سورة الفتح - تفسير السعدي | |
| | |
" إنا فتحنا لك فتحا مبينا " | |
إنا فتحنا لك- يا | |
| محمد- فتحا مبينا, يظهر الله فيه دينك, وينصرك على عدوك, وهو هدنة " الحديبية | |
| " التي أمن الناس بسببها بعضهم بعضا, فاتسعت دائرة الدعوة لدين الله, وتمكن | |
| من يريد الوقوف على حقيقة الإسلام من معرفته, فدخل الناس تلك المدة في دين الله أفواجا | |
| ولذلك سماه الله فتحا مبينا أي ظاهرا جليا. | |
" ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر ويتم نعمته عليك ويهديك | |
| صراطا مستقيما " | |
فتحنا لك ذلك الفتح, ويسرناه لك ليغفر الله | |
| لك ما تقدم من ذنبك وما تأخر بسبب ما حصل من هذا الفتح من الطاعات الكثيرة وبما | |
| تحملته من المشقات, ويتم نعمته عليك بإظهار دينك ونصرك على أعدائك, ويرشدك طريقا | |
| مستقيما من الدين لا عوج فيه. | |
" وينصرك الله نصرا عزيزا " | |
وينصرك الله نصرا قويا لا يضعف فيه الإسلام. | |
" هو الذي أنزل السكينة في قلوب المؤمنين ليزدادوا إيمانا مع | |
| إيمانهم ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عليما حكيما " | |
هو الله الذي أنزل الطمأنينة في قلوب | |
| المؤمنين بالله ورسوله يوم " الحديبية " فسكنت, | |
| ورسخ اليقين فيها؟ ليزدادوا تصديقا لله واتباعا لرسوله مع تصديقهم واتباعهم. | |
| ولله سبحانه وتعالى جنود السموات والأرض ينصر بهم عباده المؤمنين وكان الله عليما | |
| بمصالح خلقه, حكيما في تدبيره وصنعه. | |
" ليدخل المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين | |
| فيها ويكفر عنهم سيئاتهم وكان ذلك عند الله فوزا عظيما " | |
ليدخل الله المؤمنين والمؤمنات جنات تجري من | |
| تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ماكثين فيها أبدا, ويمحو عنهم سيء ما عملوا, فلا | |
| يعاقبهم عليه, وكان ذلك الجزاء عند الله نجاة من كل غم, وظفرا بكل مطلوب. | |
" ويعذب المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الظانين بالله | |
| ظن السوء عليهم دائرة السوء وغضب الله عليهم ولعنهم وأعد لهم جهنم وساءت مصيرا | |
| " | |
ويعذب الله المنافقين والمنافقات والمشركين والمشركات الذين يظنون ظنا | |
| سيئا بالله أنه لن ينصر نبيه والمؤمنين معه على أعدائهم, ولن يظهر دينه, فعلى | |
| هؤلاء تدور دائرة العذاب وكل ما يسوءهم, وغضب الله عليهم, وطردهم من رحمته, وأعد | |
| لهم نار جهنم, وساءت منزلا يصيرون إليه. | |
" ولله جنود السماوات والأرض وكان الله عزيزا حكيما " | |
ولله سبحانه وتعالى جنود السموات والأرض يؤيد بهم عباده المؤمنين. | |
| وكان الله عزيزا على خلقه, حكيما في تدبير أمورهم. | |
" إنا أرسلناك شاهدا ومبشرا ونذيرا " | |
إنا أرسلناك- يا محمد- شاهدا على أمتك بالبلاغ, مبينا لهم ما أرسلناك | |
| به إليهم, ومبشرا لمن أطاعك بالجنة, ونذيرا لمن عصاك بالعقاب العاجل والآجل , | |
" لتؤمنوا بالله ورسوله وتعزروه وتوقروه وتسبحوه بكرة وأصيلا | |
| " | |
لتؤمنوا بالله ورسوله, وتنصروا الله بنصر | |
| دينه, وتعظموه, وتسبحوه أول النهار وآخره. | |
" إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله يد الله فوق أيديهم فمن | |
| نكث فإنما ينكث على نفسه ومن أوفى بما عاهد عليه الله فسيؤتيه أجرا عظيما " | |
إن الذين يبايعونك- يا محمد- ب " الحديبية " على | |
| القتال إنما يبايعون الله, ويعقدون العقد معه ابتغاء جنته ورضوانه, يد الله فوق | |
| أيديهم, فهو معهم يسمع أقوالهم, ويرى مكانهم, ويعلم ضمائرهم وظواهرهم, فمن نقض | |
| بيعته فإنما يعود وبال ذلك على نفسه, ومن أوفى بما عاهد الله عليه من الصبر عند | |
| لقاء العدو في سبيل الله ونصرة نبيه محمد صلى الله عليه وسلم, فيعطيه الله ثوابا | |
| جزيلا, وهو الجنة. | |
| وفي الآية إثبات صفة اليد لله تعالى بما يليق به سبحانه, دون تشبيه ولا تكييف. | |
" سيقول لك المخلفون من الأعراب شغلتنا أموالنا وأهلونا فاستغفر | |
| لنا يقولون بألسنتهم ما ليس في قلوبهم قل فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم | |
| ضرا أو أراد بكم نفعا بل كان الله بما تعملون خبيرا " | |
سيقول لك -يا محمد- الذين تخلفوا من الأعراب عن الخروج معك إلى " مكة " إذا عاتبتهم: شغلتنا أموالنا وأهلونا, فاسأل | |
| ربك أن يغفر لنا تخلفنا, يقولون ذلك بألسنتهم, ولا حقيقة له في قلوبهم, قل لهم: | |
| فمن يملك لكم من الله شيئا إن أراد بكم شرا أو خيرا؟ ليس الأمر كما ظن هؤلاء | |
| المنافقي أن الله لا يعلم ما أنطوت عليه بواطنهم من النفاق, بل إنه سبحانه كان بما | |
| يعملون خبيرا, لا يخفى عليه شيء من أعمال خلقه. | |
" بل ظننتم أن لن ينقلب الرسول والمؤمنون إلى أهليهم أبدا وزين | |
| ذلك في قلوبكم وظننتم ظن السوء وكنتم قوما بورا " | |
وليس الأمر كما زعمتم من انشغالكم بالأموال والأهل, بل إنكم ظننتم أن | |
| رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن معه من أصحابه سيهلكون, ولا يرجعون إليكم أبدا, | |
| وحسن الشيطان ذلك في قلوبكم, وظننتم ظنا سيئا أن الله لن ينصر نبيه محمدا صلى الله | |
| عليه وسلم وأصحابه على أعدائهم, وكنتم قوما هلكى لا خير فيكم. | |
" ومن لم يؤمن بالله ورسوله فإنا أعتدنا للكافرين سعيرا " | |
ومن لم يصدق بالله وبما جاء به رسوله صلى الله عليه وسلم ويعمل بشرعه, | |
| فإنه كافر مستحق للعقاب, فإنا أعددنا للكافرين عذاب السعير في النار. | |
" ولله ملك السماوات والأرض يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء وكان | |
| الله غفورا رحيما " | |
ولله ملك السموات والأرض وما فيهما, يتجاوز برحمته عمن يشاء فيستر | |
| ذنبه, ويعذب بعدله من يشاء وكان الله سبحانه وتعالى غفورا لمن تاب إليه, رحيما به. | |
" سيقول المخلفون إذا انطلقتم إلى مغانم لتأخذوها ذرونا نتبعكم | |
| يريدون أن يبدلوا كلام الله قل لن تتبعونا كذلكم قال الله من قبل فسيقولون بل | |
| تحسدوننا بل كانوا لا يفقهون إلا قليلا " | |
سيقول المخلفون, إذا انطلقت- يا محمد- أنت | |
| وأصحابك إلى غنائم " خيبر " التي وعدكم الله بها, | |
| اتركونا نذهب معكم إلى " خيبر " , يريدون أن | |
| يغيروا بذلك وعد الله لكم. | |
| قل لهم: لن تخرجوا معنا إلى " خيبر " لأن الله | |
| تعالى قال لنا من قبل رجوعنا إلى " المدينة " : | |
| إن غنائم " خيبر " هي لمن شهد " | |
| الحديبية " معنا, فسيقولون ليس الأمر كما تقولون, إن الله لم يأمركم | |
| بهذا, إنكم تمنعونا من الخروج معكم حسدا منكم. | |
| لئلا نصيب معكم الغنيمة, وليس الأمر كما زعموا, بل كانوا لا يفقهون عن الله ما لهم | |
| وما عليهم من أمر الدين إلا يسيرا. | |
" قل للمخلفين من الأعراب ستدعون إلى قوم أولي بأس شديد تقاتلونهم | |
| أو يسلمون فإن تطيعوا يؤتكم الله أجرا حسنا وإن تتولوا كما توليتم من قبل يعذبكم | |
| عذابا أليما " | |
قل للذين تخلفوا من الأعراب (وهم البدو) عن | |
| القتال: ستدعون إلى قتال قوم أصحاب بأس شديد في القتال, تقاتلونهم أو يسلمون من | |
| غير قتال, فإن تطيعوا الله فيما دعاكم إليه من قتال هؤلاء القوم يؤتكم الجنة, إن | |
| تعصوه كما فعلتم حين تخلفتم عن السير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بلى " مكة " , يعذبكم عذابا موجعا. | |
" ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج ومن | |
| يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحتها الأنهار ومن يتول يعذبه عذابا أليما | |
| " | |
ليس على الأعمى منكم- أيها الناس- إثم, ولا على الأعرج إثم, ولا على | |
| المريض إثم, في أن يتخلفوا عن الجهاد مع المؤمنين , لعدم استطاعتهم. | |
| ومن يطع الله ورسوله يدخله جنات تجري من تحت أشجارها وقصورها الأنهار, ومن يعص | |
| الله ورسوله, فيتخلف عن الجهاد مع المؤمنين, يعذبه عذابا مؤلما موجعا. | |
" لقد رضي الله عن المؤمنين إذ يبايعونك تحت الشجرة فعلم ما في | |
| قلوبهم فأنزل السكينة عليهم وأثابهم فتحا قريبا " | |
لقد رضي الله عن المؤمنين حين بايعوك- يا محمد- تحت الشجرة (وهذه هي | |
| بيعة الرضوان في " الحديبية " ) فعلم الله ما في | |
| قلوب هؤلاء المؤمنين من الإيمان والصدق والوفاء, فأنزل الله الطمأنينة عليهم وثبت | |
| قلوبهم, وعوضهم عما فاتهم بصلح " الحديبية " فتحا | |
| قريبا, وهو فتح " خيبر " , | |
" ومغانم كثيرة يأخذونها وكان الله عزيزا حكيما " | |
ومغانم كثيرة تأخذونها من أموال يهود " خيبر | |
| " . | |
| وكان الله عزيزا في انتقامه من أعدائه, حكيما في تدبير أمور خلقه. | |
" وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها فعجل لكم هذه وكف أيدي الناس | |
| عنكم ولتكون آية للمؤمنين ويهديكم صراطا مستقيما " | |
وعدكم الله مغانم كثيرة تأخذونها في أوقاتها | |
| التي قدرها الله لكم فعجل لكم غنائم " خيبر " , | |
| وكف أيدي الناس عنهم, فلم ينلكم- سوء مما كان أعداؤكم أضمروه لكم من المحاربة | |
| والقتال, ومن أن ينالوه ممن تركتموهم وراءكم في " المدينة | |
| " , ولتكون هزيمتهم وسلامتكم وغنيمتكم علامة تعتبرون بها, وتستدلون | |
| على أن الله حافظكم وناصركم, ويرشدكم طريقا مستقيما لا اعوجاج فيه. | |
" وأخرى لم تقدروا عليها قد أحاط الله بها وكان الله على كل شيء | |
| قديرا " | |
وقد وعدكم الله غنيمة أخرى لم تقدروا عليها, الله سبحانه وتعالى قادر | |
| عليها, وهي تحت تدبيره وملكه, وقد وعدكموها, ولا بد من وقوع ما وعد به. | |
| وكان الله على كل شيء قديرا لا يتعذر عليه شيء. | |
" ولو قاتلكم الذين كفروا لولوا الأدبار ثم لا يجدون وليا ولا | |
| نصيرا " | |
ولو قاتلكم كفار قريش بـ " | |
| مكة " لانهزموا عنكم وولوكم ظهورهم, كما يفعل المنهزم في القتال, ثم | |
| لا يجدون لهم من دون الله وليا يواليهم على حربكم, ولا نصيرا يعينهم على قتالكم. | |
" سنة الله التي قد خلت من قبل ولن تجد لسنة الله تبديلا " | |
سنة الله التي سنها في خلقه من قبل بنصر جنده وهزيمة أعدائه, ولن تجد- | |
| يا محمد- لسنة الله تغييرا. | |
| " وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ | |
| عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكَانَ | |
| اللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا " | |
| وهو الذي كف أيدي المشركين عنكم, وأيديكم عنهم ببطن " مكة | |
| " من بعد ما قدرتم عليهم, فصاروا تحت سلطانكم (وهؤلاء المشركون هم | |
| الذين خرجوا على عسكر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالحديبية " , فأمسكهم | |
| المسلمون ثم تركوهم ولم يقتلوهم, وكانوا نحو ثمانين رجلا) وكان الله بأعملكم | |
| بصيرا, لا تخفى عليه خافية. | |
" هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ | |
| محله ولولا رجال مؤمنون ونساء مؤمنات لم تعلموهم أن تطئوهم فتصيبكم منهم معرة بغير | |
| علم ليدخل الله في رحمته من يشاء لو تزيلوا لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا أليما | |
| " | |
كفار قريش هم الذين جحدوا توحيد الله, وصدوكم يوم " | |
| الحديبية " عن دخول المسجد الحرام, ومنعوا الهدي, وحبسوه أن يبلغ محل | |
| نحره, وهو الحرم. | |
| ولولا رجال مؤمنون مستضعفون ونساء مؤمنات بين أظهر هؤلاء الكافرين بـ " مكة " , يكتمون إيمانهم خيفة على أنفسهم لم تعرفوهم. | |
| خشية أن تطؤوهم بجيشكم فتقتلوهم, فيصيبكم بذلك القتل إثم وعيب وغرامة بغير علم, لكنا | |
| سلطناكم عليهم ليدخل الله في رحمته من يشاء فيمن عليهم بالإيمان بعد الكفر, لو | |
| تميز هؤلاء المؤمنون والمؤمنات عن مشركي " مكة " وخرجوا | |
| من بينهم, لعذبنا الذين كفروا منهم عذابا مؤلما موجعا. | |
" إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الحمية حمية الجاهلية فأنزل الله | |
| سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وألزمهم كلمة التقوى وكانوا أحق بها وأهلها وكان | |
| الله بكل شيء عليما " | |
إذ جعل الذين كفروا في قلوبهم الأنفة أنفة الجاهلية. | |
| لئلا يقروا برسالة محمد صلى الله عليه وسلم, ومن ذلك امتناعهم أن يكتبوا في صلح " الحديبية " بسم الله الرحمن الرحيم " | |
| وأبوا أن يكتبوا " هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله " | |
| , فأنزل الله الطمأنينة على رسوله وعلى المؤمنين معه, ولزمهم قول " لا | |
| إله إلا الله " التي هي رأس كل تقوى, وكان الرسول صلى الله عليه وسلم | |
| والمؤمنون معه أحق بكلمة التقوى من المشركين, وكانوا كذلك أهل هذه الكلمة دون | |
| المشركين. | |
| وكان الله بكل شيء عليما لا يخفى عليه شيء | |
" لقد صدق الله رسوله الرؤيا بالحق لتدخلن المسجد الحرام إن شاء | |
| الله آمنين محلقين رءوسكم ومقصرين لا تخافون فعلم ما لم تعلموا فجعل من دون ذلك | |
| فتحا قريبا " | |
لقد صدق الله رسوله محمدا رؤياه التي أراها | |
| إياه بالحق أنه يدخل هو وأصحابه بيت الله الحرام آمنين, لا تخافون أهل الشرك, | |
| محلقين رؤوسكم ومقصرين, فعلم الله من الخير والمصلحة (في صرفكم عن " | |
| مكة " عامكم ذلك ودخولكم إليها فيما بعد) ما لم تعلموا أنتم, فجعل من | |
| دون دخولكم " مكة " الذي وعدتم به, فتحا قريبا, | |
| وهو هدنة " الحديبية " وفتح " | |
| خيبر " . | |
" هو الذي أرسل رسوله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله وكفى | |
| بالله شهيدا " | |
هو الذي أرسل رسوله محمدا صلى الله عليه وسلم, بالبيان الواضح ودين | |
| الإسلام. | |
| ليعليه على الملل كلها, وحسبك- يا محمد- بالله شاهدا على أنه ناصرك ومظهر دينك على | |
| كل دين. | |
" محمد رسول الله والذين معه أشداء على الكفار رحماء بينهم تراهم | |
| ركعا سجدا يبتغون فضلا من الله ورضوانا سيماهم في وجوههم من أثر السجود ذلك مثلهم | |
| في التوراة ومثلهم في الإنجيل كزرع أخرج شطأه فآزره فاستغلظ فاستوى على سوقه يعجب | |
| الزراع ليغيظ بهم الكفار وعد الله الذين آمنوا وعملوا الصالحات منهم مغفرة وأجرا | |
| عظيما " | |
محمد رسول الله, والذين معه على دينه أشداء على الكفار, رحماء فيما | |
| بينهم, تراهم ركعا سجدا لله في صلاتهم, يرجون ربهم أن يتفضل عليهم, فيدخلهم الجنة, | |
| ويرضى عنهم, علامه طاعتهم لله ظاهرة في وجههم من أثر السجود والعبادة, هذه صفتهم | |
| في التوراة. | |
| وصفتهم في الإنجيل كصفة زرع أخرج ساقه وفرعه, ثم تكاثرت فروعه بعد ذلك, وشدت | |
| الزرع, فقوي واستوى قائما على سيقانه جميلا منظره, يعجب الزراع ليغيظ بهؤلاء | |
| المؤمنين في كثرتهم وجمال منظرهم الكفار. | |
| وفي هذا دليل على كفر من أبغض الصحابة- رضي الله عنهم; لأن من غاظه الله بالصحابة, | |
| فقد وجد في حقه موجب ذاك, وهو الكفر. | |
| وعد الله الذين آمنوا منهم بالله ورسوله وعملوا ما أمرهم الله به, واجتنبوا ما | |
| نهاهم عنه, مغفرة لذنوبهم, وثوابا جزيلا لا ينقطع, وهو الجنة. | |
| (ووعد الله حق مصدق لا يخلف, وكل من اقتفى أثر الصحابة رضي الله عنهم فهو في | |
| حكمهم, ولهم الفضل والسبق والكمال الذي لا يلحقهم فيه أحد من هذه الأمة, رضي الله | |
| عنهم وأرضاهم). | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً