سورة المزمل - تفسير السعدي | |
| | |
" يا أيها المزمل " | |
يا أيها المتلفف | |
| بثيابه. | |
" قم الليل إلا قليلا " | |
قم للصلاة في الليل إلا يسيرا منه. | |
" نصفه أو انقص منه قليلا " | |
قم نصف الليل أو انقص من النصف قليلا حتى تصل إلى الثلث. | |
" أو زد عليه ورتل القرآن ترتيلا " | |
أو زد على النصف حتى تصل إلى الثلثين, واقرأ القرآن بتؤدة وتمهل مبينا | |
| الحروف والوقوف. | |
" إنا سنلقي عليك قولا ثقيلا " | |
إنا سننزل عليك- يا محمد- قرآنا عظيما مشتملا على الأوامر والنواهي | |
| والأحكام الشرعية. | |
" إن ناشئة الليل هي أشد وطئا وأقوم قيلا " | |
إن العبادة التي تنشأ في جوف الليل هي أشد تأثيرا في القلب, وأبين | |
| قولا; لفراغ القلب من مشاغل الدنيا. | |
" إن لك في النهار سبحا طويلا " | |
إن لك في النهار تصرفا وتقلبا في مصالحك, واشتغالا واسعا بأمور | |
| الرسالة, ففرغ نفسك ليلا لعبادة ربك. | |
" واذكر اسم ربك وتبتل إليه تبتيلا " | |
واذكر- يا محمد- اسم ربك, فادعه به, وانقطع إليه انقطاعا تاما في | |
| عبادتك, | |
" رب المشرق والمغرب لا إله إلا هو فاتخذه وكيلا " | |
وتوكل عليه هو مالك المشرق والمغرب لا معبود بحق إلا هو, فاعتمد عليه, | |
| وفوض أمورك إليه. | |
" واصبر على ما يقولون واهجرهم هجرا جميلا " | |
واصبر على ما يقوله المشركرن فيك وفي دينك, | |
| وخالفهم في أفعالهم الباطلة, مع الإعراض عنهم, وترك الانتقام منهم. | |
" وذرني والمكذبين أولي النعمة ومهلهم قليلا " | |
دعني- يا محمد- وهؤلاء المكذبين بآياتي أصحب النعيم والترف في الدنيا, | |
| ومهلهم زمنا قليلا بتأخير العذاب عنهم حتى يبلغ الكتاب أجله بعذابهم. | |
" إن لدينا أنكالا وجحيما " | |
إن لهم عندنا في الآخرة قيودا ثقيلة ونارا مستعرة يحرقون بها, | |
" وطعاما ذا غصة وعذابا أليما " | |
وطعاما كريها ينشب في الحلوق لا يستساغ, وعذابا موجعا. | |
" يوم ترجف الأرض والجبال وكانت الجبال كثيبا مهيلا " | |
يوم تضطرب الأرض والجبال وتتزلزل حتى تصير الجبال تلا من الرمل سائلا | |
| متناثرا, بعد أن كانت صلبة جامدة | |
" إنا أرسلنا إليكم رسولا شاهدا عليكم كما أرسلنا إلى فرعون رسولا | |
| " | |
إنا أرسلنا إليكم- يا أهل " مكة " - | |
| محمدا رسولا, شاهدا عليكم بما صدر منكم من الكفر والعصيان, كما أرسلنا موسى رسولا | |
| إلى الطاغية فرعون؟ | |
" فعصى فرعون الرسول فأخذناه أخذا وبيلا " | |
فكذب فرعون بموسى, ولم يؤمن برسالته, وعصى أمره, فأهلكناه إهلاكا | |
| شديدا. | |
| وفي هذا تحذير من معصية الرسول محمد, صلى الله عليه وسلم, خشية أن يصيب العاصي مثل | |
| ما أصاب فرعون وقومه | |
" فكيف تتقون إن كفرتم يوما يجعل الولدان شيبا " | |
فكيف تقون أنفسكم- إن كفرتم- عذاب يوم القيامة الذي يشيب فيه الولدان | |
| الصغار; من شدة هوله وكربه؟ | |
" السماء منفطر به كان وعده مفعولا " | |
السماء متصدعة في ذلك اليوم; لشدة هوله, كان وعد الله تعالى بمجيء ذلك | |
| اليوم واقعا لا محالة. | |
" إن هذه تذكرة فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلا " | |
إن هذه الآيات المخوفة التي فيها القوارع والزواجر عظة وعبرة للناس, | |
| فمن أراد الاتعاظ والانتفاع بها اتخذ الطاعة والتقوى طريقا توصله إلى رضوان ربه | |
| الذي خلقه ورباه. | |
" إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من | |
| الذين معك والله يقدر الليل والنهار علم أن لن تحصوه فتاب عليكم فاقرءوا ما تيسر | |
| من القرآن علم أن سيكون منكم مرضى وآخرون يضربون في الأرض يبتغون من فضل الله | |
| وآخرون يقاتلون في سبيل الله فاقرءوا ما تيسر منه وأقيموا الصلاة وآتوا الزكاة | |
| وأقرضوا الله قرضا حسنا وما تقدموا لأنفسكم من خير تجدوه عند الله هو خيرا وأعظم | |
| أجرا واستغفروا الله إن الله غفور رحيم " | |
إن ربك- يا محمد- يعلم أنك تقوم للتهجد من الليل أقل من ثلثيه حينا, | |
| وتقوم نصفه حينا, وتقوم ثلثه حينا آخر, ويقوم معك طائفة من أصحابك والله وحده هو | |
| الذي يقدر الليل والنهار, ويعلم مقاديرهما, وما يمضي ويبقى منهما, علم الله أنه لا | |
| يمكنكم قيام الليل كله, فخفف عليكم, فأقرورا في الصلاة بالليل ما تيسر لكم قراءته | |
| من القرآن, علم الله أنه سيوجد فيكم من يعجزه المرض عن قيام الليل, ويوجد قوم | |
| آخرون يتنفلون في الأرض للتجارة والعمل وطلبون من رزق الله الحلال, وقوم آخرون | |
| يجاهدون في سبيل الله لإعلاء كلمته ونشر دينه, فاقرؤوا في صلاتكم ما تيسر لكم من | |
| القرآن, وواظبوا على فرائض الصلاة, وأعطوا الزكاة الواجبة عليكم, وتصدقوا في وجوه | |
| البر والإحسان من أموالكم. | |
| ابتغاء وجه الله, وما تفعلوا من وجوه البر والخير وعمل الطاعات, تلقوا أجره وثوابه | |
| عند الله يوم القيامة خيرا مما قدمتم في الدنيا, وأعظم منه ثوابا, واطلبوا مغفرة | |
| الله في جميع أحوالكم, إن الله غفور لكم رحيم بكم. | |
| |
أكثر المصاحف تفاعلاً