<div class="wrapper" style="padding:10px;"> | |
<h1 class="title">سورة الشعراء - تفسير السعدي</h1> | |
| |
<div class=Section1 dir=RTL> | |
<p> </p> | |
<p><h1>" تلك آيات الكتاب المبين " </h1></p> | |
<p>يشير | |
الباري تعالى إشارة, تدل على التعظيم لآيات الكتاب المبين البين الواضح, الدال على | |
جميع المطالب الإلهية, والمقاصد الشرعية, بحيث لا يبقى عند الناظر فيه, شك ولا | |
شبهة فيما أخبر به, أو حكم به, لوضوحه, ودلالته على أشرف المعاني, وارتباط الأحكام | |
بحكمها, وتعليقها بمناسبها. <br> | |
فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينذر به الناس, ويهدي به الصراط المستقيم. <br> | |
فيهتدي بذلك عباد الله المتقون, ويعرض عنه من كتب عليه الشقاء - فكان يحزن حزنا | |
شديدا, على عدم إيمانهم, حرصا منه على الخير, ونصحا لهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" لعلك باخع نفسك ألا يكونوا مؤمنين " </h1> | |
<p>فلهذا قال تعالى لنبيه " | |
لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَفْسَكَ " أي: مهلكها وشاقا عليها. <br> | |
" أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ " أي: فلا تفعل, | |
ولا تذهب نفسك عليهم حسرات, فإن الهداية بيد الله, وقد أديت ما عليك من التبليغ. <br> | |
وليس فوق هذا القرآن المبين, آية, حتى ننزلها, ليؤمنوا بها, فإنه كاف شاف, لمن | |
يريد الهداية, ولهذا قال: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن نشأ ننزل عليهم من السماء آية فظلت أعناقهم لها خاضعين | |
" </h1> | |
<p>" إِنْ | |
نَشَأْ نُنَزِّلْ عَلَيْهِمْ مِنَ السَّمَاءِ آيَةً " أي: من آيات الاقتراح. <br> | |
" فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ " أي: أعناق المكذبين " لَهَا خَاضِعِينَ " ولكن لا حاجة إلى ذلك, ولا مصلحة | |
فيه, فإنه إذ ذاك الوقت, يكون الإيمان غير نافع. <br> | |
وإنما الإيمان النافع, هو الإيمان بالغيب, كما قال تعالى: " | |
هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا أَنْ تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ | |
أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا | |
يَنْفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا " الآية. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما يأتيهم من ذكر من الرحمن محدث إلا كانوا عنه معرضين " </h1> | |
<p>" | |
وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ ذِكْرٍ مِنَ الرَّحْمَنِ مُحْدَثٍ " يأمرهم وينهاهم, ويذكرهم ما ينفعهم ويضرهم. <br> | |
" إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ " بقلوبهم | |
وأبدانهم. <br> | |
هذا إعراضهم عن الذكر المحدث, الذي جرت العادة, أنه يكون موقعه, أبلغ من غيره, | |
فكيف بإعراضهم عن غيره. <br> | |
وهذا, لأنهم لا خير فيهم, ولا تنجع فيهم المواعظ, ولهذا قال: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فقد كذبوا فسيأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون " </h1> | |
<p>" | |
فَقَدْ كَذَّبُوا " أي: بالحق, وصار التكذيب | |
لهم سجية, لا تتغير ولا تتبدل. <br> | |
" فَسَيَأْتِيهِمْ أَنْبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ | |
يَسْتَهْزِئُونَ " أي: سيقع بهم العذاب, ويحل بهم, ما كذبوا به, فإنهم | |
قد حقت عليهم, كلمة العذاب. <br> | |
قال الله منبها على التفكر, الذي ينفع صاحبه: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أولم يروا إلى الأرض كم أنبتنا فيها من كل زوج كريم " </h1> | |
<p>" أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنْبَتْنَا فِيهَا | |
مِنْ كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ " من جميع أصناف | |
النباتات, حسنة المنظر, كريمة في نفعها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " </h1> | |
<p>" | |
إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " على إحياء الله | |
الموتى بعد موتهم, كما أحيا الأرض بعد موتها " وَمَا كَانَ | |
أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " كما قال تعالى " | |
وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ " . </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإن ربك لهو العزيز الرحيم " </h1> | |
<p>" | |
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي قد | |
قهر كل مخلوق, ودان له العالم العلوي والسفلي. <br> | |
" الرَّحِيمِ " الذي وسعت رحمته كل شيء, ووصل | |
جوده إلى كل حي, العزيز الذي أهلك الأشقياء بأنواع العقوبات, الرحيم بالسعداء, حيث | |
أنجاهم من كل شر وبلاء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإذ نادى ربك موسى أن ائت القوم الظالمين " </h1> | |
<p>أعاد الباري تعالى, قصة موسى وثناها في | |
القرآن, ما لم يثن غيرها, لكونها مشتملة على حكم عظيمة, وعبر, وفيها نبأه مع | |
الظالمين والمؤمنين. <br> | |
وهو صاحب الشريعة الكبرى, وصاحب التوراة, أفضل الكتب بعد القرآن فقال: واذكر حالة | |
موسى الفاضلة, وقت نداء الله إياه, حين كلمه, ونبأه وأرسله فقال: " | |
أَنِ ائْتِ الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ " الذين تكبروا في الأرض, وعلوا | |
على أهلها وادعى كبيرهم الربوبية. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قوم فرعون ألا يتقون " </h1> | |
<p>" | |
قَوْمَ فِرْعَوْنَ أَلَا يَتَّقُونَ " أي: قل | |
لهم, بلين قول, ولطف عبارة " أَلَا تَتَّقُونَ " الله | |
الذي خلقكم ورزقكم, فتتركون ما أنتم عليه من الكفر. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال رب إني أخاف أن يكذبون " </h1> | |
<p>فقال موسى عليه السلام, معتذرا من ربه, ومبينا لعذره, وسائلا له | |
المعونة على هذا الحمل الثقيل: " قَالَ رَبِّ إِنِّي أَخَافُ | |
أَنْ يُكَذِّبُونِ وَيَضِيقُ صَدْرِي وَلَا يَنْطَلِقُ لِسَانِي " . <br> | |
وقال " رَبِّ اشْرَحْ لِي صَدْرِي وَيَسِّرْ لِي أَمْرِي | |
وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي يَفْقَهُوا قَوْلِي وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ | |
أَهْلِي هَارُونَ أَخِي " . <br> | |
" فَأَرْسِلْ إِلَى هَارُونَ " . <br> | |
فأجاب الله طلبته, ونبأ أخاه, كما نبأه " فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ | |
رِدْءًا " . <br> | |
أي: معاونا لي على أمري. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولهم علي ذنب فأخاف أن يقتلون " </h1> | |
<p>" | |
وَلَهُمْ عَلَيَّ ذَنْبٌ " أي: في قتل القبطي | |
" فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ " . </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال كلا فاذهبا بآياتنا إنا معكم مستمعون " </h1> | |
<p>" | |
قَالَ كَلَّا " أي: لا يتمكنون من قتلك, فإنا | |
سنجعل لكما سلطانا, فلا يصلون إليكما أنتما, ومن اتبعكما الغالبون. <br> | |
ولهذا لم يتمكن فرعون, من قتل موسى, مع منابذته له غاية المنابذ, وتسفيه رأيه, | |
وتضليله وقومه. <br> | |
" فَاذْهَبَا بِآيَاتِنَا " الدالة على صدقكما, | |
وصحة ما جئتما به. <br> | |
" إِنَّا مَعَكُمْ مُسْتَمِعُونَ " أحفظكما | |
وأكلؤكما. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأتيا فرعون فقولا إنا رسول رب العالمين " </h1> | |
<p>" فَأْتِيَا فِرْعَوْنَ فَقُولَا إِنَّا رَسُولُ رَبِّ | |
الْعَالَمِينَ " أي: أرسلنا إليك, لتؤمن به | |
وبنا, وتنقاد لعبادته, وتذعن لتوحيده. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أن أرسل معنا بني إسرائيل " </h1> | |
<p>" أَنْ أَرْسِلْ مَعَنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ " فكف عنهم عذابك, وارفع عنهم يدك ليعبدوا ربهم, ويقيموا أمر دينهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال ألم نربك فينا وليدا ولبثت فينا من عمرك سنين " </h1> | |
<p>فلما جاء فرعون, وقالا له, ما قال الله | |
لهما, لم يؤمن فرعون, ولم يلن, وجعل يعارض موسى بقوله " قَالَ | |
أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا وَلِيدًا " أي: ألم ننعم عليك, ونقم بتربيتك, | |
منذ كنت وليدا في مهدك, ولم تزل كذلك. <br> | |
" وَلَبِثْتَ فِينَا مِنْ عُمُرِكَ سِنِينَ وَفَعَلْتَ | |
فَعْلَتَكَ الَّتِي فَعَلْتَ " وهي قتل موسى للقبطي, حين استغاثه الذي | |
من شيعته, على الذي من عدوه " فَوَكَزَهُ مُوسَى فَقَضَى | |
عَلَيْهِ " الآية. <br> | |
" وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ " أي: وأنت, إذ | |
ذاك طريقك طريقنا, وسبيلك سبيلنا, في الكفر, فأقر على نفسه بالكفر, من حيث لا | |
يدري. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال فعلتها إذا وأنا من الضالين " </h1> | |
<p>فقال: موسى " | |
فَعَلْتُهَا إِذًا وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ " أي: عن غير كفر, وإنما | |
كان عن ضلال وسفه, فاستغفرت ربي فغفر لي. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ففررت منكم لما خفتكم فوهب لي ربي حكما وجعلني من المرسلين | |
" </h1> | |
<p>" فَفَرَرْتُ مِنْكُمْ لَمَّا خِفْتُكُمْ " حين تراجعتم بقتلي, فهربت إلى مدين, ومكثت سنين, ثم جئتكم. <br> | |
" فَوَهَبَ لِي رَبِّي حُكْمًا وَجَعَلَنِي مِنَ | |
الْمُرْسَلِينَ " . <br> | |
فالحاصل أن اعتراض فرعرن على موسى, اعتراض جاهل أو متجاهل. <br> | |
فإنه جعل المانع من كونه رسولا, أن جرى منه القتل. <br> | |
فبين له موسى, أن قتله كان على وجه الضلال والخطأ, الذي لم يقصد نفس القتل. <br> | |
وأن فضل الله تعالى غير ممنوع منه أحد, فلم منعتم ما منحني الله, من الحكم | |
والرسالة؟. <br> | |
بقي عليك يا فرعون, إدلاؤك بقولك: " أَلَمْ نُرَبِّكَ فِينَا | |
وَلِيدًا " وعند التحقيق, يتبين أن لا منة لك فيها, ولهذا قال موسى: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل " </h1> | |
<p>" | |
وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدْتَ بَنِي إِسْرَائِيلَ " أي: تدلي علي بهذه المنة لأني سخرت بني إسرائيل, وجعلتهم لك بمنزلة | |
العبيد. <br> | |
وأنا قد أسلمتني من تعبيدك وتسخيرك, وجعلتها علي نعمة. <br> | |
فعند التصور, يتبين أن الحقيقة, أنك ظلمت هذا الشعب الفاضل, وعذبتهم, وسخرتهم | |
بأعمالك. <br> | |
وأنا, قد سلمني الله من أذاك, مع وصول أذاك لقومي. <br> | |
فما هذه المنة, التي تمن بها, وتدلي بها؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال فرعون وما رب العالمين " </h1> | |
<p>" قَالَ فِرْعَوْنُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ " وهذا إنكار منه لربه, ظلما وعلوا مع تيقن صحة ما دعاه إليه موسى فقال: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين " </h1> | |
<p>" | |
رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا " أي: الذي خلق العالم العلوي والسفلي, ودبره بأنواع التدبير, ورباه | |
بأنواع التربية. <br> | |
ومن جملة ذلك, أنتم أيها المخاطبون, فكيف تنكرون خالق المخلوقات, وفاطر الأرض | |
والسماوات " إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ " . <br> | |
فقال فرعون متجرهما, ومعجبا بقوله: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال لمن حوله ألا تستمعون " </h1> | |
<p>" | |
أَلَا تَسْتَمِعُونَ " ما يقول هذا الرجل. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال ربكم ورب آبائكم الأولين " </h1> | |
<p>فقال موسى " رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ | |
الْأَوَّلِينَ " تعجبتم أم لا, استكبرتم, أم أذعنتم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال إن رسولكم الذي أرسل إليكم لمجنون " </h1> | |
<p>فقال فرعون معاندا للحق,, قادحا بمن جاء به: " | |
إِنَّ رَسُولَكُمُ الَّذِي أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ لَمَجْنُونٌ " حيث قال | |
خلاف ما نحن عليه, وخالفنا فيما ذهبنا إليه. <br> | |
فالعقل عنده وأهل العقل, من زعموا أنهم لم يخلقوا, أو أن السماوات والأرض, ما | |
زالتا موجودتين من غير موجد وأنهم, بأنفسهم, خلقوا من غير خالق. <br> | |
والعقل عنده, أن يعبد المخلوق الناقص, من جميع الوجوه. <br> | |
والجنون عنده, أن يثبت الرب الخالق للعالم العلوي والسفلي, المنعم بالنعم الظاهرة | |
والباطنة, ويدعى إلى عبادته. <br> | |
وزين لقومه هذا القول, وكانوا سفهاء الأحلام, خفيفي العقول " | |
فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ " . | |
<br> | |
فقال موسى عليه السلام, مجيبا لإنكار فرعون وتعطيله لرب العالمين: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال رب المشرق والمغرب وما بينهما إن كنتم تعقلون " </h1> | |
<p>" | |
رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ وَمَا بَيْنَهُمَا " من سائر المخلوقات " إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ | |
" . <br> | |
فقد أديت لكم من البيان والتبيين, ما يفهمه كل من له أدنى مسكة من عقل. <br> | |
فما بالكم تتجاهلون فيما أخاطبكم به؟. <br> | |
وفيه إيماء وتنبيه إلى أن الذي رميتم به موسى من الجنون, أنه داؤكم فرميتم أزكى | |
الخلق عقلا, وأكملهم علما. <br> | |
والحال أنكم, أنتم المجانين, حيث ذهبت عقولكم إلى إنكار أظهر الموجودات, خالق | |
الأرض والسماوات وما بينهما, فإذا جحدتموه, فأي شيء تثبتون؟. <br> | |
وإذا جهلتموه, فأي شيء تعلمون؟. <br> | |
وإذا لم تؤمنوا به وبآياته, فبأي شيء - بعد الله وآياته - تؤمنون؟. <br> | |
تالله, إن المجانين الذين بمنزلة البهائم, أعقل منكم, وإن الأنعام السارحة, أهدى | |
منكم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال لئن اتخذت إلها غيري لأجعلنك من المسجونين " </h1> | |
<p>فلما خنقت فرعون الحجة, وعجزت قدرته وبيانه | |
عن المعارضة " قَالَ " متوعدا لموسى بسلطانه " لَئِنِ اتَّخَذْتَ إِلَهًا غَيْرِي لَأَجْعَلَنَّكَ مِنَ | |
الْمَسْجُونِينَ " . <br> | |
زعم - قبحه الله - أنه قد طمع في إضلال موسى, وأن لا يتخذ إلها غيره, وإلا فقد | |
تقرر أنه, هو ومن معه, على بصيرة من أمرهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال أولو جئتك بشيء مبين " </h1> | |
<p>فقال له موسى: " | |
أَوَلَوْ جِئْتُكَ بِشَيْءٍ مُبِينٍ " أي: آية ظاهرة جلية, على صحة ما | |
جئت به, من خوارق العادات. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال فأت به إن كنت من الصادقين " </h1> | |
<p>" | |
قَالَ فَأْتِ بِهِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ فَأَلْقَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ | |
ثُعْبَانٌ " أي: ذكر الحيات. <br> | |
" مُبِينٌ " ظاهر لكل أحد, لا خيال, ولا تشبيه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ونزع يده فإذا هي بيضاء للناظرين " </h1> | |
<p>" | |
وَنَزَعَ يَدَهُ " من جيبه " | |
فَإِذَا هِيَ بَيْضَاءُ لِلنَّاظِرِينَ " أي: لها نور عظيم, لا نقص | |
فيه لمن نظر إليها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال للملإ حوله إن هذا لساحر عليم " </h1> | |
<p>" | |
قَالَ " فرعون " لِلْمَلَإِ | |
حَوْلَهُ " معارضا للحق, ومن جاء به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فماذا تأمرون " </h1> | |
<p>" | |
إِنَّ هَذَا لَسَاحِرٌ عَلِيمٌ يُرِيدُ أَنْ يُخْرِجَكُمْ مِنْ أَرْضِكُمْ " موه عليهم لعلمه بضعف عقولهم, أن هذا من جنس ما يأتي به السحرة, لأنه | |
من المتقرر عندهم, أن السحرة يأتون من العجائب, بما لا يقدر عليه الناس, وخوفهم أن | |
قصده بهذا السحر, التوصل إلى إخراجهم من وطنهم, ليجدوا ويجتهدوا في معاداة من يريد | |
إجلاءهم عن أولادهم وديارهم. <br> | |
" فَمَاذَا تَأْمُرُونَ " أن نفعل به؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قالوا أرجه وأخاه وابعث في المدائن حاشرين " </h1> | |
<p>" | |
قَالُوا أَرْجِهْ وَأَخَاهُ " أي: أخرهما " وَابْعَثْ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ " جامعين | |
للناس </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يأتوك بكل سحار عليم " </h1> | |
<p>" | |
يَأْتُوكَ بِكُلِّ سَحَّارٍ عَلِيمٍ " أي: | |
ابعث في جميع مدنك, التي هي مقر العلم, ومعدن السحر, من يجمع لك كل ساحر ماهر, | |
عليم في سحره فإن الساحر يقاتل بسحر من جنس سحره. <br> | |
وهذا من لطف الله أن يرى العباد, بطلان ما موه به فرعون الجاهل, الضال, المضل أن | |
ما جاء به موسى سحر, قيضهم أن جمعوا أهل المهارة بالسحر, لينعقد المجلس عن حضرة | |
الخلق العظيم, فيظهر الحق على الباطل, ويقر أهل العلم وأهل الصناعة, بصحة ما جاء | |
به موسى, وأنه ليس بسحر. <br> | |
فعمل فرعون برأيهم, فأرسل في المدائن, من يجمع السحرة, واجتهد في ذلك, وجد. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فجمع السحرة لميقات يوم معلوم " </h1> | |
<p>" فَجُمِعَ السَّحَرَةُ لِمِيقَاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ " قد واعدهم إياه موسى, وهو يوم الزينة, الذي يتفرغون فيه من أشغالهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وقيل للناس هل أنتم مجتمعون " </h1> | |
<p>" | |
وَقِيلَ لِلنَّاسِ هَلْ أَنْتُمْ مُجْتَمِعُونَ " أي: نودي بعموم الناس بالاجتماع في ذلك اليوم الموعود. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" لعلنا نتبع السحرة إن كانوا هم الغالبين " </h1> | |
<p>" | |
لَعَلَّنَا نَتَّبِعُ السَّحَرَةَ إِنْ كَانُوا هُمُ الْغَالِبِينَ " أي: قالوا للناس: اجتمعوا لتنظروا غلبة السحرة لموسى, وأنهم ماهرون في | |
صناعتهم, فنتبعهم, ونعظمهم, ونعرف فضيلة علم السحر. <br> | |
فلو وفقوا للحق, لقالوا, لعلنا نتبع الحق منهم, ولنعرف الصواب. <br> | |
فلذلك ما أفاد فيهم ذلك, إلا قيام الحجة عليهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فلما جاء السحرة قالوا لفرعون أئن لنا لأجرا إن كنا نحن | |
الغالبين " </h1> | |
<p>" فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ " ووصلوا لفرعون قالوا له: " أَئِنَّ لَنَا | |
لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ " لموسى؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال نعم وإنكم إذا لمن المقربين " </h1> | |
<p>" | |
قَالَ نَعَمْ " حكم أجر, وثواب " وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " عندي. <br> | |
وعدهم الأجر والقربة منه, ليزداد نشاطهم, ويأتوا بكل مقدورهم, في معارضة ما جاء به | |
موسى. <br> | |
فلما اجتمعوا للموعد, هم وموسى, وأهل مصر, وعظهم موسى وذكرهم وقال: " وَيْلَكُمْ لَا تَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ كَذِبًا فَيُسْحِتَكُمْ | |
بِعَذَابٍ وَقَدْ خَابَ مَنِ افْتَرَى " فتنازعوا وتخاصموا ثم شجعهم | |
فرعون, وشجع بعضهم بعضا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال لهم موسى ألقوا ما أنتم ملقون " </h1> | |
<p>" | |
قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ " أي: ألقوا كل ما في خواطركم إلقاؤه. <br> | |
ولم يقيدهم بشيء دون شيء, لجزمه ببطلان ما جاءوا به من معارضة الحق. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فألقوا حبالهم وعصيهم وقالوا بعزة فرعون إنا لنحن الغالبون | |
" </h1> | |
<p>" | |
فَأَلْقَوْا حِبَالَهُمْ وَعِصِيَّهُمْ " فإذا | |
هي حيات تسعى, وسحروا بذلك أعين الناس. <br> | |
" وَقَالُوا بِعِزَّةِ فِرْعَوْنَ إِنَّا لَنَحْنُ | |
الْغَالِبُونَ " فاستعانوا بعزة عبد ضعيف, عاجز من كل وجه, إلا أنه قد | |
تجبر, وحصل له صورة ملك وجنود. <br> | |
فغرتهم تلك الأبهة, ولم تنفذ بصائرهم إلى حقيقة الأمر. <br> | |
أو أن هذا قسم منهم بعزة فرعون والمقسم عليه, أنهم غالبون. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فألقى موسى عصاه فإذا هي تلقف ما يأفكون " </h1> | |
<p>" | |
فَأَلْقَى مُوسَى عَصَاهُ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ " تبتلع وتأخذ " مَا يَأْفِكُونَ " فالتقفت, | |
جميع ما ألقوا, من الحبال والعصي, لأنها إفك, وكذب, وزور وذلك كله, باطل لا يقوم | |
للحق, ولا يقاومه. <br> | |
فلما رأى السحرة هذة الآية العظيمة, تيقنوا - لعلمهم - أن هذا ليس بسحر, وإنما هو | |
آية من آيات الله, ومعجزة تنبئ بصدق موسى, وصحة ما جاء به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فألقي السحرة ساجدين " </h1> | |
<p>" | |
فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ " لربهم </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قالوا آمنا برب العالمين " </h1> | |
<p>" | |
قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ " . <br> | |
وانقمع الباطل, في ذلك المجمع, وأقر رؤساؤه, ببطلانه, ووضح الحق, وظهر حتى رأى ذلك | |
الناظرون بأبصارهم. <br> | |
ولكن أبى فرعون, إلا عتوا وضلالا, وتماديا في غيه وعنادا. <br> | |
فقال للسحرة: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال آمنتم له قبل أن آذن لكم إنه لكبيركم الذي علمكم السحر | |
فلسوف تعلمون لأقطعن أيديكم وأرجلكم من خلاف ولأصلبنكم أجمعين " </h1> | |
<p>" | |
آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ " يتعجب, | |
ويعجب قومه من جراءتهم عليه, وإقدامهم على الإيمان من غير إذنه ومؤامرته. <br> | |
" إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ | |
" . <br> | |
هذا, وهو الذي جمع السحرة, وملأه, الذين أشاروا عليه بجمعهم من مدائنهم. <br> | |
وقد علموا أنهم ما اجتمعوا بموسى, ولا رآوه قبل ذلك, وأنهم جاءوا من السحر, بما | |
يحير الناظرين, ويهيلهم, ومع ذلك, فراج عليهم هذا القول, الذي هم بأنفسهم, وقفوا | |
على بطلانه. <br> | |
فلا يستنكر على أهل هذه العقول, أن لا يؤمنوا بالحق الواضح, والآيات الباهرة, | |
لأنهم لو قال لهم فرعون عن أي شيء كان, إنه على خلاف حقيقته, صدقوه. <br> | |
ثم توعد السحرة فقال: " لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ | |
وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ " أي: اليد اليمنى, والرجل اليسرى, كما | |
يفعل بالمفسد في الأرض. <br> | |
" وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ " لتختزوا, | |
وتذلوا. <br> | |
فقال السحرة - حين وجدوا حلاوة الإيمان, وذاقو لذته-: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قالوا لا ضير إنا إلى ربنا منقلبون " </h1> | |
<p>" لَا | |
ضَيْرَ " أي: لا نبالي بما توعدتنا به " إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ إِنَّا نَطْمَعُ أَنْ | |
يَغْفِرَ لَنَا رَبُّنَا خَطَايَانَا " من الكفر والسحر, وغيرهما " أَنْ كُنَّا أَوَّلَ الْمُؤْمِنِينَ " بموسى, من | |
هؤلاء الجنود. <br> | |
فثبتهم الله وصبرهم. <br> | |
فيحتمل أن فرعون, فعل ما توعدهم به, لسلطانه, واقتداره إذ ذاك ويحتمل, أن الله | |
منعه منهم. <br> | |
ثم لم يزل فرعون وقومه, مستمرين على كفرهم, يأتيهم موسى بالآيات البينات. <br> | |
وكلما جاءتهم آية, وبلغت منهم كل مبلغ, وعدوا موسى, وعاهدوه لئن كشف الله عنهم, | |
ليؤمنن به, وليرسلن معه بني إسرائيل, فيكشفه الله, ثم ينكثون. <br> | |
فلما يئس موسى من إيمانهم, وحقت عليهم كلمة العذاب, وآن لبني إسرائيل أن ينجيهم | |
الله من أسرهم, ويمكن لهم في الأرض, أوحى الله إلى موسى: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وأوحينا إلى موسى أن أسر بعبادي إنكم متبعون " </h1> | |
<p>" أَنْ | |
أَسْرِ بِعِبَادِي " أي: اخرج ببني إسرائيل | |
أول الليل, ليتمادوا,, ويتمهلوا في ذهابهم. <br> | |
" إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ " أي: سيتبعكم فرعون | |
وجنوده. <br> | |
ووقع كما أخبر, فإنهم لما أصبحوا, إذا بنو إسرائيل قد سروا كلهم مع موسى. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأرسل فرعون في المدائن حاشرين " </h1> | |
<p>" فَأَرْسَلَ فِرْعَوْنُ فِي الْمَدَائِنِ حَاشِرِينَ " يجمعون الناس, ليوقع ببني إسرائيل, ويقول مشجعا لقومه " | |
إِنَّ هَؤُلَاءِ " أي: بني إسرائيل " | |
لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ " . <br> | |
" وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ " فلا بد أن | |
ننفذ غيظنا في هؤلاء العبيد, الذين أبقوا منا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإنا لجميع حاذرون " </h1> | |
<p>" وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَاذِرُونَ " أي: الحذر على الجميع منهم, وهم أعداء للجميع, والمصلحة مشتركة. <br> | |
فخرج فرعون وجنوده, في جيش عظيم, ونفير عام, لم يتخلف منهم, سوى أهل الأعذار, | |
الذين منعهم العجز. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأخرجناهم من جنات وعيون " </h1> | |
<p>فال الله تعالى: " | |
فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ " أي: بساتين مصر وجناتها | |
الفائقة, وعيونها المتدفقة, وزروع, قد ملأت أراضيهم, وعمرت بها حاضرتهم وبواديهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وكنوز ومقام كريم " </h1> | |
<p>" وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ " يعجب الناظرين, ويلهي المتأملين. <br> | |
تمتعوا به دهرا طويلا, وقضوا بلذته وشهواته, عمرا مديدا, على الكفر والفساد, | |
والتكبر على العباد والتيه العظيم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" كذلك وأورثناها بني إسرائيل " </h1> | |
<p>" | |
كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا " أي: هذه | |
البساتين والعيون, والزروع, والمقام الكريم. <br> | |
" بَنِي إِسْرَائِيلَ " الذين جعلوهم من قبل | |
عبيدهم, وسخروا في أعمالهم الشاقة. <br> | |
فسبحان من يؤتي الملك من يشاء, وينزعه عمن يشاء, ويعز من يشاء بطاعته, ويذل من | |
يشاء بمعصيته.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأتبعوهم مشرقين " </h1> | |
<p>" فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ " أي: اتبع قوم فرعون, قوم موسى, وقت شروق الشمس, وساقوا خلفهم محثين, | |
على غيظ وحنق قادرين. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فلما تراءى الجمعان قال أصحاب موسى إنا لمدركون " </h1> | |
<p>" | |
فَلَمَّا تَرَاءَى الْجَمْعَانِ " أي رأى كل | |
منهما صاحبه. <br> | |
" قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى " شاكين لموسى وحزنين " إِنَّا لَمُدْرَكُونَ " . <br> | |
فـ " قَالَ " موسى, مثبتا لهم, ومخبرا لهم بوعد | |
ربه الصادق: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال كلا إن معي ربي سيهدين " </h1> | |
<p>" | |
كُلًّا " أي: ليس الأمر كما ذكرتم, أنكم | |
مدركون. <br> | |
" إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ " لما فيه | |
نجاتي ونجاتكم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأوحينا إلى موسى أن اضرب بعصاك البحر فانفلق فكان كل فرق | |
كالطود العظيم " </h1> | |
<p>" | |
فَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْبَحْرَ " فضربه " فَانْفَلَقَ " اثنى عشر طريقا | |
" فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ " أي: الجبل " الْعَظِيمِ " فدخله موسى وقومه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وأزلفنا ثم الآخرين " </h1> | |
<p>" وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ " في ذلك المكان " الْآخَرِينَ " أي | |
فرعون وقومه, وقربناهم, وأدخلناهم في ذلك الطريق, الذي سلك منه موسى وقومه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وأنجينا موسى ومن معه أجمعين " </h1> | |
<p>" | |
وَأَنْجَيْنَا مُوسَى وَمَنْ مَعَهُ أَجْمَعِينَ " استكملوا خارجين, لم يتخلف منهم أحد. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ثم أغرقنا الآخرين " </h1> | |
<p>" | |
ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ " لم يتخلف | |
منهم عن الغرق أحد. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن في ذلك لآية وما كان أكثرهم مؤمنين " </h1> | |
<p>" إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَةً " عظيمة, على صدق ما جاء به موسى عليه السلام, وبطلان ما عليه فرعون | |
وقومه. <br> | |
" وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُمْ مُؤْمِنِينَ " هذه | |
الآيات, المقتضية للإيمان, لفساد قلوبهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإن ربك لهو العزيز الرحيم " </h1> | |
<p>" | |
وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ " بعزته أهلك الكافرين المكذبين. <br> | |
وبرحمته نجى موسى, ومن معه أجمعين. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" واتل عليهم نبأ إبراهيم " </h1> | |
<p>أي: واتل يا محمد على الناس, نبأ إبراهيم الخليل, وخبره الجليل, في هذه | |
الحالة بخصوصها, وإلا, فله أنباء كثيرة. <br> | |
ولكن من أعجب أنبائه, وأفضلها, هذا النبأ المتضمن لرسالته, ودعوته قومه, ومحاجته | |
إياهم, وإبطاله ما هم عليه, ولذلك قيده بالظرف فقال: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إذ قال لأبيه وقومه ما تعبدون " </h1> | |
<p>" إِذْ | |
قَالَ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ مَا تَعْبُدُونَ قَالُوا " متبجحين بعبادتهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قالوا نعبد أصناما فنظل لها عاكفين " </h1> | |
<p>" | |
نَعْبُدُ أَصْنَامًا " ننحتها ونعملها | |
بأيدينا. <br> | |
" فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِينَ " أي مقيمين على | |
عبادتها في كثير من أوقاتنا. <br> | |
فقال لهم إبراهيم, مبينا عدم استحقاقها للعبادة: </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال هل يسمعونكم إذ تدعون " </h1> | |
<p>" هَلْ | |
يَسْمَعُونَكُمْ إِذْ تَدْعُونَ " . <br> | |
فيستجيبون دعاءكم, ويفرجون كربكم, ويزيلون عنكم كل مكروه؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أو ينفعونكم أو يضرون " </h1> | |
<p>" أَوْ | |
يَنْفَعُونَكُمْ أَوْ يَضُرُّونَ " فأقروا أن | |
ذلك كله, غير موجود فيها, فلا تسمع دعاء, ولا تنفع, ولا تضر. <br> | |
ولهذا لما كسرها قال: " بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا | |
فَاسْأَلُوهُمْ إِنْ كَانُوا يَنْطِقُونَ " . <br> | |
قالوا له: " لَقَدْ عَلِمْتَ مَا هَؤُلَاءِ يَنْطِقُونَ | |
" أي: هذا أمر متقرر من حالها, لا يقبل الإشكال والشك. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قالوا بل وجدنا آباءنا كذلك يفعلون " </h1> | |
<p>فلجأوا إلى تقليد آبائهم الضالين, فقالوا: " بَلْ | |
وَجَدْنَا آبَاءَنَا كَذَلِكَ يَفْعَلُونَ " . <br> | |
فتبعناهم على ذلك, وسلكنا سبيلهم, وحافظنا على عاداتهم. <br> | |
فقال لهم إبراهيم: أنتم وآباءكم, كلكم خصوم في الأمر, والكلام مع الجميع واحد. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قال أفرأيتم ما كنتم تعبدون " </h1> | |
<p>" أَفَرَأَيْتُمْ مَا كُنْتُمْ تَعْبُدُونَ أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمُ | |
الْأَقْدَمُونَ فَإِنَّهُمْ عَدُوٌّ لِي " فليضروني | |
بأدنى شيء من الضرر, وليكيدوني, فلا يقدرون. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فإنهم عدو لي إلا رب العالمين " </h1> | |
<p>" | |