حلقة 507: من أخر الزواج هل يأثم ؟ - هل دفع المرأة الزكاة لابنها يسقط عنها الزكاة؟ - ترك صلاة الصبح أحيانا - نصحها الطبيب بعدم الحج وهي تشعر بالقدرة على الحج - حكم من به مرض لا يقدر على الصوم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 50 محاضرة

حلقة 507: من أخر الزواج هل يأثم ؟ - هل دفع المرأة الزكاة لابنها يسقط عنها الزكاة؟ - ترك صلاة الصبح أحيانا - نصحها الطبيب بعدم الحج وهي تشعر بالقدرة على الحج - حكم من به مرض لا يقدر على الصوم

1- هل أحاسب لأنني لم أتزوج طيلة هذه السنين؟

بسم الله الرحمن الرحيم . الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فلا ريب أن الله سبحانه وتعالى شرع للنساء والرجال الزواج وأمر به في كتابه العظيم حيث قال سبحانه: وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (النور:32) وقال النبي الكريم عليه الصلاة والسلام: (يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج ومن لمن يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء). فأنت أيتها الأخت في الله تستطيعين الزواج وقد خطبك من ترضينه فأنت على خطأ من الإثم؛ لأن الزواج فيه مصالح كثيرة منها: أن ذلك من أسباب عفة الفرج ومن أسباب غض البصر ومن أسباب حسن السمعة والبعد عن التهمة، ومن أسباب الأولاد الذين قد ينفعك الله بهم في هذه الدنيا والآخرة بدعواتهم وصلاحهم وعملهم الصالح ودعوتهم لك إلى غير ذلك، أما إن كنت لم يتيسر لك الزواج وليس في طاقتك الزواج بل ذلك إلى غيرك فليس عليك شيء، الإنسان إنما يؤخذ بتفريطه وتساهله، أما إذا كنت ما خطبك أحد أو خطبك من لا ترضين دينه وأمانته فليس عليك شيء.   
 
2- هل يعتبر إنفاقي على ولدي ثواباً يغنيني عن إخراج زكاة أموالي؟
لا، الإنفاق على الولد أمر لازم إذا كان الولد فقيرا وليس له أب ينفق عليه إما ميت وإما عاجز فالنفقة منك عليه واجبة على الصحيح إذا كنت قادرة، والزكاة لا تصلح للولد ولا للأب ولا للأم وإنما تصلح للفقراء من الإخوة والأخوات والأعمام والعمات ونحو ذلك، أما ولدك فالواجب عليك الإنفاق عليه من مالك، أما الزكاة فتنفق في جهات أخرى، الزكاة تنفق في أهلها من الفقراء والمساكين غير أولادك.  
 
3- إنني أضيع صلاة الصبح أحياناً بالنوم، فهل هذا إثم علي؟
هذا فيه تفصيل: إذا كان النوم غلبك وليس لك اختيار فالنوم ليس فيه تفريط، كما قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (ليس في النوم تفريط إنما التفريط في اليقظة) أما إذا كنت تستطيعين أن تقومي للفجر بوضع الساعة المنبهة أو بتكليم من لديك من أهلك بإيقاظك ثم تساهلت تأثمين بهذا، وعليك خطر، وعليك أيضا أن تبكري بالنوم وألا تسهري حتى تستطيعي أن تقومي بالفجر، فإذا تساهلت بالسهر أو بعدم وجود الساعة المنبهة أو بعدم تذكير من يوقظك فأنت كمتعمدة عليك إثم عظيم، وقد تكفرين بذلك؛ لأن من ترك الصلاة عمدا حتى خرج وقتها يكفر عند جمع من أهل العلم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وعن جابر بن عبد الله الأنصاري - رضي الله عنهما –عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) والتعبير بالرجل لا يخرج المرأة، الأحكام تعم الجميع، قد يعبر بالرجل والحكم عام وقد يعبر بالمرأة والحكم عام؛ لأن الجميع مكلف، وقد قال عبد الله بن شقيق العقيلي - رضي الله عنه ورحمه- وهو تابعي جليل: "لم يكن أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم – يرون شيئا من الأعمال تركه كفر غير الصلاة" فالصلاة لها شأن عظيم، فتعمد تركها حتى يخرج وقتها كفر عند جمع كبير من أهل العلم لهذه الأحاديث وما جاء في معناها. أما إذا غلبك النوم كما تقدم فلا شيء عليك لكن عليك أن تحتاطي، عليك أن تضعي الساعة المنبهة عن الوقت، وعليك أن تكلفي من تيسر من أهل بيتك بإيقاظك، عليك أن تنامي مبكرة حتى تستطيعي القيام، كل هذا واجب عليك وعلى أمثالك، كثير من الناس يسهر ثم لا يقوم لصلاة الفجر وهذا منكر عظيم وإثم عظيم، الواجب على الرجال والنساء عدم السهر الذي يفضي بهم إلى ترك الصلاة، والنبي - صلى الله عليه وسلم – زجر عن الحديث بعد العشاء، كره النوم قبلها والحديث بعدها، بل زجر عن ذلك بعد العشاء؛ لأنه قد يفضي إلى ترك صلاة الفجر، فلا ينبغي السهر إلا لمصحلة شرعية كالسهر مع الضيف أو مع الزوجة لحاجة الإنسان ثم ينام، أو في أمور المسلمين كالعسس في أمور المسلمين (الهيئة)، ونحو ذلك ممن ينظر في مصالح المسلمين، فالواجب على كل مكلف أن يحتاط لصلاته وأن ينام مبكراً يستطيع القيام لصلاة الفجر وأن يستعين بما يسر الله له من الساعات أو غير الساعات من الموقظين من أهله حتى يؤديها في وقتها مع إخوانه المسلمين، وحتى تؤديها المرأة في بيتها في وقتها، وهكذا بقية الصلوات يجب أن تؤدى في الوقت، ولا يجوز التساهل حتى يضيع الوقت ويخرج الوقت.    
 
4- الطبيب نصحني بألا أحج أبداً رغم أني أشعر بالقدرة على ذلك؟
إذا كنت تعلمين بنفسك القدرة فلا كلام للطبيب ولا وجه لكلام الطبيب، إذا تيسر المحرم سافري للحج واستعيني بالله ولا تلتفتي إلى قول الطبيب وأنت تعلمين من نفسك القدرة، والله سبحانه يقول: وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً.. (آل عمران: من الآية97)، ولما سئل الرسول - صلى الله عليه وسلم – عن الإسلام قال: ( أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة وتصوم رمضان وتحج البيت إن استطعت إليه سبيلا) فاستعيني بالله وحجي ولا تسافري إلا مع محرم كالأخ والعم والخال ونحو ذلك.  
 
5- الطبيب نصحني أيضاً بألا أصوم لحاجتي الشديدة لشرب الماء مع جفاف الحلق؛ نتيجة لتناول العقاقير المهدئة، فهل الصوم ساقط عني، أم تجب الفدية؟
هذا يختلف: إن كنت تستطيعين الصوم فعليك الصوم وليس لك أن تدعي الصوم وتفدين، أما إذا قرر الطبيب الثقة أو الطبيبان الثقتان أن المرض الذي معك يمنع الصوم وأنه يضرك الصوم ضررا بينا دائما دائماً فهذا يكفيك الإطعام كفارة عن كل يوم إطعام مسكين كالشيخ الكبير العاجز الذي يعقل ولكنه لا يستطيع الصوم لكبر سنه، فيطعم عن كل يوم مسكينا، فالمريض لا يرجى برؤه ويشق عليه الصوم من جنس الكبير يعني من جنس الشيخ الكبير العاجز يسقط عنه الصوم ويؤدي عن كل يوم نصف صاع من التمر أو غيره من قوت البلد للفقراء، وإذا جمع الجميع عن الشهر كله وأعطاه فقيرا واحداً أو فقيرين أو أكثر فلا بأس.  
 
6- أن عذرها زادت أيامه من أربعة أيام إلى ثمانية أيام مما جعلها تضطرب في أدائها للعمرة، وتسأل سماحة الشيخ كيف تتصرف لو تكرر ذلكم الحال معها؟
العادة تزيد وتنقص -أيها الأخت في الله- فإذا كانت العادة أربعة أيام أو خمسة وزادت ستة سبعة ثمانية تسعة فلا بأس، لا تصلين ولا تصومين، اجلسي دعي الصلاة والصيام؛ لأن العادة تزيد وتنقص، وإذا كنت في حج أو عمرة لا تطوفي حتى تطهري؛ لقول النبي لعائشة - رضي الله عنها-: (افعلي ما يفعل الحاج غير ألا تطوفي حتى تطهري) فالحائض والنفساء تمتنعان من الطواف حتى تطهرا وكهذا الصلاة؛ لأن العادة تزيد وتنقص, وأكثر مدة الحيض خمسة عشر يوما عند جمهور أهل العلم، فإذا استمر معك الحيض إلى خمسة عشر يوم فهذا حيض، فإن زاد على ذلك صار استحاضة، ترجعين إلى عادتك الأولى وما زاد عليها تصلين فيه وتصومين وتحلين لزوجك؛ لأنه علم أنه استحاضة وترجعين إلى عادتك الأولى التي هي أربع أو خمس أو نحو ذلك إذا جاءت دعي الصلاة والصيام، وإذا ذهبت فاغتسلي، ويكون الدم الذي معك المستمر هذا دم استحاضة يعني دم فساد لا يمنع الصلاة ولا يمنع الصوم ولا يمنع الزوج، ولكنك تتوضئين لكل صلاة تستنجين وتتوضئين لكل صلاة.  
 
7- حكم من تزوج فتاة لا تصلي، أو يكون العكس أيضاً، وما حكم تارك الصلاة، وهل إذا مات يُصلى عليه ويُدفن في مقابر المسلمين؟
إذا تزوج الرجل فتاة لا تصلي وهو يصلي، أو العكس الفتاة تصلي وهو لا يصلي فالنكاح باطل على الصحيح، النكاح فاسد؛ لأنه لا يجوز للمسلم أن يتزوج على الكافرة وليس للمسلمة أن تتزوج على الكافر، وترك الصلاة كفر على الصحيح كفر أكبر، فإذا كان أحدهما يصلي والآخر لا يصلي فإن النكاح لا يصح، بل يجب أن يجدد بعد توبة من لا يصلي، إذا تاب يجدد النكاح، إذا كان صاحبه يرغب فيه، أما إن كان لا يصليان جميعا فالنكاح صحيح كناح الكفار، نكاح صحيح، وعليهما أن يتوبا إلى الله ويرجعا إلى طاعة الله ورسوله ونكاحهما صحيح.  
 
8- يسأل عن زواج الشغار ويقول: إنه معروف لدينا باسم الزقار، يقول: من وقع فيه ومضى على زواجه سبع سنوات وأنجب بنين وبنات كيف يتصرف؟
نكاح الشغار -وهو الذي يسميه بعض الناس نكاح البدن- هذا النكاح على حسب أسمائه يعرف بأنه: اشتراط امرأة في امرأة، اشتراط أحد الوليين الزوجة الأخرى والآخر كذلك، كل واحد يقول: زوجني بنتك وأزوجك بنتي أو أختك وأزوجك أختي وما أشبه ذلك، هذا قد نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم – في الأحاديث الصحيحة نهى عن الشغار في الصحيح من حديث ابن عمر، وفي صحيح مسلم من حديث أبي هريرة، ومن حديث جابر، قال: والشغار -يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (الشغار أن يقول الرجل: زوجني بنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي) هذا هو الشغار فإذا وقع فالصحيح أنه يكون فاسداً، والواجب أنه يجدد إذا كان لهما رغبة فيما بينهما يجدد من غير شرط المرأة الثانية، كل واحد يجدد بغير شرط المرأة الثانية، ولو مر عليه سنوات، يجدد إذا كانت ترغب فيه ويرغب فيها يجدد النكاح بحضرة شاهدين وبمهر جديد من دون أن يشترط عليه المرأة الأخرى، وهكذا الآخر كل واحد يجدد إذا كانت ترغب في زوجها وهو يرغبها أما إن كان لا يرغب أحدهما في الآخر فإنه يطلقها طلقة واحد؛ لأن هذا النكاح فاسد،فلا بد فيه من طلقة واحدة تمنع تعلق أحدهما بالآخر وتحتج بها في تزوجها لغيره إذا اعتدت.  
 
9- ما حكم الاختلاط العائلي مثل ابن العم وابن الخال وأخو الزوج وما أشبه ذلك، وهل يجوز للمرأة أن تصافح الرجل مثل ابن العم وابن الخال وأخو الزوج وغير ذلك، ومن هم الذين تجوز مصافحتهم، وما صحة الحديث الذي يقول ما معناه: (خير لأحدكم أن يُطعن في رأسه بمخيط من حديد ولا يمس امرأة لا تحل له)؟!
الاختلاط العائلي فيه تفصيل: أما بين المرأة وأبي زوجها وجد زوجها وأولاد زوجها فلا بأس لأنهم محارم. أما اختلاطها مع إخوته وبني عمه يرونها ولا تحتجب عنهم أو تصافحهم فهذا لا يجوز، ليس لها الكشف لهم وليس لها مصافحتهم وإنما تصافح المحارم فقط كأخيها وعمها وخالها وأبي زوجها وابن زوجها، أما أن تصافح أخا زوجها أو عم زوجها أو خال زوجها فلا، وهكذا ابن عمها وابن خالها وابن خالتها لا، لا تصافحهم ولا تكشف له أيضاً، بل تحتجب تحجب وجهها وبدنها ولا تصافحه، ولكن تكلمه ترد عليه السلام وتسلم عليه، تسأل عن حاله وحال أولاده لا بأس، لكن لا تصافحه ولا تكشف له بل تحتجب عنه تحجب وجهها وبدنها كله عن هذا الذي هو ابن عمها أو ابن خالها أو أخو زوجها أو زوج أختها، أو ما أشبه ذلك، وهذا كثير من الناس يفرطون فيه، كثير من العوائل يتساهلون في هذا وهذا غلط كبير يجب الحذر وعدم التساهل. وأما ما يروى عنه -صلى الله عليه وسلم-: أنه (لأن يطعن بالحديدة في رأسه خير من أن يصافح امرأة..) حديث معروف، لكن لا أذكر الآن حال سنده، وهو معروف، وهو يدل على شدة الإنكار في هذا وشدة الإثم في هذا، وأنه ينبغي للمؤمن أن يحذر أن يصافح امرأة لا تحل له؛ لأنه وسيلة إلى التساهل وإلى وقوع ما حرم الله، وقد قال – عليه الصلاة والسلام- لما بايع النساء قال: (إني لا أصافح النساء) وقالت عائشة - رضي الله عنه- كما جاء في الصحيحين: (ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام). فالحاصل أنه -صلى الله عليه وسلم- كان يبايع النساء بالكلام لا بالمصافحة، فالواجب الحذر مما حذر منه - صلى الله عليه وسلم – والتأسي به؛ ولأن المصافحة قد تكون وسيلة إلى ما حرم الله -عز وجل-.  
 
10- حكم من يزور الأولياء أو السادة ويطلب منهم حاجته، أو يكون عنده مريض مصروع، علماً أن الأولياء يذبحون للجن، وما حكم من اضطر إلى ذلك بسبب الصرع، أي: الجنون، وما حكم من يعمل المحبة والكراهية بين الزوجين؟
هذه أمور خطيرة، فإن زيارة الأولياء والصالحين أو الأنبياء ليطلبهم ويستغيث بهم وينذر لهم هذا شرك أكبر، وهكذا من يسمون السادة ويزورونهم أو يستغيثوا بهم يسألوهم المدد والعون عند قبورهم أو بعيدا من قبورهم كل هذا منكر، كل هذا من الشرك الأكبر، فالذي يستغاث به والذي يطلب للشفاء هو الله وحده سبحانه وتعالى. أما الذهاب إلى السادة أحياء أو أمواتاً يطلب منهم أن يشفوا مريضه ويعتقد فيهم أنهم يشفون المرضى وأن لهم سرا أو يطلب منهم عند قبورهم أو يسألهم المدد والعون وشفاء المريض أو إغناء الفقير أو ردع الظالم أو ما أشبه ذلك من الأمور هذا معناه يعتقد فيهم أنهم يتصرفون، فيكون كفراً أكبر، وهذا عمل المشركين مع اللات والعزى، نعوذ بالله من ذلك. فالواجب الحذر من هذا والبعد عنه لأنه شرك أكبر، وهكذا الذبح للجن والتقرب إليهم بالذبائح شرك أكبر، أو الذبح لأصحاب القبور كالبدوي والحسين أو ابن علوان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو غيرهم ممن قبلهم أو من بعدهم فيذبح لهم ويتقرب إليهم ليشفوا مريضه أو ليقضوا حاجته أو ليدفعوا عنه الظلم أو يردوا ضالته أو ما أشبه ذلك كل هذا من الشرك الأكبر، وهكذا قوله: المددَ المدد، المدد المدد!! هذا من الشرك الأكبر، نسأل الله السلامة. وهكذا سؤال من يدعي الكهانة عن الحاجات هذا لا يجوز أيضاً، فإن صدقه في دعوى علم الغيب كان شركاً أكبر، فإنه يوجد من يدعي علم الغيب بواسطة النجوم والنظر في سيرها واجتماعها وافتراقها، وهذا يسمى المنجم، هذا إذا صدقه في دعوى علم الغيب كان كفرا أكبر، وهكذا الكاهن الذي رئي من الجن، أصحاب من الجن، يستخبرهم ويسألهم فإذ صدقه الإنسان فقد كفر بما أنزل على محمد عليه الصلاة والسلام لأن الرسول قال: (من أتى كاهنا فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد ) -صلى الله عليه وسلم-، يعني صدقه في علم الغيب؛ لأن هؤلاء يدعون علم الغيب بما يحصل لهم من الأخبار من أصحابهم من الجن فيظن الظان أن عندهم شيئاً من علم الغيب فيصدقهم فيما يدعون، وهذا خطر عظيم، أخبر النبي - صلى الله عليه وسلم – عن أصحابه أنهم كفار بما أنزل على محمد – عليه الصلاة والسلام–، وهكذا من يتعاطى أسباب العطف والمحبة يعني يتعاطى أشياء يسمونها الصرف والعطف يعني يحبب الرجل إلى امرأته والمرأة إلى زوجها، وهو نوع من السحر، ويسمى (التِّوَلة) كما في الحديث: (إن الرقى والتولة والتمائم شرك) فالتولة معناها أن تعمل المرأة أو الرجل ما يسبب بغض زيد لامرأته أو بغضها لزوجها، وذلك بواسطة الجن ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك حتى يتسلطوا على هذا الرجل أو المرأة بأشياء تجعلها تبغض زوجها أو تجعله يبغض زوجته، وينفر منها وهذا من أقبح المنكرات، وظلم للعباد، ومع ذلك هو في نفسه شرك؛ لأنه إنما يتوصل إليه بواسطة الجن ودعائهم والاستغاثة بهم، نسأل الله العافية، فقد جمع بين الشرك والظلم للعباد، نعوذ بالله.    
 
11- إن البعض يقنت لدينا في اليمن الشمالي والبعض الآخر يقول: إنه بدعة، ما هو القول الراجح في هذا؟ جزاكم الله خيراً.
القنوت السنة أن يكون في الوتر، وهكذا في النوازل إذا نزلت نازلة، مثل نزول الكفار على إخواننا في أفغانستان وأشباههم هذا يقنت لهم بالدعاء أن الله يعينهم وأن الله يمنحهم التوفيق وأن الله يسدد سهامهم وأن الله ينصرهم على عدوهم، ويدعى على الأعداء بأن الله يهزم جمعهم ويشتت شملهم، هذا يقال له: قنوت النوازل؛ كما دعا النبي - صلى الله عليه وسلم – على قريش لما صدته عن البيت، ودعا على قبائل من الكفار قتلوا بعض المسلمين هذا لا بأس، أما القنوت الدائم في الصبح فهذا ينبغي تركه؛ لأن الأصل عدم شرعيته، وإنما القنوت في صلاة الوتر أو في النوازل، هذا هو المعروف، والحجة في ذلك ما ثبت عن سعد بن طارق الأشجعي - رحمه الله– قال: قلت لأبي: يا أبت إنك صليت خلف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وخلف أبي بكر وعمر وعثمان وعلي أفكانوا يقنتون في الفجر فقال: أي بني محدث)، خرجه الإمام أحمد والترمذي والنسائي وابن ماجه بإسناد صحيح، فأخبر طارق أنه محدث، والمحدث بدعة. وذهب بعض أهل العلم إلى أنه لا بأس بذلك، واحتجوا بآثار وردت في ذلك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قنت في الصبح، ولكنها أثار ضعيفة، ولو صحت لكانت محمولة على القنوت في النوازل لا دائما، وهذا هو الأرجح، لكن لو صليت مع إنسان يقنت فلا بأس؛ لأنه متأول وهو اتبع جماعة من الأئمة رأوا ذلك فإذا صليت معه فلا حرج في أن تقنت معه؛ لأن له شبهة ولأن له قولاً من أقوال العلماء قد اتبعه وأخذ به فله شبهة، فإذا قنت وصليت معه فلا حرج، ولكن ينصح هذا الإمام أنه لا يقنت إلا في النوازل.  
 
12- إنه يعمل سائق سيارة أجرة ويغيب عن زوجته أكثر من عامين، ويسأل عن حكم ذلك جزاكم الله خيرا.
ينبغي له أن يتقي الله فيها، ينبغي له أن يتقي الله في زوجته، وأن لا يغيب عنها هذه المدة الطويلة، بل يحاسب نفسه ويأتيها بين وقت وآخر حسب الطاقة، ولا يتساهل في هذا الأمر لأن هذا قد يفضي إلى انحرافها ووقوعها فيما حرم الله بسبب هذه المدة الطويلة فالزوجة لها عظيم، فالله يقول: وعاشروهن بالمعروف، وليس من المعروف أن يهجرها هذه المدة الطويلة ولكن يجاهد نفسه حتى يأتيها بين وقت وآخر شهرين ثلاثة أربعة ستة أكثر، فقد روي عن عمر رضي الله عنه أنه وقت للجنود ستة أشهر فالحاصل أن هذا تختلف فيه الأحوال، والوقت الآن غير وقت عمر أيضاً، وقت عمر كان أصلح وكان الناس فيه على خير وعلى خوف من الله أكثر من وقتنا وقتنا هذا فيه الانحراف الشديد والخطر الكثير وكثرة الفواحش فينبغي للزوج أن ينظر إلى هذه الأمور، وألا يتساهل في حق زوجته بين يكون عمله قريباً منها حتى يزورها بين وقت وآخر أو ينقلها معه في عمله الذي هو فيه حتى يصونها ويصون عرضه وعرضها وعليه أن يتقي الله في ذلك هو مسؤول عنها، فعليه أن يتقي الله في شأنها وألا يهجرها هذه المدة الطويلة من أجل كسب الدنيا.

410 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply