حلقة 758: رد الدين إلى أهله - وجوب متابعة المأموم للإمام - حكم موافقة المأموم للإمام في تكبيرة الإحرام - حكم الصلاة خلف الصف مع الأطفال - حكم الطواف في البيت بدون طهارة - النفقة على الوالدين بحسب الاستطاعة - فضيلة السواك ووقته

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

7 / 49 محاضرة

حلقة 758: رد الدين إلى أهله - وجوب متابعة المأموم للإمام - حكم موافقة المأموم للإمام في تكبيرة الإحرام - حكم الصلاة خلف الصف مع الأطفال - حكم الطواف في البيت بدون طهارة - النفقة على الوالدين بحسب الاستطاعة - فضيلة السواك ووقته

1-   أفيدكم -يا سماحة الشيخ- بأنني مديون لعدد من الأشخاص، بعضهم من مدة طويلة، وبعضهم مدته ليست بطويلة، ولم أكن أجد المال أثناء مطالبتهم لي في ذلك الوقت، والآن وجدت المال، ولكن بعضهم موجود، والبعض الآخر غير موجود، ماذا أفعل بأموال غير الموجودين إذا لم أجدهم؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه أما بعد.. فعليك أن تسأل عن أماكنهم، ومتى عرفت عناوينهم ترسل لهم حقوقهم، وهذا يجب عليك؛ لأن أداء الدين واجب وهذا من وسائل أدائه، فعليك أن تسأل وتحرص حتى تعرف أماكنهم وعناوينهم، ثم ترسل لهم حقوقهم ولا تعجل، فلعلهم يقدمون ولعلك تعرف عناوينهم إن لم يقدموا لا تعجل، فإن أيست من ذلك، فتصدق بها عنهم، بالنية عن أصحابها، ومتى حضروا تخيرهم، فإن قبلوا الصدقة فالأجر لهم، وإن لم يقبلوها صار الأجر لك، وتعطيهم حقهم، نسأل الله أن يوفق الجميع. جزاكم الله خيراً  
 
2- مشكلتي هي: أنني أعاني من ثقل نوعاً ما في القراءة، حيث يركع الإمام في الركعتين الأخيرتين، أو الثالثة في المغرب قبل أن أتمكن من إتمام الفاتحة، فإذا أتممت الفاتحة رفع، أو ربما يرفع الإمام من الركوع قبل أن أركع، لاسيما إذا صليت خلف إمام يخفف الصلاة، والسؤال هنا: هل أمضي وأتمم الفاتحة حتى ولو رفع الإمام من الركوع أم يتعين علي متابعة الإمام حتى ولو لم أتمكن من إتمام الفاتحة في الصلاة كلها حيث أنني سمعت بعض طلبة العلم يقولون: إن متابعة الإمام أهم وأوجب من إتمام الفاتحة في كل الركعات، فهل هذا هو الصحيح أم هناك قول آخر أصح منه وجهوني جزاكم الله خيراً؟ 
الواجب عليك متابعة الإمام، وإن لم تكمل الفاتحة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (وإذا ركع فاركعوا)، فعليك أن تركع معه، إذا ركع تركع بعده، وإن لم تكمل الفاتحة، لكن عليك أن تعتني بقراءة الفاتحة من حين التكبير، من حين ينهض من السجود، أو يستقيم واقف عليك أن تعتني بالقراءة، ولا تتباطأ، تقرأ قراءة خفيفة حتى تدرك إكمال الفاتحة قبل الركوع، وعليك الحذر من الوساوس اقرأ قراءة جيدة، والحمد لله ولو كنت أسرعت فيها بعض الإسراع، بعض الناس يقرأ قراءة مقطعة يتأخر، لا، عليك أن تقرأ قراءة متصلة واضحة من حين تكبر تكبيرة الإحرام بعد الاستفتاح افضل، وهكذا في الركعات الأخرى من حين تقف تبادر بالقراءة وأنت بهمة عالية لا بالتباطؤ والتكاسل، لكن لو فرضنا أنه ركع وأنت عليك بعض الآيات، اركع معه، إلا أن كانت بقية آية، أو آيتان كملها؛ لأنه يمديك أن تكملها وتركع، أما إذا خشيت أن يرفع، فاركع، ولا حرج عليك، والحمد لله، كما لو جئت والإمام راكع، جئت معه وسقطت عنك الفاتحة، لو جاء المسبوق والإمام راكع وركع معه أجزأ، وسقطت الفاتحة كما صح ذلك من حديث أبي بكرة -رضي الله عنه- أنه أتى والنبي -صلى الله عليه وسلم- راكع، فركع دون الصف، ثم دخل في الصف، فقال له النبي -صلى الله عليه وسلم-: (زادك الله حرصاً، ولا تعد)، وهكذا لو كان المأموم يجهل الحكم الشرعي ما قرأ الفاتحة، أو نسيها أجزأه؛ لأن القراءة في حق المأموم واجبة تسقط بالسهو، والجهل وبعد إدراك الإمام وهو واقف، كل هذا من أسباب سقوطها إذا جهل الحكم، أو سها عنها، أو نسيها، أو جاء والإمام راكع، أو قرب الركوع ما أمكنه أن يقرأها سقطت عنه والحمد لله، هذا هو الصواب، وقال الجمهور أنها غير واجبة على المأموم، قال أكثر أهل العلم: أنها غير واجبة على المأموم، والصواب أنها واجبة على المأموم لكنه إذا سها عنها، أو جهل الحكم، أو جاء متأخراً والإمام راكع، أو عند الركوع سقطت عنه، كالواجبات الأخرى كما لو سها عن (سبحان ربي العظيم)، أو (سبحان ربي الأعلى)، أو (ربنا ولك الحمد)، أو نحو ذلك أجزأت، وسقطت عنه؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لعلكم تقرؤون خلف إمامكم؟ قلنا: نعم، قال: لا تفعلوا إلا بفاتحة الكتاب، فإنه لا صلاة لمن لم يقرأ بها)، فهذا يدل على أن المأموم يقرأ خلف إمامه، وان هذا هو الواجب عليه، لكن متى سها عن ذلك، أو جهل الحكم الشرعي سقط عنه ذلك (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (16) سورة التغابن. والأصل في هذا حديث أبي بكرة لما جاء والنبي راكع -عليه الصلاة والسلام- ركع معه، ولم يأمره بإعادة الركعة مع أنه لم يقرأ الفاتحة؛ لأنه معذور بسبب عدم حضوره حال قيام الإمام. جزاكم الله خيراً  
 
3- صليتُ إماماً برجلين سمعت أحدهما كبر للإحرام إثناء تكبيري للإحرام، وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور، فما الحكم حفظكم الله؟
الأظهر أن صلاتك صحيحة، وصلاة الرجل الثاني صحيحة، أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام والواجب أن يكبر بعد الإمام كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كبر فكبروا)، فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور بأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه يظنه مستقيماً يظن صلاته صحيحة، وهو له شبهة، وأنت لك شبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت، فالأصل في هذا الصحة -إن شاء الله- لشبهة صحت صلاته، بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني، وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة. جزاكم الله خيراً  
 
4- صليتُ إماماً برجلين سمعت أحدهما كبر للإحرام إثناء تكبيري للإحرام، وقد مضيت في الصلاة مع اعتقادي بطلان صلاة الرجل المذكور، فما الحكم حفظكم الله؟
الأظهر أن صلاتك صحيحة، وصلاة الرجل الثاني صحيحة، أما هو فيؤمر بالإعادة؛ لأنه كبر مع الإمام والواجب أن يكبر بعد الإمام كما قال -صلى الله عليه وسلم-: (إذا كبر فكبروا)، فتأمره بعد السلام بأن يعيد الصلاة، أما أنت فأنت معذور بأنك سمعته وأنت في الصلاة، والمأموم معذور حين تأخر مع صاحبه يظنه مستقيماً يظن صلاته صحيحة، وهو له شبهة، وأنت لك شبهة في عدم الإنكار عليه وقد كبرت، فالأصل في هذا الصحة -إن شاء الله- لشبهة صحت صلاته، بسبب أنه وقف مع المأموم الثاني، وأنت لا تستطيع الإنكار عليه في الصلاة. جزاكم الله خيراً  
 
5- هل وجود المأموم بين مجموعة من الأطفال دون سن التمييز عن يمينه، وشماله في الصف، هل يؤثر، أو يخل بصلاته؟
نعم، إذا فرداً إذا كان دون السبع يعتبر فرداً إذا كان ما في غيرهم ما صف معهم غيرهم يعتبر فرداً لا يصح، وعليه أن يعيد الصلاة؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا صلاة لمنفرد خلف الصف)، وهو حكمه حكم المنفرد إذا كانوا دون التمييز دون السبع. جزاكم الله خيراً 
 
6- لقد حجيت هذا العام، وعندما أردت البدء في تأدية طواف الإفاضة تذكرت أنني على غير وضوء، ولم أستطع الذهاب للوضوء لوجودي مع عائلة، ولكثرة الزحام، فاستمريت في إكمال الأشواط، ولما انتهيت سألت أحد الإخوان عن عملي هذا فقال: لا يجوز الطواف من غير طهارة، ولكن عليك  أن تنوي طواف الإفاضة مع طواف الوادع ففعلت ذلك، هل ما فعلته صحيح؟
نعم، الطواف الأول غير صحيح، وطوافك الأخير بنية الوداع والإفاضة مجزي، والحمد لله عند الخروج. جزاكم الله خيراً  
 
7- أنا أعمل في المملكة العربية السعودية في بقالة صغيرة الحجم، تكسب في اليوم مبلغ يتراوح بين مائتين، أو ثلاثمائة ريال، ولديَ زبائن، وأنا متزوج ومقيم هنا، ولدي طفلة، ومصاريف عائلية أخرى، لا أستطيع أن أصرف على الوالد، أو الوالدة؛ لأن لدي أخوين بالإضافة إلى أسرتي فأحد إخواني الكبار رفض أن يساعدني لمد الأسرة فما هو رأيكم جزاكم الله خيراً؟
عليك أن تصرف على الوالدين، والأولاد إذا كان الوالدين عاجزين لا يستطيعان الكسب، والنفقة على أنفسهما من مالهما، فتقسم ما لديك، وما تحصل بين الجميع حسب طاقتك بين أولادك، وأبويك، ونفسك، وزوجتك حسب الطاقة، وعلى أخويك أن يساعداك في هذا، يلزمهما أن يساعداك في نفقة والديهما إذا كانا يستطيعان ذلك (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ) (16) سورة التغابن. ونفقة أولادك، وأبويك إذا كانا عاجزين عليك، وهكذا زوجتك، وعلى أخويك أن يساعداك إذا كان يستطيعان من مالهما، أو من كسبهما، وهذا واجب هذا من بر الوالدين، الواجب على الأولاد، ويكون التوزيع على حسب الطاقة، توزيع ما لديك يصنع به الطعام للجميع، وتشتري كسوة للجميع حسب طاقتك (فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ). يسأل عن أخيه الذي لم يساعده في الصرف على الوالدين؟ إن شاء رفع أمره إلى الحاكم، وإن شاء صبر، إن شئت رفعت أمره إلى الحاكم حتى يلزمه إذا كان يستطيع، أما إذا كان عاجزاً، فليس لك العدوان عليه. جزاكم الله خيراً  
 
8- أسألكم عن فضيلة السواك، هل هي قبل الوضوء، أم بعد الوضوء؟
السواك يشرع استعماله عند الوضوء في أول الوضوء، وفي أول الصلاة، هذه السنة، عند المضمضة، وعند الإحرام.  
 
9- إذا سافرت في شهر رمضان إلى منطقة يباح لي الإفطار فيها، وأمضيت مدة عشرين يوماً في ذلكم السفر، كيف تنصحونني إذا أردت القضاء؟ جزاكم الله خيراً
تقضي إن شئت متتابعاً، وإن شئت مفرقاً، والحمد لله، تقضي ما أفطرت سواءٌ كان ذلك متتابعاً، أو مفرقاً، الأمر في هذا واسع، والحمد لله، إن تابعت فهو أفضل، وإن فرقت فلا حرج. ماذا لو أخر إذا جاء رمضان آخر سماحة الشيخ؟ لا يؤخر إلى رمضان آخر، الواجب أن يقضي قبل رمضان، فلو أخر بغير عذر عليه القضاء، والتوبة، وعليه إطعام مسكين عن كل يوم زيادة نصف صاع عن كل يوم، مع التوبة، مع القضاء. جزاكم الله خيراً  
 
10- مشكلتي في علاقتي بالناس، فهناك من أرتاح إليهم، وأجالسهم، وأجد فيهم الصديق، والرفيق، وأشعر بالارتياح لوجودي معهم، وهؤلاء قلة، وهناك قسم آخر ممن أعرف لا أطيق الجلوس معهم، ولا التحدث إليهم، ولا أرتاح لهم أبداً، وأجد بأن طبعي لا يوافق طبعهم، وأحياناً اضطر إلى البقاء معهم والحديث إليهم والتعامل معهم لارتباطي معهم بقرابة أو في عمل أو غير ذلك مما يضطرني للمجاملة معهم وإظهار البشاشة والارتياح غصباً عني، وأحس أثناء وجودي معهم أنني بحاجة إلى التكلف في الكلام والمعاملة وهذا لا أجيده مما يزيدني نفوراً وبعداً عنهم وعدم ارتياح نحوهم ولهذا أصبحت أفضل تجنب كل من لا أرتاح إليه بقدر الإمكان، وهذا يؤدي إلى العزلة نوعاً ما، علماً بأنني في حالة العزلة وبقائي لوحدي أحس بالراحة وأستفيد من وقتي في تلاوة القرآن وقراءة الكتب النافعة؟
عليك أن تعمل ما هو أصلح لقلبك، وأن تختار الأصحاب والجلساء الطيبين، وأما الذين تنفر منهم، ولا تلائمك طبائعهم، ولا تأنس بالجلوس معهم، فابتعد عنهم، واختر لنفسك ما هو أصلح، ولو بالجلوس في بيتك لقراءة القرآن، والتسبيح، والتهليل، ونحو ذلك، المؤمن يحاسب نفسه، ويجاهدها في صحبة الأخيار، والبعد عن الأشرار، وفي اختيار الوقت الفاضل، والصاحب الفاضل، أنت تجاهد نفسك فيما تراه أصلح لدينك، وأسلم لدينك، فتصحب الأخيار، وتصبر عليهم حتى تستفيد منهم، وتبتعد عن الأشرار، ولو كانوا من الأقارب حتى لا يضرك الجلوس معهم، ولا تحمِّل نفسك ما لا تطيق. أما إن كنت لا ترغب في الجلوس مع الأخيار، فهذا مرضٌ في قلبك، إذا كانوا طيبين أهل دين تجاهد نفسك حتى تبقى معهم، وتستفيد منهم، ولو نفرت نفسك منهم لما فيها من مرض المعصية، لا تبالي بذلك، عليك بصحبة الأخيار، والصبر عليهم، والاستفادة منهم، ولو كنت تحس بشيء من الكلفة والشدة؛ لأن صحبة الأخيار لا تأتي إلا بالخير، أما صحبة الأشرار، فإنها وسيلة في الشر العظيم، فالحاصل أنك تحكم الشرع المطهر فيما هو أصلح لقلبك، وأنفع لدينك في الجلساء، وغير الجلساء، فتجلس مع الطيبين، ومع الأخيار، ومع من تنفعك مجالستهم، وتبتعد عمن يضرك الجلوس معهم من أقارب، أو غيرهم، وبيتك خيرٌ لك من الجلوس من يضرك، ومن لا تطيق البقاء معه؛ لسوء أفعاله، أو سوء أخلاقه، أو سوء تصرفه، نسأل الله للجميع التوفيق. جزاكم الله خيراً  
 
11- سمعت بحديث من ضمن ما قاله -صلى الله عليه وسلم-: (الصبر عن الصدمة الأولى)، فما معنى ذلك؟
هذا حديث صحيح، أنه رأى امرأة تبكي صبياً فنصحها، فقالت: إليك عني فإنك لم تصب بمثل مصيبتي، فلما أُخبرت أنه الرسول -صلى الله عليه وسلم- ذهبت إليه في بيته، فلم تجد عند بابه بواباً، فاستأذنت عليه، وأخبرت أنها لم تعرفه، فقال لها -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الصبر عند الصدمة الأولى)، يعني الصبر الذي فيه الثواب، والأجر هو ما يحصل عند أول المصيبة من موت قريب، أو مرض، أو مفاجأة بشيء يضر الإنسان يصبر، ويحتسب، ولا يجزع، ولا يتكلم بسوء، ولا يفعل ما لا ينبغي عند الصدمة الأولى، فيثاب على ذلك، أما إذا فعل ما لا ينبغي، ثم صبر بعد ذلك هذا ما ينفع، الصبر لا بد منه سوف يقع، سوف يتسلى بعد ذلك إذا طالت المدة كصبر البهائم هذا لا ينفع، الصبر الذي فيه الأجر العظيم عند الصدمة الأولى، عند أول ما تنزل به المصيبة من موت، أو غيره يتحمل، ولا يجزع، ولا ينح، ولا ينتف شعراً، ولا يشق ثوباً، ولا يرفع صوته بالنياحة، هكذا يكون الصبر، بل يتحمل، يسأل ربه التوفيق، ويقول: إنا لله وإنا إليه راجعون قدر الله وما شاء فعل، ولا يجزع، ولا يفعل ما لا ينبغي، ولا يقل ما لا ينبغي. جزاكم الله خيراً  
 
12- أقرأ في القرآن الكثير من الآيات التي تحث على التوكل على الله، أسأل: كيف يكون هذا التوكل في حياتنا، مع رجاء ضرب أمثلة لذلك؟
التوكل من أهم الواجبات على المؤمن، والله يقول -سبحانه-: (وَعَلَى اللّهِ فَتَوَكَّلُواْ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) (23) سورة المائدة. ويقول -سبحانه-: (وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ) (3) سورة الطلاق. ويقول -جل وعلا-: (وَعَلَى اللّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُتَوَكِّلُونَ) (12) سورة إبراهيم. فالتوكل من أهم العبادات، ومن أوجب العبادات، وهو التفويض إلى الله والاعتماد عليه، والثقة به -سبحانه- مع تعاطي الأسباب، تعلم أنه مسبب الأسباب، وأنه مصرف الأمور، وأن كل شيء بيده -جل وعلا-، لا مانع لما أعطى، ولا معطي لما منع، هو النافع الضار، هو المعطي المانع، ولكنك مع هذا تأخذ بالأسباب، تأخذ بالأسباب التي تفيدك، فتأكل عند الجوع، وتشرب عند الظمأ وتتزوج، وتكسب الكسب الحلال بالبيع، والشراء، أو بغير ذلك لا تعطل الأسباب، وأنت مع هذا متوكل على الله تعلم أنه لن يصيبك إلا ما قدر الله لك، وأنك لا تنجح إلا بتوفيقه، وتيسيره -سبحانه وتعالى-، فتأخذ بالأسباب وتعمل بالأسباب مع الثقة بالله، والاعتماد عليه، فتعالج المريض، وأنت متوكل على الله تعلم أنه هو الذي يشفي المريض تعالجه تذهب به إلى الطبيب تفعل ما قال الطبيب من إعطائه دواء، أو كيه، أو حميته، أو ما أشبه ذلك، تبيع، وتشتري، وأنت متوكل على الله، تعلم أنه لن يحصل لك إلا ما كتب الله لك، تؤجر ما عندك من العمارات على من يرغبها منك؛ لتنتفع بالأجرة، تسقي حرثك تسقي دوابك تعلفها حتى تستفيد منها، وأنت متوكل على الله في كل شيء، يعني تأخذ بالأسباب في كل شيء مع الثقة بالله، والاعتماد عليه، وأنه هو مسبب الأمور ومصرفها، وهو النافع الضار المعطي المانع، وأنت إنما تفعل الأسباب المأمور بها، كما أنك تسافر إلى حاجات إلى الحج إلى العمرة إلى التجارة أخذاً بالأسباب، وأنت تعلم أن الله -سبحانه- هو المسبب، وهو الذي بيده إيصالك إلى الحج، وبيده إعانتك على أداء مناسك الحج، وبيده إعانتك على مقاصد التجارة، والرجوع من السفر، وإلى غير ذلك. جزاكم الله خيراً.. 
 
13-   رجل لم يكن ملتزماً بأحكام الإسلام، طلق امرأته مرات كثيرة، وهو ذو أولاد وبنات، ولا تزال في عصمته، وهو الآن تاب إلى الله، ورجع إلى التمسك بالإسلام، فما هو حكم طلقاته تلك، وهو لم يكن متمسكاً بتعاليم الإسلام؟
يقول الله -سبحانه وتعالى-: (وَأَحْسِنُوَاْ إِنَّ اللّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ) (195) سورة البقرة. ويقول -جل وعلا-: (إِنَّ اللّهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَواْ وَّالَّذِينَ هُم مُّحْسِنُونَ) (128) سورة النحل. فالإحسان هو أداء الواجبات، وترك المحرمات، والاجتهاد في أنواع الخير زيادة على ذلك من الصدقة على الفقير، ومواساة المحتاج، والإعانة على الخير، وعيادة المريض، والشفاعة في حق المظلوم، ونصره، وردع الظالم، وتشميت العاطس، ورد السلام، والبدأة بالسلام، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، الدعوة إلى الله، تعليم الناس الخير هكذا، أهل الإحسان هم الذين يؤدون الواجبات، وينتهون عن المحرمات، ومع ذلك يجتهدون في وجوه الخير من أفعال الخير التي لا تجب عليهم يجتهدون فيها حتى يستوفوا منها الخير الكثير كما في الحديث يقول -صلى الله عليه وسلم- لما سئل عن الإحسان، قال: (أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك)، فالمحسن يعبد الله كأنه يراه كأنه يشاهده، فإن لم يستحضر هذه الدرجة عمل على أن الله يراقبه، وأن الله -سبحانه وتعالى- يطلع على أعماله، ويستحضر هذه المشاهدة يستحضرها حتى يكون ذلك أشجع له على فعل الخيرات، والمسارعة إلى الطاعات، والكف عن المحرمات، والعناية بالواجبات، هكذا المحسن، يحرص على كل خير من واجب، ومستحب، ويتباعد عن كل شر، وعن كل ما ينبغي تركه، ولو كان غير محرم. جزاكم الله خيراً  
 
14- البعض من النساء تصوم في فترة حيضها خاصةً في رمضان؛ لجهل، أو لغيره، فأرجو من سماحتكم التكرم ببيان ما يحرم على الحائض، وما يجب عليها عند انتهاء مدة حيضتها؟ جزاكم الله خيراً.
الحائض لا تصوم، ولا يصح منها الصوم، صومها باطل، ولا يجوز لها نية الصوم، وإذا فعلت ذلك فعليها التوبة إلى الله من ذلك والندم، والعزم أن لا تعود في ذلك، وعليها قضاء الأيام التي وقع فيها الحيض من رمضان عليها أن تقضيها؛ لأن صومها غير صحيح، والحائض عليها إذا رأت الدم أن تدع الصلاة، وتدع الصيام، وأن لا يقربها زوجها بالجماع، وأن لا تمس المصحف، وأن لا تطوف إن كانت في مكة للحج والعمرة حتى تطهر، ومتى طهرت تغتسل غسل جنابة، تغتسل بالماء في بدنها كله، ثم بعد الغسل تباح لزوجها، وتصلي مع الناس، وتصوم مع الناس؛ لأن الحيض انتهى، كل هذا مما يتعلق بالحائض، وإذا كانت في حج، أو عمرة لا تطوف حتى تطهر، ولا بأس أن تلبي، وتذكر الله، وتسبح وتهلل، وتقف مع الناس في عرفات، وترمي الجمار، وتقف معهم في مزدلفة، ولو كانت حائضاً لكن لا تطوف حتى تطهر. واختلف العلماء هل تقرأ، أو ما تقرأ؟ الصواب أن لها أن تقرأ عن ظهر قلب لا تمس المصحف، ولكن تقرأ من محفوظها عن ظهر قلبها؛ لأن مدتها تطول، فعليها مشقة في ترك القراءة، وقد تنسى ما حفظت، بخلاف الجنب، فإنه لا يقرأ حتى يغتسل، الجنب لا يقرأ حتى يغتسل، أما الحائض، والنفساء، فالصواب أنهم تقرءان لا بأس لكن مما في صدره عن ظهر قلب، لا تقرأ من المصحف، ولو احتاجت إلى المصحف جاز لها مسه من دون حائل، لمراجعة بعض الآيات يكون في يدها قفازان، أو شبه قفازين حتى لا تباشر المصحف، وقت طلب الآية، أو الآيات التي تحتاج إلى مراجعتها، أو تستعين بمن تشاء من أخواتها حتى يراجعن لها المصحف مما أشكل عليها، أو غلطت فيه.

510 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply