حلقة 458: ثلاث شبه حول كفر تارك الصلاة - حكم تسجيل المحاضرات والمواد النافعة على أشرطة الفيديو - حكم الدعاء لتارك الصلاة أو النصراني، وحكم الدعاء عليهم - حكم إجابة دعوة الذي يتعامل بالربا - حكم شم رائحة الدخان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

8 / 50 محاضرة

حلقة 458: ثلاث شبه حول كفر تارك الصلاة - حكم تسجيل المحاضرات والمواد النافعة على أشرطة الفيديو - حكم الدعاء لتارك الصلاة أو النصراني، وحكم الدعاء عليهم - حكم إجابة دعوة الذي يتعامل بالربا - حكم شم رائحة الدخان

1- صدرت عدة فتاوى من هذا البرنامج بتكفير تارك الصلاة، سواء تركها جاحداً أم متهاوناً، فتتبعنا الأقوال والأدلة في ذلك فرجح لدينا هذا الحكم، لكن وقفت أمامنا مجموعة من الشبهات نرجو من سماحتكم ردها، وهي: أولاً: مصير تارك الصلاة هل هو إلى الجنة أو إلى النار؟! وذلك لتعارض هذا الحكم مع عدة أحاديث، منها: حديث أبي ذر وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ما من عبد قال: (لا إله إلا الله) ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، فسأل أبو ذر الرسول صلى الله عليه وسلم: وإن زنى وإن سرق؟ قال الرسول صلى الله عليه وسلم: وإن زنى وإن سرق، فعل ذلك أبو ذر مرتين فأجابه الرسول صلى الله عليه وسلم نفس الإجابة، وقال في الثانية: على رغم أنف أبي ذر) الحديث رواه البخاري ثانياً: صدرت الفتوى بأن تارك الصلاة إن مات لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين، وهذا يعارض الحديث الذي رواه الدارقطني والبيهقي وهو قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (صلوا خلف من قال: (لا إله إلا الله) وعلى من قال: لا إله إلا الله). ثالثاً: تعارض هذه الفتوى مع حديث آخر لا يحضرني نصه، ولكن معناه: أن من أدى الصلاة وحافظ عليها كان له عهد عند الله أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له عهد، إن شاء الله غفر له وإن شاء عذبه، فجعل تارك الصلاة في مشيئة الله، إن شاء عذبه وإن شاء غفر له. هذه ثلاث شبهات نرجو ردها مع التفصيل وبيان الأدلة على ذلك جزاكم الله خير الجزاء؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإن الأدلة الشرعية من الكتاب والسنة كلها قائمة على كفر تارك الصلاة، سواءٌ كان جاحداً أو متساهلاً، أما من كان جاحداً لوجوبها فهذا كافر بإجماع المسلمين؛ لأنه مكذب لله ولرسوله عليه الصلاة والسلام، ومن كذب الله أو كذب رسوله كفر بإجماع المسلمين. أما من تركها تهاوناً لا جحداً فهذا هو محل الخلاف بين أهل العلم، والسائل قد عرف ذلك، والصحيح كما عرفه السائل أن تاركها تهاوناً يكفر كفراً أكبر، وهذا قول جماعة من أهل العلم، وقد حكاه التابعي الجليل عبد الله بن شقيق العقيلي عن الصحابة -رضي الله عنهم- أنهم ما كانوا يرون شيئاً تركه كفر إلا الصلاة. وقد دل على ذلك أحاديث، منها: قوله عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرَّجه مسلم في صحيحه، وقوله عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرَّجه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح عن بريدة بن حصين -رضي الله عنه-. ومنها: قوله عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله)، ومنها قوله -صلى الله عليه وسلم- في الصلاة: (من حافظ عليها كانت له نوراً وبرهاناً ونجاة يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة، وحشر يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف)، وهؤلاء من صناديد الكفرة وكبارهم، فحَشْر تارك الصلاة معهم يدل على كفره، نسأل الله العافية والسلامة، وإن كان لم يتركها بالكلية بل يترك بعضاً ويؤدي بعضاً، وهناك أدلة أخرى دالة على ذلك. أما الشبهات الثلاث التي ذكرها السائل فجوابها بحمد لله ميسَّر: أما حديث أبي ذر فهو دليل على أن من مات على التوحيد لا يشرك بالله شيئاً فإنه من أهل الجنة وإذا زنى أو سرق وهكذا لو فعل معاصي أخرى كالعقوق والربا وشهادة الزور ونحو ذلك فإن العاصي تحت مشيئة الله إن شاء ربنا غفر له وإن شاء عذبه على قدر معاصيه إذا مات غير تائب، ولو دخل النار وعذب فيها فإنه لا يخلد، بل سوف يخرج منها إلى الجنة بعد التطهير والتمحيص، فمراد النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه وإن زنى وإن سرق فمصيره إلى الجنة إذا مات على التوحيد، وإن جرى عليه قبل ذلك ما يجري على بعض العصاة من العقوبات، وهكذا الأحاديث الأخرى الدالة على أن أهل التوحيد من الجنة كما قال -صلى الله عليه وسلم- في حديث عتبان: (إن الله حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله) متفق عليه، وفي حديث جابر عند مسلم يقول -صلى الله عليه وسلم-: (من لقي الله لا يشرك به شيئاً دخل الجنة، ومن لقيه يشرك به شيئاً دخل النار)، في أحاديث كثيرة. فهذا يدل على أن أهل التوحيد مصيرهم إلى الجنة وإن جرى منهم بعض المعاصي فإنهم تحت مشيئة الله، فقد يعفى عنهم ويدخلون الجنة من أول وهلة لأعمال صالحة اكتسبوها رجحت بها موازينهم، وقد يدخلون النار ويعذبون فيها على قدر المعاصي ثم يخرجون منها، كما ثبتت بذلك الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتواترت، وقد أجمع على ذلك أهل السنة أن العصاة لا يخلدون في النار إذا ماتوا مسلمين على التوحيد والإيمان فإنهم لا يخلدون في النار، خلافاً للخوارج والمعتزلة ومن سلك مسلكهم، فيكون من دخل النار من أهل التوحيد وهو عاصٍ غير مخلد بخلاف الكفار فإنهم يخلدون في النار أبد الآباد، فحديث أبي ذر وما جاء في معناه إنما هو في حق العصاة الذين لم تصل معصيتهم إلى الكفر، أما من وصلت معصيته إلى الكفر كتارك الصلاة والساب الدين والمستهزئ بالدين وأشباههم هؤلاء نقضوا توحيدهم ونقضوا إسلامهم، فلم يبقَ معهم إسلام ولم تنفعهم كلمة التوحيد إذا فعلوا ما ينقض الإسلام، فالذي ترك الصلاة ليس مثل الزاني والسارق، بل شأنه فوق ذلك وأعظم من ذلك، فهو من جنس من سب الدين وسب الله وسب الرسول أو استهزأ بالدين أو نحو ذلك، هؤلاء كفار بإجماع المسلمين ولو قالوا لا إله إلا الله، ولو ماتوا غير مشركين؛ لأن سبهم للدين يدل على احتقارهم له وعدم مبالاتهم به وهكذا استهزاؤهم به قال الله تعالى: ..قُلْ أَبِاللّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِؤُونَ* لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُم بَعْدَ إِيمَانِكُمْ.. (65) سورة التوبة، وهكذا لو جحد وجوب الصلاة كفر وإن كان موحداً، وإن كان يقول لا إله إلا الله، وإن كان لا يشرك بالله شيئاً، عند جميع العلماء، إذا جحد وجوبها أو جحد وجوب الزكاة أو جحد وجوب الصيام صيام رمضان أو جحد وجوب الحج مع الاستطاعة أو جحد تحريم الزنا أو تحريم الخمر كفر إجماعاً؛ ولو قال لا إله إلا الله ولو كان لا يشرك بالله شيئاً؛ لأن فعله هذا يجعله كافراً في حكم المشركين، فيكون داخلاً فيمن أشرك، وهكذا تركه للصلاة يجعله داخلاً في الكفار، والرسول -صلى الله عليه وسلم- إنما حكم بالجنة لمن مات لا يشرك بالله شيئاً، يعني لمن قال لا إله إلا الله موحداً غير مشرك، ومن ترك الصلاة خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من سب الدين خرج من أهل التوحيد إلى أهل الكفر، وهكذا من استهزأ بالدين وهكذا من جحد وجوب الصلاة من جحد وجوب الزكاة من جحد وجوب صوم رمضان من جحد تحريم الزنا من جحد تحريم المسكر من جحد تحريم العقوق للوالدين، من جحد تحريم دم المسلم بغير حق، من جحد هذه الأمور كفر إجماعاً، ولم ينفعه قوله لا إله إلا الله ولم ينفعه كونه لا يشرك بالله شيئاً من جهة الأصنام أو القبور أو غير ذلك؛ لأنه أتى بناقض من نواقض الإسلام، ومن أتى بناقض من نواقض الإسلام لم تنفعه بقية الأمور التي عنده، وهكذا لو استهان بالمصحف كفر إجماعاً، ولو قال: لا إله إلا الله ولو كان لا يشرك بالله شيئاً، فلو جلس عليه إهانة له أو بال عليه كفر إجماعاً؛ لأنه استهان بكلام الله واحتقر كلام الله ويدل على عدم احترامه لله وعدم احترامه لكلامه سبحانه وتعالى، وبهذا تعلم أن قوله -صلى الله عليه وسلم-: (من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة)، (من قال لا إله إلا الله صادقاً من قلبه دخل الجنة) إنما هذا في حق من قالها ولم يأت بناقض من نواقض الإسلام، أما إذا قالها وأتى بناقض كفر إجماعاً ولم تنفعه هذه الكلمة، كما أن من توضأ الوضوء الشرعي فقد أتى بالطهارة الشرعية، له أن يصلي، لكن لو أتى بناقض لو خرج منه الريح بعدما توضأ أو بال بطل هذا الوضوء ولم تنفعه هذه الطهارة؛ لأنه أتى بناقض ينقضها فهكذا من أتى بناقض من نواقض الإسلام لم ينفعه قوله: (لا إله إلا الله) أو شهادة أن لا إله إلا الله أو كونه لا يشرك بالله؛ لأنه أتى بشيء ينقض دينه وينقض إسلامه. الشبهة الثانية: حديث عبادة: في أن على الله عهداً من حافظ على الصلوات أن يدخله الجنة ومن لم يحافظ عليها ليس له عند الله عهد)، هذا حديث ضعيف لا يصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأيضاً هو من حديث الفضائل، وثم لو صح فهو محمول على من حافظ عليها ولكن أتى بشيء من النقص لم يتركها إنما حصل فيها خلل من بعض الشئون التي لا تجعله تاركاً لها ولا جاحداً لها، فهذا شأنه شأن من أتى بالمعاصي تحت مشيئة الله إذا كان يصلي ولكنه أخل بشيء مما يجب فيها من جهة نقره لها بعض الأحيان أو أشياء أخل بها لا تجعله في حكم التاركين، فهذا الإنسان قد يحصل له نقص في صلاته فيكمل له عمله بتطوعاته، كما في الحديث الثاني حديث أبي هريرة: (أن العبد إذا أتى بالصلاة أمر الله أن ينظر فيها فإن كملت كتبت كاملة وإلا قال سبحانه: "انظروا هل لعبدي من تطوع فيكمل به فرضه" فلو صح حمل على أنه أتى بشيء من النقص فيكمل فرضه ولا يكون حكمه حكم من ترك، بخلاف من تركها دائماً أو ترك بعضها كمن يصلي الظهر دون الفجر أو يصلي العصر دون المغرب والعشاء أو ما أشبه ذلك فهذا من ترك بعضها حكم من تركها كلها، نسأل الله العافية. وأما الشبهة الثالثة: حديث: (صلوا خلف من قال لا إله إلا الله وصلوا على من قال لا إله إلا الله) فهذه أحاديث ضعيفة لا تصح عن النبي -صلى الله عليه وسلم-، ولو صحت لكان المعنى صلوا خلف من قال لا إله إلا الله إذا قالها بحق واستقام عليها، وهكذا صلوا خلف من قال لا إله إلا الله، يعني إذا قالها والتزم معناها وأدى حقها، فأما من قالها ونقضها بالشرك أو نقضها بأنواع من الكفر لم تنفعه، فالمنافقون يقولون لا إله إلا الله ويصلون مع الناس ويصومون ويحجون وهم كفار؛ لأنهم نقضوها بكفرهم الباطن واعتقادهم الباطن وتكذيبهم لله بالباطن، فهكذا من قالها كما تقدم وسب الدين أو سب الرسول أو سب الله أو استهزأ بالدين أو استهان بالمصحف أو ما أشبه ذلك فإن قوله لا إله إلا الله لا ينفعه لأنه أتى بناقض ينقض هذا الكلام ويدل على كفره وأن قوله لا إله إلا الله ليس بصادق، بل عنده من الاستهانة بالله وبحق أحكامه وبشريعته ما يجعله معدوم الإيمان ناقض هذا القول لأنه قال قولاً لا حقيقة له ولا يعقده إيمانه وتصديقه، نسأل الله العافية. - قد يقف بعض السادة المستمعين كما وقفت سماحة الشيخ عبد العزيز عند هذه المناقشة الواعية اليقظة من طالب في الثانوية، لعل هذا الوقت يسمح لنا بكلمة توجهونها لمن مثله وفي هذا السن وفي هذه المرحلة من التعليم؟ ج/ لا شك أن الطلبة قدوة لغيرهم وقدوة لزملائهم والأساتذة فوق ذلك، وهذا الكلام يعطينا أن هذا الطالب عنده اهتمام بدينه ونشاط في معرفة الحق، زاده الله خيراً، فوصيتي له ولأمثاله من الشباب أن يتقوا الله وأن يهتموا بدينهم وأن لا يشغلوا بالمواد الأخرى عن مواد الدين وعن التفقه في الدين، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، فالواجب على الجميع أن يعنوا بدينهم وأن يتفقهوا فيه في الثانوي وفي الدراسة الجامعية وفي المطالعة بينهم والمذاكرة ومع الأساتذة، حتى يحفظوا دينهم وحتى يتبصروا وحتى يعرفوا الحكم بدليله؛ لأن العلم هو معرفة الحكم بدليله لا بالتقليد ورأي فلان وفلان، فالعالم هو الذي يعرف الأحكام بأدلتها من كتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، كما أني أوصي الأساتذة والمدرسين في كل مكان أن يتقوا الله وأن يكونوا قدوة صالحة للطلبة في المحافظة على الصلاة في الجماعة والعناية بها وتعظيم شأنها، وحث الطلبة على ذلك، حتى يكون الأستاذ قدوة للطالب في تعظيم أمر الله ونهيه، وفي المحافظة على الصلاة في جماعة وفي تعظيم شأنها والحذر من التهاون بها، رزق الله الجميع التوفيق والهداية.  
 
2- صدرت فتوى من سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله وبارك فيه، وكان معنى تلك الفتوى بأن من كان عنده شرائط ما يسمى بالفيديو وعليها مواد خليعة خبيثة وتاب إلى الله تعالى فإنه يسجل عليها الطيب الجيد، وذلك ليزيل ما بها من الخبث، والاستفسار هو: ما المقصود بالطيب، هل هو حلقات العلم والدروس الشرعية وتلاوة القرآن، فإن كان هذا هو المقصود، فهل يدخل ذلك في نطاق التصوير المحرم أم لا؟ فإن كان داخلاً في هذا النطاق فكيف يجوز استعماله؟ وإن لم يكن داخلاً فما الأدلة الشرعية على ذلك؟
المقصود: أن الأشرطة التي فيها شيء لا ينبغي قد سجل فيها شيء لا ينبغي لا حاجة إلى إتلافها، بل يسجل عليها الشيء الطيب، يسجل عليها الشيء الطيب حتى لا يتلف هذا المال بدون فائدة، والنبي نهى عن إضاعة المال عليه الصلاة والسلام، فيسجل عليها ما ينفع الناس، الأشرطة التي تحتاج إلى التصوير مثل أشرطة الفيديو إذا دعت الحاجة إلى ذلك وسجل عليها من الندوات النافعة والمحاضرات النافعة ما ينفع الناس فلا حرج في ذلك، من باب تقديم المصلحة العظيمة على ما في التصوير من المضرة والمنكر، فالمقصود من هذا كله أن إيجاد فيديو ينفع الناس قد سجل فيه وقد جعل فيه من العلوم النافعة والمحاضرات المفيدة والندوات الصالحة خير من تركه وإتلافه بدون فائدة، هذا المقصود: أن يسجل عليه بدل الشيء الرديء ما ينفع الناس من محاضرات صالحة وندوات صالحة وأشباه ذلك مما ينفع الناس هذا هو المقصود.
 
3- هل يجوز الترحم والدعاء لتارك الصلاة أو المتهاون فيها، وكذلك النصراني أعني الكافر، وهل يصح الدعاء عليهم ولعنهم أو سبهم بعد الوفاة؟
أما من مات من اليهود أو النصارى أو عباد الأوثان وهكذا من مات تاركاً للصلاة أو جاحداً لوجوبها هؤلاء كلهم لا يدعى لهم ولا يترحم عليهم ولا يستغفر لهم؛ لقول الله عز وجل: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ (113) سورة التوبة، وقد ثبت في الحديث الصحيح عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه استأذن ربه أن يستغفر لأمه فلم يأذن له سبحانه، مع أنها ماتت في الجاهلية لم تدرك الإسلام، لكنها ماتت على دين قومها على عبادة الأوثان، فاستأذن ربه فلم يأذن له أن يستغفر لها، فإذا كانت امرأة ماتت في الجاهلية على دين الأوثان لا يجوز له أن يستغفر له وهي أمه فكيف بغيرها؟ عليه الصلاة والسلام فالذي مات على الكفر لا يستغفر له ولا يدعى له، لا تارك الصلاة ولا عابد القبور ولا اليهودي ولا النصراني ولا الشيوعي ولا القادياني ولا أشباههم ممن يتعاطى ما يكفره ويخرجه من دائرة الإسلام، أما سبهم فلا يسبون بعد الموت يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا) رواه البخاري في الصحيح عن عائشة -رضي الله عنها-، (لا تسبوا الأموات فإنهم قد أفضوا إلى ما قدموا)، أفضوا إلى الله، الله يجازيهم بأعمالهم فلا حاجة إلى سبهم، لكن ذكر جماعة من أهل العلم أنه لا بأس بسب من اشتهر بالضلال والكفر والدعوة إلى الباطل من باب التحذير، ولو بعد الموت، كما يقال: قاتل الله فرعون، لعن الله فرعون، لعن الله دعاة الضلالة، لعن الله أبا جهل أو ما أشبه ذلك من دعاة الضلالة من باب التنفير من أعمالهم القبيحة، هذا قاله جماعة من أهل العلم من باب التنفير إذا كان الإنسان مشهوراً بالضلالة والكفر والدعوة إلى الضلالة أو ظلم الناس، قد أجاز بعض أهل العلم سبه من باب التنفير ومن باب التحذير من مثل عمله، وإن ترك سبه عملاً بهذا الحديث: (لا تسبوا الأموات) فهذا من باب الاحتياط وهو أحسن وأولى.  
 
4- هل للمسلم أن يلبي دعوة شخص مرابي يتعامل بالحرام دعاه إلى وليمة مع علمه بذلك؟
إذا كان الداعي يتعاطى الحرام ومأكله ومشربه من الحرام فلا ينبغي أن يجاب؛ لأن هذا فيه تساهل وإقدام على شيء من الحرام، أما إذا كان لا، له دخل آخر من الحرام والحلال فهذا يجوز لأنك لا تدري هل المقدم حرام أو حلال، فأصحاب الدخول المشتركة التي فيها الحلال والحرام أمرهم أوسع، ولكن إذا ترك الإنسان ذلك من باب التأديب من باب النصيحة من باب الإنكار لعله يستجيب لعله يترك ما حرم الله عليه فهذا حسن، ولاسيما إذا كان الترك لا يترتب عليه فوات مصلحة عظمى ولا حصول مفسدة كبرى، فأما إذا كان حضوره في هذا الطعام المشتبه يتضمن مصلحة ودعوة إلى الخير وإنكاراً للمنكر وتعليماً للخير فحضوره أولى وأنفع في هذه المسألة؛ لأن المال مشتبه ومختلط.  
 
5- هل قطرة العين تؤثر على الصيام؟
هذا فيه خلاف بين أهل العلم: منهم من يرى أنها تؤثر، ومنهم من يرى أنها لا تؤثر، والأقرب أنها لا تؤثر؛ لأن العين ليست منفذاً قوياً هي منفذ ضعيف وليس مثل الأكل والشرب ونحو ذلك، والأحوط جعلها في الليل جعل القطرة في الليل خروجاً من خلاف العلماء، فمن فعلها في النهار فصومه صحيح، لكن إذا وجد طعمها في حلقه فالأحوط له القضاء خروجاً من الخلاف. -وهذا ما يحصل فعلاً، يحصل أن الإنسان يطعمها في نحره إذا قطر في عينه؟ ج/ هذا يحصل بعض الأحيان، نعم. - إذاً الأولى؟ ج/ إذا حصل فالأحوط هو القضاء، وإن لم يحصل فلا شيء، وهكذا الكحل.  
 
6- هل من شم رائحة الدخان يأخذ حكم المدخن وينطبق عليه؟
إذا تعمَّد ذلك وصار يتلذذ بذلك يعمه المنع والتحريم، أما من شمه بغير قصد بلي به في المكان والطريق فلا يضره ذلك.  
 
7- (إنما الإعمال بالنيات) والله أعلم، وسؤالي هو: هل يجوز للمسلم أن يؤدي فريضة الحج بنيتين كأن يحج حجة بنية أنها عن نفسه وعن أحد والديه؟ أفادكم الله.
هذا يختلف: الحج لا يكون إلا عن واحد، فإذا نواه عن نفسه فهو لنفسه وإن نواه عن أبيه فهو لأبيه ويؤجر على بره بأبيه، وهكذا العمرة، فإذا اعتمر عن أبيه الميت أو عن أمه الميتة أو العاجزين لكبر سنهما فله أجر في ذلك لأنه قد بر بهما في هذا العمل، وهو يؤجر على هذا، لكن ما تكون الحجة على اثنين، الحجة لواحد والعمرة لواحد، فإن كان نواها عنه فهي له، وإن كان نواها عن أبيه فهي لأبيه، نواها عن أمه فهي لأمه، فإن نواها عنهما جميعاً عنه وعن أبيه صارت عنه فقط، لا تكون عن اثنين، فينبغي لمن أراد أن يبر أباه أن تكون الحجة له وحده، وهكذا أمه يحج عنها وحدها وهو يؤجر عن بره بهما وإحسانه إليهما. أما بعض الأعمال فيمكن أن تتنوع فيها النية، مثل صام يوم الخميس لفضل يوم الخميس ولأنه يرى في ذلك نشاطاً له على بعض الأعمال وقوة له على بعض الأعمال ولأسباب أخرى فلا بأس، لو صام يوم الخميس لفضله ولأنه يتقوى به على عمل أو لأنه يرتاح فيه ويرى فيه نشاطاً ومصلحة أخرى وفعله لهذا ولهذا فلا بأس، وهكذا لو صلى يتهجد بالليل لأنه يحب أن يتعبد في الليل ولأنه يرى أن في ذلك صحة لبدنه وهضماً لطعامه ونحو ذلك جمع الله له الخير، لكن ليس مثل من صلى لله قصداً فقط، ذاك يكون أكمل.  
 
8- ومن اختار الأيام البيض مثلاً ليجعلها مكاناً للقضاء، لقضاء ما فاته من رمضان لمرض أو سفر أو عذر فطري؟
لا يظهر لي في هذا إلا أنه ليس له إلا القضاء، يرجى له خير إذا أراد بهذا أنه يصوم هذا اليوم، يرجى أن يحصل له خير إن شاء الله، مثل من جعل قضاءه الخميس والاثنين لفضله يرجى له أيضاً في هذا أجر، لكن لا يضره.  
 
9- عندنا في منطقتنا تذهب النساء كل يوم خميس إلى قبور أولادهن، أي كل امرأة تذهب إلى القبر الذي يعود لها، فهل هذا جائز أم لا؟ علماً أنهم يوزعون الحلوى والأكل والسجائر عند القبور!
ثبت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه لعن زائرات القبور، فلا يجوز لهن الذهاب إلى القبور ولا زيارة أولادهن، هذا هو الصواب. بعض أهل العلم أجاز ذلك لحديث ورد عن عائشة في ذلك، والصواب أنه لا يجوز، وأن حديث عائشة كان قبل النسخ، كان النبي صلى الله عليه وسلم أذن للجميع للرجال والنساء لزيارة القبور، ثم نهى النساء بعد ذلك، واستقر النهي للنساء، وبقيت الرخصة للرجال، فزيارة القبور مستحبة للرجال دون النساء، والحديث عنه صلى الله عليه وسلم أنه (لعن زائرات القبور) وهذا جاء من حديث ابن عباس ومن حديث أبي هريرة ومن حديث حسان بن ثابت، فينبغي بل الواجب عليهن أن لا يفعلن ذلك، وكونهن يذهبن لتوزيع الحلوى والسجائر هذا أيضاً شرٌ آخر، ليست القبور محل التوزيع، القبور محل الوعظ والاتعاظ والتذكر للآخرة والموت، مثل ما قال صلى الله عليه وسلم: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة) وفي اللفظ الآخر: (فإنها تذكركم الموت) فالقبور تزار للذكرى ذكر الآخرة ذكر البعث والنشور، ذكر الموت، حتى ترق القلوب، حتى يستعد الإنسان للموت، ثم يدعوا للأموات يستغفر لهم يترحم عليهم، والنساء قليلات الصبر قد يحصل عليهن من الزيارة شيء من الجزع، فالحاصل أن المشروع لهن عدم الزيارة، بل الواجب عليهن عدم الزيارة لا لأولادهن ولا لغير أولادهن. 
 
10- لقد سألت إحداهن لماذا الزيارة في يوم الخميس؟ فقالت لأن الميت يوم الخميس في الصباح الميت يرى أهله الذي يأتون إلى قبره ، فهل هذا صحيح؟
ليس له أصل

1.1K مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply