حلقة 551: التبرك ببئر فيه ماء - الزيارة الشرعية والبدعية للقبور - تغير الأسماء المعبدة لغير لله - صيام الأيام البيض - هل فضل صلاة جماعة النساء كفضل جماعة الرجال؟ - اللحوم المستوردة - غسل مكان النجاسة - حكم قص مقدمة شعر الرأس

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

1 / 50 محاضرة

حلقة 551: التبرك ببئر فيه ماء - الزيارة الشرعية والبدعية للقبور - تغير الأسماء المعبدة لغير لله - صيام الأيام البيض - هل فضل صلاة جماعة النساء كفضل جماعة الرجال؟ - اللحوم المستوردة - غسل مكان النجاسة - حكم قص مقدمة شعر الرأس

1- أنه حفر بئراً وفجأة بدأ الناس يتبركون بهذه البئر ويتعالجون من مياهها، ويسأل الآن -سماحة الشيخ- هل عليه إثم في ذلك، أو لا؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فإذا كانت البئر المذكورة فيها ماء ينفع لبعض الأمراض، وحصل تجارب بذلك وانتفع الناس بذلك فلا بأس بذلك، لكن يعلمون ويوجهون أن البرء من الله والشفاء من الله وأن هذا الماء جعل الله فيه بركة ينفع الناس لمرض كذا أو مرض كذا، كما جعل الله في زمزم بركة ينفع الله بها عباده في أشياء كثيرة، سبحانه وتعالى، فالله جعل في بعض المخلوقات خصائص تنفعهم في بعض الأمراض فلا يضر ذلك، لكن يُعلَّم الجاهل أنها ليس عندها بركة، إنما هذا خاصة فيها جعلها الله في هذا الماء ينفع من كذا أو من كذا، يبين له أنها تنفع من كذا وكذا بالتجارب، وأما طلب البركة منها فالبركة من الله، لا يطلب منها بركة، ولكن تطلب البركة من الله والشفاء من الله سبحانه وتعالى، هو الذي يشفي وهو الذي يعطي البركة جل وعلا، ولكن بعض المخلوقات تنفع، كما ينفع لحم كذا من كذا، وثمرة كذا من كذا، والكي من كذا وكذا، والدهن الزيت من كذا وكذا، وهكذا أشياء جعلها الله خاصة في بعض المخلوقات تنفع في أشياء، فلا ينافي ذلك أنها مخلوقة وأنها مربوبة وأن الله خالقها وأن الله هو الشافي والمعافي سبحانه وتعالى، فالحاصل أن بعض المخلوقات فيها خصائص تنفع من بعض الأمراض، فلا مانع من استعمالها في الأمراض التي تنفع فيها بحسب التجارب، ولكن مع الإيمان بأن الشفاء من الله، والبركة من الله سبحانه وتعالى، فلا يطلب منها شيء، لا يطلب منها بركة ولا يطلب منها شفاء، الشفاء من عند الله سبحانه وتعالى، والبركة من عند الله -عز وجل-.  

 

2-  له سؤال عن أولئك الذين يزورون القباب وقبور بعض الصالحين -كما يسميهم-، ما هو توجيهكم شيخ عبد العزيز ؟
يُعلَّمون الزيارة الشرعية، يعلمون زيارة القبور الزيارة الشرعية، كان النبي صلى الله عليه وسلم يُعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: "السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية:، وفي حديث آخر قال: "السلام عليكم دار قوم مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، وأتاكم ما توعدون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد"، وفي حديث آخر قال عليه الصلاة والسلام: "يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين، يغفر الله لنا ولكم، أنتم سلفنا ونحن بالأثر"، هذا وأشباهه يدعى به للموتى، أما وضع القباب على القبور أو المساجد فهذا لا يجوز، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي -رضي الله عنه-: (لا تدع صورة إلا طمستها ولا قبراً مشرفاً إلا سويته)، وصح عنه عليه الصلاة والسلام من حديث جابر عند مسلم في صحيحه أنه نهى عليه الصلاة والسلام عن تجصيص القبور والقعود عليها والبناء عليها، فالقبور لا يبنى عليها بنص النبي عليه الصلاة والسلام، ولا يتخذ عليها مساجد ولا قباب، ولا تُجصَّص ولا يقعد عليها، وتمتهن كل هذا ممنوع، ولا تكسى بالستور، كل هذا ممنوع، وإنما يرفع القبر عن الأرض قدر شبر تقريباً، يُعرف أنه قبر حتى لا يمتهن ولا يوطأ. فالمؤمن يبلغ إخوانه ويعلمهم وهكذا طالب العلم، وهكذا العلماء يعلمون الناس ما شرعه، والمؤمن يتعلم من العلماء، ويُعلِّم من يأتي القبور يقول لهم: إن الزيارة الشرعية كذا وكذا، أما البناء على القبور، أو سؤال الميت والتبرك بتراب القبر أو تقبيل القبر أو الصلاة عنده كل هذه من البدع، فلا يصلى عند القبور ولا تتخذاً محلاً للدعاء، تقصد للدعاء عندها، ولا القراءة عندها، كل هذا من البدع، كذلك طلب البركة منها أو الشفاعة منها أو الشفاء هذا من أنواع الشرك الأكبر، إذا قال: يا سيدي فلان، اشفع لي إلى الله، كونه يقول للميت: انصرني أو اشف مريضي هذا لا يجوز؛ لأن الميت انقطع عمله بعد موته، إلا من ثلاث: صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له، أما أنه يُطلب منه شفاء المرضى، أو النصر على الأعداء أو الشفاعة إلى الله في كذا هذا قد انقطع، لا يجوز طلبه منه، إنما يطلب من الله سبحانه وتعالى، اللهم اشفني، اللهم أعطني كذا، اللهم شفِّع فيّ أنبياءك، اللهم شفِّع فيَّ نبيك محمد صلى الله عليه وسلم، اللهم شفِّع فيَّ ...، اللهم شفِّع فيَّ الملائكة والمؤمنين، هذا لا بأس به، تطلب من الله جل وعلا. فالأصل أن المسلمين ينصح بعضهم بعضاً ويعلم بعضهم بعضاً، بأمر الشرع، والعلماء عليهم بيان ذلك وتوجيه العامة لما شرع الله سبحانه وتعالى، ومن ذلك أن يُعلَّموا الزيارة الشرعية للقبور، التي جاءت في الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم والتي تقدم بيانها، ويعلمون أنه لا يجوز البناء على القبور لا قباب ولا مساجد ولا أبنية أخرى، ولا تُجصَّص ولا يقعد عليها، ولا تتخذ محلاً للدعاء عندها أو الصلاة عندها، أو القراءة عندها، هذه من البدع التي هي من وسائل الشرك، الصلاة عندها والقعود عندها للدعاء والقراءة هذه من وسائل الشرك من البدع، أما دعاء الميت والاستغاثة بالميت والنذر له والذبح له هذا من الشرك الأكبر، نعوذ بالله، من عمل الجاهلية.   

 

3- شيخ عبد العزيز إذا تسمى الإنسان باسم واكتشف أنه اسم غير شرعي، ما هو توجيهكم؟ جزاكم الله خيراً.
الواجب التغيير، مثلاً سمَّى نفسه عبد الحسين أو عبد النبي أو عبد الكعبة، ثم علم أن التعبيد لا يجوز إلا لله، ليس لأحد أن يُعبِّد ولا ينبغي إلا سبحانه وتعالى، عبد الله، عبد الرحمن، عبد الملك، عبد القدير، لا بأس، يغير هذا الاسم، عليه أن يغير، يغير اسمه عبد الحسين أو عبد النبي أو عبد الكعبة، أو نحو ذلك، يغير إلى عبد الله أو عبد الرحمن أو إلى محمد أو أحمد أو صالح أو نحو ذلك، هذا هو الواجب، والنبي صلى الله عليه وسلم غيَّر أسماء كثيرة، غيَّر أسماء كثيرة. المقدم: إذن كان الاسم للأب فما العمل -شيخ عبد العزيز-؟ الشيخ: إذا كان الأب حي يُعلَّم، وإذا مات ما فيه حيلة، يبقى كما هو، النبي صلى الله عليه وسلم ما غير اسم عبد المطلب ولا غير أسماء الآخرين من أهل الجاهلية الذين ماتوا، عبد الكعبة، وعبد المطلب، عبد مناف، عبد الكعبة، ما غير أسماءهم؛ لأنهم عرفوا بها.  

 

4- هل صحيح يجوز قضاء الأيام البيض بحيث يبدأ الإنسان بصيامها ثم يحبسه حابس ويقطعه عن صيامها؟
المشروع للمؤمن والمؤمنة صيام ثلاثة أيام من كل شهر، فإذا صامها أيام البيض فهو أفضل، وإن صامها في بقية الشهر كله طيب، النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بصيام ثلاثة أيام من كل شهر، وبيَّن أن أيام البيض أفضل من غيرها، فإذا كانت المرأة أو الرجل يصومون أيام البيض ثم شغلوا عنها يصومون من بقية الشهر، والحمد لله، لا يسمى قضاء، يسمى صيام الثلاث، لأن الشهر كله محل صيام من أوله إلى آخره، فإذا صام المؤمن أو المؤمنة من أوله أو من وسطه أو من آخره ثلاثة حصل المقصود، وحصلت السنية، وإن لم يصمها في أيام البيض. المقدم: تقصد -وهذا ما أعتقده- أنه إذا فاتت الأيام البيض هل تقضيها إذا فات صيامها؟ الشيخ: ما يسمى قضاء، تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، المشروع لها أن تصوم ثلاثة أيام من كل شهر، سواء وافقت أيام البيض، أم لم توافق أيام البيض.  
 
5- لقد سمعت من البعض أن هناك من الأطباء من يستطيع أن يرد قصار القامة إلى الطول المناسب الذي هو فيه عن طريق الأدوية والحبوب، ولقد شاهدت ذلك في بعض الأقرباء بحيث أن تناولهم لهذه الحبوب رد لهم نموهم الذي توقف في سن معين، فهل هذا جائز؟ أفتونا أثابكم الله.
ليس عندي علم من ذلك، أقول: ليس علم من ذلك، والتجارب تبين الأمر، التجارب تبين الأمر، الله جل وعلا ما أنزل داء إلا أنزل له شفاء، علمه من علم وجهله من جهله، قد يكون القِصر له أسباب مرضية داخلية فإذا هدي الطبيب إلى أسبابها وحالتها فلا أعلم مانعاً من ذلك.  

 

6-  هل فضل صلاة جماعة النساء مثل فضل جماعة الرجال؟
لا أعلم ذلك، الله أعلم، لأن الجماعة شرعت للرجال، أما النساء فقصارى ما يقال فيهن: أنه يجوز لهن أن يصلين جماعة، قصارى ما يقال: أنه يجوز لهن أن يصلين جماعة، وأما هن فليس مأمورات بالجماعة، مأمورات أن يصلين في بيوتهن ولسن مأمورات بالجماعة، لكن لو صلين جماعة فلا بأس ونرجوا لهن الخير في ذلك، إذا كان المقصود من الجماعة الاستفادة حتى يتعلم بعضهن من بعض ويستفيد بعضهن من بعض فهذا طيب، وقد روي عن أم سلمة وعائشة أنهما صلتا ببعض النساء جماعة للتعليم والتوجيه، فلا بأس بهذا ولا حرج، أما كونها يحصل لها فضل الجماعة التي وعد الله بها الرجال فلا أعلم ذلك.  
 
7- نجد لحوماً كثيرة مذبوحة ومستوردة من بلاد غير إسلامية، هل نأكل منها ولا نفكر في عملية الذكاة؟!!
إذا كانت اللحوم من بلاد أهل الكتاب اليهود والنصارى، فلا بأس؛ لأن الله أباح لنا طعامهم، وطعامهم ذبائحهم، فلا مانع من أن نأكل منها إذا لم نعلم ما يمنع منها، فأما إذا علمنا أنها ذبحت خنقاً أو ضرباً بالرؤوس بالمطارق ونحوها أو المسدسات أو صعقاً بالكهرباء فلا نأكل، وقد بلغنا من جهات كثيرة من الدعاة التابعين للرئاسة العامة للبحوث العلمية والإفتاء، التابعين لنا، قد بلغنا عن جماعة منهم أن كثيراً من المجازر تذبح على غير الطريقة الشرعية في أمريكا وفي أوربا، فإذا احتاط المؤمن ولم يأكل من هذه اللحوم يكون أحسن وأسلم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (دَعْ ما يريبك إلى ما لا يريبك)، (ومن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه)، فالمؤمن يحتاط لطعامه، فإذا اشترى الحيوان حياً الحيوان من الدجاج والغنم وذبحها بنفسه يكون أولى وأفضل، أو اشترى من جزارين معروفين، يذبحون على الطريقة الشرعية يكون هذا خير له وأحوط له من اللحوم المستورة التي قد تكون المجازر غير سليمة، أما التحريم فلا يحرم إلا بدليل إلا باليقين، لكن هذا من باب ترك المشتبه. المقدم: إذا كانت أغلفة هذه اللحوم -سماحة الشيخ- مكتوب عليها: مذبوح على الطريقة الإسلامية؟ ج/ ولو كُتب عليها، لأنهم قد يتساهلون بهذا، يروجون بضائعهم بهذه الكتابات، قد يحصل تساهل فيها، إلا إذا علم أن هذا اللحم من مجزرة معلومة تُذبح على الطريق الشرعي فلا بأس، أما ما دام لا يعلم ذلك إنما تباع بالأسواق هكذا، فالاحتياط تركها، والأفضل للمؤمن التورع عنها، (دع ما يريبك إلى ما لا يريبك)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: (من اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه). المقدم: إذن الأولى فيما فهمت من سماحة الشيخ الانصراف إلى المنتج محلياً؟ الشيخ: نعم.  
 
8- ما الحكم إذا دعست قدمي على نجاسة بعد انتهائي من الوضوء، هل أغسل القدم وحدها أم أُعيد الوضوء؟
إذا كانت النجاسة رطبة كالبول والعذرة الرطبة، فعليك أن تغسلي القدم فقط، ولا يعاد الوضوء، إنما تغسلي القدم التي أصابها النجاسة، أما إن كانت النجاسة يابسة والقدم يابسة فليس عليك شيء، إذا كانت القدم يابسة والنجاسة يابسة ما يضر، أما إن كانت النجاسة رطبة أو القدم رطبة فإن عليك أن تغسلي ما أصاب القدم فقط، والوضوء صحيح. والله المستعان.  
 
9-   ما حكم قص الشعر من الأمام أي القصة على الوجه؛ لأني سمعت أن في ذلك تشبهاً باليهود والنصارى، وهل إذا كانت نيتي صالحة في التجمل وليس إلى التشبه سبيل لأن الأعمال بالنيات، فهل أكون آثمة؟
قص الشعر إذا كان لمصلحة وليس فيه تشبهاً بالكافرات لا بأس، وإذا كان لها زوج لا بد من مراعاة رضاه، أما إذا كان القصد التشبه بالكافرات فلا يجوز، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من تشبه بقوم فهو منهم)، وقد ثبت عن أمهات المؤمنين أزواج النبي صلى الله عليه وسلم أنهن بعد وفاته قصصن من رؤوسهن للتخفيف. يا أختنا في الله (ب. ع) من الرياض سنعود إلى بقية أسئلتك في حلقة قادمة إن شاء الله تعالى، لنتيح الفرصة أمام رسائل أخرى وأسئلة أخرى للمستعين الكرام.  
 
10- هناك بعض الأحاديث النبوية المطهرة تنهى عن الأكل والشرب واقفاً، وهناك أيضاً بعض الأحاديث تسمح للإنسان بالأكل والشرب واقفاً، فهل معنى ذلك أننا لا نأكل ولا نشرب واقفين، أم نأكل ونشرب جالسين، وأي الأحاديث أجدر بالاتباع؟
كل الأحاديث الواردة فيها صحيحة، جاء عنه صلى الله عليه وسلم النهي عن الشرب قائماً والأكل مثل ذلك، وجاء عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائماً، فالأمر في هذا واسع، وكلها صحيحة والحمد لله، فالنهي عن ذلك للكراهة، فإذا احتاج الأكل واقفاً أو الشرب واقفاً فلا حرج، فقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرب قائماً وقاعداً، فإذا احتاج الإنسان إلى ذلك فلا حرج أن يأكل قائماً ويشرب قائماً، وإن جلس فهو أفضل وأحسن، وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه شرب من زمزم واقفاً عليه الصلاة والسلام، وثبت عنه من حديث علي أنه صلى الله عليه وسلم شرب قائماً وقاعداً، فالأمر في هذا واسع، فالشرب قاعداً والأكل قاعداً أفضل وأهنأ، وإن شرب قائماً فلا حرج أو أكل قائماً فلا حرج، والحمد لله.  
 
11- بلغني أن بعض المرضى والنساء يبادرون بإقامة صلاة الظهر يوم الجمعة عند سماع النداء الثاني، وحيث أن أكثر خطباء الجوامع يبدؤون بخطبة الجمعة بعد رفع النداء الثاني؛ وذلك قبل دخول وقت الظهر بعشرين أو خمس عشرة دقيقة، فآمل من سماحتكم توجيه الناس، جزاكم الله خيراً.
الواجب على النساء والمرضى الذين يصلون في البيوت أو في المستشفيات ألا يعجلوا حتى يتحقق دخول الوقت، يوم الجمعة وكذلك بقية الأيام، وعندهم التقاويم التي أصدرتها الأوقاف بإمكانهم الاستفادة منها، ولا سيما يوم الجمعة، فإن بعض الخطباء قد يدخل إلى المسجد للخطبة ويبدأ بها قبل الوقت، قد يتساهل، مع أنه ينبغي للخطباء ألا يبدؤوا إلا بعد الزوال، وألا يؤذن للجمعة إلا بعد الزوال كما هو قول جمهور أهل العلم، أكثر العلماء على أن الخطبة تكون بعد الزوال، ولا تصح قبل الزوال، فينبغي للخطباء أن يحتاطوا لدينهم، وأن يحتاطوا لإخوانهم المسلمين، فيكون الدخول والصلاة بعد الأذان، يأتي إلى الجمعة بعد الزوال، والساعات موجودة ومتوفرة والحمد لله، حتى يؤذن المؤذن بعد الزوال، وتكون الخطبة للجمعة بعد الزوال، فيحتاطوا المسلمين ويبتعدوا عما يسبب وقوعهم فيما يخالف الشرع المطهر ولا سيما المرضى والنساء، وعلى النساء وعلى المرضى التثبت في الأمور، وألا يصلوا إلا بعد دخول الوقت والتأكد من دخول الوقت، الظهر والعصر والمغرب والعشاء والفجر، في الجمعة وغيرها، هذا هو الواجب على الجميع.  
 
12-   لدينا عادات وتقاليد مخالفة لشريعتنا الإسلامية الغراء، ومن هذه العادات ما يلي: يجتمع الناس يوم الجمعة قبل صلاة الجمعة فيصلون على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت مرتفع وجماعي، ثم إنهم يستغيثون بالنبي صلى الله عليه وسلم وبأولياء الله الصالحين، بهذه الألفاظ: شيء لله يا رسول الله! شيء لله يا أولياء الله الصالحين! شيء لله يا رجال الله المؤمنين! غيثونا، أعينونا، مدونا بالرعاية، وكأمثال هذه الألفاظ، ويرجو التوجيه جزاكم الله خيراً؟
أما الاجتماع على الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم بصوت جماعي أو بصوت مرتفع فهذا بدعة، والمشروع للمسلمين أن يصلوا على النبي صلى الله عليه وسلم من دون رفع الصوت المستغرب المستنكر، ومن دون أن يكون ذلك جماعياً، كل واحد يصلي بينه وبين نفسه، يقول: اللهم صل على رسول الله، اللهم صل وسلم على رسول الله، اللهم صل على محمد وعلى آل محمد، يصلي بينه وبين نفسه، يوم الجمعة يشرع فيها الإكثار من الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، لأنه أمر بهذا عليه الصلاة والسلام، قال: (إن خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا علي من الصلاة فيها، فإن صلاتكم تعرض علي)، قيل: يا رسول الله تعرض عليك صلاتنا وقد أرمت؟ يعني بليت، قال: (إن الله حرم على الأرض أن تأكل أجساد الأنبياء)، فالمقصود أنه صلى الله عليه وسلم شرع لنا أن نكثر من الصلاة عليه والسلام في يوم الجمعة، فيشرع لنا أن نكثر من ذلك في المسجد وفي غيره، لكن كل واحد يصلي بينه وبين نفسه، الصلوات المشروعة المعروفة، من دون أن يكون ذلك بصوت مرتفع يشوش على من حوله، أو بصوت جماعي، يتكلم الجماعة جميعاً، كل هذا بدعة، ولكن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين نفسه، في مسجده وفي طريقه وفي بيته وفي كل مكان، وهكذا بقية في بقية الأوقات تشرع الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم حتى في غير الجمعة، في بقية الأوقات، الله يقول سبحانه: إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا (56) سورة الأحزاب، اللهم صل وسلم عليه صلاة وسلاماً دائمين إلى يوم الدين، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من صلى علي واحدة صلى الله عليه بها عشراً)، فأنا وأنت والآخر والآخر كل منا مشروع له أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، للرجال والنساء جميعاً لكن بالطريقة التي درج عليها المسلمون، درج عليها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، كل واحد يصلي على النبي بينه وبين نفسه، من غير حاجة إلى أن يرفع صوته حتى يشغل من حوله، ومن غير حاجة أن يكون معه جماعة بصوت جماعي، لا. أما الاستغاثة بالأنبياء، أو بأهل الخير أو بالأولياء فهذا من الشرك الأكبر، هذا أعظم وأطم لا يجوز هذا، لا يقول: يا رجال الغيث أشيء لله، أو يا أولياء الله أشيء لله، أو يا رسول الله شيء لله، أو أغيثونا، أو أعيذونا أو انصرونا كل هذا منكر، وشرك أكبر بالله عز وجل، يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، سماه كفر، ويقول الله عز وجل: ..ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ*إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ.. (13-14) سورة فاطر، سماه الله شركاً، فالواجب الحذر من هذا، والله يقول سبحانه: ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، ويقول جل وعلا: ..ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. (60) سورة غافر، فالله هو الذي يدعى سبحانه وتعالى، هو الذي يسأل هو الذي يكشف الضر، هو الذي يجلب النفع، سبحانه وتعالى، فتقول: يا رب اشفني، يا رب أعني، يا رب اهدني سواء السبيل، يا رب أصلح قلبي وعملي، يا رب توفني مسلماً، تدعو ربك، وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ.. (60) سورة غافر، ويقول سبحانه: ..وَاسْأَلُواْ اللّهَ مِن فَضْلِهِ.. (32) سورة النساء، ويقول جل وعلا: وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ.. (186) سورة البقرة، ويقول النبي صلى الله عليه وسلم: (الدعاء هو العبادة)، فالواجب على المسلمين رجالاً ونساء الإكثار من الدعاء، والحرص على الدعاء، دعاء الله جل وعلا والضراعة إليه، في جميع الحاجات سبحانه وتعالى. أما دعاء الأنبياء أو الأولياء أو غيرهم من الناس عند قبورهم أو في أماكن بعيدة عنهم فكل هذا منكر، وكله شرك بالله عز وجل، وكفر أكبر، يجب الحذر منه، كهذا الذي ذكره السائل: يا عباد الله، يا أولياء الله، يا نبي الله، أعينونا، أغيثونا، انصرونا!! هذا كله من الشرك الأكبر، قال الله جل وعلا: ..إِنَّ الشِّرْكَ لَظُلْمٌ عَظِيمٌ (13) سورة لقمان، ويقول سبحانه: ..وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام، ويقول جل وعلا يخاطب نبيه محمداً عليه الصلاة والسلام: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر، فالأمر عظيم، ويقول سبحانه: ..وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ، فالواجب الحذر، والواجب على كل مسلم وكل من ينتسب إلى الإسلام وكل مكلف أن يعبد الله وحده، وأن يخصه بالعبادة دون كل ما سواه، وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ.. (23) سورة الإسراء، إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) سورة الفاتحة، فلا تسأل نبياً ولا ولياً ولا شجراً ولا حجراً ولا صنماً، ولا غير ذلك، لا تسأله حاجة من نصر ولا شفاء مريض ولا غير ذلك، بل اسأل الله سبحانه حاجتك كلها، هذا هو توحيد الله، وهذا هو الدين وهذا هو الإسلام أن تتوجه إلى الله بسؤالاتك وحاجتك وأن تعبده وحده بدعائك وصلاتك وصومك وسائر عباداتك. أما المخلوق وإن كان عظيماً كالأنبياء لا يدعى من دون الله، ولا يستغاث به، ولا ينذر له، ولا يذبح له، فعلى المسلمين أن يفهموا هذا جيداً، على كل إنسان أن يفهم هذا جيداً، وأن يعلم أن هذا أمره عظيم، وأن أصل دين الإسلام وقاعدة دين الإسلام إخلاص العبادة لله وحده، وهذا هو معنى لا إله إلا الله، فإن معناها: لا معبود حق إلا الله، فالله سبحانه هو الذي يدعى، يسأل، كما قال عز وجل: وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لاَّ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ (163) سورة البقرة، إِنَّمَا إِلَهُكُمُ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَسِعَ كُلَّ شَيْءٍ عِلْمًا (98) سورة طـه، فالخطأ في هذا أمر عظيم جداً لا يجوز التساهل فيه؛ لأنه شرك جاهلي، شرك المشركين الأولين؛ لأنه ضد الإسلام ضد لا إله إلا الله، فالواجب الحذر من هذه الشركيات، وعليك أيها السائل أن تنذر قومك وأن تبغلهم، وأن ترشدهم إلى أن يسمعوا هذا البرنامج حتى يستفيدوا لما فيه من الخير العظيم، هذا البرنامج نور على الدرب فيه خيرٌ عظيم وفوائده كثيرة في التوحيد وفي أحكام الشريعة، فأنا أوصي وأنصح جميع المسلمين أن يستمعوا هذا البرنامج في كل مكان، في داخل المملكة وفي خارجها، أنصح جميع المسلمين وجميع المكلفين أن يسمعوا هذا البرنامج وأن يعتنوا به حتى يستفيدوا منه، وحتى يبلغوا غيرهم من إخوانهم من الرجال والنساء حتى يستفيدوا، وهو بحمد لله برنامج من قال الله قال رسوله، ليس من الآراء، برنامج يبين فيه أهل العلم ما قاله الله ورسوله في توحيده وفي أحكام شريعته، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق.

377 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply