سورة التحريم - تفسير السعدي | |
| | |
" يا أيها النبي لم تحرم ما أحل الله لك تبتغي مرضاة أزواجك | |
| والله غفور رحيم " | |
يا | |
| أيها النبي لم تمنع نفسك عن الحلال الذي أحله الله لك؟ تبتغي إرضاء زوجاتك؟ والله | |
| غفور لك, رحيم بك. | |
" قد فرض الله لكم تحلة أيمانكم والله مولاكم وهو العليم الحكيم | |
| " | |
قد شرع الله لكم أيها المؤمنون- تحليل أيمانكم بأداء الكفارة عنها, | |
| وهي: إطعام عشرة مساكين, أو كسوهم, أو تحرير رقبة, فمن لم يجد فصيام ثلاثة أيام | |
| والله ناصركم ومتولي أموركم, وهو العليم بما يصلحكم فشرعه لكم, الحكيم في أقواله | |
| وأفعاله. | |
" وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا فلما نبأت به وأظهره الله | |
| عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض فلما نبأها به قالت من أنبأك هذا قال نبأني العليم | |
| الخبير " | |
وإذ أسر النبي إلى زوجته حفصة - رضي الله عنها- حديثا, فلما أخبرت به | |
| عائشه رضي الله عنها, وأطلعه الله على إفشائها سره, أعلم حفصة بعض ما أخبرت به, | |
| وأعرض عن إعلامها بعضه تكرما, فلما أخبرها بما أفشت من الحديث, قالت: من أخبرك | |
| بهذا؟ قال: أخبرني به الله العليم الخبير, الذي لا تخفى عليه خافية. | |
" إن تتوبا إلى الله فقد صغت قلوبكما وإن تظاهرا عليه فإن الله هو | |
| مولاه وجبريل وصالح المؤمنين والملائكة بعد ذلك ظهير " | |
إن ترجعا (حفصة وعائشة) إلى الله فقد وجد منكما ما يوجب التوبة حيث | |
| مالت قلوبكما إلى محبة ما كرهه رسول الله صلى الله عليه وسلم, من إفشاء سره, وإن | |
| تتعاونا عليه بما يسوءه, فإن الله وليه وناصره, وجبريل وصالح المؤمنين, والملائكة | |
| بعد نصرة الله أعيان له ونصراء على من يؤذيه ويعاديه. | |
" عسى ربه إن طلقكن أن يبدله أزواجا خيرا منكن مسلمات مؤمنات | |
| قانتات تائبات عابدات سائحات ثيبات وأبكارا " | |
عسى رب محمد إن طلقكن- أيتها الزوجات- أن | |
| يزوجه بدلا منكن زوجات خاضعات لله بالطاعة, مؤمنات بالله ورسوله مطيعات لله, | |
| راجعات إلى ما يحبه الله من طاعته, كثيرات العبادة له, صائمات, منهن الثيبات, | |
| ومنهن الأبكار. | |
" يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس | |
| والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون " | |
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, احفظوا أنفسكم بفعل ما أمركم | |
| الله به وترك ما نهاكم عنه, واحفظوا أهليكم بما تحفظون به أنفسكم من نار وقودها | |
| الناس والحجارة, يقوم على تعذيب أهلها ملائكة أقوياء قساة في معاملاتهم, لا | |
| يخالفون الله في أمره, وينفذون ما يؤمرون به. | |
" يا أيها الذين كفروا لا تعتذروا اليوم إنما تجزون ما كنتم | |
| تعملون " | |
ويقال للذين جحدوا وحدانية الله وكفروا به | |
| عند إدخالهم النار: لا تلتمسوا المعاذير في هذا اليوم. | |
| إنما تعطين جزاء الذي كنتم تعملونه في الدنيا. | |
" يا أيها الذين آمنوا توبوا إلى الله توبة نصوحا عسى ربكم أن | |
| يكفر عنكم سيئاتكم ويدخلكم جنات تجري من تحتها الأنهار يوم لا يخزي الله النبي | |
| والذين آمنوا معه نورهم يسعى بين أيديهم وبأيمانهم يقولون ربنا أتمم لنا نورنا | |
| واغفر لنا إنك على كل شيء قدير " | |
يا أيها الذين صدقوا الله واتبعوا رسوله, | |
| ارجعوا عن ذنوبكم إلى طاعة الله رجوعا لا معصية بعده, عسى ربكم أن يمحو عنكم سيئات | |
| أعمالكم, وأن يدخلكم جنات تجري من تحت قصورها الأنهار, يوم لا يخزي الله النبي | |
| والذين آمنوا معه, ولا يعذبهم, بل يعلي شأنهم, نور هؤلاء يسير أمامهم وبأيمانهم, | |
| يقولون: ربنا أتهم لنا نورنا حتى تجوز الصراط, ونهتدي إلى الجنة, واستر علينا ذنوبنا, | |
| إنك على كل شيء قدير. | |
" يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين واغلظ عليهم ومأواهم جهنم | |
| وبئس المصير " | |
يا أيها النبي جاهد الذين أظهروا الكفر وأعلنو, وقاتلهم بالسيف, وجاهد | |
| الذين أبطنوا الكفر وأخفوه بالحجة وإقامة الحدود وشعائر الدين, واستعمل مع | |
| الفريقين الشدة والخشونة في جهادهما, ومسكنهم الذي يصيرون إليه في الآخرة جهنم, | |
| وقبح ذلك المرجع الذي يرجعون إليه. | |
" ضرب الله مثلا للذين كفروا امرأة نوح وامرأة لوط كانتا تحت | |
| عبدين من عبادنا صالحين فخانتاهما فلم يغنيا عنهما من الله شيئا وقيل ادخلا النار | |
| مع الداخلين " | |
ضرب الله مثلا لحال هؤلاء الكفرة في | |
| مخالطتهم المسلمين ومعاشرتهم لهم, وأن ذلك لا ينفعهم لكفرهم بالله- بحال زوجة نبي | |
| الله نوح, وزوجة نبي الله لوط: حيث كانتا في عصمة عبدين من عبادنا صالحين, فوقعت | |
| منهما الخيانه لهما في الدين, فقد كانتا كافرتين, فلم يدفع هذان الرسولان عن | |
| زوجتيهما من عذاب الله شيئا, وقيل للزوجتين: ادخلا النار مع الداخلين فيها. | |
| وفي ضرب هذا المثل دليل على أن القرب من الأنبياء, والصالحين, لا يفيد شيئا مع | |
| العمل السيء. | |
" وضرب الله مثلا للذين آمنوا امرأة فرعون إذ قالت رب ابن لي عندك | |
| بيتا في الجنة ونجني من فرعون وعمله ونجني من القوم الظالمين " | |
وضرب الله مثلا لحال هؤلاء المؤمنين- الذين | |
| صدقوا الله, ووحدوه, وعملوا بشرعه, وأنهم لا تضرهم مخالطة الكافرين في معاملتهم- | |
| بحال زوجة فرعون التي كانت في عصمة أشد الكافرين بالله, وهي مؤمنة بالله, حين | |
| قالت, رب ابن لي دارا عندك في الجنة, وأنقذني من سلطان فرعون, ومما يصدر عنه من | |
| أعمال الشر, وأنقذني من القوم التابعين له في الظلم والضلال, ومن عذابهم. | |
" ومريم ابنت عمران التي أحصنت فرجها فنفخنا فيه من روحنا وصدقت | |
| بكلمات ربها وكتبه وكانت من القانتين " | |
وضرب الله مثلا للذين آمنوا مريم بنت عمران | |
| التي حفظت فرجها, وصانته عن الزنى, فأمر الله تعالى جبريل عليه السلام أن ينفخ في | |
| جيب قميصها, فوصلت النفخة إلى رحمها, فحملت بعيسى عليه السلام, وصدقت بكلمات ربها, | |
| وعملت بشرائعه التي شرعها لعباده, وكتبه المنزلة على رسله, وكانت من المطيعين له. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً