حلقة 612: أفطر يوما من رمضان ولم يقض حتى جاء رمضان آخر - عزل عمر لخالد رضي الله عنهما - حلف ثم حنث هل عليه شيء غير الصيام - ما على الغائب عن أهله ثلاث سنوات - تأخير الزكاة لمدة ثلاث سنوات - تركيب الأسنان الذهب للرجال

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

12 / 50 محاضرة

حلقة 612: أفطر يوما من رمضان ولم يقض حتى جاء رمضان آخر - عزل عمر لخالد رضي الله عنهما - حلف ثم حنث هل عليه شيء غير الصيام - ما على الغائب عن أهله ثلاث سنوات - تأخير الزكاة لمدة ثلاث سنوات - تركيب الأسنان الذهب للرجال

1-   إنني في شهر رمضان المبارك قبل سنتين ذهبت إلى مكة المكرمة لأداء مناسك العمرة؛ فاضطررت للإفطار في اليوم الذي ذهبت فيه، وكان يجب علي أن أصومه فيما بعد - أي بعد شهر رمضان المبارك - ولكنني تهاونت فجاء شهر رمضان بالسنة المقبلة ولم أصم ذلك اليوم، فقلت: بعد هذا الشهر، ولكن مرت الأيام ولم أصمه، كل يوم أقول غداً حتى جاء شهر رمضان للسنة الثانية ولم أصمه، حتى هذا اليوم، ولكنني تنبهت لهذا الأمر ، فقررت أن أصومه، ولكن هل أصوم يوم واحداً، أم علي صيام أيام تكفيرا، ما هو الحكم؟ وأنا في انتظار إجابتكم، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ، ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فالواجب قضاء اليوم واحد؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - يقول: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ [(185) سورة البقرة]. فأنت عليك قضاء اليوم الواحد، مع التوبة والاستغفار لأجل تفريطك في التأخير، وعليك مع ذلك إطعام مسكين، نصف صاع من تمر أو رز مقداره كيلو ونصف تقريباً، يدفع لبعض الفقراء مع التوبة والاستغفار والحمد لله. 
 
2-   نقرأ في بعض الكتب كلاماً يدس فيه على الإسلام، كما قيل عن عزل خالد بن الوليد - رضي الله عنه - عن قيادة الجيش، حبذا لو نبهتم الناس سماحة الشيخ إلى تلكم المقولات التي تطعن في الإسلام وفي خالد بن الوليد؟
المعروف في هذا أن العزل له من عمر كان لأمرٍ سياسي رآه - رضي الله عنه – ، رأى إبداله بأبي عبيدة بن الجراح لأمرٍ رآه كفيلاً بالمصلحة للمسلمين، وقال بعض أهل العلم إن السبب في ذلك أن عمر كان - رضي الله عنه - قوياً في كل الأمور، وكان خالد كذلك قوي في بعض الأمور، فناسب أن يكون أبو عبيدة هو أمير عمر ؛ لأنه كان ليناً رفيقاً ليس مثل خالد في الشدة، حتى يعتدل الأمر، يكون أبو عبيدة مع لينه في مقابل شدة عمر - رضي الله عنه -، وكان خالد في قوته في مقابل لين الصديق - رضي الله عنه - فاعتدل الأمر، وهذا كلام وجيه وليس بالبعيد. والحاصل أن عمر - رضي الله عنه - إنما عزله لأمر سياسي لمصلحة المسلمين، إما لما ذكرنا وإما غيره، والمشهور هو ما ذكرنا، والله ولي التوفيق. إذاً لا يلتفت إلى تلك الأقوال التي تدس في هذه القضية؟ كل ما يقال في ذلك من ظن السوء كله باطل، كلما يقال من ظن السوء في عمر أو في خالد كله باطل. 
 
3-  حلفت يوماً من الأيام أن لا أفعل شيئاً ما، ولكني فعلت ذلك الشيء، ماذا يجب علي أن أفعل؟ علماً بأني لا أستطيع الصيام؟
عليك الكفارة، كفارة يمين، الله يقول - سبحانه - : لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ ذَلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ [(89) سورة المائدة]. فالصيام إنما هو بعد العجز عن الطعام والعجز عن الكسوة والعجز عن العتق، فإذا حلفت أن تفعل شيء ولم تفعله ، فعليك إطعام عشرة مساكين، من أوسط ما تطعم أهلك، من طعامكم من رزٍ أو تمرٍ أو حنطة، وإذا كان معه إدام مع الرز أو الحنطة إدام كان ذلك أفضل، وإن عشيتهم في بيتك أو في مطعم أو في أي مكان أو غديتهم أو كسوتهم كسوةً تجزئهم في لصلاة حصل المقصود والحمد لله. 
 
4-  أنا متزوج وسافرت إلى العراق ولم أذهب إلى أهلي منذ ثلاث سنوات، هل علي من ذنب يلحقني نتيجة ما فعلت؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.
هذه مدة طويلة، ما كان ينبغي منك أن تفعلها ؛ لأن المرأة في حاجة إلى زوجها لعفتها ، والبعد بها عن الأخطار، وأنت كذلك في حاجة إلى زوجتك للعفة ، وغض البصر، فالواجب أن لا تطيل المدة ، وأن تحرص على أن تكون مدة قليلة ، أو تنقلها معك إلى محل عملك، وإذا كانت قد سمحت عنك فلا شيء عليك إن شاء الله، لكن ينبغي لك أن تلاحظ الموضوع دائماً ، وأن تكون المدة قصيرة ، حرصاً على سلامتك وسلامتها ، وحرصاً على عفة فرجك وغض بصرك ، وهكذا سلامتها هي أيضاً ، والحرص على حفظ فرجها وغض بصرها. والمؤمن حسيب نفسه، ينظر الأمر فإن المدة إذا طالت فيها خطر عليكما جميعاً، فالواجب عليك أن تجتهد في اختصار المدة قليلاً، في اختصار المدة حتى تكون قليلاً ليس فيها خطر ، أو أن تنقل المرأة معك في محل عملك، نسأل الله للجميع الهداية. سماحة الشيخ علمت منكم قولاً تحددونه للرجل عندما يريد أن يغيب عن زوجته ؟ كم المدة التي ترونها جزاكم الله خيرا؟ يروى عن عمر - رضي الله عنه - أنه كان يحدد ستة أشهر – رضي الله عنه- ، ولكن الوقت يختلف، الستة الأشهر مقاربة كما قال عمر - رضي الله عنه -، ولكن في أوقاتنا هذه الخطر كبير، بفعل انتشار الفساد ، وكثرة التبرج ، وضعف الإيمان في أغلب البلدان ، وأغلب الأمكنة ، فينبغي للمؤمن أن يختصر المدة، وأن تكون أقل من ذلك مهما أمكن، أو يصطحب زوجته معه دائماً ؛ لأن ذلك أقرب إلى سلامته وسلامتها. المقصود مهما أمكن أن تكون المدة أقل من ستة أشهر فهو أولى من أجل الأخطار الكثيرة على المرأة والرجل جميعاً. هل من كلمة للنساء حول هذا الموضوع شيخ عبد العزيز؟ نعم، الوصية تقوى الله - جل وعلا -، وأن تحرص على حفظ فرجها وسمعتها ، وغض بصرها، وأن تبتعد عن الخلطة بالرجال، أو بالخلوة بالرجال، وأن تحرص على بقاءها في بيتها، وإن كان ولابد من الخروج فلتكن إلى محلاتٍ أمينة ، سليمة، وليكن معها من أخواتها في الله من يصحبها ؛ لأن ذلك أبعد عن أسباب الفتنة عند الضرورة إلى الخروج لقضاء حاجة، وعلى الزوج أن يتقي الله في أهله ، وأن يحرص على قلة المدة التي يغيب عنها ، أو يحرص على صحبتها معه أينما كان حرصاً على سلامتهما جميعاً. 
 
5-  إنه طيلة الثلاث السنوات جمع بعض المال ولم يزكه حتى الآن، بما تنصحونه؟
الواجب عليه الزكاة، الواجب عليك يا أخي أن تزكي المال عن السنوات الثلاث، إذا كان قد بلغ النصاب فعليك الزكاة، عن السنوات الثلاث، في كل مائة إثنان ونصف، في الألف خمساً وعشرون، يعني ربع العشر. 
 
6-   ما قولكم في شخص قال في نفسه دون أن ينطق: إن شاء الله سوف أصوم ولا أتوقف إلا بعذر شرعي لا أستطيع السيطرة عليه، ولكن توقف بدون العذر، هل يعتبر هذا نذراً عليه؟ علماً أنه قال هذا دون أن يطلب من الله شيئاً، أي: أنه لم يقل إذا وفقت أو إذا وفقني الله في عمل ما سوف أصوم، بل كان مجرد كلام في نفسه، وجهونا حول هذا الموضوع؟ جزاكم الله خيراً.
ليس هذا بنذر ، وليس عليه شيء، إذا كان الواقع هو ما ذكر السائل فليس عليه شيء. 
 
7-  هل ينتهي وقت صلاة العشاء بحلول منتصف الليل؟
نعم، منتصف الليل انتهى وقت العشاء بنص النبي -عليه الصلاة والسلام -، ليبقى الضرورة، يبقى وقت الضرورة كما بعد اصفرار الشمس بعد صلاة العصر، لو صلاها بعد نصف الليل تكون في الوقت، لكن مع الإثم، مع الإثم إذا أخرها عامداً، أما إذا كان ناسياً فلا شيء عليه. ووقت الضرورة يمتد إلى متى سماحة الشيخ؟ إلى طلوع الفجر. إذا إن من صلى في الواحدة ليلاً أو في الثانية ليلاً يكون صلى في وقت الضرورة؟ نعم، كل ما كان بعد نصف الليل يكون وقت الضرورة، وليس له التأخير، لا يجوز له التأخير، لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - : (ووقت العشاء إلى نصف الليل). 
 
8- ما رأي سماحتكم في تركيب الأسنان الذهب للرجال عند الضرورة؟ وهل إذا مات الرجل وهو مركب أسناناً من الذهب يدفن وهي معه أم تخلع؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.
عند الضرورة لا حرج في ذلك للرجال والنساء، لكن الأولى بالرجل مهما أمكن أن تكون من غير الذهب إذا تيسر ذلك، وإذا مات وهي عليه فينبغي أخذها لأنها مال، لا ينبغي إضاعته، والنبي نهى عن إضاعة المال فتؤخذ للانتفاع بها، لكن لو نسوها أو تركوها فلا شيء، لا نعلم عليها شيء في ذلك. لو نسوها أو تركوها عمداً لأن قلعها قد يكلف فلا بأس بذلك، ولا حرج إن شاء الله. أليس في ذلك مثلةً بالميت سماحة الشيخ ؟ لا ما في مثله، إذا أخذوها ما في مثله، إذا أخذوها ينتفع بها، تباع، من .... التركة. لكن الرأي الذي تفضلونه سماحة الشيخ ؟ المقصود إن أخذوها فلا بأس، وإن تركوها فلا بأس، إن تيسر أخذها فهو أحسن، لأن تركها إضاعة مال. 
 
9-   لدي ابنة تقدم إليها أكثر من شخص ولكن مشكلتي أن من يتقدم فيه إحدى هذه الأمور: أولاً: إما أنه لا يصلي فقط. أو أنه متساهل لا يرى في المسجد إلا نادراً. أو يشرب الدخان ويصلي. أو لا يشرب الدخان ولا يصلي. ولقد تعبت من لوم الناس لي بعدم تزويج ابنتي، وحجتهم أن الله يهديهم بعد الزواج، ماذا ترون؟ هل أرفضهم أم أزوجهم لإبراء الذمة، وأي الأشخاص تنصحونني بتزويجه من هذه الأصناف الذي ذكرت؟
من لا يصلي لا يزوج؛ لأن ترك الصلاة كفر أكبر نسأل الله العافية، في أصح قولي العلماء، وإن كان لا يجحد وجوبها، فالصواب أن تاركها كافر، لقوله صلى الله عليه وسلم : (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة ). وقال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). فالذي لا يصلي ، أو لا يرى في المساجد فلا ينبغي أن يزوج، ولا يجوز أن يزوج بمسلمة، أما من كان يتعاطى الدخان ولكنه يصلي هذا يزوج، معصية لا تمنع من الزواج وذلك أولى من تركها وتعطيلها، وهكذا لو كان عنده معصية أخرى يتساهل في بعض الأمور الأخرى التي لا تجعله كافراً كأن تفوته بعض الجماعة و إلا فمعروف أنه يصلي مع الناس، يقيم الصلاة ، لكن قد تفوته بعض الجماعة في بعض الأحيان، أو قد يعرف بشيء من المعاصي الأخرى مثل قص لحيته ، أو ما أشبه ذلك ، فهذا إذا لم يتيسر غيره فلا بأس، ولا تعطل، فالمعصية لا تمنع الزواج، إنما ما يمنع الزواج الكفر، أما المعصية لا تمنع إذا أرادت البنت ذلك، وإذا تيسر الـسليم من المعاصي فذلك ينبغي طلبه ، والحرص عليه.  
 
10-   في حديث عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رواه أنس - رضي الله عنه - قال: (من أحب أن يبسط له في رزقه ، وينسأ له في أثره فليصل رحمه). وأنا أعلم أن هناك آيات من القرآن من بينها: فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلا يَسْتَقْدِمُونَ [الأعراف:34]. كيف نوفق بين هذه الآية وبين ما في ذلكم الحديث؟
لا منافاة بين الحديث والآيات، فكون الإنسان يبسط له في الرزق، وينسأ له في الأجل بسبب صلة الرحم ، أو بسبب بر الوالدين لا يمنع قوله تعالى: وَلَن يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاء أَجَلُهَا [(11) سورة المنافقون]. فالمعنى أن الله - جل وعلا - يجعل صلة الرحم ، ويبر والديه من أسباب تأخير أجله في الأجل السابق والقدر السابق، فالله - جل وعلا - يعلم أن هذا يصل رحمه ويبر والديه، فلهذا أجل له زيادة في العمر، وفسح له في العمر ، وذاك يقطع رحمه ، ويعق والده ، فلن يفسح له في العمر ، وجعل عمره كذا ، لحكمة بالغة، وقد يطول عمر هذا العاق وعمر هذا العاق ، ويعجل أجل المطيع لأسبابٍ أخرى ، وحكمة بالغة من الله -سبحانه وتعالى -، وفي الحديث الصحيح : (لا يرد قدره إلا الدعاء ولا يزيد في العمر إلا البر) يعني بر الوالدين، فهو من جنس حديث أنس: (من أحب أن يبسط له في رزقه). يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- : (من أحب أن يبسط له في رزقه ،وينسأ له في أجله ، فليصل رحمه). وصلة الرحم وبر الوالدين وكثرة الدعاء بطول الحياة على خير من أسباب تأخير الأجل فيما مضى في علم الله، ليس معناه أن هذا قد كتبه الله يموت في كذا ثم أُخَّر، لا. المقصود أن الله - جل وعلا - جعل بر هذا لوالديه، وصلته لأرحامه ، وكثرة دعائه من أسباب تأخير أجله الذي مضى به علم الله، فعلم الله لا يتغير ، ولا يعقبه جهل ، ولا يسبقه جهل، بل علم الله شامل - سبحانه وتعالى - ، لا يعتريه جهل ولا نقص، فهذا إذا جاء أجله تمت حياته والآخر كذلك ، والآخر كذلك، وكلٌ له أسبابه، هذا أطيل في أجله لبره وصلة رحمه وكثرة دعاءه، وهذا عجل له الأجل لأسبابٍ أخرى، وهذا مد له في الأجل لأسبابٍ أخرى ، فربك حكيم - جل وعلا -، وليس هناك منافاة بين الأسباب ؛ لأن الآجال معلقة بأسبابها، والأرزاق معلقة بأسبابها ، والله هو المقدر لهذا ولهذا - سبحانه وتعالى -. 
 
11-  هل يجوز الدعاء في غير أوقات الصلاة والإنسان على غير طهارة، وهو في العمل مثلاً، هل يستجاب له في هذه الحالة؟
الدعاء يشرع في كل وقت، ولا يشترط له الطهارة ، الدعاء مشروع للمؤمن في كل أوقاته، وليس من شرطه الطهارة، يدعو في جميع الأحوال، سواء كان على طهارة، أو على جنابة ، أو على حدثٍ أصغر ، أو كانت المرأة في حيض أو في نفاس، الدعاء مطلوب ، وهكذا الذكر، حتى الذكر : سبحان الله ، والحمد لله ، والله أكبر ، ولا إله إلا الله، يذكر الله على كل حال، حتى المرأة في حيضها ونفاسها ، حتى الجنب، قالت عائشة - رضي الله عنها- : كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يذكر الله على كل أحيانه. والله يقول - جل وعلا -: فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [(103) سورة النساء]. فالمؤمن مشروع له الذكر في جميع الأحوال، إنما ينهى عن قراءة القرآن خاصة في حال الجنابة. لو سمحتم سماحة الشيخ الآية ؟ يقول جل وعلا : فَاذْكُرُواْ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَى جُنُوبِكُمْ [(103) سورة النساء]. وفي الآية الكريمة: إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاخْتِلاَفِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ لآيَاتٍ لِّأُوْلِي الألْبَابِ * الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَامًا وَقُعُودًا وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ [(191) سورة آل عمران]. ويقول سبحانه : فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ فَانتَشِرُوا فِي الْأَرْضِ وَابْتَغُوا مِن فَضْلِ اللَّهِ وَاذْكُرُوا اللَّهَ كَثِيرًا لَّعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ [(10) سورة الجمعة]. فهو مأمور بالذكر دائماً، قائماً وقاعداً وعلى جنبه ، على طهارة أو على غير طهارة، إلا تلاوة القرآن فإنه يمنع في حال الجنابة خاصة. 
 
12-   أرجو شرح هذا الحديث مع بيان مقارنته بالآية القرآنية الآتية، قال تعالى: وَإِنْ تُبْدُوا مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُمْ بِهِ اللَّهُ... [البقرة:284] إلى آخر الآية.. والحديث عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم)؟
هذه الآية الكريمة لما نزلت شقت على الصحابة - رضي الله عنهم وأرضاهم -، فأمرهم النبي - صلى الله عليه وسلم - أن يقولوا : سمعنا وأطعنا، لما أنزل الله قوله – تعالى- : لِّلَّهِ ما فِي السَّمَاواتِ وَمَا فِي الأَرْضِ وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ فَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاء وَيُعَذِّبُ مَن يَشَاء وَاللّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ [(284) سورة البقرة]. شق عليهم ، وجاءوا إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - وقالوا : إن هذا شيء لا نطيقه ، فقال : أتريدون أن تقولوا كما قالت بني إسرائيل سمعنا وعصينا؟ قولوا : سمعنا وأطعنا، فقالوا : سمعنا وأطعنا، فلما قالوها وذلت بها ألسنتهم أنزل الله قوله – تعالى -: آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنزِلَ إِلَيْهِ مِن رَّبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ وَقَالُواْ سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ [(285) سورة البقرة]. ثم أنزل الله بعدها : لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [(286) سورة البقرة]. فنسخت قوله : وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ. ونسخ الله قوله : أو تخفوه. وسامحهم عما وقع في النفوس في قوله - صلى الله عليه وسلم - في الحديث الصحيح: (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم). فما كان من وساوس الصدور فهو معفو عنه ما لم يعمل العبد أو يتكلم كما دل عليه الحديث الصحيح، ودلت عليه قوله تعالى: لاَ يُكَلِّفُ اللّهُ نَفْسًا إِلاَّ وُسْعَهَا [(286) سورة البقرة]. لكن إذا استقر في القلب، وصار عملاً يؤاخذ به الإنسان، إذا استقر في قلبه، من المنكر، ومن الكبر والخيلاء أو نفاق أو غير هذا من أعمال القلوب الخبيثة يؤخذ به الإنسان، أما إذا كان عوارض تخطر في البال ، ولا تستقر ، فالله لا يحاسبه عليها - سبحانه وتعالى -، بل يتجاوز عنها - جل وعلا -. فقوله سبحانه وتعالى: وَإِن تُبْدُواْ مَا فِي أَنفُسِكُمْ أَوْ تُخْفُوهُ يُحَاسِبْكُم بِهِ اللّهُ هذا بالنسبة إلى المستقر في القلوب ، المقيم في القلوب من أعمال أعمال القلوب يؤاخذ به الإنسان ، من نفاق ورياء وكبر وغير هذا من أعمال القلوب، واعتقاداتٍ باطلة، سواء أظهرها أو أخفاها فهو مؤاخذ بها. أما ما يعرض للإنسان فالله قد سامحه فيه وعفا عنه - سبحانه وتعالى -، ودلت السنة على أن قوله: يحاسبكم به الله. يعني في ما يستقر، وفي ما يبقى في القلوب، أما ما يعرض لها ويزول فالله يسامحه – سبحانه وتعالى- لقوله صلى الله عليه وسلم : (إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به نفسها ما لم تعمل أو تتكلم). فالعمل يكون بالقلب ويكون بالجوارح، فإذا عمل بقلبه، أبغض في الله، وأحب في الله أخذ بهذا، أجر على المحبة، وأثم بالبغضاء إذا أبغض من لا يستحق البغضاء، فالمقصود أن أعمال القلب إذا استقرت يؤخذ بها كالمحبة في الله والبغضاء في الله يؤجر المؤمن. وإذا فعل بقلبه خلاف ذلك من بغض المؤمنين أو التكبر على أحد أو النفاق أو الرياء أخذ بذلك؛ لأن هذه أعمال قلبية كالأعمال الإيمانية سواء سوا.  
 
13-   عندنا قرية يوجد بها مسجد جامع يبعد عنَّا حوالي ثلاثمائة متر، ولكننا لا نصلي فيه رغم أننا نسمع الدعاء، وهو لا يصلي فيه أحد إلا أصحابه، ثم قام أبي طالباً الأجر والثواب ببناء مسجد إلى جوار بيتنا، وصرنا نصلي فيه جماعة كل فرض، أنا وأبي وإخوتي وأولادهم، ولكن بعض الناس قالوا: إن هذا المسجد لا تجوز فيه الصلاة؛ لأن الجامع قريب منا، والسؤال: هل نهجر هذا المسجد الصغير الذي بناه والدي ونذهب إلى الجامع وليس في ذلك شيء، أم نصلي فيه كل فرض جماعة، مع العلم يا سماحة الشيخ إننا نصلي الجمعة في الجامع؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً، ونفع بعلمكم المسلمين؟
الواجب عليكم أن تصلوا في الجامع لأنه قريب منكم، فإذا كان هناك أسباب أخرى بينكم شارع يضركم أو خط فيه خطر لا بأس، أما ما دامت الطريق سليمة والمسافة التي بينكم مثل ما ذكرتم ثلاثمائة متر وليس هناك مانع فإن الواجب عليكم أن تصلوا في الجامع وأن تهدموا هذا المسجد؛ لأنه في حكم الضرار، لا حاجة إليه ، فالواجب عليكم أن تصلوا الجمعة والجماعة مع إخوانكم في هذا الجامع القريب منكم إلا أن يكون هناك مانع يمنعكم من ذلك، من طريق كثير المرور، وشارع يخشى عليكم منه، هذا لكم عذر في الفرائض خاصة دون الجمعة، أما ما دام الطريق سليم وليس بينكم أخطار ، ولا ما يمنعكم من الصلاة معهم فالواجب عليكم أن تصلوا معهم ، وأن تكثروا سوادهم، لأن المقصود في الجماعة تكثير المسلمين ، وتجمعهم لوجه الله ، وتعاونهم على البر والتقوى، والحرص على ما ينفعهم في الدنيا والآخرة، لا ينبغي تفرقهم. 
 
14-   عند أبي مجموعة من السيوف وهي خمسة، ومطعمة أبياتها أو غلافها بالفضة، وكذلك السيوف، فهل تجب على تلك الفضة زكاة، وكيف يخرجها وهي لا يمكن وزنها لأنها ملصقة بالسيف، هل يخرج على قيمتها الأولى؟ أفيدونا مأجورين، جزاكم الله خيراً؟
إذا كانت السيوف للبيع، للتجارة، تقدر قيمتها كل سنة، وتزكى إذا بلغت النصاب بنفسها أو بضمها إلى ما عند أبيكم من المال، حتى يزكي الجميع، أما إن كانت السيوف للقنية والحفظ وليست للبيع فليس فيها زكاة، لكن الفضة التي فيها تقدر، فإذا بلغت النصاب وحدها أو مع ما عند أبيكم من أموال تجارية أو نقود فإنها تزكى ، يقدر الفضة هل تساوي خمسين ريال ، أربعين ريال، ثلاثين ريال، بحسب معرفة أهل الخبرة بمقدارها، ثم تضم إلى ما عند الوالد من النقود ويزكى الجميع كل سنة.  
 
15-   امرأة وضعت قبل خمسة عشر عاماً، وصادف ذلك ثلاثة رمضان، وأفطرت بالطبع للوضع، ومنذ ذلك الوقت وهي لم تقض تلك الأيام التي أفطرتها وهي كثيرة عليها، فماذا تفعل، هل يكفي الإطعام عنها؟ أفيدونا ولكم جزيل الشكر؟
الواجب عليها القضاء كالمريض، الواجب عليها القضاء أن تقضي الأيام سواء متتابعة أو متفرقة ، وإذا تأخرت عن رمضان الذي بعد رمضان الذي أفطرت فيه عليها مع ذلك الإطعام، عليها أن تطعم مسكين عن كل يوم وإلا إذا كانت أخرتها لرضاعٍ أو لمرض أو لحمل حال بينها وبين ذلك فإن ذلك يكون عذراً لها، ليس عليها إطعام بل عليها القضاء فقط، أما إذا كان التأخير من أجل التساهل فإن عليها القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم، نصف صاع من تمر أو رز أو نحوهما، من طعام البلد، من قوت البلد، مع التوبة والاستغفار من التأخير. ولا يجوز لها التساهل في هذا الأمر، والله يقول: فمن كان مريضاً أو على سفر فعدةٍ من أيام أخر. وهي في حكم المريض، فعليها أن تصوم بعدما تطهر من نفاسها وتستطيع الصيام.  
 
16- عندنا بنت عمي توفي والدها وهي في السادسة من عمرها، ثم رباها أبي وعاشت معنا منذ الصغر، ولعبنا وأكلنا معاً وصرنا مثل الإخوة، ثم تزوجها أخي الأكبر، والسؤال: هل تصح الخلوة بها ومصافحتها والقلوب صافية كما يعلم الله ، أفيدونا مأجورين ؟
هذه أجنبية لا تجوز مصافحتها ولا الخلوة بها، أما الزعم بأن القلوب صافية فهذا غلط، ليس بصحيح، ومن يقول أنها صافية ومن يقول أن الشيطان مات عنكم، الشيطان موجود، فعلى كل حال ولو كانت القلوب صافية كما زعمت ليس لك الخلوة بها، وليس لك مصافحتها ولا النظر إليها، بل يجب الحذر من ذلك لأنها أجنبية، وإن تربت معكم، الواجب الحذر من الخلوة بها، والتمتع بالنظر إليها، أو مصافحتها، ولهذا جاز أخيك أن يتزوجها

447 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply