حلقة 772: الحكم إذا عرض مرض أو حيض لمن بدأ بصيام الكفارة - حلف إذا فاتته صلاة صام ثلاثة أيام - معنى وما أنت أعلم به مني - يجب ألا يعتمد الإنسان على عقله بل يعتمد على النصوص - نصيحة لمن يسمون بأصحاب المدرسة العقلية

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

21 / 49 محاضرة

حلقة 772: الحكم إذا عرض مرض أو حيض لمن بدأ بصيام الكفارة - حلف إذا فاتته صلاة صام ثلاثة أيام - معنى وما أنت أعلم به مني - يجب ألا يعتمد الإنسان على عقله بل يعتمد على النصوص - نصيحة لمن يسمون بأصحاب المدرسة العقلية

1- عندما يصوم شخص ما شهرين متتابعين كفارة عن خطيئة ارتكبها، هل له عذر عند مرضه أو سفره، مع الدليل في القرآن والسنة؟ جزاكم الله خيراً

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله ، وصلى الله وسلم على رسول الله ، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعـد: فقد ذكر جمع من أهل العلم - رحمة الله عليهم - أن المسلم إذا كان عليه صوم شهرين ، لكونه ظاهر من زوجته ، أو لكونه جامعها في رمضان ، أو لكونه قتل نفساً خطئاً ، فإن عليه أن يتابع هذين الشهرين ، ستين يوماً. فإن عرض له عارض من مرض منعه الصوم لم ينقطع التتابع في أصح قولي العلماء ، وهكذا المرأة إذا حاضت لم ينقطع الصوم، ولكنها تأتي بعدد الأيام التي أفطرت فيها عن الحيض بعد طهرها حتى تكمل ستين يوماً متتابعة بإسقاط أيام الحيض ؛ لأنها معذورة ، وهكذا بإسقاط أيام المرض للرجل والمرآة جميعاً ، وهكذا السفر إذا كان سافر لحاجة، لا للتحيل، إن كان للتحيل للفطر فلا يجوز، لأن الحيلة في الشرع، الحيل التي تبطل أحكام الشرع لا تجوز، وفي الحديث عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال عليه الصلاة والسلام : (لا ترتكبوا ما ارتكبت اليهود فتستحلوا محارم الله بأدنى الحيل). أما إذا عرض سفر حال لحاجة فإنه لا يقطع التتابع على الصحيح، لأنه عذر شرعي، فكل ما يكون عذراً شرعياً فإنه لا يقطع التتابع سواء كان من المرأة أو من الرجل ، لابد من ستين يوماً متتابعة مغتفر فيها ما يقع من العذر الشرعي.  

 

2- أنا حلفت وقلت: والله وبالله وتالله لا يفوت مني صلاة واحدة من الصلوات المفروضة إلا أصوم ثلاثة أيام كفارة، أو انتقاماً لنفسي جزاء إهمالي، وحتى الآن قرابة مائتي صلاة مفروضة لمدة أربعة أعوام أو خمسة أعوام تقريباً، وصارت عدد أيام الصوم ستمائة يوم، السؤال: هل يجب علي أن أصوم ستمائة يوم كاملاً، أو ثلاثة أيام فقط لكفارة يميني؟ علماً بأني قلت: أصوم عند فوات كل صلاة ثلاثة أيام ما دمت حياً، أفيدوني أفادكم الله!
هذه الأيمان لا يلزمك الوفاء بها ، ولك أن تكفر كفارة اليمين عن كل صلاةٍ فوتها بإطعام عشرة مساكين ، أو كسوتهم ، لقول الله - جل وعلا - : لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلاَثَةِ أَيَّامٍ [(89) سورة المائدة]. فما دمت تستطيع الكفارة بالإطعام والكسوة ، أو العتق يكفي والحمد لله عن كل صلاة ، كفارة مقدارها إطعام عشرة مساكين، ولا يلزمك الصوم، بل الكفارة كافية ، والحمد لله ، فإن صمت أجزأ الصوم. المقدم: هل يتفضل سماحة الشيخ بنصحه حول الاهتمام بالصلوات؟ الشيخ: نعم، الواجب عليك - يا عبد الله - تقوى الله ، وأن تجتهد في المحافظة على الصلوات في أوقاتها مع الجماعة، وأن تحذر طاعة الهوى والشيطان ، وجلساء السوء، والله - سبحانه - يقول: حَافِظُواْ عَلَى الصَّلَوَاتِ والصَّلاَةِ الْوُسْطَى [(238) سورة البقرة]. ويقول جل وعلا: وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ * الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ [سورة المؤمنون(9 - 11)]. ويقول سبحانه في سورة المعارج : وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ * أُوْلَئِكَ فِي جَنَّاتٍ مُّكْرَمُونَ [سورة المعارج (35) (34)]. وهي عمود الإسلام ، يجب أن تحافظ عليها في أوقاتها ، وفي الجماعة. وثبت عنه - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: (الصلاة من حافظ عليها كانت له نورا وبرهانا ونجاةً يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له نور ولا برهان ولا نجاة ، وكان يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون وأبي بن خلف) نعوذ بالله من حاله. قال بعض أهل العلم - رحمهم الله -: إنما يحشر من ضيع الصلاة مع هؤلاء ؛ لأنه إن ضيعها بسبب الملك والولاية والرياسة شابه فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب الوزارة والوظيفة شابه هامان وزير فرعون فيحشر معه إلى النار يوم القيامة، وإن ضيعها بسبب المال والشهوات شابه قارون الذي أعطاه الله أنواع المال فتكبر بسبب ذلك ، وبغى ، ولم يقبل الحق ، فخسف الله به وبداره الأرض - نسأل الله العافية -، وإن ضيعها بسبب التجارات والمعاملات ، والبيع والشراء شابه أبي بن خلف تاجر أهل مكة في عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - فيحشر معه إلى النار يوم القيامة. وأبي هذا مات كافراً ، قتل كافراً ، قتله النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد بنفسه - عليه الصلاة والسلام - ، وقتل أخو أمية بن خلف في يوم بدر مع الكفار. فهذا الحديث العظيم وما جاء فيما معناه مع الآيات الكريمات كلها تدل على وجوب المحافظة على الصلوات ، والعناية بها ، والحذر من مشابهة المنافقين المتكاسلين عنها ، والذين قال الله في حقهم : إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً * مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَؤُلاء وَلاَ إِلَى هَؤُلاء [سورة النساء(142)(143)]. ما عندهم دين ثابت. وقال في حقهم سبحانه: إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَن تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا [(145) سورة النساء]. نسأل الله العافية.   
 
3- في حديث لرسول الله - صلى الله عليه وسلم - في التحيات، يقول: (قولوا في آخرها: اللهم اغفر لي ما قدمت وما أخرت، وما أسررت وما أعلنت، وما أسرفت ، وما أنت أعلم به مني، أنت المقدم وأنت المؤخر، لا إله إلا أنت). أخونا يقول: أنا أعلم ذنوبي ما قدمت وما أخرت بصورة عامة، وما أعلنت وما أسررت وما أسرفت، ولكن لا أعرف قصد الرسول صلى الله عليه وسلم من قوله: (وما أنت أعلم به مني)، وجهوني وصححوا مفاهيمي، جزاكم الله خيراً!
هذا الحديث صحيح رواه مسلم في صحيحه من حديث علي - رضي الله عنه -، والمعنى واضح؛ لأن الإنسان مهما بلغ من العلم والذكر والفطنة تفوته أشياء ، وينسى أشياء ، ويجهل أشياء ، والله يعلمها - سبحانه - لا تخفى عليه خافية - جل وعلا - ، والمؤمن يدعو بهذا الدعاء الجامع ، فإنه يشمل ما علمه العبد وما لم يعلمه (وما أنت أعلم به مني) حتى يكون دعاؤه شاملاً لجميع سيئاته التي علمها والتي لم يعلمها، فقد يكون اغتاب أحداً ونسي، قد يكون تكاسل عن صلاة ونسي، قد يكون كذب في معاملة ونسي، قد يكون خالف في أمانة ونسي. وقول السائل أنه يعمل ذنوبه ليس بصحيح ، فإن الإنسان محل النسيان والجهل ، ومع طول الزمان ينسى كثيراً، فقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (وما أنت أعلم به مني) كلام محكم عظيم؛ لأن العبد محل النسيان ومحل الجهل ، مهما بلغ حفظه ومهما بلغ ذكاؤه ، فإنه يفوته أشياء من سيئاته وأخطائه ينساها ، وقد يجهلها أيضاً ، قد يحسب أنها حق ، يحسب أنها هدى ، وليست ذلك. فالحديث يشمل هذا كله، يشمل ما أخطأ فيه يحسب أنه حق وهو معصية، ويشمل ما فعله من الذنوب وقد نسيه بسبب مشاغله ، أو قدم العهد. فالأمر واضح ، وقولك : أنك تعلم سيئاتك ليس بصحيح ، قد يفوتك أشياء تنساها، وأشياء تجهلها، وأنت في أيامك ولياليك تعمل وتكدح ، وتتكلم ومن يحصي كلامك وأفعالك إلا الله - سبحانه وتعالى -، وكم من زلةٍ تزل بها على زوجتك ؟، وعلى ولدك ، وعلى أهل بيتك ، وعلى خادمك ؟، وكم من زلةٍ تزل بها على جيرانك وجلسائك ؟، وكم من زلةٍ تزل بها على الناس في عرض الحديث من غيبةٍ ونميمةٍ وغير ذلك؟ وكم من معصية تفعلها وأنت لا تشعر أو تنساها فيما يتعلق بالصلاة أو الزكاة أو الصيام أو الحج أو بر الوالدين أو صلة الرحم أو حق الجار أو غير ذلك. 
 
4- إذاً الذين يعتمدون على عقولهم في فهم كثير من قضايا الدين يعدون من المخطئين سماحة الشيخ؟
الشيخ: نعم، يجب أن لا يعتمد على عقله ، بل يدرس النصوص ، ويعتمد النصوص من كلام الله وكلام رسوله ؛ لأن فيه الهدى ، وفيه التوجيه إلى الخير، والعقل يخطئ ويصيب ، والفرق المخالفة لأهل السنة هلكوا بأسباب عقولهم، ظنوا أن عقولهم جيدة وأنها مصيبة فخالفوا النصوص بأسباب عقولهم الكاسدة التي ظنوها صحيحة، وما الذي أوقع الجهمية في نفي الصفات والأسماء ، والجبر إلا عقولهم الفاسدة؟! وما الذي أوقع المعتزلة في نفي الصفات ، وتخليد العصاة في النار إلا عقولهم الفاسدة ؟! وهكذا أتباعهم ممن قال بهذا القول، وما الذي أوقع الخوارج في تكفير الناس بالذنوب والقول بأن العاصي كافر ، وأنه مخلد في النار إلا عقولهم الفاسدة ؟ ! وهكذا غيرهم من البدع، عقولهم التي اعتمدوا عليها هي التي أهلكتهم ؛ لأنهم ظنوها سليمة ، وظنوها صحيحة ، وظنوها جيدة معصومة وهي ليست كذلك ، بل هي غير معصومة، تخطي كثيرا، ولكن أحسنوا فيها الظن ، وأساؤوا الظن بالنصوص فهلكوا ، والواجب حسن الظن بالنصوص وإساءة الظن بالعقول ، وأن تخضع العقول للنصوص، النصوص معصومة إذا ثبتت أسانيدها ، وأما العقول فغير معصومة، الإنسان محل الخطأ ومحل التقصير ومحل الهوى، وأما الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما يبلغه عن الله فهو معصوم بإجماع المسلمين، وهكذا القرآن معصوم ، كلام الله - عز وجل -، فالواجب أن يحكم القرآن والسنة في عقلك ، وأن يقدم القرآن والسنة على عقلك ، وعلى عقل شيخك ومشايخك ، وآباءك وأسلافك ، والناس كلهم، فالنصوص مقدمة على جميع العقول.      
 
5- هناك مدرسة وسمها أصحابها بالمدرسة العقلية، بما تنصحون المنتسبين إلى هذه المدرسة؟
أنصحهم بأن يعرضوا عقولهم على النصوص ، فما وافق النصوص فهو الصواب وما خالفها فهو الخطأ، أما عقولهم لا تكون هي الأساس، يجب أن تكون النصوص هي الأساس ، وعليها تعرض آراء الناس ، وعقول الناس ، وأفكارهم ، وفتواهم ، ودعواهم ، وما وافق الكتاب والسنة فهو الحق وما خالفهما فهو الباطل ، ويستعين بالله أيضاً ثم بأهل الفكر والنظر والبصيرة ، ويتعاون معهم، والله يقول - سبحانه - في كتابه العظيم : فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. ما قال ردوه إلى رأي فلان أو عقل فلان، عقل أبي بكر و إلا عقل عمر، وهم أفضل الناس بعد الأنبياء ، ولا قال ردوه إلى عقل الصحابة ولا عقل من غير فلان، قال : فردوه إلى الله والرسول. إلى الله إلى القرآن، وإلى الرسول إلى نفسه - صلى الله عليه وسلم - في حياته وإلى سنته بعد وفاته. وقال في الآية الأخرى: وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ [(10) سورة الشورى]. ما قال إلى فلان ، أو فلان ، أو القبيلة الفلانية ، أو أصحابي، لا، إلى الله ما قال إلى الرسول أو أصحابه، مع أن الرسول رد إليه كما تقدم، رد الحق ، لكن ما قال : إلى أصحاب الرسول، أو إلى فلان ، إنما قال : إلى الله، يعني إلى الكتاب والسنة. وقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : (من أطاعني فقد أطاع الله، ومن عصاني فقد عصى الله). هكذا جاء في الصحيحين . وقال عليه الصلاة والسلام: (كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى ) قيل : يا رسول الله : ومن يأبى ؟ قال : (من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى) رواه البخاري في الصحيح. وفي القرآن الكريم يقول الله - عز وجل -: مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ [(80) سورة النساء]. ما قال من يطع عقله أو عقل شيخه، قال : من يطع الرسول ؛ فعقول الناس كلهم يجب أن تخضع للكتاب والسنة، ولو كانوا من الصحابة والأئمة بعدهم ، لابد أن تعرض العقول والآراء والأفكار على الكتاب والسنة الصحيحة ، فما وافق الكتاب والسنة فهو المحترم وهو المقبول، وما خالفهما أو أحدهما فهو المردود. 
 
6-  الذين يقولون: إن الحديث الفلاني وإن كان صحيحاً لا يتفق مع العقل، ماذا يقول لهم سماحة الشيخ؟
يقال لهم أخطأتم، عقلكم هو الذي أخطأ ، والسنة هي المصيبة ، سواء كانت السنة متواترة أو آحادا، متى ثبت السند ، واستقام السند ، وصح عند أهل العلم ، وعند أهل النقل والبصيرة وجب الحكم فيه وإن كان ليس بمتواتر ، وإن كان من أخبار الآحاد ، وعند أهل الحديث أن الآحاد ما لم تجتمع فيه شروط المتواتر يسمونها آحاداً، قد يكون مشهوراً ، قد يكون عزيزا، قد يكون غريباً ، لكن مهما كانت الحال فالصواب أن الحديث الصحيح حجة مطلقة، ولو كان آحادا، ولو كان من طريق واحدة، وقد حكم غير واحد من أهل العلم إجماع أهل السنة على ذلك، وأن الحديث إذا استقام سنده ، واستقامت رواته، وسلم من العلة ، فإنه حجة، ولو كان بسندٍ واحد ، أو سندين ، ولو لم يتوافق في شروط المتواتر ، هذا هو الحق، وهو الذي تدل عليه الأدلة الشرعية ، مثل قوله- جل وعلا -: فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ [(59) سورة النساء]. قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ [(54) سورة النــور]. مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللّهَ [(80) سورة النساء]. وقوله جل وعلا : وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا [(7) سورة الحشر]. هذا يعم، فيعم الأخبار المتواترة والأخبار الغير متواترة، وأكثر السنة غير متواتر. المقدم: الواقع سماحة الشيخ هذه القضية تكاد تكونوا قضية العصر، ولاسيما وأن هناك بعضاً من طلبة العلم، يؤمن بهذه المدرسة الموسومة بالمدرسة العقلية، ويعرضون النصوص الشرعية كما يزعمون على عقولهم، فما وافق عقولهم أخذوا به، وما لم يكن كانوا جريئين في رده كما يقولون، لعل هناك من كلمة أخيره في هذا المقام؟ الشيخ: نسأل الله أن يهديهم، نسأل الله أن يردهم إلى الصواب، لقد أخطئوا وظلوا السبيل، فنسأل الله أن يهديهم إلى الصواب ، وأن يردهم إلى الحق، حتى يسلموا في أنفسهم ، ويسلم غيرهم من شرهم، نسأل الله أن يهديهم، لقد أخطئوا كثيراً ، وظلوا كثيرا، والعقول محل الخطأ ، ومحل النقص ، ومحل النسيان ، والعصمة لله ولكتابه ولرسوله فيما يبلغ عن الله ما هي لعقول الناس، ولو فكر إنسان في عقله لعرف أخطاء عقله فيما يتعلق بنفسه وبيته وأولاده وغير ذلك، لو فكر، لكن أكثر الناس يغتر بعقله ، ويظن أن عقله جيد ، وأنه يصيب ، وأنه يعرف يميز الصواب من الخطأ من السنة وهذا جهل كبير، في هذا جهل كبير، فإن السنة ليست تأتي بموافقة عقول الناس، تأتي بما تقتضيه حكمة الله - جل وعلا - ، وعلمه - سبحانه وبحمده - بأحوال الناس، وحكمته العظيمة في مصالحهم ، ودرء الشر عنهم. فالشرائع تأتي بما تحار فيه العقول ولكن لا تأتي بما تحيله العقول، العقول الصحيحة السليمة تخضع، ما تحيل ما جاءت به السنة، ولا ما جاء به الكتاب العزيز ، قد تحار ، ولا تعرف الحكمة ، لكن ترجع إلى الصواب، الحكمة إلى الله - جل وعلا -، إن ظهرت لك فالحمد لله و إلا فهو حكيم عليم وإن لم تعرف حكمته، فهو حكيم عليم، عليك أن تخضع لقوله وشرعه ، وإن جهلت الحكمة ، فالله - سبحانه - هو الحكيم العليم وإن أبيت، وقلت إنه ما ظهر لك الحكمة، فالله أحكم منك، وأعلم منك - سبحانه وتعالى -، وهو الحكيم العليم قطعاً ، وأنت إذا كنت مسلم تسلم بهذا، تؤمن بأنه حكيم عليم، فإن كنت مؤمناً بذلك فاخضع لهذا الشيء، وألغ عقلك إذا ثبت النص ، واعلم أن الله حكيم عليم ، وأنه أعلم منك بمصالح عباده - سبحانه وتعالى -. 
 
7-  في أي حالة يجب الأخذ بإطعام ستين مسكيناً بدل شهرين متتابعين؟
هذا في كفارة الظهار، وفي كفارة الوطء في رمضان، أما القتل فليس فيه إطعام، ليس فيه إلا العتق، فمن عجز عنه يصوم شهرين متتابعين إذا قتل خطئا، أو شبه خطأ، أما إذا جامع في رمضان عامداً فهذا عليه العتق ، فإن عجز صام شهرين متتابعين ، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، ثلاثين صاعا من الحنطة ، أو من التمر، من قوت البلد، وهكذا إذا ظاهر امرأته، قال : امرأته عليه حرام، أو كظهر أمه أو كظهر أخته، فإن عليه عتق رقبة إن تيسر ذلك، فإن عجز صام شهرين متتابعين ستين يوماً، فإن عجز أطعم ستين مسكينا، ثلاثين صاعا ، فهذه الكفارات الثلاث التي فيها الصيام، القتل، الجماع، الوطء في رمضان. القتل ليس فيه إطعام، إما عتق فإن عجز فالصوم، أما الجماع في رمضان والظهار ففيه إطعام مرتب عند العجز عن العتق والصيام، إذا عجز عن العتق والصيام عن كليهما انتقل إلى الإطعام ستين مسكينا.  
 
8-  هل أستطيع السفر من مدينة إلى مدينة لكسب الرزق أم لا، مع أني في حالة السفر أخشى على تربية زوجتي وإخواني وأولادي؟
إذا كنت تخشى فالواجب عليك أن تقيم عندهم، وأن تستقيم في بلدك ، وتطلب الرزق في بلدك ، حتى تقوم على زوجتك وأولادك ، وحتى تحسن إليهم ، وحتى تطمئن إلى سلامتهم. وفي مقامك عندهم خير كثير ومصلحة عظيمة، وأداء الأمانة، فإن اضطررت إلى السفر؛ لأن بلدك ليس فيه طلب الرزق فسافر بهم جميعاً إذا استطعت، سافر بهم جميعاً حتى تطمئن إلى سلامتهم، وإلى قيامك عليهم، فإن كان هناك من يقوم عليهم وكيلاً عنك كأبيك أو ولدك الكبير يقوم على زوجتك وعلى أولادك، وتطمئن إليه، فلا حرج، يقوم مقامك في التربية والإحسان، والحماية والصيانة.  
 
9-  إذا صليت السنة هل أقرأ التشهد الأول والأخير، أم يكفي التشهد الأول جزاكم الله خيراً؟
تقرأ التشهد الأخير، تقرأ التحيات والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - وتقرأ الدعاء، والواجب التشهد الأول مع الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، والدعاء سنة، ولكن إذا كملت وأتيت بدعاء ...... يكون أكمل، تقول : اللهم إني أعوذ بك من عذاب جهنم، ومن عذاب القبر، ومن فتنة المحيا والممات، ومن فتنة المسيح الدجال. تسأل الله من خير الدنيا والآخرة ، اللهم أعني على ذكرك وشكرك وحسن عبادتك. هذا أكمل كالفريضة، والصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ذهب بعض أهل العلم إلى أنها ركن ، وبعضهم إلى أنها واجب، وبعضهم إلى أنها سنة، فينبغي لك أن تأتي بها أيضاً، في الفريضة والنافلة، في التشهد الأخير في الفريضة ، وفي التشهد في النوافل ، وتأتي بها أيضاً في التشهد الأول مع التحيات لعموم الأحاديث في الصلاة على النبي - صلى الله عليه وسلم -.  
 
10-  هل أقساط السيارة تدخل في الربا، علماً بأن ثمن الأقساط أكثر من النقد؟
ليس في هذا ربا، السيارة وغير السيارة ، فإذا كانت الأرض تساوي مائة ألف نقداً واشتريتها بمائة وعشرين ألف بأقساط وآجال معلومة فلا ربا في هذا ، أو كانت السيارة تساوي عشرة آلاف نقداً واشتريتها بـ اثنا عشر ألف مقسطة كل شهرٍ ألف أو بأكثر من ذلك في سنين ، كل سنة كذا ، لا حرج في ذلك، هذا كله داخل في قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ [(282) سورة البقرة]. الآية.. هذه من المداينات الشرعية ولو كانت بأكثر من السعر النقدي عند جمهور أهل العلم ، وبعضهم حكاه إجماعا، ولا شك في ذلك، وهكذا غير السيارة وغير الأرض ، لو اشتريت شاةً أو بعيراً أو بقرةً تساوي ألف أو أقل أو أكثر واشتريتها بأزيد إلى آجل أو إلى آجال ، الناقة تساوي ألف اشتريتها بألف وثلاثمائة كل شهر مائة، أو البقرة تساوي ألف واشتريها بألف ومائتين كل شهر مائة أو شاة تساوي ثلاثمائة واشتريتها بأربعمائة كل شهر خمسين وما أشبه ذلك فليس فيه بأس.

383 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply