حلقة 861: هل انبعاث الروائح الكريهة من الفم من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ - حكم من يرفض دفع الزكاة - حكم من يطوف بالقبور للتبرك - هل الأشاعرة من أهل السنة؟ - خروج نار من القبر - بعض الكتب الفقهية المفيدة

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

11 / 50 محاضرة

حلقة 861: هل انبعاث الروائح الكريهة من الفم من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟ - حكم من يرفض دفع الزكاة - حكم من يطوف بالقبور للتبرك - هل الأشاعرة من أهل السنة؟ - خروج نار من القبر - بعض الكتب الفقهية المفيدة

1- إنني والحمد لله من المواظبين على حضور الجماعات بالمسجد، إلا أنه اعتراني منذ سنوات مرض أصاب حلقي، فنتج عن هذا انبعاث رائحة كريهة يتضايق منها من يقف بجانبي، وهذا يسبب لي حرجاً شديداً، ويجعلني غير خاشع في صلاتي، فأرشدوني وفقكم الله ماذا أفعل، هل هذا من الأعذار المبيحة لترك الجماعة؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فقد ثبت عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه نهى من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً أو يشهد الصلاة مع المسلمين؛ لأن ذلك يؤذي المسلمين ويؤذي الملائكة، فإذا كان هذا الذي يخرج منك له رائحة كريهة تؤذي المسلمين، وأنت لا تستطيع علاجها فلا حرج عليك في التخلف عن الجماعة، بل هذا هو المشروع لك، المشروع أن تتخلف عن الجماعة ولا تؤذ الناس، وتصلي في بيتك، إلا إن وجدت حيلة وعلاجاً لهذا الأمر الذي حصل لك، فإنه يلزمك حينئذ أن تعالج لإزالة هذه الرائحة بالدواء المباح، لعلك تسلم من شره، وتحضر الجماعة مع إخوانك، فالمقصود أن المشروع لك أن تعالج هذا الداء، حتى تزول هذا الرائحة الكريهة، فإن لم يتيسر ذلك أو عالجت ولم يحصل فائدة، وأنت تعلم أنه يؤذي من حولك فأنت معذور. إذن توصونه سماحة الشيخ بأن يبدأ بالعلاج أولاً؟ نعم، يبدأ بالعلاج ولا يصلي مع الناس مع دام يؤذيهم.  
 
2- ما حكم من يرفض دفع الزكاة ولكنه لا ينكر وجوبها، هل يكفر؟
من تأخر عن صرف الزكاة في مصارفها فقد عصى وأتى كبيرة عظيمة، ولكنه لا يكفر، إذا كان يؤمن بوجوبها ويعلم أنها فرض عليه ولكنه يحمله البخل والشح فهذه معصية كبيرة، وعلى ولي الأمر المسلم أن يلزمه بإخراجها، ويؤدبه على ذلك، وإلا فلا يكفر، لقوله -صلى الله عليه وسلم- في الذي يأتي يوم القيامة ولم يؤد زكاته أنه يعذب بماله يوم القيامة، ثم يرى سبيله إما إلى الجنة وإما إلى النار، ولم يقل إنه من أهل النار بتاتاً قطعاً، فدل ذلك على أنه تحت مشيئة الله كسائر أهل المعاصي.  
 
3- ما حكم من يطوف بالقبور للتبرك، ولا يدعوا أصحابها من دون الله؟ وهل يعذر بالجهل أم لا؟
إذا طاف بالقبور يتقرب إلى الميت ويرجو شفاعته عند الله بذلك هذا كفر أكبر، مثل إذا دعاه واستغاث به، أما إذا طاف يحسب أن هذا مشروع، وأنه يتقرب إلى الله لا إلى الميت يحسب أنه مشروع فهذا من الكبائر ومن البدع العظيمة، والواجب تعليمه حتى يبتعد عن هذا الأمر، والغالب على عباد القبور التقرب لأهلها بالطواف والدعاء والاستغاثة، وهذا هو الشرك الأكبر نعوذ بالله، هذه عبادة المشركين، وهذه حالهم، يتصرفون هذا التصرف حول القبور يرجون شفاعة أهلها عند الله، وهذا هو الشرك الأكبر، يقولون: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ[يونس: 18]، فلم يعذرهم الله -سبحانه- بل قال: قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ[يونس: 18]، فسماه شركاً، وقال في سورة الزمر في حق عباد غير الله: وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، ثم قال سبحانه: إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ[الزمر: 3]، سماهم الله كذبة كفرة، لقولهم: مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى[الزمر: 3]، فهم كذبة في قولهم: أنها تقربنا إلى الله زلفى، وهم كفرة بهذه الفعل، بدعائهم إياهم والاستغاثة بهم ونذرهم لهم وذبحهم لهم وطوافهم بقبورهم، والتقرب إليهم إلى غير هذا من العبادات، كله كفر بالله، وكله شرك أكبر نعوذ بالله، ومن كان بين المسلمين لا يعذر بالجهالة، بل هو مشرك لأن عليه أن يسأل ويتبصر، أما إذا كان في بلاد لا يبلغها الإسلام، ولم يبلغها الإسلام فهو كسائر أهل الفترات الذين لم يبلغهم الدعوة، هؤلاء أمرهم إلى الله يوم القيامة، والصواب فيهم أنهم يمتحنون يوم القيامة، وأن يؤمروا بشيء، فإن أجابوا دخلوا الجنة وإن عصوا دخلوا النار، ولكنهم في أحكام الدنيا يعاملون معاملة الكفرة لا يصلى عليهم، ولا يغسلون إذا ماتوا على الكفر بالله، وعلى عبادة الأصنام والأوثان، أما إذا كانوا بين المسلمين يسمعون القرآن ويسمعون السنة فهؤلاء لا يعذرون، بل هم كفار بهذا العمل نعوذ بالله ويعاملون معاملة الكفرة.  
 
4- ما حكم من يقول: أسألك بجاه فلان، أو حق فلان، هل يكون كفراً أم لا؟
السؤال بالجاه والحق ليس بكفر، ولكنه وسيلة من وسائل الكفر، فإذا قال: أسألك يا رب بجاه فلان، بجاه الأنبياء، بجاه محمد، بحق الأنبياء، بحق محمد، أو بحق فلان، هذا من الوسائل، من وسائل الشرك، بدعة ولا يجوز، لعدم الدليل عليه، والعبادات توقيفية، لا يجوز إلا ما أجازه الشرع، والله -سبحانه- قال: وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا[الأعراف: 180]، فهو يدعى بأسمائه يتوسل بالإيمان، كما قال تعالى: رَبَّنَا إِنَّنَا سَمِعْنَا مُنَادِياً يُنَادِي لِلْإِيمَانِ أَنْ آمِنُوا بِرَبِّكُمْ فَآمَنَّا[آل عمران: 193] فالتوسل بالإيمان اللهم إني أسألك بإيماني بك، بمحبتي لك، بمحبتي لنبيك، هذا طيب، لأن هذه أعمال صالحة، يتوسل بها إلى الله، وهكذا أهل الغار الذين انطبقت عليهم الصخرة، لما أواهم المبيت إلى الغار، وأواهم المطر أيضاً مع المبيت انحدرت صخرة من فوق جبل فسدت عليهم باب الغار، فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- أنهم قالوا فيما بينهم لن ينجيكم من هذا إلا أن تدعوا الله بصالح أعمالكم، فتوسلوا إلى الله بصالح أعمالهم أحدهم توسل ببره لوالديه والثاني توسل بعفته عن الزنا، والثالث توسل إلى الله بأدائه الأمانة، ففرج الله عنهم -سبحانه وتعالى-، فالمقصود أن التوسل إلى الله يكون بأسمائه الحسنى، وبالإيمان ومحبة الله ورسوله، ويكون بالأعمال الصالحة، هذه الوسيلة الشرعية، أما التوسل بجاه فلان، أو حق فلان، هذه بدعة لا تجوز.  
 
5- هل الأشاعرة من أهل السنة؟ أرجو التوضيح.
الأشاعرة عندهم أشياء خالفوا فيها أهل السنة؛ من تأويل بعض الصفات، فهم في باب التأويل ليسوا من أهل السنة، لأن أهل السنة لا يؤولون، وهذا غلط من الأشاعرة ومنكر، لكنهم من أهل السنة في المسائل الأخرى التي وافقوا فيها أهل السنة، والواجب على المؤمن هو طريق أهل السنة والجماعة، وهو الإيمان بأسماء الله كلها وصفاته الواردة في القرآن الكريم، وهكذا الثابتة في السنة، يجب الإيمان بها وإمرارها كما جاءت، بغير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل ولا تأويل، بل يجب أن تمر كما جاءت مع الإيمان بها، على الوجه اللائق بالله -سبحانه وتعالى-، ليس فيها تشبيه لأحد، يقول سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ[الإخلاص:1-4]، ويقول سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11]، فالواجب أن تمر أسماؤه وصفاته كما جاءت، من غير تحريف ولا تأويل ولا تعطيل ولا تكييف، الرحيم والعزيز والقدير وهكذا سائر الأسماء والصفات، وهكذا قوله: وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ[آل عمران: 54]، وقوله سبحانه: يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ[النساء: 142]، إِنَّهُمْ يَكِيدُونَ كَيْداً * وَأَكِيدُ كَيْداً[الطارق:15-16]، كل هذه الصفات تليق بالله على الوجه اللائق به -سبحانه وتعالى-، لا يشابه كيد المخلوقين ولا مكرهم ولا خداعهم، فهو شيء يليق بالله -سبحانه وتعالى- لا يشابه خلقه سبحانه في ذلك، وهكذا قوله في الحديث الصحيح: (من تقرب إلي شبراً تقربت إليه ذراعاً، ومن تقرب إلي ذراعاً تقربت إليه باعاً، ومن أتاني يمشي أتيته هرولة)، كل هذه الصفات تليق بالله، يجب الإيمان بها وإثباتها لله على الوجه اللائق بالله، تقرب يليق بالله، وهرولة تليق بالله، ليس فيها مشابهة الخلق، تقربه وهرولته شيء يليق به، لا يشابه صفات المخلوقين -سبحانه وتعالى-، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ[الشورى: 11]، وهكذا قوله في الحث على الأعمال الصالحة وأن الله -جل وعلا- لا يمل حتى تملوا، ملل يليق بالله لا يشابه صفات المخلوقين، فالمخلوقين نقص وضعف، أما صفات الله فهي تليق به لا يشابه خلقه وليس فيها نقص ولا عيب، بل هي صفات كمال تليق بالله -سبحانه وتعالى- لا يشابه خلقه -جل وعلا-.  
 
6- لو تكرمتم سماحة الشيخ دلوني على الكتب الفقهية التي أستفيد منها في ديني ودنياي؟
نعم، كتب الفقه كثيرة لكن من أحسنها الحاشية لابن جاسم الشيخ عبد الرحمن بن جاسم على الروض المربع في شرح زاد المستقنع، وهي مطبوعة وموجودة ومن أحسنها، المقنع للموفق ابن قدامة عليه حاشية للشيخ سليمان بن عبد الله آل الشيخ جيدة مفيدة، ومن أحسنها العمدة للموفق مختصرة في الفقه، لعبد الله بن أحمد بن قدامة صاحب المغني، ومن أحسنها دليل الطالب وشرحه منار السبيل شرح الدليل وعليه تخريج لأخينا في الله العلامة الشيخ محمد ناصر الدين الألباني هذه كلها كتب مفيدة.  
 
7- ما هي الأيام التي يستحب صيامها غير الست من شوال؟
يستحب صيام الاثنين والخميس من كل أسبوع، كان النبي يصومهما ويقول: (إنهما يومان تعرض فيهما الأعمال على الله، وأحب أن يعرض عملي وأنا صائم)، وكذلك صيام أيام البيض: الثالث عشر، والرابع عشر، والخامس عشر، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر، ولو من غير البيض، ثلاثة أيام من كل شهر صادفت البيض أو غيرها، يستحب أن يصوم الإنسان ثلاثة أيام من كل شهر النبي أوصى بذلك جماعة من الصحابة، فصيام ثلاثة أيام من كل شهر أمر مشروع، وإذا جعلها في أيام البيض كان أفضل. وأفضل الصيام النافلة أن يصوم يوماً ويفطر يوماً، كما قال النبي لعبد الله بن عمرو: (أفضل الصيام أن تصوم يوماً وتفطر يوماً) وهذا صيام داود -عليه الصلاة والسلام- وليس هناك أفضل منه، وهكذا صيام يوم العرفة، لغير الحجاج سنة، وإن صام التسع كلها فهي أيام عظيمة فاضلة، وأفضلها يوم عرفة يصومه.  
 
8- لي أخ توفي لرحمة مولاه، وترك مجموعة من البنات، وأوصاني في حياته وهو في تمام عقله ألا أزوج بناته لأشخاص معينين؛ هم أبناء عمومتنا، حيث أنه قد صار بينهم سوء تفاهم دنيوي، وحالياً قد تقدموا إلي بطلب الزواج من البنات، لكني محتار في تلك الوصية، هل أنفذها، أم أقوم بتزويج البنات؟
إذا كانوا أهل استقامة ودين ورضي بهم البنات فزوجهم، ولا وجه للوصية، إنما الطاعة في المعروف، لو كان حياً ليس له ذلك، إذا كانوا مستقيمين والبنات يرضون بذلك فلا بأس، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا خطب إليكم من ترضون دينه وخلقه فزوجوه، إلا تفعلوه تكن فتنة في الأرض وفساد كبير)، أو قال: (عريض)، فالمقصود إذا كان الخاطب كفؤاً في دينه لا بأس به، رضيت به المرأة فلا بأس، ولو كان أبوها أوصى بعدم التزويج، لا يسمع لهذه الوصية ولا يلتف إليها.  
 
9- ما هي الأمور التي تساعد على إزالة الهموم والغموم التي تصيب المسلم، وهل يشرع أن يرقي المسلم نفسه من أجل ذلك؟
من أعظم الأسباب التي يزيل الله بها الهموم والغموم الإكثار من ذكر الله -سبحانه- والصلاة على نبيه -عليه الصلاة والسلام-، والإكثار من قراءة القرآن فإن ذلك من أسباب انشراح الصدر وزوال الهم والغم، فأكثر من ذكر الله، ومن قراءة القرآن، ومن الصلاة والسلام على رسول -عليه الصلاة والسلام-، مع الاستغفار والتوبة من المعاصي والحذر منها، احذر المعاصي كلها وتب إلى الله من سالفها، وأكثر من الاستغفار، وأبشر بالانشراح وزوال الهموم والغموم، فطاعة الله وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم- أعظم وسيلة لانشراح الصدر وزوال كل ما يضرك ويسوءك، ولا بأس أن ترقي نفسك تقرأ على نفسك الفاتحة أو آية الكرسي أو (قل هو الله أحد) والمعوذتين، أو بكلها، الرقى طيبة، كان النبي يرقي نفسه -صلى الله عليه وسلم-، كان عند النوم يجمع كفيه ويرقي نفسه، يقرأ فيهن بقل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات صلى الله عليه وسلم، ثم يمسح بهما ما أقبل من جسده، رأسه ووجهه وصدره، فإذا رقيت نفسك بما يسر الله يعني قرأت على نفسك بما يسر الله من القرآن فذلك من أحسن الأشياء، ومن ذلك الرقى بالفاتحة وآية الكرسي وقل هو الله أحد والمعوذتان كل هذا طيب، والنبي -صلى الله عليه وسلم- كلما تقدم كان يرقي نفسه بقل هو الله أحد والمعوذتين ثلاث مرات يقرؤها في كفيه، عند النوم -عليه الصلاة والسلام-، ويمسح في كل مرة ما أقبل من جسده، على رأسه ووجهه وصدره.  
 
10- أرجو أن تحدثونا عن الظلم وعاقبة من ظلم الآخرين في الإسلام؟
الظلم من أقبح الكبائر والذنوب، وعاقبته وخيمة يقول الله سبحانه في كتابه العظيم: وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذَاباً كَبِيراً[الفرقان: 19]، كما في سورة الفرقان، ويقول سبحانه: وَالظَّالِمُونَ مَا لَهُمْ مِنْ وَلِيٍّ وَلا نَصِيرٍ[الشورى: 8]، فالظلم منكر عظيم وعاقبته وخيمة، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (اتقوا الظلم فإن الظلم ظلمات يوم القيامة)، ويقول الله -عز وجل- في الحديث القدسي الذي رواه عنه النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يا عبادي! إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرماً فلا تظالموا)، فالواجب الحذر من الظلم لجميع العباد، لأهلك لزوجتك، لإخوانك لأولادك لأمك لأبيك لجيرانك لغيرهم أو لعمالك لا تظلمهم، أعطهم أجورهم كاملة، كلما انتهى شهر أعطه أجرته إذا طلب ذلك، وهكذا تعطي العامل أجره، تعطي العاملة أجرها، تعطي الطبيب أجره، تعطي من عندك حقوقهم من أولاد وغيره وزوجة وغيرها، المقصود أن تحذر الظلم في نفس أو مال أو غيره، لأي أحد من الناس، إن الله على الناس دمائهم وأموالهم وأعراضهم، فالمؤمن يحاسب نفسه ويتقي ربه، فلا يظلم أحداً من الناس، لا من قريب ولا من بعيد، لا في نفس ولا في مال ولا في عرض.  
 
11- من الجمهورية العربية السورية دمشق رسالة بعث بها أحد الإخوة رمز إلى اسمه بالحروف (ع. ي. ع) يقول: قال صلى الله عليه وسلم: (ألا إن من كان قبلكم كانوا يتخذون القبور مساجد, ألا فلا تتخذوا القبور مساجد فإني أنهاكم عن ذلك)، وله أحاديث تنهى عن بناء المساجد على القبور، وإذا وجد القبر فعلينا التسوية, والمسجد النبوي أسأل الله أن يطعمني زيارته، ولكن من زار المسجد النبوي وجد أن قبر النبي صلى الله عليه وسلم بارزاً وغير مسوىً مع الأرض ويصلى عليه أحياناً، أنا أسأل مع السائلين: هل هناك رخصة لقبر النبي صلى الله عليه وسلم فقط، وهذا غير وارد أفتونا، جزاكم الله خيراً؟
النبي صلى الله عليه وسلم دفن في بيته لئلا يفتن الناس به، الصحابة رأوا دفنه في البيت حتى لا يتخذ قبره مسجداً، هذا هو الأفضل، لكن لما وسع أمير المؤمنين في وقته الوليد بن عبد الملك في آخر المائة الأولى مسجد النبي صلى الله عليه وسلم أدخل الحجرة في المسجد، ومن ذاك الوقت دخلت في المسجد، وإلا فهو مدفون في بيته عليه الصلاة والسلام، فلا حجة فيه لأحد من الناس؛ لأنه عليه الصلاة والسلام لم يدفن في المسجد، وإنما دفن في بيته فدخلت الحجرة برمتها ,أما الناس فلا يجوز لهم أن يدفنوا في المساجد، الرسول صلى الله عليه وسلم لعن من فعل ذلك, قال: (لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد)، فلا يجوز الدفن في المساجد، ولا يجوز بناء المساجد على القبور كل هذا منكر، وقد لعن النبي صلى الله عليه وسلم من فعله، فالواجب الحذر من ذلك، أما قبر النبي صلى الله عليه وسلم فلم يدفن في المسجد بل في بيته، ولكن عند التوسعة أدخل في المسجد، وكان هذا من أخطاء الوليد يعفو الله عنه.

637 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply