<div class="wrapper" style="padding:10px;"> | |
<h1 class="title">سورة الروم - تفسير السعدي</h1> | |
| |
<div class=Section1 dir=RTL> | |
<p><h1>" الم " </h1></p> | |
<p>كانت الفرس | |
والروم, في ذلك الوقت, من أقوى دول الأرض. <br> | |
وكان يكون بينهما من الحروب والقتال, ما يكون بين الدول المتوازنة. <br> | |
وكانت الفرس مشركين, يعبدون النار. <br> | |
وكانت الروم, أهل كتاب, ينتسبون إلى التوراة والإنجيل, وهم أقرب إلى المسلمين من | |
الفرس, فكان المسلمون يحبون غلبتهم, وظهورهم على الفرس. <br> | |
وكان المشركون, لاشتراكهم والفرس في الشرك, يحبون ظهور الفرس على الروم. <br> | |
فظهر الفرس على الروم, وغلبوهم غلبا لم يحط بملكهم, بل أدنى أرضهم. <br> | |
ففرح بذلك مشركوا مكة, وحزن المسلمون. <br> | |
فأخبرهم اللّه, ووعدهم أن الروم ستغلب الفرس. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" في بضع سنين لله الأمر من قبل ومن بعد ويومئذ يفرح المؤمنون | |
" </h1> | |
<p>" فِي | |
بِضْعِ سِنِينَ " تسع, أو ثمان, ونحو ذلك, | |
مما لا يزيد على العشر, ولا ينقص عن الثلاث. <br> | |
وأن غلبة الفرس للروم, ثم غلبة الروم للفرس, كل ذلك بمشيئته وقدره ولهذا قال: " لِلَّهِ الْأَمْرُ مِنْ قَبْلُ وَمِنْ بَعْدُ " فليس | |
الغلبة والنصر, لمجرد وجود الأسباب. <br> | |
وإنما هي, لا بد أن يقترن بها القضاء والقدر. <br> | |
" وَيَوْمَئِذٍ " أي: يوم يغلب الروم الفرس, | |
ويقهرونهم " يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ | |
يَنْصُرُ مَنْ يَشَاءُ " . <br> | |
أي: يفرحون بانتصارهم على الفرس, وإن كان الجميع كفارا, ولكن بعض الشر أهون من | |
بعض, ويحزن يومئذ, المشركون. <br> | |
" وَهُوَ الْعَزِيزُ " الذي له العزة, التي قهر | |
بها الخلائق أجمعين " يؤتي الملك من يشاء وينزع الملك ممن | |
يشاء ويعز من يشاء ويذل من يشاء " . <br> | |
" الرَّحِيمِ " بعباده المؤمنين, حيث قيض لهم من | |
الأسباب التي تسعدهم وتنصرهم, ما لا يدخل في الحساب</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وعد الله لا يخلف الله وعده ولكن أكثر الناس لا يعلمون " </h1> | |
<p>وعد الله المؤمنين وعدا جازما لا يتخلف, بنصر الروم النصارى على الفرس | |
الوثنيين, ولكن أكثر كفار (مكة) لا يعلمون أن ما وعد الله به حق, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يعلمون ظاهرا من الحياة الدنيا وهم عن الآخرة هم غافلون " </h1> | |
<p>وإنما يعلمون ظواهر الدنيا وزخرفها, وهم عن | |
أمور الآخرة, ما ينفعهم فيها غافلون, لا يفكرون فيها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أولم يتفكروا في أنفسهم ما خلق الله السماوات والأرض وما بينهما | |
إلا بالحق وأجل مسمى وإن كثيرا من الناس بلقاء ربهم لكافرون " </h1> | |
<p>أو لم يتفكر هؤلاء المكذبون برسل الله ولقائه في خلق الله إياهم, وأنه | |
خلقهم, ولم يكونوا شيئا. <br> | |
ما خلق الله السموات والأرض وما بينهما إلا لاقامة العدل والثواب والعقاب, | |
والدلالة على توحيده وقدرته, وأجل مسمى تنتهي إليه وهو يوم القيامة؟ كان كثيرا من | |
الناس بلقاء ربهم لجاحدون منكرون; جهلا منهم بأن معادهم إلى الله بعد فنائهم, | |
وغفلة منهم عن الآخرة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم | |
كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات | |
فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون " </h1> | |
<p>أولم يسر هؤلاء المكذبون بالله الغافلون عن | |
الآخرة في الأرض سير تأمل واعتبار, فيشاهدوا كيف كان جزاء الأمم الذين كذبوا برسل | |
الله كعاد وثمود؟ وقد كانوا أقوى منهم أجساما, وأقدر على التمتع بالحياة حيث حرثوا | |
الأرض وزرعوها, وبنوا القصور وسكنوها, فعمروا دنياهم أكثر مما عمر أهل (مكة) | |
دنياهم, فلم تنفعهم عمارتهم ولا طول مدتهم, وجاءتهم رسلهم بالحجج الظاهرة | |
والبراهين الساطعة, فكذبوهم فأهلكهم الله, ولم يظلمهم الله بذلك الإهلاك, وإنما | |
ظلموا أنفسهم بالشرك والعصيان. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ثم كان عاقبة الذين أساءوا السوءى أن كذبوا بآيات الله وكانوا | |
بها يستهزئون " </h1> | |
<p>ثم كانت عاقبة أهل السوء من الطغاة والكفرة | |
أسوأ العواقب وأقبحها; لتكذيبهم بالله وسخريتهم بآياته التي أنزلها على رسله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله يبدأ الخلق ثم يعيده ثم إليه ترجعون " </h1> | |
<p>الله وحده هو المتفرد بإنشاء المخلوقات كلها, وهو القادر وحده على | |
إعادتها مرة أخرى, ثم إليه يرجع جميع الخلق, فيجازي المحسن بإحسانه والمسيء | |
بإساءته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ويوم تقوم الساعة يبلس المجرمون " </h1> | |
<p>ويوم تقوم الساعة ييئس المجرمون من النجاة | |
من العذاب, وتصيبهم الحيرة فتنقطع حجتهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولم يكن لهم من شركائهم شفعاء وكانوا بشركائهم كافرين " </h1> | |
<p>ولم يكن للمشركين في ذلك اليوم من آلهتهم التي كانوا يعبدونها من دون | |
الله شفعاء, بل إنها تتبرأ منهم, ويترؤون منها. <br> | |
فالشفاعة لله وحده, ولا تطلب من غيره. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون " </h1> | |
<p>ويوم تقوم الساعة يفترق أهل الإيمان به وأهل الكفر, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأما الذين آمنوا وعملوا الصالحات فهم في روضة يحبرون " </h1> | |
<p>فأما المؤمنون بالله ورسوله, العاملون | |
الصالحات فهم في الجنة, يكرمون ويسرون وينغمون. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وأما الذين كفروا وكذبوا بآياتنا ولقاء الآخرة فأولئك في العذاب | |
محضرون " </h1> | |
<p>وأما الذين كفروا بالله وكذبوا بما جاءت به | |
الرسل وأنكروا البعث بعد الموت, فأولئك في العذاب مقيمون; جزاء ما كذبوا به في | |
الدنيا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فسبحان الله حين تمسون وحين تصبحون " </h1> | |
<p>فيا أيها المؤمنون سبحوا الله ونزهوه عن الشريك والصاحبة والولد, وصفوه | |
بصفات الكمال بألسنتكم, وحققوا ذلك بجوارحكم كلها حين تمسون, وحين تصبحون, ووقت | |
العشي, ووقت الظهيرة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وله الحمد في السماوات والأرض وعشيا وحين تظهرون " </h1> | |
<p>وله - سبحانه- الحمد والثناء في السموات والأرض وفي الليل والنهار.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي ويحيي الأرض بعد موتها | |
وكذلك تخرجون " </h1> | |
<p>يخرج الله الحي من الميت كالإنسان من النطفة | |
والطير من البيضة, ويخرج الميت من الحي, كالنطفة من الإنسان والبيضة من الطير. <br> | |
ويحيي الأرض بالنبات بعد يبسها وجفافها, ومثل هذا الإحياء تخرجون -أيها الناس- من | |
قبوركم أحياء للحساب والجزاء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته أن خلقكم من تراب ثم إذا أنتم بشر تنتشرون " </h1> | |
<p>ومن آيات الله الدالة على عظمته وكمال قدرته أن خلق آباكم آدم من تراب, | |
ثم أنتم بئر تتناسلون منتشرين في الأرض, تبتغون من فضل الله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل | |
بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون " </h1> | |
<p>ومن آياته الدالة على عظمته وكمال قدرته أن | |
خلق لأجلكم من جنسكم -أيها الرجال- أزواجا; لتطمئن نفوسكم إليها وتسكن, وجعل بين | |
المرأة وزوجها محبة وشفقة, إن في خلق الله ذلك لآيات دالة على قدرة الله ووحدانيته | |
لقوم يتفكرون, ويتدبرون. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته خلق السماوات والأرض واختلاف ألسنتكم وألوانكم إن في | |
ذلك لآيات للعالمين " </h1> | |
<p>ومن دلائل القدرة الربانية: خلق السموات | |
وارتفاعها بغير عمد, وخلق الأرض مع اتساعها وامتدادها, واختلاف لغاتكم وتباين | |
ألوانكم, إن في هذا لعبرة لكل ذي علم وبصيرة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته منامكم بالليل والنهار وابتغاؤكم من فضله إن في ذلك | |
لآيات لقوم يسمعون " </h1> | |
<p>ومن دلائل هذه القدرة أن جعل الله النوم | |
راحة لكم في الليل أو النهار; إذ في النوم حصول الراحة وذهاب التعب, وجعل لكم النهار | |
تنتشرون فيه لطلب الرزق, إن في ذلك لدلائل على كمال قدرة الله ونفوذ مشيئته لقوم | |
يسمعون المواعظ سماع تأمل وتفكر واعتبار. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته يريكم البرق خوفا وطمعا وينزل من السماء ماء فيحيي به | |
الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " </h1> | |
<p>ومن دلائل قدرته سبحانه أن يريكم البرق, | |
فتخافون من الصواعق, وتطمعون في الغيث, وينزل من السحاب مطرا تحيا به الأرض بعد | |
جدبها وجفافها, إن في هذا لدليلا على كمال قدرة الله وعظيم حكمته وإحسانه لكل من | |
لديه عقل يهتدي به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته أن تقوم السماء والأرض بأمره ثم إذا دعاكم دعوة من الأرض | |
إذا أنتم تخرجون " </h1> | |
<p>ومن آياته الدالة على قدرته قيام الماء والأرض واستقرارهما وثباتهما | |
بأمره, فلم تتزلزلا, ولم تسقط السماء على الأرض, ثم إذا دعاكم الله إلى البعث يوم | |
القيامة, إذا أنتم تخرجون من القبور مسرعين. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وله من في السماوات والأرض كل له قانتون " </h1> | |
<p>ولله وحده كل من في السموات والأرض من الملائكة والإنس والجن والحيوان | |
والنبات والجماد, كل هؤلاء منقادون لأمره خاضعون لكماله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وهو الذي يبدأ الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه وله المثل الأعلى | |
في السماوات والأرض وهو العزيز الحكيم " </h1> | |
<p>والله وحده الذي يبدأ الخلق من العدم ثم يعيده حيا بعد الموت, وإعادة | |
الخلق حيا بعد الموت أهون على الله من ابتداء خلقهم, وكلاهما عليه هين. <br> | |
وله سبحانه الوصف الأعلى في كل ما يوصف به, ليس كمثله شيء, وهو السميع البصير. <br> | |
وهو العزيز الذي لا يغالب, الحكيم في أقواله وأفعاله, وتدبير أمور خلقه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ضرب لكم مثلا من أنفسكم هل لكم من ما ملكت أيمانكم من شركاء في | |
ما رزقناكم فأنتم فيه سواء تخافونهم كخيفتكم أنفسكم كذلك نفصل الآيات لقوم يعقلون | |
" </h1> | |
<p>ضرب الله مثلا لكم -أيها المشركون -من | |
أنفسكم: هل لكم من عبيدكم وإمائكم من يشارككم في رزقكم, وترون أنكم وإياهم متساوون | |
فيه, تخافونهم كما تخافون الأحرار الشركاء في مقاسمة أموالكم؟ إنكم لن ترضوا بذلك, | |
فكيف ترضون بذلك في جنب الله بأن تجعلوا له شريكا من خلقه؟ وبمثل هذا البيان نبين | |
البراهين والحجج لأصحاب العقول السليمة الذين ينتفعون بها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" بل اتبع الذين ظلموا أهواءهم بغير علم فمن يهدي من أضل الله وما | |
لهم من ناصرين " </h1> | |
<p>بل اتبع المشركون أهواءهم بتقليد آبائهم بغير علم, فشاركوهم في الجهل | |
والضلالة; ولا أحد يقدر على هداية من أضله الله بسبب تماديه في الكفر والعناد, | |
وليس لهؤلاء من أنصار يخلصونهم من عذاب الله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأقم وجهك للدين حنيفا فطرة الله التي فطر الناس عليها لا تبديل | |
لخلق الله ذلك الدين القيم ولكن أكثر الناس لا يعلمون " </h1> | |
<p>فأقم -يا محمد أنت ومن اتبعك- وجهك, واستمر على الدين الذي شرعه الله | |
لك, وهو الإسلام الذي فطر الله الناس عليه, فبقاؤكم عليه, وتمسككم به, تمسك بفطرة | |
الله من الإيمان بالله وحده, لا تبديل لخلق الله ودينه, فهو الطريق المستقيم | |
الموصل إلى رضا الله رب العالمين وجنته, ولكن أكثر الناس لا يعلمون أن الذي أمرتك | |
به -يا محمد- هو الدين الحق دون سواه.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" منيبين إليه واتقوه وأقيموا الصلاة ولا تكونوا من المشركين | |
" </h1> | |
<p>وكونوا راجعين إلى الله بالتوبة وإخلاص العمل له, واتقوه بفعل الأوامر | |
واجتناب النواهي, وأقيموا الصلاة تامة بأركانها وواجباتها وشروطها, ولا تكونوا من | |
المشركين مع الله غيره في العبادة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" من الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون | |
" </h1> | |
<p>ولا تكونوا من المشركين وأهل الأهواء والبدع الذين بدلوا دينهم,, | |
وغيروه, فأخذوا بعضه,, تركوا بعضه; تبعا لأهوائهم, فصاروا فرقا وأحزابا, يتشيعون | |
لرؤسائهم وأحزابهم وآرائهم, يعين بعضهم بعضا على الباطل, كل حزب بما لديهم فرحون | |
مسرورون, يحكمون لأنفسهم بأنهم على الحق وغيرهم على الباطل. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإذا مس الناس ضر دعوا ربهم منيبين إليه ثم إذا أذاقهم منه رحمة | |
إذا فريق منهم بربهم يشركون " </h1> | |
<p>وإذا أصاب الناس شدة وبلاء دعوا ربهم مخلصين له أن يكشف عنهم الضر, | |
فإذا رحمهم وكشف عنهم ضرهم إذا فريق منهم يعودون إلى الشرك مرة أخرى, فيعبدون مع | |
الله غيره. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ليكفروا بما آتيناهم فتمتعوا فسوف تعلمون " </h1> | |
<p>ليكفروا بما آتيناهم ومننا به عليهم من كشف الضر, وزوال الشدة عنهم, | |
فتمتعوا -أيها المشركون- بالرخاء والسعة في هذه الدنيا, فسوف تعلمون ما تلقونه من | |
العذاب والعقاب. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أم أنزلنا عليهم سلطانا فهو يتكلم بما كانوا به يشركون " </h1> | |
<p>أم أنزلنا على هؤلاء المشركين برهانا ساطعا | |
وكتابا قاطعا, ينطق بصحة شركهم وكفرهم بالله وآياته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإذا أذقنا الناس رحمة فرحوا بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت | |
أيديهم إذا هم يقنطون " </h1> | |
<p>وإذا أذقنا الناس منا نعمة من صحة وعافية ورخاء, فرحوا بذلك فرح بطر | |
وأشر, لا فرح شكر, وإن يصبهم مرض وفقر وخوف وضيق بسبب ذنوبهم ومعاصيهم, إذا هم | |
ييئسون من زوال ذلك, وهذا طبيعة أكثر الناس في الرخاء والشدة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أولم يروا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات | |
لقوم يؤمنون " </h1> | |
<p>أو لم يعلموا أن الله يوسع الرزق لمن يشاء امتحانا, هل يشكر أو يكفر؟ | |
ويضيقه على من يشاء اختبارا, هل يصبر أو يجزع؟ إن في ذلك التوسيع والتضييق لآيات | |
لقوم يؤمنون بالله ويعرفون حكمة الله ورحمته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فآت ذا القربى حقه والمسكين وابن السبيل ذلك خير للذين يريدون | |
وجه الله وأولئك هم المفلحون " </h1> | |
<p>فأعط -أيها المؤمن- قريبك حقه من الصلة والصدقة وسائر أعمال البر, وأعط | |
الفقير والمحتاج الذي انقطع به السبيل من الزكاة والصدقة, ذلك الإعطاء خير للذين | |
يريدون بعملهم وجه الله, والذين يعملون هذه الأعمال وغيرها من أعمال الخير, أولئك | |
هم الفائزون بثواب الله الناجون من عقابه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله وما | |
آتيتم من زكاة تريدون وجه الله فأولئك هم المضعفون " </h1> | |
<p>وما أعطيتم قرضا من المال بقصد الربا, وطلب | |
زيادة ذلك القرض; ليزيد وينمو في أموال الناس, فلا يزيد عند الله, بل يمحقه | |
ويبطله. <br> | |
وما أعطيتم من زكاة وصدقة للمستحقين ابتغاء مرضاة الله وطلبا لثوابه, فهذا هو الذي | |
يقبله الله ويضاعفه لكم أضعافا كثيرة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله الذي خلقكم ثم رزقكم ثم يميتكم ثم يحييكم هل من شركائكم من | |
يفعل من ذلكم من شيء سبحانه وتعالى عما يشركون " </h1> | |
<p>الله وحده هو الذي خلقكم -أيها الناس- ثم | |
رزقكم في هذه الحياة, ثم يميتكم بانتهاء آجالكم, ثم يبعثكم من القبور أحياء للحساب | |
والجزاء, هل من شركائكم من يفعل من ذلكم من شيء؟ تنره الله وتقدس عن شرك هؤلاء | |
المشركين به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض | |
الذي عملوا لعلهم يرجعون " </h1> | |
<p>ظهر الفساد في البر والبحر, كالجدب وقلة | |
الأمطار وكثرة الأمراض والأوبئ;! وذلك بسبب المعاصي التي يقترفها البشر; ليصيبهم | |
بعقوبة بعض أعمالهم التي عملوها في الدنيا; كي توبوا إلى الله -سبحانه- ويرجعوا عن | |
المعاصي, فتصلح أحوالهم, وتستقيم أمورهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قل سيروا في الأرض فانظروا كيف كان عاقبة الذين من قبل كان | |
أكثرهم مشركين " </h1> | |
<p>قل -يا محمد- للمكذبين بما جئت به: سيروا في | |
أنحاء الأرض سير اعتبار وتأمل, فانظروا كيف كان عاقبة الأمم السابقة المكذبة كقوم | |
نوح, وعاد وثمود, تجدوا عاقبتهم شر العواقب ومالهم شر مال؟ فقد كان أكثرهم مشركين | |
بالله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فأقم وجهك للدين القيم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله | |
يومئذ يصدعون " </h1> | |
<p>فوجه وجهك -يا محمد- نحو الدين المستقيم, | |
وهو الإسلام, منفذا أوامره مجتنبا نواهيه, واستمسك به من قبل مجيء يوم القيامة, | |
فإذا جاء ذلك اليوم الذي لا يقدر أحد على رده تفرقت الخلائق أشتاتا متفاوتين; | |
ليروا أعمالهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" من كفر فعليه كفره ومن عمل صالحا فلأنفسهم يمهدون " </h1> | |
<p>من كفر فعليه عقوبة كفره, وهي خلوده في | |
النار, ومن آمن وعمل صالحا فلأنفسهم يهيئون منازل الجنة; بسبب تمسكهم بطاعة ربهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ليجزي الذين آمنوا وعملوا الصالحات من فضله إنه لا يحب الكافرين | |
" </h1> | |
<p>ليجزي الله الذين آمنوا بالله ورسوله وعملوا الصالحات من فضله وإحسانه. | |
<br> | |
إنه لا يحب الكافرين لسخطه وغضبه عليهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته أن يرسل الرياح مبشرات وليذيقكم من رحمته ولتجري | |
الفلك بأمره ولتبتغوا من فضله ولعلكم تشكرون " </h1> | |
<p>ومن آيات الله الدالة على وحدانيته وعظيم قدرته إرسال الرياح أمام | |
المطر مبشرات بإثارتها للسحاب, فتستبشر بذلك النفوس; وليذيقكم من رحمته بإنزاله | |
المطر الذي تحيا به البلاد والعباد, ولتجري السفن في البحر بأمر الله ومشيئته, | |
ولتبتغوا من فضله بالتجارة وغيرها; رجاء أن تشكروا له نعمه بتوحيده وطاعته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولقد أرسلنا من قبلك رسلا إلى قومهم فجاءوهم بالبينات فانتقمنا | |
من الذين أجرموا وكان حقا علينا نصر المؤمنين " </h1> | |
<p>ولقد أرسلنا من قبلك -يا محمد- رسلا إلى قومهم مبشرين ومنذرين يدعونهم | |
إلى التوحيد, ويحذرونهم من الشرك, فجاؤوهم بالمعجزات والبراهين الساطعة, فكفر | |
أكثرهم بربهم, فانتقمنا من الذين اكتسبوا السيئات منهم, فأهلكناهم, ونصرنا | |
المؤمنين أتباع الرسل, وكذلك نفعل بالمكذبين بك إن استمروا على تكذيبك, ولم | |
يؤمنوا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله الذي يرسل الرياح فتثير سحابا فيبسطه في السماء كيف يشاء | |
ويجعله كسفا فترى الودق يخرج من خلاله فإذا أصاب به من يشاء من عباده إذا هم | |
يستبشرون " </h1> | |
<p>الله -سبحانه- هو الذي يرسل الرياح فتثير | |
سحابا مثقلا بالماء, فينشره الله في السماء كيف يشاء, ويجعله قطعا متفرقة, فترى | |
المطر يخرج من بين السحاب, فإذا ساقه الله إلى عباده إذا هم يستبشرون ويفرحون بأن | |
الله صرف ذلك إليهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإن كانوا من قبل أن ينزل عليهم من قبله لمبلسين " </h1> | |
<p>فإن كانوا من قبل نزول المطر لفي يأس وقنوط; بسبب احتباسه عنهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فانظر إلى آثار رحمة الله كيف يحيي الأرض بعد موتها إن ذلك | |
لمحيي الموتى وهو على كل شيء قدير " </h1> | |
<p>فانظر -أيها المشاهد- نظر تأمل وتدبر إلى آثار المطر في النبات والزروع | |
والشجر, كيف يحيي به الله الأرض بعد موتها, فينبتها ويعشبها؟ إن الذي قدر على | |
إحياء هذه الأرض لمحيي الموتى, وهو على كل شيء قدير لا يعجزه شيء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولئن أرسلنا ريحا فرأوه مصفرا لظلوا من بعده يكفرون " </h1> | |
<p>ولئن أرسلنا على زروعهم ونباتهم ربحا مفسدة, فرأوا نباتهم قد فسد بتلك | |
الريح, فصار من بعد خضرته مصفرا, لمكثوا من بعد رؤيتهم له يكفرون بالله </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فإنك لا تسمع الموتى ولا تسمع الصم الدعاء إذا ولوا مدبرين | |
" </h1> | |
<p>فإنك -يا محمد- لا تسمع من مات قلبه, أو سد | |
أذنه عن سماع الحق, فلا تجزع ولا تحزن على عدم إيمان هؤلاء المشركين بك, فإنهم | |
كالصم والموتى لا يسمعون, ولا يشعرون ولو كانوا حاضرين, فكيف إذا كانوا غائبين عنك | |
مدبرين؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما أنت بهادي العمي عن ضلالتهم إن تسمع إلا من يؤمن بآياتنا | |
فهم مسلمون " </h1> | |
<p>وما أنت -يا محمد- بمرشد من أعماه الله عن | |
طريق الهدى, ما تسمع سماع انتفاع إلا من يؤمن بآياتنا, فهم خاضعون ممثلون لأمر | |
الله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله الذي خلقكم من ضعف ثم جعل من بعد ضعف قوة ثم جعل من بعد | |
قوة ضعفا وشيبة يخلق ما يشاء وهو العليم القدير " </h1> | |
<p>الله تعالى هو الذي خلقكم من ماء ضعيف مهين, | |
وهو النطفة, ثم جعل من بعد ضعف الطفولة قوة الرجولة, ثم جعل من بعد هذه القوة ضعف | |
الكبر والهرم, يخلق الله ما يشاء من الضعف والقوة, وهو العيم بخلقه, القادر على كل | |
شيء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ويوم تقوم الساعة يقسم المجرمون ما لبثوا غير ساعة كذلك كانوا | |
يؤفكون " </h1> | |
<p>ويوم تجيء القيامة ويبعث الله الخلق من | |
قبورهم يقسم المشركون ما مكثوا في الدنيا غير فترة قصيرة من الزمن, كذبوا في | |
قسمهم, كما كانوا يكذبون في الدنيا, وينكرون الحق الذي جاءت به الرسل. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وقال الذين أوتوا العلم والإيمان لقد لبثتم في كتاب الله إلى | |
يوم البعث فهذا يوم البعث ولكنكم كنتم لا تعلمون " </h1> | |
<p>وقال الذين أوتوا العلم والإيمان بالله من | |
الملائكة والأنبياء والمؤمنين: لقد مكثتم فيما كتب الله مما سبق في علمه من يوم | |
خلقتم إلى أن بعثتم, فهذا يوم البعث, ولكنكم كنتم لا تعلمون, فأنكرتموه في الدنيا, | |
وكذبتم به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فيومئذ لا ينفع الذين ظلموا معذرتهم ولا هم يستعتبون " </h1> | |
<p>فيوم القيامة لا ينفع الظالمين ما يقدمونه | |
من أعذار, ولا يطلب منهم إرضاء الله تعالى بالتوبة والطاعة, بل يعاقبون بسيئاتهم | |
ومعاصيهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولقد ضربنا للناس في هذا القرآن من كل مثل ولئن جئتهم بآية | |
ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون " </h1> | |
<p>ولقد بينا للناس في هذا القرآن من كل مثل من | |
أجل إقامة الحجة عليهم وإثبات وحدانية الله جل وعلا, ولئن جئتهم -يا محمد- بأي حجة | |
تدل على صدقك ليقولن الذين كفروا بك: ما أنتم -يا محمد وأتباعك- إلا مبطلون فيما | |
تجيئوننا به من الأمور. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون " </h1> | |
<p>ومثل ذلك الختم يختم الله على قلوب الذين لا | |
يعلمون حقيقة ما تأتيهم به -يا محمد- من عند الله من هذه العبر والآيات البيات. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون " </h1> | |
<p>فاصبر -يا محمد- على ما ينالك من أذى قومك وتكذيبهم لك, إن ما وعدك | |
الله به من نصر وتمكين وثواب حق لا شك فيه, ولا يستفزنك عن دينك الذين لا يوقنون | |
بالميعاد, ولا يصدقون بالبعث والجزاء. </p> | |
<p> </p> | |
</div> |