حلقة 541: الأخذ من الذبيحة المنذورة - الواجب نصيحة تارك الصلاة - حكم الصلاة على الميت في المقبرة - الذين يسألون الناس لهم ثلاثة أحوال - تحري صلاة الجمعة مع الخطيب المؤثر - الجهاد في سبيل الله - كيفية التوبة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

41 / 50 محاضرة

حلقة 541: الأخذ من الذبيحة المنذورة - الواجب نصيحة تارك الصلاة - حكم الصلاة على الميت في المقبرة - الذين يسألون الناس لهم ثلاثة أحوال - تحري صلاة الجمعة مع الخطيب المؤثر - الجهاد في سبيل الله - كيفية التوبة

1- إن والدتي قد أنذرت منذ زمن بعيد نذراً، والحمد لله قد أعانها الله على الوفاء به، وهي أن تذبح ذبيحة إذا شفى الله زوجها الذي هو والدي، والحمد لله قد شفاه الله، وسؤالها هو: أنها وزعت كل الذبيحة على مستحقيها ولكن أخذت منها جزءاً وهو ما يسمى: (المعلاج)، الذي هو البلعوم والقلب والرئتين، فهل عليها إثم في ذلك؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فإن كانت نذرت توزيعها للفقراء فإنه ... عن هذا الشيء، تشتري من تركتها ما يقابل هذا الجزء الذي أخذته وتتصدقين به على الفقراء، أما إن كانت نيتها أن توزع للفقراء وأن تأكل منها بعض الشيء فليس عليها شيء لقوله عليه الصلاة والسلام: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، فإن كنت لا تعلمين نيتها ولا تعرفين نيتها فالأحوط لك أن تشتري ما يقابل هذا الشيء وتتصدقين بها عنها، إبراء للذمة وحرصاً على سلامتها من التبعة.  
 
2- لها سؤال تشكو فيه من شباب تعرفهم تقول: إنهم عصاة ولا يُصلون، وتذكر أيضاً بعض سيئاتهم وهم محارمها ويسكنون معها في نفس المنزل، وترجو منكم توجيهها كيف تتصرف؟
الواجب نصيحتهم وتحذريهم مما حرم الله، وإخبارهم أن الصلاة عمود الإسلام، وأن تركها كفر أكبر في أصح قولي العلماء، وإن لم يجحدوا وجوبها مع وجوب التحرز منهم والحذر من شرهم؛ لأن من عصى الله وترك الصلاة لا يؤمن شره، فنوصيك أيها الأخت في الله أن تحذري شرهم وإذا تيسر لك فراقهم والانتقال عنهم إلى بيت آخر إلى أمك أو أخ صالح أو عم صالح أو خال صالح فهو أسلم لك من هؤلاء، فإن كنت مضطرة إلى البقاء معهم فاحذريهم واحذري شرهم مع دوام النصيحة والتوجيه إلى الخير وتخويفهم من الله عز وجل، واستعيني على ذلك أيضاً بأهل الخير من أقاربك حتى ينصحوهم، نسأل الله لنا ولهم الهداية.  
 
3- إذا مات الشخص عندنا لا يُصلون عليه صلاة الجنازة إلا في المقبرة، فهل هذا جائز؟ وإذا أردنا دفنه صاح الجميع بصوت مرتفع: لا إله إلا الله، طوال فترة الدفن، وإذا أراد أحد أن يساعد أخاه في عملية الدفن طلب منه المجرفة بقوله: وحد الله، ثم بعد الفراغ من الدفن يقف الملقن على قبر الميت ويقول كلاماً بليغاً يخاطب فيه الميت قد يؤثر في السامعين لما فيه من عبارات التذكير بعذاب القبر ونعيمه، فما الحكم في كل هذا؟ أفيدونا أثابكم الله وسدد خطاكم.
أما الصلاة على الميت في المقبرة فلا بأس، فقد صلى النبي - صلى الله عليه وسلم- على قبر بعدما دفن، لكن الأفضل أن يصلى عليه بالمصلى المعد للجنازة، أو في المساجد حتى يصلي عليه جمع غفير من الناس، الأفضل لأهله أن يقدموه للمسلمين يصلون عليه في المساجد، أو في المصلى المعد لصلاة الجنازة إذا كان هناك مصلى معد لصلاة الجنازة، فإن لم يتيسر ذلك وصلي عليه في المقبرة فلا حرج. أما رفع الصوت بلا إله إلا الله، عند الدفن أو عند الحفر أو عند السير بالجنازة، فهذا لا أصل له، بل المشروع أن الإنسان يفكر وينظر في عاقبة الموت وما بعد الموت، ويحاسب نفسه، ولا يرفع صوته بذكر الله ولا بغير ذلك مع الجنازة، ولا عند الدفن ولا عند الحفر، أما كون الإنسان يتكلم بشيء عادي حال سير الجنازة بينه وبين نفسه من دعاء أو ذكر لله أو في المقبرة أو غير ذلك فلا بأس، أما شيء معتمد وبصوت عال: وحدوه، أو لا إله إلا الله، بصوت جماعي أو عند الدفن، هذا شيء لا أصل له، وقد كان من عادة السلف رضي الله عنهم خفض الصوت عند الجنائز، والتفكير في أحوال الميت وما يقال له وما يقول، هكذا ينبغي للمؤمن أن يفكر عند اتباعه الجنازة وعند حضوره القبور وعند حضوره الدفن يفكر في هذه الأمور العظيمة، وماذا يقال للميت وماذا يقول وهل يجيب أو ما يجيب، يكون عنده في هذا تفكير طويل حتى ينتفع بذلك، ولا مانع من الدعاء والاستغفار بين العبد وبين نفسه والذكر بين العبد وبين نفسه لا بأس بهذا، أما تعمد رفع الصوت بذلك أو بأن يكون صوتاً جماعياً، هذا لا أصل له، والسنة بعد الدفن أن يدعى للميت بالمغفرة والثبات، كان النبي -صلى الله عليه وسلم - إذا فرغ من دفن الميت قال: (استغفروا لأخيكم واسألوا له التثبيت فإنه الآن يسأل)، فالسنة أن يوقف عليه بعد الدفن ويدعى له بالمغفرة والثبات. أما التلقين فهو بدعة، هذا الصواب، بأن يقال: يا فلان اذكر ما ـــ من الدنيا أنك تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، وأن الإسلام دينك وأن محمداً نبيك، وأن القرآن إمامك إلى غير هذا من الكلمات ا لتي يقولون، هذا لا أصل له، جاء في أخبار لكنها موضوعة غير صحيحة، والصواب في هذا والمعتمد في هذا عند أهل السنة أن التلقين لا أصل له، في سنة الرسول - صلى الله عليه وسلم-، وإنما هو بدعة، وإنما يدعى للميت بالثبات والمغفرة بعد الدفن، كما أمر النبي - صلى الله عليه وسلم- بذلك، هذا هو المعتمد وهذا هو المشروع. والله المستعان.  
 
4- يوجد لدينا أشخاص كثيرون يقفون في الطرقات ويمدون أيديهم التماساً للحصول على النقود، ولا ندري أهؤلاء الأشخاص يصلون ويستحقون الصدقة أم لا، وكذلك لا ندري هل هم بحاجة إليها أم لا، ومع هذا فإننا نتحرج إذا لم نعطهم تطبيقاً لقوله تعالى: ((وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ))[الضحى:10]، فهل إعطاؤهم جائز ومطلوب منا، أم هو من قبيل معاونتهم على البطالة والتكاسل عن العمل، وإذا كنا لا نعرف حالهم هل مقيمون لحدود الله أم لا، فما الحكم فيما نقوم به؟ أفيدونا وفقكم الله.
يقول الله سبحانه: وفي أموالهم حق معلوم للسائل والمحروم، في حق المؤمنين، في أموال المؤمنين حق للسائل والمحروم، والسائل له أحوال ثلاثة: تارة تعلم أنه غني، وتارة تعلم أنه فقير، وتارة لا تعلم حاله، فإذا كنت لا تعلم حاله، أو تعلم أنه فقير فالسنة لك أن تعطيه ما تيسر ولو قليلاً (فاتقوا النار ولو بشق تمرة)، أما إن كنت تعلم أنه غني فالواجب نصيحته ونهيه عن هذا العمل وزجره عن ذلك، لأن الله حرمه عليه، لا يجوز السؤال وهو في غنى، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من سأل الناس أموالاً تكثراً فإنما يسأل جمراً، فليستقل الله أو ليستكثر)، فالواجب على من كان عنده ما يكفيه أن لا يسأل، وأن يحذر السؤال، أما أنت أيها السائل، إذا كنت لا تعرف حاله، أو تعرف أنه فقير، فيستحب لك أن تعطيه ما تيسر، للآية الكريمة، وفي أموالهم حق للسائل والمحروم، وفي آية أخرى، :وفي أموالهم حق معلوم، للسائل والمحروم، وليس لك أن تنهره، لقول الله سبحانه: وأما السائل فلا تنهر، ولقوله جل وعلا: قول معروف ومغفرة خير من صدقة يتبعها أذى، وإذا كان شاباً تنصحه أن يعمل إذا وجد عملاً حتى يستغني عن السؤال، إذا كان قوياً حتى ولو كان غير شاب، إذا كان قوياً تنصحه أن يعمل ويكدح ويطلب الرزق، حتى يغنيه الله عن السؤال فالمؤمن ينصح أخاه ويوجهه إلى الخير ويعينه على الخير ويساعده إذا احتاج إلى مساعدة.  
 
5- يوجد في منطقتنا مسجدان أحدهما قريب علينا والآخر بعيد، ولكننا غالباً ما ننصب إلى البعيد، وذلك لأن خطيبه يجيد الخطبة بدون استعمال ورقة مع بلاغته، أما في المسجد القريب لنا فإن خطيبه يستعمل في خطبته الورقة مما جعل أغلب الناس يتجهون إلى ذلك المسجد البعيد ويتركون هذا المسجد، فهل هذا جائز؟ وجهونا إلى الخير والرشاد بارك الله فيكم.
المؤمن يلتمس ما هو الأنفع له، وما هو أكثر أثراً في قلبه، فإذا كانت الصلاة مع البعيد تؤثر في القلب أكثر وينتفع بها أكثر لحسن أسلوب خطابته ولعنايته بالخطبة واهتمامه بها فهذا أولى سواء كان يخطب من ورقة، أو عن ظهر قلب، ولا عيب أن الخطيب يخطب من الورقة لأنها قد تكون أضبط لخطبته وأثبت له، فإذا كان يخطب من ورقة ولكنه يحسن الخطبة ويجيدها ويعتني بما يكتب في الورقة هذا طيب ولا لوم عليه ولا عيب عليه في ذلك، وبعض الناس الذين يخطبون من دون ورقة قد يغلطون كثيراً وقد يرددون الكلام على غير فائدة، فأنت يا أخي عليك أن تستعمل ما هو أصلح لقلبك، وما هو أنفع لك، فالمسجد البعيد فيه زيادة الخطى، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (أعظم الناس في الصلاة أجراً أبعدهم ممشى)، وإذا كانت خطبته أنفع لقلبه وأشد أثراً فيه فلا مانع من الذهاب إليه، أما كونها من ورقة فهذا لا ينبغي أن يكون له أثر، فالخطبة من ورقة أو من غير ورقة كلها جائزة والحمد لله، والخطيب ينظر ما هو أصلح، إن كانت خطبة الورقة أنفع وأصلح وأثبت لقلبه، وأعون له على الأداء الحسن فيخطب من الورقة، وإن كانت خطبته عن ظهر قلب أنفع وأصلح وأشد أثراً في الناس فليفعلها هو أعلم بنفسه وأعلم بما يلقي. إذن يجب ألا يؤثر هذا في الناس؟ نعم، نعم، لا ينبغي أن يؤثر هذا، ينبغي للمؤمن أن يتحرى ما هو الأصلح، في سماع الخطبة وفي الذهاب إلى المسجد الذي يصلي فيه وينبغي للخطيب أيضاً أن يتحرى ما هو الأصلح إن كان أصلح له أن يخطب عن ظهر قلب فعل، وإن كان الأصلح له أن يخطب من ورقة فعل.  
 
6- أنا طالب في الجامعة، ومن خلال قراءتي لكتاب الإسلام للمستشرق: هنري ماسيا، والذي ترجمه: بهيج شعبان، والذي علق عليه وقدم له سماحة الدكتور: مصطفى الرافعي، وسماحة الشيخ: محمد جواد مغنية، بقيت في ذهني مسألتان لم توضح جيداً، وأعتبرهما مسألتان هامتان، وهما: نعلم أن الشهادة هي التي يقوم بها مسلم يحارب لأجل إيمانه ويموت في سبيله مجاهداً فيصبح عند ذلك شهيداً، ولكن فكرة قابلية التضحية خلقت الاضطراب في مفهوم الشهادة والانتحار عندي؟
الشهادة التي أعد الله لأهلها الجنة ومدح أهلها هي التي تصدر عن الرغبة فيما عند الله، والإخلاص لله، والجهاد في سبيله سبحانه وتعالى، سأل رجل الرسول عليه الصلاة والسلام قال: يا رسول الله! أرأيت إن قتلت في سبيل الله أأدخل الجنة؟ أتكفر عني خطاياي؟ أو كما قال، فقال عليه الصلاة والسلام: (نعم، إن قتلت صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر)، فالمؤمن الذي يقاتل في سبيل الله يرجو ثواب الله ويريد نصر دين الله فهذا هو المجاهد في سبيل الله وهو الشهيد إذا قتل، وحكمه الشهادة التي وعد الله أهلها الجنة، أما من جهة حكم الدنيا، فكل مقتول في سبيل الله لا يغسل ولا يصلى عليه والعمل على الظاهر ونيته إلى الله سبحانه وتعالى، فإذا قتل في سبيل الله ومات في المعركة بالقتل، لا يغسل ولا يصلى عليه بل يدفن في ثيابه كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم-، كما فعل النبي - صلى الله عليه وسلم- في شهداء يوم أحد، وأما أجره عند الله، فإن قتل صابراً محتسباً مقبلاً غير مدبر موحداً لله قاصداً وجهه الكريم فإنه تكفر عنه خطاياه ويكون من أهل الجنة، لكن جاء في الروايات الأخرى عن الرسول عليه الصلاة والسلام أنه قال: إلا الدين، قال:أخبرني به جبرائيل آنفاً، فالدين معناه أن صاحبه ما يرجع عليه عليه دينه بل يعطى حقه، إما بأن يُرضي الله عنه، يرضيه الله عنه يوم القيامة من فضله وإحسانه، وإما أن يعطى من حسنات هذا الشهيد ما يقابل الدين، فالشهيد على خير وصاحب الدين لا يضيع حقه، بل الله يقضيه عنه سبحانه وتعالى بما يشاء جل وعلا. موضوع الفداء والاستشهاد في سبيل الله شيخ عبد العزيز، كأنه يطلب المقارنة بينهما أو التفريق بينهما؟ ما أفهم مراده بالفداء؟ كونه يكون فدائياً؟ إذا كان قصده بذلك أن يبارز الناس وأن يجتهد في مهاجمة الأعداء ولو قتل في سبيل الله، هذا مطلوب، إذا كان العدو الأعداء من الكفرة المعروفين وجاهد في سبيل الله، وأقدم على الجهاد ولو قتل رجي له الخير العظيم، ولو قتل، مثلما فعل أنس بن النضر، أنه صرف الناس يوم أحد، وتقدم إلى الجهاد حتى قتل رضي الله عنه، الناس منصرفون وهو متقدم إليهم إلى العدو فجاهد حتى قتل، فوجدوا فيه بضعاً وثمانين ما بين رمية بسهم وضربة بسيف وطعنة برمح رضي الله عنه وأرضاه، فالحاصل أن الفداء أن الذي يسمونه وهو التقدم إلى العدو حرصاً على الشهادة في سبيل الله وحرصاً على قتال الأعداء هذا فيه خير عظيم، وخير كثير. إذن لا يعد هذا من الانتحار؟ ما دام لله، إذا كان لله لا رياء ولا سمعة، إذا كان لله ليس قصده الرياء ولا السمعة، وليس قصده الوطن إنما قصده القتال في سبيل الله، هذا خير عظيم. ولا يعد هذا من الانتحار؟ ما يعد من انتحاراً. 
 
7- ظهور الكتب لمؤلفين مستشرقين باللغة العربية قد أظهر خطراً محدقاً بتفكيرنا الذي نشأ بقراءة كتب السلف الصالح، وإني أوضح ذلك قائلاً: إن أدباءنا وكتابنا ومؤرخينا ظلوا وما لبثوا يستعملون الألفاظ المبجلة لمن كتبوا عنهم، بينما نرى هؤلاء المستشرقين تُحسهم وأنت تقرأ لهم أنهم يعتدلون في ذلك، أي أنك ترى أنهم يكتبون بكل تدبر، ولا يُلقون الكلمات جزافاً، أي أنهم يذكرون العيوب والحسنات، بينما الكاتب العربي حتى ولو أنه يكتب قصة أو شيئاً عن المسلمين تجد أنه يذكر الحسنات دون السقطات والمساوئ، مما جعل القارئ غير واثق فيما يكتب هذا الكاتب العربي المسلم؟!
لا شك أن الكتاب يتفاوتوا ولا ريب أن المترجمين من الناس يتفاوتون فمن الناس من يعتدل ويذكر حسنات الرجل وأعماله الطيبة حتى يقتدى به، وحتى يتأسى به في الخير، ويترك السيئات التي لا ينبغي ذكرها، لأنه لا ينبغي ذكر سيئات الأموات، لأنه غيبة فلا ينبغي ذكر سيئاتهم بل ينبغي ذكر أعمالهم الطيبة التي يقتدى بهم فيها، أما السيئات فينبغي دفنها وعدم ذكرها، لأنها من الغيبة، والله جل وعلا يقول: ولا يغتب بعضكم بعضاً، اللهم إلا أن يكون ذلك الرجل من أهل البدع، من أهل الكفر بالله، ممن يخشى أن يقتدى به في الباطل فيذكر مساوئه ليحذر، ولا يقتدى به في الباطل، فيكون هذا من باب النصيحة للمسلمين، فإذا ذكر المترجم أو المؤرخ بعض عيوب الأموات التي يخشى أن يتأسى بهم فيها، من البدع التي فعلوها أو الدعاية ضد الإسلام أو ما أشبه ذلك وبين هذا ليحذروا ولا يقتدى بهم في الباطل فهذا حسن أما السيئات التي بينهم وبين الله، التي دون الكفر، فينبغي ألا تذكر وأن تترك لأن ذلك من الغيبة وأن تذكر حسناتهم الطيبة وأعمالهم العظيمة التي يدعى لهم بسببها، ويتأسى بهم فيها، هكذا ينبغي للمؤرخ والمترجم للأموات، لكن من اشتهر بالشر والبدعة ونحو ذلك، تبين بدعته وشره الذي اشتهر به حتى لا يقتدى به وحتى تعلم حاله والله المستعان. 
 
8- بما تكون التوبة من الذنوب الكبيرة، وكيف يُستغل رمضان للتكفير عن الذنوب
التوبة لجميع الذنوب لا بد أن تشتمل على أمور ثلاثة كما ذكر أهل العلم: أولاً: الندم على ما مضى من الذنب، وأن يندم عليه ويحزن من فعله إياه. والأمر الثاني: الإقلاع منه وتركه خوفاً من الله، وتعظيماً له. الأمر الثالث: العزم الصادق ألا يعود إليه، هكذا تكون التوبة، وبهذا يمحو الله الخطايا ويحط السيئات، كما قال الله عز وجل: وتوبوا إلى الله جميعاً أيها المؤمنون لعلكم تفلحون، وقال سبحانه: وإني لغفار لم تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى، فهذا يعم جميع الذنوب، الشرك وما دونه، متى تاب إلى الله من ذلك، بهذه التوبة، الندم على الماضي والإقلاع منه وتركه، والعزم الصادق ألا يعود إليه، خوفاً من الله وتعظيماً له، بهذا يعتبر تائباً ويكون كمن لم يذنب، التائب من الذنب كمن لا ذنب له. لكن إن كان الحق الذي تاب منه يتعلق بالمخلوقين فلا بد أيضاً من أمر رابع وهو: رد حقهم عليهم، أو استحلالهم منه، كما نص على ذلك أهل العلم، وجاءت به السنة، وقد صح عن رسول الله عليه الصلاة والسلام: (من كان عنده لأخيه مظلمة من عرضه أو ماله فليتحلله اليوم قبل ألا يكون درهم ولا دينار، إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته، فإن لم يكن حسنات أخذ من سيئاته وطرح عليه)، فالواجب على من عنده حقوق للناس أن يدفعها إليهم أو يتحللهم منها حتى تتم توبته وحتى تقبل توبته، فإن لم يفعل بقي عليه هذا الجزء، وسوف يقتص منه يوم القيامة لصاحبه، إما أن يعطى من حسناته، وإما أن يحمل من سيئات المظلوم على حسب حاله، وفي حديث آخر يقول عليه الصلاة والسلام للناس: (ما تعدون المفلس فيكم؟ قالوا: من لا درهم له ولا متاع، قال عليه الصلاة والسلام: لكن المفلس من يأت يوم القيامة بصلاة وصوم وزكاة، ويأت وقد ضرب هذا وشتم هذا وقذف هذا وضرب هذا وأخذ مال، هذا فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته فإن فنيت حسناته ولم يقض ما عليه أخذ من سيئاتهم فطرحت عليه ثم طرح في النار)، نعوذ بالله، فالواجب من عليه شيء للغير من أموال أو دماء أو أعراض أن يتحللهم وأن يطلب منهم أن يبيحوه ويسامحوه أو ــ عن ذلك بما يشاء، حتى يسلم من تبعة هذه المظلمة، فإن لم يفعل بقيت عليه عهدتها وتبعتها، إلى يوم القيامة، وأما بقية الذنوب مثلما تقدم يكفي فيها الندم والإقلاع والعزم الصادق ألا يعود إليها.   
 
9- هل يستطيع الإنسان أن يحافظ على التوازن في هذه الحياة؟
نعم، يستطيع بتوفيق الله، يستطيع بتوفيق الله أن يحفظ نفسه ويجاهدها حتى يستقيم على طاعة الله وترك محارمه، والوقوف عند حدوده وحتى يصحب الأخيار ويبتعد عن الأشرار وهذا بتوفيق الله، يسأل الله ويستعين به، ومتى صدق مع الله أعانه الله، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً ويرزقه من حيث لا يحتسب، ومن يتق الله يجعل له من أمره يسراً، فمن استقام على التقوى وجاهد نفسه في الله، وحافظ على ما أوجب الله عليه، وابتعد عما حرم الله عليه، ووقف عند الحدود، ومن ترك التوبة بما قد يزل، بما قد تزل به قدمه إلى السيئات فالله سبحانه وتعالى يعينه ويوفقه ويكون بذلك متزناً مستقيماً وقد يرتفع أمره بسبب جهاده الصادق وأعماله الصالحة حتى يكون من السابقين المقربين.  
 
10- هل يستطيع الإنسان أن يحافظ على فطرته التي فطره الله عليها؟
لما تقدم، هذا بيد الله جل وعلا، إنما عليه أن يتعاطى الأسباب وأن يحرص على الاستقامة وأسبابها ووسائلها ويسأل ربه العون والتوفيق، ومن يتق الله يجعل له مخرجاً. 
 
11- ما علاقة الترنم والنغم بأصوات القرآن الكريم؟
الرسول - صلى الله عليه وسلم-، حرض الأمة على تحسين الصوت بالقرآن لأن ذلك أنفع للأمة وأشد أثراً في القلوب، ولهذا جاء في الحديث الصحيح يقول عليه الصلاة والسلام: (ليس منا من لم يتغن بالقرآن ويجهر به)، ويقول: (زينوا القرآن بأصواتكم)، لأن تزيين الصوت وتحسين الصوت بالتلاوة يمكن دخول القرآن في القلوب وتأثر القلوب بسماع آيات الله. بخلاف الصوت غير الحسن فإن ذلك ينفر من سماع القرآن، ويدعوا إلى الإعراض عن القارئ، وقد مر النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة بأبي موسى وهو يقرأ الأشعري رضي الله عنه، فاستمع له وأعجبه صوته عليه الصلاة والسلام، فلما رآه في النهار أخبره عليه الصلاة والسلام، فقال: (لو علمت أنك تسمع لحربته لك تحبيراً) وكان يقول صلى الله عليه وسلم لما سمع صوته يقول: (لقد أوتي هذا مزماراً من مزامير آل داو) يعني صوتاً حسناً. 
 
12-  هل هناك فرق بين مد التجويد ومد الترتيل؟
مد التجويد هو مد الترتيل، يعني ليس له أن يزيد على ذلك، يتمطط غير مشروع هذا، ولكن يكون مده مقيداً بما ذكره علماء التجويد الطبيعي وغير الطبيعي، ينبغي أن يراعي الأحكام التي ذكرها أئمة التجويد، والقراء، حتى لا تكون قراءتهم زائدة مملة.

426 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply