حلقة 653: بعض المؤذنين يسبق في الأذان فبأيهم يمسك الصائم أو يفطر - أقرأ القرآن الكريم للحفظ، فهل يجوز أن أقرأ وأنا في أيام عذري - هل للحائض والنفساء أن تعلم غيرها القرآن الكريم - قراءة القرآن وجعل ثوابه للميت

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 653: بعض المؤذنين يسبق في الأذان فبأيهم يمسك الصائم أو يفطر - أقرأ القرآن الكريم للحفظ، فهل يجوز أن أقرأ وأنا في أيام عذري - هل للحائض والنفساء أن تعلم غيرها القرآن الكريم - قراءة القرآن وجعل ثوابه للميت

1-   يؤذّن في الراديو قبل أذان المسجد القريب منا، وكذلك أسمع النداء من بعيد إلا أنني لا أفهم ما يقوله المؤذّن، ثم يؤذّن في مسجد آخر أقرب إلي من الأول، ثم يؤذّن ثالث في مسجد أقرب إلي من الثاني، فأي النداء الذي يجب علي أن أمسك عنده أو أفطر؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالمؤمن مأمور بالاحتياط لدينه، والبعد عن الشبهة، فإذا أذن المؤذن عند الغروب فلا تعجلي وأنت صائمة حتى تطمأني أنه مؤذن على الوقت، لأن بعض المؤذنين قد يعجل وقد يسارع إلى الأذان من غير تثبت أو تكون ساعته قد تقدمت فلا تعجلي حتى اثنان ثلاثة تطمأني إلا إذا عرفت أن المؤذن الذي بقربك ثقة يعتني بالوقت فاعتمدي عليه وأفطري بأذانه، كذلك في الصبح، لا تأكلي بعد الأذان، إذا سمعت الأذان أمسكي، واحتاطي لأن الصبح يحتاط فيه للعمل بأول مؤذن وفي الغروب يحتاط في عدم الإفطار، لأجل أن بعض المؤذنين قد يتقدم وقد يسارع، فعليك بالاحتياط في الأمرين جميعاً، في الصبح وفي الغروب، في الصبح تقدمي بالسحور واحتاطي حتى إذا جاء قرب الأذان، إذا أنت قد فرغت من كل شيء وصمت على يقين وسلمت من أكل وقت الشبهة، وفي الغروب لا تعجلي حتى تطمأني أن المؤذن أذن على الغروب، إلا إذا عرفت إنسان ثقة، معروف بالثقة وأذن فاعتمدي عليه ولا بأس. 

 

2-   أختكم في الله ليلى محمد عبد السلام العجمي، الأخت ليلى في أحد أسئلتها تقول: أقرأ القرآن الكريم للحفظ، فهل يجوز أن أقرأ وأنا في أيام عذري؟
الصواب أنه لا حرج، اختلف العلماء في هذا رحمة الله عليهم، فمنهم من منع الحائض والنفساء من القراءة عن ظهر قلب، وقاسمها على الجنب، وقال: كما أن الجنب لا يقرأ حتى يغتسل فهكذا الحائض والنفساء لا تقرأن حتى تغتسلا، بجامع أن كلاً منهم عليه حدث أكبر وعليه غسل، وقال آخرون من أهل العلم: لا يصح القياس، لأن الحائض والنفساء مدتهما تطول بخلاف الجنب، فمدته قصيرة، فلا يصلح أن يكون هذا فرعاً لهذا، ولهذا الصواب أنه لا بأس أن تقرأ عن ظهر قلب، لطول المدة ولعدم الدليل المانع. أما حديث الذي رواه الترمذي وجماعة أنه - صلى الله عليه وسلم -قال: (لا تقرأ الحائض ولا الجنب شيء من القرآن)، فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لأنه من رواية إسماعيل بن عياش عن الحجازيين، وهو ضعيف في روايته عنهم، ولأنه - صلى الله عليه وسلم-، أمر عائشة لما حاضت في حجة الوداع، قال: (افعلي ما يفعل الحاج، غير ألا تطوفي بالبيت حتى تطهري)، ولم يمنعها من القرآن، ما قال: ولا تقرأي، والحاج يقرأ القرآن، فدل أنه لا حرج عليها أن تقرأ القرآن، عن ظهر قلب، من دون مس المصحف، وهكذا النفساء من باب أولى لأن مدتها أطول، وقد تحتاج إلى ذلك أيضاً لكونها معلمة أو طالبة، فلا حرج في ذلك هذا هو الصواب. 
 
3-  هل لي أن أعلم غيري القرآن الكريم وأنا معذورة أيضاً؟
نعم، لها أن تعلم مثلما تقدم، لكن عن ظهر قلب، إلا إذا دعت الحاجة إلى المصحف فإنها تمسه من دون حائل، من طريق القفازين أو نحوهما حتى لا تقع في مسه بيدها، إذا دعت الحاجة إلى مراجعة آية أو نحو ذلك. 
 
4-  هل قراءة القرآن وجعل ثوابه للميت بدعة ولم تقره المذاهب الأربعة، فما هو الشيء إذاً الذي ينفع الميت؟
قراءة القرآن وتثوبيها للموتى فيها خلاف بين العلماء، منهم من أجازها واستحبها، وقال إنها تصل إلى الأموات وتنفعهم، وهذا هو المعروف من مذهب أحمد وجماعة، بل حكاه بعض أهل العلم، قول جمهور العلماء، قد رواه ابن القيم رحمه الله في كتابه الروح وأطال في ذلك، وقال آخرون من أهل العلم، إن تثويب القراءة للموتى لا تلحق ولا تشرع تثويب القراءة للميت، لا يشرع ولا يلحق الميت، وهو المروي عن الشافعي رحمه الله وجماعة من السلف، وهذا أصح لأن فيه دليل، لأن العبادات توقيفية والتثويب ــ نوع من العبادة، فلا ينبغي أن يفعل إلا بدليل ولا نعلم دليلاً، واضحاً في شرعية أن يصلي الإنسان عن غيره أو يقرأ عن غيره، فالأرجح والأولى عدم التثويب للموتى وغيرهم، ولكن يدعو لهم ويستغفر لهم ويترحم عليهم ويتصدق عليهم لا بأس ولكن لا نقل بدعة ولا نقل محرم، ولكن نقول، هذا هو الأولى والأحوط؛ لأن القول الثاني له حظه من القوة، والذي قالوا بالجواز قاسوه على الدعاء وقاسوه على الصدقة، وقالوا: كما يجوز أن ندعو له وأن نتصدق عنه فلا مانع من أن نقرأ ونثوب له القراءة، أو نصلي ونثوب له الصلاة، أو نطوف ونثوب له الطواف، فالقول له حظ من القوة في قياس العبادات بعضها على بعض، ولكن القاعدة الشرعية أن العبادات لا قياس فيها، وأنها توقيفية، ولهذا قلنا أن القول بعدم التثويب أولى وأرجح وأحوط للمؤمن، ولكن لا نقول بأنه بدعة ولا نقول أنه محرم، بل المسألة خلافية بين أهل العلم مشهورة. 

 

5-   قال صلى الله عليه وسلم: من رأى منكم منكراً فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان، ما هو حد تغيير المنكر باليد؟
الحديث صحيح، رواه مسلم في الصحيح، وروى مثله مسلم عن ابن مسعود رضي الله عنه، أي مثله في المعنى، والتغيير باليد معناه إزالة المنكر، مثل تفريق الجماعة الذين يجلسون على منكر، يفرقهم أو يجلسون ويتخلفون عن الصلاة في الجماعة يفرقهم ويلزمهم بالتوجه إلى المساجد، مثل إتلاف الصورة، مثل إراقة الخمر، كسر المزمار، كل هذا من التغيير باليد، ولكن هذا ليس لكل أحد إنما هو لمن يقدر فالإنسان في بيته على أولاده، والأمير على من تحت يده والسلطان في الرعية، هو الذي يأمر من يرعى من الرعية كالهيئة وأصحاب الحسبة، والشرطة ونحوهم ممن توكل إليهم مثل هذه الأمور، أما الإنسان الذي ليس له سلطة، فحسبه أن يؤيد باللسان، وبالقلب لا باليد، لأن الذي إذا غير باليد حصل فيه فتن وشرور ومضاربات وشيء لا تحمد عاقبته، والدولة في مثل هذه البلاد، المملكة السعودية تمنع من ذلك إلا من طريق من أوكل إليه هذا الأمر، كالهيئات ونحوهم ممن وكل إليه الأمر، فالمؤمن في مثل هذا ينكر بلسانه، في الأسواق وينصح بلسانه ويوجه إلى الخير بلسانه، أما بيده فيكون لأهل الحسبة ومن وكل إليهم هذا الأمر، وليس لكل فرد. 
 
6-  هل الدعاء يغير ما كتبه الله على الإنسان؟
الدعاء لا يغير، قدراً نافذاً، قدر الله نافذ، لا يرد قدره شيء، يقول الله جل وعلا في كتابه العظيم: ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في أنفسكم إلا في كتاب، من قبل أن نبرأها، إن ذلك على الله يسير، ويقول سبحانه: إن كل شيء خلقناه بقدر، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إن لله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات والأرض بخمسين ألف سنة، وعرشه على الماء)، ومن أصول الإيمان، أن تؤمن بالقدر خيره وشره، فالقدر ماض ولا يغيره شيء، لكنه قد يكون قدراً محتوماً، غير معلق على سبب يفعله العبد، أو يتركه العبد، وقد يكون معلقاً على أسباب، فالمعلق على الأسباب يزول عند عدم وجود السبب الذي علقه الله عليه، قد يكون معلقاً أنه مثلاً أنه يشفى إذا دعا له فلان، أو عالجه الطبيب فلان، فيتسبب يعالج يدعو له إخوانه قد يكون شفاؤه في هذا الدعاء أو في هذا العلاج، لأن الله علق شفاؤه عليه سبحانه فيما سبق من عمله جل وعلا، ولهذا أنت مأمور بالأسباب مأمور بالدعاء، لأن الله عز وجل، قد يكون علق شفائك على دعائك أو دعاء فلان لك، أو العلاج في المستشفى الفلاني، أو عند الطبيب الفلاني، وهكذا طلب الرزق بالتجارة والبيع والشراء، شرع الله لك ذلك لأنه سبحانه قد علق رزقك وحاجاتك بهذه الأسباب التي أمرك بها وشرعها لك سبحانه وتعالى، فأنت مأمور بالأسباب والله مقدر الأمور جل وعلا، فإذا فعلت السبب الذي علق الله عليه رزقك أو شفائك حصل المطلوب، فأنت في هذا العمل لم تخالف القدر، لو صادف قدر، ــ فسبق في علم الله أنك إذا ركبت هذه السيارة أنها تنقلب أو تصدم وتموت فأنت إذا ركبت السيارة وافقت قدر الله، وإذا جرى ما جرى عليك، كذلك وهكذا في الطائرات وهكذا في الإبل، وهكذا في غير ذلك، وهكذا قد يكون ربك سبحانه قد قدر أنك إذا دعوت بهذه الدعوات في آخر الليل أو في صلاتك أنك تشفى من مرضك أن يحصل لك زوجة صالحة، أن يحصل لك ذرية طيبة فتدعو بالدعوات التي شرعها الله وترجو فضله وإحسانه، وأنت لا تدري فالله جل وعلا هو الذي يعلم الغيب سبحانه وتعالى، فأنت عليك الأسباب والله جل وعلا مقدر الأمور وأنت في أسبابك لا تخرج عن قدر الله، كله مقدر، قال بعض الناس: يا رسول، إنا لنا رقى نسترقي بها، ودواء نتداوى به، فهل هذا من قدر الله؟، قال: (هي من قدر الله)، ولما رجعوا من الشام لما سمع به الطاعون، لما استقر أمر الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم بعد المشاورة على أننا نرجع، ثم حدثهم عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه أن الرسول - صلى الله عليه وسلم -قال في الطاعون: (إذا سمعتم به في بلاد فلا تقدموا عليه، وإذا وقع وأنتم فيها فلا تخرجوا فراراً منه)، عزم على الرجوع، ولم يقدم عليه في دمشق، وعزم على الرجوع إلى المدينة، فقال له بعض الناس: أفراراً من قدر الله، قال: أفر من قدر الله إلى قدر الله، نفر من قدر الله إلى قدر الله، يعني الطاعون من قدر الله، ورجوعنا من قدر الله، أسباب، نحن إذا باشرنا الرجوع فهو من قدر الله، وإذا عالج الإنسان بشرب الدواء من قدر الله، وإذا اكتوى من قدر الله، وإذا فصد من قدر الله، وإذا احتجم من قدر الله، وإذا سافر للعلاج في بلد كذا من قدر الله، وإذا ركب السيارة وأرادها الله حدوث شيئاً فيها أو الطائرة من قدر الله، وهكذا، الأمور كلها من قدر الله، وأنت تباشر الأسباب وتجتهد تريد الخير والله مسبب الأسباب سبحانه وتعالى. 
 
7-   عندنا في السودان قل أن تجد مسجد لا توجد فيه بدعة، وأحياناً تجد بنياناً مزعومة لولي أو قبور في فناء المسجد، فماذا أفعل حيال هذه المنكرات، أأصلي في مثل هذه المساجد؟
نعم، إذا كنت في مسجد فيه بعض البدع، صل مع الناس وأنكر البدعة، إذا كان فيه بدعة، أنكرها، قول يا إخواني هذا ما يجوز، هداكم الله وتعاون مع العلماء والأخيار بإزالتها ومع المسئولين من الأمراء وغيرهم تعاونوا على البر والتقوى، أما مسجد فيه قبور لا تصلي فيه، فالرسول - صلى الله عليه وسلم -لعن اليهود والنصارى، قال: (اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فالمسجد الذي فيه قبر، لا تصلي فيه، التمس مسجد ليس فيه قبر، وأما إذا كان فيه بدعة، وأنت تجد مساجد ما فيها بدعة، صل في المساجد التي ما فيها بدعة، وإذا لم تجد أو استطعت أن تنكر البدعة فصل معهم وأنكر البدعة، وعلمهم ووجههم حتى تكون هادياً مهدياً، وحتى تنقذهم من هذه البدعة، فإن لم يستجيبوا لك ووجدت مسجداً ليس فيه بدعة فاعتزلهم وصل في المسجد، وإلا فصل معهم واستقم على إنكار البدعة وتعليمهم ولا تيأس، والله يعينك ويوفقك على هذا الخير. 
 
8- إذا كان الإمام الذي يأمّ المصلين ممن يعتقدون في الأولياء والصالحين ويجوزون الاستغاثة بهم؟
لا يصلى خلفه، هذا كافر، لا يصلى خلفه، إذا كان يجوز الاستغاثة بغير الله ودعاء الأموات والاستغاثة بالأموات أو الطواف بالقبور هذا لا يصلى خلفه، ولا كرامة، لأنه كافر، والكافر لا يصلى خلفه، نسأل الله العافية، ولكن ينصح ويعلم ولا ييأس منه لعل الله يمن عليه ويهديه بالتوبة. 

 

9-  هل تجوز الاستغاثة بالرسول - صلى الله عليه وسلم -؟
أما في حياته فيما يقدر عليه، فلا بأس، كأن يقال: يا رسول الله، أغثنا من هذا الأمير الذي ظلمنا، أو من هذا الشخص الذي ظلمنا، فالرسول يستطيع بأن يأمر بعض الصحابة أن يزيل الشر وأن يغيثهم من ذلك، أما بعد وفاته فلا، لا يستغاث بأحد لا الرسول ولا غيره بعد الوفاة لا يستغاث بالأموات، لا الرسول ولا غيره عليه الصلاة والسلام، ومن هذا الباب، من باب الجواز، قوله سبحانه: فاستغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، استغاث الإسرائيلي موسى على القبطي، لأن موسى حي يسمع الكلام ويستطيع إغاثته، ومن هذا استغاثة الإنسان بإخوانه في الحرب على قتال الأعداء، هذا لا بأس به، أما طلب الأموات والاستغاثة بالأموات وبالأصنام أو بالجمادات أو بالأشجار والأحجار أو بالنجوم هذا كفر بالله شرك أكبر، وهكذا الاستغاثة بالحي بما لا يقدر عليه، كأن يستغيث به في أن يصلح قلبه بأمر سري لنفسه، يقال عنه سر، أو بأن ينقذه من النار بسر فيه، أو يدخله الجنة في سر فيه، هذا كفر بالله، أما إذا قال أعني على أسباب دخول الجنة يعلمه يتفقه في الدين، أو على إصلاح قلبه بالتذكير والوعظ والتوجيه إلى الخير، هذا أمر مطلوب، يعظه ويذكره وينصحه، أما أن يعتقد أن هذا الولي وهو وإن كان حياً يعتقد أنه يستطيع إدخال الجنة وإنجاء الناس من النار، وشفاء الأمراض بسره، بشيء فيه هذا كفر بالله نعوذ بالله. 
 
10-   إذا كنت في صلاة وانتابني شك فبنيت على الأدنى، وبعد الفراغ من الصلاة كلمني أحد كان إلى جنبي وقال لي: إن صلاتك زائدة، فماذا أفعل؟
لا يضرك إذا بنيت على اليقين، شككت أصليت ثلاثاً أم أربعاً في الظهر مثلاً وبنيت على اليقين وكملت أربعاً في اعتقادك ثم لما سلمت قال لك بعض الناس أنك زدت ما يضرك لأنك عملت بالشرع، وهكذا الإمام إذا فعل ذلك واحتاط ثم قال بعض الناس بعد السلام إنك زائد ما يضر، الذي يعلم أن الإمام زائد ما يقوم معه، يجلس وينبهه ويقول سبحان الله، سبحان الله، فإن رجع فالحمد لله وإلا بقي حتى يسلم مع إمامه، لأن الإمام قد يعتقد أنه مصيب وأنهم مخطئون، ولا يجيبهم ويستمر ويكمل الزائدة، فهم يجلسون إذا كانوا معتقدين أنهم مصيبون يجلسون وينتظرون حتى يسلم بهم، أما من لا يعلم فإنه يتابع الإمام، الذي ما عنده بصيرة يتابع الإمام، ولو تابعه إنسان يعلم أنه زائد ولكن يجهل الحكم يحسب أنه يلزمه يجهل الحكم الشرعي فلا يضره أيضاً ذلك، فالحاصل أن الإنسان إذا بنى على اليقين في صلاته التي سها فيها ثم نبه بعد ذلك أنه زاد ما يضره ذلك. 
 
11-  إذا استيقظ أحد من نومه وهو في حالة نعاس شديد، ووجد أنه لم يصلِّ العشاء، هل يصلي وإن كان في حالة النعاس؟
يلزمه، يلزمه أن يصلي ويعالج الموضوع، يلزمه أن يقوم قبل خروج الوقت، يلزمه أن يجاهد نفسه، يتوضأ ويعتني بالسواك ويفعل ما يعنيه على محاربة النعاس حتى يصلي فريضته التي أوجب الله عليه، وليس له عذر أن ينام ويقول أنا مشغول بالنعاس، لا، يجب أن يحارب النعاس حتى يصلي الفريضة. 
 
12-   لم أكن أصلي حتى بلغت العشرين عاماً؛ لأنني في هذه الفترة لم أجد من يرشدني، ولم أعرف عن الصلاة شيء، فارتكبت عدة معاصي كثيرة ثم منَّ الله عليّ بالتوبة، وجهوني جزاكم الله خيراً حول ما فات من حياتي، كيف يكون التصرف؟
يكفيك يا أخي التوبة والحمد لله، لما من الله عليك بالتوبة تكفيك التوبة يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (التوبة تجب ما قبلها)، يعني تمحو ما قبلها، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، فليس عليك قضاء الصلاة الماضية، ولا الصوم الماضي، والتوبة تجب ذلك والحمد لله. 
 
13-   بأنه يشكو من غرور زوجته وجفاء أهلها واستذلالهم له، ويقول: إنه عزم على الطلاق لكنه مقيد بأطفال له من تلك الزوجة، بم تنصحونه وبم تنصحون تلك الزوجة؟ جزاكم الله خيراً
ننصحه بعد العجل، لا يعجل بالطلاق، وعليه أن يوصي المرأة بعدم الغرور، وعليها أن تجتهد في أداء حقه والسمع والطاعة له بالمعروف،وأن تعلم أن غرورها بجمالها أو صحتها، أو مالها من أعظم الوسائل إلى سلبها ذلك، وأن تسلب جمالها وأن تسلب صحتها ومالها والمعاصي التي قد تجر لها وبالاً كثيراً، فالواجب عليها شكر الله وحمده سبحانه على ما أعطاها وأن تتواضع لزوجها، وتؤدي حقه، وكذلك لا مانع من كونه يطلب من أخيها أو أبيها أن ينصحها أو أمها أونحو ذلك، حتى تستقيم وإذا كان أهلها جافيين في حقه، يتحمل ويتصبر ويعاملهم بالتي هي أحسن، يعاملهم بالتي هي أحسن، بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والزيارة المناسبة وقضاء حاجتهم إذا كانوا يحتاجون في شيء، هكذا يعالج الأمور، بنصيحة المرأة وأمر الطيب من أهلها أن ينصحها، والصبر على جفاء أهلها بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والزيارة المناسبة، حتى يزول الجفاء من أهلها، وحتى يزول الغرور منها، ولا يعجل في الطلاق، لا يعجل، فإن لم تنفع الأمور وآذته بغرورها وآذاه أهلها بجفائهم ولم يجد بداً من طلاقها فلا حرج والحمد لله، الله جعل الطلاق راحة للزوج من شر الزوجة، لكن ما دام يرجو أنها تزول، أو أن المشكلة تزول برجوعها عن باطلها وعن غرورها وبأدائها حق زوجها عليها وأن الجفاء من أهلها يزول، فإن الله جل وعلا قادر على كل شيء سبحانه وتعالى، فعليه تعاطي الأسباب والله الموفق، فإن لم تنفع الأسباب فليفعل الأصلح من طلاق أو عدمه. 
 
14-   سؤال آخر على النقيض من السؤال الأول يقول فيه: هناك زوج عند أتفه الأسباب يضرب زوجته، ويبخل كثيراً عليها وعلى أولادها بينما هو كريم مع الآخرين، كيف توجهون مثل هذا جزاكم الله خير الجزاء؟
هذا قد أتى منكراً ولا ينبغي له ذلك، بل الواجب عليه أن يحسن العشرة لأهله، ويكف يده عن الضرب، اشتكى بعض الناس للنبي - صلى الله عليه وسلم -أنهم يضربون نسائهم فقال: (إنهم ليسوا بخياركم)، ليس الضرابون لنسائهم بخيارهم وإنما أهل العفة و الصبر والتحمل أولى ولهذا قال سبحانه: وعاشروهن بالمعروف، وليس من المعروف الضرب بغير سبب أو الإسراف في الضرب حتى ولو كان يقع بعض الشيء، فليعالجه بالكلام الطيب والأسلوب الحسن والهجر أو الوعظ والتذكير ويجعل الضرب آخر الطب، يقولون: الضرب آخر الطب عند العجز عن العلاج بغيره، وإذا ضرب يكون ضرباً خفيفاً لا يجرح ولا يكسر ولا يترتب عليه خطر، عند الضرورة إليه عند الحاجة الشديدة إليه، إذا كان الوعظ والهجر لم يكفه، كما قال سبحانه في كتابه العظيم: واللاتي تخافون نشوزهن فعظهون واهجروهن في المضاجع واضربوهن فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلاً إن الله كان علياً كبيراً، سبحانه وتعالى، فالمقصود أنه يعالج الأمور بغير الضرب مهما أمكن بالكلام الطيب والأسلوب الحسن فإن دعت الحاجة إلى الهجر هجرها يومين ثلاث أكثر من ذلك في الفراش، يعطيها ظهره لا يكلمها لكن الهجر بالكلام يكون ثلاثة أيام فأقل، إذا كان بالكلام، أما بالفعال بأن يعطيها ظهره أو يعالجها بأشياء أخرى تعرف منها أنه زعلان عليها وأنه غضبان عليها فلا بأس، حتى تعتدل، والله يقول سبحانه: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف وللرجال عليهن درجة، فالرجل له درجة عليها، فلا مانع أن يستعمل الدرجة على الوجه الشرعي، في الوعظ والتذكير والهجر والضرب الخفيف للحاجة إليه أما استعمال الضرب عند أتفه الأسباب هذا منكر، ولا يجوز، وهكذا التقتير عليها وعلى أولادها لا يجوز، عليه أن ينفق عليها النفقة الشرعية ويحسن إليها ولا يقتر عليها هذا هو الواجب عليه، أن ينفق بالمعروف فإن قصر فلها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ولو من غير علمه، إذا قصر عليها ولم يعطها حقها، جاز لها أن تأخذ من ماله ما يكفيها ويكفي أولادها بالمعروف، كما ثبت في الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن هند بنت عتبة اشتكت إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -أن أبا سفيان لا يعطيها ما يكفيها ويكفي بنيها فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: (خذي من ماله بالمعروف ما يكفيك ويكفي بنيك)، وأفتاها بهذا عليه الصلاة والسلام. 

599 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply