حلقة 454: مسألة في الطلاق - الإشهاد على الطلاق والرجعة - حكم زواج المرأة وهي في عدة الطلاق - عقد النكاح ممن لا يصلي لمن لا يصلي - الحلف بالطلاق - سجود السهو لصلاة النافلة - حكم أكل لحم الخيل ولحم الضبع

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

4 / 50 محاضرة

حلقة 454: مسألة في الطلاق - الإشهاد على الطلاق والرجعة - حكم زواج المرأة وهي في عدة الطلاق - عقد النكاح ممن لا يصلي لمن لا يصلي - الحلف بالطلاق - سجود السهو لصلاة النافلة - حكم أكل لحم الخيل ولحم الضبع

1- طلقت ثلاث مرات: المرة الأولى: وكانت الزوجة حامل وراجعتها وهي عندي، وتمت المراجعة في نفس اليوم الذي كان فيه الطلاق، والمرة الثانية: كانت حائضاً وراجعتها أيضاً في نفس اليوم وهي عندي، وكان الطلاق مرتين، له منها الآن خمسة عيال وهي عنده في البيت، ويشكو من مرض  يسيطر عليه ويقول: لو سئل عن حالته العقلية أثناء الطلاق لقال: إنه مختل الشعور. يرجو من سماحة الشيخ إرشاده جزاكم الله خيراً؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الله سبحانه وتعالى شرع الطلاق لمصالح كثيرة قد يحتاجها الزوج وقد تحتاجها الزوجة، فمن نعمته سبحانه أن شرع الطلاق، حيث قال جل وعلا: الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ.. الآية (229) سورة البقرة، فإذا احتاج المسلم إلى الطلاق لكون المرأة لم تناسبه أو لأسباب أخرى تقتضي الطلاق شُرع له أن يطلق طلقة واحدة فقط، هذا هو السنة طلقة واحدة فقط؛ لأنه قد يبدو له أن يراجع فإذا هو في سعة، فيطلق واحدة فقط في طهر لم يجامع فيه أو في حال الحمل؛ لقوله سبحانه: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ.. (1) سورة الطلاق، قال علماء التفسير: معناه طاهرات من غير جماع، يعني في حال الطهر من حيض أو نفاس، وقبل أن يمسها، أو في حال الحمل، كما ثبت في الصحيح من حديث ابن عمر - رضي الله عنهما - أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال له لما طلق امرأته وهي حائض (راجعها، ثم أمسكها حتى تطهر، ثم تحيض، ثم تطهر، ثم إن شئت فطلقها قبل أن تمسها، فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء)، وفي لفظ قال: (ثم ليطلقها طاهراً أو حاملاً)، فهذا هو المشروع: أن يطلق الزوج امرأته إذا احتاج إلى ذلك طلقة واحدة في إحدى حالين: إما في حال كونها حاملاً، أو في حال كونها طاهرة في طهر لم يجامعها فيه وهي حائض، هذا هو الطلاق الشرعي، ويكره أن يطلق اثنتين من دون حاجة، بل يطلق واحدة فقط، ولا يجوز له أن يطلقها في حال الحيض ولا في حال النفاس ولا في حال طهر جامعها فيه؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم - أنكر على ابن عمر ذلك وجعل هذا من تفسير قوله تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاء فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ) المعنى في طهر لم يجامعها فيه، فعلم بهذا أن الطلاق في الحيض أو النفاس أو في طهر جامع فيه يخالف نص الآية الكريمة ويخالف التعليم النبوي الذي وجهه -صلى الله عليه وسلم- لابن عمر وهو للأمة كلها؛ لأن تعليمه -صلى الله عليه وسلم- للواحد تعليم للأمة كلها. ثم اختلف العلماء في وقوعه: هل يقع إذا كان في حال لا يشرع فيها كالحيض والنفاس والطهر الذي جامع فيه؟ فذهب جمهور أهل العلم وأكثرهم إلى أنه يقع مع الإثم، يأثم الزوج ويقع الطلاق، وذهب جمع من أهل العلم إلى أنه لا يقع؛ لأنه طلاق غير مشروع فلا يقع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وهذا عملٌ ليس عليه أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- فيكون مردوداً؛ ولأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- رد المرأة على ابن عمر لما طلقها وهي حائض، ردها عليه النبي -صلى الله عليه وسلم- ولم يرها شيئاً كما ثبت في الصحيح وقال: (إذا طهرت فليطلق أو يمسك)، وسئل ابن عمر عن ذلك -رضي الله عنه- فقال: (لا يعتد بها)، مع أنه -رضي الله عنه- حسب ما وقع له تطليقة، حسبها اجتهاداً منه، حسب ما وقع من تطليقة ولم يحسبها عليه النبي عليه الصلاة والسلام، وهذا قول أرجح من حيث الدليل: أنه لا يقع الطلاق في حال الحيض والنفاس ولا في طهر جامعها فيه وإن كان خلاف قول الجمهور، ولكنه أظهر في الدليل. والأصل بقاء النكاح وعدم وقوع الطلاق الذي لم يشرع، والله عز وجل شرع لعباده ما فيه مصلحتهم ونهاهم عما يضرهم، ولا ريب أن وقوع الطلاق في حال الحيض والنفاس وفي الطهر الذي جامع فيه يضر الزوج ويضر المرأة في الغالب، فكان من محاسن الإسلام ومن رحمة الله عز وجل القول بأنه لا يقع، قال من لم يوقعه: ومما يؤيد ذلك أن الإنسان في حال الحيض في حال كون امرأته حائضاً أو نفساء يسهل عليه الطلاق لأنها لا تصلح للجماع وهو ممنوع من جماعها فيسهل عليه الطلاق، وهكذا إذا كان قد قضى وطره وجامعها يسهل عليه الطلاق، فمن رحمة الله أن منعه من ذلك وحرم عليه ذلك، فمتى أقدم على التحريم لم يقع منه ذلك؛ لكونه خلاف أمر الله. وهذا السائل طلق الأولى وهي حامل فالطلاق واقع لأن طلاق الحامل أمر مشروع، أما الطلاق الثاني إذا كان في الحيض باتفاقهما واعترافهما جميعاً فإنه لا يقع على الصحيح إلا أن يحكم حاكم بذلك فإن حكم حاكم بوقوعه وقع؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف، فإذا حكم حاكم ممن يرى أنه يقع الطلاق كما هو قول الجمهور فحكم عليه بوقوع الطلاق فإنه يرتفع الخلاف ويقع الطلاق وينفذ، وليس للمفتي ليس لأي مفتٍ أن ينقض ذلك لأن المسألة خلافية يسوغ فيها الاجتهاد. أما كونه مختل الشعور فهذا يحتاج إلى أن يستفتي قاضي بلده إذا وقع منه شيء يستفتي قاضي البلد حتى ينظر في الأمر وحتى يطالب البينة الدالة على ما قاله، فليس كل من ادعى شيئاً يسلم له، يقول المصطفى عليه الصلاة والسلام: (لو يعطى الناس بدعواهم لادعى ناس دماء رجال وأموالهم، ولكن البينة على المدعي)، فالذي يدَّعي أنه طلق في حال زوال عقله يطالب بالبينة على ما قال فإذا ثبت ذلك لم يقع الطلاق، وإذا أقرت الزوجة بأنه وقع منه في حال غير شعورية كالسكران الذي طلق في حال غيبوبة عقله لتعاطيه ما حرم الله فالصحيح أنه لا يقع كالمجنون ولو كان آثماً، فإن الآثم عليه التوبة إلى الله وعلى ولي الأمر أن يقيم عليه الحد إذا رفع إلى ولي الأمر، وليس من عقوبة السكران إيقاع الطلاق، فالصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم وبه أفتى الخليفة الراشد عثمان -رضي الله عنه- أن طلاق السكران الذي قد فقد عقله لا يقع حتى ولو كان آثماً، أما غير الآثم فلا يقع عند الجميع، كالمجنون، فلو أن إنساناً سقي ما يسكره ويغير عقله بغير علمه أو أجبر عليه وأكره عليه لم يقع طلاقه عند أهل العلم، وإنما الخلاف فيمن شرب السكر عمداً فهذا هو محل الخلاف، فهو آثم ويجب أن يقام عليه الحد إذا رفع إلى السلطان، ولكن لا يقع الطلاق إذا كان في حال الطلاق فاقد العقل كالمعتوه والمجنون، والله المستعان.   
 
2- هل يلزم المطلِّق أن يشهد أحداً على طلاقه وعلى رجعته، أو يبقى ذلك بينه وبين زوجته وبين نفسه؟
السنة أن يُشهد لقوله تعالى: ..وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ.. (2) سورة الطلاق، فالسنة أن يشهد شاهدين؛ لأن الله جل وعلا قال في سورة الطلاق: (وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِّنكُمْ) قال بعض أهل العلم: المراد به الطلاق، وقال بعضهم: المراد به الرجعة، ولا مانع من كون الآية في الأمرين جميعاً، فيُشهد على طلاقها ويشهد على رجعتها، فإذا طلق أشهد حتى لا ينكر ذلك؛ لأن الشيطان قد يزين له الإنكار، فإذا أشهد كان هذا من أسباب السلامة والعافية من طاعة الشيطان في إنكار الطلاق، وهكذا الرجعة عليه أن يشهد على رجعتها؛ لأنه قد يتأخر في إبلاغ الزوجة فيكون الشهود بينة له تعينه على حصول المطلوب من الرجعة. المقصود أنه يشهد على الطلاق والرجعة هذا هو المشروع. - ومن لم يفعل هذا؟! ج/ الطلاق واقع والرجعة صحيحة، إذا رجعها بالعدة وأخبرها بذلك، ولو لم يشهد صحت الرجعة؛ لأن الله قال: ..وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُواْ إِصْلاَحًا.. (228) سورة البقرة، ولم يقل بشرط كذا وكذا. - لكن عليه أن يتدارك الكتابة أو ليس عليه ذلك؟ لا يلزمه فيما يظهر، لكن لو فعل امتثالاً للأمر واحتياطاً فحسن.  
 
3- إنها فتاة متزوجة وحصل بيني وبين زوجي طلاق للمرة الأخيرة، ثم سأل وأفتوه بأنه يجوز، والطلاق لم يصح -هكذا تعبر سماحة الشيخ- لأنه في حالة غضب، ورجعت مع زوجي واستمرت الحياة بيننا لمدة سنة، ثم عرفت أن الذي يفقد وعيه طلاقه لا يصح، وزوجي لم يفقد وعيه، وبعدما عرفت  ذهبت إلى أهلي ولم يكتب لي ورقة طلاق، وقال لي زوجي: لا يلزمك ورقة طلاق، ما دام عرفنا أن جلوسنا غير صحيح، ثم قال لي: إذا أراد الله ثم تزوجتي وتطلقتي سوف أراجعك، وحصل أن تزوجت فعلاً وطلقت من زوجها الأخير واسترجعها، لكنها تشكو من الطريقة التي اعتدت بها حيث لم تمكث إلا عشرين يوماً في العدة، وترجو من سماحة الشيخ التوجيه جزاكم الله خيراً؟
الواجب أن لا يتزوجها إلا بعد العدة، فإذا كان تزوجها وهي في عدة الزوج الثاني فالزواج باطل؛ لأن الله يقول: ..وَلاَ تَعْزِمُواْ عُقْدَةَ النِّكَاحِ حَتَّىَ يَبْلُغَ الْكِتَابُ أَجَلَهُ.. (235) سورة البقرة، يعني حتى تنتهي من العدة، وهذا أمر أجمع عليه أهل العلم، فإذا تزوجت الزوج الثاني زواجاً شرعياً ليس بقصد التحليل بل زواجاً شرعياً ووطأها الزوج الثاني فليس للزوج الأول أن يتزوجها إلا بعد خروجها من العدة بثلاثة حيض إن كانت تحيض أو بثلاثة أشهر إن كانت لا تحيض. فالحاصل أن الزواج هذا باطل إذا كان في العدة، عليه أن يتجنبها ويصبر حتى تعتد، فإذا اعتدت أعاد النكاح من جديد مع التوبة والاستغفار، وعليهما التوبة جميعاً إلى الله سبحانه وتعالى، هذا إذا كان الطلقة الأخيرة الثالثة لم تقع إلا قد وقعت، فأما إن كانت لم تقع لأنه حين الطلاق قد اشتد غضبه شدة واضحة بينة بأسباب النزاع الشديد أو المسابة أو المضاربة فإنها لا تقع على الصحيح، ولا يحتاج إلى زواج ثانٍ، لكن مادامت تزوجت فليس له أن ينكحها إلا بعد خروجها من العدة؛ لأن الزوج الثاني له حرمته وهو تزوجها زواجاً شرعياً بعد عدتها من الأول، هذا إذا كان الزوج الثاني بعد العدة يعني بعد خروجها من عدة الأول، فإن زواجه حينئذ صحيح إذا كان ليس بقصد التحليل بل عن رغبة ثم وطئها أيضاً فإنها تحل للأول على القول بوقوع الطلقة الثالثة، فإنها تحل له إذا انتهت من العدة، أما زواجها في العدة فلا يصح. وعليه التوبة إلى الله وعليها التوبة إلى الله فإذا فرغت من العدة فإنه يتزوجها بعد ذلك، فعليها إكمال عدة الأول وعليها إكمال عدة الثاني الذي وطئها بغير حق إذا كان وطئها بالنكاح الجديد هذا الفاسد تعتد العدة من الأول وعليها أن تعتد من الثاني عدة شرعية بثلاث حيض أيضاً ثم يتزوجها بعد ذلك، وفي قول آخر أن عدتها من الثاني لا تلزم لأن الماء ماؤه لو حملت وإنما عليها أن تكمل العدة من الأول، وهذا أمر معلوم عند أهل العلم، فعليها أن تكمل العدة من الأول ثم إن أكملت العدة من الثاني فحسن وإن تزوجت في عدة الثاني لأن الماء ماؤه فلا بأس زواجاً شرعياً، أما نكاحها في حال عدة الأول فإنه غير صحيح كما تقدم، وعليهما أن يرجعا إلى المحكمة فيما أشكل عليهما. تقول: إنها تعيش الآن مع الزوج الأخير ثمان سنوات رغم ذلك الخلط الذي حصل بينها وبين أزواجها؟ ج/ اعد اقرأ كلامها الأول. - وحتى الزوج الثاني لم يعلم ما بنفسي، وجلست معه يومين وحصل جماع بيننا مرتين، وحصل خصام، ولكن لم يكن متعمداً مني، وقال: بالحرام من أهلي وكررها مرة ثانية، وجعلت هذه الكلمة عذراً، وطلبت منه الطلاق فلم يرضَ، وخالعته عن طريق المحكمة، ثم أكملت العدة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، ثم رجعت إلى زوجي الأول، وأنا الآن عائشة معه ثمان سنوات، ورزقنا الله بولد ولم أعرف هذه الأشياء كلها إلا الآن بعد ما جلست معه هذه المدة، وأنا الآن في حيرة من أمري، هل جلوسي معه صح أم غير صحيح؟ ج3/ عليها أن تراجع المحكمة هي وزوجها حتى تنظر المحكمة في الأمر.  
 
4- عرفت من بعض المشايخ أن عقد النكاح لا يصح إذا كان الزوج وأبو الزوجة لم يصلوا حتى لو لم ينكروا وجوب الصلاة، وكان زوجي لا يؤدي الصلاة، وبعد رجوعي بفترة أصبح يداوم على الصلاة في المسجد مع الجماعة، أرجو من سماحة الشيخ إفتائي في هذه المواضيع؟
على كل حال هذا يرجع إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر لأن القول لها وحدها لا يكفي.  
 
5- حدث مشكلة بيني وبين أخي حول السيارة التي نمتلكها نحن، وقد غضبت غضباً شديداً وحلفت طلاقاً وقلت: بطلاقي الثلاثة لا أقوم بقيادة السيارة، وفعلاً لم أقم بقيادة السيارة أكثر من ثمانية أشهر، ونتيجة للظروف التي يمر بها أخي حيث لا يستطيع هو قيادة السيارة، فما هو  فما هو الواجب الذي يجب أن أعمله أنا، هل نقوم ببيع هذه السيارة ونشتري سيارة أخرى لا أقوم بقيادتها أنا؟ أم أقوم بقيادة السيارة نفسها، وما حكم الطلاق بالنسبة لي في هذه الحالة؟
إذا كان المطلق إذا كنت أيها السائل المطلق إنما أردت منع نفسك من قيادة السيارة ولم ترد إيقاع الطلاق وإنما أردت منع نفسك من قيادة السيارة غضباً على أخيك فإن عليك كفارة يمين ولا حرج أن تقود السيارة، وهذا يكون له حكم اليمين في أصح قولي العلماء، فعليك كفارة يمين وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، لكل مسكين نصف صاع من قوت البلد وهو كيلو ونصف تقريباً، أو كسوة العشرة بما يجزئهم في الصلاة. أما إن كان قصدك إيقاع الطلاق إن سقتها فإنه يقع الطلاق فإنك إذا سقتها يقع طلقة واحدة عليك، ولك مراجعتها مادامت في العدة في الحال إذا كنت لم تطلقها قبل هذا طلقتين، أما بيع السيارة وعدم بيع السيارة فهذا يرجع إليكما، لكما أن تبيعاها ولكما أن تبقيانها، لكن إن كان قصدك هذه السيارة بعينها فإذا بيعت لك أن تقود غيرها ولا يقع شيء، أما إن كان قصدك ترك مساعدة أخيك لا في هذه السيارة ولا في غيرها وأنك تريد أن لا تسوق معه سيارة وأن لا تخدمه في هذا الشيء فلا فرق بين هذه السيارة وغيرها، ولا تنحل اليمين ببيعها، حتى السيارة الأخرى إذا جاءت ليس لك أن تقودها لأنك قصدت بذلك مغاضبة أخيك وهجران مساعدته، وإذا قدت السيارة الثانية فهي كالأولى إن كنت أردت إيقاع الطلاق، وإن كنت لم ترد ذلك وإنما أردت هجران أخيك وعدم مساعدته في هذا الشيء فعليك كفارة اليمين كما تقدم.  
 
6- إذا سهوت في صلاة نافلة مثل تحية المسجد أو بعض الرواتب أو في القيام -أي التراويح في رمضان- هل أسجد سجدتين للسهو أم لا يلزم ذلك لأنها نافلة؟
حكم النافلة كالفريضة، فإذا سها المسلم في النافلة سهواً يقتضي سجود السهو فإنه يفعل ذلك في النافلة، فلو مثلاً نسي سجدة من السجدات وقام فإنه يرجع ويأتي بالسجدة ثم يسجد للسهو قبل أن يسلم ثم يسلم، وهكذا لو سلم ناسياً التحيات ثم ذكر فإنه يعود ويأتي بالتحيات ثم يسجد للسهو ويسلم، أو يسلم ويسجد سجدة السهو بعد السلام كل ذلك جائز؛ لأن حكمها حكم الفريضة في هذا الباب.  
 
7- ما حكم أكل لحم الخيل وأكل لحم الضبع؟
لحم الخيل حل قد أذن فيه النبي عليه الصلاة والسلام، وهكذا الضبع حِل بالنص عن النبي عليه الصلاة والسلام، فالخيل والضباع حل لنا بخلاف الذئاب والأسود والنمور والكلاب هذه محرمة، وهكذا كل ذي ناب من السباع كله محرم ما عدا الضبع فإنه مستثنى بالنص، والخيل حل لنا بالنص عن النبي عليه الصلاة والسلام، كما ذكر جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- قال: (نهى رسول الله عن لحوم الحمر الأهلية وأذن في لحوم الخيل)، وقالت أسماء بنت أبي بكر - رضي الله عنها –: (نحرنا على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- فرساً فأكلناه ونحن في المدينة) متفق على صحته، فالحاصل أن الخيل حل لنا وهكذا الضبع حل على الصحيح، أما الحمر الأهلية المعروفة والبغال فهذه محرمة البغال والحمر محرمة، وهكذا السباع كالذئب والنمر والأسد والكلب والهر كل هذه محرمة.  
 
8- هل صلاة الجماعة واجبة أم سنة؟ وما هو تفسير قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ((وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)) [البقرة:43]، وكثير من الناس يتساهلون في صلاة الجماعة وهم يسمعون النداء وقريبين من المسجد، ما الحكم في هذا؟ وهل تقبل صلاة من يسمع النداء ولم يذهب إلى المسجد؟
صلاة الجماعة فريضة، والواجب على من سمع النداء أن يجيب المؤذن، وليس له أن يصلي وحده ولا في البيت ولو جماعة في البيت ليس لهم ذلك، بل الواجب أن يصلوا مع المسلمين في بيوت الله عز وجل؛ كما قال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (من سمع النداء فلم يأتِ فلا صلاة له إلا من عذر) وسأله عليه الصلاة والسلام رجلٌ أعمى فقال: يا رسول الله: ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد فهل لي من رخصة أن أصلي في بيتي؟ فقال عليه الصلاة والسلام: (هل تسمع النداء للصلاة؟) قال: نعم، قال: (فأجب) خرجه مسلم في الصحيح. وفي الرواية الأخرى: (لا أجد لك رخصة) وثبت في الصحيحين عنه عليه الصلاة والسلام أنه أمر أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، فدل ذلك على أن أدائها في المساجد مع المسلمين أمرٌ مفترض ليس له أن يصلي وحده، ولا في بيته، بل عليه أن يشارك إخوانه المسلمين وأن يجيب المنادي، ومن ترك ذلك فقد أشبه المنافقين في هذا العمل، وقد اختلف العلماء رحمة الله عليهم هل تصح صلاته على قولين، فالأكثرون على أنها تصح مع الإثم، وقال بعض أهل العلم أنها لا تصح، كونه يصلي وحده ويدع الجماعة، فالواجب على المؤمن أن يحذر التخلف، وأن يصلي مع إخوانه المسلمين، وأن يبتعد عن مشابهة المنافقين، والله المستعان.

903 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply