<div class="wrapper" style="padding:10px;"> | |
<h1 class="title">سورة الشورى - تفسير السعدي</h1> | |
| |
<div class=Section1 dir=RTL> | |
<p><h1>" حم " </h1></p> | |
<p>(حم عسق) سبق الكلام على الحروف المقطعة في أول سورة البقرة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" كذلك يوحي إليك وإلى الذين من قبلك الله العزيز الحكيم " </h1> | |
<p>كما أنزل الله إليك- يا محمد- هذا القرآن أنزل الكتب والصحف على | |
الأنبياء من قبلك , وهو العزيز في انتقامه , الحكيم في أقواله وأفعاله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" له ما في السماوات وما في الأرض وهو العلي العظيم " </h1> | |
<p>لله وحده ما في السموات وما في الأرض , وهو | |
العلي بذاته وقدره وقهره , العظيم الذي له العظمة والكبرياء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" تكاد السماوات يتفطرن من فوقهن والملائكة يسبحون بحمد ربهم | |
ويستغفرون لمن في الأرض ألا إن الله هو الغفور الرحيم " </h1> | |
<p>تكاد السموات بتشققن , كل واحدة فوق التي تليها , من عظمة الرحمن | |
وجلاله تبارك وتعالى, والملائكة يسبحون بحمد ربهم, وينزهونه عما لا يليق به , | |
ويسألون ربهم المغفرة لذنوب من في الأرض من أمل الإيمان به. <br> | |
ألا إن الله هو الغفور لذنوب مؤمني عباده, الرحيم بهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين اتخذوا من دونه أولياء الله حفيظ عليهم وما أنت عليهم | |
بوكيل " </h1> | |
<p>والذين اتخذوا غير الله آلهة من دونه يتولونها, ويعبدونها , الله تعالى | |
يحفظ عليهم أفعالهم؟ ليجازيهم بها يوم القيامة , وما أنت- يا محمد- بالوكيل عليهم | |
بحفظ أعمالهم, إنما أنت منذر, فعليك البلاغ وعلينا الحساب. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وكذلك أوحينا إليك قرآنا عربيا لتنذر أم القرى ومن حولها وتنذر | |
يوم الجمع لا ريب فيه فريق في الجنة وفريق في السعير " </h1> | |
<p>وكما أوحينا إلى الأنبياء قبلك أوحينا إليك | |
قرآنا عربيا, لتنذر أهل " مكة " ومن حولها من | |
سائر الناس , وتنذر عذاب يوم الجمع , وهو يوم القيامة, لا شك في مجيئه. <br> | |
الناس فيه فريقان: فريق في الجنة, وهم الذين آمنوا بالله واتبعوا ما جاءهم به رسوله | |
محمد صلى الله عليه وسلم , ومنهم فريق في النار المستعرة, وهم الذين كفروا بالله, | |
وخالفوا ما جاءهم به رسوله محمد صلى الله عليه وسلم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولو شاء الله لجعلهم أمة واحدة ولكن يدخل من يشاء في رحمته | |
والظالمون ما لهم من ولي ولا نصير " </h1> | |
<p>ولو شاء الله أن يجمع خلقه على الهدى | |
ويجعلهم على ملة واحدة مهتدية لفعل, ولكنه أراد أن يدخل في رحمته من يشاء من خواص | |
خلقه. <br> | |
والظالمون أنفسهم بالشرك ما لهم من , ولي يتولى أمورهم يوم القيامة , ولا نصير | |
ينصرهم من عقاب الله تعالى. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أم اتخذوا من دونه أولياء فالله هو الولي وهو يحيي الموتى وهو | |
على كل شيء قدير " </h1> | |
<p>بل اتخذ هؤلاء المشركون أولياء من دون الله | |
يتولونهم, فالله وحده هو الولي يتولاه عبده بالعبادة والطاعة , ويتولى عباده | |
المؤمنين بإخراجهم من الظلمات إلى النور وإعانتهم في جميع أمورهم, وهو يحيي الموتى | |
عند البعث , وهو على كل شيء قدير, لا يعجزه شيء . </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما اختلفتم فيه من شيء فحكمه إلى الله ذلكم الله ربي عليه | |
توكلت وإليه أنيب " </h1> | |
<p>وما اختلفتم فيه- أيها الناس- من شيء من أمور دينكم, فالحكم فيه مرده | |
إلى الله في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم. <br> | |
ذلكم الله ربي وربكم , عليه وحده توكلت في أموري , وإليه أرجع في جميع شؤوني. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فاطر السماوات والأرض جعل لكم من أنفسكم أزواجا ومن الأنعام | |
أزواجا يذرؤكم فيه ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " </h1> | |
<p>الله سبحانه وتعالى هو خالق السموات والأرض بقدرته ومشيئته وحكمته, جعل | |
لكم من أنفسكم أزواجا, لتسكنوا إليها, وجعل لكم من الأنعام أزواجا ذكورا وإناثا, | |
يكثركم بسببه بالتوالد, ليس يشبهه تعالى ولا يماثله شيء من مخلوقاته, لا في ذاته | |
ولا في أسمائه ولا في صفاته ولا في أفعاله؟ لأن أسماءه كلها حسنى, وصفاته صفات | |
كمال وعظمة, وأفعاله تعالى أوجد بها المخلوقات العظيمة من غير مشارك , وهو السميع | |
البصير, لا يخفى عليه من أعمال خلقه وأقوالهم شيء, وسيجازيهم على ذلك. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" له مقاليد السماوات والأرض يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إنه بكل | |
شيء عليم " </h1> | |
<p>له سبحانه وتعالى ملك السموات والأرض , | |
وبيده مفاتيح الرحمة, والأرزاق , يوسع رزقه على من يشاء من عباد. <br> | |
ويضيقه على من يشاء, إنه تبارك وتعالى بكل شيء عليم, لا يخفى عليه شيء من أمور | |
خلقه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" شرع لكم من الدين ما وصى به نوحا والذي أوحينا إليك وما وصينا | |
به إبراهيم وموسى وعيسى أن أقيموا الدين ولا تتفرقوا فيه كبر على المشركين ما | |
تدعوهم إليه الله يجتبي إليه من يشاء ويهدي إليه من ينيب " </h1> | |
<p>شرع الله لكم- أيها الناس- من الدين الذي أوحيناه إليك- يا محمد , وهو | |
الإسلام- ما وصى به نوحا أن يعمله ويبلغه, وما وصينا به إبراهيم وموسى وعيسى | |
(هؤلاء الخمسة هم أولو العزم من الرسل) أن أقيموا الدين بالتوحيد وطاعة الله | |
وعبادته دون من سواه , ولا تختلفوا في الدين الذي أمرتكم به, عظم على المشركين ما | |
تدعوهم إليه من توحيد الله وإخلاص العبادة له, الله يصطفي للتوحيد من يشاء بن خلقه | |
, ويوفق للعمل بطاعته من يرجع إليه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما تفرقوا إلا من بعد ما جاءهم العلم بغيا بينهم ولولا كلمة | |
سبقت من ربك إلى أجل مسمى لقضي بينهم وإن الذين أورثوا الكتاب من بعدهم لفي شك منه | |
مريب " </h1> | |
<p>وما تفرق المشركون بالله في أديانهم فصاروا | |
شيعا وأحزابا إلا من بعدما جاءهم العلم وقامت الحجة عليهم, وما حملهم على ذلك إلا | |
البغي والعناد, ولولا كلمة سبقت من ربك- يا محمد- بتأخير العذاب عنهم إلى أجل مسمى | |
وهو يوم القيامة, لقضي بينهم بتعجيل عذاب الكافرين منهم. <br> | |
فإن الذين أورثوا التوراة والإنجيل من بعد هؤلاء المختلفين في الحق لفي شك من | |
الدين والإيمان موقع في الريبة والاختلاف المذموم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فلذلك فادع واستقم كما أمرت ولا تتبع أهواءهم وقل آمنت بما أنزل | |
الله من كتاب وأمرت لأعدل بينكم الله ربنا وربكم لنا أعمالنا ولكم أعمالكم لا حجة | |
بيننا وبينكم الله يجمع بيننا وإليه المصير " </h1> | |
<p>فإلى ذلك الدين القيم الذي شرعه الله | |
للأنبياء ووصاهم به, فادع- يا محمد- عباد الله, واستقم كما أمرك الله , ولا تتبع | |
أهواء الذين شكوا في الحق وانحرفوا عن الدين, وقل: صدقت بجميع الكتب المنزلة من | |
السماء على الأنبياء, وأمرني ربي أن أعدل بينكم في الحكم, الله ربنا وربكم , لنا | |
ثواب أعمالنا الصالحة, ولكم جزاء أعمالكم السيئة, لا خصومة ولا جدال بيننا وبينكم | |
بعدما تبين الحق, الله يجمع بيننا وبينكم يوم القيامة, فيقضي بيننا بالحق فيما | |
اختلفنا فيه, وإليه المرجع والمآب, فيجازي كلا بما يستحق. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين يحاجون في الله من بعد ما استجيب له حجتهم داحضة عند | |
ربهم وعليهم غضب ولهم عذاب شديد " </h1> | |
<p>والذين يخاصمون في دين الله الذي أرسلت به | |
محمدا صلى الله عليه وسلم , من بعد ما استجاب الناس له وأسلموا, حجتهم وخصومتهم | |
باطلة ذاهبة عند ربهم, وعليهم من الله غضب في الدنيا, ولهم في الأخرة عذاب شديد, | |
وهو النار. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله الذي أنزل الكتاب بالحق والميزان وما يدريك لعل الساعة | |
قريب " </h1> | |
<p>الله الذي أنزل القرآن وسائر الكتب المنزلة | |
بالصدق, وأنزل الميزان وهو العدل؟ ليحكم بين الناس بالإنصاف. <br> | |
وأي شيء يدريك, ويعلمك لعل الساعة التي تقوم فيها القيامة قريب؟ </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" يستعجل بها الذين لا يؤمنون بها والذين آمنوا مشفقون منها | |
ويعلمون أنها الحق ألا إن الذين يمارون في الساعة لفي ضلال بعيد " </h1> | |
<p>يستعجل بمجيء الساعه الذين لا يؤمنون بها؟ | |
تهكما واستهزاء , والذين آمنوا بها خائفون من قيامها, ويعلمون أنها الحق الذي لا | |
شك فيه. <br> | |
ألا إن الذين يخاصمون في قيام الساعة لفي ضلال بعيد عن الحق. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" الله لطيف بعباده يرزق من يشاء وهو القوي العزيز " </h1> | |
<p>الله لطيف بعباده , يوسع الرزق على من يشاء, ويضيقه على من يشاء وفق | |
حكمته سبحانه, وهو القوي الذي له القوة كلها, العزيز في انتقامه من أهل معاصيه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" من كان يريد حرث الآخرة نزد له في حرثه ومن كان يريد حرث الدنيا | |
نؤته منها وما له في الآخرة من نصيب " </h1> | |
<p>من كان يريد بعمله ثواب الآخرة فأدى حقوق الله وأنفق في الدعوة إلى | |
الدين , نزد له في عمله الحسن , فنضاعف له ثواب الجنة إلى عشر أمثالها إلى ما شاء | |
الله من الزيادة, ومن كان يريد بعمله الدنيا وحدها , نؤته منها ما قسمناه له, وليس | |
له في الآخرة شيء من الثواب. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله ولولا كلمة | |
الفصل لقضي بينهم وإن الظالمين لهم عذاب أليم " </h1> | |
<p>بل ألهؤلاء المشركين بالله شركاء في شركهم وضلالتهم, أتدعوا لهم من | |
الدين والشرك ما لم يأذن به الله؟ ولولا قضاء الله وقدره بإمهالهم, وأن لا يعجل | |
لهم العذاب في الدنيا, لقضي بينهم بتعجيل العذاب لهم. <br> | |
وإن الكافرين بالله لهم يوم القيامة عذاب مؤلم موجع.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ترى الظالمين مشفقين مما كسبوا وهو واقع بهم والذين آمنوا | |
وعملوا الصالحات في روضات الجنات لهم ما يشاءون عند ربهم ذلك هو الفضل الكبير | |
" </h1> | |
<p>ترى- يا محمد- الكافرين يوم القيامة خائفين من عقاب الله على ما كسبوا | |
في الدنيا من أعمال خبيثة , والعذاب نازل بهم , وهم ذائقوه لا محالة والذين آمنوا | |
بالله وأطاعوه في بساتين الجنات وقصورها ونعيم الآخرة , لهم ما تشتهيه أنفسهم عند | |
ربهم, ذلك الذي أعطاه الله لهم من الفضل والكرامة هو الفضل الذي لا يوصف , ولا | |
تهتدي إليه العقول. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ذلك الذي يبشر الله عباده الذين آمنوا وعملوا الصالحات قل لا | |
أسألكم عليه أجرا إلا المودة في القربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسنا إن الله | |
غفور شكور " </h1> | |
<p>ذلك الذي أخبرتكم به- أيها الناس- من النعيم | |
والكرامة في الآخرة هو البشرى التي يبشر الله بها عباده الذين آمنوا به في الدنيا | |
وأطاعوه قل- يا محمد- للذين يشكون في الساعة من مشركي قومك: لا أسألكم على ما | |
أدعوكم إليه من الحق الذي جئتكم به عوضا من أموالكم, إلا أن تودوني في قرابتي | |
منكم, وتصلوا الرحم التي بيني وبينكم. <br> | |
ومن يكتسب حسنة نضاعفها له بعشر فصاعدا إن الله غفور لذنوب عباده, شكور لحسناتهم | |
وطاعتهم إياه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أم يقولون افترى على الله كذبا فإن يشأ الله يختم على قلبك ويمح | |
الله الباطل ويحق الحق بكلماته إنه عليم بذات الصدور " </h1> | |
<p>بل أيقول هؤلاء المشركون: اختلق محمد الكذب على الله, فجاء بالذي يتلوه | |
علينا اختلاقا من عند نفسه؟ فإن يشأ الله يطبع على قلبك- يا محمد- لو فعلت ذلك. <br> | |
ويذهب الله الباطل فيمحقه , ويحق الحق بكلماته التي لا تتبدل ولا تتغير , وبوعده | |
الصادق الذي لا يتخلف. <br> | |
إن الله عليم بما في قلوب العباد , لا يخفى عليه شيء منه.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما | |
تفعلون " </h1> | |
<p>والله سبحانه وتعالى هو الذي يقبل التوبة عن عباده إذا رجعوا إلى توحيد | |
الله وطاعته , ويعفو عن السيئات , ويعلم ما تصنعون من خير وشر , لا يخفى عليه شيء | |
من ذلك , وهو مجازيكم به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ويستجيب الذين آمنوا وعملوا الصالحات ويزيدهم من فضله والكافرون | |
لهم عذاب شديد " </h1> | |
<p>ويستجيب الذين آمنوا بالله ورسوله لربهم لما دعاهم إليه وينقادون له , | |
ويزيدهم من فضله توفيقا ومضاعفة في الأجر والثواب. <br> | |
والكافرون بالله ورسوله لهم يوم القيامة عذاب شديد موجع مؤلم.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولو بسط الله الرزق لعباده لبغوا في الأرض ولكن ينزل بقدر ما | |
يشاء إنه بعباده خبير بصير " </h1> | |
<p>ولو بسط الله الرزق لعباده فوسعه عليهم , لبغوا في الأرض أشرا وبطرا , | |
ولطغى بعضهم على بعض , ولكن الله ينزل أرزاقهم بقدر ما يشاء لكفايتهم. <br> | |
إنه بعباده خبير بما يصلحهم, بصير بتدبيرهم وتصريف أحوالهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وهو الذي ينزل الغيث من بعد ما قنطوا وينشر رحمته وهو الولي | |
الحميد " </h1> | |
<p>والله وحده هو الذي ينزل المطر من السماء , فيغيثهم به من بعد ما يئسوا | |
من نزوله , وينشر رحمته في خلقه, فيعمهم بالغيث , وهو الولي الذي يتولى عباده | |
بإحسانه وفضله, الحميد في ولاية وتدبيره. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته خلق السماوات والأرض وما بث فيهما من دابة وهو على | |
جمعهم إذا يشاء قدير " </h1> | |
<p>ومن آياته الدالة على عظمته وقدرته وسلطانه, خلق السموات والأرض على | |
غير مثال سابق , وما نشر فيهما من أصناف الدواب , وهو على جمع الخلق بعد موتهم | |
لموقف القيامة إذا يشاء قدير, لا يتعذر عليه شيء. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما أصابكم من مصيبة فبما كسبت أيديكم ويعفو عن كثير " </h1> | |
<p>وما أصابكم- أيها الناس- من مصيبة في دينكم | |
ودنياكم فبما كسبتم من الذنوب والآثام , ويعفو لكم ربكم عن كثير من السيئات , فلا | |
يؤاخذكم بها. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما أنتم بمعجزين في الأرض وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير | |
" </h1> | |
<p>وما أنتم- أيها الناس- بمعجزين قدرة الله عليكم , ولا فائتيه, وما لكم | |
من دون الله من ولي يتولى أموركم , فيوصل لكم المنافع , ولا نصير يدفع عنكم | |
المضار. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن آياته الجواري في البحر كالأعلام " </h1> | |
<p>ومن آياته الدالة على قدرته الباهرة, سلطانه القاهر السفن العظيمة | |
كالجبال تجري في البحر</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إن يشأ يسكن الريح فيظللن رواكد على ظهره إن في ذلك لآيات لكل | |
صبار شكور " </h1> | |
<p>إن يشاء الله الذي أجرى هذه السفن في البحر | |
يسكن الريح, فتسبق السفن سواكن على ظهر البحر لا تجري , إن في جري هذه السفن | |
ووقوفها في البحر بقدرة الله لعظات وحججا بينة على قدرة الله لكل صبار على طاعة | |
الله, شكور لنعمه وأفضاله. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أو يوبقهن بما كسبوا ويعف عن كثير " </h1> | |
<p>أو يهلك السفن بالغرق بسبب ذنوب أهلها , ويعف عن كثير من الذنوب فلا | |
يعاقب عليها</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ويعلم الذين يجادلون في آياتنا ما لهم من محيص " </h1> | |
<p>ويعلم الذين يجادلون بالباطل في آياتنا | |
الدالة على توحيدنا, ما لهم من محيد ولا ملجأ من عقاب الله, إذا عاقبهم على ذنوبهم | |
وكفرهم به. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فما أوتيتم من شيء فمتاع الحياة الدنيا وما عند الله خير وأبقى | |
للذين آمنوا وعلى ربهم يتوكلون " </h1> | |
<p>فما أوتيتم- أيها الناس- من شيء من المال أو البنين وغير ذلك فهو متاع | |
لكم في الحياة الدنيا, سرعان ما يزول , وما عند الله تعالى من نعيم الجنة المقيم | |
خير وأبقى للذين آمنوا بالله ورسله, وعلى ربهم يتوكلون</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين يجتنبون كبائر الإثم والفواحش وإذا ما غضبوا هم يغفرون | |
" </h1> | |
<p>والذين يجتنبون كبائر ما نهى الله عنه , وما فحش وقبح من أنواع المعاصي | |
, وإذا ما غضبوا على من أساء إليهم هم يغفرون الإساءة , ويصفحون عن عقوبة المسيء | |
طلبا لثواب الله تعالى وعفوه , وهذا من محاسن الأخلاق.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين استجابوا لربهم وأقاموا الصلاة وأمرهم شورى بينهم ومما | |
رزقناهم ينفقون " </h1> | |
<p>والذين استجابوا لربهم حين دعاهم إلى توحيده وطاعته, وأقاموا الصلاة | |
المفروضة بحدودها في أوقاتها, وإذا أرادوا أمرا تشاوروا فيه , ومما أعطيناهم من | |
الأموال يتصدقون في سبيل الله, ويؤدون ما فرض الله عليهم من الحقوق لأهلها من زكاة | |
ونفقة وغير ذلك من وجوه الإنفاق. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" والذين إذا أصابهم البغي هم ينتصرون " </h1> | |
<p>والذين إذا أصابهم الظلم هم ينتصرون ممن بغى عليهم من غير أن يعتدوا, | |
وإن صبروا ففي عاقبة صبرهم خير كثير. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وجزاء سيئة سيئة مثلها فمن عفا وأصلح فأجره على الله إنه لا يحب | |
الظالمين " </h1> | |
<p>وجزاء سيئة المسيء عقوبته بينة مثلها من غير قلادة, فمن عفا عن المسيء, | |
وترك عقابه, وأصلح الود بينه وبين المعفو عنه ابتغاء وجه الله , فأجر عفوه ذلك على | |
الله إن الله لا يحب الظالمين الذين يبدؤون بالعدوان على الناس , ويسيئون إليهم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولمن انتصر بعد ظلمه فأولئك ما عليهم من سبيل " </h1> | |
<p>ولمن انتصر ممن ظلمه من بعد ظلمه له فأولئك | |
ما عليهم من مؤاخذة. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" إنما السبيل على الذين يظلمون الناس ويبغون في الأرض بغير الحق | |
أولئك لهم عذاب أليم " </h1> | |
<p>إنما المؤاخذة على الذين يتعدون على الناس ظلما وعدوانا, ويتجاوزون | |
الحد الذي أباحه لهم ربهم إلى ما لم يأذن لهم فيه , فيفسدون في الأرض بغير الحق, | |
أولئك لهم يوم القيامة عذاب مؤلم موجع. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ولمن صبر وغفر إن ذلك لمن عزم الأمور " </h1> | |
<p>ولمن صبر على الأذى وستر السيئة, إن ذلك من عزائم الأمور المشكورة | |
والأفعال الحميدة التي أمر الله بها , ورتب لها ثوابا جريلا وثناء حميدا. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" ومن يضلل الله فما له من ولي من بعده وترى الظالمين لما رأوا | |
العذاب يقولون هل إلى مرد من سبيل " </h1> | |
<p>ومن يضلله الله عن الرشاد بسبب ظلمه فليس له من ناصر يهديه سبيل الرشاد. | |
<br> | |
وترى- يا محمد- الكافرين بالله يوم القيامة - حين رأوا العذاب- يقولون لربهم: هل | |
لنا من سبيل إلى الرجوع إلى الدنيا؟ لنعمل بطاعتك؟ فلا يجابون إلى ذلك. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وتراهم يعرضون عليها خاشعين من الذل ينظرون من طرف خفي وقال | |
الذين آمنوا إن الخاسرين الذين خسروا أنفسهم وأهليهم يوم القيامة ألا إن الظالمين | |
في عذاب مقيم " </h1> | |
<p>وترى- يا محمد- هؤلاء الظالمين يعرضون على النار خاضعين متذللين ينظرون | |
إلى النار من طرف قليل ضعيف من الخوف والهوان وقال الذين آمنوا بالله ورسوله في | |
الجنة, لما عاينوا ما حل بالكفار من خسران: إن الخاسرين حقا هم الذين خسروا أنفسهم | |
وأهليهم يوم القيامة بدخول النار ألا إن الظالمين- يوم القيامة- في عذاب دائم, لا | |
ينقطع عنهم, ولا يزول.</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما كان لهم من أولياء ينصرونهم من دون الله ومن يضلل الله فما | |
له من سبيل " </h1> | |
<p>وما كان لهؤلاء الكافرين حين يعذبهم الله يوم القيامة من أعوان ونصراء | |
ينصرونهم من عذاب الله ومن يضلله الله بسبب كفره وظلمه, فما له من طريق يصل به إلى | |
الحق في الدنيا , وإلى الجنة في الآخرة؟ لأنه قد سدت عليه طرق النجاة, فالهداية | |
والإضلال بيده سبحانه وتعالى دون سواه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" استجيبوا لربكم من قبل أن يأتي يوم لا مرد له من الله ما لكم من | |
ملجإ يومئذ وما لكم من نكير " </h1> | |
<p>استجيبوا لربكم- أيها الكافرون- بالإيمان | |
والطاعة من قبل أن يأتي يوم القيامة, الذي لا يمكن رده, ما لكم من ملجأ يومئذ | |
ينجيكم من العذاب , ولا مكان يستركم , وتتنكرون فيه. <br> | |
وفي الآية دليل على ذم التسويف , وفيها الأمر بالمبادرة إلى كل عمل صالح يعرض | |
للعبد, فإن للتأخير آفات وموانع. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" فإن أعرضوا فما أرسلناك عليهم حفيظا إن عليك إلا البلاغ وإنا | |
إذا أذقنا الإنسان منا رحمة فرح بها وإن تصبهم سيئة بما قدمت أيديهم فإن الإنسان | |
كفور " </h1> | |
<p>فإن أعرض هؤلاء المشركون- يا محمد- عن | |
الإيمان بالله فما أرسلناك عليهم حافظا لأعمالهم حتى تحاسبهم عليها , ما عليك إلا | |
البلاغ وإنا إذا أعطينا الإنسان منا رحمة من غنى وسعة في المال وغير ذلك , فرح وسر | |
, وإن تصبهم مصيبة من فقر ومرض وغير ذلك بسبب ما قدمته أيديهم من معاصي الله, فإن | |
الإنسان جحود يعدد المصائب, وينسى النعم. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" لله ملك السماوات والأرض يخلق ما يشاء يهب لمن يشاء إناثا ويهب | |
لمن يشاء الذكور " </h1> | |
<p>لله سبحانه وتعالى ملك السموات والأرض وما فيهما, يخلق ما يشاء من | |
الخلق, يهب لمن يشاء من عباده إناثا لا ذكور معهن , ويهب لمن يشاء الذكور لا إناث | |
معهم .</p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" أو يزوجهم ذكرانا وإناثا ويجعل من يشاء عقيما إنه عليم قدير | |
" </h1> | |
<p>ويعطي سبحانه وتعالى لمن يشاء من الناس | |
الذكر والأنثى, ويجعل من يشاء عقيما لا يولد له, إنه عليم بما يخلق, قدير على خلق | |
ما يشاء, لا يعجزه شيء أراد خلقه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وما كان لبشر أن يكلمه الله إلا وحيا أو من وراء حجاب أو يرسل | |
رسولا فيوحي بإذنه ما يشاء إنه علي حكيم " </h1> | |
<p>وما ينبغي لبشر من بني آدم أن يكلمه الله إلا وحيا يوحيه الله إليه , | |
أو يكلمه من وراء حجاب , كما كلم سبحانه موسى عليه السلام, أو يرسل رسولا, كما | |
ينزل جبريل عليه السلام إلى المرسل إليه, فيوحي بإذن ربه لا بمجرد هواه ما يشاء | |
الله إيحاءه , إنه تعالى علي بذاته وأسمائه وصفاته وأفعاله, قد قهر كل شيء ودانت | |
له المخلوتات , حكيم في تدبير أمور خلقه. <br> | |
وفي الآية إثبات صفة الكلام لله تعالى على الوجه اللائق بجلاله وعظيم سلطانه. </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا | |
الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا وإنك لتهدي إلى صراط مستقيم | |
" </h1> | |
<p>وكما أوحينا إلى الأنبياء من قبلك- يا محمد- أوحينا إليك قرآنا من | |
عندنا , ما كنت تدري قبله ما الكتب السابقة ولا الإيمان ولا الشرائع الإلهية؟ ولكن | |
جعلنا القرآن ضياء للناس نهدي به من نشاء من عبادنا إلى الصراط المستقيم. <br> | |
وإنك- يا محمد- لتدل وترشد بإذن الله إلى صراط مستقيم- وهو الإسلام- </p> | |
<h1 dir=RTL style='text-align:right;direction:rtl;unicode-bidi:embed'>" صراط الله الذي له ما في السماوات وما في الأرض ألا إلى الله | |
تصير الأمور " </h1> | |
<p>صراط الله الذي له ملك جميع ما في السموات وما في الأرض؟ لا شريك له في | |
ذلك ألا إلى الله- أيها الناس- ترجع جميع أموركم من الخير والشر, فيجازي كلا | |
بعمله: إن خيرا فخير , وإن شرا فشر. </p> | |
<p> </p> | |
</div> |