مصطفى غربي
لم تكن الإعاقة يوما حاجزا أمام النجاح إذا ما توفرت الإرادة القوية لذلك، تلك هي خلاصة قصة المقرئ مصطفى غربي، المقرئ الذي عانى من ضعف البصر غير أن بصيرته كانت كافية لتجعل منه شيخ القراء المغاربة، فهو الذي استطاع بصوته الخاشع أن يصنع لنفسه مكانا في قلوب آلاف المصلين الذي كانوا يحجون إلى مسجد الشهداء بمدينة الدار البيضاء.
ولد الشيخ مصطفى غربي سنة 1964 بقبيلة الشراكي إقليم سطات، حرم من نعمة البصر منذ ولادته، حرمانه من نعمة البصر لم يشكل له يوما عائقا أمام نجاحه في الحياة اليومية، حيث تمكن من حفظ القرآن عن طريق السمع في ظرف أربع سنوات أي في سن 12 من عمره.
تمكن الشيخ غربي من حفظ القرآن كان بمثابة مفاجأة لأفراد عائلته، إذ اعتبروه كفيفا غير قادر على فعل شيء، غير أنه بفضل إصراره الشديد وملكة الحفظ السريع التي عوضه الله بها، استطاع مصطفى أن يتفوق على زملائه في كتاب القرآن وأن يحقق حلم والده في أن يكون أحد أبنائه حافظا لكتاب الله "كانت فرحة والدي لا توصف، عندما تمكنت من حفظ كتاب الله، إذ أقاموا على عادة قبيلتي ما يسمى بعرس القرآن، احتفاء بي".
مسار الشيخ غربي لم يكن واضح المعالم في البداية، فعند بلوغه سن الشباب واكتشافه لموهبة الصوت المتميز التي حباه الله بها، قرر المشاركة في برنامج مواهب، الذي كان يعده عبد النبي الجيراري، وتذيعه الإذاعة الوطنية، قبل أن يتراجع عن المشاركة في آخر لحظة.
عزوف الشيخ غربي عن المشاركة في برنامج مواهب كان نقطة التحول في مساره، حيث بدأ يتلمس طريقه إلى الالتزام بتعاليم القرآن، والإطلاع على علوم التجويد، وفي هذا الإطار أخد يقلد تلاوات مشاهير القراء كعبد الباسط عبد الصمد.
ولوج الشيخ غربي عالم الإمامة كان منذ الصغر، حيث كان يؤم أبناء حيه بشكل غير منتظم، غير أنه في 1980 التحق رسميا بمسجد طريق بورنازيل، وظل هناك لمدة سنتين قبل أن ينتقل إلى مسجد الشهداء بالدار البيضاء الذي ارتبط باسمه طيلة سنوات الثمانينات والتسعينات من القرن الماضي، وفي خضم ذلك كان يؤم الناس بمسجد الحسن الثاني لمدة 7 سنوات.
مثل الشيخ غربي بلده المغرب في العديد من المسابقات بكل من السعودية وباكستان، غير أنه في سنة 2006 واجه عقوبة السجن بتهمة الاتجار في المخدرات قبل أن يتم الحكم ببرائته.