حلقة 654: هل للكفيل أن يأخذ أجرة وجزاء على كفالته - الجلوس في العزاء وقول جبر الله كسرك ونحوها بصوت جماعي - كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية - مصافحة النساء الأجنبيات للرجال الأجانب - نصيحة في بعض الكتب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

4 / 50 محاضرة

حلقة 654: هل للكفيل أن يأخذ أجرة وجزاء على كفالته - الجلوس في العزاء وقول جبر الله كسرك ونحوها بصوت جماعي - كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية - مصافحة النساء الأجنبيات للرجال الأجانب - نصيحة في بعض الكتب

1-   ذهب أحد المعارف إلى معرض للسيارات لشراء سيارة بالتقسيط، وطلبوا منه كفيلاً غارماً فطلب مني أن أكفله فوافقت، وذهبنا إلى المعرض، وبعد أن قمت بالكفالة المطلوبة قام الرجل بإعطائي مبلغ ألف ريال سعودي دون أن أطلب منه ذلك، فهل يحل لي هذا المبلغ أم أعيده إليه؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فهذا المبلغ يجب أن تعيده إلى صاحبه لأنه بمقابلة كفالتك له كفالة غرم، فالمعنى أنك تسدد عنه إذا دعت الحاجة بهذه الزيادة التي أعطاك إياها مقدماً، والكفيل لا يأخذ على كفالته شيئاً لأنها تعتبر تبرعاً وإعانة لأخيه وليست مما يعوض عنها، فالواجب عليك ردها إليه، رد هذا المبلغ إلى صاحبه. 
 
2-   عندما يتوفى المرء في بلدنا يجلس الأقارب في بيت المتوفى مدة خمسة أيام أو أكثر من ذلك؛ لاستقبال المعزين، فيقرؤون الفاتحة ويرفعون أيديهم إلى الوجه ثم يقولون بصوت جماعي: جبر الله كسرك، ولأهل الميت: عظم الله أجرك! فما حكم الشرع في هذه العادة، وهل هي صحيحة أم أنها بدعة؟ نرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
هذه العادة بدعة، لا أصل لها في الشرع، ولم يكن الرسول - صلى الله عليه و سلم- ولا أصحابه يفعلون ذلك، فالواجب على المؤمن الحذر من البدع، فهي شر وبلاء، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة)، وقال عليه الصلاة والسلام: (من عمل ليس عليه أمرنا، فهو رد)، أي فهو مردود، وكان يقول في خطبة الجمعة عليه الصلاة والسلام: (أما بعد، فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد - صلى الله عليه وسلم -، يعني السيرة، وشر الأمور محدثاتها وكل بدعة ضلالة)، خرجه مسلم في الصحيح، فالمصابون يعزون، في ميتهم ويدعى لهم أن الله يجبر مصيبتهم ويحسن عزائهم ويغفر لميتهم إذا كان مسلماً أما كونهم يجلسون للعزاء ويتجمعون على قراءة وعلى الأكل والشرب ونحو ذلك، لكن إذا جلس في بيته الوقت المعتاد الذي يجلسه الناس في بيوتهم وجاءه الناس يعزونه من دون إحداث شيء، بل الجلوس العادي، وإن صب لهم قهوة أو صب لهم شاي لا بأس، هذه جلسات عادية، جلسات عادية لا بأس بها، وقد كان النبي - صلى الله عليه وسلم -، لما جاءه خبر جعفر بن أبي طالب لما قتل في مؤتة قال الصحابي: جلس واجماً أي عليه آثار الحزن عليه الصلاة والسلام، فالمقصود أن الجلوس عند المصيبة وعند وقعة المصيبة ليس فيها حرج، لكن كونه يتعمد أن يكون لهذا نظامه الخاص بإيجاد طعام، أو مأتم للحزن أو جمع قراء، أو قراءة خاصة كالتي يفعلونها بينهم أو دعوات يرفعون فيها أيديهم ويجتمعون عليها أو ما أشبه ذلك هذا لا أصل له، أما كونهم يجلسون الجلوس المعتاد ضحوة أو ظهراً أو عصراً أو مغرباً ومر عليه جيرانه أو أقاربه أو عزوه في الطريق أو في المسجد أو في المقبرة كله جائز، والحمد لله، من دون أن يتخذ لهذا نظام خاص. قراءة الفاتحة أيضاً سماحة الشيخ؟ لا أصل لهذا، لا الفاتحة ولا غيرها، أما إذا قرؤوا على العادة إذا اجتمعوا وقرؤوا من القرآن لا لأجل الميت، بل قرأ واحد ليسمعهم كتاب الله لا بأس بهذا، أما بقصد المصيبة هذا لا أصل له. 
 
3-  هل كتاب الطب النبوي لابن قيم الجوزية كتاب نافع ومفيد؟
نعم، كتب، ابن القيم والذهبي كلها كتب طيبة، كذلك ابن مفلح، في الآداب الشرعية كلها كتب مفيدة، فيها أشياء كثيرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -.  
 
4-  من العادات الشائعة عندنا مصافحة النساء الأجنبيات للرجال الأجانب، هل تجوز هذه المصافحة أم أنها حرام؟
مصافحة المرأة للرجل الأجنبي لا تجوز، حتى قال بعض أهل العلم، أنها أشد من النظر إليها، لأن لمسه لها قد يسبب الشهوة أكثر مما يسبب النظر، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (إني لا أصافح النساء)، لما مدت إليه امرأة وقت البيعة يدها، قال: (إني لا أصافح النساء)، وقالت عائشة رضي الله عنها: "والله ما مست يد رسول الله يد امرأة قط، ما كان يبايعهن إلا بالكلام"، عليه الصلاة والسلام، فالمصافحة بين النساء والرجال الأجانب أمر منكر لا يجوز، لا مع الأقارب ولا مع غيرهم، إلا إذا كان محرماً كأخيها وعمها لا بأس، أو مع النساء، تصافح النساء لا بأس، أما تصافح رجلاً ليس بمحرم لها كابن عمها أو ابن خالها، أو زوج أختها أو أخي زوجها أو ما أشبه ذلك هذا لا يجوز، وهو من أسباب الفتن. 
 
5-   نحن نحب التزود من معين الدين الإسلامي، لكننا نجهل الكتب المفيدة في هذا المجال، نرجو من سماحتكم ترشيح بعض الكتب الموثوقة التي تساعد على التفقه في الدين؟ جزاكم الله خيراً.
أعظم كتاب وأشرف كتاب وأصدق كتاب يعلم الدين ويرشد إلى أحكام الله ويحصل به الفقه في الدين، كتاب الله القرآن، هو أعظم كتاب، وهو أصدق كتاب، وهو أشرف كتاب، أنزل على أشرف نبي، عليه الصلاة والسلام، وفي أشرف بقعة في مكة والمدينة، وفي أفضل ليلة، ليلة القدر، فنوصي السائلة وغير السائلة بالعناية بكتاب الله عز وجل، نوصي جميع المسلمين رجالاً ونساء بالعناية بالقرآن، والتفقه فيه والإكثار من تلاوته، ومراجعة كتب التفسير لمعرفة ما أشكل من ذلك، وسؤال أهل العلم عما أشكل أيضاً، هذا هو أعظم كتاب وأنفع كتاب وأصدق كتاب، يقول سبحانه: إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم، ويقول جل وعلا: قل هو للذين آمنوا هدى شفاء، ويقول سبحانه: كتاب أنزلناه إليك مبارك ليدبروا آياته وليتذكر أولوا الألباب، ويقول سبحانه: ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين، فالواجب على المسلمين العناية بهذا الكتاب والإقبال عليه، والإكثار من تلاوته وتدبر معانيه والاستفادة مما بينه ربنا سبحانه من أوامر ونواهٍ وقصص عمن مضى، من الأمم حتى يستفيد المؤمن والمؤمنة من كلام ربنا عز وجل، ومن أحسن الكتب التي تعين على فهم الكتاب، كتب التفسير المعروفة، المأمونة، مثل كتاب تفسير ابن جرير وتفسير البغوي، تفسير ابن كثير رحمة الله عليهم، تفسير الشوكاني، تفسير القرطبي، كلها كتب مفيدة، لكن أحسنها هذه الثلاثة، تفسير ابن جرير، والبغوي وابن كثير، والكتب الأخرى مفيدة كالقرطبي والشوكاني وكتب أخرى، تفيد المؤمن مع التحرز مما فيها من الغلط. كذلك كتب الحديث فيها الخير العظيم وليس بعد القرآن خير وأصح من أحاديث الرسول - صلى الله عليه وسلم - فهو المعلم وهو المرشد وهو المبين لما بينه الله جل وعلا، كما قال سبحانه: والنجم إذا هوى ما ضل صاحبكم وما غوى، يعني محمد عليه الصلاة والسلام، وما ينطق عن الهوى، إن هو إلا وحي يوحى، فهو عليه الصلاة والسلام، مفسر لكتاب الله، ومبين لمعانيه، وخير الهدي هديه عليه الصلاة والسلام، فالمشروع للمؤمن والمؤمنة العناية بالسنة أيضاً مع القرآن، والحرص على فهم الأحاديث الصحيحة، مثل صحيح البخاري، صحيح مسلم، وهكذا بقية الكتب التي ألفها أئمة الحديث، كأبي داود والترمذي والنسائي وابن ماجة وموطأ مالك، وغيرها من كتب السنة، لكن أصح الكتب وأعظمها وأنفعها صحيحا البخاري ومسلم، فينبغي أن تكون العناية بهما أكثر، والإقبال عليهما أكمل، ولا سيما طالب العلم وطالبة العلم الذي يميز بين الصحيح والضعيف ويفهم المعاني، فينبغي أن يعتني طالب العلم وطالبة العلم بهذين الكتابين العظيمين أكثر من غيرهما، صحيح البخاري وصحيح مسلم. ومن الكتب المختصرة: بلوغ المرام، كتاب مفيد، نافع، محرر، للحافظ ابن حجر، وكتاب عمدة الحديث، للحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي، كتاب مفيد عظيم، كتاب المنتقى للمجد بن تيمية، كتاب مفيد أيضاً وعظيم، يستفيد من هذه الكتب طالب العلم، وطالبة العلم، وما أشكل من ذلك يسأل عنه أهل العلم، يسأل عنه الطالب أهل العلم، ويراجع الكتب التي فيها بيان الصحيح من الضعيف، وفيها بيان مسائل الخلاف كالمغني لابن قدامة، فهو كتاب عظيم وفائدة، هذا بالنسبة للفقه، وبيان الراجح من كلام العلماء فيما اختلفوا فيه فهو كتاب عظيم يبين مسائل الخلاف والأدلة ويرجح الراجح، ومثل الفروع لابن مفلح، وشرح المهذب للنووي، وما أشباهه من الكتب التي تذكر خلاف العلماء وتبين الراجح، وهذا بالنسبة إلى أهل العلم، بالنسبة لما يميز بين الأقوال ويعرف الأدلة، لأنه صاحب علم، قد تفقه في الدين وتبصر وتفقه وعرف كلام أهل العلم في الحديث الصحيح والضعيف، وفيما يرجح به في الخلاف، في مسائل الخلاف، أما العامي، وشبه العامي فيسأل أهل العلم، يسأل أهل العلم الذين يثق بهم من أهل السنة، يسألهم عما أشكل عليه ويعمل بما يرشدونه إليه، إذا لم يكن عنده بصيرة وعلم يستطيع أخذ المسائل بأدلتها من كتب أهل العلم. ومن أحسن الكتب زاد المعاد لابن القيم فهو كتاب جامع بين الحديث والفقه جميعاً، زاد المعاد لابن القيم رحمه الله، وإغاثة اللهفان له أيضاً، إعلام الموقعين له أيضاً، هذه كتب عظيمة فيها أحكام وفيها علم عظيم. وفي العقيدة كتاب التوحيد، وفتح المجيد والعقيدة الواسطية، كتاب التدمرية لشيخ الإسلام ابن تيمية، كتاب الحموية له أيضاً، هذه كتب عظيمة في العقيدة، شرح الطحاوية لابن أبي العز، كتاب عظيم، نسأل الله للجميع التوفيق. سماحة الشيخ ذكرتم بعض كتب التفسير وهي من الكتب ذات العصر القديم، هل تتفضلون بذكر شيء من الكتب التي عنيت بدراسة القرآن وتفسيره مما ألف في العصر الحديث؟ منها ما تقدم، فإن عهده قريب، الشوكاني عهده قريب، في القرن الثالث عشر، فيه كتب مؤلفة أخرى، فيها مثل في ظلال القرآن، مثل تفسير السعدي رحمه الله، هذه كتب مفيدة، ينبغي للمؤمن خصوصاً تفسير السيد قطب، ينبغي للمؤمن أن يتحرى مما فيه من الأغلاط ويأخذ ما فيه من الخير والفائدة، وهكذا بقية كتب التفاسير، التي فيها، كل كتاب في الغالب لا يخلو من شيء، مثل الجلالين، تفسير الجلالين، مثل تفسير القرطبي، مثل غيره من الكتب التي يقع فيها بعض التأويل ينبغي للمؤمن أن يحذر ما فيها من الأخطاء يسأل أهل العلم عما أشكل عليه، ويستفيد منها فيما وافقت الصواب فيه. بعد أن ذكرتم بعض التفاسير هل تتفضلون بذكر بعض الشروح للسنة؟ فيه شروح كثيرة، مثل فتح الباري، في البخاري لابن حجر، شرح النووي لمسلم ومثل نيل الأوطار للشوكاني، هذه كتب جيدة ومفيدة، فتح المجيد في العقيدة، للشيخ عبد الرحمن بن حسن، كتاب التوحيد، شرح ابن أبي العز على العقيدة الطحاوية كلها كتب مفيدة وشروح جيدة ولا يخلو بعضها من شيء مثل فتح الباري مثل شرح مسلم لا يخلو من بعض الأغلاط في العقيدة على مذهب الأشاعرة لكن طالب العلم ينتبه للخطأ، ويحذر الخطأ، وهكذا ما يقع في نيل الأوطار وسبل السلام شرح بلوغ المرام، وغيرها من الكتب، يأخذ ما فيها من الصواب ويستعين به على الفقه في الدين وما فيها من الخطأ يتركه إذا بدا له وإذا أشكل عليه يسأل أهل العلم، ويتذاكر مع أهل العلم ومع زملائه الذين لهم بصيرة ولهم فهم، حتى يتجنب الخطأ ويستفيد مما وافق الصواب. هذه الكتب التي تفضلتم بذكرها سماحة الشيخ يبدو أنها لفئة معينة من المتعلمين لكن ماذا عن المبتدئ، الكتب التي تنصحون المبتدئ بقراءتها؟ المبتدئ ينبغي له أن يقرأ الكتب المعروفة التي قد ألفها المعروفون بالعقيدة الطيبة، والسلامة من الأخطاء في مؤلفاتهم حتى لا يقع في شيء من الخطأ مثل العقيدة الواسطية لشيخ الإسلام ابن تيمية مثل كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب، مثل الثلاثة الأصول، مثل كشف الشبهات، كتب مفيدة، وجيدة، ينبغي لطالب العلم المبتدئ أن يحفظها، مثل الأربعين النووية وتتمة ابن رجب للخمسين الحديث يحفظها هذه مفيدة ومختصرة،وكذلك عمدة الحديث كذلك للطلبة يحفظونها مختصرة ـــ ــ عن أربع، يحفظها طالب العلم، حفظناها في الصغر، ينبغي أن يحفظها طالب العلم في الثانوي و المتوسط. وبالنسبة للفقه؟ مثل العمدة، للموفق، مختصرة وجيدة ومفيدة. بالنسبة للمذاهب الأخرى، يبدو أن هذا على المذهب الحنبلي، بالنسبة للمذاهب الأخرى؟ والله ما تأملت يعني الكتب المختصرة للمذاهب الأخرى فيها أشياء أسمع عنها لكن ما أستطيع أقول فيها شيء، لأني لم أتأملها كثيراً. شيء مهم بالنسبة للناس سماحة الشيخ، قد يقولون إن هذه الكتب لا يسهل وصولها إلينا؟ ماذا يقول سماحة الشيخ لعامة الناس المهتمين بالكتب حول نشر مثل هذه الكتب القيمة؟ الذي نعلم أنها كلها تباع، كلها موجودة وكلها تباع، كلها تباع، وكلها موجودة، يمكن شراؤها من المكتبات، ما نعلم شيء من هذه مفقود، كلها موجودة، كلها موجودة. 
 
6-   طلب تفسير آية من سورة النور، وهي قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم ((وَأَنكِحُوا الأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ))[النور:32]؟
على ظاهرها، الرب جل وعلا يأمر عباده أن ينكحوا الأيامى، وهن اللاتي لا أزواج لهن، وكذلك الصالحين من عبادهم وإمائهم يزوجوهم، حتى لا يتعطل المؤمن والمؤمنة لأن العزوبة فيها خطر عظيم، فينبغي إنكاح الرجال والنساء، فينكح الأيامى وينكح الصالحين من العباد والإماء، فينكح الأيامى يزوجهن على الأكفاء إذا خطبن، ولا يترك العباد والإماء عبد يزوجه وأمته يزوجها، حتى لا تقع الفاحشة وتقع الكارثة، وإذا صرف ــ أمته جعلها سرية له وأحصنها فلا بأس، إذا كانت مملوكة له، أو يزوجها حتى لا تتعطل، وهكذا العبد يزوجه ولا يعطله، لأنه مثل الحر يحتاج إلى ما يعفه وهي تحتاج إلى ما يعفها، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله، والمتزوج إذا كان عنده قدره يتزوج يغنه الله من فضله، من جهة النفقة، لا يتعطل، ما دام عنده على الزواج يتزوج، ثم يتعاطى الأسباب التي تعينه على النفقة في المستقبل، أما إن كان عاجز ما عنده قدرة مثلما قال بعدها: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله، فالذي لا يجد الطول، المهر يعني يستعفف حتى يغنيه الله من فضله، وهذا معنى قوله سبحانه: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحاً حتى يغنيهم الله من فضله، الذين لا يجدون الطول يعني مهور النساء، فإنه يتعفف ويصبر حتى يغنيه الله فيجد الطول الذي يقدمه للمرأة، ومن قدر فإنه يتزوج ثم يفعل الأسباب التي تعينه على النفقة، كما في الآيات السابقة، إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله، يعني إذا استطاعوا الزواج يتزوجوا والله يغنيهم بعد ذلك فيما يعينهم على النفقة، ويحتمل أيضاً من عبادكم وإمائكم أن المراد يعني جنس بني آدم، لأن كلهم عبيد وكلهم إماء لله، ولهذا قال: إن يكونوا فقراء، فهذا يقتضي أن المراد به الأحرار، سموا عباد وإماء هم عباد الله وإماء الله، وسموا عبادكم وإمائكم يعني الذي موجودين لديكم بينكم من أولاد وإخوة وأشبه ذلك، فإن الآية تشمل هذا وهذا، فالسيد يزوج أمته، لكن لا يتسراها، والسيد يزوج عبده الذي هو مملوك لا يهملهما، ويزوج أيضاً بنيه وبناته فهم عباد لله، فالإضافة عبادكم وإمائكم يعني العباد الذين هم من جنسكم، وإمائكم اللي بينكم يعني كله خلق الله هم عباد لله، وأضيفوا إلى المسلمين والمخاطبين لأن بعضهم جزء منهم فهم عبادهم وإماؤهم يعني الذين يوجدون بينكم من ذكور وإناث فهم عبيد الله وإماء الله، فينبغي أن تسعوا بتزويجهم سواء كانوا أبناء أو أخوة أو أصدقاء أو غيرهم، فالمسلم أخو المسلم يعينه على الزواج، يعنيه على إعفاف فرجه، ويعين أخته في الله على إعفاف فرجها، ويكون من باب التعاون على البر والتقوى، ومن باب وتعاونوا على البر والتقوى، فأمروا بتزويج العباد ومن يليهم من عباد الله وإماء الله لأنهم أخوتهم في الله، أو بنوهم أو أخوتهم من النسب، أو أعمامهم أو بنو أخوتهم، فيرشد إلى أن يزوجوهم ويعينوهم لأنهم فيما بينهم إخوة وإن كان ليسوا أولاداً له ولا أخوة له، فالإسلام يجمعهم والدين يجمعهم، فهم إخوة في الله سبحانه وتعالى، ولهذا أمروا بأن يتعاونوا على البر والتقوى، (المسلم أخو المسلم لا يسلمه ولا يحقره...) الحديث، وقال عليه الصلاة والسلام: (من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته، متفق عليه)، وقال عليه الصلاة والسلام: (الله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه)، فمساعدة الرجال والنساء في الزواج من إخوانهم في الله هذا شيء طيب، ومن التعاون على الخير ومن العون على الخير، وكل مسلم مأمور بهذا مأمور بأن يعين على الخير، يعين أخاه على الزواج، يعين أخته في الله على الزواج، حتى لا يبقى أعزب، لا رجال ولا نساء، وبهذا يحصل الخير العظيم للمسلمين والتناسل وكثرة الأمة، وإعفاف الفروج وغض الأبصار، كل هذا يحصل بهذا التعاون، هذا إذا حملنا الآية على جنس العباد جنس الإماء، وإن لم يكونوا مماليك، لأنهم عبيد الله وهم إخواننا فالواجب على المسلمين التعاون بينهم في تزويج الرجال والنساء، الأيامى اللاتي لا أزواج لهن سواء كن ثيبات أو أبكاراً، وجنس العباد وجنس النساء من حيث الإطلاق، في تزويجهن والعناية بإعفاف فروجهن وغض أبصارهم، في التعاون فيما بين المسلمين هذا يسلم ربع المهر وهذا نصف المهر وهذا جزء من المهر حتى يتزوج الناس ولا يتعطلوا والله المستعان. 
 
7-   عندما أقوم للصلاة أشعر أحياناً بالوسوسة فهل علي إثم في هذه الوساوس التي تنتابني رغماً عني، وهل من علاج شاف لها؟ نرجو التوجيه، جزاكم الله خيراً.
نعم، عليك التعوذ بالله من الشيطان، عليك الحرص على محاربة عدو الله الشيطان، فإن الوساوس من الشيطان، كما قال سبحانه: قل أعوذ برب الناس ملك الناس، إله الناس، من شر الوساوس الخناس، فالمسلم يستعيذ بالله من شره ونزغاته، في الصلاة وغيرها، فإذا كنت مبتلى بالوساوس فعليك بالاستعاذة بالله من الشيطان والحرص على الإقبال على الله في صلاتك وحضور قلبك بين يدي الله وتدبر كتاب الله وبما أنت فيه من الصلاة حتى تشغل بهذا عن وساوس الشيطان، وإذا دعت الحاجة إلى أن تستعيذ به وأنت في الصلاة فاستعذ بالله، تنفث عن يسارك ثلاث مرات، وتقول: أعوذ بالله من الشيطان، أعوذ بالله من الشيطان، استعذ بالله من الشيطان، تنفث عن يسارك، النبي - صلى الله عليه وسلم - لما اشتكى إليه عثمان بن أبي العاص الثقفي شكى إليه، كثرة الوساوس وأن الشيطان لبس عليه صلاته، أمره أن يتعوذ بالله أن ينفث عن يساره ثلاث مرات وهو في الصلاة ويتعوذ بالله من الشيطان، قال: ففعلت فذهب عني ذلك، فينبغي للمؤمن أن يستعيذ بالله من الشيطان، في الصلاة وخارجها، إذا ابتلي بذلك، ويكون عنده قوة تكون عنده عناية بالإقبال على الله وأنه واقف بين يدي الله حتى يسلم من عدو الله، وإذا شك هل توضأ أو ما توضأ وهو يشوف أنه متوضئ لا يعيد الوضوء، صلى وهو يعلم أنه صلى، لا يعيد الصلاة، غسل وجهه وهو يعلم أنه غسل وجهه لا يعيد غسل وجهه، يغسل يديه، لا يطاوع الشيطان في الوساوس التي تؤذيه بل يحاربه بقوة ويتعوذ بالله من مكائده ونزغاته بقوة حتى يسلم من شره ومكائده، والله المستعان. 
 
8-  اختلف العلماء في حكم المسح على الجوارب الرقيقة، فما هو الصحيح وما الدليل على عدم جواز المسح؟
الصواب أن المسح يكون على الساتر، الساتر الذي يستر القدمين لأن الله أباح لنا المسح على الخفين رحمة لنا، فإذا كان الخفان غير ساترين لم يحصل المقصود، الأقدام ــ ظاهرة والظاهر حكمه الغسل، والنبي - صلى الله عليه وسلم - مسح هو والصحابة على خفين ساترين فالواجب التأسي بهم لأنهم مسحوا على أخفاف وعلى جوارب ساترة، فلا يجوز أن يمسح على جوارب أو أخفاف غير ساترة، لكن ذهب جمع أهل العلم أن الخروق اليسيرة عرفاً لا تضر، تستغفر، لأنه قل أن يستعمل الخف أو الجورب بشيء يسير، يعتريه من شطب أو خرق أو نحو ذلك، إذا كان يسيراً عرفاً لا ــ وإذا حرص وصارت الأخفاف سليمة والجوارب سليمة كان ذلك أحوط، وفيه خروج من خلاف العلماء والبعد عن الشبهة وبكل حال فالشيء اليسير يعفى عنه.

468 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply