حلقة 663: الكتب المدرسية التي فيها آيات قرآنية هل لها حكم المصحف؟ - المصليات في المدراس والجامعات هل لها حكم المسجد؟ - الحلف بآيات الله - ابن العم هل هو محرما؟ - التوبة كافية عما سلف من المعاصي - زكاة الحلي ونصاب ذلك

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

13 / 50 محاضرة

حلقة 663: الكتب المدرسية التي فيها آيات قرآنية هل لها حكم المصحف؟ - المصليات في المدراس والجامعات هل لها حكم المسجد؟ - الحلف بآيات الله - ابن العم هل هو محرما؟ - التوبة كافية عما سلف من المعاصي - زكاة الحلي ونصاب ذلك

1-   أنا معلمة للصف الأول الابتدائي وأدرس التلميذات مادة القرآن الكريم من كتابٍ خاص جمع فيه منهج التوحيد والفقه مع السور المقررة للحفظ، فهل يجوز للطالبات مس السور المكتوبة في ذلك الكتاب قبل تطهرنَّ؟، وهل يجب علي أن أخرجهن للوضوء كل حصة قبل مس ذلك الكتاب امتثالاً لقوله تعالى: (لا يمسه إلا المطهرون)، وجهوني جزاكم الله خيراً؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذا الكتاب الذي فيه مقرر التوحيد والفقه وبعض السور التي تقرأها الطالبات ليس له حكم المصحف، ولا حرج في مسه للطالبات لهذا الكتاب، لأن الآية في المصحف، أما هذا فليس بمصحف، وهكذا كتب التفسير لا بأس أن يمسها المحدث، وهكذا كتب الترجمة تراجم معاني القرآن لأنها ليست بمصاحف، وإنما المصحف ما يكون فيه القرآن خاصة، هذا هو المصحف، أما إذا كان القرآن مجموعاً مع آيات مجموعة أو سوراً مجموعة مع غيرها، أو القرآن مع التفسير هذا ليس بمصحف، لا حرج في أن يمسه غير متطهر. إذن هناك حكمة من جمع أكثر من مقرر مع مقرر القرآن الكريم.. لا حرج.  
 
2-   أختي لها سؤالٌ آخر فهي طالبة في الثانوية وقد وضعت المدْرسة مشكورة مصلاً للتلميذات تعقد فيه ندوات ومحاضرات بين آونة وأخرى، وتطلب المعلمة من الجميع الدخول للاستماع إلى تلك الندوات فهل يجوز الدخول في هذا المكان لمن عليها العذر؟
نعم، ليس هذا مسجداً، هذا مصلى وليس بمسجد،فلا مانع من أن يدخل في هذا المحل الحائض والنفساء لا حرج في ذلك؛ لأن المصلى لا يسمى مسجد، المصلى مؤقت محل عبادة مؤقت، والمساجد هي التي تبنى للعبادة وتوقف للعبادة، للصلوات الخمس هذه التي تجلس فيها الحائض والنفساء، أما المصليات التي في الدوائر فليس لها حكم المساجد، وهكذا مصلى المدرسة فليس مسجد، كغرفة يصلون فيها أو سيب يصلون فيه ليس له حكم المسجد.     
 
3-   قول: أقسم بآيات الله، أرجوا من سماحتكم توضيح عقوبة هذا الأمر مشكوراً، كما ينتشر قولهم عند القسم: ورحمة والدي أو ورأس فلان أرجو منكم التوضيح بشدة عند هذا المقام، جزاكم الله خيراً؟
أما الإقسام بآيات الله فهذا لا حرج فيه، إذا كان المقسم يقصد القرآن، إذا قال أقسم بآيات الله قصده القرآن فلا حرج، لأن القرآن كلام الله، كما لو قال أقسم بعلم الله، بعزة الله لا حرج في ذلك، أما إذا كان يقصد الآيات المخلوقة الليل والنهار والسماء والأرض فهذا لا يجوز، وهكذا رحمة والديك هذا مجمل لا يصلح، أقسم برحمة والديك أو بالأمانة أو برأس فلان أو شرف فلان كل هذا لا يجوز، لأن رحمة والديك ممن يرحم رحمتهم لوالديك ورحمته إلا رحمة الله. إذا كان مقصوده رحمة الله أن الله يرحم والديه هذا له حكم الصفات إذا قصد رحمة الله لوالديه هذا صفة من صفات الله، أما إذا قصد برحمته هو أنك ترحم والديه وتعطيه كذا، ترحمه أنت، فرحمة المخلوق لوالديه رحمة مخلوقة لا يقسم بها، والحاصل أن القسم يكون بالله أو بصفة من صفاته، لا بصفة المخلوقين ولا بحياتهم ولا برأس فلان ولا شرف فلان إلى غير ذلك، هذا لا يجوز، إنما القسم يكون بالله وحده، أو بصفة من صفاته - سبحانه وتعالى -.  
 
4-   أنا فتاةٌ محجبة وأعرف أصول الحجاب، ولكن لدي ابن خالتي وهو أصغر مني بسنة، رضعت من أمه عندما كنت طفلة لمدة خمسة أشهر تقريباً، وأخته رضعت من أمي أيضاً، فهل يكون لي أخاً بالرضاعة؟ ويجوز لي أن لا أحتجب عنه؟ وأيضاً لدي ابن عم أمي وابن عم أبي وهما رجلان بعمر أبي تقريباً ومنذ طفولتي وأنا أناديهم بعمي وخالي هل علي أن أحتجب عنهما؟
نعم، عليك أن تحتجبي عن ابن عمك وابن خالك ولو كنت عشت معهما طويلاً، عليك أن تحتجبي منهما لأنهما ليسا محرمين، هو ابن عم أبيها، ابن عم أبيها وابن عم أمها ليسا محرمين، وهكذا ابن عمها هي، وابن خالتها كلهم أجناب، أما ابن خالتك التي رضعت من أمه خمسة أشهر فهذا محرم، هذا أخٌ لك رضعت من أمه، فهو أخوك، وليس عليك حجاب عنه بل هو أخوك، قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)، والمقصود أن ابن الخالة أو غير ابن الخالة متى رضع من أمك أو رضعت من أمه رضاعاً تاماً خمس رضعات أو أكثر فإنه يكون لك أخاً من الرضاعة سواء رضع من أمك أو أنت رضعت من أمه، أو من أخته فإنه يكون محرماً لك، إن كان من أمه فهو أخوك، وإن كنت رضعت من أخته فهو خالك، لأنك رضعت من أخته فيكون خالاً لك، والحاصل أن الرضاعات في النسب سواء، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (يحرم من الرضاعة ما يحرم من النسب)، فليس عليك عنه حجاب، وأما ابن عم أبيك وابن خال أبيك وابن خالك وابن عمك كل هؤلاء إذا كان ما بينك وبينهم رضاع كلهم أجناب عليك بالتحجب عنهم.  
 
5-   عندما كان عمري عشر سنوات بدأت أصلي ولكني تركت الصلاة بدون أن أعلم أن ترك الصلاة كفر، ثم عدت إليها وتركتها مرة أخرى بدون أن أعرف أن هذا العمل حرام، ولم ينصحني أحدٌ بذلك، ولكن عندما أصبح عمري أربع عشرة سنة تبت إلى الله - تعالى -، وبكيت كثيراً واستغفرت الله كثيراً، ولم أترك الصلاة بعد ذلك، فهل علي ذنبٌ وماذا أفعل لأكفر عن ذنبي؟
التوبة كافية بارك الله فيك، التوبة بحمد الله كافية، يقول الله جل وعلا: وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (31) سورة النــور. ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (التائب من الذنب كمن لا ذنب له)، ويقول عليه الصلاة والسلام: (التوبة تهدم ما كان قبلها)، يعني تزيل ما كان قبلها، هذا إن كنتِ إن بلغت الحلم بالحيض أو بالإنزال بالاحتلام، أما إذا كنتِ ما بلغت الحلم ففرض الصلاة ليس واجب عليك، وإنما تؤمرين بها لتعتاديها وتستقيمي عليها بعد البلوغ، وإذا كنت قد بلغت فالتوبة تكفي والحمد لله.  
 
6-   إننا عائلة نتألف من سبعة أخوة أنا أكبرهم عمري ثمان عشرة سنة وأبٌ متوفى، تربينا أمي. وجدتي امرأة كبيرة وتملك بيتاً نعيش فيه، وراتب شهري نصرف منه، قدره مائتان وثمانون ديناراً، ولدينا بعض الحلي القليلة فما هو مقدار الزكاة التي يجب علينا دفعها للفقراء؟
إذا كان المال الذي عندكم بقدر الحاجة، ولا يبقى ما يحول عليه الحول وهو النصاب ما فيه زكاة، لا بد أن يكون الحول على نصاب، فإذا بقي عندكم ما يساوي أحدى عشر جنيه سعودي ونصف ما يساوي اثنين وتسعين غرام وحال عليه الحول يزكى من هذه النقود، وأما إذا كان الباقي قليل لا يبلغ هذا المقدار فليس فيه زكاة، وهكذا الحلي التي على المرأة إذا كان دون النصاب دون اثنين وتسعون غراماً، فليس فيها زكاة إنما الزكاة فيما بلغ النصاب، وحال عليه الحول.   
 
7-   هل صحيح أن من يقرأ دعاء المعراج أربعين جمعة يغفر له ما تقدم من ذنبه؟ وأن من يقول: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر تكون له حسنة؟
دعاء المعراج هذا لا أصل له، دعاء المعراج ليس هناك دعاء يقرأ ويحفظ في هذا الأجر، كل هذا باطل لا أساس له، وأما التسبيح فالله - جل وعلا – شرع لنا الذكر والتسبيح والنبي - صلى الله عليه وسلم- أوصى بذلك يقول الله جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا (41-42) سورة الأحزاب، ويقول جل وعلا: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ عَن ذِكْرِ اللَّهِ (9) سورة المنافقون. ويقول - سبحانه وتعالى -: إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْقَانِتِينَ وَالْقَانِتَاتِإلى أن قال سبحانه:وَالذَّاكِرِينَ اللَّهَ كَثِيرًا وَالذَّاكِرَاتِ أَعَدَّ اللَّهُ لَهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا (35) سورة الأحزاب، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: أحب الكلام إلى الله أربع: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر)، ويقول أيضاً - صلى الله عليه وسلم-: (الباقيات الصالحات سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر ولا حول ولا قوة إلا بالله)، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (لأن أقول سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر أحب إلي مما طلعت عليه الشمس)، وهذا يدل على فضل عظيم، ويقول أيضاً عليه الصلاة والسلام: (سبق المفردون، قيل: يا رسول الله ما المفردون؟ قال: الذاكرون الله كثيراً والذاكرات)، فأوصي كل مسلم وكل مسلمة بالإكثار من ذكر الله، أوصي إخواني المسلمين جميعاً من الذكور والإناث بالإكثار من ذكر من التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير وقول لا حول ولا قوة إلا بالله، وقول لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير)هذا الكلمة أعظم الذكر، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (الإيمان بضعٌ وسبعون شعبة، أو قال بضع وستون شعبة، فأفضلها قول لا إله إلا الله وأدناها إماطة الأذى عن الطريق والحياء شعبةٌ من الإيمان)، ويقول - صلى الله عليه وسلم-: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير عشر مرات كان كمن أعتق أربعة أنفس من ولد إسماعيل)، متفق على صحته. وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيءٍ قدير مائة مرة في اليوم كانت له عدل عشر رقاب – يعني يعتقها- وكتب الله له مائة حسنة، ومحى عنه مائة سيئة، وكان في حرزٍ من الشيطان في يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأتِ أحدٌ بأفضل مما جاء به إلا رجلٌ عمل أكثر من عمله) فهذا فضلٌ عظيم، فينبغي الإكثار من ذكر الله، ومن التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير والاستغفار.  
 
8-   هناك أمٌ تجبر بناتها المتزوجات أن يحضرن بالقيام بأعمال منزلها مع أنها قادرة على العمل، فإذا ما قصرت واحدة أخذت تسبها وتتهمها بأنها مقصرة في حقوقها، وتعلن غضبها عليها، فهل لها الحق في ذلك، وهل رفض طلبها يدخل في باب العقوق نرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟
هذا فيه تفصيل إن كان الزوج لا يرضى فلا حق لها في ذلك، وحق الزوج هذا مقدم، وليس لهن أن يعصين الزوج ويأتين إلى أمهن لهذا العمل، أما إن كن قد سمح لهن الزوج بذلك وهي محتاجة إلى إصلاح شؤون بيتها فينبغي لهن أن يجبن إليها وكل واحدة تقوم بقسط من ذلك، هذا اليوم على فلانة وهذا اليوم على فلانة من باب التعاون مع والدتهن، ومن باب جبر الخاطر، ومن باب البر والإحسان وعدم القطيعة والعقوق، فالوالدة لها حق عظيم، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم- لما سأله السائل من أبر؟ قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: (أباك) ثم الأقرب فالأقرب، واللفظ الآخر قال: يا رسول الله من أحق الناس بحسن صحبتي: قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: (أمك)، قال ثم من؟ قال: أبوك)، فالمشروع لهن أن يجتهدن في إرضائها، وقضاء حاجتها إذا سمح الزوج، ويجعلن ذلك نوباً كل واحدة تقوم بقسط، يقتسمن الزمان كل واحدة يكون لها يوم أو يكون لها ليلة في حاجة والدتهن ولهن في هذا أجرٌ عظيم وخيرٌ كثير مع إرضاء والدتهن وسماح خاطرها ورضاءها عليهن، نسأل الله للجميع الهداية.  
9-  هل يجوز للرجل أن يؤم الناس وهو مكشوف الرأس أم لا؟ نرجو الإفادة جزاكم الله خيراً؟
نعم لا حرج في ذلك، لا بأس أن يصلي وهو مكشوف الرأس، لأن الحديث إنما جاء في الرداء، يقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد وليس على عاتقه منه شيء)، فالمقصود ستر العاتقين، وأما الرأس فليس يجب ستره، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: (لا يصلي أحدكم في الثوب الواحد ليس على عاتقه-وفي لفظة على عاتقيه- منه شيء)، والعاتق الكتف، ولم يقل على رأسه، وكان - صلى الله عليه وسلم- في إحرامه يصلي بالناس بالرداء والإزار، وهكذا الصحابة يصلون في الرداء والأزر، وكانت عادة العرب يلبسون الأزر والأردية، والرأس ليس بشرط، قد توضع عليه العمامة وقد لا توضع عليه العمامة، فإن وضع العمامة عليه كان أحسن لأنها من الزينة، وإن لم يضعها فلا حرج في ذلك.. والحمد لله.  
 
10-   مرضت وأنا صغير فنذرت أمي إن شُفيت وكبرت أن تذبح ماعزاً عند قبر الولي ويجتمع عليها الناس، وعندما كبرت أهدرت ماعزاً لتفي بنذرها فأخذت الماعز وبعتها في السوق وقلت لها: إن هذا شركٌ بالله؟ هل ما قمت به صحيحٌ أم لا؟ أرجوا الإفادة جزاكم الله خيراً.
قد أحسنت، هذا هو الصواب، ليس لها أن تذبح عند قبر الولي، لا على النذر ولا عليها نذر، إذا كان الذبح للولي فهذا شركٌ أكبر، إذا كان الأصل التقرب للولي لفلان أو فلان عند قبر البدوي أو فلان أو الشيخ عبد القادر الجيلاني أو ابن عربي أو فلان أو فلان، كل هؤلاء لا يجوز التقرب إليهم بالذبائح ولا يدعى أحدٌ من دون الله ولا يستغاث به، ولا ينذر له كل ذلك من الشرك الأكبر وهكذا الأنبياء عليهم الصلاة والسلام. لا يجوز للمسلم أن يذبح للنبي يتقرب إليه، أو يسأله أن يغيثه أو ينصره أو يشفي مريضه، لا نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم- ولا غيره، هذا حق الله - سبحانه وتعالى -، الله يقول: (يا أيها الناس اعبدوا ربكم) (21) سورة البقرة. ويقول جل وعلا: وَقَضَى رَبُّكَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ (23) سورة الإسراء. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ (5) سورة البينة. ويقول - عز وجل -: فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا (18) سورة الجن، والنبي - عليه الصلاة والسلام-يقول: (الدعاء هو العبادة)، فلا يدعى أحدٌ مع الله لا نبي ولا ملك ولا جن ولا إنس ولا ولي ولا غير ذلك، وهكذا الذبح لا يذبح للأنبياء ولا للملائكة ولا للأولياء ولا يتقرب إليهم بالنذور، ولا غير هذا من العبادات، يقول الله - سبحانه -: (قل إن صلاتي –أي قل يا محمد للناس-إن صلاتي ونسكي–يعني ذبحي- وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ (162) سورة الأنعام، ويقول - سبحانه وتعالى -: إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ سورة الكوثر، ويقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لعن الله من ذبح لغير الله) فالتقرب للأولياء بالذبيحة من الشرك الأكبر، قد يذبح عند قبره، أو في غير قبره حتى ولو في المكان البعيد، ولو في بيت الإنسان، يذبح للولي فلان أو فلان هذا هو الشرك الأكبر، مثل لو صلّى له أو سجد له فهو شرك، وهكذا إذا ذبح له أو دعاه أو استغاث به أو نذر له أو قال يا سيدي اشف مريضي أو انصرني أو دلني على كذا، أو ما أشبه ذلك سواء عند قبره أو بعيد عن قبره هذا كله لا يجوز، هذا حق الله، هو الذي يدعى- سبحانه وتعالى -ويسأل، أما الحي الحاضر كونه يذبح له ذبيحة كرامة له لأنه ضيف جاء من سفر أو لأنه قريب له زاره فذبح له لإكرامه هذا لا بأس له، وهكذا لو قال لأخيه الذي عنده ساعدني على كذا الحي الحاضر، ساعدي على إصلاح سيارتي، على إصلاح مزرعتي يتعاون وإياه في المزرعة لا بأس، أما الأموات أو الغائبون أو الملائكة أو الأنبياء أو الذين يدعونهم مع الله أو يستغيثون بهم وينذرون فهذا لا يجوز، هذا من الشرك الأكبر، لا يدعى الأولياء ولا الموتى ولا الجمادات كالأشجار والأحجار والأصنام ولا الملائكة كلهم لا يدعون مع الله، ولا يستغاث بهم ولا يزار لهم بل هذا من الشرك الأكبر نعوذ بالله من ذلك. أما إذا كان بالطرق الحسية مع الأحياء مثل برقية يقول: افرض لي كذا أو يكلمه بالهاتف-التلفون-اقرض لي كذا، أو ساعدني على كذا يسأل الحي يكلمه أو يكتب له رسالة، هذا مثل الحي الحاضر مثل المشاهد لا حرج في ذلك. كما قال الله - عز وجل – في قصة موسى: (فاستغاثه من شيعته على الذي من عدوه)، فالناس يتعاونون، الأحياء يتعاونون، لا حرج في ذلك، لكن دعاء الميت أو الغائب لأنه يعتقد فيه الشرك، أنه يسمع ولو بعد أو دعاء الجمادات كالأصنام والكواكب هذا كله من الشرك الأكبر، أو دعاء الملائكة أو الجن هذا هو الشرك الأكبر لأنهم غائبون عنك مشغولون بشؤونهم، ليس من جنس الحاضر بين يديك لتخاطبه وتسأله أن يعينك على كذا أو كذا، وبهذا ينبغي للمؤمن أن يحتاط ويبتعد عن أسباب الشرك وعن ذرائعه وعن أعماله، وقد أحسنت أيها السائل في إخبار أمك وإيضاح الحق لها فقد أحسنت في ذلك بارك الله فيك.  
 
11-   بعض الناس إذا مرض نذر أن يذبح بعض الدجاج بناءً على نصائح بعض المتأولين الذين يحددون لهم ألوانه؟ هل هذا جائز أم لا أفيدونا جزاكم الله خيراً.
كان على طريقة المخرفين والدجالين والكهنة ونحو هذا لا يجوز، أما إذا أراد التقرب إلى الله أن الله شفاه أن يذبح دجاج أو ناقة أو شاة نفقة للمحاويج هذا قربة إلى الله ولكن النذر مكروه ما ينبغي النذر، لكن لو نذر عليه أن يوفي بنذره، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: من نذر أن يطيع الله فليطعه، ولقول الله سبحانه: يوفون بالنذر، لكن النبي نهى عن النذر، وقال إنه لا يأت بخير، فينبغي له ألا ينذر لكن إذا نذر طاعة لله كصلاة وصوم وصدقة يوفي بنذره إذا حصل الشرط، أما أن ينذر دجاجاً على رأي المخرفين الذين قد يجرونه إلى الشرك ويقولون إذا نذرت دجاجة صرت كذا أو كذا يشفى مرضك هذا كله باطل لا أصل له، وهذا منكر لا يطعه في ذلك، وإنما النذر صدقة، إذا نذر على أنه صدقة لله لعل الله ينفعه بهذه الصدقة، لا بأس، أما على اعتقاد أن هذا الشيء يحصل به الشفاء بأسباب وأقوال المخرفين هذا لا يجوز. 

460 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply