حلقة 872: رفع الصوت بعد الجنازة بالذكر - الصدقة على الميت بعد مرور أربعين يوماً - صلاة التراويح للمنفرد - كفارة قتل الخطأ - العمرة للميت - حكم من فاته صيام من رمضان وهو منوم في المستشفى - وقت صلاة الليل

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 50 محاضرة

حلقة 872: رفع الصوت بعد الجنازة بالذكر - الصدقة على الميت بعد مرور أربعين يوماً - صلاة التراويح للمنفرد - كفارة قتل الخطأ - العمرة للميت - حكم من فاته صيام من رمضان وهو منوم في المستشفى - وقت صلاة الليل

1- توفي رجل ثم قام الناس بتشييعه وهم يقولون: (لا إله إلا الله محمد رسول الله) وبصوت مسموع ومرتفع، ثم قام أهل الميت بالصدقة عليه، وعندما رجع الناس من دفنه بدءوا في الأكل والشرب والضحك فيما بينهم، ما رأي سماحتكم في مثل هذه التصرفات؟

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد. فاتباع الجنازة ورفع الأصوات بالذكر أو الصلاة على النبي - صلى عليه وسلم - لا أعلم له أصلاً في الشرع، بل السنة خفض الصوت في هذه الحالة وأن الإنسان يحاسب نفسه ويتذكر مصير هذا الميت ومصيره هو أيضاً؛ لأن الموت له شأن عظيم، وذكره يحرك القلب إلى الاستعداد للقاء الله والقيام بحقه والحذر من معاصيه سبحانه وتعالى، فالمسنون لأتباع الجنازة أن يتأملوا مصير هذا الميت ومصيرهم وأن يعدوا العدة، وأن يخفضوا الأصوات تقديراً لهول الموقف وشدة الحاجة إلى الإعداد للآخرة، والتأهل للموت قبل نزوله، وأما صنع الطعام لأهل الميت فهذا فيه تفصيل، أما صنع الطعام من أجل المصيبة وجمع الناس هذا ليس من المشروع، بل من الجاهلية، أما إذا صنعوه لأجل ضيف نزل بهم، أو لأنفسهم فلا بأس، أو جاءهم طعامٌ من غيرهم؛ لأنه يسن لجيرانهم وأقاربهم أن يصنعوا لهم طعاماً؛ لأنه قد أتاه ما يشغلهم، لما ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر أهله أن يصنعوا طعاماً لأهل جعفر لما قتل في مؤتة، لما جاء خبره إلى المدينة - رضي الله عنه - جعفر بن أبي طالب، أمر أهله أن يصنعوا لأهل جعفر طعاماً، وقال إنه قد أتاهم ما يشغلهم، فإذا صنع أقارب الميت لأهل الميت طعاماً أو جيرانه فهذا مشروع وإذا دعا أهل الميت من يأكل معهم لهذا الطعام أو قدموه لضيفانهم كل هذا لا بأس به، أما رجوعهم بعد الدفن للضحك واللعب فهذا ليس بمناسب، بل الأفضل لهم أن يتدبروا الأمر ويظهر عليهم أمارات الحزن، والاستعداد، ولهذا لما مات إبراهيم بن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال عليه الصلاة والسلام: (العين تدمع، والقلب يحزن، ولا نقول إلا ما يرضي الرب، وإنا بك يا إبراهيم لمحزنون)، ولما حضر الموت ابن بنته عليه الصلاة والسلام، دعته - صلى الله عليه وسلم - فحضر، فلما رأى نفس الصبي تقعقع عند الخروج بكى، فسأله بعض الحاضرين عن ذلك، فقال: (إنها رحمة، وإنما يرحم الله من عباده الرحماء)، فالأفضل لأهل الميت أن لا يشتغلوا بالضحك واللعب، بل يقدروا الموقف ويظهر عليهم أثر الحزن مع الرضا عن الله، والاسترجاع إنا لله وإنا إليه راجعون، والصبر الاحتساب، أما مقابلة ذلك بالضحك واللعب فليس من المشروع، وليس من المناسب، بل المناسب إظهار الحزن وإظهار الدعاء للميت، والاستغفار له، وعدم إظهار اللعب والضحك ونحو ذلك مما يدل على عدم المبالاة، وفي التأسي بالنبي - صلى الله عليه وسلم - الخير والبركة فما كان - صلى الله عليه وسلم - عند الموت يظهر الضحك بل كان يظهر الحزن والبكاء ويقول إنها رحمة, وفق الله الجميع. جزاكم الله خيراً  
 
2- يقول عندما يمر على الميت أربعين يوماً يقوم أهله بالصدقة عنه، فهل هذا مشروع؟
ليس لهذا أصل، الصدقة عن الميت بعد أربعين يوم، أو بعد شهر أو أقل أو أكثر ليس له أصل، ولكن يتصدق عن الميت متى شاء، ما له حد محدود، الصدقة عن الميت تنفع الميت إذا تصدق عنه أهله أو غير أهله نفعه ذلك، أما أن يحدد ذلك بأربعين يوماً أو بشهرٍ أو بعشرة أيام هذا لا أصل له ليس له حدٌ محدود، وثبت في الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال يا رسول الله: (إن أمي ماتت ولم توصي أفلها أجر إن تصدقت عنها؟ قال النبي: نعم)، وفي الحديث الصحيح يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إذا مات ابن آدم انقطع عمله إلا من ثلاث: صدقةٍ جارية، أو علمٍ ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعوا له)، فالصدقة عن الميت والدعاء له والاستغفار له كل ذلك ينفعه، كما تنفعه الصلاة عليه والحج عنه، والعمرة عنه وقضاء دينه كل هذا ينفعه. جزاكم الله خيراً  
 
3- هل لي أن أصلي صلاة التراويح وأنا منفرد؟
صلاة التراويح في الجماعة أفضل، النبي - صلى الله عليه وسلم - صلاها بأصحابه جماعة عدةَ ليالي، ثم ترك ذلك وقال: (إني أخاف أن تفرض عليكم صلاة الليل) فلما توفي - صلى الله عليه وسلم - وانقطع الوحي، جمعهم عمر جمع الناس عمر على إمام واحد يصلي بهم في مسجد النبي - صلى الله عليه وسلم - في شهر رمضان، فقد قال عليه الصلاة والسلام: (من قام مع الإمام حتى ينصرف كتب له قيام ليلة)، فالأفضل أن تصلي مع الجماعة لأجل هذا الفضل العظيم، وإن صليت في بيتك فلا بأس؛ لأنها نافلة، لكن من صلاها مع الجماعة حصل له فضل الجماعة، وحصل له فضل قيام الليل كله إذا قام مع الإمام حتى ينصرف. جزاكم الله خيراً
 
4- وقع علينا حادث مروري في شهر رمضان أنا وأحد زملائي، ونتج عن ذلك وفاة زميلي الذي كان يرافقني، وأنا أغمي علي ولم أعلم عن وفاة زميلي رحمة الله عليه إلا بعد مرور أسبوعين، وبعدما طلعت من المستشفى ذهبت إلى أهله وطلبت السماح منهم، وكذلك طلبت السماح من خاله الأكبر حيث كان موجوداً، ثم سامحوني جزاهم الله خيراً ولم يطلبوا مني شيئاً، وكان ذلك في يوم عشرين من رمضان، وقد أفطرت عشرة أيام وأنا في المستشفى؛ لذا أرجو من سماحتكم كيف يكون الحكم بالنسبة لي؟
إذا كان موته بسببك فعليك الكفارة، بسرعة أو نعاس أو غير هذا من الأسباب التي حصل بسببها الحادث فعليك الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة، فإن لم تستطع فعليك أن تصوم شهرين متتابعين ستين يوماً، لقول الله عز وجل: وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَن يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَئًا وَمَن قَتَلَ مُؤْمِنًا خَطَئًا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ إلى أن قال سبحانه: فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللّهِ(92) سورة النساء الآية، فإذا كان أهله قد سمحوا عن الدية فجزاهم الله خيراً، أما الكفارة عليك أن تؤدي الكفارة، وهي عتق رقبة مؤمنة فمن لم يستطع صام شهرين متتابعين ستين يوماً نسأل الله لك العون والتوفيق. جزاكم الله خيراً  
 
5- هل يجوز لي أن أعتمر وأن أتصدق عن ذلكم المتوفى، أرجو توضيح المسألة وإجابتي؟
نعم، مشكور ومأجور إذا اعتمرت عنه أو تصدقت عنه، أنت مشكور مأجور؛ لأن هذا من باب الإحسان إلى أخيك تنفعه العمرة وتنفعه الصدقة ينفعه الدعاء، فأحسن إليه جزاك الله خير وأبشر بالخير، وإن كنت لم تعتمر في عمرك، ابدأ بنفسك فاعتمر ثم اعتمر عنه، وإذا كانت قد اعتمرت فيما مضى عن نفسك فالحمد لله، تعتمر عن أخيك الميت، وإذا تصدقت عنه بما يسر الله من النقود أو الطعام أو غير ذلك فكله طيب، وهكذا إذا دعوت له بالمغفرة والرحمة.
 
6- يسأل عن قضاء الصيام الذي فاته وهو منوم في المستشفى -سماحة الشيخ-؟
عليك أن تقضيه لقول الله عز وجل: وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ(185) سورة البقرة. فعليك أن تقضيه وإذا كنت لم تقضه حتى جاء رمضان الحالي في عام 1413هـ فعليك إطعام مسكين عن كل يوم مع القضاء مع الصيام جميعاً، إذا كنت أخرته من غير عذرٍ شرعي، فعليك أن تصوم الأيام التي أفطرتها بسبب المرض وعليك أن تطعم مسكيناً عن كل يوم؛ لأنك أخرتها عن رمضان الذي بعد رمضان الذي أفطرت فيه، تطعم مسكين نصف صاع عن كل يوم، كيلو ونصف تقريباً عن جميع الأيام، كل يوم تدفع عنه كيلو ونصف، يعني نصف صاع لبعض الفقراء، ولو جمعتها وأعطيتها فقيراً واحداً أجزأ ذلك والحمد لله. جزاكم الله خيراً  
 
7- ما هو الوقت المناسب لصلاة الليل، وما هو وقت الدعاء المناسب، وماذا يقول الإنسان فيه؟
أفضل الأوقات الثلث الأخير، إذا تيسر ذلك، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: (من خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أول الليل، ومن طمع أن يقوم آخر الليل فليوتر آخر الليل، فإن صلاة آخر الليل مشهودة، وذلك أفضل) رواه مسلم في صحيحه، ولقوله - صلى الله عليه وسلم -:(ينزل ربنا إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل الآخر، فيقول سبحانه: من يدعوني فأستجيب له، من يسألني فأعطيه، من يستغفرني فأغفر له، حتى يبزغ الفجر) متفق على صحته، هذا الحديث العظيم يدل على أن التعبد في آخر الليل في الثلث الأخير أفضل، لهذا الحديث العظيم، فينبغي من الإكثار من الدعاء والسؤال والتوبة إلى الله عز وجل في هذا الوقت العظيم، وإن صلى في وسط الليل فهو أيضاً وقتٌ عظيم جوف الليل، وإن صلى في أول الليل وذلك بعد صلاة العشاء كله خير، ولاسيما إذا كان يخشى أن لا يقوم، فالسنة أن يصلي قبل أن ينام، فقد أوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - أبا هريرة وأبا الدرداء بالإيتار قبل النوم، والسبب والله أعلم أنهما يدرسان الحديث ويخشيان أن لا يقوما في آخر الليل. والخلاصة أن من طمع أن يقوم آخر الليل فهو أفضل، ومن خاف أن لا يقوم من آخر الليل فليوتر أول الليل والحمد لله. وأما قوله: (ينزل ربنا) فهذا وصف يليق بالله عند أهل السنة والجماعة، يثبتونه كما يليق بالله، نزول يليق بالله لا يشابه خلقه في نزولهم، كما أنه لا يشابه خلقه في صفاته كلها، لا في الاستواء ولا في الرحمة ولا في الغضب ولا في الرضا، ولا في غير ذلك من صفاته، يجب إثبات صفات الله لله، على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، هكذا قال أهل السنة والجماعة كما نص على ذلك أهل العلم، كمالك ابن أنس رحمه الله، والشافعي وأحمد والثوري وابن المبارك والأوزاعي وغيرهم، وقد جمع أبو العباس بن تيمية رحمه الله أقوالهم في كتابه الحموية، وهو كتابٌ عظيم مفيد، فأهل السنة والجماعة يثبتون جميع الصفات لله الواردة في القرآن وفي السنة الصحيحة على الوجه اللائق بالله، كالاستواء والنزول والغضب والرضا والرحمة والسمع والبصر والكلام وغير ذلك، كلها يثبتونها لله سبحانه على الوجه اللائق بالله جل وعلا، من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، كما قال الله سبحانه: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ وقال سبحانه: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ(11) سورة الشورى، وقال سبحانه: فَلاَ تَضْرِبُواْ لِلّهِ الأَمْثَالَ إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ وَأَنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ(74) سورة النحل، هذا هو الواجب على جميع المسلمين إثبات صفات الله وأسمائه له سبحانه كما جاءت في القرآن وكما جاءت في السنة الصحيحة من غير تحريف ولا تعطيل ولا تكييف ولا تمثيل، بل يجب إثباتها لله على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى مع الإيمان بحقائقها وأنها حق، وأنها لا تشابه صفات المخلوقين، بل هي ثابتةٌ لله، على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى من غير مشابهة لخلقه في شيء من صفاته جل وعلا، هذا هو قول أهل الحق، هذا قول أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، أهل السنة والجماعة هم الطائفة المنصورة، وهم الفرقة الناجية، وهم أهل الحق، فالواجب السير على منهجهم، والاستقامة على طريقهم، وهو طاعة الله ورسوله، والإخلاص لله في العمل، واتباع الشريعة وعدم البدعة، هكذا درج أهل السنة من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان، في توحيد الله والإخلاص له، والإيمان بكل ما أخبر الله به ورسوله، والاستقامة على دين الله، وإثبات صفات الله وأسمائه على الوجه اللائق بالله سبحانه وتعالى، هكذا درج أهل السنة والجماعة وهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - وأتباعهم بإحسان، وهم الفرقة الناجية، المذكورة في قوله - صلى الله عليه وسلم -: (افترقت أمتي على ثلاثٍ وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة) فالواحدة هم أهل السنة والجماعة، وهم الطائفة المنصورة، التي قال فيها النبي - صلى الله عليه وسلم -:(لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله) والعلماء هم رأس هذه الطائفة وأهل الحديث هم رأس هذه الطائفة، وعلى رأسهم أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - هم خير هذه الأمة، ثم العلماء من أهل السنة والجماعة ومن بعدهم، وأهل الحديث هم من أئمة هذه الطائفة وهم من رؤسائهم وقادتهم، ولهذا قال بعض السلف: "إذا لم يكونوا أهل الحديث فلا أدري منهم" يعني معناه أن أهل الحديث هم خلاصتهم وهم أئمتهم، وهكذا العلماء علماء الحق كلهم من أهل السنة والجماعة، وكلهم من الطائفة المنصورة، وهكذا عامتهم يدخلون في الطائفة المنصورة، العامة من الرجال والنساء الذين درجوا على هذا المنهج وساروا على طريق أهل السنة والجماعة بالاستقامة على الحق، والإيمان بأسماء الله وصفاته على الوجه اللائق بالله، وتمسكوا بشرعه، هؤلاء كلهم هم أهل السنة والجماعة، وكلهم يدعون الفرقة الناجية، وكلهم يقال لهم الطائفة المنصورة إلى قيام الساعة، نسأل الله أن يجعلنا وإياكم والمستمعون من أهل السنة، نسأل الله أن يجعلنا وجميع إخواننا المستمعين من أهل السنة والجماعة، نسأل الله أن يثبتنا على الحق، وأن يعيننا من مضلات الفتن. جزاكم الله خيراً  
 
8- يسأل سماحتكم عن الدعاء الذي يقوله ذلك المصلي في الليل؟
يستحب للمصلي أن يكثر من الدعاء من الدعوات الطيبة، ومن أحسن الدعاء "اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني"، قالت عائشة - رضي الله عنها -: (يا رسول الله إن وافقت ليلة القدر ما أقول فيها، قال: قولي اللهم إنك عفوٌ تحب العفو فاعف عني) ومن الدعاء الطيب أن يسأل الله رضاه والجنة وأن يتعوذ بالله من غضبه والنار، ومن الدعاء الطيب أن يقول: "اللهم إني أسألك الجنة وما قرب إليها من قول وعمل، وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول وعمل) ويسأل ربه كل خير، الباب مفتوح والحمد لله (يقول الرب: من يدعوني فأستجب له) ويقول سبحانه في كتابه العظيم:ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ(60) سورة غافر، فيتحرى المؤمن الدعوات الطيبة الجامعة، يدعو بها ربه، في ليله, في نهاره، وفي آخر الصلاة وفي السجود، وعند الإفطار، وعند السحور يدعو ربه يسأل ربه من خير الدنيا والآخرة، ويتحرى الدعوات الواردة في دعاء النبي - صلى الله عليه وسلم - يتحراها وهي موجودة في كتب السنة، كتب الأذكار والدعوات، وقد جمعنا في هذا كتاباً موجزاً مختصراً ذكرنا فيه جملة من الأذكار والدعوات الطيبة التي كان يدعو بها النبي عليه الصلاة والسلام وسميناه "تحفة الأخيار فيما يتعلق بالأدعية والأذكار" وهو يوزع من دار الإفتاء، نسأل الله أن ينفع به المسلمين. جزاكم الله خيراً  
 
9- هناك بعض الأحاديث والأقاويل يشك الإنسان في صدقها، فما هو قولكم لنا في ذلك؟
الإنسان يتحرى ما جاءت به السنة من الدعوات الطيبة، والأذكار الشرعية، ويراجع كتب أهل العلم المعتمدة عما أشكل عليه في ذلك، لا يكون إمعة يقبل ما هب ودب، لا، يسأل الله أهل العلم إذا كان ما عنده علم يسأل أهل العلم في بلاده المعروفين بالعقيدة الطيبة، المعروفين بالعلم والفضل، يسألهم أو يكتب إليهم إذا كانوا بعيدين يكتب ويسأل، وإذا كان من أهل العلم يتدبر القرآن والسنة الصحيحة، ويجد فيهما بحمد الله الخير الكثير من الدعوات الطيبة والأذكار الشرعية.
 
10- بعض الأحيان يكون الإنسان متمسكاً بدينه قائماً بواجباته على أكمل وجه، فيأتي عليه وقت ينقلب على كل شيء بدون سبب، فما هو توجيهكم جزاكم الله خيراً، وما هو السبب؟
المشروع للمؤمن دائماً أن يضرع إلى الله جل وعلا، ويدعوه سبحانه أن يثبته على الحق وأن يمنحه العلم النافع والعمل الصالح، والفقه في الدين، هكذا ينبغي للمؤمن دائماً يسأل ربه الثبات على الحق، فيقول "يا مقلب القلوب ثبت قلبي على دينك"، "اللهم إني أسألك الثبات على الحق اللهم وفقني للاستقامة على الحق، اللهم أصلح قلبي وعملي، اللهم أحسن خاتمتي، ويكثر من ذلك الله في ليله ونهاره، هذا من أسباب الثبات على الحق؛ لأن انقلابه على الحق من أعظم الأسباب لذلك الغفلة والإعراض أو صحبة الأشرار، أما من أكثر من ذكر الله ولازم الحق وصحب الأخيار فسنة الله في مثل هذا التوفيق والهداية والثبات، فعليك أيها السائل أن تكثر من ذكر الله، ومن الدعوات الطيبة، أن يثبتك الله على الحق وأن يهديك صراطه المستقيم، وعليك أن تكثر من قراءة القرآن الكريم، وعليك أيضاً أن تصحب الأخيار فكل هذا من أسباب الثبات على الحق. جزاكم الله خيراً  
 
11- هل الأفضل أن يؤذن المؤذن وأنا في المسجد منتظراً للصلاة، أم أنتظر الأذان في بيتي لأصلي النوافل في بيتي وأذهب إلى المسجد بعد ذلك لأداء الصلاة جماعة؟
كل ذلك خير، إن ذهبت للمسجد قبل الأذان فلا بأس، وإن صليت في بيتك حتى يؤذن المؤذن ثم تتوجه إلى المسجد كله طيب، لكن لا يجب عليك حتى يؤذن فإذا سمعت حي على الصلاة فبادر وسارع إلى الصلاة، أما قبل ذلك فأنت مخير إن رأيت المصلحة في التوجه حذراً من العوائق تتقدم إلى المسجد خوفاً من العوائق التي تعوقك عن الصلاة فهذا من الحيطة ومن المشروع أيضاً، وإن كان هناك أسباب تقتضي التأخر والأصلح في حقك في أعمال تنفعك أو في أعمال بيتك تنفعك أو تنفع أهل بيتك فلا بأس، فإذا أذن المؤذن بادر وسارع إلى المسجد، وأبشر بالخير العظيم، المقصود أن التقدم قبل الأذان هذا فيه تفصيل، إن كانت هناك مصلحة في التقدم إلى المسجد قبل الأذان فبادر بها، بادر بذلك لتحقيق المصلحة كخوف أن يمنعك أحد أن تتقدم إلى المسجد، أو يعوق عائقٌ عن الخروج بعد الأذان إلى المسجد، أو أسباب أخرى تخشى منها، أما إذا كان ما هناك أسباب فأنت المشروع لك أن تبادر إذا سمعت الأذان للصلاة، وفي بيتك تعمل ما ينفعك وينفع أهلك. جزاكم الله خيراً، يسأل سماحتكم عن حكم تأخير النوافل قبيل الفجر بنصف ساعة. لا مانع لكن كونك تتقدم حتى يتسع الوقت وحتى تصلي ما يسر الله لك في هدوء وتصلي إحدى عشرة ركعة كما كان النبي يفعل عليه الصلاة والسلام، تسلم من كل ثنتين تجتهد في القراءة، وتطيل الركوع والسجود، هذا أفضل؛ لأن الوقت الضيق قد لا تتمكن معه من المطلوب من الصلوات المطلوبة والدعوات المطلوبة، لكن لو أخرت إلى آخر الليل وصليت ما يسر الله لك فلا حرج والحمد لله. جزاكم الله خيراً سماحة الشيخ في ختام هذا اللقاء أتوجه لكم بالشكر الجزيل بعد شكر الله سبحانه وتعالى على تفضلكم بإجابة السادة المستمعين وآمل أن يتجدد اللقاء وأنتم على خير؟ مستمعي الكرام كان لقاءنا في هذه الحلقة مع سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء شكراً لسماحته وأنتم يا مستمعي الكرام شكراً لحسن لمتابعتكم وإلى الملتقى وسلام الله عليكم ورحمته وبركاته.  

667 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply