حلقة 591: سجود التلاوة هل يُشترط له استقبال القبلة - ماذا يقال في سجود التلاوة ؟ - السفر بحد ذاته رخصة للجمع والقصر والفطر - حكم الجمع بين الصلاتين عند المطر - حكم صلاة المنفرد خلف الصف - حكم الصلاة في مسجد به قبر

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

41 / 50 محاضرة

حلقة 591: سجود التلاوة هل يُشترط له استقبال القبلة - ماذا يقال في سجود التلاوة ؟ - السفر بحد ذاته رخصة للجمع والقصر والفطر - حكم الجمع بين الصلاتين عند المطر - حكم صلاة المنفرد خلف الصف - حكم الصلاة في مسجد به قبر

1-   عند قراءتي للقرآن تمر بي بعض الآيات بها سجدة، هل يُشترط استقبال القبلة فيها؟ هذا هو سؤاله الأول حول هذا الموضوع يا شيخ عبد العزيز

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه، ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فسجود التلاوة سنة وقربة وطاعة، فعله المصطفى -عليه الصلاة والسلام- ولكن ليس له حكم الصلاة في أصح قولي العلماء، والأفضل أن يسجد إلى القبلة، وأن يكون على طهارة، إذا تيسر ذلك، لكن لو سجد إلى غير القبلة، أو على غير طهارة أجزأ ذلك على الصحيح، أما الجمهور من أهل العلم فيقولون إنه لا بد من استقبال القبلة إلحاقاً له بالصلاة، والأظهر في الدليل أنه يلحق بالذكر لا بالصلاة إذ هو من جنس الذكر كما يذكر الله الإنسان قائماً، وقاعداً وإلى القبلة، وغيرها، هكذا السجود يسجد إلى القبلة وإلى غيرها، لكن الأفضل والأولى أن يكون سجوده إلى القبلة؛ لأن هذا هو الأفضل وفيه خروج من خلاف العلماء.  
2-  ماذا يُقال في هذه السجدة؟
يقول مثلما يقول في سجود الصلاة "سبحان ربي الأعلى، سبحان ربي الأعلى"، "سبحانك اللهم ربنا وبحمدك اللهم اغفر لي"، "اللهم لك سجدت و بك آمنت ولك أسلمت" "سجد وجهي للذي خلقه وصوره وشق سمعه وبصره بحوله وقوته، تبارك الله أحسن الخالقين" مثل سجود الصلاة سواء، فإن هذا يقال في سجود الصلاة، وإذا دعا في ذلك فكذلك الدعاء المشروع لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- أما السجود فأكثروا فيه من الدعاء، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا من الدعاء)، فالدعاء مشروع في السجود في الصلاة النافلة والفريضة، وهكذا سجود التلاوة وسجود الشكر يشرع فيها مثلما يشرع في سجود الصلاة. جزاكم الله خيراً، هل بعدها سلام؟ ليس لها سلام على الصحيح، إنما يكبر في أول السجود فقط و ليس لها تكبير ثاني وليس لها سلام، هذا هو الصحيح، لكن إذا كان في الصلاة سجد في الصلاة يكبر عن السجود وعند الرفع إذا كان في الصلاة؛ لأنه -عليه السلام- كان ذا كان في الصلاة يكبر في كل خفض و رفع -عليه الصلاة والسلام-، أما في خارج الصلاة فإنه يكبر عند السجود فقط يكفي. جزاكم الله خيراً  
 
3-   دخلت أحد المساجد؛ لأداء صلاة الجمعة، وبعد نهاية الصلاة والتسبيح بالباقيات الصالحات، سمعت الإمام يقول: يا لطيف! وشرع المصلين في قولها، سألت جاري، فقال لي: قلها (مائة مرة)، وأسمع من أركان المسجد نغمة آمين، يرددها المصلون، فهل هناك دليل على قول: يا لطيف بعد الباقيات الصالحات؟، وما الحكم؟ جزاكم الله خيراً.
لا نعلم على هذا دليلاً، بل هنا بدعة، التي أحدثها الناس؛ كونه يقول: يا لطيف (مائة مرة)، أو (عشر مرات)، أو أقل، أو أكثر على طريقة ثابتة بعد كل صلاة، هذا لا أصل له، بل هو من البدع، أما إذا قالها عارضاً عند قيامه يا لطيف ألطف بنا، أو يا لطيف اغفر لي، أو يا رحمن اغفر لي، عارض، شيء ليس بالمعتاد، وإنما هو عند قيامه أو في حال مشيه أو في حال ذكرٍ لله لابأس بهذا، أما اتخاذ هذا عادة يقولها بعد كل صلاة، أو يقولها وهو وجماعة بعد كل صلاة بسنةٍ راتبة (عشر مرات)، أو (مائة مرة)، أو أكثر، أو أقل، هذا لا أصل له، وقد قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) يعني فهو مردود. جزاكم الله خيراً  
 
4- أحل للمسافر الإفطار في رمضان، وكذلك قصر الصلاة، فكان في الماضي يتعب المسافر؛ لأن السفر كان شاقاً ومتعباً، ولم تتوفر سبل المواصلات، فكانت على الدواب، وبحمد الله الآن تطورت المواصلات وصارت أكثر من سهلة ومريحة، بإمكان المسافر أن يصل مكانه بكل سهولة ويسر ودون عناء، فهل يجوز له أن يُفطر في هذه الحالة؟
الرخصة في السفر رخصة عامة في الوقت الحاضر، وقبله، وفيما يأتي أيضاً لأن الذي شرعها وهو علام الغيوب يعلم كل شيء سبحانه وتعالى ويعلم أحوال العباد في وقت التشريع، وهكذا في الأوقات المستقبلة في مثل وقتنا هذا، الله يعلم كل شيء -سبحانه وتعالى- ولو كان التشريع يختلف؛ لقال إذا تيسرت الأسفار، أو جاءت مراكب مريحة، فلا تقصروا ولا تجمعوا، ما قال هذا، لا قاله الرب –سبحانه-، ولا قاله الرسول -عليه الصلاة والسلام-، قال العلماء: إنما قصرت الصلاة في السفر، لأنه مظنة للتعب ومشقة، والمظنة يستوي وجودها وعدم وجودها ما دام للمظنة، فالسفر مظنة المشقة، ولكن ليس وجودها شرطاً، فإذا كان السفر مريحاً على إبلٍ مريحة وعلى أوقات مريحة، فالقصر مشروع، وهكذا الآن في السيارات والطائرات والقطارات والمركبات الفضائية كلها طريق واحد، يشرع القصر ويشرع الجمع للمسافر ولو كان في غاية الراحة؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- حين شرع ذلك لم يقيد، والله في كتابه العزيز لم يقيد بالمشقة، فعلم بذلك أن المسافر يقصر، ويجمع ويفطر، وإن كان سفره مريحاً في السيارة أو في الطائرة أو في غير ذلك، والحمد لله على كل حال. جزاكم الله خيراً  
 
5-   قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (إذا نزل خير فاجمعوا)، ولم أذكر بالضبط نص الحديث، فهل صلاتنا صحيحة، وهل ورد ذلك عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
الجمع في المطر وفي المرض مشروع، وهو من الرخص التي جاء بها الإسلام، وأما الحديث الذي ذكره لك الشخص (بأنه إذا نزل خيرٌ فاجمعوا)، هذا لا نعلم له أصلاً ولا يعرف في السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، ولكنه من عمل السلف من عمل السلف الصالح الجمع في المطر، وهكذا دل الحديث على ذلك حيث قال ابن عباس -رضي الله عنه- (إن النبي جمع عليه الصلاة السلام بين المغرب والعشاء، والظهر والعصر في غير خوفٍ ولا مطر ولا سفر)، فدل ذلك على أن الجمع للمطر أمرٌ معلوم، كما أن الجمع للسفر أمرٌ معلوم، فإذا كان هناك مطر يشق على الناس أو دحض في الأسواق وزلق في الأسواق يشق على الناس شرع الجمع من باب التيسير على المسلمين، والتسهيل عليهم وقبول رخص الله -سبحانه وتعالى-، فقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (إن الله يحب أن تؤتى رخصه، كما يكره أن تؤتى معصيته)، وهكذا المريض يجمع لدفع المشقة. جزاكم الله خيراً.  
 
6-   والدي دخل شريك مع أحد الأشخاص على الشخص رأس المال وعلى والدي أن يدير المحل، وكنت أنا الذي أدير المحل، والدي للأسف الشديد كان يأخذ مالاً من محل الشراكة، ويدخله في محله الخاص به، وكنت لا أقبل هذا الفعل من والدي، ولكن كنت لا أستطيع أن أعمل شيئاً، وهذا والدي، المهم استمر هذا الوضع إلى أن حان وقت الجرد وانتهت الشراكة، وحصل - طبعاً - خلط في مال والدي؛ لأنه أدخل مال الشراكة في ماله الخاص، وهذا أنا أعرفه خطأ، وبعد ذلك ذهب والدي وحج من ماله المخلوط، الآن والدي توفي -يرحمه الله-، والشريك توفي -يرحمه الله-، والسؤال: هل علي أنا شيء؛ لأني كنت أسمح لوالدي أن يأخذ من مال الشراكة، وإذا كان علي شيء أنا هل من الممكن أن آخذ العفو والسماح من أبناء الشريك؛ لأنه قد توفي كما أسلفت و لوالدي؟ أرجو أن تفيدوني حول هذه القضية، جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك السعي في تخليص ذمة والدك، إما بأن تدفع لهم ما تعتقده أنه حقٌ لهم، لأولاد الشريك، وإما أن تستسمحهم إذا كانوا مرشدين، فإذا سمحوا عن والدك وعفوا عما أخذ من مالهم فلا حرج، أما إن كانوا غير مرشدين، بل قاصرون، فإنك تعطيهم حقهم الذي تعتقد أن أباك استدخله من مال الشركة، تخرجه من التركة وتعطيهم إياه، وإذا كان معك شركاء في التركة تخبرهم بما جرى حتى يوافقوك على ما يبرئ الذمة لوالدك، فإن أبو فهذا إلى المحكمة ترفع الأمر إلى المحكمة والمحكمة تأمرهم بما ترى في ذلك، أما إن وافق الشركاء معك (يعني الورثة معك من أبيك)، إذا وافقوا على أنك تدفع للشريك لأولاد الشريك ما دخل على أبيك، فالحمد لله أو عفا ورثة الشريك عفوا عن ما دخل على أبيك فالموضوع يعتبر منتهياً والحمد لله. جزاكم الله خيراً  
 
7- دخلت إلى المسجد ووجدت أحد المأمومين يقف منفرداً خلف الصفوف، ووقفت معه، ودخلت في الصلاة، ثم زاد الصف طولاً وانتهت الصلاة، فقلت له: يا أخي! الوقوف منفرداً خلف الصف، لا تصح صلاة من فعل ذلك، على ما سمعت من هذا البرنامج، قال لي: بأنه حاول أن يسحب أحداً من الصف الذي أمامه لكن لم يستجب له أحد، الآن ما صحة صلاته هو، وما صحة ما فعلت أنا؟ جزاكم الله خيراً.
إذا كان الشخص الذي سبقك وقف في الصف، ثم جئت قبل الركوع، أو بعد الركوع صحت صلاتكما جميعاً، أما إذا كان مجيئك بعدما صلى ركعتان، أو أكثر، فإن صلاتك صحيحة؛ لأنك تعتقد سلامة صلاته وصلاته غير صحيحة، عليه أن يعيدها، أما إن كنت تعلم أن صلاته باطلة حين وقفت معه، فعليك أن تعيد أيضاً، لكن إذا كنت لا تعتقد ذلك، وتجهل الحكم الشرعي، فصلاتك صحيحة، أو كان وقوفه قبل الركوع، أو بعد الركوع لكن جئت معه قبل أن يسجد في الركعة الأولى، فإن صلاتكما صحيحة أيضاً؛ لقصة أبي بكرة لأن أبا بكرة الثقفي -رضي الله عنه- جاء والنبي راكع -عليه الصلاة والسلام-، فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي -عليه الصلاة والسلام-: (زادك الله حرصاً ولا تعد)، ولم يأمره بالإعادة، فدل على أن من وقف دون الصف في الركوع، أو فيما بعد الركوع ولكنه أدرك السجود في الصف، أو صف معه غيره، فإن صلاته صحيحة. جزاكم الله خيراً  
 
8-  يسأل -سماحة الشيخ- عن كتاب (الروح) لابن القيم؟
كتاب مفيد عظيم الفائدة في علمٌ جم، ووسائل مفيدة، وفيه بعض الأشياء المرجوحة، فطالب العلم الذي قرأه يعرف الراجح من المرجوح، ولكن كتاب مفيد جداً في بابه، وفيه علم كثير وتحقيقات كثيرة، ينتفع بها طالب العلم، ولكن ليس كل ما في الكتاب صحيحاً؛ لأن كل عالم يخطئ ويصيب وكل عالم يؤخذ من قوله ويترك، إلا الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فهناك مرائي وأشياء ذكرها قد لا يتابع عليها، وكذلك ترجيح لبعض المسائل، قد لا يتابع عليها -رضي الله عنه ورحمه-، ولكن هذا يحتاج إلى علم، فالذي يراجع الكتاب، ويقرأ الكتاب إذا كان ذا علم وذا بصيرة سوف يفهم ما يقوم عليه الدليل وما لا يقوم عليه الدليل. جزاكم الله خيراً  
 
9-   أنا من جمهورية مصر العربية، ويوجد بالبلدة التي أعيش فيها مسجد به قبر في غرفة بطرف المسجد، يفصل بينهما باب، أصلي بهذا المسجد أحياناً، أنكر عليَّ بعض الأشخاص، وقال: لا تصلي في هذا المسجد؛ لأن فيه قبر، أستشيركم في هذا الموضوع، جزاكم الله خيراً.
إذا كان القبر خارج سور المسجد، فلا يضرك الصلاة في المسجد، ولكن ينبغي مع هذا إبعاده عن المسجد مع المقبرة حتى لا يحصل تشويش على الناس، أما إذا كان في داخل المسجد، فإنك لا تصلي في المسجد لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذ الله قبور أنبيائهم مساجد) متفق على صحته، ولقوله أيضاً -عليه الصلاة والسلام-: (ألا وإن من كان قبلكم كانوا يتخذون قبور أنبيائهم وصالحيهم مساجد، ألا فلا تتخذوا القبور مساجد، فإني أنهاكم عن ذلك) أخرجه مسلم في صحيحه، والرسول -صلى الله عليه وسلم- نهى عن اتخاذ القبور مساجد، فلا يرسى لنا أن نتخذها مساجد سواءٌ كانت القبور للأنبياء، أو للصالحين، أو لغيرهم مما لا يعرف، فالواجب أن تكون القبور على حدة في محلات خاصة، وأن تكون المساجد سليمة من ذلك لا يكون فيها قبور، ثم الحكم فيه تفصيل، فإن كان القبر هو الأول أو القبور، ثم بُني المسجد، فإن المسجد يهدم ولا يجوز بقائه على القبور؛ لأنه بني على غير شريعة الله فوجب هدمه أما إن كانت القبور متأخرة والمسجد هو السابق، فإن الواجب نبشها ونقل رفاتها إلى المقبرة العامة، كل رفاة قبر توضع في حفرة خاصة ويواسى ظاهرها كسائر القبور، حتى لا تمتهن وتكون من تبع المقبرة التي دفن فيها الرفات، حتى يسلم المسلمون من الفتنة في القبور والرسول -صلى الله عليه وسلم- حين نهى عن اتخاذ المساجد قبور مقصوده -عليه الصلاة والسلام- سد الذريعة التي توصل إلى الشرك؛ لأن القبور إذا وضعت في المساجد يغلوا فيها العامة، ويظنون أنها وضعت، لأنها تنفع، ولأنها تقبل النذور؛ ولأنها تُدعى ويستغاث بأهلها فيقع الشرك، فالواجب الحذر من ذلك، وأن تكون القبور بعيدة عن المساجد تكون في محلات خاصة وتكون المساجد سليمة من ذلك، وقد يغتر بعض الناس بوجود قبر النبي -صلى الله عليه وسلم- وقبر صاحبيه في مسجده -عليه الصلاة والسلام-، فينبغي أن نبين ذلك وأن نوضِّح أن هذا الوجود إنما حدث في عهد الوليد بن عبد الملك في آخر المائة الأولى من الهجرة، وكان أمراً غلطاً من الأمير، وكان لا ينبغي له أن يدخل حجرة النبي -صلى الله عليه وسلم- في المسجد ولكنه اجتهد ودخَّلها من باب التوسعة والنبي -صلى الله عليه وسلم- قبر في بيته بيت عائشة، ثم دفن معه أبو بكر، ثم دفن معهما عمر -رضي الله عنهما-، فعلم بهذا أنه لم يدفن في مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم- لا هو، ولا صاحباه، بل في بيته -عليه الصلاة والسلام- فليس هناك حجة فيمن تأسى بهذا الأمر، فإن الممنوع المحرم أن يدفن الميت في نفس المسجد، أو يبنى عليه المسجد هذا هو المحرم والمنكر. جزاكم الله خيراً  
 
10-   أرجو أن تتفضلوا بتفسير الآية الكريمة وهي قوله تعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم (( أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ ... ))[البقرة:243] الآية؟
على ظاهرها، أن يبين -سبحانه وتعالى- أن الفرار من الموت لا يمنع الموت ولا يمنع من قدر الله شيء -سبحانه وتعالى-، فالواجب على المؤمن أن يستعد للقاء الله، وأن يعمل الصالحات، وأن يتوب من السيئات حتى إذا هجم عليه الأجل، إذا هو قد استعد للقاء ربه لطاعته، والتوبة إليه، أما فراره من بلد، أو إلى بلد، أو من مستشفى إلى مستشفى؛ ليسلم من الموت، فهذا لا ينجيه من عذاب الله ولا يمنع الموت من المجيء إليه، فالأجل متى وصل لم يمنع منه مانع كما قال -عز وجل-:وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (11) سورة المنافقون، وقال سبحانه:وَلِكُلِّ أُمَّةٍ أَجَلٌ فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ (34) سورة الأعراف، لهذا قال: (فَقَالَ لَهُمُ اللّهُ مُوتُواْ ثُمَّ أَحْيَاهُمْ (243) سورة البقرة فالمقصود أن الخروج من البلاد أو من القبيلة أو من إقليم إلى إقليم أو من حي إلى حي لأجل الخوف من الموت لا يمنع من الموت كما قال سبحانه:َأَيْنَمَا تَكُونُواْ يُدْرِككُّمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنتُمْ فِي بُرُوجٍ مُّشَيَّدَةٍ (78) سورة النساء فالموت لا بد منه كما قال سبحانه:كُلُّ نَفْسٍ ذَآئِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِِ (185) سورة آل عمران. فالواجب الإعداد للموت، والتأهب بالأعمال الصالحات، بأداء فرائض الله، بترك محارم الله، بالوقوف عند حدود الله، بالتوبة إليه من سائر المعاصي، بالتعاون على الخير، بالتواصي بالحق والصبر عليه هذا هو الواجب على أهل الإسلام ولا ينبغي أن يغرهم الشيطان، بأن صحتهم أو فرارهم إلى مستشفيات راقية، أو إلى بلاد صحية، أو إلى غير هذا من أسباب الحياة، أو من أسباب الرَفاه، أو من أسباب الصحة، لا ينبغي أن يغرهم هذا، فإن الموت لا يمنعه مانع ولو كان في أصح البلاد، ولو كان في أرقى مستشفى، متى جاء الأجل لم يمنعه مانع، كما سمعت من الآيات الكريمات. جزاكم الله خيراً 
 
11-  في أحد الأيام لم أستطع تأدية صلاة الصبح؛ بسبب النوم، فكيف أقضيها لو سمحتم؟
الواجب على المسلم أن يتخذ الأسباب التي تعينه على صلاة الفجر في الجماعة، وهكذا في بقية الصلوات، فإذا كان المانع السهر، فالواجب عدم السهر، أن ينام مبكراً حتى يقوم للصلاة في وقتها، فإن كان المانع ما عنده من يوقظه، فليتخذ ساعة منبهة، يرشدها على الوقت المطلوب، حتى إذا جاء الوقت سمع المنبه، فقام إلى الصلاة أو يؤكد على أهله الذين يثق بهم أن يوقظوه في الوقت، أما التساهل وعدم المبالاة، فهذا معناه الموافقة على ترك الصلاة وعدم المبالاة بها، والعياذ بالله، فيكون آثما،ً ومشبها بأعداء الله المنافقين، الذي قال الله فيهم: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى) وقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أثقل الصلاة على المنافقين صلاة العشاء، وصلاة الفجر)، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: (لقد رأيتنا ما يتخلف عنها - يعني الصلاة في الجماعة - إلا منافق معلوم النفاق)، فالواجب على كل مسلم وعلى كل مسلمة الحذر من التساهل بالصلاة، والواجب اتخاذ الأسباب المعينة على أدائها في الوقت، الفجر وغيره في جميع الأوقات، فالذي يسهر يجب عليه أن لا يسهر حتى يقوم لصلاة الفجر، والذي يتساهل في عدم تركيز الساعة على الوقت المطلوب يعتني بالساعة ويركبها على الوقت المطلوب حتى يسمع التنبيه، والذي عنده أهلٌ يوقظونه يوصيهم بذلك، يفعل الأسباب التي تعينه على أداء الصلاة ،وليس له التساهل في ذلك أبداً، وهكذا بقية الصلوات يعتني بالأسباب التي تعينه على أدائها في الوقت، ولا يتساهل في ذلك حتى يكون في ذلك متشبه بالمنافقين، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. جزاكم الله خيراً  
 
12-   إنها فتاة في مقتبل العمر، زوجني أبي بشخص لا يعرف عنه شيئاً سوى أنه من نفس العائلة، وبعد الزواج بدت منه أفعال مشينة لا يرضاها الله ورسوله -صلى الله عليه وسلم-، فهو تارك للصلاة، سيء العشرة، وما خفي كان أعظم، وأنا الآن أطلب التفريق، وخاصة أنه يطلب مني ترك الصلاة، الأمر الذي وقف في وجهي أنه يطلب أن أدفع له المهر أضعافاً مضاعفة، وجهوني حول هذا الموضوع جزاكم الله خيراً؟
لقد أساء والدك -عفا الله عنا وعنه- في تزويجك على شخص لا يعرف حاله الدينية، فهذا غلط من والدك، والواجب على كل والد وعلى كل ولي أن ينظر لموليته، وأن لا يزوجها إلا ممن يعرف عنه الدين والصلاح والخير، وأن لا يتساهل في هذا الأمر لا لقريب ولا لغير قريب؛ لأنها أمانة في ذمة الولي، فالواجب أن يختار لها من يعرف عنه الصلاح والخير، وحفظ السمعة، والمحافظة على الصلاة في الجماعة، وإذا فرط في هذا أساء وأثم، وللمولية الخيار في ذلك، فإذا رأت منه ما يسوءها من المعاصي فلها أن تطلب الفسخ، تطلب الطلاق، وإذا رأت منه ما يوجب الكفر وجب عليها ذلك، كترك الصلاة؛ لأن ترك الصلاة كفر، فالذي يترك الصلاة ويأمر بترك الصلاة من أكفر الناس نعوذ بالله، ولو قال إنه يعلم وجوبها ويقر وجوبها ما دام يتركها، وعلاوة على ذلك يأمر بتركها، فهذا شره عظيم، وقد قال النبي الكريم -عليه الصلاة والسلام-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، فالواجب عليك الذهاب إلى أهلك، وعدم تمكينه من نفسك، حتى يتوب إلى الله -عز وجل-، ويحافظ على الصلاة كما أمر الله، ثم بعد ذلك يجدد النكاح له بعقد زواج شرعي، إذا رضيت بذلك، وثبتت التوبة، يجدد النكاح؛ لأن نكاح المسلمة التي تصلي من زوج لا يصلي، لا يجوز، ولا يصح، فالنكاح غير صحيح، إذا كان لا يصلي حين النكاح وأنت بحمد لله تصلين، فالنكاح غير صحيح، وليس له حق بالمال المهر؛ لأن الفراق من جهته هو الذي سبب الفرقة؛ لتركه الصلاة، والنكاح فاسد، والمهر لك بما استحل من فرجك، قد استحل فرجك بهذا النكاح الفاسد ما حرم الله، فيكون لك المهر وعلى والدك السعي لدى المحكمة في التفريق بينك وبينه على الوجه الشرعي الذي شرعه الله لعباده، وفيما تراه المحكمة الكفاية -إن شاء الله-. جزاكم الله خيراً، في آخر رسالتها سماحة الشيخ تنوه إلى أن الوالد غير مستعجل في هذا الموضوع فهو لا يسعى إلى التفريق. الوالد عليه أن يتقي الله، وأن يتلافى ما فعل من الشر، وأن يتوب إلى الله من عمله السيئ، وعليه أن يسعى في خلاصك، كما فعل ما سبَّب وقوع ما وقع من هذا النكاح الفاسد، الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يراقب الله، وأن يتصل بالمحكمة حتى تفرق بينك وبينه، إلا أن يتيسر أنه يفارق بدون المحكمة، ولو أعطاه والدك بعض الشيء من باب إنهاء النزاع بسرعة فلا بأس، إذا أعطاهم بعض الشيء معروفاً منه؛ ليخلصك بسرعة فلا بأس بذالك، وإلا فلا حق له عليك؛ لأنه كافرٌ؛ بتركه للصلاة؛ ولأنه استحل من فرجك ما حرم الله في هذا النكاح الفاسد، فوجب لك المهر، وهذه أمور تعلمها المحاكم الشرعية وفيها الكفاية والحمد لله، لكن إذا اصطلحتم معه، أو مع أقاربه على أن تعطوه شيئاً، ويطلق ولا تذهبوا إلى المحكمة فلا حرج في ذلك. جزاكم الله خيراً، شيخ عبد العزيز، طالبها أيضاً بأن تترك الصلاة هي فيما لو أصر على بقائها معه كيف تتيقن من توبته؟ متى تاب سوف يترك هذا الطلب فإن طلب ترك الصلاة فهو غير تائب؛ لأن طلبه بترك الصلاة أعظم وأشنع من تركه الصلاة نسأل الله العافية. جزاكم الله خيراً، والطريق إلى معرفة توبته -شيخ عبد العزيز- هو؟ له بيِّنة، بيِّنات العارفين من جيرانه، وأقاربه، إذا شهد له عدلان فأكثر بالتوبة، وظهرت ذلك عليه بشهادة جيرانه ومن حوله من أصدقائه، فإن هذا يثبت به أمر التوبة إذا كان الشاهدان فأكثر... إذاً لا تعود إليه حتى تتيقن تماماً بهذا الأسلوب التي تفضلتم به؟ ولا تعود إلا بنكاح شرعي جديد؛ لأن النكاح الأول فاسد، فإذا رضيت بالعودة إليه بعد التوبة، فلا بد من تجديد النكاح. 

427 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply