حلقة 527: حديث لا هجرة بعد الفتح - بيان قصة الأعرابي الذي بال في المسجد - أوجه الإنفاق في سبيل الله - محدثات وبدع عند موت الميت - صحبة الجن لبعض الناس - حكم قراءة سورتي الغاشية والأعلى يوم الجمعة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

27 / 50 محاضرة

حلقة 527: حديث لا هجرة بعد الفتح - بيان قصة الأعرابي الذي بال في المسجد - أوجه الإنفاق في سبيل الله - محدثات وبدع عند موت الميت - صحبة الجن لبعض الناس - حكم قراءة سورتي الغاشية والأعلى يوم الجمعة

1- قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح) هل هذا الحديث صحيح؟ وإن كان صحيحاً هل ينطبق على زماننا؟ أرجو بيان الجواب مفصلاً ولكم من الله الأجر.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا الحديث صحيح، وقد رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين من حديث عائشة ومن حديث ابن عباس رضي الله عن الجميع، يقول صلى الله عليه وسلم: (لا هجرة بعد الفتح ولكن جهاد ونية وإذا استنفرتم فانفروا)، ومعناه عند أهل العلم: لا هجرة من مكة بعد ما فتحها الله على نبيه عليه الصلاة والسلام، وليس المعنى نفي الهجرة بالكلية، لا، المراد لا هجرة بعد الفتح يعني من مكة إلى المدينة؛ لأن الله جعلها دار إسلام بعد فتحها، فلم يبقَ هناك حاجة إلى الهجرة منها فالمسلمون فيها يبقون فيها، أما الهجرة نفسها فهي باقية؛ ولهذا جاء في الحديث الآخر الصحيح: (لا تنقطع الهجرة حتى تنقطع التوبة)، فمن كان في بلاد الشرك واستطاع أن يهاجر فعليه أن يهاجر، كما قال الله سبحانه إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلآئِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُواْ فِيمَ كُنتُمْ قَالُواْ كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الأَرْضِ قَالْوَاْ أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُواْ فِيهَا فَأُوْلَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءتْ مَصِيرًا * إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (97-99) سورة النساء ، قال الحافظ بن كثير رحمه الله عند هذه الآية: إن الآية تدل على وجوب الهجرة، قال: وذلك مجمع عليه بين أهل العلم، أن الهجرة واجبة على كل من كان في بلاد الشرك، وهو لا يستطيع إظهار دينه فإنه يلزمه أن يهاجر إلى بلاد إسلامية أو إلى بلاد يستطيع فيها إظهار الإيمان، إلا من عجز كما قال سبحانه وتعالى: إِلاَّ الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاء وَالْوِلْدَانِ لاَ يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً يعني بالنفقة وَلاَ يَهْتَدُونَ سَبِيلاً أي لا يدرون الطريق لا يعرفون الطريق حتى يذهبوا فَأُوْلَئِكَ عَسَى اللّهُ أَن يَعْفُوَ عَنْهُمْ عسى من الله واجبة، المعنى فأولئك معفوٌ عنهم، الرجل العاجز والمرأة العاجزة، وهكذا الولدان الصغار تبع لغيرهم ليس لهم طاقة إلا بالله ثم بأهليهم، فإذا كبروا وكلفوا وجب عليهم أن يهاجروا إن استطاعوا من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام، من بلاد يعجز فيها عن إظهار دينه إلى بلاد يستطيع فيها إظهار دينه، ومعنى إظهار الدين يعني الدعوة إلى توحيد الله والإخلاص لله وإقام الصلاة وإقامة الشعائر الدينية، فإذا كان يستطيع ذلك في البلاد التي فيها كفر لم تجب عليه الهجرة، إن استطاع إظهار دينه بأن يعبد الله وحده ويدعو إلى التوحيد وينبذ الشرك ويأمر بالصلاة ويصلي إلى غير هذا فلا حرج عليه، لكن إن كانت إقامته في بلاد الشرك أنفع للمسلمين وأصلح أقام وإلا هاجر ابتعاداً عن الخطر وحذراً من الفتنة، ولهذا يشرع بعث الدعاة إلى بلاد الكفر حتى يدعوا الناس إلى توحيد الله وحتى يعلموا الناس شريعة الله، إذا كانوا أهل علم وفضل ولا يخشون على أنفسهم الفتنة، فإن ذهابهم إلى بلاد الكفار للدعوة والتوصية بالحق والتوجيه إلى الخير أمر مطلوب، كما فعل الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم. سماحة الشيخ: هل تدخل الأقليات الإسلامية في هذا الحديث؟! ج/ تدخل كالبلاد، الأقلية كالقرية إذا كان الأقلية يظهرون دينهم ويستطيعون إقامة الشعائر الدينية من توحيد الله وإقامة الصلاة والدعوة إلى الخير لم تلزمهم الهجرة ولا تجب عليهم الهجرة، أما إن كانوا على خطر لا يستطيعون إظهار دينهم فإنها تجب عليهم إن استطاعوا، أما إذا لم يستطيعوا فالله يعفو عنهم سبحانه وتعالى.  
 
2- قرأت في أحد كتب الحديث حديث الأعرابي الذي بال في طائفة المسجد المروي عن أنس بن مالك رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وذكر من فوائد الحديث دفع أعظم مفسدتين باحتمال أيسرهما، وتحصيل أعظم المصلحتين بترك أيسرهما، أرجو تبيان العلاقة بين هذه القاعدة وبين الحديث المذكور؟ ولكم الأجر من الله تعالى.
نعم هذا الحديث ثابت في الصحيحين: أن رجلاً أعرابياً دخل المسجد فبال في طائفة المسجد، فزجره الناس، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: (لا تزرموه)، ورواه أيضاً البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي عليه الصلاة والسلام أنه قال -لما هموا به قال-: (لا تزرموه) ونهاهم أن يتعرضوه وقال: (إنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، فلما فرغ الأعرابي من بوله، أمر النبي صلى الله عليه وسلم أن يصب على بوله سجل من ماء، يعني: دلو من ماء، واكتفى بذلك، فدل ذلك على فوائد: منها: الرفق بالجاهل وعدم العجلة عليه، وأن المسلمين بعثوا ميسرين لا معسرين، وأن الرفق بالجاهل من التيسير، وأن الشدة عليه من التعسير. وفيه من الفوائد: أن الماء يزيل النجاسة بمجرد إراقته على النجاسة إذا كانت لا جسم لها، ليس لها جسم، فالماء إذا أريق عليها وهو أكثر منها كفى، كالدلو على بول الأعرابي كفت، وأنه لا حاجة إلى أن يُحجَّر على ذلك أو إلى أن ينقل التراب، بل يكفي صب الماء عليه ويطهر بذلك. ومن فوائد ذلك: أن المفسدة الكبرى تدفع باليسرى، وأن المصلحة العظمى تحصل ولو فاتت الدنيا، كما سأل عنها السائل، ووجه ذلك أنهم لو ألزموه بالكف عن ذلك لربما تطاير من بوله قِطعٌ في أماكن كثيرة وربما نجس نفسه ونجس بدنه وثيابه وبدنه، وربما نفر من الإسلام وكره الدخول في الإسلام، هذه مفاسد كبيرة، وكونه يكمل بوله ثم يصب عليه الماء أسهل، كونه يكمل البول ثم يصب عليه الماء ويعلم بالرفق هذا أنفع وأسهل، أقل نجاسة وأقل ضرراً وأقرب إلى تأليف قلبه وإلى محبته لإخوانه المسلمين وإلى دخوله في الإسلام ورغبته في الإسلام، فصارت المفسدة العظمى هي ما يحصل بالشدة عليه والعنف عليه هذا كان ينفره من البقاء في الإسلام ومحبة المسلمين، وهكذا يترتب على ذلك مفسدة من جهة تشتت النجاسة في المحل وكثرتها وتمددها، وكذلك ما قد يصيبه هو في نفسه أو في ثيابه من النجاسة فاتضح أن المصلحة العظمى في عدم تنفيره وتأليفه وفي تقليل النجاسة مقدمة على المصلحة الدنيا وهي في الاستعجال في كفه عن البول ومنعه من البول، وكذلك المسألة العظمى التي تترتب على الشدة عليه من تنفيره من الإسلام وتنفيره من إخوانه المسلمين تعدد النجاسة هذه مفسدة عظمى تركت بارتكاب الدنيا وهي تركه يكمل بوله، هذه مفسدة صغرى، تركت وارتكبت لأن ذلك أسهل من العنف عليه والشدة عليه كما تقدم. هل من أمر يتعلق بالصحة العامة حول هذا الموضوع يا شيخ عبد العزيز؟! ج/ نعم، ذكر بعض أهل العلم أن هذا قد يضره أيضاً، يعني إذا قطع عليه بوله قد يضره من جهة الصحة، فمن المصحلة أن يكمل بوله ولا يقطع عليه؛ لأنه قد يضره من حيث الصحة.  
 
3- إن أنا تصدقت عن والدي فهل يصيبني نفس الأجر، حيث أن والدي متوفى، وأرجو بيان الأوجه التي يمكن الإنفاق فيها عن الميت، وهل الدعاء أفضل من هذا كله؟
الصدقة على الميت مشروعة ومفيدة ونافعة للميت، وقد ثبت في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن ذلك قال له رجل: يا رسول الله إن أمي ماتت أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال: (نعم)، فالصدقة تنفع الميت، ويرجى للمتصدق مثل الأجر الذي يحصل للميت؛ لأنه محسن متبرع فيرجى له مثل ما بذل؛ كما قال عليه الصلاة والسلام: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، فالمؤمن إذا دعا إلى خير أو فعل خيراً في غيره يرجى له مثل أجره، فإذا تصدق عن أبيه أو عن أمه أو ما أشبه ذلك فللمتصدَّق عنه أجرٌ وللباذل أجر، وهكذا إذا حج عن أبيه أو عن أمه فله أجر ولأبيه وأمه أجر، ويرجى أن يكون مثلهم أو أكثر بفعله الطيب وصلته للرحم وبره لوالديه وهكذا أمثال ذلك، ففضل الله واسع، وقاعدة الشرع في مثل هذا: أن المحسن إلى غيره له أجر عظيم وأنه إذا فعل معروفاً عن غيره يرجى له مثل الأجر الذي يحصل لمن فعل له ذلك المعروف، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (إذا مات بن آدم انقطع علمه إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو لد صالح يدعو له)، فأنت يا عبد الله في صدقتك عن والديك وفي إحسانك إلى عباد الله بما تفعله من المعروف لك فيه أجر عظيم، ولمن أحسنت إليهم بأن علَّمتهم وقبلوا منك، وأرشدتهم وقبلوا منك، ودللتهم على خير وقبلوا منك فلهم أجرٌ أيضاً ولك مثلهم. يسأل: هل الدعاء يقوم مقام الصدقة؟ ج/ الدعاء مستقل، الدعاء فيه خير عظيم ولكن لا يقوم مقام الصدقة، الصدقة مشروعة والدعاء مشروع، والدعاء عام للوالدين ولغير الوالدين وهكذا الصدقة، الصدقة نوع من البر والخير والعبادة، والدعاء كذلك، فلا يغني هذا عن هذا، فينبغي للولد وغيره أن يفعل هذا وهذا، يدعو لوالديه ويتصدق، وهكذا عن أقاربه وهكذا عن أحبابه وأصدقائه الطيبين يدعو لهم ويتصدق عنهم كله طيب. إذاً ليس الدعاء أفضل من العمل وليس العمل أفضل من الدعاء؟ ج/ هذا يختلف: قد يكون الدعاء في حالٍ أفضل وتكون الصدقة في حال أفضل، ثم الدعاء ميسور بحمد الله، ما يكلف شيئاً، الدعاء ميسور، والصدقة قد تكلف، وقد يكون أجرها أكبر ولا سيما إذا وقعت في محلها في المقرر المحاويج وعند الحاجة فأجرها عظيم مع الدعاء.   
 
4- بعد دفن أي ميت في بلدتنا ورجوع أهل الميت إلى المنزل يصحبهم الكثير من أهالي البلدة، فيجتمع القُراء في بيت المتوفى، ويقرؤون القرآن بطريقة تقسيم القرآن إلى أجزاء، ويتلونه معاً في ساعة واحدة، كلٌ يقرأ جزءاً أو اثنين، ثم يتناولون طعام الصدقة الذي تم إعداده، وهو عبارة عن عدة رؤوس من الأغنام تم ذبحها قبل دفن الميت، يتم هذا في اليوم الأول والثاني والثالث، ثم في يوم الأسبوع، فهل يصل ثواب القراءة والصدقة على هذا النحو للميت؟ مع العلم أن الذين حضروا وأكلوا من طعام الصدقة ليسوا من المحتاجين؟ أفتونا جزاكم الله عنا وعن المسلمين خير الجزاء.
هذا العمل لا أعلم له أصلاً في الشرع، وهو من البدع التي أحدثها الناس، فليس من عادة النبي صلى الله عليه وسلم ولا من عادة أصحابه الرجوع إلى بيت المتوفى أو غيره بعد الدفن ليجتمعوا على الطعام وعلى قراءة القرآن، ليس هذا من سنة المسلمين فيما نعلم، أما إن كان ذلك من غير قاعدة أو من غير اتباع معين بل صدفة بأن دعاهم بعد ما رجعوا دعاهم بعض إخوانهم وقدَّم لهم طعاماً أو قرأ أحدهم بعض القراءة من غير أن تكون عادة مستمرة ولا سنة قائمة بل عارض لعارض فهذا لا يضر، إن رجعوا وقال بعض إخوانهم: تفضلوا عندي وأطعمهم ما تيسر أو قرأ أحدهم بعض القراءة لأنفسهم هذا لا بأس، أما أن يتخذوا هذا عادة بعد ما يرجعون إلى محل الميت أو إلى محل فلان أو فلان قاعدة ليقرءوا القرآن ويثوبوه ويأكلون مما أعد قبل الموت فهذا لا أصل له، بل هو من البدع، والرسول عليه الصلاة والسلام قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) متفق على صحته، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس علي أمرنا فهو رد) خرجه مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة)، وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم- وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي بإسناد جيد: (وكل ضلالة في النار)، فنصيحتي لإخواني هؤلاء أن لا يفعلوا هذا، وإذا فرغوا من دفن الميت كلٌ يذهب إلى أهله ويروح له ويدعو لميتهم، أما قراءة القرآن للميت فليس لها أصل، وإن قال بذلك جمع من أهل العلم قالوا: لا بأس، لكن ليس له أصل معروف عن النبي صلى الله عليه وسلم ولا عن الصحابة، وقد قال الله عز وجل: ..فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ.. (59) سورة النساء، وقال سبحانه: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ.. (10) سورة الشورى، وبالنظر في كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لا نعلم ما يدل على ذلك عند الرد إليهما، فليس من هدي النبي صلى الله عليه وسلم وليس من هدي أصحابه، ثم فيه تكليف لمن يبذل هذه الأموال سواء كانوا أهل الميت أو غيرهم، وشرع دين لم يأذن به الله، والله يقول سبحانه: أَمْ لَهُمْ شُرَكَاء شَرَعُوا لَهُم مِّنَ الدِّينِ مَا لَمْ يَأْذَن به الله.. (21) سورة الشورى، فالواجب ترك هذه العادة والاشتغال بما ينفع من الدعاء للميت في الطريق وفي البيت والدعاء له والترحم عليه، وإذا أحب أحد أن يتصدق عليه من غير إلزام لأحد فلا بأس، فالصدقة تنفع الميت، أو يتصدق عنه أهله فالصدقة تنفع الميت بأن يعطوا الفقراء صدقة، أو ملابس من ملابسه أو نقود أو طعام كل هذا طيب، من فعله على الميت فهو مأجور، إذا كان الميت مسلماً، كذلك بعث الطعام لأهل الميت إذا صنع لهم جيرانهم أو أقاربهم طعاماً وبعثوا به لأهل الميت لأنهم مشغولون بالمصيبة فهذا مشروع لأنه ثبت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه لما أتى خبر موت جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه في الشام في مؤتة أمر أهله أن يصنعوا لهم طعاماً، أن يصنعوا لأهله طعاماً فقال: (اصنعوا لأهل جعفر طعاماً فقد أتاهم ما يشغلهم)، فأمر ببعث الطعام إلى أهل جعفر رضي الله عنه؛ لأن المصيبة قد شغلتهم عن صنع الطعام لأنفسهم، هذا لا بأس به بل هو مشروع، أما أهل الميت فلا، أهل الميت لا يقدمون الطعام للناس ولا يصنعونه للناس ولا يكلفون بذلك لا من مال الميت ولا من غير مال الميت، لكن لو نزل عليهم ضيف وأطعموه من طعامهم أو أطعموه مما يناسبه لأنه ضيف لا من أجل الميت لا من أجل اتخاذ العادة بل من أجل الضيف فلا بأس.  
 
5- يوجد في منطقتنا شخص يسكن في بيتٍ وحده، ويدعي وجود الجانِّ في بيته، ولا يستطيع -حسب قوله- إشعال النور ليلاً، ويغمض عينيه في أغلب الأحيان، وقد زار منزله بعض من يدعي معرفة الجان، وقالوا: إن البيت فعلاً يسكنه الجان يأكلون معه، وهناك جنية تصحبه دائماً، فهل حقيقة أن الجان تتحكم في بعض الناس بهذه الطريقة، وهل في شريعتنا الغراء ما يتم به طرد الجان من مثل هذا البيت؟ أرجو الإفادة جزاكم الله خيراً، والسلام عليكم ورحمة الله.
نعم، قد يقع هذا لبعض الناس قد يصحبه الجان وقد يضلونه وقد يغرونه بأشياء تضر الناس، وقد يعطونه بعض العلوم المغيبة التي اطلعوا عليها باستراق السمع أو بمجيئهم من بلدان أخرى كأن يخبروه بأنه مات من البلد أو مات فلان في البلد الفلانية؛ لأن الشياطين يخبر بعضهم بعضاً وهو سريعو التنقل من بلد إلى بلد، قد يسترقون السمع ويسمعون شيئاً من الملائكة في السماء أو في العنان في السماء الدنيا أو في العنان فيبلِّغون أولياءهم من الإنس، فالإنسي قد يكون له صاحب من الجن يسمونه الرّئي أهل الجاهلية، ويسمى صاحبه الكاهن، هذا واقع من قديم الزمان، وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك قرين، قد يكون الشيطان الذي مع الإنسان يصحب هذا ويدعوه إلى الحضور وقد يتعاونوا معه على مقاصدهم الخبيثة مع هذا الرجل أو مع هذه المرأة، فهذا واقع في الناس صحبة الجن واتخاذهم أولياء والاستعانة بهم على ضرر بعض الناس أو نفع بعض الناس كل هذا واقع. ولكنه منكر لا يجوز محرم لا يجوز للمسلم أن يتخذهم أصحاباً من طريق الكهانة أو طريق السحر حتى يضرَّ بهم الناس، بل يجب أن يحذرهم ويجب على المسلمين أن يجاهدوا هؤلاء بما يزيلوا شرهم، وولي الأمر يبعث لهم من يستتيبهم فإن تابوا ورجعوا إلى الحق والصواب وإلا عذبهم وعاقبهم بالضرب والسجن حتى يتركوا هذه الشعوذة وهذا الفساد، وإذا علم منهم أنهم يدعون للجن ويستعينوا بالجن ولهم ينذرون صار هذا شركاً أكبر يستحق معه القتل، أو علم منهم أنهم يدعون الغيب بسبب شياطينهم وأنهم يعلمون الغيب وأنه سوف يكون كذا وسوف يكون كذا فهم يستتابون أيضاً فإن تابوا وإلا قتلوا كفاراً؛ لأن دعوى علم الغيب كفر، كما قال الله سبحانه وتعالى: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ.. (65) سورة النمل، وقال سبحانه وَلِلّهِ غَيْبُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ.. (123) سورة هود، وقال الله عز وجل لنبيه صلى الله عليه وسلم: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (188) سورة الأعراف، فإذا كان محمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق وسيد ولد آدم لا يعلم الغيب فغيره من باب أولى. فالواجب القضاء على هذه الشعوذة. وعلى هذا الشخص الذي يفعل ما ذكرت من جلوسه وحده ودعواه أن له جنية وأنه لا ينوِّر في بيته في الليل ويغمض عينيه هذا كله من باب إيهام الناس وأخذ أموالهم بالباطل حتى يقول لهم: افعلوا كذا وافعلوا كذا وسوف يكون كذا وسوف يكون كذا، هذا لا يجوز إطلاقاً على حاله عند من له أدنى تمسك بالشرع من الولاة، فالواجب على ولاة الأمور الإسلاميين أن يأخذوا على أيدي هؤلاء وأن يقضوا على خرافاتهم وشعوذتهم وإفكهم. ومعلوم إذا كان صادقاً أنه يزول عنه هذا إذا تاب إلى الله ورجع إلى الحق وتاب إلى ربه من هذه الأشياء فإنها تبتعد عنه، فإنما تتنزل على كل أفَّاك أثيم، كل كذاب أثيم، على أصحابهم، فإذا تاب ورجع إلى الله وصدق واستعاذ بالله من شرِّهم كفاه الله شرهم، ومن أسباب الوقاية كثرة قراءة القرآن، والتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، إذا دخل المنزل، وأن يقول صباحاً ومساءً: "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، ثلاث مرات، فإنه لا يضره شيء، وهكذا إذا قال: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" ثلاث مرات إذا دخل المنزل، كل هذا من أسباب العافية والسلامة من هؤلاء الأشرار من الشياطين شياطين الإنس والجن، ولا يجوز أن يُقرَّ هذا الشخص وأشباهه على هذا الباطل وعلى هذه الشعوذة المنكرة التي يضل بها الناس ولا سيما الجُهَّال، والله المستعان.  
 
6- عندنا إمام يصلي بنا ولكنه لا يقرأ في صلاة الجمعة إلا الغاشية والأعلى، فهل هذا العمل صحيح، وهل من نصيحة للأئمة حول ذلك؟ جزاكم الله خيراً.
هذا سنة، هذا العمل سنة، النبي صلى الله عليه وسلم قرأ بـ (سبح اسم ربك الأعلى) في الركعة الأولى من الجمعة وقرأ بالغاشية، لكن المداومة عليها أمر لا ينبغي، بل ينبغي أن يقرأ بغيرهما بعض الأحيان كالجمعة والمنافقين لأن النبي قرأ بهما في الجمعة أيضاً عليه الصلاة والسلام قرأ بالجمعة والمنافقين في الركعتين بعد الفاتحة وقرأ بسبح والغاشية في الركعتين وقرأ أيضاً بالجمعة وهل أتاك حديث الغاشية فالمحفوظ عنه صلى الله عليه وسلم ثلاث سور يعني ثلاثة أنواع، النوع الأول سبح في الأولى والغاشية في الثانية بعد الفاتحة، والنوع الثاني الجمعة في الأولى والمنافقون في الثانية والنوع الثالث الجمعة في الأولى والغاشية في الثانية وإن قرأ بغيرهما فلا بأس بعض الأحيان ليعلم الناس أن هذه غير واجبة إذا قرأ بغيرهما فلا بأس في بعض الأحيان ليعلم الناس أن هذه غير واجبة فإذا قرأ بغيرهما بعض الأحيان لا بأس ولكن ينبغي أن يكثر من هذه السور تأسياً بالنبي عليه الصلاة والسلام فتارة يقرأ بسبح والغاشية وتارة يقرأ بالجمعة والمنافقين وتارة يقرأ بالجمعة والغاشية. 
 
7- ليتهم أبقوا مكبرات الصوت على ماهي وإن كان هناك تضرراً لدى البعض فليخفض الصوت ولا ينقطع نهائياً، لأن هذه ميزة امتازت بها بلادنا.
لقد صدر أخيراً الأمر عودة الأمور على حالها الأولى وأن تبقى السماعات مفتوحة وقت الصلاة لينتفع الناس بذلك إلا إذا كان هناك مسجدان متجاوران يحصل بينهما تشويش فإنه يحل المشكل بطريقة خاصة وهذا هو العمل الأخير والذي صدر أخيراً. 

510 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply