حلقة 674: جماعة الدعوة - هل صحيح أن على كل مسلم أن يخرج في سبيل الله في العمر أربعة أشهر - من رضع من امرأة فأولادها كلهم إخوة له - حكم الزواج من بنت العمة التي لا يوجد بينهم رضاع - من أين يحرم أهل جدة ورابغ

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

24 / 50 محاضرة

حلقة 674: جماعة الدعوة - هل صحيح أن على كل مسلم أن يخرج في سبيل الله في العمر أربعة أشهر - من رضع من امرأة فأولادها كلهم إخوة له - حكم الزواج من بنت العمة التي لا يوجد بينهم رضاع - من أين يحرم أهل جدة ورابغ

1- لدينا جماعة تأمر الناس بالخروج في سبيل الله، ويترتب على هذا الخروج أن يذهبوا إلى مسجد في أي حي، وبعد ذلك يقضون في المسجد ثلاثة أيام يقرؤون في رياض الصالحين بدون شرح، أو أي تعليق على الأحاديث، ثم بعد ذلك يخرجون في العصر يطرقون الأبواب ويقولون لأهلها: تعالوا في المسجد اسمعوا كلام الخير والإيمان، هل أثر ذلك عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد: فالاجتماع على الخير ومدارسة العلم، والتفقه في الدين أمر مطلوب، فينبغي للشباب والشيب والرجال والنساء بذل المستطاع في طلب العلم والتفقه في الدين، من طريق الكتاب العظيم، وهو القرآن والسنة المطهرة؛ لقول الله -صلى الله عليه وسلم-: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، متفق على صحته؛ ولقوله -عليه الصلاة والسلام-: (من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة)، وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله -يعني مسجداً من مساجد الله– يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده)، فهؤلاء الجماعة الذين يخرجون في سبيل الله للدعوة إلى الله والتعليم ويجتمعون في بعض المساجد، لدراسة رياض الصالحين، أو غيره من كتب العلم هذا شيء لا بأس به، وهو طيب؛ لأجل التعاون على طلب العلم والتفقه في الدين، وهكذا إذا خرجوا إلى قرية من القرى، أو قبيلة من القبائل يدعونهم إلى الله ويرشدونهم إلى الخير، أمر مطلوب، قد كان النبي يبعث الدعاة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يبعث الدعاة إلى القبائل؛ للإرشاد والتعليم، وبعث مرة سبعين من القراء إلى بعض القبائل لتعليم الدعوة، فابتعاث طلبة العلم إلى القرى، والقبائل، والمدن للدعوة إلى الله وتعليم الناس العقيدة الصحيحة، وتعليمهم ما أوجب الله عليهم وما حرم الله عليهم أمر مطلوب، لكن طرق الأبواب على الناس هذا محل نظر لا أعلم له أصلاً، لكن إذا نبههم الإمام في المسجد فيه محاضرة الليلة، أو ليلة كذا، أو ندوة هذا طيب، حتى يجتمعوا ويحضروا للفائدة من باب التعاون على البر والتقوى، كما قال تعالى: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) سورة المائدة، وقال تعالى: وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آَمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ سورة العصر، فالأولى عندي ألا يطرقوا أبواب الناس وألا يذهبوا إلى الأبواب ولكن إمام المسجد يخبر عنهم أن هناك محاضرة وأن هناك ندوة في مسجد كذا بعد صلاة كذا، هذا يكفي والحمد لله.   
 
2-   هؤلاء الجماعة يقولون: على كل مسلم أن يخرج في سبيل الله في العمر أربعة أشهر، وفي السنة أربعين يوماً، وفي الشهر ثلاثة أيام، ويقول العلماء: هم الذين قالوا كذا.. فهل من علماء السلف من قال ذلك؟
هذا الكلام لا أصل له، هذا الكلام لا أصل له، الخروج في سبيل الله على أهل العلم مو على كل مسلم، على طلبة العلم الذي عندهم بصيرة، عندهم علم يخرجون وليس فيه حد محدود، إذا خرجوا في السنة بعض الوقت، أو في السنتين، أو جلسوا في بلادهم للدعوة ليس فيه حد محدود إنما هذا يرجع إلى اجتهادهم، فإذا رأى العالم أن يخرج إلى بعض القرى، وبعض القبائل؛ للدعوة إلى الله شهراً، أو أسبوعاً، أو أقل، أو أكثر هذا إليه، يرجو ما عند الله من المثوبة, وهكذا إذا رأى ولي الأمر، الملك، أو رئيس الجمهورية، أو أمير القرية، إذا رأوا إرسال بعض الدعاة إلى بعض القبائل، أو بعض القرى المحتاجة؛ ليدعوهم إلى الله، ويوجههم إلى الخير، ويرشدهم إلى أسباب النجاة، وينبههم على ما قد يخفى عليهم، هذا أمر مطلوب وليس فيه حد محدود، ليس شهر، ولا أسبوع، ولا أقل ولا أكثر، على حسب ما يراه طالب العلم، أو ولي الأمر يحدد لهم ما يرى، أما أربعة أشهر في العمر، وأربعين في السنة، هذا لا أصل له، هذا من اجتهاد من فعله ليس له أصل، ولا ينبغي أن يعول عليه، بل ينبغي للعالم أن يذهب إلى القرية، أو القبيلة المدة التي يراها والتي يستطيعها، ولو يوماً واحداً للدعوة إلى الله عز وجل، وهكذا السلطان وهكذا رئيس الجمهورية، وهكذا أمير البلد، وهكذا شيخ القبيلة يوزع الدعاة على حسب اجتهاده، هذه القبيلة يمر عليها يوم، أو يومين، أو ثلاث والقبيلة الثانية يمر عليها ثلاث أربع، على حسب أحوال القبيلة كثرتها وقلتها، وهكذا القرى أما التحديد بأربعة أشهر، أو أربعين يوماً هذا لا أصل له، ولكن لا مانع إذا كانوا جماعة أرادوا أن يذهبوا إلى قرية، أو إلى دولة، يحددون لهم أياماً معلومة حتى يأخذوا الذهاب المناسب ويستعدوا لهذا الغرض حتى يعرفوا أن مدتهم شهر، أو عشرين يوم، ويأخذون لها الذهاب المناسب، أما أن يحدد الدعوة بأربعة أشهر، أو ثلاثة أشهر، أو شهرين لا أصل لهذا، فالتحديد يكون من أجل الذهاب، من أجل الاستعداد لحمل المتاع الذي يحتاجون إليه لا بأس من هذه الحيثية. 
 
3-   والدتي أرضعت بنت عمتي وكان الرضاع مع أختي التي هي أصغر مني، وترتيبها بين إخواني الرابعة، وكذلك أرضعت عمتي أختي المذكورة مع بنتها، فصار هناك رضاع بين الطرفين، هل بنت عمتي التي رضعت مع أختي أخت لنا من الرضاعة والتي أرضعتها أمي، وهل أختي التي أرضعتها عمتي أخت لأولاد عمتي؟ نرجو أن تفيدونا، جزاكم الله خيراً
نعم، الذي أرضعتها أمك ابنة عمتك إذا أرضعتها أمك خمس رضعات، أو أكثر حال كونها في الحولين تكون أخت لكم جميعاً والرضاع كونها تمسك الثدي وتمص اللبن حتى يذهب إلى بطنها، ثم تطلق الثدي، ثم تعيدها وترضعها مرة ثانية، وهكذا حتى تكمل خمس رضعات في يوم، أو في أيام تكون أختاً لكم جميعاً، اللي قبلها واللي بعدها، وهكذا أختك التي أرضعتها عمتك إذا أرضعتها عمتك رضاعاً شرعياً خمس مرات، أو أكثر تكون وحدها أختاً لأولاد عمتك؛ لأنها صارت بنتاً لعمتك، وأختاً لأولادها وأولاد الزوج الذي هو صاحب اللبن تكون بنتاً له وأختاً لأولاده إذا كان الرضاع في الحولين وكان الرضاع خمس رضعات أو أكثر كما تقدم. 
 
4-   هل يصح لي الزواج من بنت عمتي التي هي أصغر من التي أرضعتها أمي مع أختي، مع العلم أنه لم يحصل بين إخواني وبين بنت عمتي الثانية رضاع، وإذا كان يجوز لي الزواج فأرجو توضيح ذلك، وإذا كان لا يجوز فأرجو التوضيح؟ جزاكم الله خيراً.
بنت عمتك لا بأس بها، التي لم ترضع من أمك لا بأس بأن أن تتزوجها أنت أو أحد إخوانك إذا كنتم لم ترضعوا من أمها، وهي لم ترضع من أمكم، فالرضاع يختص بالتي رضعت من أمك، أما أخواتها اللاتي لم يرضعن من أمك فهن حل لكم، لأنهن بنات عمة حلال، إذا كنتم لم ترضعوا أنتم من أمها، فلا حرج في الزواج منها، وإنما المحرم عليكم التي رضعت من أمكم خاصة. 
 
5-  هل أهل جدة كلهم من داخل الميقات أو من خارجه، ومن أين يحرمون، وكذلك أهل رابغ؟
أهل جدة كلهم من داخل الميقات، من أهل الميقات الذي هو رابغ وما وراءه ذو الحليفة، هم داخل الميقات، فأهلها يحرمون من مكانهم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لما وقت المواقيت قال: (وما كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ، حتى أهل مكة من مكة)، فالذين في جدة أو في الزيمة، أو الشرايع، أو بحرة، أو في أم السلم هؤلاء ميقاتهم بلدهم يحرمون من مكانهم إذا أرادوا عمرة، أو حجاً يحرمون من مكانهم واللي في رابغ يحرم من رابغ، وهي ميقات، هي الجحفة، والذي فوق الجحفة يحرم من مكانه؛ لأنه دون ذو الحليفة، فالحاصل أن المواقيت خمسة ذو الحليفة ميقات أهل المدينة، الجحفة ميقات أهل الشام ومصر ونحوهم ممن يأتي من جهة الساحل، والآن يحرمون من رابغ، ورابغ قبل الجحفة بقليل من باب الاحتياط، الثالث يلملم ميقات لأهل اليمن، الرابع قرن المنازل، ويقال له السيل ميقات لأهل نجد وأهل الشرق، والخامس ذا عرق، ويسمى ضريبة ميقات لأهل العراق، فالذي يأتي قبل هذه المواقيت يحرم منها، الذي من طريق المدينة يحرم من ذي الحليفة، والذي يأتي من طريق الساحل من مصر، أو الشام، أو غيرها من طريق البحر يحرم من الجحفة رابغ، والذي يأتي من طريق اليمن، جيزان واليمن يحرم من يلملم، والذي يأتي من العراق وما حولها يحرم من ضريبة، من ذات عرق، والذي يأتي من نجد، أو غيرها من جهة الشرق يحرم من السيل من وادي قرن، وإذا كان دون هذه المواقيت كأهل جدة، وأهل الشرايع وأهل الزيمة، وأهل بحرة يحرمون من محلهم؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (فمن كان دون ذلك فمهله من حيث أنشأ حتى أهل مكة من مكة)، أهل مكة في الحج، أما في العمرة يحرمون من خارج مكة؛ لأن الرسول أمر عائشة أن تحرم بالعمرة من خارج مكة، من التنعيم، وهكذا من الجعرانة، ومن عرفات يعني خارج الحرم، من أراد العمرة وهو في مكة يتوجه إلى الحل، يخرج إلى الحل ويلبي من هناك بالعمرة، بعدما يغتسل في بيته، ويستعد. 
 
6-   شخص قادم من لندن بالطائرة، ونزل في جدة ولم يحرم قبل بدء سفره، ولم ينبه عملة الطائرة عند المرور من الميقات، فكيف يحرم، وإذا نزل بجدة بدون إحرام فماذا يلزمه؟
إذا كان جاء من طريق الساحل من طريق البحر يرجع إلى رابغ، ويحرم من رابغ، أما إن كان جاء من طريق المدينة يرجع إلى ميقات المدينة، وأما إذا كان لا يعلم محاذاة أي ميقات، الطريق الذي جاء من جهة الغرب لا يعلم أنه حاذى لا ميقات رابغ ولا غيره يحرم من جدة، ولكن إذا كان الطائرة تحاذي رابغ، تحاذي الجحفة فإحرامه من رابغ، يرجع إليها على السيارات، ويحرم من رابغ، وهكذا من جاء من طريق البحر إذا حاذى رابع يحرم من رابغ، وهو في البحر، وهكذا في الجو، إذا حاذى رابغ في الجو، أو حاذى ذو الحليفة إذا أتى من طريق المدينة يحرم من محاذاته في الجو، وإذا كان الملاح، ملاح الطائرة يعلم أنه ما حاذى رابغ، ولا حاذى ميقاتاً آخر إنما جاء من طريق يعني أو من غرب صامد ما حاذى شيئاً فميقاته جدة، إذا لم يحاذي ميقاتاً قبل ذلك. الواقع هذه معلومة جديدة سماحة الشيخ جزاكم الله خيراً، لأن هناك كثيراً من الناس يقولون لماذا يحرم البعض من جدة؟ إذن يحرموا من جدة... من لم يحاذ، من لم يحاذ ميقاتاً قبل وصوله إليها، في الجو.  
 
7-   هل يجوز دخول مكة بدون إحرام لسبب غير هام، أو لمجرد الطواف، وإذا كان لا يجوز ذلك فمن هم الذين يجوز لهم الدخول في مكة من غير إحرام؟
إذا أراد مكة لطواف، أو لزيارة بعض أقاربه، أو أصدقائه، أو لحاجة أخرى لا يلزمه الإحرام، لا حرج عليه؛ لأن الرسول عليه السلام قال لما وقت المواقيت، قال: (هن لهن ولم أتى عليهن من غير أهلهن ممن أراد الحج والعمرة)، هذا شرط، فلا يلزمه الإحرام إلا إذا أراد حجاً، أو عمرة، أما من جاء إلى مكة للتجارة، أو لزيارة بعض أقاربه، أو أصدقائه أو ليؤجر، يصلي في المسجد الحرام ويطوف فلا حرج فلا إحرام ولا حرج عليه في ذلك والحمد لله. 
 
8-  والدتي تحتاج إلى مال تحج به، وعندها مال، هل يلزمني نفقة حجها، أو يلزم والدتي؟
لا تلزمك النفقة ما دام عندها مال، فعليها أن تنفق من مالها، هذا إذا كان حجها فريضة، أما إذا كان حجها نافلة فليس عليها شيء، الحج مرة في العمر، كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (الحج مرة، فمن زاد فهو تطوع)، فإذا كان قد حجت فالحمد لله إذا أرادت التطوع تنفق من مالها وأنت تساعدها وتذهب معها إلى مكة، وإذا أنفقت من مالك براً بها والإحسان إليها ورغبة في تشجيعها على الخير فأنت مأجور، فإذا كنت تستطيع فالأحسن لك أنك لا تحاسبها، تنفق من مالك، وهذه نعمة من الله عليك أن تنفق عليها، وأن تحسن إليها فأبشر بالخير ولا تحاسبها ولا تناقشها في هذا إذا كنت تستطيع، أحسن وأبشر بالخير، وساعدها على الحج ولو نافلة وأنت على خير عظيم، وأجر كبير لكن لا يلزمك، ما دام عندها مال لا يلزمك لكن من برك لها، وإحسانك إليها ولمراعاة خاطرها حتى لا تكون ساخرة عليك أن تنفق من مالك، وأن تحسن إليها، وأن تفرح بأن تنفق عليها وتحج لها. 
 
9-  حدثونا عن سجود التلاوة، وهل تشترط له الطهارة والقبلة؟
سجود التلاوة سنة، قربة، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا مر بالسجدة سجد -عليه الصلاة والسلام-، وليس صلاة، فلا يشترط لها الطهارة، ولا القبلة ولكن الأفضل كونه يسجد إلى قبله، وكونه على طهارة فأفضل ومن هذا ذهب الأكثرون إلى أنه لا بد من طهارة، ولا بد من القبلة، لكن الصحيح أنه لا يلزم، فهو خضوع لله من جنس الذكر، من جنس سبحان الله والحمد الله والله أكبر، فالإنسان يذكر الله إلى جهة القبلة، وإلى غيرها، ويخضع له سبحانه وتعالى في ذكر لله وبدعائه، ولا يشترط له القبلة ولا الطهارة، لكن لو تطهر وسجد إلى القبلة كان هذا أكمل وأفضل، وفيه خروج من خلاف العلماء، وقد ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه كان يقرأ بين أصحابه، فإذا مر بالسجدة سجد وسجدوا معه، ولم يقل لهم من ليس على طهارة لا يسجد، والمجالس تجمع، المجالس تجمع من هو على طهارة ومن هو على غير طهارة، فلو كانت الطهارة شرطاً لنبههم -عليه الصلاة والسلام-، والأصل عدم شرط الطهارة، هذا هو الأصل؛ ولأنها ليست صلاة، بل هي مجرد سجود، الطهارة إنما تجب للصلاة؛ لقول -صلى الله عليه وسلم-: (مفتاح الصلاة الطهور)، فهي ليست صلاة، بل جزء من صلاة، وهكذا القراءة عن ظهر قلب ليست صلاة، فلا يشترط لها الطهارة، وهكذا سبحان الله والحمد لله وسائر الذكر لا يشترط له الطهارة، وسجود التلاوة من جنس ذلك، وهكذا سجود الشكر من جنسه، لو بشر بولد، أو بفتح للمسلمين ونصر لهم على عدوهم، وسجد شكراً لله فلا حرج عليه، ومأجور ولا كان على غير طهارة، لكن الأفضل أن يكون إلى القبلة، خروجاً من الخلاف؛ ولأن القبلة أولى من غيرها، فيسجد إلى القبلة، ويتحرى ما هو الأكمل والأفضل، وإلا فليس بشرط.  
 
10-   أفطرت العام الماضي في رمضان المبارك يوم واحداً بعذر شرعي وهو السفر، وقضيت ذلك اليوم والحمد لله، وكان ذلك اليوم مصادفاً ليوم من أيام الدراسة، حاولت الغش، بل غشيت فقرة من سؤال واحد أثناء الاختبار، علماً بأن هذا الاختبار اختبار شهري، هل تأثر صيامي بما فعلت؟
الصيام صحيح، لكن ينقص بالمعصية، المعاصي تنقص الصيام، وتنقص العبادات، وتنقص الإيمان، المعاصي كلها تنقص الإيمان، وتضعف الإيمان، ولكن لا يبطل الصوم بها، فلو صام وحصل منه معصية من غش، أو غيبة، أو كذبة صيامه صحيح، لكن يكون ناقصاً ليس من جنس الصيام الذي عافه الله من هذه المعصية. 
 
11-   أنا شاب في السابعة عشر من العمر، أصلي وأقرأ القرآن، وأبتعد عن ما هو شر وآثام، ولكن مشكلتي عندما يحين وقت رمضان لا أصوم الشهر؛ وذلك لأنني أعمل أعمالاً شاقة ولا سيما في أيام الصيف، فهل يجوز لي أن أصوم في أوقات أخرى، أو ماذا علي أن أفعل؟ أرشدوني جزاكم الله خيراً.
عليك القضاء مع التوبة، عليك القضاء مع التوبة، تقضي الصيام، وتتوب إلى الله جل وعلا، وفي المستقبل تصوم مع الناس، وتترك العمل الذي يشق عليك، تعمل أعمال لا تشق عليك مع الصوم، فإذا كنت لا تستطيع إلا بترك العمل فاترك العمل، وادخر لرمضان ما يكفيك لرمضان من أعمالك التي في شعبان وقبله، ادخر من نقودك، وأجورك التي تحصل لك في شعبان ورجب وما قبلهما، ادخر منها ما يعينك على صيام رمضان، أو رتب نفسك على عمل لا يشق عليك، وتمكن معه من الصيام، أما التساهل والحرص على الدنيا، والأعمال الشاقة، وتترك الصوم هذا لا يجوز، فاتق الله ما استطعت، اعمل عملاً قليلاً إذا كنت محتاجاً إليه ليس فيه ما يمنعك من الصوم، وإلا فادخر أعمالك التي قبل رمضان ادخر من أجورها ما يعنيك على الفراغ للصيام مع المسلمين نسأل الله لنا ولك الهداية والتوفيق. سماحة الشيخ الذين يفتون العمال والذين يعملون أعمالاً شاقة بجواز الفطر في رمضان، هل هم على حق؟ لا نعلم لهذا أصلاً، فهو ليس له أصل، الواجب أنهم يعملون بقدر الطاقة، وإذا كان لا بد من عمل فليؤجلوا العمل إلى بعد رمضان، ويدخروا من أعمالهم السابقة ما يعينهم على صيام رمضان، فالتساهل في هذا شره عظيم وعاقبته وخيمة، فالواجب عدم التساهل في هذا الأمر، ولكن إذا تيسر عمل يستطيع معه الصوم فلا حرج في العمل في رمضان، ويصوم، أما إذا كان لا بد من الفطر فليترك العمل الذي يوجبه للفطر، وليستعن بالله على صومه بما عنده من المال السابق. 
 
12-  إنني حلفت بالله سبحانه وتعالى على ألا أرتكب معصية من المعاصي لكني عدت وفعلت، ماذا عليَّ؟
عليك التوبة إلى الله والندم والإقلاع من المعصية، والحذر من العود إليها والتصميم ألا تعود إليها، وعليك التوبة إلى الله جل وعلا، وعليك كفارة اليمين؛ لأنك حالف، فعليك كفارة اليمين عن يمينك وهي إطعام عشرة مساكين، أو كسوتهم، أو عتق رقبة فمن عجز صام ثلاثة أيام، وعليك ما عليك التوبة إلى الله والندم والإقلاع، وعدم العودة إلى هذه المعصية، والعزم الصادق ألا تعود إليها، ومن يستعن بالله يعنه الله جل وعلا، فاتق الله، وراقب الله، واحذر هواك، وشيطانك، والزم التوبة من هذه المعصية وغيرها، وعليك كفارة اليمين، وهي إطعام عشرة مساكين، عشرة فقراء تعشيهم، أو تغديهم، أو تعطي كل واحد نصف صاع من التمر، أو من الأرز، أو من البر نصف صاع كيلو ونصف تقريباً لكل واحد، أو تعشيهم، أو تغديهم ولو متفرقين ليس من اللازم أن تجمعهم ولو متفرقين أو تكسو كسوة على قميص قميص كل واحد كسوة تجزئهم الصلاة قميص، أو إزار ورداء، أو تعتق رقبة إذا وجدت شيء، فإن عجزت عن هذا كله ثقيل فلا تستطيع لا إطعام، ولا تستطيع الكسوة عند ذلك تصوم ثلاثة أيام. 
 
13-   إنها امرأة متزوجة منذ عشرين سنة تقريباً ومعها الآن سبعة عيال أكبرهم يبلغ الثامنة عشر من عمره، وأصغرهم يبلغ الرابعة من عمره، ومن يوم زواجنا وزوجي لا يصلي، وفي بداية زواجنا صام ثلاثة رمضانات وصلى فيها فقط، وبعد ذلك الوقت لا يصلي ولا يصوم، وأنا امرأة أصلي وأصوم وأخاف الله، وكثير من المرات قلت له أن يصلي ولكنه كان يقول: إذا كان هو من قبضة اليمين فسوف يدخل الجنة، وإذا كان من قبضة الشمال فسوف يدخل النار!! فإذاً صلاته أو عدمها لا فائدة منها، وفي هذه الأشهر القريبة سمعت من برنامجكم أن المرأة التي تصوم وتصلي لا تجوز للرجل الذي لا يصلي ولا يصوم، فتكلمت معه بهذا الخصوص وحصلت مشاكل، وبعد ذلك ومنذ أشهر قليلة أصبح يصلي مرة ولا يصلي أخرى ويؤخر صلاة العصر والعشاء، ولا يذهب إلى المسجد مع أننا نسمع الآذان ونحن في البيت، أرجو أن توجهوني كيف أتصرف؟
نسأل من الله لنا وله الهداية، هذا قوله إن كنت من قبضة اليمين دخلت الجنة... ألخ هذا غلط، لا يحتج بالقدر، الرسول -صلى الله عليه وسلم- لما سألوه يا رسول الله لما قال لهم: (ما منكم من أحد إلا وقد علم مقعده من الجنة ومقعده من النار)، قال الصحابة يا رسول: أفلا نتكل على كتابنا وندع العمل؟ قال: (اعملوا فكل ميسر لما خلق له، أما أهل السعادة فسييسروا لعمل أهل السعادة، وأما أهل الشقاوة فسييسروا لعمل أهل الشقاوة)، ثم تلا قوله تعالى: فَأَمَّا مَن أَعْطَى وَاتَّقَى*وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى*وَأَمَّا مَن بَخِلَ وَاسْتَغْنَى*وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى*فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى (5-10) سورة الليل، فلا يجوز لأحد أن يحتج بالقدر، بل على كل إنسان من رجل وامرأة أن يتق الله، وأن يعمل بطاعة الله من صلاة وصوم وحج وزكاة وغير ذلك، وأن يحذر معاصي الله، الله أعطاه عقل وأعطاه سمع وأعطاه بصر، فلا بد أن يستعمل ما أعطاه الله من النعم، فلا يجوز أن يحتج بالقدر، وهل يمكنه أن يحتج بالقدر فيجلس ولا يأكل ولا يشرب إن كان صادقاً، ليجلس لا يأكل ولا يشرب ويقول: إن كنت كتب الله لي أن أحيا حييت، هو يكذب لا يستطيع أن يصبر، بل لا بد أن يأكل ويشرب، فالمقصود أن هذا الاحتجاج بالقدر أمر باطل، فلا يجوز أن يحتج بالقدر لا في أكله، وشربه ولا في جماعه لزوجته، ولا في طلبه للولد، ولا في بره لوالديه، ولا في طلبه التجارة، ولا في أسفاره، ولا في مزرعته، ولا في غير هذا وهكذا في صلاته، وهكذا في صومه، وهكذا في أعماله الأخرى، ليس له أن يحتج بالقدر، بل يجب أن يعمل بما أوجب الله ويدع ما حرم الله، كما يجب أن يطلب الرزق ويتسبب في طلب الرزق الذي يعينه على طاعة الله، ويغنيه عن الناس في البيع والشراء، أو بالزراعة، أو النجارة، أو الحدادة، أو الخياطة، أو غير هذا من الأسباب، وليس له أن يحتج بالقدر ويقول أجلس في بيتي ولا أفعل الأسباب والرزق يأتيني، هذا غلط لا يقوله عاقل، وهكذا في الصلاة والعبادة، لا يجوز أن يترك الصلاة ويقول أنا إن كنت من أهل السعادة دخلت الجنة، وإلا فأنا من أهل النار، هذا كله باطل، ولا يجوز أن يحتج بالقدر أبداً، وهذه حجة المشركين لو شاء الله ما أشركنا، ولا يعذرهم الله سبحانه وتعالى، فالواجب على زوجك أن يتقي الله وأن يراقب الله، وأن يصلي مع المسلمين في المساجد، وأن يحافظ على ذلك، وأن يصوم رمضان، وأن يؤدي زكاة ماله إن كان عنده مال، وأن يحج حج البيت، الحج الواجب الفريضة المرة في العمرة، وأن يبر والديه، وأن يقوم بحق زوجته إلى غير ذلك، والواجب عليك أنت أن تمتنعي منه، ولا تمكنيه من نفسك حتى يتوب إلى الله توبة صادقة، وحتى يصلي جميع الأوقات، ما دام لا يصلي فهو كافر، وليس لك أن تمكنيه من نفسك، هذا هو الحق، وهذا هو الصواب من قولي العلماء أن من تركها كفر، وإن لم يجحد وجوبها؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة)، وفيه أحاديث أخرى كثيرة تدل على كفرة تارك الصلاة، فاتق الله أنت، واحذري شره وابتعدي عنه عند أهلك، حتى يتوب الله عنه، وإن أبى فارفعي الأمر إلى المحكمة والمحكمة تنظر في الأمر، ولا تتساهلي بهذا أبداً، نسال الله لنا وله الهداية. 

433 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply