عبدالرحمن بن فهد الودعان الدوسري
الاسم والميلاد: عبدالرحمن بن محمد بن خلف بن عبدالله الفهد آل نادر الدوسري
من قبيلة الدواسر ومن أسرة هم أمراء بلد (السليل) المشهور.
ولد في مدينة البحرين عام 1332 هـ،
نزح جده عبدالله بن فهد آل نادر من قومه وبلاده إلى قرية الشماسية في منطقة القصيم،
نشأ في بيئة صالحة محافظة في حي من أحياء الكويت يدعى (المرقاب)، أكثر أهلها عمارٌ للمساجد، نقَّاد للأخلاق، يحض بعضهم بعضًا على الخير والفضيلة، فلذلك يسيطر الحياء عليهم أجمعين.
مؤهلاته العلمية:
لقد طلب العلم في المدرسة المباركية بالكويت، وكان اسمها مطابقًا لمعناها في السابق؛ لأنها مدرسة أهلية لا علاقة لها بالحكم والحكام، ولم ترتبط بالمناهج التي خططتها الماسونية للتعليم، بل هي في أول نشأتها تفوق المعاهد والكليات العلمية الدينية في البلاد السعودية؛ حيث كان الحفظ فيها إجباريًّا عن ظهر قلب، ولم يخرج منها إلا وهو حافظ للثلاثة الأصول مع بعض شرحها، وحافظ للدرة المضية نظم السفاريني (209) بيت في التوحيد، وحافظ للرحبية والبرهانية في الفرائض، ومنظومة هدية الألباب في جواهر الآداب للشيخ محمد الجسر، ومنظومة الآداب المشهورة لابن عبد القوي، ولامية ابن الوردي، ولامية العجم، وقصائد كثيرة متنوعة، قد حفظها عن ظهر قلب، وحفظ من متون الفقه دليل الطالب ومجموعة من عبارات غيره، وحفظ القرآن الكريم، وكان لصعوبة تحصيله كل الكتب يحفظ ما يعجبه بمجرد العثور مجلوبًا في السوق يطلب من صاحبه السماح بتصفحه، وقد حفظ جملة من أحاديث منتقى الأخيار، ومجموعات أخرى من غيره، ودرس السيرة النبوية، وطرفًا من التاريخ، وحفظ شيئًا كثيرًا من الكافية الشافية نونية ابن القيم، ولو ظهر توضيح الشيخ عبدالرحمن السعدي لها، لتقدم لحفظها كلها، ولكن عدم فهمه لبعض معانيها جعله لا يحفل بحفظها.
ثم بعد خروجه من هذه المدرسة - المباركة في زمنها - درس الفقه والتوحيد على الشيخ المرحوم عبدالله بن خلف الدحيان، وعلى الشيخ صالح بن عبدالرحمن الدويش رحمه الله، وفي أثناء سفراته للبحرين يحظى بمقابلة الشيخ العلامة قاسم بن مهزع، ويتدارس معه البحوث المهمة.
وقد تأثر بهذين الشيخين: عبدالله بن خلف، وقاسم بن مهزع - رحمهما الله تعالى.
وكان يحب الجمع بين الفقه والحديث، ولا يرى الفصل بينهما، فلا يحب الفقه ناشفًا خاليًا من الدليل، ولا يحب تطرف الزاعمين أنهم من أهل الحديث في رفضهم للفقه، ومناصبتهم العداوة للفقهاء، أو التحقير من شأنهم ونحوه؛ مما فيه إهدار لكرامتهم ونكران لجميلهم.
وقد عاصر آخر الأحداث والمنازعات التي أثارها الإنكليز بين الكويت والسعودية، ولا حظ ما جرته تلك الأحداث من البغض والتكفير لبعضهم البعض؛ مما جره إلى البحث والتمحيص، فكان من جراء ذلك مولعًا بكتب البحث والمناظرة والردود؛ مما صار له الأثر القوي في تكوينه العلمي والروحي.
وقد صار له نشاط في نشر العلم والتوعية الروحية بإلقاء المواعظ والمحاضرات المتوالية في المساجد والمدارس والأسواق، ويعطي كل موقف حقه الملائم له؛ بحيث لا يلقي في المدرسة شيئًا مما يلقيه في المسجد، بل يلاحظ المناسبة ويرعى الاختصاص، وكانت الأسئلة تنهال عليه، فيجيب على بعضها شفهيًّا في وقفته مهما طالت، ويكتب باقي الأجوبة في الصحف عند ضيق الوقت عن الإجابة الشفهية، وله نشاط في تدعيم العلم الروحي وخدمة الدين بشراء مجموعات كبيرة من الكتب وتوزيعها على حسابه الخاص على مكتبات المدارس والجامعات، وغيرها من المكتبات العامة الهامة، كل ذلك يحتسبه لله.
مؤلفاته:
1- الأجوبة المفيدة.
2- الجواهر البهية.
3- الجواب المفيد.
4- النفاق.
5- التربية في الإسلام.
6- الصوم.
7- الحج.
8- نفثاث داعية.
9- فلسطينيات.
10- اليهودية والماسونية.
11- للحق والحقيقة.
12- يهود اليوم خلفًا سيئًا ليهود الأمس.
13- ردود ومقالات في المجلات والصحف.
يرى في مستقبل الجيل الإسلامي ضرورة مقابلة علماء المسلمين وولاتهم لمخططات أعدائهم بما يقابلها ويحبطها، فيقومون بإنشاء المدارس الدينية والروضات التربوية الروحية، وأن يصنع أولاد المسلمين على أعينهم لا على أعين أعدائهم وتلاميذ أعدائهم، وأن يعملوا على إصلاح الأجهزة الإعلامية بتركيز الركائز الطيبة وتغيير برامجها تغييرًا جذريًّا، بل يرى أن من أوجب الواجب على علماء المسلمين أن يبثوا الوعي الديني الصحيح في طبقات الأمة، ويلهبوا حماس شبابها وأثريائها؛ ليسخوا بتأسيس جميع ما يكفل عودة القيادة الفكرية إليهم، فإذا نجحوا في التربية الروحية وحازوا القيادة الفكرية التي انتزعها منهم أعداؤهم وهم سادرون، كانوا جديرين بالحياة الصحيحة، أما دون هذا فإن مجهودهم يشبه عمل من يعالج الجرح والرأس مقطوع - عياذًا بالله من مثل السوء ومن عاقبة السوء- فإن كل مخطط لا يحبطه إلا ما يوازيه أو يزيد عليه، والماسونية اليهودية وإن سبقتنا أشواطًا بعيدة في هذا المضمار، فإنه بقوة الوعي، وحسن القصد، والصدق في العمل، سنغلبهم في وقت قصير؛ كما قيل: (إذا جاء نهر الله بطل نهر معقل)، والمسألة تتطلب:
• الوعي العام الصحيح.
• العمل الجاد المتواصل.
• اطراح الجبن والشح اللذين هما أصل البلاء ومجمع الشرور.
• السخاء في سبيل الله.
• البصيرة النافذة بتركيز الركائز الإسلامية الصالحة في كل ميدان، وإعطاء كل عمل حقه.
• عدم ترك فراغ يشغله أعداؤنا.
• مجابهة كل خطة بما يفسدها.
وليكن جميع ذلك بصدق مع الله وإخلاص لدينه، بحيث لا يشوبه رياء ولا سمعة، ولا أي شيء من الأنانية، وهنالك يسدد الله الخطأ، ويسلك بذا سبيل النصر؛ ﴿ وَاللَّهُ غَالِبٌ عَلَى أَمْرِهِ ﴾ [يوسف:21].
وهذا مما سجل فقيدنا رحمه الله من أفكاره وتاريخ حياته، وآماله وآلمه في هذه الأسطر القليلة التي كتبها عن تاريخ حياته، فللقارئ أن يتأمل حديثه "رحمه الله" عن السبب الذي جعله يعمل في التجارة بدلًا من الوظائف، ومن ذلك قوله:
إنه يستغني بها عن ابتذال علمه بالوظائف التي تخرسه عن الصراحة بالحق، أو تجعله مسايرًا لرغبات الدولة التي توظفه، فلهذا لجأ إلى العمل الحر شحًّا بدينه، وعرفانًا بقيمته، وارتفاعًا بكرامته عن ملابسات الوظائف.
وكان رحمه الله في وصيته مثالًا لأهل الخير وقدوة جديرة بالاتباع، فقد أوصى بثلث ماله للجمعيات والمراكز الإسلامية القائمة بأمر الدعوة إلى الله، وفي نشر الكتب والمنشورات الإسلامية وفي إطعام المحتاجين من الفقراء والمساكين وسائر القربات، مع مراعاة الأهم فالأهم حسب الترتيب الذي ذكره.
وفاته في 16/11/1399 هـ. رحمه الله