حلقة 438: قراءة القرءان للحائض - السكوت عن أخطاء الأبناء - ترك الصلاة - بدعة الدستور - حكم تلقيح المرأة بمني من غير زوجها - مكان قبر الحسين وهل لمعرفة مكانه فائدة؟؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

38 / 50 محاضرة

حلقة 438: قراءة القرءان للحائض - السكوت عن أخطاء الأبناء - ترك الصلاة - بدعة الدستور - حكم تلقيح المرأة بمني من غير زوجها - مكان قبر الحسين وهل لمعرفة مكانه فائدة؟؟

1- هل يجوز للمرآة أن تقرأ القرآن الكريم في أيام عذرها، وهل لها أن تقرأ القرآن الكريم إذا آوت إلى النوم، وتقرأ آية الكرسي بدون أن تلمس المصحف؟ نرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بإشباع هذا الموضوع حتى نبقى عن عرضه فترة من الزمن؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فقد سبق أن تكلمت عن هذا الموضوع غير مرة في هذا البرنامج، وبينت أنه لا بأس ولا حرج أن تقرأ المرآة وهي حائض أو نفساء ما تيسر من القرآن عن ظهر قلب؛ لأن الأدلة الشرعية دلت على ذلك، وقد اختلف العلماء - رحمة الله عليهم – في هذا، فمن أهل العلم من قال أنها لا تقرأ كالجنب واحتجوا بحديث ضعيف رواه أبو داود عن ابن عمر - رضي الله تعالى عنهما - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيئاً من القرآن). وهذا الحديث ضعيف عند أهل العلم، لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وروايته عنهم ضعيفة، وبعض أهل العلم قاسها على الجنب، وقال كما أن الجنب لا يقرأ فهي كذلك، لأن عليها حدثاً أكبر يوجب الغسل فهي مثل الجنب، والجواب عن هذا أن هذا القياس غير صحيح، لأن حالة الحائض والنفساء غير حالة الجنب، الحائض والنفساء مدتهما تطول، وربما شق عليهما ذلك، وربما نسيتا كثيراً من حفظهما من القرآن الكريم، أما الجنب فمدته يسيرة، متى فرغ من حاجته اغتسل وقرأ، فلا يجوز القياس، والحاصل أن الصواب والراجح من قولي العلماء أنه لا حرج على الحائض والنفساء أن تقرأ ما تحفظا من القرآن ولا حرج أن تقرأ الحائض والنفساء آية الكرسي عند النوم، ولا حرج أن تقرأ ما تيسر من القرآن في جميع الأوقات عن ظهر قلب هذا هو الصواب، وهذا هو الأصل، ولهذا أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - عائشة لما حاضت قال لها: (افعلي ما يفعل الحاج، غير أن لا تطوفي بالبيت). ولم يقل لها غير أن لا تقرأي. قال: (غير أن لا تطوفي) فمنعها من الطواف لأن الطواف كالصلاة وهي لا تصلي وسكت عن القراءة، فدل ذلك على أنها غير ممنوعة من القراءة، ولو كانت القراءة ممنوعة لبينها لعائشة ولغيرها من النساء في حجة الوداع وفي غير حجة الوداع. ومعلوم أن كل بيت في الغالب لا يخلو من الحائض والنفساء، فلو كانت لا تقرأ القرآن لبينه - صلى الله عليه وسلم - للناس بياناً عاماً واضحاً حتى لا يخفى على أحد. أما الجنب فإنه لا يقرأ القرآن بالنص، ومدته يسيرة متى فرغ تطهر وقرأ، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه إلا إذا كان جنباً انحبس عن القرآن حتى يغتسل - عليه الصلاة والسلام-؛ كما قال علي - رضي الله عنه -: كان عليه الصلاة والسلام لا يحجبه شيء عن القرآن سوى الجنابة. وجاء عنه عليه الصلاة والسلام أنه قرأ بعدما خرج من محل الحاجة قرأ، وقال: هذا لمن ليس جنباً أما الجنب فلا ولا آية. فدل ذلك على أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل. المقدم: إذن فلتقرأ الأخت المسلمة القرآن الكريم على الصفة التي تفضلتم بذكرها ولتقرأ البحوث والكتب الإسلامية وإن تضمن البحث آيات من القرآن الكريم؟. الشيخ: نعم، نعم، من باب أولى، الكتب التي فيها قرآن مثل كتب التفسير، وكتب الخلاف بين العلماء، كل هذا لا بأس به تقرأ ولا حرج.  
 
2- إنها في العقد الخامس من عمرها ولها ابن لشدة حبها له تتغاضى كثيراً عن مخالفاته لأمر دينه ولأمور تتعلق بالأخلاق، وتقول: إن ذلك شأن كثير من الوالدات وبعض الآباء؟ ترجو التوجيه في هذا لو تكرمتم.
الواجب على المسلم أن يتقي الله في نفسه ، وفي أهل بيته ، في جيرانه ، وفي كل المسلمين ، وذلك بدعوتهم إلى الله ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، وأن لا تأخذه في الله لومة لائم، هذا هو الواجب على كل مسلم، فلا يدع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أجل قرابة قريب ، أو محبة شخص ، بل من حبه له ومن صلته له الحقيقية التي يؤجر عليها أن يأمره بالمعروف وينهاه عن المنكر ؛ كما قال عز وجل: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُواْ وَلَوْ كَانَ ذَا قُرْبَى [(152) سورة الأنعام]. فالواجب على المؤمن أن يتقي الله ويؤدي حقه الذي عليه وإن كان مع القريب، يقول سبحانه: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُونُواْ قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاء لِلّهِ وَلَوْ عَلَى أَنفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِن يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقَيرًا فَاللّهُ أَوْلَى بِهِمَا [(135) سورة النساء]. فالواجب على المؤمن أن ينكر المنكر، وأن يأمر بالمعروف مع الأقرباء وغيرهم ، وأن ينصح قريبه وغير قريبه، وإذا كان قريباً له من أهم المهمات أن ينصحه ، وأن يوجهه ، هذا من أعظم من صلته بالمال، إذا كان يصله بالمال ويؤجر على صلة الرحم، فكونه يصله بتوجيهه إلى الخير وتعليمه الخير ، وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر ، هذا أهم من صلته بالمال، وهذا ينفعه في الدنيا والآخرة، فليس لهذه المرأة ولا لغيرها أن تدع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، لحبها لولدها ، أو ابن أخيها ، أو ابن أختها ، أو غيرهم ، بل يجب أن تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بالطرق التي تراها مفيدة ومجدية، وبالأساليب الحسنة حتى تنجح إن شاء الله في عملها. المقدم: إذن من التربية الحسنة ومن الرأفة بالأبناء إنكار المنكر عليهم؟ الشيخ: نعم، نعم، لكن بالأساليب التي تراها مفيدة، لا بالعنف والشدة.  
 
3- متزوج وزوجته لم تعرف ولا شيئاً من القرآن الكريم، ولم تقم الصلاة، وقد حاول فيها منذ عشر سنوات لكنها لم تستجب حتى الآن، ثم يقول أيضاً: إنها لا تلبس الزي الإسلامي، ولم تقبل له أي نصح أو توجيه حول هذا الموضوع، وهو يستشير سماحتكم في أمرها؟
إذا كانت لا تصلي فالأمر منتهي، الذي لا يصلي لا دين له، وهو كافر نسأل الله العافية، يقول النبي عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر). خرجه الإمام أحمد في المسند وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجة بسند صحيح عن بريدة - رضي الله عنه -. ويقول صلى الله عليه وسلم: (رأس الأمر الإسلام، وعموده الصلاة، وذروة سنامه الجهاد في سبيل). فمن ترك العمود فماذا بقي له؟! ويقول صلى الله عليه وسلم: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). رواه مسلم في الصحيح. والتعبير بالرجل لا يخرج المرآة، لأن هذا كعادة النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يعبر بالرجل ويعبر بالمرأة والحكم عام للجميع، ما ثبت في حق الرجال ثبت في حق النساء إلا بدليل يخص أحدهما. فالحاصل على أن هذه المرأة علاوة على أنها لا تصلي مع ذلك أيضاً لا تلبس الزي الإسلامي، هذا يدل على مرض في قلبها ، يمليها إلى الكفرة وزي الكفرة ، فنصيحتي لك - أيها السائل - فراقها، ما دمت معها من مدة طويلة عشر سنين ، وأنت لم تنجح في نصحيتها ، ولا في توجيهها إلى الخير ، فماذا ترجو من ورائها، النساء كثير ، والحمد لله: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ [سورة الطلاق (2)(3)]. ويقول سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [(4) سورة الطلاق]. ففارقها وأبشر بالخير العظيم ، والعاقبة الحميدة، ومع هذا نسأل الله لنا ولها الهداية، وإن نصحتها آخر شيء ، وبينت لها أنها إن لم تستجب فإنك سوف تفارقها، فهذا لعله يجدي فيها بعض الشيء. المقدم: يذكر ارتباطه بالأولاد سماحة الشيخ؟ الشيخ: هو أحق بأولاده، لا حضانة لها، ما دامت بهذه الصفة لا حضانة لها، هو أولى بأولاده في كل حال، هو أولى بأولاده وبقاء أولاده عندها يضرهم ، وربما جرتهم إلى شر كثير. فالحاصل أن المسلم هو أولى بأولاده مطلقاً.  
 
4- له أهلاً وجيران وأعمام وأخوال ولديهم بدعة يسميها الدستور، ويسأل عن هذا لو تكرمتم، ولاسيما وقد عرف قول الرسول - صلى الله عليه وسلم - أن كل بدعة ضلالة وأن كل ضلالة في النار؟
لم يشرح لنا هذه البدعة ، كونها تسمى الدستور ما نعرف هذه البدعة، لكن قاعدة شرعية أن كل عبادة أحدثها الناس لم تكن فيما شرعه الله على لسان نبيه - عليه الصلاة والسلام- إنها بدعة ، سواء سميت دستوراً أو سميت باسم آخر، فلا عبرة بالأسماء ، فالله أكمل الدين وأتمه - سبحانه وتعالى - ، فمن أحدث في الدين ما لم يأذن به الله فبدعته مردودة عليه، قال الله – تعالى -: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن بِهِ اللَّهُ [(21) سورة الشورى]. وقال تعالى: الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا [(3) سورة المائدة]. وقال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أحدث في أمرنا هذا – أي في ديننا هذا - ما ليس منه فهو رد). يعني فهو مردود . متفق على صحته. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). أي مردود. وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، وشر الأمور محدثاتها ، وكل بدعة ضلالة). أخرجه الإمام مسلم في صحيحه، زاد النسائي - رحمه الله - بإسناد صحيح: (وكل ضلالة في النار). هذه الأحاديث وما جاء في معناها كلها تدل على أن جميع البدع يجب طرحها والحذر منها، ولا عبرة بأسمائها ، بل متى صارت بدعة لم يفعلها الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا أصحابه فإنها تتطرح ، وينهى عنها، سواء كانت تتعلق بالصلاة أو بالحج، أو بالصيام أو بغير ذلك، مثل بدعة البناء على القبور، ووضع القباب عليها ، هذا منكر يجب إزالته، يجب على ولاة الأمور إزالة ذلك، ومثل بدعة الموالد، الاحتفال بالموالد، مولد الأم، أو مولد الولد، أو مولد النبي - صلى الله عليه وسلم -، أو مولد الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو مولد الحسين، أو مولد البدوي، أو غير ذلك، هذه الاحتفالات بهذه الموالد لا أصل لها، بل هي مما ابتدعه الناس، وأول من ابتدع ذلك الطائفة المعروفة المسماة بالفاطميين ، وكانوا في المغرب ومصر في المائة الرابعة والخامسة، هؤلاء من الرافضة أحدثوا هذه البدع، بدعة الموالد، فلا يجوز الاقتداء بهم ، ولا التأسي بهم في ذلك، لأنهم هم أهل بدع ، فلا يجوز التأسي بهم، ومن تأسى بهم بعدهم فقد غلط. والواجب على المؤمن أن تكون أسوته رسول الله - عليه الصلاة والسلام-؛ كما قال الله - عز وجل -: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [(21) سورة الأحزاب]. ثم صحابته - رضي الله عنهم وأرضاهم -، وعلى رأسهم الخلفاء الراشدون، فشيء لم يفعله الرسول - صلى الله عليه وسلم - ولا خلفاؤه الراشدون لماذا نفعله؟ يجب علينا أن نطرحه.  
 
5- سمعنا وقرأنا كثيراً في الصحف والمجلات عن موضوع التلقيح بالحقنة، امرأة تُلقح عن طريق الحقنة - الإبرة - في إحدى المستشفيات، وذلك من أجل الإنجاب، كون رجل هذه المرأة غير قادر على الإنجاب، علماً بأن الطبيب يأخذ مني من رجل آخر حتى يلقح تلك المرآة، والسؤال هنا: هل هذه الطريق جائزة في الإسلام، والتعامل بها جائز أم غير ذلك، وإن كان الجواب غير ذلك فما عقوبة الفاعلة والفاعل والراضي بهذا؟ جزاكم الله خيراً، ولعله يشير إلى طفل الأنبوب سماحة الشيخ
هذا الموضوع فيه التفصيل، وقد درسه أعضاء المجمع في مكة ، والرابطة في دورة مضت ، وبينوا في قرارهم الأنواع الممنوعة ، والأنواع الجائزة، وهذا الذي سأل عنه السائل على حالين: أحدهما: أجازه المجمع. والثاني: منعه ممنوعاً بإجماع المسلمين. أما الذي أجازه المجمع فهو أن تكون المرآة لا تنجب بسبب مرض في المبيض ، أو في القنوات التي توصل المني إلى الرحم، أو الرجل كذلك، ليسا بعقيمين ، ولكن هناك أسباب عرفها الأطباء في الرجل أو في المرآة ، ورأى الطبيب المختص أن في الإمكان أخذ المني من الرجل من زوجها ثم حقنه فيها في رحمها ، وأن هذا قد يلحقها بإذن الله ، وينفع بإذن الله، من الزوج نفسه، في صفة خاصة لا يحضرها إلا الطبيب المختص أو الطبيبة ، والواجب الطبيبة إن تيسرت، طبيبة أنثى تولى ذلك يعطيها إياها، يأخذه من نفسه وهو الزوج، ويعطيها المرأة تحقنه في رحم الزوجة، وأن كان لا يستطيع أخذه الرجل منه ثم أعطاه المرأة وتحقنه في رحم المرأة إذا تيسرت المرآة، فإن لم يتيسر امرأة تعرف ذلك جاز للرجل للضرورة أن يأخذه من الزوج، ثم يحقنه بالإبرة في رحمها، هذه صورة من الصور التي أجازها المجمع، وذكر أنها استعملت ، ونجحت مع أن فيها خطراً يجب الاحتياط فيه، وهو أن تكون العملية بحضرة الزوج والزوجة ، والطبيب المختص أو الطبيبة المختصة من دون أن يحضر ذلك أحد ؛ لأن المرأة تنكشف ولا يحضرها ولو محارمها ؛ لأن المحرم لا يرى العورة، ليس له رؤية العورة، ما بين السرة والركبة لا يراه إلا الزوج أو السيد الذي أبيح له الاتصال بها، ففي هذه الحال إذا رأى الطبيب المختص أو الطبيبة المختصة أن هذا ينفع ، وأنه لا هناك عقم يمنع الحمل، وإنما هو شيء من المرض في مبيض المرأة أو قنواتها، أو الرجل ليس منيه يصل لضعف في منيه لا يصل إلى محل المرأة، أو لأسباب أخرى، فيؤخذ من الزوج بالإبرة ، ويحقن في رحم المرأة، هذا هو الجائز ، والأحوط تركه، حتى ولو قلنا بجوازه ، الأحوط تركه لئلا يجر إلى ما تحمد عقباه. المقدم: رغم أنه بين الزوجين؟ الشيخ: بين الزوجين لئلا يجر الزوجة إلى أن تفعل شيئاً خلاف ذلك، وتزعم أنه من زوجها؛ لأنه تحيط به الأخطار ، وتركه أولى عند أهل العلم إلا عند الحيطة الكاملة. أما أن يؤخذ المني من غير الزوج، ليحقن في زوجة الرجل فهذا محرم بإجماع المسلمين، هذا من جنس الزنا، كونها تأخذ ماءا من غير زوجها، وتحقنه فيها لعلها تحمل بماء هذا الرجل الأجنبي هذا منكر ، وهذا لا يجوز ، ويجب تعزيرهما جميعاً ، وتأديبهما جميعاً على ولي الأمر إذا ثبت ذلك، حتى لا يقع مثل ذلك. والصورة الثانية: وهي ما إذا أخذ ماء الرجل، ماء الزوج والزوجة جميعاً ، وجعلا في أنبوب حتى يمتزجا ويختلطا على صفة خاصة عند الأطباء ، ثم يحقن الماءان في رحم المرأة، بعد اختلاطهما بالأنبوب الخاص الذي يفعله الطبيب ، وهذه أخطر من الأولى وأشد، أشد خطراً لأنه قد يوضع في أنبوب يختلط بأنابيب عند الأطباء ، وقد يقع أخذ ماء من غير الزوجة أو من غير الزوج، في شيء من الحيل ، أو شيء من التساهل الديني. فالحاصل أن هذه أجازها المجمع بالأكثرية ، وبعض أعضائه لم يجزها ، وبعض أعضائه توقف ، وأنا ممن توقف في ذلك، لأنها خطيرة ، فالحاصل أن الجواز ينحصر في الزوج والزوجة فقط، أما ماء يؤخذ من غير الزوج أو من غير الزوجة فهذا محرم بإجماع المسلمين، ليس فيه نزاع، إنما حل الخلاف ماء يؤخذ من الزوج ويحقن في رحم امرأته، أو منهما جميعاً يوضع في أنبوب ساعات معلومة ، ثم يحقن في رحمها، هذا هو محل الخلاف ، وهو الذي رأى فيه المجمع الجواز في هاتين الصورتين مع وجوب التحفظ والحذر. المقدم: إذن له صور متعددة وكل صورة لها حكم؟ الشيخ: والذي أجازه المجمع هاتان الصورتان فقط. المقدم: ما كان بين الزوجين من نفسهما. الشيخ: نعم.  
 
6- كثر كلام الناس واختلف حول قبر سيدنا الحسين أين مكانه؟ وهل يستفيد المسلمون من معرفة مكانه بالتحديد؟
الصواب أنه كان في العراق جسده، جسده في العراق، لأنه قتل في العراق، أما رأسه ، فاختلف فيه فقيل في الشام وقيل في مصر وقيل غير ذلك، والصواب أن الذي في مصر ليس قبره ، وإنما هو قبر وليس رأس الحسين ، وقد ألف في هذا بعض أهل العلم، وبينوا أنه لا أصل لوجود رأسه في مصر، ولا وجه لوجوده في مصر، وإنما الأغلب أنه في الشام؛ لأنه نقل إلى يزيد بن معاوية وهو بالشام، فلا وجه .... أنه في مصر ، بل هو إنما حفظ في الشام، .... الشام، وإما أعيد إلى .... في العراق. وبكل حال فليس للناس حاجة في هذا، ليس للناس حاجة في أن يعرفوا رأسه ، أين دفن ؟ وأين كان؟، إنما الدعاء بالمغفرة والرحمة غفر الله له ورضي الله ، قتل مظلوماً فيدعى له بالمغفرة والرحمة ، ويرجى له خير كثير، وأخوه الحسن، سيدا شباب أهل الجنة كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -، فهو مظلوم له الأجر العظيم، وترجى له الشهادة مع أنه هو وأخاه كما تقدم جاء فيهما الحديث عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنهما سيدا شباب أهل الجنة. ومن عرف قبره وسلم عليه ودعا فلا بأس كما تزار القبور الأخرى، من دون غلو فيه ولا دعاء له، ولا سؤال له الشفاعة ، ولا الشفاء ولا غير ذلك، إنما يزار قبره إذا عرف مثل بقية قبور المسلمين، للدعاء لهم والترحم عليهم، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (زورا القبور فإنها تذكركم الآخرة). فمن زار قبر الحسين أو الحسن أو فلان أو فلان، للدعاء لهم ، والترحم عليهم ، والاستغفار لهم ، كما يفعل مع بقية القبور فهذا سنة. أما زيارة القبور لدعائها من دون الله ، أو الاستغاثة بها، أو التمسح بترابها هذا من المنكرات، لا يجوز، ولا يبنى عليها كذلك لا قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد). روى جابر في صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه نهى عن تجصيص القبور ، وعن القعود عليها، وعن البناء عليها، فالرسول نهى - صلى الله عليه وسلم - عن تجصيص القبر ، وعن القعود عليه ، وعن البناء عليه، فلا يبنى عليه قبة ولا مسجد ولا غير ذلك، ولا يجوز أيضاً أن يجصص أو يطيب أو توضع عليه الستور كل هذا ممنوع ، ولا يصلى عنده، يقول عليه الصلاة والسلام: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك). خرجه مسلم في صحيحه عن جندب بن عبد الله البجلي. هذا يدل على أنه لا تجوز الصلاة عند القبور ولا اتخاذها مساجد لماذا؟ لأنه وسيلة للشرك، وسيلة إلى أن يعبدوا من دون الله في دعائهم والاستغاثة بهم والنذر لهم ، والتمسح بقبورهم ، ولهذا حذر النبي من هذا - عليه الصلاة والسلام -، وإنما تزار القبور زيارة فقط للسلام عليهم والدعاء لهم والترحم عليهم، الدعاء لهم لا دعاهم من دون الله وإنما يدعى لهم، غفر الله لك يا فلان رحمك الله، رضي الله عنك، كفارة الله سيئاتك، أما أن يقول: يا سيدي أنا في جوارك أنا في حسبك، اشفع لي انصرني اشفي مرضي هذا مبتدع لا يجوز، هذا دعاء غير الله من أنواع الشرك الأكبر نعوذ بالله. إذاً الزيارة جائزة لكن بدون السفر، بدون أن يكون هناك سفر من أجل الزيارة. الزيارة الشرعية، الزيارة الشرعية جائزة، أما الزيارة البدعية التي مقصودها التمسح بالقبور ودعائهم أو الاستغاثة بهم منكرة لا تجوز مطلقاً، والزيارة الشرعية تجوز لكن من دون شد الرحل، إذا كان في البلد نفسه، زاره في البلد، أما أن يشد الرحل يسافر لأجل زيارة القبر هذا لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد) المسجد الحرام ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى.

418 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply