<div class="wrapper" style="padding:10px;"> | |
<h1 class="title">سورة فاطر - تفسير السعدي</h1> | |
| |
<div class=Section1 dir=RTL> | |
<p><h1>" الحمد لله فاطر السماوات والأرض جاعل الملائكة رسلا أولي | |
أجنحة مثنى وثلاث ورباع يزيد في الخلق ما يشاء إن الله على كل شيء قدير " </h1></p> | |
<p>الثناء | |
الكامل لله خالق السموات والأرض ومبدعها, جاعل الملائكة رسلا إلى من يشاء من | |
عباده, وفيما شاء من أمره ونهيه, ومن عظيم قدرة الله أن جعل الملائكة أصحاب أجنحة | |
مثنى وثلاث ورباع تطير بها; لتبليغ ما أمر الله به, يزيد الله في خلقه ما يشاء. <br> | |
إن الله على كل شيء قدير, لا يستعصي عليه شيء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ما يفتح الله للناس من رحمة فلا ممسك لها وما يمسك فلا مرسل له | |
من بعده وهو العزيز الحكيم " </h1> | |
<p>ما يفتح الله للناس من رزق ومطر وصحة وعلم | |
وغير ذلك من النعم, فلا أحد يقدر أن يمسك هذه الرحمة, وما يمسك منها فلا أحد | |
يستطيع أن يرسلها بعده سبحانه وتعالى. <br> | |
وهو العزيز القاهر لكل شيء, الحكيم الذي يرسل الرحمة ويمسكها وفق حكمته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم هل من خالق غير الله | |
يرزقكم من السماء والأرض لا إله إلا هو فأنى تؤفكون " </h1> | |
<p>يا أيها الناس اذكروا نعمة الله عليكم | |
بقلوبكم وألسنتكم وجوارحكم, فلا خالق لكم غير الله يرزقكم من السماء بالمطر, ومن | |
الأرض بالماء والمعادن وغير ذلك. <br> | |
لا إله إلا هو وحده لا شريك له, فكيف تصرفون عن توحيده وعبادته؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإن يكذبوك فقد كذبت رسل من قبلك وإلى الله ترجع الأمور " </h1> | |
<p>فإن يكذبك قومك -يا محمد- فقد كذب رسل من قبلك, وإلى الله تصير الأمور | |
في الآخرة, فيجازي كلا بما يستحق. <br> | |
وفي هذا تسلية للرسول صلى الله عليه وسلم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يا أيها الناس إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا | |
يغرنكم بالله الغرور " </h1> | |
<p>يا أيها الناس إن وعد الله بالبعث والثواب | |
والعقاب حق ثابت, فلا تخدعنكم الحياة الدنيا بشهواتها ومطالبها, ولا يخدعنكم بالله | |
الشيطان. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا إنما يدعو حزبه ليكونوا من | |
أصحاب السعير " </h1> | |
<p>إن الشيطان لبني آدم عدو, فاتخذوه عدوا ولا | |
تطيعوه, إنما يدعو أتباعه إلى الضلال; ليكونوا من أصحاب النار الموقدة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الذين كفروا لهم عذاب شديد والذين آمنوا وعملوا الصالحات لهم | |
مغفرة وأجر كبير " </h1> | |
<p>الذين جحدوا وحدانية الله وما جاءت به رسله لهم عذاب شديد في الآخرة, | |
والذين صدقوا الله ورسوله وعملوا الصالحات لهم ستر لذنوبهم وأجر كبير, وهو الجنة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أفمن زين له سوء عمله فرآه حسنا فإن الله يضل من يشاء ويهدي من | |
يشاء فلا تذهب نفسك عليهم حسرات إن الله عليم بما يصنعون " </h1> | |
<p>أفمن حسن له الشيطان أعماله السيئة من معاصي الله والكفر وعبادة ما | |
دونه من الآلهة والأوثان فرأه حسنا جميلا, كمن هداه الله تعالى, فرأى الحسن حسنا | |
والسيئ سيئا؟ فإن الله يضل من يشاء من عباده, ويهدي من يشاء, فلا تهلك نفسك حزنا | |
على كفر هؤلاء الضالين, إن الله عليم بقبائحهم وسيجازيهم عليها أسوأ الجزاء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والله الذي أرسل الرياح فتثير سحابا فسقناه إلى بلد ميت فأحيينا | |
به الأرض بعد موتها كذلك النشور " </h1> | |
<p>والله هو الذي أرسل الرياح فتحرك سحابا, فسقناه إلى بلد جدب, فينزل | |
الماء فأحيينا به الأرض بعد يبسها فتخضر بالنبات, مثل ذلك الإحياء يحيي الله | |
الموتى يوم القيامة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" من كان يريد العزة فلله العزة جميعا إليه يصعد الكلم الطيب | |
والعمل الصالح يرفعه والذين يمكرون السيئات لهم عذاب شديد ومكر أولئك هو يبور | |
" </h1> | |
<p>من كان يطلب عزة في الدنيا أو الآخرة | |
فليطلبها من الله, ولا تنال إلا بطاعته, فلله العزة جميعا, فمن اعتز بالمخلوق أذله | |
الله, ومن اعتز بالخالق أعزه الله, إليه سبحانه يصعد ذكره والعمل الصالح يرفعه. <br> | |
والذين يكتسبون السيئات لهم عذاب شديد, ومكر أولئك يهلك ويفسد, ولا يفيدهم شيئا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والله خلقكم من تراب ثم من نطفة ثم جعلكم أزواجا وما تحمل من | |
أنثى ولا تضع إلا بعلمه وما يعمر من معمر ولا ينقص من عمره إلا في كتاب إن ذلك على | |
الله يسير " </h1> | |
<p>والله خلق أباكم آدم من تراب, ئم جعل نسله | |
من سلالة من ماء مهين, ثم جعلكم رجالا ونساء. <br> | |
وما تحمل من أنثى ولا تضع إلا بعلمه, وما يعمر من معمر, فيطول عمره, ولا ينقص من | |
عمره إلا في كتاب عنده, وهو اللوح المحفوظ, قبل أن تحمل به أمه وقبل أن تضعه. <br> | |
قد أحصى الله ذلك كله, وعلمه قبل أن يخلقه, لا يزاد فيما كتب له ولا ينقص. <br> | |
إن خلقكم وعلم أحوالكم وكتابتها في اللوح المحفوظ سهل يسير على الله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما يستوي البحران هذا عذب فرات سائغ شرابه وهذا ملح أجاج ومن | |
كل تأكلون لحما طريا وتستخرجون حلية تلبسونها وترى الفلك فيه مواخر لتبتغوا من | |
فضله ولعلكم تشكرون " </h1> | |
<p>وما يستوي البحران: هذا عذب شديد العذوبة, | |
سهل مروره في الحلق يزيل العطش, وهذا ملح شديد الملوحة, ومن كل من البحرين تأكلون | |
سمكا طريا شهي الطعم, وتستخرجون زينة هي اللؤلؤ والمرجان تلبسونها, وترى السفن فيه | |
شاقات المياه; لتبتغوا من فضله من التجارة وغيرها. <br> | |
وفي هذا دلالة على قدرة الله ووحدانيته; ولعلكم تشكرون لله على هذه النعم التي | |
أنعم بها عليكم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يولج الليل في النهار ويولج النهار في الليل وسخر الشمس والقمر | |
كل يجري لأجل مسمى ذلكم الله ربكم له الملك والذين تدعون من دونه ما يملكون من قطمير | |
" </h1> | |
<p>والله يدخل من ساعات الليل في النهار, فيزيد النهار بقدر ما نقص من | |
الليل, ويدخل من ساعات النهار في الليل, فيزيد الليل بقدر ما نقص من النهار, وذلل | |
الشمس والقمر, يجريان لوقت معلوم, ذلكم الذي فعل هذا هو الله ربكم له الملك كله, | |
والذين تعبدون من دون الله ما يملكون من قطمير, وهي القشرة الرقيقة البيضاء تكون | |
على النواة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن تدعوهم لا يسمعوا دعاءكم ولو سمعوا ما استجابوا لكم ويوم | |
القيامة يكفرون بشرككم ولا ينبئك مثل خبير " </h1> | |
<p>إن تدعوا -أيها الناس- هذه المعبودات من دون الله لا يسمعوا دعاءكم, | |
ولو سمعوا على سبيل الفرض ما أجابوكم, ويوم القيامة يتبرؤون منكم, ولا أحد يخبرك | |
-يا محمد- أصدق من الله العليم الخبير. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني الحميد | |
" </h1> | |
<p>يا أيها الناس أنتم المحتاجون إلى الله في كل شيء, لا تستغنون عنه طرفة | |
عين, وهو سبحانه الغني عن الناس وعن كل شيء من مخلوفاته, الحميد في ذاته وأسمائه | |
وصفاته. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن يشأ يذهبكم ويأت بخلق جديد " </h1> | |
<p>إن يشأ الله يهلكم أيها الناس, ويأت بقوم آخرين أطوع لله منكم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما ذلك على الله بعزيز " </h1> | |
<p>وما إهلاككم والإتيان بخلق سواكم على الله | |
بممتنع, بل ذلك على الله سهل يسير. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه | |
شيء ولو كان ذا قربى إنما تنذر الذين يخشون ربهم بالغيب وأقاموا الصلاة ومن تزكى | |
فإنما يتزكى لنفسه وإلى الله المصير " </h1> | |
<p>ولا تحمل نفس مذنبة ذنب نفس أخرى, وإن تسأل نفس مثقلة بالخطايا من يحمل | |
عنها من ذنوبها لم تجد من يحمل عنها شيئا, ولو كان الذي سألته ذا قرابة منها من أب | |
أو أخ ونحوهما. <br> | |
إنما تحذر -يا محمد- الذين يخافون عذاب ربهم بالغيب, وأدوا الصلاة حق أدائها. <br> | |
ومن تطهر من الشرك وغيره من المعاصي فإنما يتطهر لنفسه. <br> | |
وإلى الله سبحانه مال الخلائق ومصيرهم, فيجازي كلا بما يستحق. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما يستوي الأعمى والبصير " </h1> | |
<p>وما يستوي الأعمى عن دين الله, والبصير الذي أبصر طريق الحق واتبعه, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولا الظلمات ولا النور " </h1> | |
<p>وما تستوي ظلمات الكفر ونور الإيمان, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولا الظل ولا الحرور " </h1> | |
<p>ولا الظل ولا الريح الحارة, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما يستوي الأحياء ولا الأموات إن الله يسمع من يشاء وما أنت | |
بمسمع من في القبور " </h1> | |
<p>وما يستوي أحياء القلوب بالإيمان, وأموات القلوب بالكفر. <br> | |
إن الله يسمع من يشاء سماع فهم وقبول, وما أنت -يا محمد- بمسمع من في القبور, فكما | |
لا تسمع الموتى في قبورهم فكذلك لا تسمع هؤلاء الكفار لموت قلوبهم, </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن أنت إلا نذير " </h1> | |
<p>إن أنت إلا نذير لهم غضب الله وعقابه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إنا أرسلناك بالحق بشيرا ونذيرا وإن من أمة إلا خلا فيها نذير | |
" </h1> | |
<p>إنا أرسلناك بالحق, وهو الإيمان بالله وشرائع الدين, مبشرا بالجنة من | |
صدقك وعمل بهديك, ومحذرا من كذبك وعصاك النار. <br> | |
وما من أمة من الأمم إلا جاءها نذير يحذرها عاقبة كفرها وضلالها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وإن يكذبوك فقد كذب الذين من قبلهم جاءتهم رسلهم بالبينات | |
وبالزبر وبالكتاب المنير " </h1> | |
<p>وإن يكذبك هؤلاء المشركون فقد كذب الذين من قبلهم رسلهم الذين جاؤوهم | |
بالمعجزات الواضحات الدالة على نبوتهم, وجاؤوهم بالكتب المجموع فيها كثير من | |
الأحكام, وبالكتاب المنير الموضح لطريق الخير والشر. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ثم أخذت الذين كفروا فكيف كان نكير " </h1> | |
<p>ثم أخذت الذين كفروا بأنواع العذاب, فانظر | |
كيف كان إنكاري لعملهم وحلول عقوبتي بهم؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ألم تر أن الله أنزل من السماء ماء فأخرجنا به ثمرات مختلفا | |
ألوانها ومن الجبال جدد بيض وحمر مختلف ألوانها وغرابيب سود " </h1> | |
<p>ألم تر أن الله أنزل من السماء ما, فسقينا | |
به أشجارا في الأرض, فأخرجنا من تلك الأشجار ثمرات مختلفا ألوانها, منها الأحمر | |
ومنها الأسود والأصفر وغير ذلك؟ وخلقنا من الجبال طرائق بيضا وحمرا مختلفان | |
ألوانها, وخلقنا من الجبال جبالا شديدة السواد. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن الناس والدواب والأنعام مختلف ألوانه كذلك إنما يخشى الله | |
من عباده العلماء إن الله عزيز غفور " </h1> | |
<p>وخلقنا من الناس والدواب والإبل والبقر | |
والغنم ما هو مختلف ألوانه كذلك, فمن ذلك الأحمر والأبيض والأسود وغير ذلك كاختلاف | |
ألوان الثمار والجبال. <br> | |
إنما يخشى الله ويتقي عقابه بطاعته واجتناب معصيته العلماء به سبحانه, وبصفاته, | |
وبشرعه, وقدرته على كل شيء, ومنها اختلاف هذه المخلوقات مع اتحاد سببها, ويتدبرون | |
ما فيها من عظات وعبر. <br> | |
إن الله عزيز قوي لا يغالب, غفور يثيب أهل الطاعة, ويعفو عنهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن الذين يتلون كتاب الله وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزقناهم | |
سرا وعلانية يرجون تجارة لن تبور " </h1> | |
<p>إن الذين يقرؤون القرآن, ويعملون به, | |
وداوموا على الصلاة في أوقاتها, وأنفقوا مما رزقناهم من أنواع النفقات الواجبة | |
والمستحبة سرا وجهرا, هؤلاء يرجون بذلك تجارة لن تكسد ولن تهلك, ألا وهي رضا ربهم, | |
والفوز بجزيل ثوابه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من فضله إنه غفور شكور " </h1> | |
<p>ليوفيهم الله تعالى ثواب أعمالهم كاملا غير منقوص, ويضاعف لهم الحسنات | |
من فضله, إن الله غفور لسيئاتهم, شكور لحسناتهم, يثيبهم عليها الجزيل من الثواب. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذي أوحينا إليك من الكتاب هو الحق مصدقا لما بين يديه إن | |
الله بعباده لخبير بصير " </h1> | |
<p>والذي أنزلناه إليك -يا محمد- من القرآن هو الحق المصدق للكتب التي | |
أنزلها الله على رسله قبلك. <br> | |
إن الله بعباده لخبير بصير, لا يخفى عليه شيء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ثم أورثنا الكتاب الذين اصطفينا من عبادنا فمنهم ظالم لنفسه | |
ومنهم مقتصد ومنهم سابق بالخيرات بإذن الله ذلك هو الفضل الكبير " </h1> | |
<p>ثم أعطينا -بعد هلاك الأمم- القرآن من | |
اخترناهم من أمة محمد صلى الله عليه وسلم: فمنهم ظالم لنفسه بفعل بعض المعاصي, | |
ومنهم مقتصد, وهو المؤدي للواجبات المجتنب للمحرمات, ومنهم سابق بالخيرات بإذن | |
الله, أي مسارع مجتهد في الأعمال الصالحة, فرضها ونفلها, ذلك الإعطاء للكتاب | |
واصطفاء هذه الأمة هو الفضل الكبير. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من أساور من ذهب ولؤلؤا ولباسهم | |
فيها حرير " </h1> | |
<p>جنات إقامة دائمة للذين أورثهم الله كتابه | |
يحلون فيها الأساور من الذهب واللؤلؤ, ولباسهم المعتاد في الجنة حرير أي: ثياب | |
رفيقة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وقالوا الحمد لله الذي أذهب عنا الحزن إن ربنا لغفور شكور | |
" </h1> | |
<p>وقالوا حين دخلوا الجنة: الحمد لله الذي اذهب عنا كل حزن, إن ربنا | |
لغفور; حيث غفر لنا الزلات, شكور; حيث قبل منا الحسنات وضاعفها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الذي أحلنا دار المقامة من فضله لا يمسنا فيها نصب ولا يمسنا | |
فيها لغوب " </h1> | |
<p>وهو الذي أنزلنا دار الجنة من فضله, لا | |
يمسنا فيها تعب ولا إعياء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين كفروا لهم نار جهنم لا يقضى عليهم فيموتوا ولا يخفف عنهم | |
من عذابها كذلك نجزي كل كفور " </h1> | |
<p>والذين كفروا لهم نار جهنم الموقدة, لا يقضى عليهم بالموت, فيموتوا | |
ويستريحوا, ولا يخفف عنهم من عذابها, ومثل ذلك الجزاء يجزي الله كل جحود له | |
ولرسوله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وهم يصطرخون فيها ربنا أخرجنا نعمل صالحا غير الذي كنا نعمل | |
أولم نعمركم ما يتذكر فيه من تذكر وجاءكم النذير فذوقوا فما للظالمين من نصير | |
" </h1> | |
<p>وهؤلاء الكفار يصرخون من شدة العذاب في نار | |
جهنم مستغيثين: ربنا أخرجنا من نار جهنم, وردنا إلى الدنيا نعمل صالحا غير الذي | |
كنا نعمله في حياتنا الدنيا, فنؤمن بدل الكفر, فيقول لهم: أولم نمهلكم في الحياة | |
قدرا وافيا من العمر, يتعظ فيه من اتعظ, وجاءكم النبي صلى الله عليه وسلم, ومع ذلك | |
لم تتذكروا ولم تتعظوا؟ فذوقوا عذاب جهنم, فليس للكافرين من ناصر ينصرهم من عذاب | |
الله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن الله عالم غيب السماوات والأرض إنه عليم بذات الصدور " </h1> | |
<p>إن الله مطلع على كل غائب في السموات والأرض, فإنه عليم بخفايا الصدور, | |
فاتقوه أن يطلع عليكم, وأنتم تضمرون الشك أو الشرك في وحدانيته, أو في نبوة محمد | |
صلى الله عليه وسلم, أو أن تعصوه بما دون ذلك. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" هو الذي جعلكم خلائف في الأرض فمن كفر فعليه كفره ولا يزيد | |
الكافرين كفرهم عند ربهم إلا مقتا ولا يزيد الكافرين كفرهم إلا خسارا " </h1> | |
<p>الله هو الذي جعلكم -أيها الناس- يخلف بعضكم | |
بعضا في الأرض, فمن جحد الله منكم فعلى نفسه ضرره وكفره ولا يزيد الكافرين كفرهم | |
عند ربهم إلا بغضا وغضبا, ولا يزيدهم كفرهم بالله إلا ضلالا وهلاكا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" قل أرأيتم شركاءكم الذين تدعون من دون الله أروني ماذا خلقوا من | |
الأرض أم لهم شرك في السماوات أم آتيناهم كتابا فهم على بينة منه بل إن يعد | |
الظالمون بعضهم بعضا إلا غرورا " </h1> | |
<p>قل -يا محمد- للمشركين: أخبروني أي شيء خلق | |
شركاؤكم من الأرض, أم أن لشركائكم الذين تعبدونهم من دون الله شركا مع الله في خلق | |
السموات, أم أعطيناهم كتابا فهم على حجة منه؟ بل ما يعد الكافرون بعضهم بعضا إلا | |
غرورا وخداعا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن الله يمسك السماوات والأرض أن تزولا ولئن زالتا إن أمسكهما | |
من أحد من بعده إنه كان حليما غفورا " </h1> | |
<p>إن الله يمسك السموات والأرض أن تزولا عن | |
مكانهما, ولئن زالت السموات والأرض عن مكانهما ما يمسكهما من أحد من بعد. <br> | |
إن الله كان حليما في تأخير العقوبة عن الكافرين والعصاة, غفورا لمن تاب من ذنبه | |
ورجع إليه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وأقسموا بالله جهد أيمانهم لئن جاءهم نذير ليكونن أهدى من إحدى | |
الأمم فلما جاءهم نذير ما زادهم إلا نفورا " </h1> | |
<p>وأقسم كفار قريش بالله أشد الأيمان: لئن | |
جاءهم رسول من عند الله يخوفهم عقاب الله ليكونن أكثر استقامة واتباعا للحق من | |
اليهود والنصارى وغيرهم, فلما جاءهم محمد صلى الله عليه وسلم ما زادهم ذلك إلا | |
بعدا عن الحق ونفورا منه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" استكبارا في الأرض ومكر السيئ ولا يحيق المكر السيئ إلا بأهله | |
فهل ينظرون إلا سنة الأولين فلن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا | |
" </h1> | |
<p>ليس إقسامهم لقصد حسن وطلبا للحق, وإنما هو | |
استكبار في الأرض على الخلق, يريدون به المكر السيئ والخداع والباطل, ولا يحيق | |
المكر السيئ إلا بأهله, فهل ينتظر المستكبرون الماكرون إلا العذاب الذي نزل | |
بأمثالهم الذين سبقوهم, فلن تجد لطريقة الله تبديلا ولا تحويلا, فلا يستطيع أحد أن | |
يبدل, ولا أن يحول العذاب عن نفسه أو غيره. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أولم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم | |
وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شيء في السماوات ولا في الأرض إنه كان | |
عليما قديرا " </h1> | |
<p>أو لم يسر كفار (مكة) في الأرض, فينظروا كيف | |
كان عاقبة الذين من قبلهم كعاد وثمود وأمثالهم, وما حل بهم من الدمار, وبديارهم من | |
الخراب, حين كذبوا الرسل, وكان أولئك الكفرة أشد قوة وبطشا من كفار (مكة)؟ وما كان | |
الله تعالى ليعجزه ويفوته من شيء في السموات ولا في الأرض, إنه كان عليما | |
بأفعالهم, قديرا على إهلاكهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولو يؤاخذ الله الناس بما كسبوا ما ترك على ظهرها من دابة ولكن | |
يؤخرهم إلى أجل مسمى فإذا جاء أجلهم فإن الله كان بعباده بصيرا " </h1> | |
<p>ولو يعاقب الله الناس بما عملوا من الذنوب والمعاصي ما ترك على ظهر | |
الأرض من دابة تدب عليها, ولكن يمهلهم ويؤخر عقابهم إلى وقت معلوم عنده, فإذا جاء | |
وقت عقابهم فإن الله كان بعباده بصيرا, لا يخفى عليه أحد منهم, ولا يعزب عنه علم | |
شيء من أمورهم, وسيجازيهم بما عملوا من خير أو شر. </p> | |
<p> </p> | |
</div> |