حلقة 398: ما معنى الآية (وإن أردتم استبدال زوج) - هل الصدقة تصل المتوفى - عندما أقسم بآيات الله هل يجوز - حكم البحث عن علاج للإنجاب - أيهما أفضل الإقامة في مكة أم المدينة - حكم أداء الصلاة واقفا وتكميلها جالسا - المريض كيف يصلي

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

48 / 50 محاضرة

حلقة 398: ما معنى الآية (وإن أردتم استبدال زوج) - هل الصدقة تصل المتوفى - عندما أقسم بآيات الله هل يجوز - حكم البحث عن علاج للإنجاب - أيهما أفضل الإقامة في مكة أم المدينة - حكم أداء الصلاة واقفا وتكميلها جالسا - المريض كيف يصلي

1- محمد عيد يستفسر في بداية عن الآية الكريمة: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: وَإِنْ أَرَدْتُمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا [النساء:20]؟

الجواب: بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه.
أما بعد:
فهذه الآية الكريمة ذكر أهل العلم أن معناها: أن الإنسان إذا طلق امرأة وأراد أن يستبدل غيرها فليس له أن يأخذ مما أعطاها شيئاً، ما أعطاها ملكته لما استحل من فرجها ولو كان قنطاراً، يعني: ولو كان مالاً عظيماً، فإذا طابت نفسه منها وأراد فراقها فليس له أن يأخذ منها شيئاً بل ما جعل لها من المهر ملك لها سواء معجلاً أو مؤجلاً كله لها بما استحل من فرجها، هذا هو معنى الآية.
 
2- نريد أن نتعرف هل الصدقة تصل المتوفى على حساب النية, مثل أن نذبح شاة على سبيل المثال ونعزم الجيران والأقارب فيأكلون منها, فهل هذه الصدقة تصل إلى المتوفى؟
نعم الصدقة تصله، سواء كانت صدقة بالنقود ، أو بالطعام ، أو بالملابس ، أو بالأوقاف ، أو بغير ذلك، فإذا صنع وليمة ودعا إليها الفقراء ، أو أكرم بها أقاربه وأرحامه وجيرانه يقصد ثواب ذلك لوالده أو أخيه أو أمه أو نحو ذلك، حصل له بذلك الخير العظيم، وقد أجمع العلماء على أن الصدقة تصل إلى الميت، ثوابها يصل إلى الميت، وجاء في هذا أحاديث كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه سئل عن ذلك، قالت له امرأة: يا رسول الله: إن أمي ماتت ولم توصي، أفلها أجر إن تصدقت عنها، قال: (نعم). وسأله رجل مثل ذلك، قال: (نعم). فالصدقة تصل إلى الأموات، وهكذا الدعاء ، والاستغفار لهم، والترحم عليهم ، والحج والعمرة ، والضحية ، كل ذلك يصل إليهم.  
3- عندما أقسم بآيات الله هل يجوز ذلك؟
إن أراد آيات الله القرآن فنعم، لأن القرآن كلام الله، والقسم بالله وصفاته حق جائز، أما إن أراد آيات الله المخلوقة الليل والنهار والشمس والقمر والأرض، ونحو ذلك، لا، ما يجوز؛ لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام - قال: (من حلف بشيء دون الله فقد أشرك). وقال: (من كان حالفاً فليحلف بالله أو ليصمت). فليس لأحد أن يحلف إلا بالله أو بصفة من صفاته - سبحانه وتعالى - ، وليس لأحد أن يحلف بالنبي ، أو بالأمانة ، أو شرف فلان، أو حياة فلان، أو بآيات الله المخلوقة لا، أما بآيات التي هي كلامه - سبحانه وتعالى-، كالقرآن لا بأس، لأنه قسم بصفات الله.
 
4- تذكر بأنها امرأة متزوجة منذ ثلاثة أعوام ولم ترزق بأطفال, تذكر بأنها تعالجت هي وزوجها عند كثير من الأطباء، وتذكر أنها خسرت الكثير من المال والجهد والتعب والإرهاق ولكن دون فائدة, تقول: لذلك تركنا العلاج وتوجهنا إلى الله - عز وجل - ندعوه ونرجوه, وقد كان زوجي – تقول:- على معصية فتركها بعد أن هداه الله, السؤال يبقى يا سماحة الشيخ, تقول: هل أعتمد على الله - عز وجل - فقط وأستمر في دعائي دون إكمال العلاج، أم أستمر في البحث عن العلاج مع توكلي على الله والدعاء؟ وجزاكم الله خيراً؟.
الجمع بين الأمرين أفضل، العلاج والدعاء، إذا تيسر العلاج من أطباء طيبين فهذا أمر مطلوب، تعاطي الأسباب أمر مشروع، مع التوكل على الله ، والثقة بالله، ودعائه ، والضراعة إليه - سبحانه وتعالى-، لكن لا يجوز العلاج عند المخرفين والمشعوذين ، ومن يدعي علم الغيب ، ....... ، هؤلاء يجب الحذر منهم ، أما عند الأطباء المعروفين، والقراء المعروفين الذين لا يتهمون فلا بأس، النبي - صلى الله عليه وسلم- : (عباد الله تداووا ولا تداووا بحرام). ويقول صلى الله عليه وسلم: (ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علمه وجهله من جهله). فالتداوي مطلوب ولا بأس به، ولا حرج فيه، مع الثقة بالله ، والتوكل على الله ، والإيمان بأنه - سبحانه - هو المقدر ، هو الذي بيده كل شيء، يقول - جل وعلا - في كتابه العظيم: يَهَبُ لِمَنْ يَشَاء إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَن يَشَاء الذُّكُورَ* أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَن يَشَاء عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ [(49) (50) سورة الشورى]. سبحانه وتعالى. الناس أربعة أقسام: قسم يرزق إناثا، وقسم يرزق ذكوراً، وقسم يرزق ذكورا وإناثا، وقسم لا يولد له، عقيم، من الرجال والنساء. فأنتِ وزوجك، قد تكونان من القسم الأول، قد تكونان من القسم الثاني، قد تكونان من القسم الثالث، قد تكونان من القسم الرابع، كل واحد منكم عقيم ، قد تكوني أنتِ بعقيمة وهو ليس بعقيم ، أو بالعكس ، فربنا هو الذي يعلم كل شيء - سبحانه وتعالى-، فلا مانع من تعاطي الدواء منك وزوجك جميعاً.  
 
5- مكة والمدينة لهما منزلة كبيرة في قلوبنا، أيهما أفضل الإقامة في مكة أم في المدينة وذلك للعبادة؟
مكة أفضل، ثم المدينة بعدها، والإقامة بمكة أفضل ثم المدينة؛ كما جاء في الأحاديث ، الصلاة في مكة بمائة ألف صلاة، المسجد الحرام، وفي الحرم، مائة ألف، ويقول النبي في المدينة: (صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام، وصلاة في المسجد الحرام بمائة ألف صلاة). فرق عظيم، والحسنات في مكة مضاعفة أكثر مضاعفتها من المدينة. ولكن على من أقام في مكة والمدينة أن يحذر المعاصي ؛ لأنها عظيمة، على كل واحد أن يحذر المعاصي ، ويبتعد عنها ، ويحاسب نفسه ويجاهدها حتى لا يقع فيما حرم في هذا البلد الأمين ، أو في المدينة المنورة- نسأل الله السلامة -.  
 
6- يوم أن كانت صغيرة تقول: كانت تأخذ خضروات وفواكه من المزارع المجاورة دون استئذان أهلها، تقول: ونقوم بأكلها، وقد ندمت كثيراً على هذا العمل وتبت إلى الله فماذا يجب أن أفعل مع العلم بأنني لا أعلم الكمية التي أخذتها؟
الجواب: التوبة لابد منها مع استحلال أهل الفواكه؛ طلب الحل منهم، يقال لهم: نحن نفعل كذا نرجو إباحتنا، أو الاصطلاح معهم على قيمة ترضيهم بدلاً مما أخذ من مزارعهم إذا كانوا معروفين، فالتوبة لابد منها مع استحلال أهل الفواكه وطلب الإباحة منهم أو تعويضهم بما يرضيهم عن ذلك.
 
7-أمي تؤدي الصلاة أحياناً واقفة, ثم تكملها وهي جالسة، وقد حاولت كثيراً أن أرشدها إلى كيفية أداء الصلاة ولكنها لم تستطع أن تؤديها على الوجه الصحيح, هل يلحقها إثم في هذه الحالة؟
إن كانت نافلة فلا بأس، إن كانت نافلة كسنة الضحى ، والرواتب والوتر فلا بأس، أما الفريضة فلابد من القدرة، إذا كانت تقدر يلزمها، ولا تصح الصلاة مع الجلوس وهي قادرة ، أما إذا كان عاجزة في الركعة الأولى تقوى وفي الركعة الأخيرة ما تقدر تقوم، فلا حرج عليها، إذا كانت عليها مشقة كبيرة لا حرج عليها.  
 
8-  المريض كيف يصلي؟
الشيخ: المريض يصلي قائما إن قدر ، ... مريضة ، فإن عجز صلى قاعدا، فإن عجز صلى على جنبه، فإن عجز صلَّى مستلقيا، سئل النبي عن هذا - عليه الصلاة والسلام- قال له عمران: يا رسول الله، ذكر أن به بواسير وأنه تشق عليه الصلاة قائما، قال: (صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب، فإن لم تستطع فمستلقيا). هذا في الفريضة، أما النافلة، فلا بأس إذا صلى قاعدا ولو أنه قادر لا حرج، لكن الصلاة وهو قائم أفضل، وإذا صلى قاعدا في النافلة وهو يقدر يكون على النصف ، يكون له نصف الأجر.  
 
9- عندي ابن عم يدخن ثم قطع التدخين, وأراد العودة إلى ذلك, فأخبرته بأنه لا يحل العودة إليه؛ لأنه حلف بالله وفي يده القرآن بأن لا يدخن، ولكنه مصمم على أن يعود إلى التدخين, ويقول بأنه لا يستطيع, ماذا عليه أن يفعل؟ جزاكم الله خيراً؟.
الواجب عليه أن يحذر العودة ، وأن يتقي الله في ذلك، وأن يعالج الأمر بما يستطيع من مآكل أو مشارب أو أدوية حتى يترك ذلك، وحتى يبتعد عن ذلك، وحتى يذهب ما في قلبه من محبة الرجوع، لابد من العلاج، ولابد من الجهاد للنفس، فالمؤمن يجاهد نفسه، ويصبرها على الحق، ويمنعها من الباطل، ولو تاقت إليه، يقول الله - جل وعلا -: وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ [(69) سورة العنكبوت]. لابد من جهاد، ولا يجوز له العود إلى التدخين أو شرب المسكر أو غيرهما من المعاصي ، ولو تاقت نفسه إلى ذلك، ولو أصابه شدة فعليه أن يعالج وعليه أن يجاهد وعليه أن يصبر وأن يتحمل ويأتي بما يستطيع من أنواع العلاج الذي يمنعه من الميل إلى هذا الشراب الخبيث الذي هو مضر به في دنيه ودنياه، فضرر الدخان عظيم في الدين والدنيا جميعا، فالواجب الحذر، الواجب على كل مدخن أن يتقي الله، وأن يحذر هذا البلاء ، وأن يبتعد عنه ، وأن يجاهد نفسه، وأن ينصح لإخوانه في تركه، هذا هو الواجب على الجميع، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى [(2) سورة المائدة]. ويقول: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [(71) سورة التوبة]. فلابد من جهاد النفس ، وتصبيرها عن هذا المحرم، وهكذا جميع المعاصي ، يجب على المؤمن أن يجاهد نفسه ، وأن يمنعها مما حرم الله ، وأن يصبر على ما يحصل من المشقة حتى تسلو النفس عن ذلك، وحتى يطمئن قلبه وحتى تكون الأمور عادية بعد الصبر والاحتساب ينتهي كل شيء مما في قلبه ، ويجعل الله في قلبه الإيمان والقوة ومحبة الخير وكراهة الشر بسبب جهاده لنفسه وصبره ، فالكفار كانوا عندهم تشبث بالكفر ، وتعلق به، ومحاربة دونه، وجلاد بالسلاح ، فلما شرح الله صدرهم للإسلام تركوا ذلك ، وابتعدوا عنه ، وجعل الله في قلوبهم المحبة والإيمان والهدى ، وتركوا ذلك الذي كانوا يقاتلون عنه بالسلاح، - نسأل الله السلامة -. المقدم: توصون هذا السائل يا سماحة الشيخ بالإخلاص في الدعاء له؟ الشيخ: نعم نعم ، نوصيه بالدعاء، يسأل ربه، يقول: اللهم أجرني من هذا البلاء، اللهم اجعل في قلبي وفي نفسي ما يمنعني منه، اللهم اكفني شره واكفني شر نفسي، اللهم أجرني من الشيطان، يسأل ربه الإعانة والتوفيق، ويسأل ربه التوفيق إلى الصبر عن هذا البلاء وعن غيره من المعاصي.  
 
10- نرجو من سماحتكم أن تفتونا ما هي الأشهر الحرم، وهل يجوز الصيد فيها لغير الحاج؟
الأشهر الحرم هي : ذو القعدة ، وذو الحجة ، والمحرم ، ورجب، أربعة، قال الله - جل وعلا -: إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ [(36) سورة التوبة]. هذه الأربعة، ثلاثة متوالية، ذو القعدة، وذو الحجة ، والمحرم، عاشور، والرابع فرد وهو رجب، بين جمادى وشعبان، هذه الأربعة الحرم. والصيد فيها جائز، كان القتال فيها محرم، كانت الجاهلية تحذر ذلك أيضا، ثم نسخ عند الجمهور القتال فيها وصار القتال فيها جائزا ، والصحابة قاتلوا الروم ولم يحفظ عنهم أنهم تركوا القتال في الأشهر الحرم، لعلمهم بأنه نسخ. أما الصيد فلا بأس في الأشهر الحرم، لكن لا يصيد في الحرم، في مكة والمدينة، حرم مكة وحرم المدينة لا يصاد فيهما، لكن في الأشهر لا بأس أن يصيد في عاشور ، أو في ذي الحجة ، أو رجب، أو في المحرم، لا حرج في ذلك.  
 
11- ما هي أقسام التوحيد، وهل لابد للإنسان أن يتعرف عليها؟
أقسام التوحيد ثلاثة: توحيد الإلهية ، وتوحيد الربوبية، وتوحيد الأسماء والصفات، وإذا عرفها المؤمن ولو ما عرف الأقسام، إذا كان قد وحد الله ،وآمن بأن الله ربه، وإلهه ، ومعبوده الحق، وأنه ذو الأسماء الحسنى والصفات العلى، لا شبيه له، ولا كفؤ له ، كفى، ولو لم يعرف الأقسام، لكن إذا عرفها يكون من العلم الطيب. فالقسم الأول توحيد الربوبية الذي أقر به المشركون ، وهو أن يؤمن العبد بأن الله هو الخلاق الرزاق ، وهو الذي خلق الجميع، وهو الخلاق العليم خلق الأرض وخلق السماء، وخلق الجن، وخلق بني آدم، وخلق كل شيء ؛ كما قال سبحانه: اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ [(62) سورة الزمر]. وقد أقر بهذا المشركون، قال تعالى: وَلَئِن سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ [(87) سورة الزخرف]. وقال تعالى: قُلْ يعني قل للمشركين - مَن يَرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ أَمَّن يَمْلِكُ السَّمْعَ والأَبْصَارَ وَمَن يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيَّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللّهُ [(31) سورة يونس]. - يعني يعترفون بأن ربهم الله هو الخلاق الرزاق المحي المميت الذي يرزقهم - سبحانه وتعالى-، وهو الذي يدبر الأمور، هذا أقروا به ، ولكن لم يدخلهم في الإسلام ؛ لأنهم لم يأتوا بالتوحيد الثاني ، وهو توحيد العبادة، وهو تخصيص الله بالعبادة الذي هو معنى: "لا إله إلا الله"، ومعناها: لا معبود حق إلا الله، وهذا معنى قوله سبحانه في سورة الحج: ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِن دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ [(62) سورة الحـج]. ومعنى قوله: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء [(5) سورة البينة]. ومعنى قوله: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ [(2) سورة الزمر]. ومعنى قوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ [(23) سورة الإسراء]. ومعنى قوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ [(5) سورة الفاتحة]. لابد من هذا، وهذا هو الذي جحده المشركون وأنكروه ، وجادلوا دونه وصارت بينهم وبين الرسل العداوة والشحناء ، وهدى الله من هدى له ممن سبقت له السعادة، وهو الإيمان بأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، قال جل وعلا: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ [(163) سورة البقرة]. وقال سبحانه: فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنبِكَ [(19) سورة محمد]. وقال جل وعلا عن المشركين: إِنَّهُمْ كَانُوا إِذَا قِيلَ لَهُمْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ يَسْتَكْبِرُونَ* وَيَقُولُونَ أَئِنَّا لَتَارِكُوا آلِهَتِنَا لِشَاعِرٍ مَّجْنُونٍ [سورة الصافات [(35)(36)]. وقال في سورة ص عن الكفرة أنهم قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ [(5) سورة ص]. فالمشركون أنكروا هذا، لأنهم اعتادوا عبادة الأصنام والشمس والقمر والنجوم. الكفار أقسام: الكفار العرب اعتادوا عبادة الأصنام والأموات والأحجار والأشجار؛ كما قال تعالى: أَفَرَأَيْتُمُ اللَّاتَ وَالْعُزَّى * وَمَنَاةَ الثَّالِثَةَ الْأُخْرَى * أَلَكُمُ الذَّكَرُ وَلَهُ الْأُنثَى * تِلْكَ إِذًا قِسْمَةٌ ضِيزَى * إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى [(19- 23) سورة النجم]. فاللات رجل صالح كان يلت السويق للحاج، كان .... الحجاج ، ويلت لهم السويق، فعبدوه وعبدوا صخرته التي كان يلت عليها. والعزى شجرة بين الطائف ومكة كانوا يعبدونها، تعبدها قريش وتدعوها، وكان فيها جني يلبسون عليهم ، ويتكلمون من داخلها. ومناة صخرة بالمشلل عند قديد في طرق المدينة كان يعبدها الأوس والخزرج وغيرهم ، فأنزل الله فيها ما أنزل وأبطلها ، وكان حول الكعبة حين دخلها النبي - صلى الله عليه وسلم - وفتح الله عليه ثلاثمائة وستون صنما، كلها حول الكعبة، منها هبل الذي يعظمونه ، والذي قال فيه أبو سفيان يوم أحد: اعلوا هبل، قال الرسول لهم: قولوا: الله أعلى وأجل. قال: لنا العزى ولا عزى لكم. قال الرسول لهم يوم أحد: (قولوا: الله مولانا ولا مولى لكم. فهذه الآلهة التي يعبدونها من دون الله كلها باطلة ، سواء كانت من الشجر أو من الحجر أو من الأموات أومن الكواكب أو غير هذا، وهذا يسمى توحيد الإلهية ، وهو معنى لا إله إلا الله، وهو الذي أنكره المشركون ، وجالدوا دونه ، وقاتلوا ، وجاءت به الرسل، ودعت إليه الرسل، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ [(36) سورة النحل]. وقال تعالى: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ [(25) سورة الأنبياء]. ولابد مع هذا التوحيد من الإيمان بالرسول - صلى الله عليه وسلم-، والشهادة بأنه رسول الله ، وأنه خاتم الأنبياء، لابد من هذا، ولابد أيضاً من الإيمان بجميع ما أخبر الله به ورسوله مما كان وما يكون ، لا يتم التوحيد والإيمان إلا بهذا، يعني لابد من الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله في القرآن أو في السنة الصحيحة، من أمر الآخرة ، والجنة والنار، والحساب والجزاء والصراط ، وغير ذلك، ولابد من الإيمان بأن الله أرسل الرسل، وأنزل كتب ، كما بين في كتابه العظيم، كالتواراة والإنجيل والزبور ، وصحف إبراهيم وموسى كل هذا لابد منه ، الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله. والتوحيد الثالث : توحيد الأسماء والصفات ، وهو الإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله عن أسمائه وصفاته ، لابد من الإيمان بذلك، وأنه سبحانه له الأسماء الحسنى وله الصفات العلى، لا شبيه له ولا كفؤ له ، ولا ند له؛ كما قال عز وجل: وَلِلّهِ الأَسْمَاء الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا [(180) سورة الأعراف]. وقال سبحانه: بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ [(1) سورة الفاتحة]. هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ * هُوَ اللَّهُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ لَهُ الْأَسْمَاء الْحُسْنَى يُسَبِّحُ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ [(23) (24) سورة الحشر]. لابد من الإيمان بهذه الأسماء ومعانيها ، فله الأسماء الحسنى ، وله معانيها ، هو ذو الرحمة ، ذو العلم ، ذو القدرة ، ذو العزة ، ذو الحلم، الأسماء لها معاني، فالرحمن معناها الرحمة، والإله معناه أنه إله الخلق ومعبودهم ، والعزيز معناه العزيز الذي لا يغالب ، بل قد غلب كل شيء، والرحيم الذي له الرحمة الواسعة - سبحانه وتعالى - ، والحكيم له الحكمة، لا يفعل شيئا عبثا ولا سدى ، بل كل شيء عن حكمة، ليس عبثا، وهكذا هو العليم الذي يعلم كل شيء ، ولا يخفى عليه شيء - سبحانه وتعالى - إلى غير ذلك ، هذه أقسام التوحيد الثلاثة.    
 
12- ما قول العلماء في مرض سلس البول إذا حدث أثناء الصلاة هل يبطلها، وهل يعيد الإنسان الوضوء كاملاً, أو يغسل موضع النجاسة فقط؟
السلس مرض من الأمراض، الذي يصاب بالسلس في البول أو بالريح دائما هذا يلزمه أن يتوضأ لكل صلاة، مثلما قال النبي للمستحاضة التي معها الدم دائما: (توضئي لوقت كل صلاة). فإذا دخل الوقت توضأ وصلى على حسب حاله ولو خرج البول، ما دام في الوقت، يصلي ويقرأ القرآن من المصحف يصلي الفريضة والنافلة ما دام الوقت، فإذا خرج الوقت بطل وضوؤه ، وعليه أن يتوضأ وضوء آخر للصلاة الجديدة، وإذا كان بول أو غائط لابد أن يستنجي، من البول والغائط ، ثم يتوضأ في أطرافه ، يغسل وجهه ، يتمضمض ويستنشق ، ويغسل وجهه ، وذراعيه مع المرفقين ، ويمسح رأسه مع أذنيه ، ويغسل قدميه مع الكعبين. أما إذا كان ريح، أحدث بريح، أو مس فرجه أو نوم، فهذا يكفيه الوضوء، التمسح، ما يحتاج استنجاء ، بل يكفي غسل الأطراف الأربعة ، يغسل وجهه ، وذراعيه ، ويمسح رأسه ويغسل رجليه، عن النوم والريح ومس الفرج، وأكل لحم الإبل، ما يحتاج الاستنجاء، الاستنجاء من البول والغائط، إذا حصل بول أو غائط يستنجي، يغسل فرجه ، ويغسل دبره من الأذى ، أو يستجمر بثلاثة أحجار أو أكثر حتى ينقي المحل، أو يجمع بينهما ، يستجمر ويستعمل الماء ، كل هذا طيب، ولا يلزمه هذا فيما يتعلق بالريح، الفساء والضراط، هذا إذا خرج منه فساء أو ضراط ما فيه إلا الوضوء، يعني غسل الأطراف الأربعة ما فيه استنجاء، وهكذا إذا مس فرجه بيده ، أو أكل لحم الإبل، أو نام نوما يزول معه عقله، نوم المستغرق ، ينتقض وضوؤه وعليه الوضوء الذي هو غسل الأطراف الأربعة ما فيه استنجاء. أما صاحب السلس فإنه يتوضأ كل وقت، إذا كان حدثه دائما، معه ريح دائم، معه البول دائم، هذا يتوضأ لكل صلاة، كلما أذن يتوضأ، إن كان هناك بول أو غائط يستنجي ، فإن كان ريح الريح معه دائم، يتوضأ أطرافه الأربعة، يعني يتمضمض ويستنشق ويغسل وجهه وذراعيه مع المرفقين ، ثم يمسح رأسه مع أذنيه ثم يغسل رجليه، عن الريح، ما فيها استنجاء وعن لحم الإبل مثلا، النوم المستغرق ، مس الفرج.  
 
13- هل يزكي الإنسان على ما أنفقه على نفسه، علماً بأنه أنفقه قبل حلول الحول عليه؟
المال الذي ينفق ..... تمام الحول ما فيه زكاة، سواء كان نقود أو غيره ، فلابد في الزكاة من تمام الحول، فإذا كان عنده نقود وأنفقها في حاجته قبل تمام الحول لا زكاة فيها، أو عنده غنم أو إبل أو بقر فلم يتم عليها الحول، ماتت مثلا، أو باعها فلا زكاة فيها، ولكن يزكي ثمنها، إذا حال الحول يزكي ثمنها. يزكي ثمنها إذا حال الحول.  
 
14- يستفسر عن الآية الكريمة, ما تفسير الآية الكريمة: بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُوْلَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [البقرة:81]؟
هذه للمشركين، يعني سيئات الشرك، وخطيئة الشرك والكفر، فهؤلاء هم المخلدون في النار. أما العاصي فهو تحت المشيئة؛ كالزاني والسارق إذا لم يستحل ذلك، والعاق لوالديه وشارب الخمر والمرابي هؤلاء تحت المشيئة؛ كما قال الله - سبحانه - في سورة النساء في موضعين من سورة النساء: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء (48) سورة النساء، فالشرك والكفر لا يغفر إذا مات عليه الإنسان، الشرك الأكبر، والكفر الأكبر، هذا لا يغفر، صاحبه مخلدٌ في النار، أما الشرك الأصغر والكفر الأصغر فهذا صاحبه على خطر، فإن رجحت حسناته سلم من دخول النار، وإذا عذب على ما قدر ما مات عليه من الشرك والشرك الأصغر والكفر الأصغر، وهكذا أصحاب المعاصي إن عفا الله عنهم وإلا عذبوا على قدر معاصيهم تعذيباً مؤقتاً، ثم يخرجهم الله من النار إلى جنته، إذا كانوا ماتوا على التوحيد والإسلام، لكن من مات وهو زاني مات وهو سارق مات وهو عاقٌ لوالديه، مات وهو يأكل الربا أو يشرب الخمر مات، هذا تحت المشيئة، بعضهم يعفو الله عنه وبعضهم يدخل النار، ويعذب في النار على قدر المعصية التي فعلها واستمر عليها، ثم يخرجه الله من النار بفضل رحمته جل وعلا، ولا يخلد في النار أبد الآباد إلى الكفار، الكفر الأكبر، والشرك الأكبر، هم الذين يخلدون في النار أبد الآباد، كما قال الله في حقهم: كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) سورة البقرة، وقال في شأنهم سبحانه: يُرِيدُونَ أَن يَخْرُجُواْ مِنَ النَّارِ وَمَا هُم بِخَارِجِينَ مِنْهَا وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ (37) سورة المائدة، نسأل الله العافية. شكر الله لكم... 

360 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply