حلقة 581: طلب العلم وخشية الرياء - نكاح الشغار - رؤيا الأقارب في المنام - بر الوالدين بعد الموت - هل يشترط الحجاب المرأة لون معين - الشياطين والجن وأعمالهم - تعزية من فاتته صلاة العصر -

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

31 / 50 محاضرة

حلقة 581: طلب العلم وخشية الرياء - نكاح الشغار - رؤيا الأقارب في المنام - بر الوالدين بعد الموت - هل يشترط الحجاب المرأة لون معين - الشياطين والجن وأعمالهم - تعزية من فاتته صلاة العصر -

1- إذا حفظ إنسان علماً من علوم الدين؛ لكي يقوم بدوره في القرية التي يسكنها، وحفظ القرآن لكي يصلي بالشباب صلاة قيام رمضان في اليوم بجزء، هل يكون هناك شيء من الشرك الأصغر؟ مع العلم أنني عندما كنت في قريتي أقوم بالخطبة والوعظ في القرى المجاورة، وأصلي بالشباب صلاة القيام بالمصحف، وأريد من ذلك أن أتوسع في العلوم، ولكي استغني عن المصحف في القراءة؟ أرجو توجيهي، جزاكم الله خيراً؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فمن المعلوم بالأدلة الشرعية أن طلب العلم ، والتفقه في الدين من أفضل القربات ، ومن أفضل الطاعات ، وهكذا دراسة القرآن الكريم ، والعناية بالإكثار من تلاوته ، والحرص على حفظه أو ما تيسر منه ، كل ذلك من أفضل القربات ، فإذا قمت بما ينبغي من تعليم أهل قريتك ، وتوجيههم ، والصلاة بهم ، والصلاة بالشباب ، وغيرهم من أهل القرية في رمضان ، فكل هذا عمل صالح ، تشكر عليه وتؤجر عليه ، وليس ذلك من الرياء ، وليس من الشرك إذا كان قصدك وجه الله ، والدار الآخرة ، ولم ترد رياء الناس ، ولا حمدهم ولا ثناءهم ، وإنما أردت بذلك أن تنفعهم ، وأن تتزود من العلم والفقه في الدين ، وإنما يكون شركاً أصغر إذا فعلت ذلك رياءً للناس ، وطلباً لثنائهم ؛ كما قال النبي الكريم - عليه الصلاة والسلام -: (أخوف ما أخاف عليكم الشرك الأصغر). فسئل عنه؟ فقال: (الرياء، يقول الله يوم القيامة للمرائين: اذهبوا إلى من كنتم تراءون في الدنيا ، فانظروا هل تجدون عندهم من جزاء؟). فالرياء هو أن تعمل العمل من أجل رياء الناس حتى يشاهدوك ويثنوا عليك ويمدحوك ، ومن ذلك السمعة كأن تقرأ ليثنوا عليك ويقولون إنه جيد القراءة ويحسن القراءة أو تكثر من ذكر الله ليثنوا عليك ويقولوا يكثر من الذكر أو تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر بقولك لتمدح وثنى عليك هذا هو الرياء ، وهذا هو الشرك الأصغر. فالواجب الحذر من ذلك ، وأن تعمل أعمالك لله وحده ، لا لأجل مراءة الناس ، وحمدهم وثنائهم، ولكن تعلم إخوانك وتصلي بهم ترجو ما عند الله من المثوبة، وتقصد بذلك نفعهم ، لا رياءً ولا سمعة ، وإذا قرأت من المصحف فلا بأس أن تصلي بإخوانك من المصحف في رمضان كان مولى عائشة - رضي الله عنها - يصلي بها من المصحف. فالحاصل أنه لا بأس أن يقرأ القرآن، أن يقرأ المصلي القرآن من المصحف في قيام رمضان إذا كان لا يحفظ ، وإن حفظه وقرأ عن ظهر قلب فهو أفضل وأحسن ، ولكن لا حرج من القراءة في المصحف عند الحاجة إلى ذلك ، هذا هو الصواب ، وفق الله الجميع لما يرضيه. المقدم: جزاكم الله خيراً ، فهمت جانباً آخر - سماحة الشيخ - من رسالة أخينا هو أنه يريد الاستفادة من صلاته بالناس كقراءته للقرآن ومذاكرته ، وأيضاً أن يكسب أجر إمامته للناس؟ الشيخ: كل ذلك طيب ، كونه يقصد نفعهم، ويقصد الصلاة بهم وإعانتهم على الخير، ويقصد مع هذا أن يستفيد، وأن يقوى حفظه للقرآن ، وأن تكثر معلوماته ، كل هذا طيب ، وكلها مقاصد حسنة، ليس فيها رياء. المقدم: ليس فيها رياء ، وهذا هو المقصود جزاكم الله خيراً.. 
 
2- يسأل عن الشغار سماحة الشيخ، ولعله لا يستطيع التفريق بين الشغار وما هو غير شغار في الزواج، ويرجو من سماحتكم التوجيه، إذ يسأل ويقول: هل يجوز أن يزوج أبي ولد عمي ، وعمي يزوجني ابنته، علماً بأن الجميع موافقون على هذا الزواج، ولقصد القرابة والمودة بين الأخوين، وهل يدخل هذا الزواج في حكم الشغار، ما هو رأيكم: هل أتمم هذا الزواج أو لا؟
الشغار قد ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - وفي الأحاديث الصحيحة النهي عنه ، قال : (والشغار أن يقول الرجل للرجل زوجني ابنتك وأزوجك بنتي أو زوجني أختك وأزوجك أختي). هذا هو الشغار أن يقول كل واحد للآخر : زوجني وأزوجك ، هذا يقول : زوجني ابنتك أو أختك وأنا أزوجك بنتي أو أختي على سبيل المشارطة هذا هو الشغار. أما إذا خطب أبوك بنت عمك لك وخطب عمك بنت أبيك وهي أختك لولده ، أو لابن أخيه ، فكل هذا لا بأس به ، إذا لم يكن على سبيل المشارطة والإلزام ، أما إذا كان على سبيل المشارطة لا أزوج حتى تزوج ، يعني كل واحد يقول : لا أزوجك حتى تزوجني أو تزوج ولدي ، هذا هو الشغار المنهي عنه ؛ لأنه جعل كل واحدة مهراً للأخرى ، فهو عقدٌ في عقد ، فلا يجوز ذلك ، ولأنه وسيلة إلى بغض النساء ، وإكراههن على الزواج بمن لا يرضين ، ولأنه وسيلة أيضاً للخصومات والنزاع الكثير ، كلما حصل شيء بين الزوج وزوجته تأست بها الأخرى ، أو ألزمها وليها بذلك ، حتى يكون النزاع مستمراً. فالحاصل أن الشغار أن يقول كل واحدٍ للآخر : زوجني بنتك أو نحوها من مولياته وأنا أزوجك بنتي أو نحوها من موليتك ، مشارطة ، على سبيل الشرط الإلزام ، أما إذا كان من غير هذا الشرط ، بل خطب منه ، وهذا خطب من الآخر ، وكلٌ وافق من دون مشارطة فلا بأس بذلك ولا حرج. المقدم: بارك الله فيكم ، وإن تساوى المهر وإن تساوت التكاليف؟ الشيخ: لا حرج ، نعم ، سواءٌ تساوت أو اختلفت. جزاكم الله خيراً. 
 
3- ما صحة إذا نام الإنسان وله أقارب يراهم في المنام، ويتحدث إليهم ويتحدثون إليه، هل في ذلك تفسير شرعي؟
لا أعلم في ذلك شيئاً خاصاً ، ولكن جاءت السنة عن النبي - صلى الله عليه وسلم - بأن الإنسان إذا رأى في منامه ما يكره فإنه من الشيطان. وبين عليه الصلاة والسلام أنه يشرع له أن ينفث عن يساره ثلاث مرات ، يعني يتفل عن يساره ثلاث مرات ، ويقول: (أعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأيت ، ثلاث مرات ، ثم ينقلب على جنبه الآخر ، وقالها: إنها لا تضره ولا يخبر بها أحداً) هكذا قال عليه الصلاة والسلام. والحديث يقول عليه الصلاة والسلام (الرؤية الصالحة من الله والحلم من الشيطان، فإذا رأى أحدكم ما يكره فلينفث عن يساره ثلاث مرات، وليتعوذ بالله من الشيطان ومن شر ما رأى ثلاث مرات ثم ، ينقلب على جنبه الآخر ، فإنها لا تضره ، ولا يخبر بها أحداً) . وجاء في الحديث الثاني (أنه إذا رأى ما يحب فإنه يحمد الله ويخبر بذلك من يحب) هذا هو السنة في هذا المقام. جزاكم الله خيراً. 
 
4-   ما صحة هذا الحديث: عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن العبد ليموت والداه أو أحدهما وإنه لهما لعاق، فلا يزال يدعو لهما ويستغفر لهما حتى يكتب الله باراً لهما)، ما صحة هذا الحديث؟ بارك الله في علمكم ونفع بكم، والحديث ورد في نصيحة المسلمين وفي صفحة رقم (363).
لا أعرف حال هذا الحديث ، ولا أدري عن صحته ، ولكن المعنى صحيح ، فإن الدعاء لوالديه ، والاستغفار لهما ، والصدقة عنهما من جملة البر بعد الموت ، ولعلَّ الله يخفف عنه بذلك ما سبق من عقوق ، مع التوبة الصادقة ، فعليه أن يتوب إلى الله إذا كان عاقاً لهما ، عليه أن يتوب إلى الله ، ويندم على ما فعل ، ويقلع من ذلك ، ويكثر من التوبة والاستغفار ، والدعاء لهما بالرحمة ، والعفو والمغفرة ، مع الإكثار من الصدقة عنهما ، فإن هذا كله مما شرعه الله - جل وعلا - في حق الولد لوالديه ، ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه سأله سائل : (هل بقي من بر أبوي شيء أبرهما به بعد وفاتهما؟ قال النبي - صلى الله عليه وسلم: (الصلاة عليهما والاستغفار لهما ، وإنفاذ عهدهما من بعدهما ، وإكرام صديقهما ، وصلة الرحم التي لا توصل إلا بهما), هذا كله من برهما بعد الموت ، والصلاة عليهما معناه الاستغفار والدعاء ، الصلاة عليهما ، يعني الدعاء لهما ، ومن ذلك صلاة الجنازة ، والاستغفار لهما ، طلب المغفرة ، يدعو لهم بالمغفرة ، وإنفاذ عهدهما ، يعني وصاياهما ، إذا أوصيا بشيء لا يخالف الشرع ، من برهما أن ينفذ الوصية الموافقة للشرع ، وإكرام صديقهما ، أصدقاء والديه، يكرمهما ويحسن إليهما ، ويراعي حقوق الصداقة بينهم وبين والديه ، كل هذا من بر والديه ، وإذا كان الصديق فقيراً واساه ، وإن كان غير فقير اتصل به للسلام عليه ، والسؤال عليه استصحاباً للصداقة التي بينهم وبين والديه ، إذا كان ذلك الصديق ليس ممن يستحق الهجر ، كذلك صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما ، كالإحسان إلى أخواله وأعمامه وأقاربه من جهة الأب، ومن جهة الأم ، سوى الأعمام والأخوال ، كل هذا من بر والديه. جزاكم الله خيراً. 
 
5- هل حجاب المرأة له لون وشكل محدد لا يجوز مخالفته، أم أن أي لبس ساتر لجميع جسم المرأة وغير ضيق يعتبر حجاباً؛ حتى تستطيع كل امرأة لا تلبس الحجاب بحجة أنه ملفت للنظر في بلدتهم ستر جميع بدنها بزيها الشعبي... - كلمة لم أفهما على أي حال - وسد النظرات عنها؟ ويرجو التوجيه شيخ عبد العزيز، جزاكم الله خيراً؟
ليس للحجاب فيما نعلم لونٌ مخصوص ، ولا صفة مخصوصة ، بل الواجب على المرأة أن تحتجب بما تيسر لها من الملابس التي تحتاجها في بلادها وبين قومها ، وليس هناك شيء مخصوص إلا أنها تجتنب ما يلفت النظر ، وما يسبب الفتنة من الملابس الجميلة التي تلفت الأنظار إليها ، وربما جرت إلى شر ، تحرص على حجاب لا يلفت النظر ، ولا يكون فيه دعوة إلى فتنة ، ولا تشبه بالرجال ، تكون ملابس نسائية ليس فيها ما يجر إلى الشر ، هذا هو المشروع لها ، ونسأل الله للجميع التوفيق. المقدم: لا يشترط أن يكون عباءة أو كاب أو نوع...؟ الشيخ: ما فيش شرط ، ما يسر الله تفعله.. المقدم: المهم أن يكون حجاب فقط؟ الشيخ: أن يكون حجاباً ساتراً ، ليس فيه ما يلفت النظر ، ويسبب الفتنة ، وليس فيه مشابهة لملابس الرجال. جزاكم الله خيراً. 
 
6- هل الزواج من ابنة عمي وفي نفس الوقت هي بنت خالتي هل هذا جائز؟
نعم ، التزوج من بنات العم ، وبنات الخال مشروع ، لا بأس به ، الممنوع أن تتزوج عمتك أو خالتك أو أختك هذا ممنوع بالنص والإجماع ، أما الزواج من بنات الخالة ، أو بنات الخال، أو بنات العم ، أو بنات العمة ، فهذا كله لا بأس به. جزاكم الله خيراً. 
 
7- ما الفرق بين الشيطان والجن، وهل الشيطان يتناسل من ذكر وأنثى، وإذا كان أبوهم طرد من الجنة لأنه عصى ربه ووعده الله بالنار، فلماذا لا ينصح أبنائه لينجوا من النار؟ هل الشيطان يتعامل مع الإنسان بأن يخدمه مقابل عصيان الإنسان لربه، وهل هناك جن مسلمون يخدمون المسلمين كخدمتهم لسيدنا سليمان - عليه السلام -، وإذا كان الشيطان أو الجن باستطاعته خدمة الإنسان أو ضره، فلماذا لا يساعد المسلمون من الجن المسلمين من الأنس في حربهم مع الكفار، ونقل أسرارهم، ونصرة الإسلام، ولماذا لا يساعد الكفار منهم كفار الإنس من المسلمين بأي شكل من الأشكال، أرجو أن توجهوني حول هذه الأمور، وإذا نويت عمل خير في قلبي هل يعلم به الشيطان ويحاول صرفي عنه، وإذا كان هذا كله يوجد فهل هناك دليل من الكتاب والسنة، وهل حصلت أمثلة في زمن الرسول - صلى الله عليه وسلم - ؟ وإذا كان يوجد كتاب فيه مثل هذه المسائل دلوني عليه؛ لأستطيع أن أنجو من شر الشياطين، نجاني الله وإياكم وجميع المسلمين، والسلام عليكم؟
الشياطين من الجن ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، كما أن شياطين الإنس هم متمردوا الإنس وأشرارهم ، فالجن والإنس فيهم شياطين ، وهم متمردوهم وأشرارهم ، من الكفرة والفسقة ، وفيهم المسلمون من الأخيار الطيبين كما في الإنس أخيار طيبون ، قال الله – تعالى -: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَا لِكُلِّ نِبِيٍّ عَدُوًّا شَيَاطِينَ الإِنسِ وَالْجِنِّ يُوحِي بَعْضُهُمْ إِلَى بَعْضٍ زُخْرُفَ الْقَوْلِ غُرُورًا وَلَوْ شَاء رَبُّكَ مَا فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَمَا يَفْتَرُونَ. والشيطان هو أبو الجن عند جمع من أهل العلم ، وهو الذي عصا ربه واستكبر عن السجود ، وقال آخرون من أهل العلم إن الشيطان من طائفة من الملائكة يقال لهم الجن استكبر عن السجود فطرده الله وأبعده، وصار قائداً لكل شر ، ولكل خبيث ، ولكل كافرٍ وضال ، وكل إنسان معه شيطان ومعه ملك كما قاله النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فالشيطان يملي عليه الشر ويدعوه إلى الشر ، وله لمة بقلبه ، وله اطلاع بتقدير الله على ما يقوم به العبد ، ويمليه العبد من الخير والشر ، والملك كذلك ، فهذه أشياء مكنهم الله منها ، مكن القرنين ، القرين من الجن والقرين من الإنس ، وهو شيطان قرين الجن ، القرين من الجن شيطان مع الإنسان ، حتى النبي - صلى - معه شيطان كما قال عليه الصلاة والسلام لما قال: (ما منكم من أحدٍ إلا ومعه قرينه من الجن والملائكة ، قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: وأنا إلا أن الله أعانني عليه فأسلم). فالمقصود أن كل إنسان معه قرينه من الملائكة وقرينه من الشياطين، فالمؤمن بطاعة الله ورسوله والاستقامة على دين الله يقهر شيطانه ، ويذل شيطانه ، ويهين شيطانه ، حتى يكون ضعيفاً لا يستطيع أن يغالب ، ويمنع المؤمن من الخير ، والعاصي بمعاصيه وسيئاته يعين شيطانه ، حتى يقوى على مساعدته على الباطل ، وعلى تشجيعه على الباطل ، وعلى تثبيطه على الباطل ، فعلى المؤمن أن يتقي الله ، وأن يحرص على جهاد شيطانه ، بطاعة الله ورسوله ، والتعوذ بالله من الشيطان ، وعلى أن يحرص في مساعدة ملكه على طاعة الله ورسوله ، والقيام بأمر الله - سبحانه وتعالى -، والمسلمون يعينون إخوانهم من الجن على طاعة الله ورسوله كالإنس ، وقد يعينون الإنس في بعض المسائل ، وقد يعينونهم وإن لم يعلم الإنس ، قد يعينونهم على طاعة الله ورسوله ، وقد يسمع الإنس منهم بعض الشيء ، وقد يوقظونه للصلاة ، وقد ينبهونه على أشياء تنفعه ، وعلى أشياء تضره ، كل هذا واقع ، وإن كانوا لا يتمثلون ، وقد يتمثل الجني لبعض الناس في دلالته على الخير ، أو في دلالته على الشر ، قد يقع هذا ، ولكنه قليل ، والغالب أنهم لا يظفرون للإنسان ، وإن سمع صوتهم في بعض الأحيان ، يوقظونه للصلاة ، أو يخبرونه بعض الأخبار . فالحاصل أنه الجن من المؤمنين لهم مساعدة للمؤمنين ، وإن لم يعلم المؤمنون ، ويحبون له كل خير ، وهكذا المؤمنون من الإنس يحبون لإخوانهم الجن المؤمنين يحبون له الخير ، ويسألون الله لهم التوفيق ، وهم يحضرون الدروس ، ويحبون سماع العلم ، المؤمنون من الجن يحضرون دروس الإنس في بعض الأحيان ، وفي بعض البلاد ، ويستفيدون من دروس الإنس ، كل هذا واقع ، ومعلوم ، وقد صرح به كثيرٌ من أهل العلم ممن اتصل به الجن ، وسألوه عن بعض المسائل العلمية ، وأخبروه أنهم يحضرون دروسه ، كل هذا خبرٌ معلوم ، والله المستعان. وفي كتب كثيرة ألفت في هذا الباب ، وابن القيم - رحمه الله - في كتبه قد ذكر كثيراً من هذا ، وفي كتاب لبعض العلماء ، وأظنه سماه المرجان في بيان أحكام الجان لشخص يقال له الشبلي له كتاب مفيد ، وهناك كتب أخرى صنفت في هذا الباب في إمكان الإنسان أن يلتمسها ويسأل عنها في المكتبات التجارية ، وفي إمكانه أن يستفيد من التفسير كتب التفسير على سورة الجن: قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِّنَ الْجِنِّ . والآيات الأخرى التي فيها أخبار الجن في مراجعة التفاسير يستفيد الإنسان من ذلك مما قاله المفسرون - رحمهم الله - في أخبار الجن، من أشرارهم وأخيارهم. بارك الله فيكم ، وزادكم من علمه وتوفيقه. 
 
8- إنه من فاتتة صلاة العصر يعزيه الناس بالتعزية المعروفة لأهل الميت، وبعضهم - أقصد من الناس - من قال: نعم. يُعزى إذا فاتته الصلاة، لكن هو في الصلوات كلها عام، وقالوا في هذه المسألة: موجود حديث يُروى عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، هل ما ذكره أولئك صحيح ، وما المقصود بهذه التعزية جزاكم الله خيراً؟
قد ثبت عن النبي- صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من فاتته صلاة العصر فكأنما وتر أهله وماله) يعني سلب أهله وماله، فالمعنى أنها مصيبة عظيمة ، ولكن لا أذكر الآن أن السلف كان يعتادون التعزية في ذلك، وثبت عنه أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من ترك صلاة العصر حبط عمله). فالحاصل أن ترك الصلوات الخمس أو إحداها كل ذلك من المصائب العظيمة، فينبغي للمؤمن أن يحرص على المحافظة عليهن والاستقامة في ذلك ، والحرص على ذلك ، والمسابقة عليه حتى لا تقع هذه المصيبة العظيمة ، أما كونه يشرع للمؤمن أن يعزي أخاه إذا علم أنه فاتته صلاة العصر أو غيرها من الصلوات فلا أعلم شيئاً ثابتاً عن النبي ولا عن الصحابة سوى ما ذكرته ، فقد صح عن - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (من ترك صلاة العصر حبط عمله) . وصح عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (من فاتته صلاة العصر فكأنما سلب أهله وماله) . نسأل الله السلامة. المقدم: جزاكم الله خيراً ، إذاً ما المقصود من مثل هذا الحديث سماحة الشيخ؟ الشيخ: التحذير والترهيب من التساهل في ترك الصلاة أو فواتها في الجماعة ، أو فوات وقتها ، ولا حول ولا قوة إلا بالله. المقدم: جزاكم الله خيراً ، كثر الترغيب في صلاة العصر شيخ عبد العزيز لعل لكم توجيه؟ الشيخ: الظاهر - والله أعلم - لأنها أفضل الصلوات ؛ لأنها الصلاة الوسطى ، وهي صلاة العصر ، فجاء فيها ما لم يجيء في غيرها ، ولعل أيضاً من الأسباب أنها صلاة تأتي بعد إنهاك العمل للإنسان ، وتعب الإنسان ، فقد يتساهل في عدم أدائها في وقتها ، أو في الجماعة ، فكان من حكمة الله أن بين عظم شأنها حتى لا يتساهل بها أحد لا في الجماعة ولا في وقتها ، وهي ختام النهار ، والأعمال بالخواتيم فجاء فيها من الأحاديث ما لم يأت في غيرها ، والحكم واحد ، يجب على المؤمن أن يحافظ على الجميع ، وأن يحرص على الجميع ؛ لأنها كلها فرض على المؤمن ، وكلها عمود الإسلام ، فالواجب المحافظة ، ولكن تخص صلاة العصر بمزيد عناية ؛ كما قاله النبي - عليه الصلاة والسلام - كما جاء في الحديث الآخر: (أثقل الصلوات على المنافقين صلاة العشاء وصلاة الفجر ولو يعلمون ما فيهما لأتوهما ولو حبواً). فالمقصود أن المؤمن يجب عليه أن يحافظ على الجميع ، وأن يتخذ الأسباب التي تعينه على ذلك ، وأن يخص العصر والفجر بمزيد عناية حتى لا يشبه المنافقين ، وحتى لا تفوته صلاة العصر التي فيها الوعيد الشديد. المقدم: جزاكم الله خيراً ، شيخ عبدالعزيز لا أدري هناك أمرٌ مطلوب من المسلم بخصوص الصلاة وذلك الأمر هو أن تكون في جماعة وأعني بالجماعة جماعة المساجد لعل لكم توجيه حول هذا؟ الشيخ: نعم نعم، هذا من المهمات ، يجب على الرجل أن يعتني بالجماعة ، وأن لا يصلي في بيته لا الفجر ولا غيرها من الصلوات ، بل يجب أن يحضر مع المسلمين ، وأن يصلي مع المسلمين ؛ كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه. وقد قال عليه الصلاة من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا من عذر، قيل لابن عباس: ما العذر؟ قال: خوف أو مرض. وجاءه رجل أعمى فقال له: يا رسول الله ليس لي قائد يلائمني إلى المسجد، هل لي من رخصة أن أصلي في بيتي، قال: هل تسمع النداء، قال: نعم، قال: فأجب، ولم يرخص له مع أنه أعمى ليس له قائد يلائمه، لم يرخص له أن يتخلف عن الصلاة مع المسلمين في المساجد، وقد ثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه هم أن يحرق على المتخلفين بيوتهم، وذلك يدل على أن الأمر عظيم، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام، ثم آمر رجلاً فيأم الناس، ثم أنطلق برجال معهم حزم من حطب إلى رجال لا يشهدون فأحرق عليهم بيوتهم، وفي لفظ: إلى قوم فأحرق عليهم بيوتهم، فهذا يدل على أن الأمر عظيم وأن المتخلفين ينبهون بهذه العقوبة فينبغي للمؤمن بل يجب عليه أن يحذر صفات المنافقين وأن يبادر على المحافظة على الصلاة في الجماعة في جميع الأوقات، طاعة لله ولرسوله، وحذراً من عذاب الله وعقابه.

557 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply