حلقة 467: تخاصم اثنان - حكم الصلاة خلف من يعتقد في أصحاب القبور النفع والضر - حكم الصلاة خلف مستور الحال - الواجب العدل بين الأولاد - هل يجوز صرف الزكاة في تعمير المساجد؟ - الحج عن الأحياء

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

17 / 50 محاضرة

حلقة 467: تخاصم اثنان - حكم الصلاة خلف من يعتقد في أصحاب القبور النفع والضر - حكم الصلاة خلف مستور الحال - الواجب العدل بين الأولاد - هل يجوز صرف الزكاة في تعمير المساجد؟ - الحج عن الأحياء

1- في يوم من الأيام حدث سوء تفاهم بيني وبين قريبة لي مما جعل هذه القريبة تخاصمني، وهذه هي السنة الثالثة من تخاصمنا، وإنني لم أخطئ ولا أريد أن أخاصمها، هي التي بدأت، وهي التي خاصمتني، والله خير شاهد على ما أقول، فأنا فتاة متدينة ومتحجبة وأعرف أصول ديني  الإسلامي، وهذا من فضل الله تعالى، كذلك تدخلت أمها بيننا وأخذت تنازعني وخاصمتني هي أيضاً، ذهبت إليها وسلمت عليها في عيد رمضان ولم تكلمني، توفي زوجها وذهبت إليها لأعزيها ولم تكلمني، ذهبت إليها عندما خرجت من العدة وسلمت عليها أيضاً ولم تكلمني، حتى السلام لا تسلم علي إذا شاهدتني في الشارع، لكنني أنا عندما أشاهدها أسلم عليها؛ ذلك لأن السلام لوجه الله تعالى، وأنا خائفة من الله ورسوله عليه السلام؛ لأنني قرأت وعرفت أن المؤمن لا يخاصم أخاه المؤمن لثلاثة أيام، وأن أعمالنا لا ترتفع إلى الله سبحانه وتعالى إلى أن نتصالح، وأنا يا سماحة الشيخ! أريد هذا الصلح لأفوز برضا الخالق ّعلي ورضا رسوله صلى الله عليه وسلم، فهل أنا مخطئة؟ أفيدوني جزاكم الله ثواب الدنيا والآخرة.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كان الواقع هو ما ذكرت فإن الإثم عليها، أما أنتِ فليس عليك إثم لأنك قد أديت ما عليك، وقد حرصت على رضاها وإزالة الهجر، فلم تفعل هي، فالإثم عليها وليس عليك شيء، وقد أديت ما عليك من طلب المسامحة والمصايحة، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (لا يحل للمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث يلتقيان فيعرض ويعرض هذا، وخيرهما الذي يبدأ بالسلام)، وجاء في بعض الأحاديث أن الرجل إذا بدأ أخاه وسلم عليه فلم يرد فالإثم على من ترك الرد، والذي بدأ بالسلام قد سلم من التبعة؛ لأنه أدى ما عليه من الحق، فأنت قد أديت ما عليك إذا كان الواقع هو ما ذكرتِ، والإثم عليها، والحمد لله الذي جعلك تجاهدين نفسك وتجتهدين في أداء الحق، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (تعرض الأعمال على الله -سبحانه- في كل اثنين وخميس فيغفر الله لكل مسلم لا يشرك بالله شيئاً، إلا رجلاً كانت بينه وبين أخيه شحناء، فيقول الله: دعوا هاذين حتى يصطلحا) وهكذا المرأة إذا كانت بينها وبين أختها شحناء مثل الرجل، الحكم واحد، فينبغي للمؤمن والمؤمنة الحرص على عدم الشحناء، والحرص على التحاب في الله، والتناصح والتعاون على الخير، حتى لا يجد الشيطان طريقاً إلى إبعاد كلٍ منهما على الآخر بأسباب طاعة الهوى والشيطان، والمؤمن دائماً يتحرى ما يرضي الله ويقرب لديه، وما يوافق شرعه في كل حال ولو خالف هواه، فإذا وقعت بينه وبين أخيه شحناء أو تهاجر فالواجب عليه أن يصر على الباطل، وأن يحرص على موافقة الشرع، فلا يزيد على ثلاثة أيام، فيما يتعلق بالشحناء التي بينه وبين أخيه في أمور الدنيا، من المخاصمات التي تقع بين الناس، وهكذا النساء فيما بينهن، أما إذا كان الهجر لحق الله من أجل إظهار المعاصي أو من أجل إظهار البدع فهذا ليس له حد في الأيام، وإنما حده التوبة، فمتى تاب المعلن من المعاصي والبدع ترك هجره، ومتى بقي على حاله فإنه يهجر، وقد هجر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاثة من الصحابة تخلفوا عن الغزو بغير عذر شرعي، بعدما استنفرهم النبي -صلى الله عليه وسلم-، فهجرهم وهجرهم المسلمون خمسون ليلة، حتى تاب الله عليهم، فأذن بكلامهم -عليه الصلاة والسلام-. فالمقصود أن الواجب على المؤمن أن لا يتبع هواه، وأن لا يحكم رأيه، بل يجعل رأيه وهواه تابعين لحكم الله ورسوله، والواجب على المؤمن والمؤمنة أن يخاف الله. قوله: (أخاف الله ورسوله) هذا فيه نظر، فالخوف لله -جل وعلا-: فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ[آل عمران: 175]، فالرسول -صلى الله عليه وسلم- يطاع ويتبع ولا يخاف بعد وفاته -عليه الصلاة والسلام-، وإنما يخاف الله -عز وجل- هو الذي بيده الحل والعقد، وبيده تدبير الأمور، وإليه الرغبة كما قال -جل وعلا-: فَإِذَا فَرَغْتَ فَانصَبْ * وَإِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ[الشرح: 7-8] وقال: وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ[البقرة: 40] والرهبة إليه والرغبة إليه -سبحانه وتعالى- هو الذي يخاف ويرجى ويرهب إليه، ويرهب منه، فيقول المؤمن: إني أخاف الله إني أخشى الله -سبحانه-، كما قال تعالى: وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ اللّهَ[التوبة: 81] فالمؤمن يخشى ربه، ويحاسب نفسه، ويطيع الله ورسوله، فيقول أطيع الله ورسوله، اتبع أمر الله ورسوله، ويقول: أخاف الله وأخشى الله؛ لأنه هو الذي بيده تصريف الأمور، وهو المانع المعطي، وهو النافع الضار، وهو الذي بيده النجاة والسعادة وضد ذلك. أما المخلوق فليس بيده شيء من ذلك، لكن إذا كان حياً فلا بأس أن يخاف الخوف الطبيعي، الخوف المعروف العادي، الذي يقتضي أداء الحق، والأخذ بالأسباب، فيخاف السلطان فلا يتعرض لأسباب عقوبة السلطان، يخاف أهل البيت فلا يتعرض لسرقة متاعهم وإيذائهم؛ لئلا يؤذوه ويضروه، أو يرفعوا أمره إلى السلطان، فيعاقب بالقطع في السرقة ونحو ذلك، هذا خوف عادي خوف طبيعي لا يضر الإنسان إذا لم يحمله على معصية الله -عز وجل-، وكما يخاف من السراق فيغلق بابه ويحفظ متاعه، ويخاف من قطاع الطريق فيحمل سلاحه، ويخاف من السباع فيحذر شرها، ويأخذ سلاحه، ويخاف مما يضره من بعض الأطعمة أو بعض الأشربة، فيتركها ونحو ذلك، فهذا خوف طبعي معروف، يقدر عليه المخلوق، فيخاف ...... ذلك، مع ثبات الخوف من الله في كل شيء واستقراره في القلب، ولكن يخاف من المخلوق الحي الحاضر على قدر ما لديه من العقوبات والخطر، كما يخاف الإنسان أيضاً من السباع كما تقدم، والحيات والعقارب فيتقي شرها بالطرق التي يتقى بها شرها، ولا حرج في ذلك. أما خوف السر فهذا يتعلق بالله وحده، الإنسان يخاف الله بسر قلبه، ويعلم أن الله هو الذي بيده التصريف الأمور، فيخافه -سبحانه- ويخشاه لأنه قادر على كل شيء، لأنه العالم بما في القلب، لأنه العالم بكل شيء، هذا هو الواجب، فمن شرك غير الله في هذا الخوف صار شركاً بالله، ومن اعتقد أن الأولياء يعرفون بما في القلب، أو النبي -صلى الله عليه وسلم- يعرف ما في قلبه وأنه يجب عليه بأن يخافه بعد وفاته، وأنه إذا ما خافه يضره هذا جهل وشرك، نسأل الله العافية.   
 
2- إنني من صعيد مصر، وأقيم في قرية صغيرة تكثر فيها المعتقدات الفاسدة في أصحاب القبور والأضرحة والمقامات، ويهتفون بأسمائهم عند الشدائد، ويلجأون إليهم عند الملمات، وينذرون لهم النذور، ويعتقدون فيهم النفع والضر، ويحلفون بأسمائهم، فهل تصح الصلاة خلف إمام مسجد يعتقد في تلك القبور ويعتقد النفع والضر في أصحابها، ويهتف بأسمائهم، وهو أيضاً يحلف بغير الله، وهل تصح صلاة الجمعة خلفه، ولو لم يوجد من يصلي خلفه غيره إلا من هو مثله، فهل صلاة الفرد تكون في هذه الحالة أفضل أم الصلاة خلفه؟ وهل يعذر أولئك القبوريون بجهلهم، أم لا يعذرون؟ فالجاهل منهم يحكم عليه بالإسلام أم يحكم عليه بالكفر؟ وهل يصلى على ميتهم ويدفن في مقابر المسلمين أم لا؟ أجيبوني عن هذه القضايا جزاكم الله خيراً.
هذا سؤال عظيم، وله شأن كبير؛ لأنه يتعلق بالكفر والإيمان والإسلام والشرك، فهؤلاء الذين ذكرت -أيها السائل- عقيدتهم وأعمالهم هؤلاء يعتبرون كفاراً مشركين وثنيين، مثل كفار قريش وأشباههم، لا يصلى عليهم، ولا يصلى خلفهم، لكونهم يستنجدون بأهل القبور، ويسألونهم قضاء الحاجات، وتفريج الكروب، هذا شرك أكبر، فليس لأحد أن يصلي خلفهم، أو يصلي عليهم إذا ماتوا، بل حكمهم حكم أهل الشرك، وإذا كان بعض الناس يعتقد فيهم يعتقدون في الأولياء النفع والضر صار شركاً آخر، كونه يدعوهم ويسألهم ويستغيث بهم هذا شرك أكبر، وكونه يعتقد فيهم النفع والضر والتصرف في العباد شرك آخر، زائد على شرك المشركين الأولين، فإن قريش وأشباههم في جاليتهم لا يعتقدون النفع والضر في الأموات، ولا في الأصنام، وإنما يعتقدون أنهم شفعاء عند الله، وأنهم يقربونهم من الله زلفى، فقط، كما قال الله -عز وجل-: وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللّهِ مَا لاَ يَضُرُّهُمْ وَلاَ يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلاء شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللّهِ[يونس: 18] فرد الله عليهم بقوله: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللّهَ بِمَا لاَ يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلاَ فِي الأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[يونس: 18] فسماهم مشركين بهذا، مع أنهم قالوا: هؤلاء شفعاؤنا عند الله، فدل ذلك على أنهم لم يعتقدوا فيهم النفع والضر، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء، وقال -سبحانه- في سورة الزمر: فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ * أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاء مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[الزمر: 2-3] فبين -سبحانه- أنهم ما عبدوهم لأنهم يضرون وينفعون، وإنما عبدوهم ليقربوهم إلى الله زلفى، قال -سبحانه-: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3] فعلم بذلك أن كفار قريش وغيرهم من كفار العرب في عهده -صلى الله عليه وسلم- لم يعتقدوا أن أصحاب القبور أو أن الأصنام أو الأشجار أو الأحجار أو الأنبياء والصالحين ينفعوهم أو يضرونهم، وإنما اعتقدوا أنهم وسطاء، ينفعونهم بالوساطة، ويقربونهم إلى الله زلفى، فلهذا عبدوهم وسألوهم واستغاثوا بهم، وذبحوا لهم، فهؤلاء كفارٌ ماداموا على هذه الحال وليس لك أن تصلي خلف أحدٍ منهم، ولو صليت وحدك، فالجمعة تصلي ظهراً وحدك إلا أن تجد من الموحدين من يصلي معك جمعة في مسجد إن تيسر في المسجد، أو في بيت أحدكم إذا لم يتيسر المسجد، أما أن تصلي خلف هؤلاء فلا، لأن هؤلاء شركهم ظاهر وكفرهم ظاهر، نسأل الله العافية. والواجب على الدعاة إلى الله أن يدعوهم إلى الله، وأن يوضحوا لهم الحق، وأن يرشدوهم، والواجب عليهم أن يتعلموا ويسألوا ويستفيدوا، وأن لا يصروا على باطلهم، والواجب على من كان في هذه المثابة، أن يسأل أهل العلم في بلاده، أو في غير بلادهم بالمكاتبة أو بالهاتف: التلفون، أو بغير ذلك من الوسائل، يسأل، الله يقول: فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ[النحل: 43]، فالحريص على دينه يسأل ولو بالسفر، ولو بأن يرتحل من مكان إلى مكان، كما فعل السلف الصالح يرتحلون من بلد إلى بلد لطلب العلم، وهذه المسألة أعظم مسألة، مسألة التوحيد والكفر هي أعظم مسألة وأكبر مسألة، فالواجب على كل مكلف أن يسعى في خلاصه ونجاته، وأن يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، وأن لا يرضى بالعوائد التي درج عليه أسلافه، كما قال الله عن الكفرة: إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُونَ[الزخرف: 23] ما يصلح هذا ما يصلح، بل يجب التعلم والتبصر والتفقه في الدين والسؤال عما أشكل، حتى تعبد ربك على بصيرة: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[يوسف: 108]، فنسأل الله لك أيها السائل ولمن ذكرت عنهم هذه الأعمال نسأل الله للجميع الهداية، والتوفيق للعلم النافع والعمل الصالح، إنه -سبحانه- جواد كريم.  
 
3- هل تصح الصلاة خلف مستور الحال في المجتمع الذي أعيش فيه أم لا؟
نعم، إذا كان مستور الحال ولا تعرف عنه شيء من الشرك، وهو مسلم يتظاهر بالإسلام تصح الصلاة خلفه والحمد لله، حتى تعلم ما يوجب منع ذلك من ظهور الكفر والشرك، أما مادام مستوراً مع المسلمين لا يظهر منه ما يوجب ردته، فإنك تصلي خلفه والحمد لله.   
4- أسأل عن قضية لي وهي أن لي ثلاثة أبناء، منهم اثنان لهما مسكنان، أم الثالث وهو الأصغر عنده قطعة أرض غير مبنية، فالأول قمت ببناء منزله على نفقتي لأنه عاجز وبه مرض الصرعة -عافاكم الله- ولا يستطيع عمله بنفسه، أم الأوسط فقد بنى منزله بقرض من أحد المصارف، وأما وأما الأصغر فلم يتمكن من البناء في الوقت الحالي، ولي منزل باسمي كبير قررت أن أتنازل عنه لبناتي الأربع ووالدتهن، علماً بأنهن جميعاً متزوجات، ولكن قد يحتجن يوماً للمنزل، فهل يحق لابني الصغير نصيب في المنزل هذا، دلوني حتى ألاقي وجه ربي نظيفاً؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك أن تعدل بين أولادك ذكورهم وإناثهم، وليس لك أن تخصص البنات بشيء، سواءٌ كن متزوجات أو غير متزوجات، لا بالبيت ولا بغيره؛ لقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم) فعليك أن تعدل بينهم ذكروهم وإناثهم، إلا أن يسمح بعضهم، فالذي يسمح يسقط حقه، إذا سمح بعضهم سقط حقه، وإذا سمح الأولاد الثلاثة بالبيت للبنات سقط حقهم والحمد لله، أما أن تخص أحداً بشيء فليس لك أن تخصه بشيء، لقوله -عليه الصلاة والسلام-: (اتقوا الله واعدلوا بين أولادكم)، فهم في الذمة، وهم في الحق سواء، فعليك أن تعدل بينهم، أو تترك إعطائهم، أما أن تعطي البنات وتدع الذكور، أو تزيد هذا على هذا فليس لك ذلك، بل عليك أن تسوي بينهم كالميراث (لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الأُنثَيَيْنِ)، هذا هو الواجب عليك، إلا إذا سمح المكلف منهم والرشيد سمح عن حقه فلا بأس بذلك.  
 
5- هل الزكاة تجوز في بناء وتعمير المساجد أم لا؟
لا يجوز تعمير المساجد من الزكاة عند جمهور أهل العلم، بل هو كالإجماع من أهل العلم، وإنما أجاز هذا بعض المتأخرين، وليس عليه دليل، بل عليه الصواب أن الزكاة تصرف في مصارفها الثمانية، وليس من ذلك تعمير المساجد ولا المدارس ولا غيرها، بل الزكاة تصرف للجهات الثمانية المذكورة في قوله -جل وعلا-: إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاء وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللّهِ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ[التوبة: 60] قال جمهور أهل العلم: معنى قوله في سبيل الله يعني الجهاد. وبعض المتأخرين قال: في سبيل الله، يعم الجهاد والمساجد والمدارس والربط وأشباه ذلك من المشاريع الخيرية، كالقناطر وإصلاح الطرق ونحو ذلك، ولكن الذي عليه أكثر أهل العلم وهو الأرجح أن في سبيل الله يخص الجهاد والدعوة إلى الله -سبحانه- لأنها من الجهاد، أما المساجد والمدارس والقناطر والربط ونحو ذلك هذه تعمر من بيت المال، ومن مساعدة المسلمين ومساهمات المسلمين؛ لأنها مصالح عامة.   
 
6-  أريد أن أسأل أيضاً عن عمل ختمات للقرآن على نفسي وأنا على قيد الحياة؟
هذا سؤال مجمل: فإن كان قصد السائل أن يقرأ القرآن عدة ختمات ليحرص على حصول الثواب قبل أن يموت فهذا طيب، ينبغي أن يكثر من القرآن وأن يختمه مرات كثيرة في كل وقت حسب الطاقة، ولكن الأفضل أن تكون القراءة في سبع، كل ختمة في سبعة أيام، فإن نزل إلى ثلاثة أيام وقرأ في كل يوم وليلة عشرة أجزاء فلا بأس؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أوصى عبد الله بن عمرو أن لا يختم القرآن في أقل من ثلاث، وفي رواية أخرى أوصاه أن لا يختم بأقل من سبع، فالأفضل سبع، وكان الصحابة هكذا -رضي الله عنهم- يختمون في كل سبع، يحزبون القرآن في سبعة أيام، فإذا فعل ذلك واجتهد في ذلك فهذا خير عظيم. أما إن أراد السائل أنه يجعل من يقرأ له القرآن ويثوبه له هذا ليس بمشروع، وليس عليه دليل، هذا ليس عليه دليل، وإذا أراد غير ذلك فليسأل سؤالاً آخر ويوضح مراده.   
 
7-  شخص يريد أن يحج عن والدته وهي حية؟
هذا ينظر في شأنها: فإن كانت عاجزة لكبر السن أو لمرض لا يرجى برئه فإنه يحج عنها، وهو مأجور لما ثبت في الصحيحين أن امرأة من خثعم قالت: (يا رسول الله إن أبي أدركته فريضة الله في الحج وهو شيخ كبير لا يثبت على الراحلة أفاحج عنه، قال: حجي عنه، وهكذا سأله رجل قال: يا رسول الله، إن أبي شيخ كبير لا يستطيع الحج ولا الضعن أفأحج عنه قال: حجي عن أبيك واعتمري، فإذا كان الأب أو الأم عاجزين ضعيفين لكبر سنهما، أو لمرض أصابهما لا يرجى برؤه، شرع أن يحج عنهما ولدهما أو غيره من أقاربه، وهكذا إذا كان الأب ميتاً أو الأم ميتة يحج عنهما. سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين.... 

818 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply