حلقة 515: الذكر الجماعي عقب الصلوات - إذا أكلت الدجاجة شيئا فيه دم هل يعد من القاذورات - ترك الصلاة عمداً كفراً - هل يجوز أن تفسر المرأة القرآن حتى وإن كانت معذورة - حكم تكرار الغسل في الوضوء - الإكثار من سجود السهو
15 / 50 محاضرة
1- رأيت في أحد المساجد في بعض البلدان الإسلامية عندما ينتهون من كل صلاة فريضة يسبحون الله بشكل جماعي، أي يقول الإمام: سبحان الله؛ فيقول المأمومون: سبحان الله، إلى أن ينتهوا إلى ثلاث وثلاثين، ويقول الإمام: الحمد لله؛ فيقول المأمومون مثل قوله، وهكذا، أفيدونا عن حكم مثل هذا العمل؟ جزاكم الله خيراً
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على عبده ورسوله، وصفوته من خلقه، وأمينه على وحيه، نبينا وإمامنا سيدنا محمد بن عبد الله، وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله واهتدى بهداه إلى يوم الدين. أما بعد: فهذا العمل الذي ذكر السائل هو أما الإمام والمأمومين يسبحون ويحمدون ويكبرون في صفة جماعية بعد كل صلاة هذا لا أصل له وليس من السنن المشروعة، بل هو من البدع ، فالرسول - صلى الله عليه وسلم - رغب أن يسبحوا ويحمدوا ويكبروا ثلاثة وثلاثين بعد كل صلاة ولم يكن يفعل ذلك معهم في بصفة جماعية، بل يذكر الله في نفسه وكل واحد من الجماعة يذكر الله في نفسه هذا هو المشروع فكل واحد يشتغل في نفسه، فالإمام في نفسه وكل واحد من الجماعة كذلك، فيقول بعد السلام: استغقر الله ، استغفر الله ، استغفر الله ، اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت يا ذا الجلال والإكرام، يقوله الإمام والمأموم والمنفرد، هذه السنه لما ثبت عن ثوبان - رضي الله عنه - مولى النبي - صلى الله عليه وسلم - قال كان النبي - صلى الله عليه وسلم - إذ انصرف من صلاته استغفر ثلاثاً وقال : ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام ) ، وثبت عن عائشة رضي الله عنها في صحيح مسلم أنه كان إذ فرغ من قول ( اللهم أنت السلام ومنك السلام تباركت ياذا الجلال والإكرام انصرف إلى الناس وأعطاهم وجهه الكريم عليه الصلاة والسلام. فهذا يدل على الإمام أن يأتي بهذا قبل أن ينصرف حال كونه مستقبل القبله ثم ينصرف إلى الناس فيقول: (لا إله إلا الله وحده لا شريك له له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير. وإن زاد قال: يحي ويميت. فكل هذا ورد عن الرسول ويقول أيضاً: (لا حول ولا قوة إلا بالله لا إله إلا الله ولا نعبد إلا إياه له النعمه وله الفضل وله الثناء الحسن لا إله إلا الله مخلصين له الدين ولو كره الكافرون اللهم لا مانع لما أعطيت ولا معطي لما منعت ولا ينفع ذا الجد منك الجد). هذا ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بعضه من حديث المغيرة بن شعبه وبعضه من حديث عبد الله بن الزبير - رضي الله عن الجميع-. وقال عليه الصلاة والسلام: (من سبح الله ثلاثاً وثلاثين وكبر الله ثلاثاً وثلاثين وحمد الله ثلاثاً وثلاثين، فتلك تسعاً وتسعون، وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير غفرت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر). أخرجه مسلم في صحيحه. هذا يدل على شرعية هذا الذكر، وأن كل واحد يقوله بنفسه، ما يحتاج إلى أن يكون معه غيره، فأداء ذلك بصفة جماعية من الجماعة أو من الجماعة مع الإمام كل ذلك لا أصل له، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). يعني فهو مردود. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام : ( من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد). متفق على صحته. فنصيحتي لمن يفعل هذا أن يدع ذلك، وأن يسبح الله في نفسه مستقلاً من دون مشاركة غيره، وفق الله الجميع للتوفيق واتباع السنة.
2- إن الدجاج الأبيض يضاف للعلف الذي يتناوله الدم، فهل هذا الدجاج صالح للأكل أم أنه حرام؛ لأنه قد ذُكر في كتب الفقه أن الحيوانات والطيور التي تتغذى على القاذورات على أن يتغير ريحها يُطلق عليها اسم الجلالة، وهي تُعتبر نجاسة، فإذا حُبست وغُذيت بالطعام الطبيعي حتى تزول عنها الرائحة الكريهة يزول عنها اسم الجلالة، ولا تكون نجاسة، السؤال: هل يدخل الدم ضمن ما يمكن أن نطلق عليه قاذورات أم لا؟ جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته، عبد رب النبي أحمد جابر.
نعم إذا كان الطير والدجاج ونحوه أو البهائم الأخرى كالغنم والبقر والإبل إذا تغذت بالنجاسات تسمى جلالة إذا غلب عليها ذلك أما إذا كان الشيء يسيراً من الدم أوغيرها والغالب عليها الشيء الطيب والطعام الطيب فإنها لا تسمى جلالة ولا يضرها ذلك ولا بأس بأكلها فإذا كان يجعل في علفها من الدم شيء يسير فإنه لا يضر إذا غلب عليها الطعام الطيب والشيء الطيب فإنها لا تعتبر جلالة و لا تعتبر نجسه، فإذا غلب عليها القاذورات من النجاسات أو من الدماء تحبس مدة مناسبة وتعلف الطيب ثم تطهر بعد ذلك، وإذا حبست الدجاجة ثلاثة أيام كفى ذلك كما كان ابن عمر يفعل ذلك - رضي الله عنه - وإذا حبست الشاة أكثر من ذلك سبعة أيام أو أكثر والبقر كذلك سبعة أيام أو أكثر وتعلف الطيب زال حكم القاذورات، والله ولي التوفيق.
3- يقول الرسول - صلى الله عليه وسلم - : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة، فمن تركها فقد كفر). ويقول عليه الصلاة والسلام: (بين الرجل وبين الشرك والكفر ترك الصلاة). فنرجو من سماحتكم أن توضحوا لنا معنى كلمة: (الكفر)؟ ومتى يُعد المرء كافراً؟ وهل المقصود من الحديث أن تارك الصلاة يُعتبر كافراً إذا تركها تكاسلاً وخمولاً، أم إذا تركها جحوداً وإنكاراً، أم إذا تركها بأي حال من الأحوال؟ أفتونا في ذلك، جزاكم الله خيراً.
ترك الصلاة من أعظم الجرائم ومن أعظم الكبائر؛ لأن الصلاة عمود الإسلام ولأنها أعظم الأركان بعد الشهادتين، فإن تركها جاحداً لوجوبها أو مستهزءاً بها أو ساخراً بها، ولو فعلها فهذا يكون كافراً بإجماع المسلمين، ويكون مرتداً عن الإسلام إذا تركها جاحداً لوجوبها أو استهزأ بها أو سخر منها فإن هذا يعتبر كافراً كفراً أكبر، ومرتداً عن الإسلام بإجماع المسلمين. أما إذا تركها تكاسلاً وتساهلاً ويعلم أنها واجبة وليس ساخراً بها ولا مستهزءً بها ولكنه يحترمها ولكنه ربما تركها لبعض الأوقات تساهلاً وتكاسلاً كما يفعل بعض الناس في صلاة الفجر لا يصليها وربما ترك صلاة العصر أو صلاة العشاء أو نحو ذلك فهذا فيه خلاف من أهل العلم، فمن أهل العلم من قال أنه يكون كافراً كفراً أكبر ويحتج بالحديثين الذين ذكرتهما أيها السائل، وهما حديثان صحيحان عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أحدهما قوله - صلى الله عليه وسلم - : (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الأمام أحمد بن حنبل في المسند بإسناده الجيد وخرجه أيضاً أبو داوود والترمذي والنسائي وابن ماجه وآخرون بإسناد صحيح عن بريده بن حصيب الأسلمي - رضي الله عنه – النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). والحديث الثاني قوله - صلى الله عليه وسلم - : (بين الرجل وبين الكفرو الشرك ترك الصلاة). خرجه الإمام مسلم في صحيحه ، عن جابربن عبدالله رضي الله تعالى عنهما- عن النبي - صلى الله عليه وسلم – قالوا: والكفر إذا عرف فهو كفر أكبر، وهكذا الشرك إذا عرف فهو شرك أكبر، فالمعنى بين الرجل وبين الوقوع في الكفر الأكبروالشرك الأكبر تركه الصلاة، وهذا يعم من تركها جاهلاً ومن تركها متكاسلاً، وهذا القول هو الصواب، وهو الأصح من قولي العلماء إن من تركها تكاسلاً يكون كافراً كفراً أكبر، ويدل على هذا أيضاً الحديث الثالث وهو قوله - صلى الله عليه وسلم - لما سئل عن الأمراء الذين يخلّون بالدين بعده -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن سيأتي عليكم أمراء فتعرفون وتنكرون، قالوا: يا رسول الله أفلا نقاتلهم قال: لا، إلا أن تروا كفراً بواحاً عندكم من الله فيه برهان). هكذا جاء في الحديث الصحيح في الصحيحين. وفي رواية : (لا أقاموا فيهم الصلاة). فدل على أن ترك الصلاة وعدم إقامتها يعتبر من الكفر البواح الذي يوجب القيام على الوالي إذا ترك ذلك ويعتبر بذلك كافراً كفراً بواحاً يجب أن يقام عليه من المسلمين حتى يُولى غيره على المسلمين فالمقصود أن ترك الصلاة على الأصح يعتبر كفراً بواحاً. وذهب آخرون من العلم إلى تأويل هذين الحديثين وأن المراد كفر دون كفر وشرك دون شرك، وأنه لا يكفر بذلك إلا إذا جحد وجوبها أواستهزأ بها، بل يكون عاصياً أو قد أتى جريمة عظيمة أوكبيرة عظيمة ولكن لا يكون كافراً كفراً أكبر وأن يرى المعروف عند الإمام مالك و الشافعي وأبي حنيفة وجماعة. ولكن القول الأول الأصح وأصوب وأقرب للدليل. فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يستقيم على أداء الصلاة، وألا تمنعه وظيفته أو شهواته من إقامة الصلاة في وقتها، بل يجب أن يحذر ذلك، وكذلك لا يجوز له أن يطاوع جلساء السوء في ذلك، بل يجب أن يحذر ذلك، وأن يكون قوياً على جلساء السوء يأمرهم بالصلاة ويعينهم عليها، وإذا تركوها فارقهم وخالفهم وأداها في وقتها، هذه نصيحتي لكل مسلم فليتق الله كل مسلم وليحذر ترك الصلاة فإن تركها من أعظم الجرائم، بل تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء، بسببه لا يجوز له أن تبقى معه زوجته المسلمة، بل عليها أن تفارقه وأن تمتنع منه حتى يتوب إلى الله - سبحانه وتعالى - من ترك الصلاة، وفق الله الجميع للعافية والهداية. فالخلاصة: أن من تركها جاحداً فقد أجمع المسلمون على أنه كافراً كفراً أكبر، لكن من تركها تكاسلاً ويعلم أنها واجبة ويعترف أنها واجبة ولكن يحمله الكسل والتهاون وقلة المبالاة على تركها فهذا هو الذي فيه الخلاف والصواب أنه يكون كافراً كفراً أكبر للأحاديث التي سمعتها في الجواب.
4- هل يجوز أن تفسر المرأة القرآن حتى وإن كانت معذورة؟
نعم لها أن تفسر القرآن إذا كان عندها علم، تنقل من كلام المفسرين، وتفسر من كلام أهل التفسير المعروفين كابن كثير وابن جرير والبغوي، وغيرهم من أهل العلم إذا كانت على بصيرة وعلى علم فلها أن تفسر ولو كانت في حالة الدورة الشهرية أوفي حال النفاس لأن الصحيح من أقوال العلماء أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب، ليس مثل الجنب، الجنب مدته قصيرة، فليس له القراءة حتى يغتسل، أما الحائض والنفساء فمدتهما طويلة فلا بأس أن تقرأا عن ظهر قلب وإن كانتا في مدة الحيض والنفاس على الصحيح، وأما حديث ابن عمر المعروف أن الرسول - صلى الله عليه وسلم - نهى أن تقرأ الحائض شيء من القرآن فهو عند أهل العلم ضعيف لأنه من رواة إسماعيل بن عياش عن الحجازيين وهو عندهم ضعيف إذا روى عنه ضعيف عند أهل العلم، وإنما فتواه ورواياته عن الشاميين.
5- هل التكرار في الوضوء مثلاً تكرار غُسل الوجه ثلاث مرات واجب أم مستحب؟
التكرار سنة مستحبه، والواجب مرة مرة، يتمضمض مرة، يستنشق مرة، ويغسل وجهه مرة وذراعية مرة مرة ويمسح رأسه وأذينه مرة، ويغسل رجله اليمنى مرة مع الكعبين واليسرى مرة مع الكعبين هذا هو الواجب، وقد فعله النبي - صلى الله عليه وسلم - وتوضأ مرة مرة كما في البخاري في الصحيح. وإن توضأ مرتين مرتين فهذا أفضل من المرة، وإن توضأ ثلاث فهي النهاية، وهو الكمال، ولكن الرأس لا يمسح إلا مرة مطلقاً، إلا الرأس فإنه يمسح مرة واحدة؛ يمسح يديه وأذنيه مرة واحدة؛ لأن هذا هو المحفوظ من فعله - صلى الله عليه وسلم -.
6- هل يجوز عدم دفع أجرة الخياط كاملة لأنه مرتفع الثمن؟
يقول النبي - صلى الله عليه وسلم - :(المسلمون على شروطهم). والله يقول فوق ذلك: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَوْفُواْ بِالْعُقُودِ [(1) سورة المائدة]. فإذا تعاقدت المرأة أو الرجل مع الخياط على شيء معلوم وجب عليهم أداءه مرتفعاً أو غير مرتفع (المسلمون على شروطهم). ويقول عمر - رضي الله عنه- : [مقاطع الحقوق عند الشروط]. فإذا اتفقا على أنه يخيط هذا الثوب بعشرة بعشرين بثلاثين واتفقا على هذا وسلموا له الثوب وجب عليهم أن يؤدوا له الأجرة.
7- تسأل عن تفسير قول الحق - تبارك وتعالى - : أعوذ بالله من الشيطان الرجيم إِنَّ اللَّهَ لا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا مَا بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا [البقرة:26]؟.
على ظاهر الآية : إن الله لا يستحي الحياء يوصف بالرب جل وعلا كما في الحديث: (إن ربك حيي كريم). وفي الحديث الآخر أن سبعة دخلوا المسجد والنبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الناس فجاء أحدهم فجلس في الحلقة يستمع والثاني والثالث خرج فلما فرغ النبي - صلى الله عليه وسلم - من حديثه عليه الصلاة والسلام قال: (ألا أنبئكم بشأن الثلاثة؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: أما أحدهم فآوى فآواه الله، وأما الثاني فاستحيا فاستحيا الله منه، وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه). متفق على صحته. فالمعنى أنه يوصف ربنا بالحياء على الوجه الذي يليق به، ليس من جنس حيائنا حياء الله يليق به ولا يعلم كيفيته إلا هو - سبحانه وتعالى - مثل ما نصفه بأنه يضحك ويغضب ويرضى ويرحم ويحب ويكره كل ذلك على الوحه الذي يليق به - سبحانه وتعالى -: إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ [(222) سورة البقرة]. إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ [(42) سورة المائدة]. (إن الله يرضى لكم ثلاثا). (يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهم الآخر كلاهما يدخلا الجنة). إلى أحاديث أخرى، فالمقصود أن الله -جل وعلا- المقصود بالصفات التي أخبر بها عن نفسه أو أخبر بها رسوله -عليه الصلاة والسلام- في الأحاديث الصحيحة، لكن على الوجه اللائق بالله نمرها؛ كما جاءت كما قال أهل السنة والجماعة نمرها كما جاءت مع الإيمان بها واعتقاد أنها حق، وأنها تليق بالله ولا يشابهه فيها الخلق - سبحانه وتعالى - كما قال - عز وجل - :قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ [سورة الإخلاص]. وقال - سبحانه وتعالى - : لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ [(11) سورة الشورى]. وقال - سبحانه وتعالى - : فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ [(74) سورة النحل]. قال مالك - رحمه الله تعالى - مالك بن أنس إمام دار الهجرة في زمانه، في القرن الثاني، وهكذا قال سفيان الثوري وابن عيينه وإسحاق بن راهويه والأوزاعي وأشباههم، قالوا في آيات الصفات والأحاديث: أمروها كما جاءت. أمروها بلا كيف. يعني أمروها واعتقدوا معناها وأنه حق لائق بالله لايشابهه في ذلك خلقه فهكذا الحياء: إِنَّ اللَّهَ لاَ يَسْتَحْيِي أَن يَضْرِبَ مَثَلاً مَّا بَعُوضَةً [(26) سورة البقرة]. وفي آية الأحزاب: وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ [(53) سورة الأحزاب]. وهو - سبحانه وتعالى - لا يستحيي أن يضرب الامثال بالبعوضة أو بالعنكبوت كما وقع في سورة العنكبوت، أو بالذباب كما وقع في سورة الحج، فضرب مثلاً بالذباب كل هذا حق لبيان الحق وإيضاح الحق لعباده - سبحانه وتعالى - هذا ليس في هذا حياء. وكذلك رسله وأنبياؤه وأهل العلم لا يستحون أن يوضحوا للناس الحق بالأمثال وإن كانت الأمثال في أشياء حقيرة من الدواب، فربنا يوصف بالحياء، ويقال إنه حيي كريم، ويقال إنه لا يستحيي من كذا وكذا على الوجه اللائق بالله، لا يشابه خلقه في شيء من صفاته، ولا يماثلهم، بل هو موصوف بصفات الكمال على الوجه اللائق بالله، ولا يعلم كيفيتها إلا هو، فهو يضحك ولا نعلم كيف يضحك الله الذي يعلم هذا - سبحانه وتعالى - لكن نعلم أنه ضحك ليس مثلنا، بل ضحك كامل يليق بالله لا يشابه ضحك المخلوقين، كذلك يرضى ونعلم أنه يرضى، ولكن ليس كرضائنا نعلم أنه يرحم ليس كرحمتنا، نعلم أنه يغضب ليس كغضبنا، نعلم أنه سميع ليس كأسماعنا بصير ليس كأبصارنا وسمعنا كل هذا يليق بالله، وهكذا بقية الصفات كلها تليق بربنا لا يشابه فيها خلقه في وجه من الوجوه، خلافاً لأهل البدع من الجهمية والمعتزله ومن شاركهم في بعض ذلك كالأشاعرة وما أشبه ذلك. الواجب على المسلم أن يتقي الله وأن يسير على منهج رسوله - صلى الله عليه وسلم -، وعلى منهج أئمة السنة من أهل السنة والجماعة، وذلك بالإيمان بأسماء الله وصفاته وإمرارها كما جاءت، واعتقاد أنها حق، وأنها لائقة بالله، وأنه - سبحانه وتعالى - ليس له مثيل، ولا شبيه، ولا نظير، وأنه أعلم بصفاته وكيفيتها من خلقه - سبحانه وتعالى -: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ فنمرها كما جاءت، ونقول أنها حق، ولكن من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل نقول كما قال السلف الصالح: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ - سبحانه وتعالى -. جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم.
8- هل يجوز حمل القرآن في الصلاة وقراءته وعدم الترتيب أيضاً في قراءة السور؟
لا حرج في ذلك، إذا دعت الحاجة إلى ذلك كما في صلاة التراويح والقيام إذا قرأ من المصحف لا حرج في ذلك، والأفضل أن يرتب الآيات ولا يخل بذلك، فإن قرأ بعض الآيات في ركعة وآيات أخرى؛ لأنه ما يحفظ إلا ذلك، أو لأن قراءته لبعض الآيات غير مستقيمة فيقرأ الآيات قراءة مستقيمة والتي يعجز عنها يؤخرها فلا بأس بذلك. المقصود أنه لا حرج في ذلك إذا كان لمصلحة شرعية أن يقرأ بعض الآيات ويترك بعض الآيات؛ لأنه يقيم هذه الآيات وقد درسها وحفظها، ولأنه لا يستطيع أن يقيم الآيات الأخرى؛ لأنه ما درسها كما ينبغي أو لأنه يحفظ هذه ولا يحفظ هذه كل ذلك لا حرج فيه.
9- إنني أكثر من سجود السهو هل في هذا شيء ؟
لا ينبغي ذلك، السنة سجدتان فقط، ولو سها مائة مرة، لو سها الإنسان في صلاته مائة مرة، السهو له سجدتان فقط لا يزيد على ذلك، ولا يجوز الزيادة على ذلك، فلو مثلاً قام عن التشهد الأول في الظهر أو العصر أو المغرب أو العشاء، قام من التشهد ناسياً ثم مثلاً نسي التسبيح في الركوع سبحان ربي العظيم أو نسي التسبيح في السجود سبحان ربي الأعلى أو نسي ربي اغفر لي بين السجدتين، أو نسي بعض التكبيرات أثناء قيامه أو قعوده فإنه يكفي سجدتان فقط عن الجميع كلها، وليس له أن يكرر سجدتين أخريين، لا، سجدتان كافيتان عن جميع السهو هكذا فعل النبي - صلى الله عليه وسلم - فإنه في بعض الأحيان عليه الصلاة والسلام سلم من ثنتين وقام واستقبل الناس يظن أنه أكمل الصلاة فنبه -عليه الصلاة والسلام- فقام وكمل صلاته ولم يسجد سوى سجدتين مع أنه سلم تسليمتين وقام وذهب ورجع، فأتى بأشياء من الأعمال ساهياً، ولكن سجد سجدتين فقط عليه الصلاة والسلام. المذيع: كأني فهمت سماحة الشيخ جانباً آخر للسؤال، وهو أنها تصلي الظهر مثلاً ثم تصلي سجود السهو ولو لم تلاحظ أنها سهت وتصلي العصر ثم تصلي سجود السهو، وهكذا؟ الشيخ: هذا غلط هذا ما يجوز ، هذه ما عندها سهو تأكد من سجود السهو الأوهام ماتصلح الأوهام والوساوس ما تجوز، هذا من عمل الشيطان إنما تسجد للسهو إذا علمت أنها سهت سهواً يجبر بسجود السهو علمت أنها مثلاً تركت التشهد الأول قامت ناسية يعني مثلاً نسيت سبحان ربي الأعلى في السجود، نسيت سبحان ربي العظيم في الركوع، فالأصح في هذا أنها تسجد للسهو في مثل هذا، وإن كان بعض أهل العلم لا يرى ذلك واجباً، لكن الصحيح أن التشهد الأول واجب، وأن سبحان ربي الأعلى في السجود واجب، سبحان ربي العظيم في الركوع واجب ولو مرة واحدة، ربي اغفر لي بين السجدتين كل شيء واجب على الأصح فمن تركه ساهياً سجد له، فلو اجتمعت هذه الأمور سها في التشهد الأول وسها في ترك التسبيح في الركوع أو السجود يكفي سجدتان، والحمد لله، وهكذا لو مثلاً شك سجد سجدة أو سجدتين فأتى بسجدة ثانية إذا تيقن أنه سجد سجدتين فإنه يكفي سجدتان للسهو عن هذا وعن سجود السهو الآخر.
447 مشاهدة
-
1 حلقة 501: تبرك الصحابة برسول الله، وحكم قياس الصالحين عليه - الصلاة بالنعلين مع وجود النجاسة فيهما - حكم من تمنى لزوجته بالموت ثم بعد سنة توفيت - الصلاة خلف الكاهن والمشعوذ - إكراه المرأة على الزواج - إكراه المرأة على الزواج
-
2 حلقة 502: حكم المحاماة في الإسلام - الآخرة هل هي عالم مادي أو روحاني؟ - معنى حديث (إذا ساد القبيل فاسقهم، وكان زعيم القوم أرذلهم ...) - الهروب من الزوج لأجل خوف الحمل - استخدام وسائل تنظيم الحمل إذا كانت المرأة ضعيفة أو مريضة
-
3 حلقة 503: امتهان ما فيه ذكر الله من الكروت والقصاصات والجرائد - أخذ المصاحف من المساجد بدون إذن الواقفين - الأكل نسيانا لا يفطر سواء كان الصيام فرضا أو نفلا - حكم البقاء مع زوج لا يصلي وسيء العشرة - ساعات الجمعة التي رتب عليها الأجر
-
4 حلقة 504: من علامات الساعة الكبرى والصغرى - كثرة موت الفجأة آخر الزمان - حديث (اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت عليك توكلت.... ) - التسمي باسم النبي والتكني بكنيته - هل سيحاسبنا الله يوم القيامة على عدم استرداد القدس
-
5 حلقة 505: استخدام وسائل تنظيم الحمل للحاجة - الإجهاض قبل الأربعين - صفة النية في الصلاة وحكم التلفظ بها - نية الصيام.. كيفيتها ومتى تكون؟ - التأمين التجاري والتأمين التعاوني - حكم تعدد الزوجات
-
6 حلقة 506: ضرب الزوجة من غير سبب.. وحكم الإسبال - لبس شرابات الحرير - الحرير الصناعي والطبيعي - دخول أماكن المنكرات للنهي عن المنكر - الصدقة على قاطع الصلاة - الزواج بفتاة لا تصلي - التوبة
-
7 حلقة 507: من أخر الزواج هل يأثم ؟ - هل دفع المرأة الزكاة لابنها يسقط عنها الزكاة؟ - ترك صلاة الصبح أحيانا - نصحها الطبيب بعدم الحج وهي تشعر بالقدرة على الحج - حكم من به مرض لا يقدر على الصوم
-
8 حلقة 508: أهمية الوعظ والإرشاد للناس - الوقاية من الفرق الضالة الأفكار المنحرفة - واجب المدرسين نحو أنفسهم ونحو طلبتهم - السبيل للحد من الفتن المنتشرة؛ كالغناء - حكم التسمية بـ (محسن) - حكم جمع النساء للصلاة بسبب إنشغالهن بأمور البيت
-
9 حلقة 509: حكم قضاء الصلاة المتروكة عمدا لمدة من الزمن - حكم الوصبة للوارث - حكم الانتساب إلى مذهب من المذاهب الأربعة المعروفة - هل رأى رسول الله ربه ليلة الإسراء والمعراج؟ - الإرشاد إلى أفضل الكتب في العقيد الإسلامية الصحيحة
-
10 حلقة 510: هل قراءة سورة يس إحدى وأربعين مرة تُقضى بواسطتها حاجة الإنسان؟ - حكم لبس دبلة الخطبة - السورة أو الدعاء الذي يبعد وسوسة الشيطان - استقدام الخدم الكفار إلى جزيرة العرب - هز الرأس عند السلام من الصلاة
-
11 حلقة 511: حكم من جامع أهله عدة مرات في رمضان ونسي عدد الأيام - ترك الصلاة لمدة طويلة ثم تاب هل عليه قضاؤها - توجيه للصحف والمجلات التي تصدر الفتاوى بغير علم - عجوز لا تستطيع الوضوء فكيف تصلي - كلمة سيدنا ومولانا
-
12 حلقة 512: اليمين على لسانه وأحيانا يحلف في نفسه بالطلاق - هل لمن يطعم عنه لعجزه أجر كأجر الصائم - صلاة ابن مشيش - هل كل الطرق الصوفية على خطأ - من غاب عن زوجته سنة ونصف - عمله يتعارض مع أوقات الصلاة
-
13 حلقة 513: البر بالوالدة غير المسلمة - امرأة ولدت وتوفي زوجها في نفس اليوم فكيف تكون عدتها - هل يجوز لوارث أن يزكي لوالده الذي لم يزكِ؟ - المستحاضة وصلاتها الفائتة - مطلقة تحكي في كلامها - هل يجوز الغش في الامتحانات
-
14 حلقة 514: وقت الكراهة - هل يجوز التصفيق لحاجة أثناء الصلاة - هل يجوز تأخير الصلاة لخوف أوعدم قدرة على الوضوء - تأخير صلاة العشاء - ترك القيام في صلاة التراويح - هل هناك كتب تتكلم عن الملائكة - الزواج أم الدراسة
-
15 حلقة 515: الذكر الجماعي عقب الصلوات - إذا أكلت الدجاجة شيئا فيه دم هل يعد من القاذورات - ترك الصلاة عمداً كفراً - هل يجوز أن تفسر المرأة القرآن حتى وإن كانت معذورة - حكم تكرار الغسل في الوضوء - الإكثار من سجود السهو
-
16 حلقة 516: السحر وتأثيره والذهاب إلى الساحر - هل وقوع السحر يخرج عن قدرة الله وإرادته - حكم إنكار السحر - الأحكام الإسلامية ليس فيها أي تشديد على المرأة - قضية المرأة والطبيب - وسم الدابة في وجهها
-
17 حلقة 517: التفكير في الصلاة - القراءة من المصحف في الصلاة - استعمال الرجيم - الدبلة والشبكة للمخطوبة - هل السؤال في الامتحان لتحصيل الإجابة أو للاستذكار يعتبر من الغش - من تذكر أنه صلى ذات يوم بغير وضوء هل يعيدها
-
18 حلقة 518: لبس المرأة للأبيض - صحة حديث الضعيف أمير الركب - صلاة المرأة مع الجماعة في التراويح - هل الرؤيا توجب شيئا أو تحرمه - متى يجب على المرأة صيام رمضان - من استيقظ بعد طلوع الشمس هل يصلي الفجر سرا أم جهرا
-
19 حلقة 519: كيفية الإخلاص - الوساوس في العبادات - ساعة إجابة الدعاء يوم الجمعة - الصلاة على النبي يوم الجمعة - سورة الكهف يوم الجمعة - كيف يبدأ العبد دعاءه وكيف يختمه - كيف يمارس الإنسان أعمال القلوب - صلاة التسبيح
-
20 حلقة 520: هل للمريض أن يجمع بين الصلاتين - الكناية عن الطلاق بالمسامحة - الكناية في الطلاق تحتاج إلى نية - ينادونه الناس بغير اسمه الحقيقي ومرة أجاب بأن هذا هو اسمه - حكم من ذهب للحج وأصيب بحادث توفي على إثره
-
21 حلقة 521: الحال التي ينبغي أن يكون عليها المسلم - وقت المسلم الدراسة الدوام الرسمي الفراغ الحامل والمرضع في رمضان - الدعاء الجماعي بعد الفريضة - حكم التوابيت والقبور والأضرحة للأموات - المرور بين يدي المصلي هل يبطل الصلاة؟
-
22 حلقة 522: نظرية (داروين) تطور الإنسان من قرد إلى إنسان - المقصود بعرش الرحمن - حكم حضور وسماع المولد مجبرا أو إحتراماً - هل كان غالب أحوال النبي البقاء على الوضوء - التوفيق بين (إن أكرمكم عند الله أتقاكم) و(كمل من الرجال كثير) الحديث
-
23 حلقة 523: حكم ذهاب النساء إلى المقابر لدفن الميت - حكم زيارة القبور للمرأة إذا كانت جاهلة - الأصل في النهي التحريم - المسافة التي يحرم فيها المرور بين يدي المصلي - حكم وقوع النجاسة على موضع معين من الثوب
-
24 حلقة 524: حكم استعمال الكحل للصائم - حكم تدريس مكفوف البصر من الرجال للبنات - حكم تصوير النساء في الصحف والمجلات - تفسير قوله (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ ) الآية - نصحية إلى مشايخ وعوام الطرق الصوفية
-
25 حلقة 525: ترجمة خطبة الجمعة - حكم إسبال الثياب من دون خيلاء - حكم الاجتماع لقراءة القرآن وإهداء ثوابه للميت - نصيحة للأزواج - هل العادات والذنوب موروثة - حديث عفّوا تُعف نساءكم - تأثم المرأة إذا لم ترتد الخمار
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد