حلقة 579: بعض أعمال المشعوذين - الإنكار على الوالد إذا أراد أن يتزوج شغارا هل يعد عقوقا له - توجيه في العقيدة الصحيحة - يدعو إلى الله ولكن لا يشعر بامتثال نفسه بكل ما يقول - النكاح بدون ولي - متى ثبت الهلال وجب الصوم

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

29 / 50 محاضرة

حلقة 579: بعض أعمال المشعوذين - الإنكار على الوالد إذا أراد أن يتزوج شغارا هل يعد عقوقا له - توجيه في العقيدة الصحيحة - يدعو إلى الله ولكن لا يشعر بامتثال نفسه بكل ما يقول - النكاح بدون ولي - متى ثبت الهلال وجب الصوم

1- الكهان والمشعوذين، حيث انتشر أمرهم حتى بين الطلبة في الامتحانات، وبين أولئك الذين يبحثون عن عمل ولا يجدون، فهؤلاء يكتبون لهم أوراقاً ويأمرونهم بأشياء وأشياء يعتقدون من ورائها أنها ستكون مجلبة للعمل، ويرجون من سماحة الشيخ التوجيه، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد أوضح النبي -عليه الصلاة والسلام- حكم الكهان والمنجمين والعرافين ومن في حكمهم ممن يدعي علم الحوادث، وعلم المستقبل بالتنجيم، أو بضرب الحصى أو بغير هذا من الطرق الخفية التي يزعم أنها تطلعه على علم الغيب، فقد أوضح النبي -صلى الله عليه وسلم- أن حكم هؤلاء أنهم لا يجوز أن يؤتوا، ولا أن يسألوا، ولا أن يصدقوا، فقد ثبت في صحيح مسلم عن بعض أزواج النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين ليلة) هذا الحديث الصحيح يدل على تحريم السؤال المجرد من دون تصديق، فكيف إذا كان مع التصديق؟! فلا يجوز سؤال الكهان ولا إتيانهم، ولا تصديقهم، وفي الحديث يقول -عليه الصلاة والسلام-: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد -صلى الله عليه وسلم-) أخرجه أهل السنن بإسناد صحيح، وقال أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (ليس منا من سَحر أو سُحر له، أو تَكهن أو تُكهن له، أو تَطير أو تُطير له)، فالذين يدعون علم المغيبات، أو الحض، أو الكف، أو متى ينجح فلان، أو متى يقبل في وظيفة أو غير هذا من هؤلاء وأشباههم كل ذلك مما حرم الله سؤالهم واللجوء إليهم، أو تصديقهم، وإنما المؤمن يسأل ربه التوفيق والتسهيل والتيسير، يسأل ربه أن يقضي له حاجته من نجاحٍ في اختبار، من حصول وظيفة تنفعه، إلى غير ذلك. أما إتيان الكهان الذي يدعون علم الغيب بأي طريقة فلا يجوز إتيانهم، ولا سؤالهم، ولا تصديقهم، لما في ثبت في حقهم من الأحاديث الصحيحة التي سبق بعضها، والله المستعان. جزاكم الله خيراً. 
 
2- لي أخت ليست متزوجة والآن استحقت الزواج، تقدم لخطبتها أحد الأشخاص وقال لوالدي: زوجني ابنتك وأزوجك ابنتي، والمعنى على ما يدل بالبدل، وقرر والدي بزواجها بدلاً، وكما سمعنا بأن البدل حرام، ولذلك اعترضته أنا أخوها، اعترضت على والدي حتى لا يتم هذا الزواج، لكن في نفسي شيء، هل أكون آثما عندما أعترض على الوالد في مثل هذه الأشياء؟
قد أحسنت فيما فعلت، ولكن يكون ذلك بالأسلوب الحسن والنصيحة؛ لأن الوالد حقه عظيم، فيكون الاعتراض عليه بالأسلوب الحسن والنصيحة والتوجيه، وإرشاده إلى سؤال أهل العلم، حتى يعلم الحكم الشرعي، وهذا النكاح الذي ذكرت يسمى نكاح الشغار، ويسميه بعض الناس الآن البدل، وهو أن يزوج الرجل ابنته أو أخته أو غيرهما من مولياته كبنت أخيه أو نحو ذلك على آخر بشرط أن يزوجه الآخر ابنته أو أخته أو غيرهما، أو يزوج ابنه، هذا لا يجوز سواءٌ، سمي مهراً أم لم يسم مهراً، لأنه ثبت عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه نهى عن الشغار في عدة أحاديث عنه -عليه الصلاة والسلام- من حديث ابن عمر، من حديث جابر، من حديث أبي هريرة، وغيرهم وقال -عليه الصلاة والسلام-: (لا شغار في الإسلام)، وقال: (الشغار أن يقول الرجل: زوجني بنتك وأزوجك بنتي، أو زوجني أختك وأزوجك أختي) وثبت في مسند أحمد ومسند أبي داود عن معاوية -رضي الله عنه- أنه كتب إلى أمير المدينة في شخصين تزوجا في الشغار وبينهما مهر، فأمره أن يفرق بينهما، وقال هذا هو الشغار الذي نهى عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، وقد ذهب بعض أهل العلم إلى أنه إذا كان هناك مهرٌ كالمعتاد فليس بالشغار، ولكنه قولٌ مرجوح وضعيف، والصواب أنه شغار مطلقاً، سواءٌ كان فيه مهر أو لم يكن فيه مهر، إذا كان كل واحد شرط على الآخر التزويج، زوجني وأزوجك، أو لا أزوجك حتى لا تزوجني، أو ما أشبه ذلك من العبارات الدالة على أنه شرط، أما إذا خطب منه ووافق، ثم خطب الآخر ووافق من دون مشارطة، فلا حرج في ذلك، الممنوع المشارطة، وأن هذا لا يزوج هذا إلا بشرط تزويجه موليته موليه، وهذا فيه فساد كبير، من ذلك أنه جعل بضع هذه مهراً لهذه، هذا هو المعنى في الحقيقة، ومن ذلك أنه يفضي إلى إجبار النساء وظلمهن من أجل مصلحة الولي، ومن ذلك أنه يفضي إلى خصومات كثيرة ونزاع، كلما حصل بين هذه وزوجها شيء حصل بين الأخرى زوجها شيء، وهذا يفضي إلى مفاسد لا تنتهي، فمن حكمة الله -عز وجل- ومن الإحسان إلى عباده، ومن رحمته لهم أن حرم هذا العقد، فالواجب على أهل العلم وعلى كل مسلم أن يحذروا الناس من هذا العقد، وأن يمتثلوا أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- في ذلك، وفيما أحل الله غنية وكفاية عما حرم الله. جزاكم الله خيراً. 
 
3- لقد تعلمت في بلدي الحبشة بعض العلوم الدينية، ولكني لا أعلم صحتها، خاصة فيما يتعلق بالعقيدة، إذ تتخللها بعض التهويمات الصوفية، أدركت هذا بعد قدومي إلى هذا البلد؟ أرجو توجيهي، جزاكم الله خيراً.
العقيدة أهم الأمور، وهي أصل الدين وأساس الملة، وهي التي بدأ بها الرسل -عليهم الصلاة والسلام- أممهم، وبدأ بها نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- أمته، فمكث في مكة بعد النبوة عشر سنين يدعوا إلى توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بأسمائه وصفاته، وأنه رب العالمين، وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق للعبادة، وإن كانت العرب تعرف أن الله رب العالمين وأنه خالقهم، ولكنهم يتخذون معه الأنداد والآلهة من الشجر والحجر والأصنام وبني آدم والجن وغير ذلك، ثم بين لهم -صلى الله عليه وسلم- أن العبادة حق الله وحده، وأن الواجب عليهم إخلاص العبادة لله وحده، وقال: (يا قومي قولوا: لا إله إلا الله تفلحوا)، فلما قال لهم هذا استنكروا ذلك، وأنزل الله في حقهم قوله -تعالى- عنهم أنهم قالوا: أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ[ص: 5]، فالعقيدة هي أهم الأمور، وهي أساس الدين، فالواجب على طالب العلم أن يعتني بها حتى يتقنها على بصيرة، وحتى يعلمها على بينة. فالخلاصة في ذلك أن الذي عليه أهل السنة والجماعة هو الذي بعث الله به الرسل، وبعث به خاتمهم نبينا محمد -عليه الصلاة والسلام- هو الإيمان بالله وحده، وإخلاص العبادة لله -جل وعلا-، والإيمان بأنه المستحق للعبادة، ....... فلا يدعى إلا هو، ولا يستغاث إلا به، ولا يتوكل إلا عليه، ولا يتقرب بالذبائح والنذور إلا له -سبحانه وتعالى- إلى غير هذا من العبادات، كما قال -سبحانه وتعالى-: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء[البينة: 5]، وقال تعالى: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ[الإسراء: 23]، وقال -سبحانه-: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ[الفاتحة: 5]، وقال -عز وجل-: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ[الأنعام: 162-163]، وهذه العبادة خلق الله من أجلها الثقلين كما قال -سبحانه-: وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ[الذاريات: 65]، المعنى أن يخصوني بالعبادة بالدعاء والخوف والرجاء والتوكل والصلاة والصوم الذبح والنذر ونحو ذلك، وبعث الله الرسل بذلك -سبحانه وتعالى-، قال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُواْ اللّهَ وَاجْتَنِبُواْ الطَّاغُوتَ[النحل: 36]، والطاغوت كل ما عبد من دون الله، قال -سبحان-: وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ[الأنبياء: 25]، فالتقرب إلى أصحاب القبور بالذبائح أو بالنذور أو بالدعاء أو طلب الشفاء أو المدد هذا من الشرك بالله -عز وجل-، وهو يناقض قول لا إله إلا الله، فالواجب على المسلمين أن يعبدوا الله وحده، ويخصوه بدعائهم، وخوفهم ورجائهم، وذبحهم ونذرهم، وصومهم وصلاتهم، ونحو ذلك. أما الأموات المسلمون يدعى لهم بالمغفرة والرحمة، تزار قبورهم للذكرى، ذكر الآخر، ذكر الموت، وللدعاء لهم، اللهم اغفر لهم، اللهم ارحمهم، كان النبي يزور القبور -عليه الصلاة والسلام-، ويدعوا لهم بالمغفرة والرحمة، ويقول: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية، يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، فعلم أصحابه أن يدعوا للأموات، ويستغفروا لهم، ويترحموا عليهم، لا أن يُدعوا مع الله، ولا أن يُستغاث بهم، ولا يطلب منهم المدد، لا، هم عاجزون عن ذلك، فهذا بيد الله -سبحانه وتعالى-، وفي حاجة إلى الدعاء لهم، في حاجة إلى أن يدعوا لهم أخوهم المسلم، ويستغفر لهم، كان يزور البقيع -عليه الصلاة والسلام- ويقول: (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين غدا مؤجلون، وأتاكم ما توعدون، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، يدعوا لهم -عليه الصلاة والسلام-، هذا هو الواجب، وهذا هو المشروع في زيارة الموتى، الدعاء لهم الترحم عليهم، والاستغفار لهم، أما أن يطلب منهم المدد، المدد المدد يا فلان، هذا من الشرك الأكبر، أو يا سيدي اشف مريضي، يا سيدي البدوي، يا سيدي الحسين، أو يا فلان أو يا فلان اشف لنا مرضانا، أو المدد المدد، أو انصرنا، أو ما أشبه ذلك، هذا لا يجوز، بل هذا من أنواع الشرك الأكبر، وهكذا إذا فعلها مع الأصنام أو مع الأشجار أو مع الجن كله شرك بالله -سبحانه وتعالى-، أما الحي فلا بأس أن يطلب منه ما يقدر عليه من الأمور العادية، الحي الحاضر القادر تقول: يا أخي ساعدني على كذا، أقرضني كذا، فكني من خادمك، آذاني خادمك أو زوجتك، انهاه عني لا تأذيه بكذا، خادمك آذى فلان، آذى جيرانكم حتى يمنعه من هذا ......، المعتاد لا بأس به بين الناس، وليس من الشرك، إنما الشرك طلب الأموات والاستغاثة بالأموات أو بالغائبين، إذا اعتقد فيهم سراً، وأنهم يسمعون من بعيد، يدعوهم يطلب منهم المدد، هذا هو الشرك الأكبر، أما حيٌ حاضر قادر تخاطبه في الأمور التي يقدر عليها، أو تكتب إليه أو بالهاتف بالتلفون تقول: أقرضني كذا، أو ساعدني في مزرعتي في كذا، أو بعني كذا، أو ماذا ترى في كذا، تشاوره في كذا، هذه أمور عادية بين المسلمين، ....... المسلمين بين الأحياء، سواءٌ كان من طريق المشافهة، أو من طريق المكاتبة، أو من طريق الهاتف التلفون، أو البرقية أو ما أشبه، هذا هذه أمور عادية ليس فيها بأس، إنما المنكر والشرك أن تدعوا الأموات، أو الأصنام الأحجار، أو الأشجار، تدعوهم تسألهم شفاعة، تسألهم الغوث المدد، أو الغائبين عنك الذين يسمعونك تعتقد فيهم أنهم يسمعونك وأن لهم سراً، أو يدعوا الجن أو ما أشبه ذلك، هذا هو المنكر، وهذا هو الشرك الذي أنكرته الرسل -عليهم الصلاة والسلام-، وأنكره النبيون -عليهم الصلاة والسلام-، وبعث الله الرسل بإنكاره والتحذير منه، نسأل الله أن يوفق المسلمين لكل خير، وأن يبصر المسلمين بما فيه رضاه، وأن يهدي جميع المسلمين للفقه في الدين. جزاكم الله خيراً. 
 
4- إنني كثيراً ما أندفع للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، لكنني أُلاحظ على نفسي عدم الامتثال لكل ما أقول، وهذا يجعلني في حيرة وقلق، فبماذا تنصحونني؟ جزاكم الله خيراً.
ننصحك بأن تستعين بالله في الدعوة وفي العمل، وأن تجاهد نفسك حتى تعمل بما أوجب الله، وحتى تنتهي عما حرم الله، وحتى تكون من أسبق الناس إلى ما تدعوا إليه من الخير، وحتى تكون من أبعد الناس عما تنهاهم من الشر، حتى لا يحتج عليك من تدعوه إلى الله، وحتى لا يقول: لو كان هذا صادقاً لما خالف قوله عمله وعمله قوله، فالله يقول -سبحانه-: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ * كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ أَن تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ[الصف: 2-3]، فينكر على بني إسرائيل ويقول لهم –سبحانه-: أَتَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَتَنسَوْنَ أَنفُسَكُمْ وَأَنتُمْ تَتْلُونَ الْكِتَابَ أَفَلاَ تَعْقِلُونَ[البقرة: 44]، فعليك يا أخي أن لا تجبن وأن لا تضعف عن الدعوة إذا كان عندك علم، تدعوا إلى الله على حسب علمك وبصيرتك، وعليك أن تحذر القول على الله بغير علم، عليك أن تتفقه في الدين وأن تتبصر، وأن تدعوا إلى الله على بصيرة، كما قال -سبحانه-: قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ[يوسف: 108]، فإذا كان عندك علم فادع إلى الله على حسب العلم الذي عندك من كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، وعليك أن تسأل أهل العلم المعروفين بالخير والفضل والبصيرة عما أشكل عليك، وأن تجتهد في تدبر كتاب الله والإكثار من قراءته، وهكذا السنة تجتهد في حفظ ما تيسر منها، وتتعقل مراد النبي -صلى الله عليه وسلم-، وتذاكر أهل العلم في ذلك حتى تكون على بينة، وعليك مع ذلك أن تعمل بما أوجب الله عليك، وأن تحذر ما حرم الله عليك، لكي لا تكون كالفتيلة يضيء للناس ويحرق نفسه، فاتق الله لا تضيء للناس وتحرق نفسك، ولكن أضيء للناس ونور للناس واعمل بطاعة ربك، واحذر معصيته -سبحانه وتعالى-، جعلنا الله وإياك من الهداة المهتدين. جزاكم الله خيراً 
 
5- لدينا ما يسمى بيسر عقد النكاح، وهو الاتفاق بين الزوجين على المهر، وإحضار شاهدين بغير إذن الولي، إما لعدم حضوره أو لعدم إذنه، فهل هذا العقد يُعتبر صحيح؟
ليس بصحيح، لا عقد إلا بولي، يقول -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (لا نكاح إلا بولي)، فالمرأة لا تزوج نفسها، ولا تزوج غيرها، فلا بد في النكاح من الولي، النكاح يحضره أربعة: الولي والزوج والشاهدين هذا هو النكاح الشرعي، وليٌ وهو أقرب العصبة إلى المرأة أبوها ثم جدها وإن علا من الذكور، ثم ابنها ثم ابن ابنها وإن نزل، ثم أخوها الشقيق، ثم أخوها لأب، ثم بقية العصبة الأقرب فالأقرب، لا بد من الولي وأن يكون مسلماً معروفاً بالخير عدلاً حسب التيسير، فإن لم يتيسر العدل جاز وإن كان غير عدل إن كان مسلماً، فالمقصود أنه لا بد من الولي، ولا بد من شاهدين معروفين بالخير والعدالة، فالزوج هو صاحب الحاجة، والولي يزوج ويقول: زوجتك فلانة بن فلان أو بنته أو أخته أو نحو ذلك، والزوج يقول قبلت، والشاهدان يشهدان بذلك. أما ما يسمى بالزواج العرفي، وهو كونها تزوج نفسها من دون ولي فهذا لا يجوز، بل هو باطل عند جمهور أهل العلم، وعليه دل النص الصحيح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- وهو قوله: (لا نكاح إلا بولي)، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تزوج المرأة المرأة، ولا تزوج المرأة نفسها). جزاكم الله خيراً 
 
6- إذا كانت البدعة هي كل عمل لم يثبت عن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، أو كل عمل جاء بعد النبي ولم يكن عليه أمره، فماذا عن إثبات هلال رمضان بواسطة المنظار المكبر في الوقت الذي يصعب فيه رؤية الهلال بالعين المجردة؟ علماً بأن هذا المكبر لم يكن موجوداً في عصر الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته)، ثم أليس المقصود هنا الرؤية بالعين المجردة؟
البدعة هي التي أحدثها الناس تقرباً إلى الله، ولم يشرعها الرسول -صلى الله عليه وسلم-، هذه يقال لها: بدعة، كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، يعني في ديننا. فالبدع هي العبادات المحدثة التي ما شرعها الله، يقال لها: بدعة، مثل البناء على القبور، اتخاذ المساجد عليها، ومثل الاحتفال بالموالد، ومثل الاحتفال بعيد الإسراء والمعراج، وما أشبه ذلك، هذه يقال لها: بدعة. أما الاستعانة بالمنظار على رؤية الهلال فليس هذا من القربات، وليس هذا من البدع، بل هذا مما يستعان به على الرؤيا، كما يستعان كونه يكون في محل مرتفع كالمنارة، أو السطوح المرتفعة، أو يبتعد عن المحلات التي فيها ما يشوش على البصر من الغبار، أو شبه ذلك، والعمدة في هذا العين، فالمنظار أو غير المنظار مما يعين على الرؤية لا يضر؛ لأن الرؤية بالعين فقط، وإنما هذا يعين على إدراكها، المرئي وهو الهلال، فإذا استعان لكونه في السطح المرتفع أو في منارة، أو في محلات بعيدة عن التشويش على الرؤية، ومن ذلك المنظار، فلا يضر، إذا كان العمدة على رؤيته بالعين، وإنما المنظار يساعد فقط، فهذا لا يضر، وإنما الذي يمنع أن يعتمد على الحساب، كونه ولد هذه الليلة، أو ما ولد، فالحساب لا يعتمد عند أهل العلم، بل هو إجماع أهل العلم المعتبرين أن الحساب لا يعول عليه في إثبات الهلال، وإنما المعول على الرؤية بالعين، لا بالحساب، فالمنظار الذي يستعان به فقط على الرؤية والعمدة على العين؛ كالمنارة والسطح المرتفع الذي يستعان بالوجود فيه والجلوس للرؤية، والله ولي التوفيق. المذيع/ جزاكم الله خيراً، إذاً البدعة هي ما كان له صلة مباشرة بالعبادة؟ نعم، أما ما يتعلق بالعادات في أمور الدنيا، ولو كان بعد النبي -صلى الله عليه وسلم- كالسيارات والطائرات والتلفون وأشباه ذلك والقطارات هذه لا تسمى بدعة، من حيث الشرع وإن سميت بدعة من حيث اللغة لأنها جديدة. جزاكم الله خيراً 
 
7- ما حكم من يعتمد في رؤية الهلال على العين المجردة إذا كانوا من أهل البادية، وهم يقومون في ليلة تحري الهلال ذكوراً وإناثاً كباراً وصغاراً فينظرون عند غروب الشمس حتى مغيب الشفق، فلا يرون الهلال مهما كانت السماء صافية، ثم يفاجئون في منتصف الليل أنه قد ثبتت رؤية الهلال وذلك في وسائل الإعلام مثلاً، توجيهكم يا فضيلة الشيخ عبد العزيز حول ذلك؟
متى ثبت أنه رُئي بشهادة الثقة وجب الصوم على من بلغه ذلك في المملكة المعينة مثل السعودية مثلاً، أو في أي دولة أعلنت الهلال على الوجه الشرعي، ورؤية الهلال بالعين فإنه يلزم أن يصوم أولئك البادية، وإن لم يروه، فإن البصر يختلف ومعرفة محل الهلال والتحديد عليه تختلف بالنسبة إلى الناس، فليس كل من ترائه يعرف محله وموضع وجوده حتى يركز عليه، وليست الأبصار على حد سواء، بل هي مختلفة، فإذا ثبتت رؤيته عند غيرهم وجب عليهم أن يصوموا إذا كانت الرؤية معتبرة، ــ هذه الدولة، أو من دولة تعتمد على الرؤية لا على الحساب فإن الواجب اتباع ذلك وأن يصام بالرؤية وإن كان أولئك البادية أو القرية أو المدنية لم يروه لأن النبي عليه الصلاة والسلام قال: صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم غليكم فأكملوا العدة ثلاثين، فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا، فاعتمد عليه الصلاة والسلام على الرؤية، بالشهادة من دون حاجة إلى أن يراه الجميع بل متى شهد الشاهدان كفى، بل شاهد واحد ثقة يكفي، قال ابن عمر رضي الله عنهما: ترآءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بالصيام عليه الصلاة والسلام.

360 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply