حلقة 510: هل قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة تُقضى بواسطتها حاجة الإنسان؟ - حكم لبس دبلة الخطبة - السورة أو الدعاء الذي يبعد وسوسة الشيطان - استقدام الخدم الكفار إلى جزيرة العرب - هز الرأس عند السلام من الصلاة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

10 / 50 محاضرة

حلقة 510: هل قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة تُقضى بواسطتها حاجة الإنسان؟ - حكم لبس دبلة الخطبة - السورة أو الدعاء الذي يبعد وسوسة الشيطان - استقدام الخدم الكفار إلى جزيرة العرب - هز الرأس عند السلام من الصلاة

1- هل قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة تُقضى بواسطتها حاجة الإنسان؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه القراءة التي سأل عنها السائل لا نعلم لها أصلا في شيء من الأحاديث عن رسول الله – عليه الصلاة والسلام –، فاعتياد ذلك واعتقاده بدعة لا وجه لها، بل المؤمن يقرأ القرآن ويكثر من تلاوته في كل الأوقات حسب طاقته، والأفضل أن يبدأ من الفاتحة ثم يستمر حتى يختم، وهكذا يعود كلما كمل القرآن عاد، سواء كان نظرا أو عن ظهر قلب على حسب ما يسر الله له، ويكثر من ذلك حسب طاقته، أما أن يقرأ سورة يا سين إحدى وأربعين مرة فهذا شيء لا أصل له.  
 
2- هل لبس دبلة الخطبة من الكبائر أم من الصغائر؟
لا شك أنها مكروهة ولا أصل لها فيما نعلم، وينبغي تركها، وأما كونها من الكبائر أو الصغائر فهي محل نظر، لكن بكل حال لا ينبغي تعاطيها لأنها مستوردة من الكفرة، فلا وجه لاستعمالها ولا حاجة إليها، متى تم العقد، فالحمد لله، ولا يحتاج دبلة يلبسها.  
 
3- ما هي السورة أو الدعاء الذي يبعد وسوسة الشيطان من قبل الإنسان؟
الضراعة إلى الله جل وعلا وسؤاله العافية من نزعات الشيطان، وإذا أكثر عليه الشيطان ينفث عن يساره ثلاث مرات ولو في الصلاة ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، هذا من أسباب العافية، وقد اشتكى عثمان ابن أبي العاص الثقفي - رضي الله عنه – إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- وقال: إن الشيطان لبس علي صلاتي! فأمره النبي - صلى الله عليه وسلم – أن يستعيذ بالله من الشيطان ثلاثاً إذا أكثر عليه في الصلاة، فإنه ينفث عن يساره ثلاث مرات ويقول: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، ثلاث مرات، قال عثمان: ففعلت فزال ذلك. فالحاصل أن المؤمن يكثر من التعوذ بالله من الشيطان عندما يجد وساوس، ولا سيما عندما كثرة عليه فإن الواجب عليه أن يلح في الاستعاذة بالله، ويكون عنده النشاط القوي والمحاربة القوية لعدو الله، فإن الشيطان إذا رأى من الإنسان الضعف طمع فيه وآذاه بالوساوس فربما أخرجه بذلك عن صفة العقلاء. فالواجب على المؤمن والمؤمنة أن يحاربا عدو الله الشيطان بكل قوة في التعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبعدم طاعته في تكرار الوضوء أو تكرار الغسل أو تكرار الصلاة أو التبرم من كل شي يعتقد أنه نجس فهذا كله من وساوس الشيطان، فإذا قال له الشيطان: هذا الإناء نجس، يقول له في نفسه: كذبت ما هو نجس ويش الدليل على أنه نجس، إذا قال: ما توضيت وهو يشوف أنه متوضئ يكذِّب عدو الله، إذا قال: ما صليت وهو يعرف أنه صلى يكذب عدو الله يحاربه محاربة قوية، فلا يكرر وضوء ولا يكرر غسلا، ولا يتشكك في أوانيه ولا في ثيابه، بل يكون على الأصل وهو الطهارة حتى يعلم يقينا أن هذا الإناء أو هذا الثوب أو هذه البقعة أصابتها نجاسة، وبهذا يتخلص من عدوه وييأس منه عدوه إذا رأى منه الصدق والجد يبتعد عنه، أما إذا رأى منه الضعف وأنه يميل إليه وأنه يطاوعه فإنه يجلب عليه بخيله ورجله ويكثر عليه من الوساوس، فربما جعله في عداد المجانين بسبب الوساوس الكثيرة، فالواجب الحذر من عدو الله والاستعاذة بالله منه، والضراعة إلى الله أن يقي العبد شره.  
 
4- لدي خادمة مسيحية تعمل في منزلي حيث نسكن أنا وزوجتي وكلانا مسلمين، والحمد لله، وقد سمعت من رجل يقول: بأن الملائكة لا تدخل منزلاً به خادمة مسيحية، أفيدوني ماذا أعمل؟ جزاكم الله خيراً.
استعمال الخدم من الكفرة أمر لا يجوز في هذه الجزيرة العربية، والكويت من الجزيرة، وكل الخليج من الجزيرة، فلا يجوز استخدام الكفرة في هذه البلدان لا للخدمة ولا للعمل الآخر، إلا لضرورة قصوى يراها ولي الأمر لمصلحة المسلمين لا يقوم بها غير هذا الكافر، وإلا فالواجب إبعادهم وعدم استقدامهم إلى هذه الجزيرة، وقد قال عليه الصلاة والسلام فيما رواه مسلم في الصحيح: (لأخرجن اليهود والنصارى من جزيرة العرب حتى لا أدع إلا مسلما) وقد أوصى - صلى الله عليه وسلم – بإخراج الكفار من الجزيرة رواه البخاري في الصحيح، فالواجب على الأمة الإسلامية تنفيذ وصيته عليه الصلاة والسلام، وتنفيذ أوامره في إخراج اليهود والنصارى وسائر الكفرة من هذه الجزيرة، كالبوذية وأشباهها من الأديان الباطلة، وألا يبقى في هذه الجزيرة إلا المسلمون. فإذا أردت أن تستخدم عاملا أو سائقا أو خادمة فعليك عند الحاجة أن تستخدم من المسلمين، وأن تتحرى أيضا المسلمين الطيبين؛ لأن بعض المسلمين ينتسب إلى الإسلام وهو لا يعمل به، بل عنده من المعاصي والشرور ما عنده، لكن ينبغي للمؤمن إذا أراد أن يستقدم خادمة أو سائقا أو عاملاً أن يتحرى الطيب المستقيم في دينه، وأن يوصي وكيله بذلك حتى يتحرى له الخادم الطيب والعامل الطيب، وإذا يسر الله إسلام من وصل إلى البلد وهو كافر إذا يسر الله إسلامه هذا خير كثير ونعمة كبيرة، إذا تمكن المؤمن من دعوته إلى الإسلام وترغيبه في الإسلام أو دعوة الخادمة إلى الإسلام وترغيبها في الإسلام هذا خير كبير، فإذا أسلم الخادم أو الخادمة فالحمد لله، وإلا فالواجب إبعادهم وعدم استقدامهم، وإذا كانوا استقدموا فالواجب إبعادهم إلا أن يسلموا؛ عملا بالأحاديث الواردة عن النبي - صلى الله عليه وسلم –، وقد كثر هؤلاء المشركون في بلاد الجزيرة، وهذا غلط ينبغي تلافيه، ينبغي لولاة الأمور أن يتلافوه، وأن يحرصوا على إبعادهم وتنبيه الناس على إبعادهم حتى لا يبقى في الجزيرة إلا المسلمون.  
 
5- أرى من المصلين في المسجد عند الجلوس للتشهد الأخير عند السلام يهز البعض رقابهم إلى أسفل ثم يسلم على يمينه، ويهزها إلى أسفل ثم يسلم على يساره، أفيدونا عن هذا، هل له أصل؟
هذا لا أصل له، السنة الخشوع في الصلاة والطمأنينة وعدم هز الرقاب أو الأيدي، وبعض الناس يهز يديه ويومئ بيديه حين الجلوس للتحيات قبل أن يسلم، وقد أنكر النبي على من فعل هذا عليه الصلاة والسلام وأمرهم بالسكون في الصلاة فقال: (ما لي أراكم تومؤون بأيديكم كأنها أذناب خيل شمس!) يعني عند السلام، فالحاصل أن السنة الركود والخشوع والطمأنينة وعدم الحركة لا بالرؤوس ولا بالأيدي عند السلام ولا قبله ولا في أي جزء من أجزاء الصلاة، الواجب الطمأنينة والبعد عن العبث، قال الله سبحانه: قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ* الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ (1-2) سورة المؤمنون. فكونه يعبث برقبته أو يعبث بيديه كل هذا لا أصل له، وأقل أحواله الكراهة الشديدة، وقد يحرم إذا كثر وتوالى حرم وأبطل الصلاة، إذا توالى العبث وكثر حرم وأبطل الصلاة، نسأل الله السلامة، فالواجب الحذر.  
 
6- أنا أختكم في الإسلام، وأنا أعاني من مشاكل في حياتي وهي: أنني أعيش في وسط بعيد كل الناس فيه عن الدين، فأنا أدرس في معهد وهذا المعهد مختلط بين الجنسين، ويُمنع فيه لبس أي نوع من الحجاب، وكل الذين موجودين فيه بعيدين عن الدين، وأنا أجد نفسي أتأثر بتصرفاتهم، ويزداد بعدي عن الله وعن إقامة فرائضه وهي الصلاة، حيث أقول لنفسي: ما نفع صلاتي! وأنا أضطر كل يوم إلى ارتكاب المحرمات والمعاصي بقصد وبدون قصد، وأريد منكم أن ترشدوني إلى الطريق الذي فيه سلامتي من غضب الله وراحة لنفسي، مع أنني لا أستطيع أن أترك الدراسة وأحافظ على العزلة؛ لأن الشهادة في هذا الزمن ضرورية جداً، وبخاصة لي؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً. ورسالة أخرى وصلت من العراق في نفس المعنى، وثالثة من جمهورية مصر العربية، نرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بتوجيه الأخوات إلى الطريق الأمثل، وهن في ذلكم الوسط الذي وصفنه في رسائلهن!
مقتضى الأدلة الشرعية أن الدراسة إذا كانت تشتمل على ما يضر الدارسة أو الدارس أنه لا حاجة إليها؛ لأن الواجب أن يتعلم المسلم ما لا يسعه جهله، وهذا في إمكانه أن يتعلمه من المعلمين في المساجد مع الحجاب والبعد عن الفتنة، وفي المدارس الأهلية السليمة، في بيت بواسطة أبيها وأمها أو امرأة صالحة أو ما أشبه ذلك، أما هذه الدراسة المختطلة هذه خطرها عظيم وفسادها عظيم، ولا سيما أيضاً مع السفور وعدم الحجاب فيجتمع الشر كله! فالذي أنصح به هؤلاء الأخوات أن يدعن هذه الدراسة وأن يبتعدن عن هذه الدراسة حفاظاً على دينهن وعلى أخلاقهن، وسوف يجعل الله لهن فرجاً ومخرجا من طريق دراسة سليمة يحصل بها معرفة الدين من دون وقوع فيما حرم الله، وليست الوظائف ضرورية وليست الشهادات ضرورية، فقد مضى السلف الأول وليسوا ممن يتعاطى هذا الأمر، ويمكن العمل في أشياء أخرى بدون هذه الشهادة، وليس من الضروري أيضا العمل، لأن الرجال قوامون على النساء، ففي إمكانها أن تتزوج ويقوم عليها الزوج، أو يقوم عليها والدها أو إخوتها فيما تحتاج إليه، فالرجال قوامون على النساء. وبكل حال هذه الدراسة منكر وشر عظيم وعواقبها وخيمة وسوف يجعل الله لمن تركها فرجا ومخرجا، وسوف يسهل الله له طلبه السليم إذا صدق في ذلك، وكان قصده وجه الله والدار الآخرة، كما قال الله سبحانه: ..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ.. (2-3) سورة الطلاق،..وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق، فعلى الطالب والطالبة في هذه الأقسام عليه الحذر وعليهما الحذر جميعاً. فالبقاء في هذه الدراسة تعريض للنفس والعرض والدين لما لا تحمد عقباه. والمسلم مأمور بأن يصون نفسه عما حرم الله وأن يبتعد عن أسباب الخطر، وقد وعد الله عباده بتفريج الكروب وتيسير الأمور، فعند الضيق يجيء الفرج، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) سورة الطلاق. فهذه نصيحتي لهؤلاء الأخوات ولأشباههن من الطالبات في المدارس والمعاهد والكليات المختلطة. نصيحتي للجميع ترك هذه الدراسة والمطالبة لولاة الأمور بدراسة غير مختلطة للنساء على حدة وللرجال على حدة. ومتى صدق الشعب في هذه الأمور وطلب من ولاة الأمور إفراد النساء وإفراد الرجال كل على حدة كل في دراسة تخصه فإن ولاة الأمور لا بد أن يستجيبوا لأن هذا أمر معقول وصحته ظاهرة، وإذا جدَّ فيه الشعب طيب وبين لولاة الأمور الأضرار العظيمة والعواقب الوخيمة فإن ولاة الأمور إن شاء الله يستجيبوا لهذا الأمر إذا رأوا من الشعب الصدق في ذلك والهمة على العزم في ذلك، ولا يجوز للإنسان أن يقول: هذا مستحيل أو هذا غير ممكن، كل هذه الدعوة لا تليق، بل ينبغي أن يحسن الظن بالله وأن لا ييأس من الإصلاح، وولاة الأمور في بلاد المسلمين يرجى لهم الهداية إذا صدقوا وإذا أرادوا الخير، والله المسئول أن يهديهم وأن يوفقهم للخير وأن يصلح لهم القلوب والأعمال والبطانة، وأن يشرح صدورهم للتمسك بشريعة الله وبالحكم بشريعة الله، فعلى الشعب أن يعينهم على هذا، وأن لا يطاوع في ما حرم الله، بل يكون عنده النشاط والهمة العالية في فعل ما أمر الله وترك ما نهى الله. رزق الله الجميع التوفيق والهداية. - سماحة الشيخ أخواتنا في أسئلتهن يعرجن إلى فتوى ذكرت أن الوجه والكفين ليس بعورة؟! رأيكم في هذا وتوجيهكم لو تكرمتم. ج/ لا شك أن هذا عورة، وقد كتبنا في هذا مرات كثيرة، كتبنا في هذا رسالة وسميناها (السفور والحجاب) فالوجه والكفان عورة، وهذا هو الحق الذي عليه المحققون من أهل العلم، وقد دل عليه قوله تعالى: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ.. (53) سورة الأحزاب، ما قال الرب: إلا وجهها وكفيها، ثم قال: ..ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. (53) سورة الأحزاب، فذكر أنه أطهر لقلوب الرجال والنساء جميعا، فالطهارة مطلوبة للجميع، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا.. (31) سورة النــور، قال ابن مسعود: الملابس، وقال ابن عباس: الوجه والكفين، وقال بعض أهل العلم: المراد به يعني قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فلا وجه ولا كفين، ومراد ابن عباس أي قبل الحجاب، وعلى فرض أنه أراد بعد الحجاب فقوله مرجوح، وقول ابن مسعود هو الصواب، ويدل عليه ظاهر القرآن والسنة، ويدل عليه حديث عائشة - رضي الله عنها- لما وقعت وقعة الإفك وتكلم فيها بعض المنافقين وبعض من اغتر بالمنافقين رموها بصفوان بن المعطل لما وجدها صفوان متخلفة عن الجيش وحملها حتى أوصلها الجيش، فرماها أهل الإفك بما رموها به، وهي البراء -رضي الله عنها- وهي المرأة الحرة المصونة التي صانها الله وحماها وكذب من رماها بالفاحشة، قالت: -رضي الله عنها- فلما سمعت صوت صفوان المعطل: استرجع لما رآها قالت: فخمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب) هكذا رواه الشيخان في الصحيحين، وهذا يدل على أنهم كانوا قبل الحجاب يكشفون وجوههم، وبعد الحجاب ستروا الوجوه، وهذا هو الصواب.  
 
7- سماحة الشيخ أخواتنا في أسئلتهن يعرجن إلى فتوى ذكرت أن الوجه والكفين ليس بعورة؟!
لا شك أن هذا عورة، وقد كتبنا في هذا مرات كثيرة، كتبنا في هذا رسالة وسميناها (السفور والحجاب) فالوجه والكفان عورة، وهذا هو الحق الذي عليه المحققون من أهل العلم، وقد دل عليه قوله تعالى: ..وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ.. (53) سورة الأحزاب، ما قال الرب: إلا وجهها وكفيها، ثم قال: ..ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ.. (53) سورة الأحزاب، فذكر أنه أطهر لقلوب الرجال والنساء جميعا، فالطهارة مطلوبة للجميع، وقد قال الله سبحانه في كتابه العظيم: وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا.. (31) سورة النــور، قال ابن مسعود: الملابس، وقال ابن عباس: الوجه والكفين، وقال بعض أهل العلم: المراد به يعني قبل الحجاب، أما بعد الحجاب فلا وجه ولا كفين، ومراد ابن عباس أي قبل الحجاب، وعلى فرض أنه أراد بعد الحجاب فقوله مرجوح، وقول ابن مسعود هو الصواب، ويدل عليه ظاهر القرآن والسنة، ويدل عليه حديث عائشة - رضي الله عنها- لما وقعت وقعة الإفك وتكلم فيها بعض المنافقين وبعض من اغتر بالمنافقين رموها بصفوان بن المعطل لما وجدها صفوان متخلفة عن الجيش وحملها حتى أوصلها الجيش، فرماها أهل الإفك بما رموها به، وهي البراء -رضي الله عنها- وهي المرأة الحرة المصونة التي صانها الله وحماها وكذب من رماها بالفاحشة، قالت: -رضي الله عنها- فلما سمعت صوت صفوان المعطل: استرجع لما رآها قالت: فخمرت وجهي وكان قد رآني قبل الحجاب) هكذا رواه الشيخان في الصحيحين، وهذا يدل على أنهم كانوا قبل الحجاب يكشفون وجوههم، وبعد الحجاب ستروا الوجوه، وهذا هو الصواب. 
 
8- إنها تعمل في الخياطة وتخيط للناس حسب أذواقهم ورغباتهم، فمنهم من يريد الواقي، ومنهم من يريد العاري والفاضح، هل عليها إثم إذا استجابت لرغبة الصنف الثاني واشتغلت لهم على رغباتهم؟
نعم عليها إثم؛ لأنها معينة على الإثم والعدوان، والله يقول سبحانه: ..وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ.. (2) سورة المائدة، فليس لها أن تعين المرأة التي قد ذهب حياؤها ورق دينها وضعف خوفها من الله -عز وجل- ليس لها أن تعينها على الفجور وأسباب الفجور، فاللباس العاري هذا فجور وشر عظيم وبلاء كبير، ووسيلة إلى الفساد العظيم، فليس لها أن تعينها على ذلك لا في الخياطة ولا في التفصيل ولا في الكلام أيضا ولا في تسهيل الأمر، بل عليها أن تمتنع من ذلك وتشدد في ذلك وأن تحذر من ذلك، فالمؤمن والمؤمنة كلاهما يأمران بالمعروف وينهيان عن المنكر كما قال الله سبحانه: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ (التوبة: من الآية71) فهذا من هذا الباب من باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وليس لها أن تتساهل في هذا الأمر من أجل الطمع في المال، بل يجب عليها أن تنبه على هذا الأمر وألا يعان مسلم على معصية.  
 
9- لقد ذكر السحر في كتاب الله وهذا يؤكد كل التوكيد أن السحر شيء لا بد أن نؤمن بوجوده، وهذه هي مشكلتي: أنا أبلغ من العمر ثمانية وعشرين سنة ولم أتزوج بعد، وعندي شك بأنني مسحورة، ما هو الطريق الذي أسلكه حتى يبتعد عني ما أخافه؟
هذه يا بنتي أوهام لا ينبغي لك أن تعتقديها، هذه أوهام وليست سحراً ولكنها الأوهام التي تصيب الناس إذا تعطل شيء من شئونهم توهموا أشياء، فلا ينبغي لك أن تعتقدي هذا، نعم السحر موجود وله أسباب، لكن ليس تعطل الزواج أو تعطل بيع السلعة أو طول المرض يدل على السحر، بل قد يقع لأسباب أخرى، وإذا كنت قد شعرتِ من أحد أنه فعل شيئاً أوجب لك ما يضرك تعالجي، والحمد لله، العلاج موجود في كلام الله وكلام رسوله -صلى الله عليه وسلم-، فأحسن علاج وأولى علاج: القرآن الكريم تلاوة الآيات والنفث بها على المسحور؛ فإن هذا من أسباب الشفاء، الله جعل كتابه شفاءً من كل بلاء وشفاء من كل سوء، كما قال -عز وجل-: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدىً وَشِفَاءٌ (فصلت: من الآية44) وقال سبحانه وتعالى: يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدىً وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (يونس:57) وقال سبحانه: وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ (الإسراء:82). فالقرآن كله شفاء، ولا سيما إذا قرأ القارئ المؤمن المعروف بالاستقامة إذا قرأ على المريض ونفث عليه ودعا له فلا شك أن هذا من أسباب الإجابة، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يرقي بعض أصحابه عليه الصلاة والسلام، وقد رقاه جبرائيل، فالرقية أمر معروف، وفي الحديث: (لا رقية إلا من عين أو حمة) يعني لا رقية أولى وأشفى إلا من عين أو حمة، والعين عين العائن، والحمة سم ذوات السموم، فالسحر من ذلك، فإذا ظنت المرأة أنها مسحورة أو الرجل بقرائن وأمارات فليستعمل ما شرعه الله من الدعاء وسؤال الله العافية، ولا مانع أن يستعين ببعض أهل العلم المعروفين بالخير بالقراءة عليه والنفث عليه، وذلك من أسباب الشفاء. ومن أسباب الشفاء أيضاً قراءة آيات السحر التي في سورة الأعراف ويونس وطه في إناء ثم يقرأ معها آية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتين ثم يحسر منها ثلاث حسرات ثم يغتسل بالباقي هذا مجرب في علاج السحر إذا كان موجود السحر مجرب في دواء السحر ومجرب في شفاء الرجل إذا منع عن زوجته وإن جعل في الماء سبع ورقات من السدر الأخضر ــ كان أيضاً من أسباب الشفاء نبه على هذا كثير من أهل العلم ونبه عليه الشيخ عبد الرحمن الحسني في كتابه فتح المجيد في شرح باب ما جاء في النشرة فالمقصود أن هذا والحمد لله ــ وأنه علاج، فالعلاج من أعظم الأسباب التي يشفي الله بها العبد إذا صدق وأخلص لله وخلصت نيته وضرع إلى الله وسأله العافية فهو سبحانه قريب مجيب وهو القائل: ادعوني أستجب لكم، فالله المستعان.

601 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply