حلقة 585: هل يرخص للمرأة في الجمع بين الظهر والعصر - كتابة القرآن الكريم على جدار المساجد - أفطر رمضان ولم يستطع القضاء بسبب المرض - الدعاء بين السجدتين - بعض ألفاظ التشهد - حكم من شك في عدد سجداته

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

35 / 50 محاضرة

حلقة 585: هل يرخص للمرأة في الجمع بين الظهر والعصر - كتابة القرآن الكريم على جدار المساجد - أفطر رمضان ولم يستطع القضاء بسبب المرض - الدعاء بين السجدتين - بعض ألفاظ التشهد - حكم من شك في عدد سجداته

1- هل يجوز للمرأة أن تجمع بين صلاة العصر والظهر، أو أنه لا يجوز، وهل يجب عليها أن تؤدي السنة قبل الصلاة؟ أجيبونا جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فالرجل والمرأة في هذا الباب سواء، على كل منهما أن يصلي الصلاة لوقتها، فالظهر في وقتها، والعصر في وقتها، والمغرب في وقتها، والعشاء في وقتها، والفجر في وقتها، على الرجل والمرأة جميعاً، لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت المواقيت، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (الصلاة ما بين هذين الوقتين)، فعلى المرأة أن تصلي الظهر في وقتها، والعصر في وقتها، ولا تجمع بينهما، وهكذا المغرب في وقتها والعشاء في وقتها ولا تجمع بينهما كالرجل، وهكذا الفجر في وقتها، إلا لعذر شرعي، كالمسافر لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، والمريض من الرجال والنساء لا بأس أن يجمع بين الصلاتين، وهكذا في المطر الذي يتأذى به المسلم، لا بأس أن يجمع المصلون في المساجد عند وجود الأمطار والدحض في الطرق، وما يحصل به الأذى، يشرع لهم الجمع بين المغرب والعشاء، وهكذا بين الظهر والعصر في أصح قولي العلماء، تسهيلاً من الله -عز وجل- لعباده، ورحمة لعباده، فهو سبحانه يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته، وهكذا المرأة إذا كان مستحاضة كما في حديث حمنة بنت جحش، أن النبي - صلى الله عليه وسلم -رخص لها في تأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما، تأخير المغرب وتعجيل العشاء والجمع بينهما، من أجل استحاضتها، من أجل استمرار الدم معها، فهذا عذرٌ أيضاً، أما امرأة سليمة معافاة ليست مسافرة فليس لها أن تجمع، وهكذا الرجل ليس له أن يجمع إلا بعذر شرعي، وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً 
 
2- هل كتابة القرآن الكريم على جدار المساجد جائز أم أنه غير جائز؟
يكره ذلك لأنه يشوش على المصلين، فالأفضل والأولى أن لا يكتب في جدران المساجد لا القرآن ولا غيره، فقد نص كثيرٌ من أهل العلم على ذلك؛ لأن المساجد محل الصلاة ومحل العبادة، فالأفضل أن تكون خالية مما يشوش على المصلين، من الكتابات أو النقوش فلا ينبغي أن يكتب بجدرانها آيات قرآنية ولا غيرها، حتى لا يحصل التشويش على المصلي، بل تكون سادة ليس فيها شيء، هذا هو المشروع، وأقل الأحوال في الكتابات في المساجد الكراهة، لما فيها من شغل المصلين والتشويش عليهم، حتى ولو بغير الآيات من الأحاديث أو الأبيات الشعرية، أو غير هذا مما قد يكتب، وهكذا النقوش التي قد تشغل المصلي يكره وجودها في المساجد. 
 
3- لقد مرضت العام الماضي بمرض عطلني عن صيام شهر رمضان، وقد عزمت أن أقضي الصوم في أيام أخرى، ولكن لا زلت مريضاً حتى الآن، فماذا يجب علي، هل أكفر؟ أم ماذا أفعل؟ وإذا كانت كفارة فما مقدارها في أيامنا هذه بالنسبة للريالات؟ جزاكم الله خيراً
المريض قد يسر الله أمره، ورخص له في التأخير، قال تعالى: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، فإذا كان مريضاً يشق عليه الصيام فالمشروع له أن يؤخر الصيام حتى يشفيه الله، ثم يقضي وليس عليه كفارة، لا نقود ولا غيرها؛ لأن الله -جل وعلا- قال: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ[البقرة: 185]، يعني فأفطر فعليه عدةٌ من أيام أخر، وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (كان يكون علي الصوم من رمضان فما أستطيع أن أقضي إلا في شعبان لمكان رسول الله -عليه الصلاة والسلام-) فالخلاصة أن المريض وهكذا الحائض والنفساء كلٌ منهم يقضي بعد ذلك، الحائض تفطر أيام الحيض، والنفساء تفطر أيام النفاس في رمضان ثم تقضيان جميعاً، وهكذا المريض وهكذا المسافر يشرع له الفطر في السفر، والمريض يفطر من أجل المرض ثم كلٌ منهم يقضي بعد ذلك، المريض إذا شفاه الله قضى، والمسافر إذا رجع من سفره قضى في طيلة أيام السنة، لكن من عجز عن القضاء لمرضٍ لا يرجى برئه، قرر الأطباء أنه لا يرجى برئه وأنه يستمر معه فهذا ليس عليه قضاء، ولكن يطعم عن كل يوم مسكيناً، يطعم نصف صاع ومقداره كيلوا ونصف تقريباً بالوزن، كيلوا ونصف تقريباً، من قوت البلد من تمر أو بر أو شعيرٍ أو أرزٍ يدفع للمساكين، ولو مسكيناً واحداً، يجمع الأيام التي عليها ويدفع كفارتها إلى مسكين، أو أكثر في رمضان أو بعد رمضان، والأفضل تعجيلها في رمضان، وهكذا العجوز الكبيرة والشيخ الكبير اللذان يعجزان عن الصيام كلٌ منهم ليس عليه صيام، ولكن يطعم عن كل يوم مسكينا، نصف صاع من قوت البلد مقداره كيلوا ونصف تقريباً بالوزن، كالمريض الذي لا يرجى برئه سواء، وليس عليه قضاء لعجزهم عن الصيام، ويكفيهم الإطعام. وإذا أخر المسلم الصيام بلا عذر حتى جاء رمضان الآخر وهو لم يصم بدون عذر فإن عليه القضاء مع الكفارة جميعاً، يجمع بينهما، يصوم ما عليه، ويكفر إذا كان قادرً عن كل يوم مسكيناً، يجمع بين القضاء وبين الكفارة، لكونه فرض بالتأخير بدون عذرٍ شرعي، فإن عجز لكونه فقيراً كفاه الصيام، وسقطت عنه الكفارة لفقره، هكذا أفتى جماعة من أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- في حق من أخر الصيام بدون عذر، وفق الله الجميع. المذيع/ جزاكم الله خيراً، ذكر الريالات سماحة الشيخ ككفارة لا أدري؟ لا، الكفارة بالإطعام لا بالدراهم، الكفارة بالإطعام فقط كما تقدم. جزاكم الله خيراً 
 
4- هل يجوز أن نقول بين السجدتين رب اغفر لي وارحمني وارزقني ووالدي، أم أن هذا غير وارد في الأحاديث، وما القول الصحيح؟ أفيدونا بارك الله فيكم.
السنة للمصلي بين السجدتين أن يقول: (ربي اغفر لي .. ربي اغفر لي) ويكرر ذلك، ويشرع له أيضاً أن يقول: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني)، وإن دعا مع سؤال المغفرة بغير ذلك فلا بأس، لكن لا بد من طلب المغفرة بين السجدتين، وذلك واجب عند جمع من أهل العلم، وأقل ذلك مرة واحدة، فإذا كرر ذلك (ربي اغفر لي.. ربي اغفر لي) ثلاثاً كان أفضل، وإذا زاد على ذلك وقال: (اللهم اغفر لي وارحمني واهدني واجبرني وارزقني وعافني كان أفضل أيضاً)، وإن دعا لنفسه ولوالديه وقال: "اللهم اغفر لي ولوالدي اللهم ارحمني ووالدي والمسلمين" كل ذلك لا بأس به، كله دعاء لكن مع العناية بـ"بربي اغفر لي" مرة أو أكثر. جزاكم الله خيراً. 
 
5-  ما قولكم فيمن يقول في التشهد: التحيات المباركات والصلوات والطيبات لله، هل في هذا بدعة؟
هذا مشروع ليس فيه بدعة، هذا ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- أن النبي علمهم التشهد أن يقولوا هكذا (التحيات المباركات والصلوات الطيبات لله)، هذا نوع من أنواع التشهد، والتشهد جاء على أنواع عن النبي -صلى الله عليه وسلم- هذا نوع منها، والنوع الثاني ما جاء في حديث ابن مسعود: (التحيات لله والصلوات والطيبات) ما فيها ذكر المباركات، (السلام عليك يا أيها النبي...) إلى أخره، فالأمر واسع والحمد لله. جزاكم الله خيراً 
 
6- إذا كان المصلي في صلاته وفي أثناء السجود نسي كم سجدة فعل، سجدتين أم سجدة، ثم فعل سجدة أخرى، وقد تكون السجدة هذه هي الثالثة، فهل تبطل صلاته، أم أنه كان يجب عليه ألا يفعل هذه السجدة بل يكتفي بسجود السهو في نهاية الصلاة، ما قولكم في هذا؟ جزاكم الله عنا خيراً.
الواجب على من شك هل سجد سجدة أو سجدتين أن يأتي بالثانية، حتى يأخذ باليقين، ولو قدر أنها كانت ثلاثة، لكن هذا هو الواجب عليه إذا شك، ثم يسجد سجدةً للسهو قبل أن يسلم، يجمع بين هذا وهذا، يأتي بالسجدة التي شك فيها حتى يتيقن أنه سجد سجدتين، ثم قبل أن يسلم يسجد سجدتين للسهو، كما ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (إذا شك أحدكم في صلاته فليتحرى الصواب) إذا شك في صلاته لم يدري هل صلى ثلاث أو أربع (فليبني على الأقل وليتحرى الأقل ثم ليسجد سجدتين) فالمقصود أن المؤمن مأمور بتحري الأقل وهو اليقين حتى يكمل صلاته، وذلك مثلاً إذا كان يصلي الرباعية فشك هل هي ثنتان أو ثلاث جعلها ثنتين وهو الأقرب، ثم أتى بالثالثة والرابعة، وإذا كان في المغرب فشك هل صلى ثنتين أم ثلاثة جعلها ثنتين وأتى بالثالثة، وهكذا في الفجر شك هل صلى ثنتين أو واحدة أتى بالثانية، وهكذا في الجمعة، ثم بعدما يكمل ويبني على اليقين يسجد سجدتين للسهو قبل أن يسلم جبراً لصلاته، هذا هو المشروع في الصلاة، والسجود كذلك. جزاكم الله خيراً 
 
7- تشاجرت مع ابن عمتي، والسبب قوله: إنك قلت لأهلي كذا وكذا، وأنا لا أعرف هل قلت هذا الكلام أم لا، وقلت: تحرم علي زوجتي بأني لم أقل هذا الكلام، وبعد ذهابه بدأت أفكر هل زوجتي حلال أم طالق، بالرغم أنني لا أعرف هل أنا قلت الكلام الذي ذكره ابن عمتي أم لم أقل، واليوم أنا في حيرة، أرشدوني، جزاكم الله خير الجزاء.
إذا كنت قلت ذلك لقصد أن يسمح عنك وأن يصدقك ولم ترد تحريم أهلك ولا طلاق أهلك وإنما قلت ذلك ليصدقك وليعذرك وينتهي النزاع بينكما فليس عليك طلاق ولا تحريم، ولكن عليك الكفارة، كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو تحرير رقبة، هذا هو الواجب في مثل هذا في أصح قولي العلماء، أن التحريم والطلاق إذا كان المقصود منه الحث أو المنع أو التصديق أو التكذيب، وليس القصد تحريم الزوجة ولا طلاقها، وإنما أراد المطلق أو المحرم تصديق أخيه أو منعه من كذا، أو الحث على كذا فيكون كفارة يمين، فإذا أردت بذلك أن يصدقك، وأن ينتهي النزاع، وأن ترضيه بما قلت، وإن كنت لا تعلم الواقع فأنت في هذا عليك كفارة يمين فقط ولا يقع الطلاق، ولا يقع التحريم. جزاكم الله خيراً 
 
8- لي أخ توفي قبل اثنتي عشرة سنة، وقبل وفاته بعدة سنوات أخذ من أحد الأشخاص خمسين ريالاً بدون علم هذا الشخص، واليوم مضى عليها أكثر من خمس عشرة سنة، هل أنا أذهب إلى الشخص وأعطيه الفلوس، أم أتصدق بها على الفقراء؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك رد الفلوس إلى صاحبها بأي طريقة توصلها إليه، وإذا كنت لا تحب أن يعلم ذلك توصلها إليه بالطرق الأخرى لا يعلم منها أنها منك، ولكن مع التيقن أنها وصلت إليه، كأن يقول الرسول هذه أعطانيه لك إنسان يقول إنه لك عليه حق، فيعطيه إياه وتبرأ ذمتك، وليس لك ترك ذلك بل عليك أن تسلمها له، ما دمت تستطيع تسليمها له، فإن عجزت عن تسليمها لها لكونه غائباً لا تعرف محله، أو لكونه مات ولا تعرف ورثته، فإنك تتصدق بها بالنية عنه، مع التوبة والندم والإقلاع والعزم أن لا تعود في مثل ذلك، والله يعفو عن التائبين -سبحانه وتعالى-. أما مع القدرة على إيصالها إليه أو ورثته إذا كان ميتاً فالواجب عليك إيصالها إليه بأي طريق. جزاكم الله خيراً 
 
9- ما حكم قراءة الفاتحة بعد الصلاة، ذلك أن أحد الأشخاص قال: إننا نتوسل بها إلى الله أن يغفر لنا ولولدينا، ونهديها إلى موتانا، ثم إلى روح النبي -صلى الله عليه وسلم-، ما حكم ذلك، هل يصل ثوابها إلى روح الموتى؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
لا نعلم لهذا أصلاً، والعبادات بالتوقيف والأدلة لا بالآراء والأهواء، العبادات توقيفية لا يشرع منها إلا ما شرعه الله والرسول، ولا نعلم في الأدلة الشرعية شرعية قراءة الفاتحة بعد الصلاة وتثويبها للموتى، ولا الاجتماع على قراءتها بطلب الثواب كل هذا لا أصل له، وإنما المشروع للمؤمن أن يقرأ القرآن ليتدبر ويتعقل ويستفيد، وليحصل له الأجر بذلك أما أن يخترع شيئاً ما شرعه الله في وقت لم ترد به السنة، هذا ليس بجائز، لأن الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقول: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) ولم يرد عنه فيما نعلم من الشرع أنه شرع للأمة قراءة الفاتحة بعد كل صلاة أو تثويبها للموتى أو قراءتها بصفة جماعية في أي وقت من الأوقات، كل هذا لم يرد ولم نعرفه من الشرع المطهر، والواجب على أهل الإيمان وأهل الإسلام أن يسعهم ما وسع الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وليس لأحد أن يحدث شيئاً لم يشرعه الله، ولم يرد أيضاً أن القرآن يقرأ للموتى ويثوب للموتى، وإن كان قاله جمع من أهل العلم، لكن أقوال العلماء تعرض على الكتاب والسنة، فما وافق النص قبل، وما لا فلا، وقد تأملت هذه المسألة فلم أجد في النصوص ما يدل على قراءة القرآن للموتى وتثويبه للموتى، ولكن المشروع الدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، بالجنة بالسعادة بالعفو والمسامحة، الصدقة عنهم، الحج عن الميت، العمرة عن الميت، قضاء الدين عن الميت، كل هذا مشروع، أما أن يصلى عنه، أو يقرأ عنه فليس له أصل، أو يصام عنه تطوع فليس له أصل، أما إذا كان عليه صوم فريضة مات ولم يقضه فإنه يشرع الصيام عنه، كأن يكون عليه صوم من رمضان تساهل ولم يقضه، أو كفارة فإنه يصام عنه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه) متفق على صحته، وسأله جماعة -عليه الصلاة والسلام- وأحدهم يقول: إن أمي ماتت وعليها صوم كذا، والآخر يقول: إن أبي مات وعليه صوم كذا، فيقول - صلى الله عليه وسلم -: (أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيه اقضوا الله فالله أحق الوفاء) هذا هو المشروع، والواجب على المؤمن والمؤمنة التقيد بما جاء في الشرع، وعدم إحداث شيء لم يشرعه الله -سبحانه وتعالى-، لا في الصوم، ولا في القراءة، ولا في الصلاة، ولا في غير ذلك، وافق الله الجميع. 
 
10- ما حكم إذا صليت وراء إمام مكروه عندي؟
إذا كنت لا تعلم فيه مكفراً فصلاتك صحيحة ولو كرهته، الصلاة صحيحة، لأنك قد تكرره بغير حق، وقد تكرره بشيء لا يوجب كراهته، وإن كان عنده بعض المعاصي فلا يمنع ذلك صحة الصلاة، فقد صلى بعض الصحابة خلف الحجاج بن يوسف الثقفي وهو من أظلم الناس، فالمعصية لا تمنع صحة الصلاة خلف الإمام إذا كان مسلماً وليس بكافر، لأن المعاصي قل من يسلم منها ولا حول ولا قوة إلا بالله، فالمقصود أن صلاتك خلف من تكره إذا كان مسلماً صحيحة؛ لأنك أنت غير معصوم قد تكرهه بغير حق، وقد تكرهه لشيء صحيح، لكن لا يمنع صحة الصلاة، وفق الله الجميع. 
 
11- ما حكم زيارة القبور، قبور الأولياء بالنسبة للرجال والنساء؟
زيارة القبور سنة سواءٌ كانوا أولياء أو ليسوا بأولياء، عموم المسلمين، سواءٌ كانوا من المعروفين بالاستقامة والعلم والفضل وهم المؤمنون، ويسمون أولياء الله، كل مؤمن هو ولي لله، أو كان فيهم بعض المعاصي فإن القبور تزار لذكرى، ذكر الموت وذكر الآخرة، والدعاء لهم بالمغفرة والرحمة، والعاصي في حاجة أيضاً إلى الدعاء، والترحم عليه والدعاء له، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يزور القبور ويدعوا للموتى بالمغفرة والرحمة، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (زوروا القبور فإنها تذكركم الآخرة)، وكان يعلم أصحابه إذا زاروا القبور أن يقولوا: (السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، نسأل الله لنا ولكم العافية)، وفي الرواية الأخرى يرحم الله المستقدمين منا والمستأخرين)، كان يزور البقيع ويقول: (اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد) (السلام عليكم دار قومٍ مؤمنين، وإنا إن شاء الله بكم لاحقون، غداً مؤجلون، اللهم اغفر لأهل بقيع الغرقد)، هذه سنته -عليه الصلاة والسلام-، الزيارة للقبور والدعاء للموتى، موتى المسلمين بالمغفرة والرحمة. أما النساء فلا يزرن القبور؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (لعن زائرات القبور) ولأنهن فتنة وصبرهن قليل في الغالب، فمن رحمة الله ومن إحسانه وفضله أنه لم يشرع لهن زيارة القبور. كانت الزيارة ممنوعة أولاً للجميع، ثم رخص فيها للجميع، ثم جاء النهي عن الزيارة للنساء خاصة، واللعن على ذلك، فالواجب عليهن ترك الزيارة للقبور، أما الصلاة على الميت فيصلي عليه الجميع الرجل والمرأة، لكن الزيارة للقبور واتباع الجنائز إلى المقبرة فهذا خاصٌ بالرجال، فالمرأة لا تتبع الجنازة إلى المقبرة، ولا تزور القبور، هذا هو الصحيح من أقوال أهل العلم، والله -جل وعلا- المسئول أن يوفقنا والمسلمين لما فيه رضاه. 
 
12- منذ حوالي ستة عشر سنة تزوجت، وبعد سنة رزقنا الله بولد، ودار نقاش بيني وبين زوجتي حول الولد، ومن فرحتي به قلت لها لأطيب خاطرها: يحرمنا علي الحريم من بعدك، أقصد أنني لن أتزوج بعدها، وبعد سنة واحدة توفيت ومكثت سبع سنين بدون زواج، بعدها تزوجت أختها، والآن صار عندي ثلاثة أولاد منها، هل علي إثم بما تلفظت به سابقاً، وهل النساء يحرمن عليَّ بعدها؟ وهل علي كفارة؟ أم ماذا؟ أفيدوني أفادكم الله.
لا يجوز للمسلم أن يحرم ما أحل الله له، لا النساء ولا الطعام ولا اللباس ولا غير ذلك، لأن الله يقول -سبحانه- لنبيه -صلى الله عليه وسلم-: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ[التحريم: 1]، فليس لك ولا لغيرك تحريم ما أحل الله -عز وجل-، وعليك عما قلت كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم أو عتق رقبة، هذا هو الواجب عليك، وقد تزوجت والحمد لله، فعليك هذه الكفارة، إطعام عشرة مساكين كل مسكين له نصف الصاع من التمر أو غيره من قوت البلد، كالأرز والبر ومقدار ذلك كيلوا ونصف تقريباً بالوزن، تدفعها إلى عشرة من الفقراء، كل واحد يعطى نصف صاع يعني كيلوا ونصف تقريباً، كل واحد من الفقراء العشرة، من البر أو الشعير أو التمر أو الأرز، كفارة لما قلت يحرم علي النساء بعدك، فهذه هي الكفارة مع التوبة والاستغفار عما صدر منك، والله ولي التوفيق. 
 
13- قبل ثمان سنوات كلفت أحد الأشخاص بأن يحج عن والدتي مقابل مبلغ معين دفعته له كاملاً، ثم سمعت أخباراً من بعض الناس مفادها أن معظم الذين يحجون مقابل بعض المال يأخذون في الحجة الواحدة من أكثر من شخص، فلو صح هذا، هل الحجة التي نويتها لوالدتي صحيحة؟ أم هل يلزمني أن أحج عنها مرة ثانية؟ أفيدوني جزاكم الله خير الجزاء.
إذا كان الذي دفعت له المال ثقةً عندك مأموناً فلا يضرك ما تسمع من الكلام، الأصل أنه أدى ما عليه وحج عن أمك هذا هو الأصل في الثقة المأمون، فإن كان عندك شك فيه وحججت عن أمك من جهة نفسك فهذا خيرٌ إلى خير وفضلٌ إلى فضل، وإن كانت لم تحج فريضتها وقد خلفت مالاً وجب عليك الحج عنها من مالها، إذا كانت غنية حين ماتت ولم تحج، أما إذا كان الحج تطوعاً فالأمر في هذا واسع والحمد لله، وقد فعلت عنها خيراً، بأن استنبت من يحج عنها، والأصل أنه حج عنها إن شاء الله إذا كان ثقة، وإن حججت زيادة مرةً أو مرتين أو أكثر فلك أجر ذلك. جزاكم الله خيراً. 
 
14- بلغني أن لبس الساعة اليدوية محرم، وذلك قياساً على الخاتم الحديد المنهي عن لبسه، وهي مصنوعة من الحديد، فهل هذا صحيح؟ وما رأيكم، هل نلبس الساعة أم لا ؟
الصواب أنه لا حرج في ذلك، لا حرج في لبس الساعة، ولا في لبس الخاتم من الحديد، وإنما المحرم لبس الخاتم من الذهب على الرجل، أما لبس الخاتم من الفضة أو من الحديد، أو الساعة كل ذلك لا بأس به، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال لرجل خطب امرأة: (التمس ولو خاتماً من حديد) رواه الشيخان في الصحيحين، فلو كان الخاتم من الحديد ممنوعاً لما قال له: (التمس ولو خاتماً من حديد)، وما جاز للرجل جاز للمرأة، إلا ما حرمه الشرع أو خص به المرأة أو الرجل، والذي خص به المرأة هو الخاتم الذهب، فهذا هو الذي لا يجوز للرجل ويجوز للمرأة، أما الخاتم الفضة وخاتم الحديد فمشترك، أما حديث أنه -صلى الله عليه وسلم- لما رأى على إنسان خاتم من حديد قال: (ما لي أرى عليك حلية أهل النار)، ولما رأى خاتم من صفر قال: (ما لي أرى عليك ريح الأصنام) فهما حديثان شاذان مخالفان لهذه الأحاديث الصحيحة، والشاذ عند أهل العلم يعتبر ضعيفاً لمخالفته الأدلة الشرعية. والساعة إذا كانت على الطريقة التي يلبسها الرجال ليس فيها تشبه بالنساء فلا بأس بهذا، ولا تكون من الذهب، ولا تكون من الفضة بل تكون من غير ذلك يلبسها الرجل، والمرأة تلبس ما يناسبها، فلا يلبس الرجل ما كان من خصائص المرأة، ولا المرأة ما كان من خصائص الرجل، كل منهما يلبس ما يليق به، سواءٌ كان لبسها في اليمنى أو في اليسرى كالخاتم، الرسول -صلى الله عليه وسلم- لبسه تارةً في اليمنى وتارة في اليسرى وهو من الفضة، والساعة تشبه الخاتم، فإذا لبسها في اليمين أو في اليسار فلا حرج في ذلك، لكن لا تكون من الفضة، هذا هو الذي ينبغي اقتصاراً على ما ورد في الخاتم فقط في حق الرجل، أما الذهب فلا يجوز للرجل لا خاتم ذهب ولا ساعة ذهب كلاهما، وفق الله الجميع. 

439 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply