حلقة 614: نوى الحج ثم مات قبل الموسم هل على أهله شيء - قال إن شاء الله سأصوم يوماً ثم نسي هل عليه شيء - حكم من نذر أن يصوم شهراً - المخبرين بالمغيبات من المشعوذين - الصلاة خلف المخبرين بالمغيبات من المشعوذين -

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

14 / 50 محاضرة

حلقة 614: نوى الحج ثم مات قبل الموسم هل على أهله شيء - قال إن شاء الله سأصوم يوماً ثم نسي هل عليه شيء - حكم من نذر أن يصوم شهراً - المخبرين بالمغيبات من المشعوذين - الصلاة خلف المخبرين بالمغيبات من المشعوذين -

1-  إذا قال شخص: إن شاء الله سأذهب هذا العام للحج، فوافته المنية قبل موسم الحج، فماذا على ذويه أن يفعلوا، هل عليهم أن يحجوا عنه؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: هذا ليس عليه شيء، إذا قال: إن شاء الله سأحج هذا العام فتوفاه الله قبل ذلك فليس عليه شيء، ولا على أقاربه إذا كان قد حج الفريضة، أما إن كان لم يحج الفريضة وهو قادر في حياته على أن يحج فإن عليهم أن يخرجوا من تركته ما يُحج به عنه، أما إن كان فقيراً فلا شيء عليه. 
 
2-  إني إن شاء الله سأصوم يوماً، علماً بأن هذا اليوم هو يوم الاثنين، فنسي أن يصوم، ماذا عليه؟
ليس عليه شيء؛ لأن هذا لا يسمى نذر، هذا وعد معلق بالمشيئة فلم يشأ الله له ذلك. إن قال: إن شاء الله أصوم يوم الخميس، إن شاء الله أصوم يوم الاثنين، إن شاء الله أزور فلان، إن شاء الله أحج، إن شاء الله أصلي الضحى، كل هذا لا شيء عليه إذا لم يفعل ذلك. 
 
3-  إذا تصدق شخص بأن يصوم شهراً وحدث عليه بعض البدل، فماذا عليه؟
هذا السؤال فيه إجمال: إن كان قصده بتصدق يعني نذر، أو صدقة لوجه الله أني أصوم شهراً فهذا يسمى نذر، ما يسمى صدقة، يسمى نذر، فعليه أن يوفي بنذره إذا استطاع ذلك، فإن لم يستطع بقي في ذمته حتى يستطيع، لقوله صلى الله عليه وسلم: (من نذر أن يطيع الله فليطعه)، أما إن كان مجرد نية أنه يتصدق أو قال: إن شاء الله أصوم هذا ما يلزمه شيء، إنما ما يلزمه إذا قال: نذرٌ لله، أو علي لله، أو صدقة لله، أن أصوم كذا أو أصلي كذا فإنه يلزمه، فإذا عرض له عارض يمنعه من مرض أو سفر فعله بعد ذلك. 
 
4-  أولئك المشعوذين أصحاب البخور، وأصحاب الإخبار بالمغيبات، ويرجو من سماحة الشيخ التوجيه بخصوصهم؟ جزاكم الله خيراً.
يجب على المسلم أن يحذر هؤلاء المخرفين الذين ينسبون إلى التصوف والشعوذة إما بدعوى علم الغيب أو بدعاوى أخرى يدعونها أنهم بينهم وبين شيوخهم صلة تمكنهم من أن يفعلوا كذا وكذا، فيشوشوا على الناس ويوهموهم أن لهم قدرة على شفاء المرضى أو قضاء الحاجات بالطرق غير الشرعية، فهؤلاء يجب الحذر منهم لأنهم مخرفون ودعاة باطل، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (من أتى عرافاً فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوماً) وقال: (من أتى كاهناً فصدقه بما يقول فقد كفر بما أنزل على محمد) -صلى الله عليه وسلم-. فهؤلاء الذين يدَّعون أمور الغيب أو يدَّعون أن مشايخهم يرشدونهم إلى أشياء تتعلق بالغيب، وأن ما يقول مشايخهم صحيح، وأنهم معصومون، وأن أخبارهم لا بد أن تقع، وما أشبه ذلك مما يقع لبعض الصوفية، أو يعتقد أنه يأتيه الوحي من السماء فيقول: حدثني قلبي عن ربي بكذا وكذا !! فكل هذه خرافات، والذي يدعيها كافر، الذي يدعي أنه يعلم الغيب أو أنه يأتيه الوحي من السماء، هذا محمد صلى الله عليه وسلم، كل هذا كفر وضلال، وهكذا من يصدقهم في دعوى علم الغيب، من صدقهم فهو مثلهم، وإذا جعل بخوراً أو غيره من الأشياء التي يشوش بها أو يلبس بها فلا يلتفت إليه، العمدة على ما يقول، إذا كان يدعي علم الغيب أو يدعي أنه يكرم الجن وأن الجن هم الذين يخبرونه بالمغيبات أو ما أشبه فهذا من الخرافيين ومن المشعوذين، فيجب الحذر منهم وعدم سؤالهم وعدم تصديقهم، ومتى ظهر منه أن يدعي علم الغيب أو أنه يعبد الجن ويكرمهم بالطاعات والذبح لهم والنذر لهم صار بذلك مشركاً إما بدعوى علم الغيب وإما لكونه يعبد الجن، ويستغيث بهم وينذر لهم ونحو ذلك، وإذا زعم أنه يعرف الأشياء بطرقٍ أخرى فهو كذاب؛ لقصد التلبيس؛ لأنه لا يعلم المغيبات إلا الله سبحانه وتعالى، أما إذا كان يداوي المريض بالأدوية المعروفة الحسية كما يفعل الأطباء المعروفون، يداوون بالكي، يداوون بأشياء يستعملوها بمأكولات أو مشروبات أو مروخات جربت ونفعت ولا يدعي علم الغيب ولا يخدم الجن، فهذا لا حرج عليه، هذا طب شعبي قد اعتاده الناس فيما بينهم، قد يعتاد الناس أشياء يعرفونها فيما بينهم من أنواعٍ من المأكولات أو المشروبات أو الدهونات أو المروخات أو الكي، هذا لا بأس به إذا كان سليماً ليس معه دعوى علم الغيب وليس معه عبادة للجن، وقد كانت العرب وغالب الناس على هذا فيما مضى، يعرفون عادات يفعلونها ويعالجون بها ويتطببون بها، فقد تنفع وقد لا تنفع، وليست من علم الغيب ولا من خدمة الجن، بل هي أمور اعتادوها من أشربة أو مأكولات أو بخور يتبخرون به وينفع الله به، أو ما أشبه ذلك من الأمور الواضحة والظاهرة التي ليس فيها تلبيس ولا عبادة للجن ولا دواعي علم الغيب، وهكذا الكي. 
 
5- يسأل أيضاً عن حكم الصلاة خلفهم هل تجوز أو لا؟
مثل ما تقدم، إذا كان ممن يدعي علم الغيب أو يُعرف بعبادة الجن فهذا لا يصلى خلفه؛ لأنه كافر، ويجب على أهل الإيمان ..... والتحذير منه ورفع أمره إلى ولاة الأمور إذا كان في بلادٍ يمكن أن يحكم عليه ويمنع، عليهم أن يجتهدوا بالقضاء عليه، من طريق ولاة الأمور، ويحذروا الناس منه، ولا يصلى خلفه، أما إذا كان دواؤه بالدواء المعتاد بين الناس، الذي ليس فيه عبادة للجن، وليس فيه دعوى علم الغيب وإنما هي أمور معروفة ومعتادة بين الناس يستعملوها في علاج المرضى فينفع الله به فهذا لا حرج عليه، وإذا كان أهلاً للإيمان تصلي خلفه. 
 
6-  بم تنصحونا في كيفية التعامل مع المبتدعة الذين نراهم ونتكلم معهم ونتعامل معهم كل يوم تقريباً؟
الواجب هجرهم على بدعتهم، إذا أظهروا البدعة فالواجب هجرهم بعد النصيحة والتوجيه، فإن المسلم ينصح أخاه ويحذره مما حرم الله عليه من البدع والمعاصي الظاهرة، فإن تاب وإلا استحق أن يهجر، وهذا يعامل لعله يتوب، لعله يندم، لعله يرجع إلى الصواب، إلا إذا كان الهجر يترتب عليه ما لا تحمد عقباه فإنه يتركه، إذا كان تركه أصلح في الدين وأكثر في الخير وأقرب إلى النجاح فإنه لا يهجره بل يداوم نصحه وتحذيره من الباطل ولا يهجره رجاء أن يهديه الله بسبب ذلك. فالمؤمن كالطبيب إذا رأى العلاج نافعاً فعله، وإذا رأى أنه ليس بنافع تركه، فالهجر من باب العلاج، إن كان الهجر يؤثر خيراً وينفع هجر وكان ذلك من باب العلاج، لعله يتوب، ولعله يرجع عن خطئه إذا رأى من إخوانه أنهم يهجرونه، أما إذا كان الهجر يسبب مزيداً من الشر وكثرة أهل الشر وتعاونهم، فإنه لا يهجر ولكن يديم النصح والتوجيه وإظهار الكراهة لما عمل، ولا يبين له موافقته على باطله، ولكن يستمر في النصيحة والتوجيه. 
 
7-  ما حكم الصلاة وراء من يبسمل قبل الفاتحة عند الصلوات الجهرية! هل تجوز الصلاة وراءه؟!!
لا بأس بذلك، لأن بعض أهل العلم يرى شرعية الجهر بها، فلا حرج في ذلك، ولكن الأفضل الإسرار بها، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يسر بها في الجهرية عليه الصلاة والسلام. وروي عن بعض الصحابة الجهر بها، فإن كان جهر بها بعض الناس يصلى خلفه؛ لأنه قول معروف عند بعض أهل العلم.  
 
8-   يقول العلم: إن الإنسان يفكر بالمخ، ولكن هناك بعض الآيات في القرآن الكريم وكذلك بعض الأحاديث للنبي صلى الله عليه وسلم تشير إلى القلب، مثلاً: ((أَوَلَيْسَ اللَّهُ بِأَعْلَمَ بِمَا فِي صُدُورِ الْعَالَمِينَ)) [العنكبوت:10]، ثم قول الرسول صلى الله عليه وسلم: (ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب) أرجو التوضيح زادكم الله من علمه؟
ليس هناك منافاة بين ما في النصوص من أن القلب هو محل الصلاح والفساد وما يقوله الأطباء من جهة المخ، فإن الدماغ له صلة بالقلب، والقلب له صلة بالدماغ، كما قال أهل العلم، ولهذا قال جل وعلا في كتابه العظيم: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا.. (46) سورة الحـج، فجعل العقل يتعلق بالقلب، فالعقل محله القلب، ولكن له صلة بالدماغ، إذا خرب الدماغ اختل العقل، فالقلب له ارتباط بالدماغ، والدماغ له ارتباط بالقلب، فإذا اختل هذا اختل هذا، وإذا اختل هذا اختل هذا، فليس هناك منافاة بين ما قاله الأطباء عن الدماغ وبين ما قاله القرآن والسنة من أن القلب هو محل الصلاح والفساد، فالقلب متى صلح صلح الجسد كله كما في الحديث، ومتى فسد فسد الجسد كله، لأنه محل الإيمان، محل الخوف من الله، محل تعظيم حرمات الله، لكن له ارتباط بالدماغ، فإذا اختل الدماغ اختل القلب، وهذا معروف عند الأطباء، ومعروف بالتجارب، لأنه متى أصيب الرجل في رأسه اختل شعوره كثيراً في كثيرٍ من الأحيان في الضربة التي تكون في الرأس، فالحاصل أن الرأس له صلة بالقلب، والقلب له صلة بالدماغ، فلا منافاة بين هذا وهذا. 
 
9- ما هي أسباب التيمم، وهل هناك مسافة محدودة إلى الماء؟
أسباب التيمم هي أسباب الوضوء، فإذا وجب الوضوء على الشخص ولم يجد الماء وجب عليه التيمم، وهكذا إذا عجز عن الماء لمرضه وجب عليه التيمم للصلاة، لمس المصحف، للطواف، فالمقصود أن التيمم يقوم مقام الوضوء، فإذا وجدت أسباب الوضوء ولم يوجد الماء فإنه يتمم بالصعيد، يضرب التراب بيديه ضربة واحده ثم يمسح بهما وجهه وكفيه، وهكذا المريض الذي لا يستطيع التوضوء بالماء يفعل التيمم، والصحيح أنه يقوم مقام الطهارة، يرفع الحدث إلى وجود الماء، فإذا تيمم للظهر صلى به العصر، إذا كان على طهارة، وهكذا لو تيمم في المغرب صلى به العشاء إذا كان على طهارة، أو تيمم لصلاة الضحى وبقي على طهارة حتى جاء الظهر صلى بذلك، كما في الحديث: (الصعيد وضوء المسلم وإن لم يجد الماء عشر سنين)، والله جل وعلا سمى التيمم طهارة، قال جل وعلا: ..فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (6) سورة المائدة. ويقول صلى الله عليه وسلم: (جعلت لي الأرض مسجداً وطهوراً) فجعل التيمم طهوراً كما أن الماء طهور، هذا هو الصواب في هذه المسألة عند المحققين من أهل العلم، أن التيمم يقوم مقام الماء، يرفع الحدث إلى وجود الماء، وأنه لا يبطل بدخول الوقت ولا بخروجه. 
 
10-  هل هناك أي فرق بين صلاة الرجل والمرأة في الأفعال، مثلاً: رفع اليد إلى الأذن، ووضع اليد على الصدر؟
الصواب أنها كالرجل، لقوله صلى الله عليه وسلم: (صلوا كما رأيتموني أصلي)، ولم يستثنِ النساء، فما شُرع للرجال من رفع اليدين ووضع اليدين على الصدر، ووضعها في الركوع على الركبتين، ووضعها في السجود حيال المنكبين، أو حيال الأذنين كله في حق الرجل والمرأة جميعاً، وهكذا كونها تقرأ الفاتحة وما تيسر معها في الأولى والثانية من الظهر والعصر والمغرب والعشاء، وهكذا في الفجر تقرأ مع الفاتحة مع تيسر، وفي الثالثة من المغرب تقرأ الفاتحة فقط، وفي الثالثة والرابعة من العشاء والظهر والعصر تقرأ الفاتحة، المقصود أنها كالرجل. 
 
11-   أنا أعيش في مكان يوجد فيه أناس يدَّعون أنهم من المسلمين، يصلون ويزكون ويصومون ويحجون، ولكنهم يعتقدون في الأموات، ويقول: إن الولي الميت أو الشيخ واسطة عند الله، ويتبركون به ويستعينون بهذا الميت الولي، ويزورونه وينذرون له النذور، ويشدون إليهم الرحال، وإذا نصحتهم قالوا: هؤلاء أولياء يجب التقرب إليهم! ويكرهون من يمنعهم وينصحهم بألا يعبدوا الأموات والأولياء! ماذا نفعل؟ وهل نتركهم على ما هم عليه؟ جزاكم الله خيراً.
هذه مصيبة عظيمة، واقعة في بلدان كثيرة، والواجب على أهل العلم أن يرشدوا الناس إلى حقيقة التوحيد وحقيقة الشرك حتى يعلم هؤلاء العوام بطلان ما هم عليه، كونه يصلي ويحج ويصوم ويزكي ثم يعبد غير الله هذا يبطل عمله، قال تعالى: ..وَلَوْ أَشْرَكُواْ لَحَبِطَ عَنْهُم مَّا كَانُواْ يَعْمَلُونَ (88) سورة الأنعام. وقال سبحانه: وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ (65) سورة الزمر، فدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر لهم والذبح لهم، هذا شرك أكبر، ينافي التوحيد الذي هو معنى لا إله إلا الله، وينافي ما دلَّت عليه الآيات من وجوب الإخلاص العبادة لله، كما في قوله سبحانه: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) سورة الفاتحة، وقوله سبحانه: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء.. (5) سورة البينة، وقوله عز وجل: يَا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُواْ رَبَّكُمُ.. (21) سورة البقرة. وقوله: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ.. (23) سورة الإسراء. ..فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَّهُ الدِّينَ*أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ.. (2-3) سورة الزمر، ..فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، وَمَن يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِندَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ (117) سورة المؤمنون، وقال سبحانه: ..ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِن دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِن قِطْمِيرٍ*إِن تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ (13-14) سورة فاطر، سبحانه وتعالى، فجعل دعاءهم للأموات والأصنام، والأشجار والأحجار شركاً بالله عز وجل، فالواجب تنبيه هؤلاء وتحذيرهم وحث العلماء على تنبيههم وتحذيرهم حتى يتبصروا ويعلموا أنهم على باطل وعلى شرك، وأن صلاتهم تحبط بذلك، وهكذا صومهم وزكاتهم وحجهم، وأعمالهم الأخرى، حتى يخلصوا العبادة لله وحده، فقد بعث الله نبيه صلى الله عليه وسلم إلى أناس ليُخلِّصهم من هذا الشرك، فقعد في مكة عشر سنين يدعوهم إلى توحيد الله وإلى ترك دعاء الأموات والاستغاثة بالأموات، والأصنام والأشجار والأحجار، ويقول: (يا قوم قولوا لا إله إلا الله تفلحوا)، قبل أن تفرض الصلاة، ثم فرضت الصلاة في مكة ومكث بعد ذلك مدة يدعوهم إلى توحيد الله، ثم هاجر إلى المدينة ولم يزل يدعو إلى الله، وإلى توحيده سبحانه وتعالى. فالواجب عليك -يا أخي- أن تحرص على دعوة هؤلاء وإرشادهم بالحكمة والصبر والأسلوب الحسن لعل الله يهديهم بأسبابك، يقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، ويقول صلى الله عليه وسلم لعلي لما بعثه إلى خيبر لدعوة اليهود، يقول: (فوالله لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حُمْر النعم)، فدعوة الأموات بقول: يا سيدي اشف مريضي!! أو انصرني!! أو المدد المدد يا فلان!! أو النذر لهم أو ما أشبه ذلك من أنواع العبادة كله شرك بالله، وهكذا الذبح لهم، ذبح البقر أو الغنم أو الدجاج، أو غير ذلك، يقول الرسول صلى الله عليه وسلم: (لعن الله من ذبح لغير الله)، والله يقول سبحانه: قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي (يعني: ذبحي) وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ*لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (162-163) سورة الأنعام، فالذبح لغير الله من الشرك بالله، فالذي يذبح للأموات يتقرب إليهم مثل الذي يصلي لهم، وهكذا من ينذر لهم بالقرابين: إن شفى الله المريض فللسيد فلان كذا، فله ذبيحة، له ثور، له كذا، أو إلى سيدي البدوي اشف مريضي، أو المدد المدد، أو يا سيدي الحسين، أو يا شيخ عبد القادر، أو يا رسول الله اشف مريضي، أو انصرنا !! أو ما أشبه ذلك كل ذلك من الشرك الأكبر، فالواجب الحذر، والواجب على أهل العلم أينما كانوا أن يبلغوا الناس ذلك، وأن ينصحوهم وأن يرشدوهم إلى الحق والصواب، وأن يصبروا على جهلهم وأذاهم حتى يتعلموا وحتى يستفيدوا، هكذا كان الرسل يصبرون وهم أفضل الخلق عليهم الصلاة والسلام، آذاهم أقوامهم وربما قتلوهم على كذلك ومع هذا صبروا عليهم الصلاة والسلام وبلغوا الرسالة وأدوا الأمانة، حتى قبضهم الله عليهم الصلاة والسلام، وخاتمهم نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وهو أفضلهم، فقد صبر على قومه ثلاثة وعشرين سنة وهو يدعوهم إلى الله حتى هدى الله على يده من هدى، وحتى أكمل الله به الدين وأتم عليه النعمة، فالواجب التأسي به في ذلك عليه الصلاة والسلام، والصبر على الدعوة والتوجيه والإرشاد رجاء ما عند الله من المثوبة. 
 
12-   اختلاط الرجال بالنساء، ومصافحة الرجال والنساء لبعضهم بعضاً وهم ليسوا من المحارم، بل تجد الرجل يجلس مع زوجة أخيه ويصافحها، ما حكم الإسلام في ذلك؟ وهل هذا قد يؤدي إلى فتن خطيرة جداً؟ وما هو الزي الإسلامي الذي يجب على المرأة أن ترتديه؟
لا شك أن اختلاط الرجال بالنساء على وجهٍ ليس فيه حشمة وليس فيه حجاب من أعظم أسباب الفتنة، وذلك لا يجوز، بل لا بد أن يكون النساء محتجبات مستورات بعيدات عن أسباب الفتنة، إذا خالطن الرجال لحاجةٍ من الحاجات أو لشراء متاع أو لأشباه ذلك، ولا يجوز لها الخلوة بالرجل كابن عمها أو أخي زوجها أو زوج أختها، لا يجوز لها الخلوة به، لقوله صلى الله عليه وسلم: (لا يخلون رجل بامرأة فإن الشيطان ثالثهما)، فالواجب على النساء التحجب والحذر من أسباب الفتنة وأن لا يخالطن الرجال مخالطة تحصل بها الفتنة، وأن لا تخلو المرأة بالرجل وأن لا تسافر معه، كل هذا من أسباب الفتنة، وهكذا المصافحة ليس لها أن تصافح الرجل إلا إذا كان محرماً لها كأخيها أو عمها؛ لأن المصافحة فيها فتن أيضاً فليس لها أن تصافح الرجل إلا إذا كان محرماً لها كعمها وأخيها ونحو ذلك، وعند الحاجة إلى الاختلاط بالرجال تكون مستورة ومتحجبة بعيدة عن أسباب الفتنة حتى تأخذ حاجتها من السوق ثم تنصرف، يقول الله -جل وعلا- لأزواج النبي صلى الله عليه وسلم: وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى.. (33) سورة الأحزاب. ومعنى قرن: اقررن في بيوتكن يعني: الزمن البيوت إلا إذا كان الخروج لحاجة ومصلحة، ثم نهاهن عن التبرج فقال: (وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى) فالتبرج هو إظهار المحارم والمفاتن هذا هو التبرج، إظهار محاسنها ومفاتنها بين الرجال كوجهها وشعرها ورقبتها أو يدها أو صدرها، كل هذا من أسباب الفتنة، فالواجب أن تكون مستورةً متحجبةً بعيداً عن أسباب الفتنة، هكذا التغنّج بالقول، والخضوع بالقول يمنع، لقوله سبحانه وتعالى في كتابه العظيم: يا نساء النبي لستن كأحدٍ من النساء إن اتقيتن فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض. يعني ماء الشهوة، فالخضوع بالقول للرجال واللين من أسباب الفتنة، بل يجب أن يكون الصوت معتدلاً، ليس فيه عنف وليس فيه خضوع، ولكن صوت عادي مع الرجال، لا بأس بالصوت مع الرجال ليس بعورة، وإنما العورة خضوعها وتغنجها وتكسرها بصوتها مما قد يطمع الرجال فيها، أما الصوت العادي فلا حرج في ذلك، كان النساء يكلمن النبي صلى الله عليه وسلم ويسألن ويستفتين ويكلمن الصحابة رضي الله عنهم، لا بأس بهذا. 

443 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply