حلقة 462: حكم قراءة القرآن بغير العربية، وحكم ترجمة معانية - متى يحل للرجل أن يخلو بالمرأة؟ - الإسرار بالبسملة - من نسي صلاة العشاء وتذكرها بعد الفجر ماذا يفعل؟ - حكم ملامسة عورات الأطفال - توجيه حول تربية الأولاد

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

12 / 50 محاضرة

حلقة 462: حكم قراءة القرآن بغير العربية، وحكم ترجمة معانية - متى يحل للرجل أن يخلو بالمرأة؟ - الإسرار بالبسملة - من نسي صلاة العشاء وتذكرها بعد الفجر ماذا يفعل؟ - حكم ملامسة عورات الأطفال - توجيه حول تربية الأولاد

1- هل القرآن الكريم قراءته بغير لسان عربي في ذلك إثم؛ لأنني أقرأ وأترجم من كتاب التفسير لابن كثير لإخوتي في الله من غير العرب باللغة الإنجليزية؟ آمل أن يأتيني منكم الرد سريعاً، جزاكم الله خيراً؟.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه: أما بعد: فإن الله - عز وجل - أنزل كتابه الكريم باللغة العربية ، وهو قرآن عربي فلا يجوز أن يقرأ بغير العربية ، وإنما تترجم معانيه إلى اللغات الأخرى لتفهيم المعنى وتعليم المعنى حتى يتعلم أصحاب اللغات غير العربية معاني كلام الله - عز وجل - وحتى يستفيدوا من أحكام كتابه - سبحانه وتعالى - ، ولكن عليهم أن يتعلموا لفظ القرآن حتى يقرءوا به في الصلاة وخارج الصلاة باللغة العربية ، وإنما الترجمة تفسير ، معناها التفسير ، يعني بين للذي لا يعرف اللغة العربية معنى قوله تعالى الله: اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ [(255) سورة البقرة]. معنى : حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالْدَّمُ وَلَحْمُ الْخِنْزِيرِ [(3) سورة المائدة]. وهكذا تبين لهم المعاني والأحكام حتى يفهموها بلغتهم ، وليست اللغة قرآناً ، وإنما هي تفسير وترجمة ، وإنما القرآن ما يتلى باللغة العربية كما أنزله الله - سبحانه وتعالى - ، وللعلماء العارفين باللغات الأخرى أن يترجموا معانيه إلى إخوانهم المسلمين ليفهموه ، وهكذا لغير المسلمين للدعوة إلى الله ، وبيان أحكام الله حتى يعلم غير المسلم حقيقة القرآن وما فيه من العلم ، فيكون ذلك سبباً لدخوله في الإسلام.  
 
2- متى يحل للرجل أن يخلو بالمرأة، وهل يحق أن يخلو بها بعد أن اتفق والدها ووالده على قبول تزويجهما وبحضور شاهدين آخرين، أي هل أصبحا زوجين؟ مع العلم أنه لم يتم تسجيل هذا العقد في المحكمة؟
الخلوة محرمة بالمرآة الأجنبية لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (لا يخلون رجلٌ بامرأة إلا ومعها ذو محرم) . ولقوله عليه الصلاة والسلام: (لا يخلون رجلٌ بامرأة فإن الشيطان ثالثهما) . لكن إذا تم العقد ، وتم الزواج من الولي للخاطب بحضرة الشاهدين صارت زوجة له ، لو خلى بها لا شيء عليه ، ولكن ينبغي له أن يمتنع من جماعها حتى يدخل بها الدخول الشرعي لئلا يظن أنه من غيره ، فينبغي في مثل هذه الأحوال أن يكون جماعه لها واتصاله بها الاتصال الجنسي يكون بعد الخلوة الرسمية التي يعترف بها أهلها ، أما كونه يخلو بها لا حرج عليه إذا خلا بها ؛ لأنها زوجه ، لكن الجماع لها ينبغي تأخيره إلى الدخول الرسمي الذي يعرفه الناس حتى لا يقع تهمة لو حملت يقال هذا ليس من زوجها، أو يجحده هو ، أو ما أشبه ذلك - نسأل الله السلامة -.  
 
3- أسمع بعض الناس في الصلاة الجهرية يبدأ بالفاتحة مباشرة دون أن يسمي، أي لم يذكر البسملة، فما هو التوجيه في هذا؟
المشروع للمؤمن والمؤمنة أن يبدأ بالتعوذ ، ثم التسمية ، ثم القراءة ، فإذا كبر للصلاة أولاً يستفتح بما شرعه الله من الاستفتاحات التي ثبتت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - ، ومنها وهو أخصرها : (سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك) . ومنها: (اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت بين المشرق والمغرب ، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس ، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد) . وهناك استفتاحات أخرى ثابتة عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام -، فالأفضل أن يستفتح بواحدٍ منها ، هذا هو الأفضل ، وإن ترك ذلك فلا حرج ، ثم يقول: "أعوذ بالله من الشيطان الرجيم" أو "أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم" ثم يقول: "بسم الله الرحمن الرحيم" ثم يقرأ الفاتحة ، هذا هو المشروع ، ولو قرأ من دون استفتاح ولا تعوذ ولا تسمية صحت القراءة ؛ لأن التسمية سنة ، والتعوذ سنة ، والاستفتاح سنة ، لكن الأفضل له والسنة له أن يأتي بهذه الأمور ، يستفتح ثم يستعيذ ثم يسمي ثم يقرأ ، هذا هو المشروع ، وهذا هو الكمال. المقدم: يسأل أخونا عن الصلاة الجهرية - سماحة الشيخ - يقول: لم أسمعهم يذكروا بسم الله الرحمن الرحيم....؟ الشيخ: السنة في الجهرية أن لا يجهر، يقرأ التسمية والتعوذ لكن سراً ، هذا هو الأفضل ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يسر بها ، وهكذا خلفائه الراشدون: الصديق ، وعمر ، وعثمان ، وعلي، كانوا يسرون، فالسنة الإسرار بها ، وقد ورد عن أبي هريرة - رضي الله عنه - ما يدل على أن الرسول ربما جهر بها - عليه الصلاة والسلام - في بعض الأحيان ، فإذا جهر بها الإنسان في بعض الأحيان للبيان والتعليم فلا حرج في ذلك ، ولكن الأفضل أن يكون الغالب عليه أن يسر بها اقتداءً بالنبي - عليه الصلاة والسلام - في ذلك.  
 
4- في يوم ما لم أصلِّ العشاء، ولم أتذكر ذلك إلا في صباح اليوم التالي، كيف أفعل؟
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من نام عن الصلاة أو نسيها فليصليها إذا ذكرها لا كفارة لها إلا ذلك) . متى ذكرتها بعد الصبح صليها ، في الضحى صليها ، في الظهر صليها ، متى ذكرت، فإن ذكرتها قبل الفجر فصلها قبل الفجر، فإن لم تذكرها إلا بعد الفجر فصلها بعد الفجر ، والحمد لله.  
 
5- ملامسة عورات الأطفال هل تنقض وضوء اللامس؟
نعم ، عورة الطفل تنقض من مسها، إذا مستها أمه أو أبوه انتقض الوضوء ، لحديث: (من مس الذكر فليتوضأ).  
 
6- لي أربعة أطفال أكبرهم في السابعة من عمره، كانت أمنيتي قبل أن يرزقني الله بهم إن كانت لي ذرية سأحاول بقدر الإمكان تعليمهم أمور الدين وتهيئة الجو الإسلامي لهم، وفعلاً أخذت أعلمهم، ومنهم من يحفظ كثيراً من القرآن الكريم والأحاديث، حتى القصص لا يعلمون غير قصص الأنبياء، ولم أدخل عليهم أي جهاز من الأجهزة الحديثة كالمسجل أو الفيديو أو ما أشبه ذلك، إلا أنهم يعيشون في جو غريب تماماً، وبدءوا يستنكرون كل ما عدا ما في منزلنا أو كل ما عدا ما يسمعون منا، وبدءوا يعيشون في شيء من الازدواجية وترجو التوجيه جزاكم الله خيراً؟
قد أحسنت في تعليمهم وتوجيههم ، وعليك أن تكملي أنتِِ ووالدهم وإخوتهم الصغار وغير ذلك من أقاربهم عليكم أن تلاحظوهم حتى لا يضرهم ما حولهم من المجتمع ، أنتِِ على خير ، وأبوهم على خير في التعليم والتوجيه والإرشاد والتربية الإسلامية ، ولكن لا بد من اختلاطهم بمن حولهم ، فعليكم بالحرص عليهم ، وتوجيههم إلى الخير، وتحذيرهم مما قد يسمعون من الباطل ، أو يشاهدون من الباطل حولهم حتى لا يتأثروا ، والله – جل وعلا- هو الموفق الهادي ، وإنما عليكم أن تفعلوا المستطاع : فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ [(16) سورة التغابن]. وأنتم على خير - إن شاء الله - ، وسينفع الله بجهودكم.  
 
7- قال زوجي في إحدى خطب الجمعة: إن الله في السماء، مستو على العرش، بائن من خلقه، وهو في السماء السابعة، فذهب أحد الناس يستنكر عليه وشنع به، ونطلب من سماحتكم القول الواضح في هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيراً؟.
قد أحسن زوجك فيما قال ، وأصاب الحق فيما قال ، فالله - سبحانه وتعالى - فوق العرش ، فوق جميع السماوات ، فوق جميع الخلق ؛ كما قال عز وجل: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ [(54) سورة الأعراف]. والاستواء معناه : العلو والارتفاع ، يعني ثم على العرش وارتفع عليه - سبحانه وتعالى -. فهو فوق العرش وعلمه في كل مكان عند أهل السنة والجماعة ، وهذا هو الذي جاءت به الرسول - عليهم الصلاة والسلام - وعلى رأسهم نبينا وإمامنا محمد - عليه الصلاة والسلام - وهو قول أصحاب النبي جميعاً - رضي الله عنه - كلهم درجوا على أن الله في العلو فوق العرش فوق جميع الخلق وعلمه في كل مكان - سبحانه وتعالى - ؛ كما قال - جل وعلا-: فَالْحُكْمُ لِلَّهِ الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ [(12) سورة غافر]. وقال: وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ [(255) سورة البقرة]. فله العلو الكامل - سبحانه وتعالى - من جميع الوجوه: علو الذات ، وعلو القدر والشرف ، وعلو السلطان والقهر - سبحانه وتعالى -، فهو فوق العرش ، فوق جميع الخلق ، استوى على العرش استواءً يليق بجلاله وعظمته؛ كما قال سبحانه: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [(5) سورة طـه]. قال هذا في سبعة مواضع من كتابه العظيم ، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الإيمان بذلك، والإمرار للصفات كما جاءت من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل. وإنكار الاستواء من مذهب الجهمية، مذهب أهل البدع ، فالواجب على أهل الإسلام ذكوراً وإناثاً أن يؤمنوا بذلك ؛ كما جاء في القرآن العظيم ، وأن يسيروا على نهج أهل السنة في إثبات علو الله فوق جميع الخلق ، فوق السماء السابعة ، فوق جميع الخلق ، فوق العرش ؛ لأن العرش فوق السماء السابعة ، فوق السماء السابعة الكرسي ، ثم هناك بحر بين أسفله وأعلاه كما بين السماء والأرض ، ثم بعده العرش ، العرش فوق الماء، العرش ..... وأعلاها، والله فوق العرش - سبحانه وتعالى - فوق جميع الخلق - جل وعلا- ، ولهذا قال سبحانه: إِنَّ رَبَّكُمُ اللّهُ الَّذِي خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ يَطْلُبُهُ حَثِيثًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ وَالنُّجُومَ مُسَخَّرَاتٍ بِأَمْرِهِ أَلاَ لَهُ الْخَلْقُ وَالأَمْرُ تَبَارَكَ اللّهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ [(54) سورة الأعراف]. وقال عز وجل: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى [(5) سورة طـه]. ثم قال : ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ الرَّحْمَنُ فَاسْأَلْ بِهِ خَبِيرًا [(59) سورة الفرقان]. في آيات سبع ، كلها دالة على علوه، وفوقيته ، واستواءه على عرشه - سبحانه وتعالى - ، فالذي أنكر على زوجكِ هو الذي أخطأ وغلط ، وقد وافق أهل البدع، وخالف أهل السنة ، وأما زوجك وإخباره بأنه فوق العرش، فوق السماء ، فوق جميع الخلق فقد أصاب ، ووافق أهل السنة ، ووافق الكتاب والسنة ، وخالف أهل البدع ، فنسأل الله لنا ولكم ولزوجكِ ولجميع المسلمين التوفيق والهداية ، والاستقامة على الحق.  
 
8- أقرأ في بعض الكتب أن قراءة القرآن دون وضوء جائزة، فمثلاً في الموطأ حينما أتى عمر من قضاء الحاجة فسأله أحد عن الوضوء ثم القراءة فقال له: أي مسيلمة أخبرك هذا، وفي كتب أخرى أقرأ تحريم قراءة القرآن دون وضوء، فأيهما أصح يا سماحة الشيخ؟ جزاكم الله خيراً؟
قراءة القرآن من المصحف يحتاج إلى وضوء هذا الذي عليه أهل العلم ، وهو قول أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - جميعاً لما ثبت من حديث عمرو بن حزم - رضي الله عنه - الأنصاري أن النبي كتب إلى أهل اليمن : أن لا يمس القرآن إلا طاهر. وهو حديث جيد له طرق يشد بعضها بعضاً ، وهو دال على أن القرآن لا يمسه إلا من تطهر ؛ كما قال عز وجل: إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ* فِي كِتَابٍ مَّكْنُونٍ * لَّا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ [سورة الواقعة (79) (77)]. فهذه الآية تعم المصحف الذي في أيدينا والذي في أيدي الملائكة، ولهذا قال بعده: تَنزِيلٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ فالمنزل علينا لا يمسه إلا المطهرون. أما القراءة من دون مسيس بل عن ظهر قلب وهو الحفظ فهذه لا تحتاج إلى طهارة، لو قرأه على غير طهارة فلا بأس إلا الجنب فإن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل لا من المصحف ولا عن ظهر قلب ؛ لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه كان لا يحجزه شيء عن القرآن إلا الجنابة. ولما جاء عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال لما خرج من الغائط قرأ وقال : هذا لمن لم يكن جنباً أما الجنب فلا ولا آية). فالحاصل أن القارئ للقرآن إن كان من المصحف فلابد من الطهارة فيه الكبرى و الصغرى ، من الجنابة والحدث الأصغر ، أما إن كان من غير المصحف ، بل عن ظهر قلب فإنه يقرأه إذا كان ليس عليه جنابة ، ولا يلزمه الطهارة الصغرى يقرأ وإن كان على حدث أصغر ، أما إن كان جنباً فإنه لا يقرأ حتى يغتسل ، هذا هو الصواب في هذه المسألة.  
 
9- معنى حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - الذي يقول: (شفاء أمتي في ثلاث: كية من نار - كما يورد سماحة الشيخ - أو آية من كتاب الله، أو جرعة من عسل). هل هذا حديث صحيح؟
الحديث الصحيح ، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (الشفاء في الثلاث: كية نار ، أو شرطة محجم ، أو شربة عسل) . ليس في الآية ، أما الآية تؤخذ من قوله تعالى: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاء وَرَحْمَةٌ لِّلْمُؤْمِنِينَ [(82) سورة الإسراء]. ومن قوله تعالى: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء [(44) سورة فصلت]. ومن عمله - صلى الله عليه وسلم - أنه كان يقرأ الآيات على المريض كان يقرأ على نفسه (قل هو الله أحد) . والمعوذتين عند النوم ، إذا اشتكى - عليه الصلاة والسلام - ، والصحابة كانوا يقرءون على المريض من الآيات ، وقد قرأ بعض الصحابة على لديغ سورة الفاتحة فشفاه الله ، وعرضوا هذا على النبي - صلى الله عليه وسلم - فأقرهم، وقال: (وما يدريك أنها رقية؟) . وكانوا قد جعل لهم قطيع من الغنم فأخذوه ، وأقرهم النبي - صلى الله عليه وسلم – على ذلك، وقال: (اضربوا لي معكم بسهم) . فالحاصل أنه - صلى الله عليه وسلم - أقرهم على قراءة القرآن على المريض للاستشفاء ، وأما الحديث الذي فيه الشفاء في ثلاث : (كية نار أو شرطة محجم - يعني الحجامة - أو شربة عسل ، قال: وما أحب أن أكتوي) . وفي اللفظ الآخر قال: (وأنا أنهى أمتي عن الكي) . رواه البخاري في الصحيح. فهذا يدل على أن هذه الثلاث من أسباب الشفاء : الكي عند الحاجة إليه ، والحجامة عند الحاجة إليها ، والعسل ، والله بين في كتابه العظيم أن العسل فيه شفاء للناس ، لكن إذا تيسر علاج بغير الكي فهو أولى ، ولهذا قال - صلى الله عليه وسلم -: (وما أحب أن أكتوي) . وقال: (وأنا أنهى أمتي عن الكي) . لكنه كوى بعض أصحابه للحاجة. فالحاصل أنه لا يشرع الكي إلا عند الحاجة ، عند عدم وجود ما يكفي عنه، فإذا تيسر دواءٌ آخر يكفي عنه فالأولى ترك الكي؛ لأنه نوع تعذيب بالنار ، فلا يصار إليه إلا عند الحاجة. المقدم: بارك الله فيكم - شيخ عبد العزيز - إذا أذنتم ......... الرسول عليه الصلاة والسلام كأن يأمر بشيء ولا يفعله، أو ينهى عن شيء ويفعله ، لعل في هذا مقام يحتاج إلى مزيد من الإيضاح سماحة الشيخ؟. الشيخ: هذا يقع ، فإذا أمر بشيء ثم تركه دل على أنه ليس بواجب ، وإذا نهى عن شيء ثم فعله دل على أنه ليس بمحرم ، ولهذا نهى عن الشرب قائماً ثم شرب قائماً ، فدل على أن الشرب قائماً لا حرج فيه ، ولكن تركه أفضل ، إذا تيسر أن يشرب قاعداً فهو أفضل وإن شرب قائماً فلا حرج ، وهكذا إذا أمر بشيء ثم تركه - عليه الصلاة والسلام - فهو يدل على أن هذا المأمور به ليس بواجب ، فإذا كان واجباً لما تركه - عليه الصلاة والسلام - . فالحاصل أن أوامره أصلها الوجوب ، ونواهيه أصله التحريم، لكن متى فعل ما نهى عنه دل على أنه ليس بحرام ، وإنما هو مكروه، أو تركه أولى ، وإذا أمر بشيء ثم تركه دل على أنه ليس بواجب. المقدم: بارك الله فيكم ، الواقع سماحة الشيخ المبتدئ في الإطلاع على كتب أهل العلم قد يقع على شيء من هذا ، وربما يقع في حيرة فبما تنصحونه والحالة هذه؟ الشيخ: يسأل أهل العلم فيما أشكل عليه ، طالب العلم المبتدئ إذا مر عليه شيء من الأحاديث واشتبه عليه أمرها ، أو بعض الآيات يسأل أهل العلم الذين عنده ، ولو سافر إليهم ، يسأل أهل العلم الذين بلغهم أنه أهل علم وأهل بصيرة ويطمئنوا إليهم يسألهم ، بالمكاتبة ، بالمشافهة ، بالهاتف ، بغير هذا من طرق الاتصال ، والمقام يحتاج إلى عناية، والله يقول: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [(7) سورة الأنبياء]. المقدم: ذكرتم السلف وهذا دليل على أهمية التوضيح فيما يتعلق بأمور ديننا؟ الشيخ: نعم ، ولو بالسفر، قد سافر جمع من الصحابة من بلد إلى بلد من المدينة إلى مصر وإلى الشام من أجل بعض الأحاديث - رضي الله عنهم -.  
 
10- يسأل أيضاً عن الحناء للرجال ولاسيما إذا كان للعلاج؟
لا نعلم فيه بأساً للعلاج ، أما أن يفعله كالنساء فلا يجوز ، للتشبه بالنساء ، أما إذا فعله الرجل على وجهه يعالج به مرضاً في رجله، أو يده أو غير ذلك، فلا حرج في ذلك.  
 
11- هل صلاة التسابيح واردة في السنة النبوية، وما الحكم في قائل يقول: عليه الطلاق من دينه؟
هذا على كل حال كلام منكر. أما صلاة التسابيح فقد اختلف فيها العلماء، منهم من صحح أحاديثها ، ومنهم من ضعف أحاديثها، والصواب أنها ضعيفة ، وأنها لا تستحب ، هذا الصواب في صلاة التسبيح. وأما هذا الذي قال : عليه الطلاق من دينه ما يفعل كذا وكذا معناه عليه الخروج من دينه ، وهذا كلام منكر ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من حلف بالملة غير الإسلام كاذباً متعمد فهو كما قال). فالمقصود أن هذا يجب أن يتوب إلى الله ، وأن يحذر مثل هذا الكلام، لا يقول عليه الطلاق من دينه، أو هو كافر، أو هو يهودي ، أو نصراني ما يفعل كذا ، أو سيفعل كذا ، أو ما أشبه ذلك، لا ، يستعمل غيرها يقول : والله لأفعلن كذا ، أو والله لا أفعل كذا ، يكفي هذا ، أما أن يقول هو يهودي أو نصراني، أو عليه الطلاق من دينه إنه ما يفعل هذا ، كل هذا غلط منكر لا يجوز، وتعريض لدينه بالذهاب والضياع والردة عن الإسلام - نعوذ بالله - يجب الحذر والتوبة من هذا - نسأل الله العافية-.  
 
12- أنا رجل مجتهد فيما أمرني ربي، وأسرتي والحمد لله تشاركني في ذلك حسب استطاعتهم، ولكن يوجد لي أخت لا تصلي من مدة طويلة وزوجها يشاركها أيضاً في ذلك الحال، وقد أخبرني كثيراً من الناس أن ذلك هو سلوكهم ، وأنهم لا يرضون الله في ذلك الجانب، وعندما عرفت بنفسي أنها على ذلكم الحال أخذتها وأخبرتها بما حرم الله ورسوله وأخبرتني بنفسها أنها فعلاً كانت تعمل ذلكم العمل، وبعد هذا الموقف قامت وعاهدتني على كتاب الله ووعدتني أن تتوب من الآن، ولكن للأسف لم توفي بالعهد، فعندئذ قاطعتها حتى تعود كسائر المؤمنات اللاتي يردن وجه الله تبارك وتعالى، أفيدوني جزاكم الله خيراً عن حكم ما فعلت، ولا سيما عن حكم مقاطعتي لأختي تلكم جزاكم الله خيراً؟
قد أحسنت فيما فعلت من نصيحتها ودعوتها إلى الخير ، وقد أساءت في رجوعها إلى الباطل ، وعدم صلاتها ؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ، من ضيعها ضيع دينه ، ومن تركها كفر - نعوذ بالله من ذلك - ، وقد صح عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). فهذا يعم الرجال والنساء . وقال عليه الصلاة والسلام: (رأس الأمر الإسلام وعموده الصلاة ، وذروة سنامه الجهاد في سبيل الله) . وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) . فقد أحسنت في مقاطعتها وهجرها حتى تتوب إلى الله - عز وجل - ؛ لأن هذا منكر عظيم ، بل كفر ، فالواجب هجرها وهجر زوجها حتى يتوبا إلى الله - عز وجل -، وإن ظهر أمرهما، وعرف أنهما لا يصليان ، فيجب رفع أمرهما إلى أولياء الأمور إذا كانا في بلادٍ إسلامية ، يقيمون الصلاة، ويعاقبون عليها يرفع بأمرهما حتى يستحقا أن يعاقبا على ذلك بالقتل ، فإن من ترك الصلاة يستتاب ، فإن تاب وإلا قتل ، قتله ولي الأمر ، ولي أمر المسلمين أو نائبه. فالمقصود أن عليك العناية بنصيحتهما جميعاً ، ولو من طريق الهاتف ، أو المكاتبة أو توكيل من ينصحهم لعل الله يهديهم بأسبابك ، أما قطعك لهم وهجرك لهم هذا كله طيب وواجب إذا كان يرجى فيه خير ، أما إذا كنت لا ترجو من وراء الهجر خيراً فلا مانع من الاتصال بهم لا للأكل عندهم والشرب والأنس بهم لا ، ولكن لمجرد الدعوة والتوجيه والإرشاد ، لا للأكل معهم أو الضحك معهم ، أو الأنس معهم ، لا ، بل تلقاهم بوجه غير منبسط، بل وجه مكفهر حتى يرجعا إلى الحق حتى يتوب إلى الله - عز وجل - ، وقد هجر النبي - صلى الله عليه وسلم - ثلاثة من الصحابة في أقل من هذا ، تخلفوا عن الغزو بغير عذر يوم تبوك فهجرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأمر المسلم بهجرهم ، فهجروا خمسين ليلة حتى تاب الله عليهم ، فإذا كان من تخلف عن الغزو بغير عذر يهجر فالذي تخلف عن الصلاة التي هي عمود الإسلام أولى وأولى بها، لكن إن رجوت فيهم خيراً فلا مانع من الاتصال بهم ، ودعوتهم إلى الله ، ونصيحتهم لعلَّ الله يهديهما بأسبابك.  
 
13- ما هو حكم القرآن والسنة في الرجل يصافح النساء من أقاربه ويضع على يده قطعة من قماش تحجب اليد عن أيدي النساء، أو المرأة كذلك تضع حاجباً على يدها عند المصافحة، وهل في حديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - شيء من هذا؟ نرجو الإيضاح؟
الواجب على المؤمن والمؤمنة ترك ذلك ، والمصافحة لا تجوز مع غير المحارم ، أما أن يصافح أخته أو عمته أو خالته أو زوجته فلا بأس ، أما أن يصافح بنات عمه أو بنات خاله أو بنات خالته أو جيرانه أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز ، ولو وضع خرقة ولو وضعت خرقة ، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (إني لا أصافح النساء). لما بايعهن ومدت إليه امرأة يدها قال: (إني لا أصافح النساء) . وهو الأسوة - عليه الصلاة والسلام- وقال الله - عز وجل-: لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ [(21) سورة الأحزاب]. قالت عائشة - رضي الله عنها -: والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط - يعني في البيعة - ما كان يبايعهن إلا بالكلام - عليه الصلاة والسلام-. ولأن المصافحة للنساء وسيلة إلى الفتنة كما أن النظر إليهن وسيلة إلى الفتنة فهكذا مصافحتهن وسيلة إلى الفتنة ولهذا حرمها الله سداً لباب الفتنة. 
 
14- عندما تقام الصلاة ويكبر الإمام تكبيرة الإحرام يصمت الإمام برهة ويردد المصلون بعض الكلام في هذه البرهة ، ماذا يقولون وما حكم ذلك؟
سنة إذا كبر الإمام في الصلاة وهكذا المنفرد وهكذا المأموم أن يسكتوا قليلاً ليأتوا بدعاء الاستفتاح كلهم الإمام والمأموم والمنفرد الاستفتاح سنة في الصلاة الفريضة والنافلة كان النبي يفعل ذلك عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه عدة استفتاحات كان يفعل هذا تارة وهذا تارة وهذا تارة، عليه الصلاة والسلام، وأخصرها وأسهلها على العامة سبحانك اللهم وبحمدك وتبارك اسمك وتعالى جدك ولا إله غيرك، هذا يقال بعد التكبيرة الأولى، وقبل أن يقرأ وقبل أن يتعوذ وقبل أن يسمي في جميع الصلوات، وجاءت أنواع أخرى ثاتبة عنه عليه الصلاة والسلام منها اللهم باعد بيني وبين خطاياي كما باعدت المشرق والمغرب، اللهم نقني من خطاياي كما ينقى الثوب الأبيض من الدنس، اللهم اغسلني من خطاياي بالثلج والماء والبرد، ومنها: اللهم رب جبرائيل وميكائيل وإسرافيل فاطر السموات والأرض عالم الغيب والشهادة أنت تحكم بين عبادك فيما كانوا فيه يختلفون، اهدني لما اختلف من الحق بإذنه إنك تهدي من تشاء إلى صراط مستقيم، وهناك استفتاحات أخرى أطول من هذه، فإذا استفتح الإنسان بشيء منها فكله حسن،

460 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply