حلقة 610: تفسير آية الكرسي - شرح حديث الاستعاذة من فتنة المحيا والممات - مقتضيات لا إله إلا الله - النذر على شيء مباح - الجمع والقصر للمتردد في مدة الإقامة - النجاسة على جسم الإنسان هل يلزمه إعادة الوضوء؟ - الشك في عدد السجدات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

10 / 50 محاضرة

حلقة 610: تفسير آية الكرسي - شرح حديث الاستعاذة من فتنة المحيا والممات - مقتضيات لا إله إلا الله - النذر على شيء مباح - الجمع والقصر للمتردد في مدة الإقامة - النجاسة على جسم الإنسان هل يلزمه إعادة الوضوء؟ - الشك في عدد السجدات

1-  يسأل عن تفسير آية الكرسي، فلو سمحتم سماحة الشيخ تتفضلون بتفسيرها له؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فآية الكرسي هي أعظم آية في كتاب الله بنص الرسول عليه الصلاة والسلام، وهي قوله عز وجل: اللّهُ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ مَن ذَا الَّذِي يَشْفَعُ عِنْدَهُ إِلاَّ بِإِذْنِهِ يَعْلَمُ مَا بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَمَا خَلْفَهُمْ وَلاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضَ وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا وَهُوَ الْعَلِيُّ الْعَظِيمُ (255) سورة البقرة. هذه آية الكرسي وهي آية طويلة، وهي أعظم آية في كتاب الله، وقد اشتملت على معان عظيمة، من جهة توحيد الله، وإثبات أسمائه وصفاته، وعموم علمه وقدرته جل وعلا، فقوله سبحانه: الله لا إله إلا هو الحي القيوم، هذه معنى كلمة التوحيد، لا إله إلا الله، فإن معناها: الله لا إله إلا هو، يعني لا معبود حق إلا هو، الله لا معبود حق سواه والإله المعبود والتأله التعبد، فمعنى لا إله يعني لا مألوه، والمألوه معناه المعبود، أي لا معبود حق إلا الله تعالى، فهو الحي القيوم سبحانه، الحي الذي لا يموت، ولا يعتريه السنة والنعاس، لا يعتريه السنة وهي النوم وهو ما فوق النعاس لكمال حياته فلا نوم ولا موت ولا نعاس ولا غفلة بل هو في غاية من العلم والقدرة والبصيرة بأحوال العباد سبحانه وتعالى، الله لا إله إلا هو الحي القيوم، فهو حي حياة كاملة لا يعتريها نقص ولا ضعف ولا غفلة ولا نوم ولا نعاس ولا موت ولا غير ذلك من الآفات، وهو القيوم القائم على أمر عباده والمقيم لهم سبحانه، وهو المقيم لمخلوقاته وهو الحاكم لمخلوقاته، فلا قوام للعباد ولا للمخلوقات إلا به سبحانه وتعالى، وهو الذي أقام السموات وأقام الأرض وأقام كل شيء، كما قال سبحانه:ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره، فهو المقيم للخلائق، والحافظ لها، والموجد لها، والمعدم لها، فهو على كل شيء قدير سبحانه وتعالى، ولهذا قال بعده: لا تأخذه سنة ولا نوم، يعني لا تصيبه، ولا تعتريه سنة وهي النعاس، هي النوم الخفيف، ولا نوم، وهو النوم الثقيل، فلا يعتريه غفلة ولا نعاس ولا نوم ولا موت بل حياته كاملة سبحانه وتعالى، ثم قال عز وجل: له ما في السموات وما في الأرض، يعني هو المالك لكل شيء، هو المالك للسماء وما فيها والأرض وما فيها، كما قال جل وعلا في آخر سورة المائدة: لله ملك السموات والأرض وما فيهن وهو على كل شيء قدير، وقال في آية أخرى: لله ملك السموات والأرض، فهو سبحانه المالك للسموات والمالك للأرض، والمالك لما فيهما والمالك لكل شيء جل وعلا، ثم قال سبحانه: من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، أي لا أحد يستطيع يشفع إلا بإذنه سبحانه، يعني يوم القيامة لا يتقدم أحد يشفع حتى النبي محمد – صلى الله عليه وسلم - إلا بإذنه حتى يأذن له، وما ذاك إلا لعظم مقامه وجبروته وكونه سبحانه المستحق لأن يعظم ويجل وألا يتقدم بين يديه إلا بإذنه سبحانه وتعالى، فإذا اشتد الكرب يوم القيامة بالناس، فزع المؤمنون إلى أبيهم آدم ليشفع لهم إلى الله حتى يقضي بينهم، فيعتذر آدم ثم يحيلهم على نوح، فيأتون نوحاً فيعتذر عليه الصلاة والسلام، ويقول: اذهبوا إلى إبراهيم، فيأتون إبراهيم، فيعتذر ويقول: اذهبوا إلى موسى، فيأتون إلى موسى فيعتذر، كل واحد يقول نفسي نفسي، فيقول لهم موسى اذهبوا إلى عيسى، فيأتون إلى عيسى، فيقول نفسي نفسي، اذهبوا إلى محمد عليه الصلاة والسلام، فيأتون محمداً عليه الصلاة والسلام فيقول: (أنا لها)، عليه الصلاة والسلام، ثم يتقدم فيسجد بين يدي ربه، فيحمده بمحامد عظيمة، ويثني عليه سبحانه بمحامد يفتحها عليه ثم يقال له: (يا محمد ارفع رأسك وقل تسمع وسل تعط، واشفع تشفع)، فإذا به يشفع عليه الصلاة والسلام في الناس أن يقضي الله بينهم، فيقضي الله بين عباده بشفاعته، ثم بعد القضاء يصير أهل الجنة إلى الجنة وأهل النار إلى النار، فريق في الجنة وفريق في السعير ويوقف أهل الجنة لا يدخلونها حتى يشفع فيهم عليه الصلاة والسلام، فيشفع في أهل الجنة حتى يفتح لهم أبوابها، بشفاعته عليه الصلاة والسلام، أما في الدنيا كل إنسان يدعو ربه، مأمور بالدعاء، يقول تعالى: ادعوني أستجب لكم، كل يدعو ربه أن يغفر له، ويدخله الجنة وينجيه من النار، ويطلب من إخوانه أن يدعو له أن الله يغفر له، لا بأس بهذا، لكن يوم القيامة لا أحد يتقدم إلا بإذنه سبحانه وتعالى، الأنبياء وغيرهم لا أحد يشفع إلا بإذنه سبحانه وتعالى، من ذا الذي يشفع عنده إلا بإذنه، كما قال: وكم من ملك في السموات لا تغني شفاعتهم شيئاً إلا من بعد أن يأذن الله لمن يشاء ويرضى، سبحانه وتعالى، وقال تعالى: ولا يشفعون إلا لمن ارتضى، فالشفاعة لا تكون إلا لمن رضي الله قوله وعمله، وهم أهل التوحيد والإيمان، هم الذين يشفع فيهم الأنبياء، أما أهل الشرك فلا شفاعة لهم، كما قال تعالى: فما تنفعهم شفاعة الشافعين، وقال تعالى: ما للظالمين من حميم ولا شفيع يطاع، الظالمين يعني المشركين، الظالمين يعني المشركين، الظلم إذا أطلق فهو الشرك، إن الشرك لظلم عظيم، فمعنى قوله سبحانه: ما للظالمين- يعني ما للمشركين- من حميم ولا شفيع يطاع، فالمشرك لا تنفعه الشفاعة ولا يشفع فيه الرسول ولا المؤمنون، بل ليس له إلا النار يوم القيامة نعوذ بالله من ذلك، وإنما الشفاعة لأهل التوحيد والإيمان ولعصاة الموحدين، أما الشفاعة في الموقف فهي عامة لأهل الموقف جميعاً، من الكفار وغيرهم في أن يُقضى بينهم، هذه شفاعة عامة، في القضاء بين الناس، يشفع فيهم النبي - صلى الله عليه وسلم -للقضاء بينهم فيقضي الله بينهم سبحانه بحكمه العدل جل وعلا كما ذكر سبحانه، ثم قال سبحانه:يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، يعني هو العالم بأحوال عباده، لا يخفى عليه خافية، جل وعلا، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم، ما مضى وما يأتي، ويعلم أحوال عباده الماضيين والآتيين ويعلم كل شيء سبحانه وتعالى، إن الله بكل عليم، وقال تعالى: ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، فهم لا يحيطون بشيء من علمه إلا بما أطلعهم سبحانه وتعالى، أما هو فهو العالم بأحوال عباده كلهم ماضيها ولاحقها، يعلم أحوالهم وما صدر منهم، وما ماتوا عليه وما لهم في الآخرة يعلم كل شيء سبحانه وتعالى، قال تعالى: لتعلموا أن الله على كل شيء قدير وأن الله قد أحاط بكل شيء علماً، وقال سبحانه: إن الله بكل شيء عليم، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء، فهم لا يعلمون ما عنده إلا بتعليمه سبحانه وتعالى، بإطلاعه لهم على يد الرسل عليهم الصلاة والسلام، أو بما يوجد الله لهم في الدنيا من مخلوقات وأرزاق وأشياء يطلعهم عليها سبحانه وتعالى، ثم قال: وسع كرسيه السموات والأرض، الكرسي مخلوق عظيم، فوق السماء السابعة، غير العرش، قال ابن عباس: هو موضع قدميه، قدم الرب عز وجل، وقال بعض أهل العلم: إنه العرش، لأن العرش يسمى كرسي، والمشهور الأول أنه مخلوق عظيم فوق السماء السابعة، غير العرش الذي هو عرش الله سبحانه وتعالى الذي فوقه الله عز وجل، المذكور في قوله سبحانه: الرحمن على العرش استوى، وفي قوله جل وعلا: إن ربكم الله الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام ثم استوى على العرش، في سبعة مواضع من كتاب الله، ذكر فيها استواءه على العرش سبحانه وتعالى وهو مخلوق العظيم قد أحاط بمخلوقاته وهو سقفه، قال فيه جل وعلا: ويحمل عرش ربك فوقهم يومئذ ثمانية، يعني يوم القيامة، ولا يؤوده حفظهما أي لا يثقل الرب ولا يشق عليه شيء من مخلوقاته سبحانه وتعالى، فهو الحافظ للسموات وهو الحافظ للأرض وما فيهن، ولا يشق عليه ذلك ولا ــ ولا يثقله سبحانه وتعالى، لأنه القادر على كل شيء، ولهذا قال سبحانه وتعالى، ولا يؤوده حفظهما، أي لا يخرجه ولا يثقله ولا يشق عليه بل هو قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وهو العلي العظيم، له العلو المطلق علو الذات فوق العرش، وعلو القهر والسلطان وعلو الشرف والقدر سبحانه وتعالى، هذا هو العلو الكامل سبحانه وتعالى، هو العالي فوق جميع خلقه سبحانه وتعالى، فوق العرش، وهو العالي من جهة كمال أسمائه وصفاته وسلطانه وقدرته جل وعلا، وله الشرف والفضل، فهو أفضل شيء وأشرفه سبحانه وتعالى، فله علو القهر والسلطان وعلو الشرف والقدر، وعلو المكان سبحانه وتعالى فوق العرش، قال تعالى: فالحكم لله العلي الكبير، وقال تعالى: وهو العلي العظيم، هو العلي فوق جميع خلقه، القادر على كل شيء، العظيم السلطان، المتصرف بعباده كيف يشاء، وهو العظيم الذي لا أعظم منه، هذا هي العظمة الكاملة سبحانه وتعالى، فلا أعظم منه ولا أكبر ولا أعلم ولا أقدر سبحانه وتعالى، فهذه الآية العظيمة فيها هذه الصفات العظيمة؛ ولهذا صارت أفضل آية في كتاب الله، وأعظم آية في كتاب الله، لكونها اشتملت على هذه المعاني العظيمة والأوصاف العظيمة للرب عز وجل، وأنه الحي القيوم وأنه لا معبود بحق سواه، وأنه كامل الحياة لا تعتريه سنة ولا نوم، وأنه المالك لكل شيء، وأنه العالم بكل شيء، وأنه لا يؤوده حفظ مخلوقاته ولا يشق عليه ذلك، بل هو قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، وأن كرسيه قد وسع السموات والأرض سبحانه وتعالى، وأنه لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه سبحانه وتعالى لكمال قدرته وكمال عظمته، وأنه العلي العلو المطلق، علو الذات وعلو القهر والسلطان، وعلو الشرف والقدر، وهو العظيم الذي لا أعظم منه سبحانه وتعالى، عظيم في ذاته عظيم في أسمائه وصفاته وأفعاله، قاهر فوق عباده، كما قال جل وعلا: وهو القاهر فوق عباده، وهو القائل جل وعلا: إن الله على كل شيء قدير، وقال سبحانه:وكان الله على كل شيء مقتدراً، وفي هذا يعلم كل مؤمن وكل مؤمنة عظم شأن هذه الآية، وأنها آية عظمية مشتملة على صفات عظيمة، وبهذا صارت بحق أعظم آية في كتاب الله عز وجل بنص المصطفى محمد عليه الصلاة والسلام، والله ولي التوفيق.  
 
2-  أمرنا بالاستعاذة من فتنة المحيا، وفتنة الممات، وفتنة المسيح الدجال، حبذا لو شرحتم لنا هذا؟ جزاكم الله خيراً.
هذا مشروع للمؤمن والمؤمنة في كل الصلاة، فالسنة لكل مؤمن ولكل مؤمنة أن يختم صلاته بالاستعاذة بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- في أحاديث كثيرة أنه كان بعدما يتشهد في آخر الصلاة قبل أن يسلم يستعيذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وكان يأمر بهذا فيقول: (إذا تشهد أحدكم فليستعذ بالله من أربع، يقول: اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال)، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة التعوذ من هذه الأربع، وذهب جمهور أهل العلم إلى أن هذا سنة مؤكدة، وروي عن طاووس التابعي الجليل ما يدل على أن ذلك واجب، وروي عنه أنه أمر ولده ولما لم يقلها في الصلاة أن يعيد الصلاة، فهذا يدل على تأكد هذه الدعوات وأنه ينبغي للمؤمن ألا يدعها في أي صلاة، النافلة والفريضة قبل أن يسلم، يقول: أعوذ بالله من عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال، وإن شاء قال: (ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، وعذاب القبر وفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال، هي دعوات عظيمة، قال أنس رضي الله عنه: كان أكثر دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - (ربنا آتنا في الدنيا وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار)، فإذا دعا بذلك آخر الصلاة كان حسناً، وهكذا في السجود إذا دعا بذلك لا بأس، فالسجود محل للدعاء، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم -:(أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، فأكثروا الدعاء)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (أما الركوع فعظموا فيه الرب، وأما السجود فاجتهدوا في الدعاء، فقمن أن يستجاب لكم)، يعني حري أن يستجاب لكم، نسأل الله السلامة. كأنه يطلب التمثيل لفتنة المحيا والممات وفتنة المسيح الدجال؟ الإنسان معرض للفتن في حياته وعند الموت، قد يعرض في حياته للمعاصي، قد يعرض للبدع، قد يعرض للكفر بالله ويفتن إما بسبب المال أو بسبب الشهوات والمعاصي، أو بسبب جلساء السوء فيقع فيما يغضب الله عليه من كفر أو بدعة أو معصية في حال حياته أو عند الموت نسأل الله السلامة والعافية، وقد يفتن بالمسيح الدجال إذا تأخر زمانه، فإن المسيح يخرج في آخر الزمان يدعي أنه نبي ثم يدعي أنه رب العالمين، ويتبعه جمع غفير من الناس، نعوذ بالله ويهلكون بأسبابه، فالإنسان يسأل ربه أن يعيذه من هذه الأمور؛ لأنه لا يدري هل يسلم أو لا يسلم، فيسأل ربه أن يعيذه من فتنة عذاب جهنم ومن عذاب القبر ومن فتنة المحيا والممات ومن فتنة المسيح الدجال فيأت بهذا الدعاء حتى لا يفتن في حياته وحتى لا يدرك المسيح الدجال فيفتن نسأل الله السلامة.     
 
3-  ما هي مقتضيات لا إله إلا الله؟
هذه الكلمة أعظم كلمة، وهي كلمة التوحيد، ولا يدخل العبد في الإسلام إلا بتحقيقها والإيمان بها، أنه لا معبود بحق إلا الله، وهي أول كلمة دعا إليها الرسل، أول كلمة تدعو إليها الرسل هذه الكلمة، لا إله إلا الله، قال تعالى: وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون، وقال سبحانه: ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت، ونبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- لما بعثه الله أول كلمة دعا إليها لا إله إلا الله، مع الإيمان به وأنه رسول الله، فتقتضي إخلاص العبادة لله وحده، والإيمان بأنه المعبود بالحق، وأنه رب العالمين وأنه الخلاق العليم، وأنه المستحق لأن يعبد ويطاع أمره، وتقتضي أن يعلم العبد بأن الله هو خالق العبد، وأنه أعد له جنة وناراً وأنه لا بد من لقائه ربه، فإما الجنة وإما النار، فهذه الكلمة هي أصل الدين وأساس الملة وهي العروة الوثقى فلا بد من الإيمان بها واعتقاد معناها، وأنه لا معبود حق إلا الله، وهذا الاعتقاد يقتضي طاعة الأوامر وترك النواهي لله الحق الذي آمنت بأنه معبود بالحق، فهي تقتضي أن تؤدي حقه، بأن تعبده بصلاتك وصومك وزكاتك وحجك وصيامك وغير ذلك، لأن التأله التعبد، معنى لا إله إلا الله، يعني لا مألوه حق إلا الله، أي لا معبود حق إلا الله، فالواجب عليك أن تألهه تعبده في صلاتك وصومك وزكاتك وحجك وجهادك وسائر عباداتك تخص بها ربك سبحانه وتعالى وتعبده وحده، ترجوا ثوابه وتخشى عقابه، وهكذا من مقتضياتها أن تؤمن بما حرم الله عليك من الشرك والمعاصي وأن تبتعد عن ذلك وتحذر ذلك. سنعود إلى بقية أسئلة أخينا في حلقات قادمة إن شاء الله تعالى.  
 
4- لسبب صحتي نذرت ألا آكل سوى وجبتين في اليوم فقط، وحيث أنني طالبة وأعود إلى المنزل سيراً على الأقدام فقد أصبحت أجوع جوعاً شديداً، والفترة بين الغداء ووجبة الإفطار في اليوم التالي متباعدة، ماذا أفعل؟ هل أستمر أم أن علي كفارة فيما إذا أردت أن آكل وجبة ثالثة؟ أفيدوني جزاكم الله خيراً.
هذا يسمى نذراً مباحاً، أو نذراً مستحباً على الأكثر لقصد الاقتصاد أو لقصد النشاط في العبادة أو لقصد نشاط في طلب العلم، فلا بأس إذا أكلت أكثر من ذلك وعليك كفارة اليمين، هذا النذر ليس بواجب، ليس طاعة لله يجب الوفاء به، بل هذا قصاراه أن يكون مباحاً، فعليك كفارة اليمين والحمد لله، إطعام عشرة مساكين أو كسوتهم، وتأكلين ثلاث وجبات أو أكثر لا بأس.  
 
5-   هل الجمع والقصر مقترنان على الدوام، وهل يستمر الرجل في الجمع والقصر معاً، أم يكتفي بالقصر دون الجمع؟ أفيدونا رعاكم الله، وأرجو أن يكون ذلك مفصلاً؟
القصر سنة من سنن السفر، سنة مؤكدة، وهو أن يصلي ركعتين الظهر ركعتين والعصر ركعتين والعشاء ركعتين هذا يسمى القصر، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - في أسفاره يقصر يصلي ركعتين- عليه الصلاة والسلام- حتى يرجع، فالذي قصد قرية ولا يعلم ماذا يقيم فيها يومين أو ثلاثة أو أكثر هذا السنة له أن يقصر ثنتين لأنه بعيدة، الظهر والعصر والعشاء، إلا إذا كان وحده فإنه يصلي جماعة ويصلي مع الناس أربعاً، ولا يصلي وحده، لأن الجماعة واجبة، أما إذا كان معه أصحاب فإنه يصلي ثنتين، وإن صلى مع الجماعة صلى أربعاً، ما داموا لم يعلموا مدة إقامتهم، أما الجمع فهو رخصة وليس به قصر، إن احتاج إليه فعله وإلا تركه، فإذا كان على ظهر سير مسافر جمع، الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء، أما إذا كان مستريح نازل فالأفضل أن يصلي الظهر وحدها والعصر وحدها والمغرب وحدها والعشاء وحدها في وقتها، ولهذا كان النبي - صلى الله عليه وسلم -إذا نزل يصلي كل صلاة في وقتها، كما فعل في منى، في حجة الوداع كان يصلي كل الصلوات في وقتها، وهكذا في غالب أسفاره إذا قام يصلي كل الصلوات في وقتها، أما إذا دعت الحاجة إلى الجمع لكونه على ظهر سير، أو لأجل مشقة في عدم الجمع فإنه يصلي الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً إذا دعت الحاجة إلى ذلك لبرد أو قلة ماء أو ما أشبه ذلك من الأسباب. سماحة الشيخ قلتم إذا كان وحده ماذا يفعل؟ يصلي مع الناس مع الجماعات في البلد، لا يصلي وحده. يعني لا يجوز أن يقصر وحده؟ نعم، لأن الواجب عليه أن يؤدي الصلاة في الجماعة، إذا كان ما معه أحد يصلي مع الناس أربع لأن المسافر إذا صلى مع المقيمين صلى أربعاً، أما لو صلى وحده، فاتته الصلاة مع المقيمين صلى وحده هذا يصلي ثنتين.  
 
6-  هل وقوع النجاسة على جسم الإنسان تلزمه بإعادة الوضوء، أم أنه يكفي إزالة النجاسة والصلاة دون إعادة الوضوء؟
إذا وقع على جسم الإنسان نجاسة بعد الوضوء بأن وقع عليه شيء من بول الصبي أو غير ذلك من أنواع النجاسة فإنه يغسل محل النجاسة ويكفي ولا يعيد الوضوء، يغسل ما أصاب النجاسة من ثوب أو بدن وليس عليه أن يعيد الوضوء، أما إذا كانت النجاسة من نفسه بأن خرج منه البول فهذا يعيد يستنجي ويعيد الوضوء، أما لو أصابه نجاسة من طفل عنده أو من غيره أو سقط عليه دم، يغسل ما أصابه ويكفي والوضوء صحيح.  
 
7-  رجل شك في عدد السجدات وقد كان في ركعة أخرى بعدها ، ماذا يفعل؟
 إذا شك هل سجد سجدتين أو ثلاث، فالأصل أنها سجدتان، ما عليه شيء، أما إذا شك هل سجد أو سجدتين هذا يجعلها سجدة، ويأتي باليقين ويسجد سجدة ثانية، وإذا شك في ذلك بعدما انقضت الركعة، صار في ركعة ثانية؛ يعتبر الركعة الأولى لاغية تقوم الأخرى مقامها ويأتي بركعة زائدة بدل الركعة التي ترك فيها السجود أو شك في السجود التي تركه منها، لأن الواجب أن يأتي بالأركان كاملة عن يقين، فإذا صلى ركعة ثم في الركعة الثانية بعد الركوع أو في السجود حصل عنده شك في الركعة الأولى هل سجد سجدتين أو واحدة، فإنه يعتبرها واحدة يقيناً وتكون الثانية بدلاً منها ويأت بأخرى ويسجد للسهو، أما لو كان الشك بعد السلام، فلا عليه، ليس عليه إعادة، إذا كان الشك بعد السلام، فإنه لا يلتفت إلى ذلك وصلاته صحيحة وليس عليه ــ ولا غيره، لأنها عبادة قد تمت وانتهت.

410 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply