حلقة 464: حديث من صلَّى أربعين وقتاً لا تفوته تكبيرة الإحرام - فضل صيام يوم عرفة - حكم من تجاوز الميقات وهو يريد العمرة - حكم الزواج بدون رضى المرأة - تفسير قوله إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ...

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

14 / 50 محاضرة

حلقة 464: حديث من صلَّى أربعين وقتاً لا تفوته تكبيرة الإحرام - فضل صيام يوم عرفة - حكم من تجاوز الميقات وهو يريد العمرة - حكم الزواج بدون رضى المرأة - تفسير قوله إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ ...

1- هل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من صلَّى أربعين وقتاً لا تفوته تكبيرة الإحرام كتبت له براءة من النار وبراءة من النفاق في أي مسجد)؟ والسؤال الثاني شبيه به شيخ عبد العزيز، يقول: هل ورد عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال:(من صلى أربعين وقتاً في مسجد رسول الله كتبت له براءة من النار، وبراءة من النفاق) نرجو التكرم بالإجابة على هذين السؤالين، جزاكم الله خيراً؟
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فهذان الحديثان اللذان ذكرهما السائل نعم وردا ولكنهما ضعيفان لا يصحان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ، بل ذكر أهل العلم فيهما أنهما مضطربان لا يصحان عن النبي - عليه الصلاة والسلام - فلا يعول على ما فيهما.  
 
2- ما هي فضيلة من صام يوم عرفة؟
من صام يوم عرفة له أجر عظيم ، ثبت عن رسول الله - عليه الصلاة والسلام - أن الله يكفر بصوم يوم عرفة السنة التي قبلها والسنة التي بعدها ، يعني بشرط اجتناب الكبائر كما بينه الأحاديث الأخرى.  
 
3- توجهت بحمد الله من الكويت إلى جدة لأداء العمرة وذلك عن طريق المدينة بالطائرة، وعندما أقلعت الطائرة من المدينة متجهة إلى جدة، أعلن قائد الطائرة بأن الذين يريدون أداء العمرة عليهم البدء بلبس لباس الإحرام، وفعلاً توجهت إلى الحمام لتغيير ملابسي  واستغرقت ما يقارب ثلث ساعة تقريباً، وبعد أن خرجت سألت أحد المضيفين هل وصلنا إلى الميقات؟ فأجاب بأننا قد تجاوزنا الميقات منذ فترة، ومعنى هذا بأنني قد تجاوزت الميقات وأنا أحاول أن أتمكن جيداً من لبس الإحرام، وللعلم فإني قد نسيت أن أنزع طاقية الرأس حتى قبل خروجي بقليل من الحمام، وكذلك فإني قد نسيت أن أقول: لبيك عمرة بعد خروجي مباشرة، ولكني قلتها بعد فترة، مع العلم بوجود نية الدخول في النسك لدي، وقد أتممت باقي أركان العمرة بعد ذلك فهل علي شيء في النواقص التي ذكرت، أفتوني جزاكم الله خيراً؟
إذا كانت لم تنو العمرة إلا بعدما جاوزت الميقات فعليك دم ذبيحة واحدة تذبح في مكة للفقراء ؛ لأن الواجب هو الإحرام من ميقات المدينة ، وقد تأخرت كثيراً كما ذكرت عمن أخبرك، وأنك تجاوزت الميقات ، فالواجب عليك أن تذبح رأساً من الغنم إما جذع ضأن أو ثني من المعز كالضحية ونحوها في مكة للفقراء لما أخللت به من الميقات ، أما الطاقية فإذا كنت أزلتها لما خرجت قبل أن تنوي الدخول في العمرة فلا شيء عليك ، أو تركتها ناسياً فلا شي عليك، أما إن تعمدت بقائها في رأسك بعد الإحرام وأنت تعلم أن هذا محرم عليك وذاكراً لذلك فعليك فدية ، وهي إطعام ستة مساكين ، أو صيام ثلاثة أيام ، أو ذبح شاة ، أحد الثلاثة ، إما هذا ، وإما هذا ، وإما هذا ، إذا كنت تعمدت بقائها بعد الإحرام ، أما إن كانت بقيت عليك نسياناً أو جهلاً فلا شيء عليك. المقدم: شيخ عبد العزيز الفدية الأولى التي تفضلتم بذكرها هل هي لتجاوزه الميقات أو لأنه لم ينو لأنه متأخرا؟ الشيخ: لتجاوزه الميقات قبل أن ينوي الدخول في النسك في العمرة، أما لفظ التلبية ولو تأخر ، لكن المقصود النية نية الدخول في النسك إذا كان بعدما جاوز الميقات بمسافة فإنه عليه الفدية ، أما إذا كانت في حدود الميقات فلا بأس فلا شيء عليه. المقدم: إذاً نية الدخول في النسك غير نية السفر للإتيان بالعمرة؟ الشيخ: نية الدخول هي الإحرام.  
 
4- من المعروف أن العقد شريعة المتعاقدين، وهذا أمر مسلم به ولا جدال فيه، وأن من شروط صحة العقد أيَّ كان هو الرضا من الطرفين المتعاقدين والشهود العيان ، ومحل نشأة العقد، لكن ماذا عن عقد الزواج الذي يتم عن طريق المأذون الشرعي أو القاضي بحضور طرف واحد من أطراف العقد، في حين أن هذا الطرف هو الزوج، والطرف الآخر هو ولي الزوجة، حيث أنه يتم عادة الزواج بهذه الكيفية للعقد دون حضور الزوجة الطرف الثاني الأصلي وصاحبة الشأن، بالرغم من أن الزوجة لم يؤخذ رأيها وقت تقديم الزوج لطلب يدها، وهذه عادة يسير عليها أهالي مدينة كذا -يذكرها شيخ عبد العزيز - بعدم أخذ رأي الفتاة أو التي ترغب في الزواج عندما يتقدم لها أحد حتى ولو فرض أن هذا المتقدم قريب لها، ويستمر على هذا الأسلوب -شيخ عبد العزيز - ليخلص أن المخطوبة لا يؤخذ رأيها، وعند كتابة العقد لا تكون حاضرة، ويسأل عن الحكم؟
العقود أنواع : فعقد النكاح له شأن، وعقد البيع والإجارة أو نحوهما له شأن آخر، فعقد البيع يستحب فيه الإشهاد؛ لأن الله قال: وَأَشْهِدُوْاْ إِذَا تَبَايَعْتُمْ [(282) سورة البقرة]. فإذا تبايعا وأشهدا شاهدين فهذا هو الأفضل ، وهذا هو السنة ، وأن كان ديناً شرع مع ذلك الكتابة أن يكتبا العقد بينهما ؛ كما قال الله - جل وعلا -: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [(282) سورة البقرة]. فالسنة الكتابة مع الإشهاد ، أما إذا كانت تجارة حاضرة كفى الإشهاد ، فإن تبايعا من دون إشهاد صح البيع ، وفاتتهم السنة ؛ لأنه ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما يدل على صحة البيع ولو من دون إشهاد ، وإنما هو مستحب ، أما عقد النكاح فله شأن آخر ، فلا بد من رضا المرأة إذا كانت ثيباً قد تزوجت أو بكراً على الصحيح من أقوال العلماء ، ولا بد مع هذا من الشاهدين يحضران العقد بحضرة الزوج والولي ، أما المرأة فلا يشترط حضورها ولا لازم لحضورها ، مادامت راضية بالعقد ، فلا يحتاج إلى حضورها ، وإنما المطلوب أربعة : الزوج والولي والشاهدان ، هؤلاء هم الذين يحضرون العقد ، أربعة : الزوج والولي والشاهدان ، فإذا حضر الشاهدان كفى؛ لقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا نكاح إلا بولي وشاهدي عدل). فالمقصود أنه يزوج المأذون الزوج من جهة الولي بحضرة الشاهدين ، فيقول الولي: زوجتك ابنتي أو أختي أو ابنة أخي على حسب حال المنكوح، ويقول الزوج : قبلت هذا الزواج ، والشاهدان يسمعان ، هذا إذا كانت راضية ، الزوجة والشاهدين يشهدان برضاها، أو المأذون قد حضرت عنده، وعرف رضاها، أو أبوها أخبر بذلك، وهو ممن يثق به ويطمأنوا إليه كفى ذلك. أما ما يتعلق بالبكر ففيها خلاف كما تقدم ، لكن الصحيح أنه لا بد من رضاها ، وليس لأبيها أن يزوجها من غير رضاها ؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (والبكر يستأذنها أبوها وإذنها صماتها). ولقوله - صلى الله عليه وسلم -: (لا تنكح الأيم حتى تستأمر ولا تنكح البكر حتى تستأذن ، قالوا: يا رسول الله كيف إذنها؟ قال: أن تسكت). فلا بد من إذنهما جميعاً الثيب والبكر ، ولو كان الولي هو الأب على الصحيح من قولي العلماء ، وقال بعض أهل العلم إن لأبيها خاصة أن يزوجها بغير إذنها ؛ لأنه أعلم بمصالحها ، لما جاء في بعض الروايات قال - صلى الله عليه وسلم -: (واليتيمة تستأمر). قالوا مفهومه أن غير اليتيم لا تستأمر ، والصواب أن هذا لا مفهوم له ، وطلب الاستئذان لليتيمة وغير اليتيمة ، ولكن نص النبي على اليتيمة لشدة الحاجة إلى استئذانها ، وإلا فالجميع يستأذن جميع النساء يستأذن ، البكر والثيب واليتيمة وغير اليتيمة ، كل النساء....، هذا هو الصواب، وإذا زوجها أبوها بغير إذنها وهي بكر وأجازه الحاكم الشرعي مضى ؛ لأن الحاكم حكمه يرفع الخلاف ، فإذا أجازه بعض الحكام من القضاة أخذاً بقول من قال إن البكر لا يستأذنها أبوها وأنه أعلم بمصالحها فهذا قول معروف لأهل العلم ، وإذا أجازه الحاكم وأمضاه الحاكم ارتفع الخلاف، ولكن لا يجوز لأبيها أن يتساهل في هذا ، ولا أن يتعلق ببعض الخلاف في ذلك؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - قد حكم في الموضوع ، وهو المشرع - عليه الصلاة والسلام - وهو الذي يجب على الأمة أن تأخذ بقوله وتستقيم على شرعه - عليه الصلاة والسلام - ؛ ولأن الأب لا يؤمن ، فقد يتساهل في هذا ، إما لكونه ابن أخيه ، أو لأنه أعطاه مالاً كثيراً ، أو لغير هذا من الأسباب ، فلا يبالي بالبنت ولا يرحمها ولا يعطف عليها ، ولا يبالي برضاها وعدمه ، فلهذا جاء الشرع بالاستئذان مطلقاً ، ولو كان أباها ، ولو كانت بكر ، لابد من الاستئذان على الصحيح دفعا للمضرة على الناس ، وحرصاً على سلامة مطلوبها ؛ ولأن الزوج له شأن عظيم، فلابد من رضاها به. المقدم: بارك الله فيكم ، تتفضلون بإعادة صيغة العقد حتى تبتعد الشبهة عن أخينا؟ الشيخ: نعم ، العقد يحضره أربعة: الولي وهو أبوها إن كان موجوداً أو وكيله إن كان غائباً ، فإن كان مفقوداً فابنها إن كان لها ابن كبير ، مرشد، فإن كانت ليس له ابناً ولا أباً أخوها الشقيق ثم أخوها لأب ثم أقرب العصبة هكذا يتولى العقد أقربهم وأولاهم الأب إن كان موجوداً ، ثم الجد إن كان موجوداً بعد الأب بأنفسهما أو بوكيلهما ، فإن عدم الأب والجد مطلقاً صارت للابن ، ثم ابن الابن ، فإن لم يوجد ابن ولا ابن ابن، لأنها بنت صغيرة ما لها أولاد زوجها أخوها الشقيق إذا كان أخ شقيق ، فإن عدم فأخوها لأب، فإن عدما فابن أخيها الشقيق ، فإن عدم فابن أخيها لأب ، وهكذا ، الأقرب فالأقرب. وليس لهم جبرها على أحد ، بل لابد من رضاها إلا إذا كانت صغيرة دون التسع فلأبيها أن ينظر في مصلحتها خاصة للأب خاصة أن ينظر في مصلحتها إذا كانت دون التسع ، ولا تحتاج إلى إذن في هذه الحالة ؛ لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوج عائشة من أبيها بغير إذنها ؛ لأنها كانت صغيرة دون التسع تزوجها وهي بنت سبع أو ست سنين - رضي الله عنها -. أما إذا بلغت تسعاً فإنها لا تتزوج إلا بإذنها من أبيها وغير أبيها ، ويحضرها أربعة كما تقدم : الولي مطلقاً ، والزوج ، الشاهدان ، هؤلاء الأربعة يحضرون النكاح ، الولي سواءٌ كان أباً أو غيره ، الزوج ، الشاهدان ، أما المرأة لا يشترط حضورها. المقدم: وهل تشترط الوكالة بالنسبة للمرآة؟ الشيخ: لا ما يحتاج وكالة ، متى شهد الشاهدان برضاها كفى. بارك الله فيكم ، إذاً المهم في الموضوع أن يؤخذ رأيها وهذا ما يركز عليه أخونا في رسالته؟ لا بد من هذا، ولو كانت بكراً على الصحيح إلا أن تكون دون التسع فلأبيها خاصة أن ينظر في مصلحتها، ويزوجها بمن يراه أهلاً لذلك ، لوجه المصلحة لا للطمع ، بل لمصلحة البنت نفسها.  
 
5- يسأل عن تفسير قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً  فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيرًا [النساء:97]؟
هذه الآية ذكر علماء التفسير أنها نزلت فيمن جلس بين أظهر المشركين، ولم يهاجر من دون عذر، فإنه قد ارتكب إثماً عظيماً بإجماع المسلمين ، كما ذكر ذلك الحافظ ابن كثير - رحمه الله - وغيره ، فالملائكة تقول لهم: أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا [(97) سورة النساء]. يعني لماذا لم تهاجروا تتركوا بلاد الشرك ، وهذه البلاد التي لا يظهر فيها الإنسان دينه ، ولا يستطيع أن يظهر دينه ، فهذا لا يجوز له الإقامة بينهم ، بل يجب عليه أن يهاجر إلا إذا كان عاجزاً لكونه لا يهتدي السبيل وليس عنده نفقة لمن يدله على الطريق، فهذا معذور، لقوله سبحانه: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً لا يستطيعون حيلة لعدم النفقة ، ولا يهتدون السبيل لعدم دلالة الطريق لو خرجوا : فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا فهؤلاء هم الذين جلسوا في بلاد الشرك، ولم يهاجروا مع القدرة ، فالله توعدهم بجهنم - نسأل الله العافية -.  
 
6- حكم عليه بالقصاص قتلاً هل يصلى عليه أو لا ؟
نعم ، يصلى عليه إذا كان مسلماً يصلى عليه ، ولو أنه فعل هذه الجريمة ، والقصاص كفارة ، وهكذا من زنا وهو محصن ، أو زانت وهي محصنة ، فقتل بعد الرجم يصلى عليه ، سواءٌ ثبت ذلك عليه بالشهود أو بالإقرار، والنبي - صلى الله عليه وسلم - صلَّى على ماعز ، الذي زنى وهو محصن فأمر النبي برجمه ثم صلى عليه ، وصلَّى على الغامدية - عليه الصلاة والسلام - التي زنت وهي محصنة فأمر برجمها وصلَّى عليها - عليه الصلاة والسلام- ؛ لأن إقرارهم وتوبتهم له شأن عظيم ، التوبة يمحو الله بها الذنوب ، ثم الحد زيادة ، من أسباب الكفارة أيضاً. فالحاصل أن من قتل بحق وهو مسلم يصلى عليه ، فالقصاص حق ، وإقامة الحدود حق ، ويصلى عليهم ، وهكذا لو قتل إنسان ظلماً من باب أولى أن يصلى عليه. المقدم: بارك الله فيكم ، سماحة الشيخ ذكرتم أن القصاص كفارة هل هو كفارة في الدنيا والآخرة؟ الشيخ: نعم ، لكن يبقى حق القتيل ، هذا لحق الله ولحق الورثة ، أما حق القتيل فيبقى ، وإذا كان القاتل تاب توبة صادقة فالله - سبحانه - يرضي عن القتيل بما يشاء - سبحانه وتعالى-. المقدم: أما بقية المعاصي الأخرى فهي كفارة في الدنيا والآخرة؟ الشيخ: مثلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: من أدركه الله ..... كان كفارة له ، ومن مات على ذلك مستوراً فأمره إلى الله إن شاء عفا عنه وإن شاء عاقبه - سبحانه -. المقدم: هذا يقع على كل المعاصي؟ الشيخ: نعم في كل المعاصي التي أدرك حدها في الدنيا أو تاب منها في الدنيا تغفر له ، أما من مات عليها لم يحد ولم يتب فهذا أمره إلى الله ؛ لقوله سبحانه وتعالى: إِنَّ اللّهَ لاَ يَغْفِرُ أَن يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَن يَشَاء [(48) سورة النساء]. المقدم: بارك الله فيكم ، الواقع هذه بشرى إلى أصحاب المعاصي الذين أدركتهم إقامة الحدود في الدنيا إذا علموا أن هذا كفارة لذنوبهم لعل الله - سبحانه وتعالى - أن يهديهم بعد هذا ولا يقترفوا المعاصي مرة أخرى؟ الشيخ: نعم مثلما قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بايع الناس أن لا يسرقوا ولا يزنوا ولا يقتلوا قال بعد هذا : (فمن أدركه الله في الدنيا – يعني بالحد ونحوه – كان كفارة له ، ومن لم يقم عليه الحد في الدنيا - يعني من لم يدرك في الدنيا - فأمره إلى الله - سبحانه وتعالى-. إن شاء غفر له وإن شاء عاقبه - سبحانه وتعالى -.  
 
7- هل يلزم الأطفال بلبس الإحرام عند العمرة والحج ؟
نعم ، الأطفال مثل الكبار إذا نوى عنهم وليهم والمسئول عنهم في السفر كأبيهم أو أمهم أو أخيهم المسئول عنهم في السفر الذي حج بهم إذا تولى عنهم الإحرام بأن كانوا دون السبع ، تولى عنهم الإحرام ، أو فوق السبع ، وأمروا بالإحرام يعلمون ، فالذي فوق السبع يعلم يقال له إن كان ذكر : اخلع الملابس المخيطة والبس إزاراً ورداءً واكشف رأسك ، وإن كان صغيراً دون السبع كشف رأسه، وألبس قطعة من ....، وجرد من القميص والفلينة مثلاً والسراويل ، ولف في اللفافة وربطت عليه حتى يكمل عمرته أو حجه ، وهكذا الكبير الذي فوق السبع يعلمه وليه ، ويقول له سوي كذا وسوي كذا ، أما الأنثى فإحرامها في وجهها ، ما عليها ، تلبس ما شاءت من الملابس ، تحرم في ملابسها العادية، وإذا أحرمت بملابس غير لافتة للنظر ، يعني غير جميلة يكون ذلك أولى وأفضل حتى لا تلفت النظر ، وحتى لا تفتن أحداً ؛ لأنها تخالط الناس ، وقد يجدون منها شيء من هذه الملابس التي قد تفتن الناس، وهكذا الصغيرة تلبس ملابس مناسبة للمقام ليس فيها زينة كثيرة ، بل ملابس عادية ، وتكشف وجهها ؛ لأنها صغيرة ، فإذا كانت مما يغطى وجهه كالمراهقة والكبيرة يغطى وجهها بما معهم من خمار من دون نقاب، النقاب تمنع من النقاب وما .... للوجه من الملابس التي تصنع للوجه ، ويكون فيها نقب للعين أو العينين ، وبعضهم يلفها على الوجه ويجعلها غطاءً للوجه على قدره يغطي الأنف والفم والجبهة وتبقى العينان هذا كله تمنع منه وتغطي وجهها بالخمار ونحوه ؛ كما قالت عائشة - رضي الله عنها - : كنا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - في الحج ، وكنا إذا دنا من الرجال سدلت إحدانا خمارها على وجهها ، فإذا بعدوا عنها كشفنا.  
 
8- إن أهلها يمانعونها عن الحجاب، وتسأل لو تكرمتم شيخ عبد العزيز كيف تتصرف؟
الواجب عليها طاعة الله ورسوله، ولا يجوز لها طاعة أهلها فيما حرم الله؛ لأن الرسول - عليه الصلاة والسلام - قال: (إنما الطاعة في المعروف) . وقال عليه الصلاة والسلام: (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) . والله يقول - سبحانه - في كتابه العظيم في شأن النساء: وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ [(53) سورة الأحزاب]. الحجاب طهارة لقلوب الجميع للذكور والإناث ، ومن أسباب السلامة من الفتنة. ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ [(59) سورة الأحزاب]. والجلباب ما يلبس فوق الملابس العادية ويغطى به الوجه والرأس. ويقول سبحانه: وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ [(31) سورة النــور]. الآية.. والوجه والشعر من الزينة، بل هو أعظم الزينة ، وهكذا الصدر ، وهكذا اليد والقدم ، ونحو ذلك ، فالمؤمنة تستر نفسها عن الرجال الأجانب ، ولو قال لها أهلها : اكشفي ، ولو قال لها زوجها : اكشفي ، لا تكشف لإخوانه ولا لأقاربه ، ولو قال : أبوها ذلك، أو عمها أو زوجها أو بنتها، أو غير ذلك ، طاعة الله مقدمة ، قالت عائشة - رضي الله عنها - فيما ثبت في الصحيحين عنها - رضي الله عنها - قالت لما قال أهل الإفك ما قالوا في غزوة الإفك، قالت: لما تأخرت في حاجتها وارتحل القوم وجاءت إلى المكان فلم تجدهم فاضطجعت تنتظر فإذا بصوت صفوان بن معطل لما رأى السواد قال: إنا لله وإنا إليه راجعون، فسمعت الصوت، قالت: فلما سمعت صوته خمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب فعرفني، فقولها: فخمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب يبين أن الحجاب الذي شرعه الله لهن ونزل به القرآن من جملته تخمير الوجه، ولأن الوجه مجمل الزينة تعرف به المرأة جمالاً ودمامة ما تعرف لا بيدها ولا بقدمها يعرف حسنها وجمالها أو ضده بالوجه، والباقي تبع.

744 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply