يقع إلا إذا حكم الحاكم إذا حكم حاكم بوقوعه يثبت ينفذ.  
 
14- هل هناك دليل شرعي على وضع اليدين على الصدر بعد القيام من الركوع؟
نعم، ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم- أنه كان يضع يده اليمنى على يده اليسرى على صدره إذا كان قائماً في الصلاة، وهذا عام يعم قبل الركوع وبعد الركوع، وهذا ثابت في السنن من حديث وائل بن حجر، قال: (كان النبي إذا كان قائماً في الصلاة يضع يده اليمنى على كفه اليسرى)، وهذا يعم ما كان قبل الركوع وبعد الركوع، وهكذا سهل بن سعد عند البخاري- رحمه الله- قال: (كان الرجل يؤمر أن يضع يده اليمنى على ذراعه اليسرى في الصلاة)، رواه البخاري، معنى ذلك أنه يضع يده اليمنى على اليسرى حال وقوفه في الصلاة؛ لأن حالة الركوع يضعها على ركبتيه وحالة السجود يضعها على الأرض، حالة الجلوس على فخذيه أو ركبتيه، ما بقي إلا القيام، دل على أن يضعوا يمينه على ذراعه اليسرى, وفي حديث وائل وضح أنه على صدره، فالحديث يسند بعضها بعضا وهكذا جاء مرسلاً من حديث طاووس بن كيسان التابعي الجليل، جاء مرسلاً عنه بسند صحيح أن النبي- صلى الله عليه وسلم- (كان يضع يده اليمنى على كفه اليسرى على صدره)، وهو قائم في الصلاة-عليه الصلاة والسلام-، وهذا يشمل ما قبل الركوع وما بعد الركوع، ومن فصل وقال بعد الركوع لا يضع عليه الدليل، والأصل بقاء ما كان على ما كان، فمن زعم أنه يرسلهما فعليه الدليل، وإلا فالأصل بقاء وضعهما على حاله الأول في حال القيام.  
 
15- في الحديث النبوي الشريف: (من سن سنة حسنة..) إلى آخر الحديث، هل هذه العبارة مجازية، أم تفهم على ظاهرها، وهل يمكن اعتبار مكبرات الصوت في المساجد لرفع النداء، أو نقل الصلاة عبرها سنة حسنة؟
نعم، على ظاهرها، هي سنة، بل هو كلام حقيقي على ظاهره، فمن أحيا السنن ودعا إليها فقد سن في الإسلام سنة حسنة، وهو ليس بمعنى البدع المراد إظهار السنن وإحيائها والدعوة إليها، كما قال في قصة جماعة الذين قدموا على النبي صلى الله عليه وسلم مجتابي النمار فقراء، فقام صلى الله عليه وسلم وخطب الناس وذكرهم، ودعاهم إلى الصدقة، فجاء رجلٌ بصرة كفه تعجز عنها، فتتابع الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من سن في الإسلام سنة حسنة...) الحديث، هذا مثال. فالذي أتى بالصدقة جهرة حتى تابعه الناس فقد سن في ذلك سنة حسنة، إذا أظهرها وبينها، وهكذا لو كان في بلد ما يصلون التراويح وصلاها وتابعوه أحيا السنة، وهكذا لو كانوا لا يصلون جماعة يصلون في بيوتهم فدعاهم إلى الصلاة في المساجد، وصلوا الصلاة في المساجد هذا أحيا السنة، يكون له مثل أجورهم، وهكذا ما أشبه ذلك. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ في ختام.... 

306 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply