سورة فاطر - تفسير السعدي | |
| | |
" الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي | |
| أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير " | |
الثناء | |
| الكامل لله خالق السموات والأرض ومبدعها, جاعل الملائكة رسلا إلى من يشاء من | |
| عباده, وفيما شاء من أمره ونهيه, ومن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة | |
| مثنى وثلاث ورباع تطير بها; لتبليغ ما أمر الله به, يزيد الله في خلقه ما يشاء. | |
| إن الله على كل شيء قدير, لا يستعصي عليه شيء. | |
" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له | |
| من بعده وهو العزيز الحكيم " | |
ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم | |
| وغير ذلك من النعم, فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة, وما يمسك منها فلا أحد | |
| يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. | |
| وهو العزيز القاهر لكل شيء, الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وفق حكمته. | |
" يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله | |
| يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون " | |
يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم | |
| بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم, فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر, ومن | |
| الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك. | |
| لا إله إلا هو وحده لا شريك له, فكيف تصرفون عن توحيده وعبادته؟ | |
" وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور " | |
فإن يكذبك قومك -يا محمد- فقد كذب رسل من قبلك, وإلى الله تصير الأمور | |
| في الآخرة, فيجازي كلا بما يستحق. | |
| وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم. | |
" يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا | |
| يغرنكم بالله الغرور " | |
يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب | |
| والعقاب حق ثابت, فلا تخدعنكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها, ولا يخدعنكم بالله | |
| الشيطان. | |
" إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من | |
| أصحاب السعير " | |
إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوا ولا | |
| تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال; ليكونوا من أصحاب النار الموقدة. | |
" الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم | |
| مغفرة وأجر كبير " | |
الذين جحدوا وحدانية الله وما جاءت به رسله لهم عذاب شديد في الآخرة, | |
| والذين صدقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات لهم ستر لذنوبهم وأجر كبير, وهو الجنة. | |
" أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من | |
| يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون " | |
أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما | |
| دونه من الآلهة والأوثان فرأه حسنا جميلا, كمن هداه الله تعالى, فرأى الحسن حسنا | |
| والسيئ سيئا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده, ويهدي من يشاء, فلا تهلك نفسك حزنا | |
| على كفر هؤلاء الضالين, إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء. | |
" والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا | |
| به الأرض بعد موتها كذلك النشور " | |
والله هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحابا, فسقناه إلى بلد جدب, فينزل | |
| الماء فأحيينا به الأرض بعد يبسها فتخضر بالنبات, مثل ذلك الإحياء يحيي الله | |
| الموتى يوم القيامة. | |
" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب | |
| والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور | |
| " | |
من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة | |
| فليطلبها من الله, ولا تنال إلا بطاعته, فلله العزة جميعا, فمن اعتز بالمخلوق أذله | |
| الله, ومن اعتز بالخالق أعزه الله, إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه. | |
| والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد, ومكر أولئك يهلك ويفسد, ولا يفيدهم شيئا. | |
" والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من | |
| أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على | |
| الله يسير " | |
والله خلق أباكم آدم من تراب, ئم جعل نسله | |
| من سلالة من ماء مهين, ثم جعلكم رجالا ونساء. | |
| وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه, وما يعمر من معمر, فيطول عمره, ولا ينقص من | |
| عمره إلا في كتاب عنده, وهو اللوح المحفوظ, قبل أن تحمل به أمه وقبل أن تضعه. | |
| قد أحصى الله ذلك كله, وعلمه قبل أن يخلقه, لا يزاد فيما كتب له ولا ينقص. | |
| إن خلقكم وعلم أحوالكم وكتابتها في اللوح المحفوظ سهل يسير على الله. | |
" وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن | |
| كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من | |
| فضله ولعلكم تشكرون " | |
وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة, | |
| سهل مروره في الحلق يزيل العطش, وهذا ملح شديد الملوحة, ومن كل من البحرين تأكلون | |
| سمكا طريا شهي الطعم, وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمرجان تلبسونها, وترى السفن فيه | |
| شاقات المياه; لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها. | |
| وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته; ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي | |
| أنعم بها عليكم. | |
" يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر | |
| كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير | |
| " | |
والله يدخل من ساعات الليل في النهار, فيزيد النهار بقدر ما نقص من | |
| الليل, ويدخل من ساعات النهار في الليل, فيزيد الليل بقدر ما نقص من النهار, وذلل | |
| الشمس والقمر, يجريان لوقت معلوم, ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله, | |
| والذين تعبدون من دون الله ما يملكون من قطمير, وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون | |
| على النواة. | |
" إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم | |
| القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " | |
إن تدعوا -أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم, | |
| ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم, ويوم القيامة يتبرؤون منكم, ولا أحد يخبرك | |
| -يا محمد- أصدق من الله العليم الخبير. | |
" يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد | |
| " | |
يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء, لا تستغنون عنه طرفة | |
| عين, وهو سبحانه الغني عن الناس وعن كل شيء من مخلوفاته, الحميد في ذاته وأسمائه | |
| وصفاته. | |
" إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد " | |
إن يشأ الله يهلكم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين أطوع لله منكم. | |
" وما ذلك على الله بعزيز " | |
وما إهلاككم والإتيان بخلق سواكم على الله | |
| بممتنع, بل ذلك على الله سهل يسير. | |
" ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه | |
| شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى | |
| فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير " | |
ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى, وإن تسأل نفس مثقلة بالخطايا من يحمل | |
| عنها من ذنوبها لم تجد من يحمل عنها شيئا, ولو كان الذي سألته ذا قرابة منها من أب | |
| أو أخ ونحوهما. | |
| إنما تحذر -يا محمد- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب, وأدوا الصلاة حق أدائها. | |
| ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه. | |
| وإلى الله سبحانه مال الخلائق ومصيرهم, فيجازي كلا بما يستحق. | |
" وما يستوي الأعمى والبصير " | |
وما يستوي الأعمى عن دين الله, والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه, | |
" ولا الظلمات ولا النور " | |
وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان, | |
" ولا الظل ولا الحرور " | |
ولا الظل ولا الريح الحارة, | |
" وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت | |
| بمسمع من في القبور " | |
وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان, وأموات القلوب بالكفر. | |
| إن الله يسمع من يشاء سماع فهم وقبول, وما أنت -يا محمد- بمسمع من في القبور, فكما | |
| لا تسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم, | |
" إن أنت إلا نذير " | |
إن أنت إلا نذير لهم غضب الله وعقابه. | |
" إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير | |
| " | |
إنا أرسلناك بالحق, وهو الإيمان بالله وشرائع الدين, مبشرا بالجنة من | |
| صدقك وعمل بهديك, ومحذرا من كذبك وعصاك النار. | |
| وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها. | |
" وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات | |
| وبالزبر وبالكتاب المنير " | |
وإن يكذبك هؤلاء المشركون فقد كذب الذين من قبلهم رسلهم الذين جاؤوهم | |
| بالمعجزات الواضحات الدالة على نبوتهم, وجاؤوهم بالكتب المجموع فيها كثير من | |
| الأحكام, وبالكتاب المنير الموضح لطريق الخير والشر. | |
" ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير " | |
ثم أخذت الذين كفروا بأنواع العذاب, فانظر | |
| كيف كان إنكاري لعملهم وحلول عقوبتي بهم؟ | |
" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا | |
| ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود " | |
ألم تر أن الله أنزل من السماء ما, فسقينا | |
| به أشجارا في الأرض, فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها, منها الأحمر | |
| ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخلقنا من الجبال طرائق بيضا وحمرا مختلفان | |
| ألوانها, وخلقنا من الجبال جبالا شديدة السواد. | |
" ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله | |
| من عباده العلماء إن الله عزيز غفور " | |
وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر | |
| والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك, فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف | |
| ألوان الثمار والجبال. | |
| إنما يخشى الله ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماء به سبحانه, وبصفاته, | |
| وبشرعه, وقدرته على كل شيء, ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها, ويتدبرون | |
| ما فيها من عظات وعبر. | |
| إن الله عزيز قوي لا يغالب, غفور يثيب أهل الطاعة, ويعفو عنهم. | |
" إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم | |
| سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور " | |
إن الذين يقرؤون القرآن, ويعملون به, | |
| وداوموا على الصلاة في أوقاتها, وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة | |
| والمستحبة سرا وجهرا, هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ولن تهلك, ألا وهي رضا ربهم, | |
| والفوز بجزيل ثوابه. | |
" ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور " | |
ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص, ويضاعف لهم الحسنات | |
| من فضله, إن الله غفور لسيئاتهم, شكور لحسناتهم, يثيبهم عليها الجزيل من الثواب. | |
" والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن | |
| الله بعباده لخبير بصير " | |
والذي أنزلناه إليك -يا محمد- من القرآن هو الحق المصدق للكتب التي | |
| أنزلها الله على رسله قبلك. | |
| إن الله بعباده لخبير بصير, لا يخفى عليه شيء. | |
" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه | |
| ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير " | |
ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن من | |
| اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, | |
| ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن | |
| الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب | |
| واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير. | |
" جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم | |
| فيها حرير " | |
جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه | |
| يحلون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ, ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب | |
| رفيقة. | |
" وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور | |
| " | |
وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي اذهب عنا كل حزن, إن ربنا | |
| لغفور; حيث غفر لنا الزلات, شكور; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها. | |
" الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا | |
| فيها لغوب " | |
وهو الذي أنزلنا دار الجنة من فضله, لا | |
| يمسنا فيها تعب ولا إعياء. | |
" والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم | |
| من عذابها كذلك نجزي كل كفور " | |
والذين كفروا لهم نار جهنم الموقدة, لا يقضى عليهم بالموت, فيموتوا | |
| ويستريحوا, ولا يخفف عنهم من عذابها, ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كل جحود له | |
| ولرسوله. | |
" وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل | |
| أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير | |
| " | |
وهؤلاء الكفار يصرخون من شدة العذاب في نار | |
| جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم, وردنا إلى الدنيا نعمل صالحا غير الذي | |
| كنا نعمله في حياتنا الدنيا, فنؤمن بدل الكفر, فيقول لهم: أولم نمهلكم في الحياة | |
| قدرا وافيا من العمر, يتعظ فيه من اتعظ, وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك | |
| لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم, فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب | |
| الله. | |
" إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور " | |
إن الله مطلع على كل غائب في السموات والأرض, فإنه عليم بخفايا الصدور, | |
| فاتقوه أن يطلع عليكم, وأنتم تضمرون الشك أو الشرك في وحدانيته, أو في نبوة محمد | |
| صلى الله عليه وسلم, أو أن تعصوه بما دون ذلك. | |
" هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد | |
| الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا " | |
الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يخلف بعضكم | |
| بعضا في الأرض, فمن جحد الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم | |
| عند ربهم إلا بغضا وغضبا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكا. | |
" قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من | |
| الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد | |
| الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا " | |
قل -يا محمد- للمشركين: أخبروني أي شيء خلق | |
| شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركا مع الله في خلق | |
| السموات, أم أعطيناهم كتابا فهم على حجة منه؟ بل ما يعد الكافرون بعضهم بعضا إلا | |
| غرورا وخداعا. | |
" إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما | |
| من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " | |
إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا عن | |
| مكانهما, ولئن زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعد. | |
| إن الله كان حليما في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورا لمن تاب من ذنبه | |
| ورجع إليه. | |
" وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى | |
| الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا " | |
وأقسم كفار قريش بالله أشد الأيمان: لئن | |
| جاءهم رسول من عند الله يخوفهم عقاب الله ليكونن أكثر استقامة واتباعا للحق من | |
| اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا | |
| بعدا عن الحق ونفورا منه. | |
" استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله | |
| فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا | |
| " | |
ليس إقسامهم لقصد حسن وطلبا للحق, وإنما هو | |
| استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيئ والخداع والباطل, ولا يحيق | |
| المكر السيئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل | |
| بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا, فلا يستطيع أحد أن | |
| يبدل, ولا أن يحول العذاب عن نفسه أو غيره. | |
" أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم | |
| وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان | |
| عليما قديرا " | |
أو لم يسر كفار (مكة) في الأرض, فينظروا كيف | |
| كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حل بهم من الدمار, وبديارهم من | |
| الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشا من كفار (مكة)؟ وما كان | |
| الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السموات ولا في الأرض, إنه كان عليما | |
| بأفعالهم, قديرا على إهلاكهم. | |
" ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن | |
| يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا " | |
ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر | |
| الأرض من دابة تدب عليها, ولكن يمهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده, فإذا جاء | |
| وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرا, لا يخفى عليه أحد منهم, ولا يعزب عنه علم | |
| شيء من أمورهم, وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً