شمس الدين الذهبي
الاسم: الإمام الذهبي هو الإمام الحافظ المؤرخ أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عثمان بن قايماز الذهبي .
ولد رحمه الله في كفر بطنا قرب مدينة دمشق في ربيع الآخر 673 هـ سنة ثَلَاث وَسبعين وسِتمِائَة من الهجرة .
كان والده شهاب الدين أحمد بن عثمان يمتهن صناعة الذهب المدقوق ، وقد برع بها وتميز، فعُرف بالذهبي .
قال الصفدي في ترجمة والده :
- برع في صناعة الذهب ، وكان في يده مثل اللهب .
- وكان الذهبي رحمه الله تعالى واسع العلم جدا، غزير المعرفة بالعلوم الشرعية ، من عقيدة ، وفقه ، وحديث ، وقراءات ، وأصول ، وغيرها، مع فهمها على منهج السلف الصالح .
- وكان رحمه الله رأسا في معرفة الحلال والحرام ، إماما في الحديث وعلومه ، ناقدا بصيرا ، إماما في علم التراجم والتاريخ ، قويا في السنة ، شديدا على أهل البدعة ، قائما بالحق ، لا تأخذه في الله لومة لائم .
شيوخه :
قال التاج السبكي رحمه الله :
- أَجَازَ لَهُ أَبُو زَكَرِيَّا بن الصَّيْرَفِي ، وَابْن أبي الْخَيْر ، والقطب ابْن أبي عصرون ، وَالقَاسِم بن الإربلي .
- وَطلب الحَدِيث وَله ثَمَانِي عشرَة سنة ، فَسمع بِدِمَشْق من عمر بن القواس ، وَأحمد بن هبة الله بن عَسَاكِر، ويوسف بن أَحْمد الغسولي ، وَغَيرهم .
- وببعلبك من عبد الْخَالِق بن علوان ، وَزَيْنَب بنت عمر بن كندي ، وَغَيرهمَا .
- وبمصر من الأبرقوهي ، وَعِيسَى بن عبد الْمُنعم بن شهَاب، وَشَيخ الْإِسْلَام ابْن دَقِيق العيد، والحافظين أبي مُحَمَّد الدمياطي، وَأبي الْعَبَّاس بن الظَّاهِرِيّ وَغَيرهم ...
- وَسمع بالإسكندرية من أبي الْحسن عَليّ بن أَحْمد الغرافي، وَأبي الْحسن يحيى بن أَحْمد بن الصَّواف، وَغَيرهمَا .
- وبمكة من التوزري وَغَيره.
- وبحلب من سنقر الزيني وَغَيره.
- وبنابلس من الْعِمَاد بن بدران.
- وَفِي شُيُوخه كَثْرَة ، فَلَا نطيل بتعدادهم ".
ومن أشهر مشايخه الذي أخذ عنهم، وتأثر بهم: شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
تلاميذه :
قال السبكي :
" سمع مِنْهُ الْجمع الْكثير " انتهى من "طبقات الشافعية" (9/ 103) .
ومن أعلامهم :
- الحافظ عماد الدين إسماعيل بن عمر بن كثير، صاحب التفسير.
- الحافظ زين الدين عبد الرحمن بن الحسن بن محمد السلامي .
- صلاح الدين خليل بن أبيك الصفدي .
- شمس الدين أبو المحاسن ، محمد بن علي بن الحسن الحسيني ، الدمشقي .
- تاج الدين أبو نصر، عبد الوهاب بن علي السبكي .
ثناء أهل العلم عليه :
وقد أثنى عليه وعلى علمه ودينه أهل العلم :
فقال ابن ناصر الدين الدمشقي رحمه الله في ترجمته :
" الشَّيْخ الامام الْحَافِظ الْهمام ، مُفِيد الشَّام ، ومؤرخ الإسلام ناقد الْمُحدثين وَإِمَام المعدلين والمجرحين : شمس الدّين أَبُو عبد الله مُحَمَّد بن أَحْمد بْن عُثْمَان التركماني الفارقي الأَصْل ، الدِّمَشْقِي ، ابْن الذَّهَبِيّ ، الشَّافِعِي ، ومشيخته بِالسَّمَاعِ والإجازة نَحْو ألف شيخ وثلاثمائة شيخ ، وَكَانَ آيَة فِي نقد الرِّجَال، عُمْدَة فِي الْجرْح وَالتَّعْدِيل ، عَالما بالتفريع والتأصيل ، إِمَامًا فِي الْقرَاءَات ، فَقِيها فِي النظريات ، لَهُ دراية بمذاهب الْأَئِمَّة وأرباب المقالات ، قَائِما بَين الْخلف بنشر السّنة وَمذهب السّلف " انتهى من "الرد الوافر" (ص 31) .
وقال ابن كثير رحمه الله :
" الشَّيْخُ الْحَافِظُ الْكَبِيرُ، مُؤَرِّخُ الْإِسْلَامِ ، وَشَيْخُ الْمُحَدِّثِينَ ، شَمْسُ الدِّينِ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الذَّهَبِيُّ ، خُتِمَ بِهِ شُيُوخُ الْحَدِيثِ وَحُفَّاظُهُ، رَحِمَهُ اللَّهُ "
وقال الصفدي رحمه الله :
" حَافظ لَا يجارى ، وَلَافظ لَا يبارى ، أتقن الحَدِيث وَرِجَاله ، وَنظر علله وأحواله ، وَعرف تراجم النَّاس ، وأزال الإبهام فِي تواريخهم والإلباس ، من ذهن يتوقد ذكاؤه ، وَيصِح إِلَى الذَّهَب نسبته وانتماؤه ، جمع الْكثير، ونفع الجم الْغَفِير، وَأكْثر من التصنيف ، ووفر بالاختصار مُؤنَة التَّطْوِيل فِي التَّأْلِيف
وقال تاج الدين السبكي رحمه الله :
" وَأما أستاذنا أَبُو عبد الله : فَبَصر لَا نَظِير لَهُ ، وكنز هُوَ الملجأ إِذا نزلت المعضلة ، إِمَام الوُجُود حفظا، وَذهب الْعَصْر معنى ولفظا، وَشَيخ الْجرْح وَالتَّعْدِيل ، وَرجل الرِّجَال فِي كل سَبِيل، كَأَنَّمَا جمعت الْأمة فِي صَعِيد وَاحِد فنظرها، ثمَّ أَخذ يخبر عَنْهَا إِخْبَار من حضرها.
وَهُوَ الَّذِي خرّجنَا فِي هَذِه الصِّنَاعَة ، وأدخلنا فِي عداد الْجَمَاعَة ، جزاه الله عَنَّا أفضل الْجَزَاء، وَجعل حَظه من غرفات الْجنان موفر الْأَجْزَاء
وقال الحافظ جلال الدين السيوطي رحمه الله :
" طلب الحديث وله ثماني عشرة سنة ، فسمع الكثير، ورحل، وعني بهذا الشأن ، وتعب فيه، وخدمه ، إلى أن رسخت فيه قدمه، وتلا بالسبع ، وأذعن له الناس .
حكي عن شيخ الإسلام أبي الفضل ابن حجر أنه قال: " شربت ماء زمزم لأصل إلى مرتبة الذهبي في الحفظ " وقال عنه الشوكاني رحمه الله :
" الْحَافِظ الْكَبِير المؤرخ ... مهر فِي فن الحَدِيث ، وَجمع فِيهِ المجاميع المفيدة الْكَثِيرَة .
قَالَ الْبَدْر النابلسي فِي مشيخته : كَانَ عَلامَة زَمَانه فِي الرِّجَال وأحوالهم ، جيد الْفَهم ، ثاقب الذِّهْن ، وشهرته تغني عَن الإطناب فِيهِ "
مصنفاته :
له مصنفات كثيرة متنوعة ، منها :
- "ميزان الاعتدال" .
- "سير أعلام النبلاء" .
- "تاريخ الإسلام" .
- "الكاشف" .
- "المغني" .
- "مختصر سنَن الْبَيْهَقِيّ" .
- "طبقات الْحفاظ" .
- "طبقات الْقُرَّاء".
- "التجريد فِي أَسمَاء الصَّحَابَة".
- "تلخيص المستدرك" .
- "مختصر تهذيب الكمال" .
- "مختصر تَارِيخ نيسابور" للْحَاكِم.
- "مختصر ذيل ابْن الدبيثي" .
- "مختصر الْمحلي" لِابْنِ حزم .
- "مختصر الزهد" للبيهقي .
- "مختصر الضعفاء" لابن الجوزي.
وغيرها من الكتب النافعة .
عقيدته :
كان رحمه الله على عقيدة أهل السنة والجماعة ، ملتزما بها ، منافحا عنها ، داعيا إليها ، ذابًّا عن شيوخها ، وقد صنف فيها عدة مصنفات ، منها :
- "كتاب العلو" .
- "كتاب العرش" .
- "كتاب الأربعين في صفات رب العالمين" .
- "رسالة التمسك بالسنن والتحذير من البدع وغيرها" .
وفاته :
تُوفِّي - رَحمَه الله تَعَالَى - لَيْلَة الِاثْنَيْنِ ثَالِث ذِي الْقعدَة ، سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة ، وَدفن من الْغَد بمقبرة الْبَاب الصَّغِير من دمشق .
أما "كتاب الكبائر" المشهور المنسوب للذهبي ، فقد طعن في نسبته إليه غير واحد من المعاصرين ، واستدلوا على ذلك بكثرة الأحاديث الموضوعة والباطلة ، والقصص والروايات الغريبة فيه ، وهذا غير معهود في مؤلفات الإمام الذهبي الحافظ الناقد ، إمام الجرح والتعديل .
وقد عثر الأستاذ "محيي الدين مستو" على نسخة أخرى مخطوطة للكبائر في مكتبة عارف حكمة بالمدينة النبوية ، وقد أثبت في مقدمة "كتاب الكبائر" الذي حققه ونشره أن هذه النسخة هي النسخة الصحيحة للكتاب ، لخلوها من كثير من الأحاديث الموضوعة المذكورة في النسخة المشهورة ، ولإيراد الأحاديث الضعيفة مصدرة بصيغة التمريض ، ولظهور شخصية الإمام الذهبي الناقد المحقق في هذه النسخة .
فطبعة محيي الدين مستو هي المعتمدة لهذا الكتاب .
ومثلها طبعة : مشهور حسن سلمان ، فقد اعتمدت على نفس النسخة المختصرة .