حافظ بن أحمد الحكمي
اسمه ونشأته: حافظ بن أحمد الحكمي
الشيخ العلامة حافظ بن أحمد بن علي الحكمي أحد علماء المملكة العربية السعودية السلفيين، وهو علم من أعلام منطقة الجنوب (تهامة) الذين عاشوا حياتهم في الشطر الأول من النصف الثاني من هذا القرن (الرابع عشر الهجري).
والحكمي: نسبة إلى (الحكم بن سعد العشيرة) بطن من (مذحج) من (كهلان ابن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان).
مولده ونشأته:
ولد الشيخ حافظ الحكمي لأربع وعشرين ليلة خلت من شهر رمضان المبارك من سنة 1342هـ بقرية (السلام) التابعة لمدينة (المضايا) - الواقعة في الجنوب الشرقي من مدينة (جازان) حاضرة المنطقة، على الساحل، قريبة منها - حيث قبيلته التي إليها ينتسب ثم انتقل مع والده أحمد إلى قرية (الجاضع) التابعة لمدينة (صامطة) في نفس المنطقة، وهو ما يزال صغيراً؛ لأن أكثر مصالح والده - من أراض زراعية ومواش ونحوهما - كانت هناك، وإن بقيت أسرته الصغيرة تنتقل بين قريتي (السلام) و (الجاضع) لظروفها المعيشية ونشأ حافظ في كنف والديه نشأة صالحة طيبة تربى فيها على العفاف والطهارة وحسن الخلق، وكان قبل بلوغه يقوم برعي غنم والديه التي كانت أهم ثروة لديهم آنذاك جرياً على عادة المجتمع في ذلك الوقت، إلا أن حافظاً لم يكن كغيره من فتيان مجتمعه؛ فقد كان آية في الذكاء وسرعة الحفظ والفهم ، فلقد ختم القرآن وحفظ الكثير منه وعمره لم يتجاوز الثانية عشرة بعد، وكذلك تعلم الخط وأحسن الكتابة منذ الصغر.
طلبه للعلم:
عندما بلغ الشيخ حافظ من العمر سبع سنوات أدخله والده مع شقيقه الأكبر محمد مدرسة لتعليم القرآن الكريم بقرية (الجاضع) فقرأ على مدرِّسه بها جزأي (عم، وتبارك)؛ ثم واصل قراءته مع أخيه حتى أتم قراءة القرآن مجوَّدة خلا أشهر معدودة، ثم أكمل حفظه حفظاً تاماً بعيد ذلك اشتغل بعدئذ بتحسين الخط فأولاه أكبر جهوده حتى أتقنه، وكان ينسخ من مصحف مكتوب بخط ممتاز، إلى جانب اشتغاله مع أخيه بقراءة بعض كتب الفقه والفرائض والحديث والتفسير والتوحيد مطالعة وحفظاً بمنزل والده إذ لم يكن بالقرية عالم يوثق بعلمه فُيتتلمذ على يديه وفي مطلع سنة 1358هـ قدم من (نجد) الشيخ الداعية المصلح عبد الله بن محمد بن حمد القرعاوي إلى منطقة (تهامة) في جنوب المملكة، بعد أن سمع عما كان فيها من الجهل والبدع - شأن كل منطقة يقلًّ فيها الدعاة والمصلحون أو ينعدمون - ونذر نفسه مخلصاً على أن يقوم بالدعوة إلى الدين القويم، وتصحيح العقيدة الإسلامية في النفوس ، وإلى إصلاح المجتمع وإزاحة ما كان عالقاً في أذهان الجهال من اعتقادات فاسدة وخرافات مضلة وفي سنة 1359هـ قدم شقيق حافظ عٍّمي (محمد بن أحمد) برساله منه ومن أخيه حافظ يطلبان فيها من الشيخ القرعاوي كتباً في التوحيد، ويعتذران عن عدم القدرة على المجيء إليه لانشغالهما بخدمة والديهما والعناية بشؤونهما، كما يطلبان منه - إن كان في استطاعته - أن يتوجه إليهما بقريتهما ليسمعا من بعض ما يلقي من دروس، وفعلاً لبى الشيخ طلبهما وذهب إلى قريتهما، وهناك التقى بحافظ وعرفه عن كثب، وتوسم فيه النجابة والذكاء، وقد صدقت فيه فراسته ومكث الشيخ عدة أيام في (الجاضع) ألقى فيها بعض دروسه العلمية التي حضرها مجموعة من شيوخ القرية وشبابها ومن بينهم الشيخ حافظ الذي كان أصغرهم سناً، لكنه كان أسرعهم فهماً وأكثرهم حفظاً واستيعاباً لما يلقى الشيخ من معلومات، يقول عنه الشيخ عبد الله القرعاوي: (وهكذا جلست عدة أيام في الجاضع، وحافظ يأخذ الدروس وإن فاته شيء نقله من زملائه، فهو على اسمه (حافظ) يحفظ بقلبه وخطه، والطلبة الكبار كانوا يراجعونه في كل ما يشكل عليهم في المعنى والكتابة، لأني كنت أملي عليهم إملاء ثم أشرحه لهم) وعندما أراد الشيخ العودة إلى مدينة (صامطة) التي جعلها مقراً له ومركزاً لدعوته، طلب من والدَي حافظ أن يرسلاه معه ليطلب العلم على يديه في (صامطة) على أن يجعل لهما من يرعى غنمهما بدلاً عنه، ولكنهما رفضا طلب الشيخ أول الأمر، وأصرَّا على أن يبقى ابنهما الصغير في خدمتهما لحاجتهما الكبيرة إليه وتشاء إرادة الله أن لا تطول حياة والدته بعد ذلك إذ توفيت في شهر رجب سنة 1360هـ فيسمح والده له ولأخيه محمد بأن يذهبا إلى الشيخ للدراسة لمدة يومين أو ثلاثة أيام في الأسبوع ثم يعودا إليه، فكان حافظ لذلك يذهب إلى الشيخ في (صامطة) فيملي عليه الدروس، ثم يعود إلى قريته، وكان ملهماً يفهم ويعي كل ما يقرأ أو يسمع من معلومات، ولم يعمر والده بعد ذلك إذ انتقل إلى جوار ربه وهو عائد من حجٍّ سنة 1360هـ رحمه الله - فتفرغ حافظ للدراسة والتحصيل، وذهب إلى شيخه ولازمه ملازمة دائمة يقرأ عليه ويستفيد منه وكان حافظ في كل دراساته على شيخه مبرزاً ونابغة، فأثمر في العلم بسرعة فائقة، وأجاد قول الشعر والنثر معاً، وألف مؤلفات عديدة في كثير من العلوم والفنون الإسلامية، ولقد كان كما قال عنه شيخه: ((لم يكن له نظير في التحصيل والتأليف والتعليم والإدارة في وقت قصير))
علمه:
مكث حافظ يطلب العلم على يد شيخه الجليل عبد الله القرعاوي، ويعمل على تحصيله، ويقتني الكتب القيمة والنادرة من أمهات المصادر الدينية واللغوية والتاريخية وغيرها... يستوعبها قراءة وفهماً، وعندما بلغ التاسعة عشرة من عمره - ومع صغر سنه - طلب منه شيخه أن يؤلف كتاباً في توحيد الله، يشتمل على عقيدة السلف الصالح، ويكون نظماً ليسهل حفظه على الطلاب، يعدّ بمثابة اختبار له يدل على القدر الذي استفاد من قراءاته وتحصيله العلمي؛ فصنف منظومته (سلم الوصول إلى علم الأصول) في التوحيد التي انتهى من تسويدها في سنة 1362هـ وقد أجاد فيها، ولاقت استحسان شيخه والعلماء المعاصرين له ثم تابع تصنيف الكتب بعد ذلك، فألَّف في التوحيد، وفي مصطلح الحديث، وفي الفقه وأصوله، وفي الفرائض، وفي السيرة النبوية، وفي الوصايا والآداب العلمية، وغير ذلك نظماً ونثراً، وقد طبعت جميعها طبعتها الأولى على نفقة المغفور له جلالة الملك سعود بن عبد العزيز. ويتضح لنا من آثاره العلمية أن أبرز مقروءاته ذات الأثر في منهجه العلمي ومؤلفاته هي تلك الكتب التي ألّفها علماء السلف الصالح من أهل السنة في العلوم الإسلامية من تفسير وحديث وفقه وأصوله، أما في مجال العقيدة فقدا بدا شديد التأثر بشيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كثير الاستفادة من مؤلفاتهما والأخذ عنها، هذا إلى جانب استيعابه لكثير من مصادر التاريخ والأدب واللغة والنحو والبيان المؤلفة في مختلف العصور الإسلامية ولقد كان - رحمه الله - عميق الفهم سريع الحفظ لما يقرأ، وقد مر بنا قول لشيخه يشيد فيه بتلميذه حافظ، الذي كان يحفظ بقلبه وخطه - على حد تعبير الشيخ - وكان زملاؤه الكبار يراجعونه في كل ما يشكل عليهم منذ مراحل تعليمه الأولى.
أدبه:
يُعدُّ الشيخ حافظ من أجل علماء منطقة تهامة وأقدرهم على قول الشعر ، فقد كان يعشق الشعر منذ صغره ويحفظه ويقوله سليقة دون تكلف، فلا غرابة إذ رأيناه يُخرج أكثر مؤلفاته نظماً ولقد كان أكثر ما يقول الشعر - في غير ما كتبه من منظومات - إما نصيحة أو مساجلة لصديق أو وصفاً أو خاطرة، إلا أنه لم يدون جلَّ ما قال إن لم يكن كله، وما بأيدينا منه الآن نزر يسير جداً حفظه عنه بعض تلاميذه ومن أهم قصائد الشعر تلك الميمية التي أنشأها في الوصايا والآداب العلمية، وهي طويلة جداً نختار منها هذه الأبيات التي يصف فيها العلم ومنزلته:
العلم أغلى وأحلى ماله استمعتْ
العلم غايته القصوى ورتبته الـ
العلم أشرف مطلوب وطالبُــــــه
العلم نور مبين يستضيء بـــــه
العلم أعلى حياة للعباد، كمـــــــا
أذُنٌ ، وأعرب عنه ناطق بفــــــمِ
ـعلياء فاسعوا إليه يا أولي الهمم
لله أكرم من يمشي على قـــــــــدم
أهل السعادة والجهال في الظلــــم
أهل الجهالة أموات بجهلهــــــــــم
ثم يقول مرغباً في العلم، وحاضاً طالبه على الحرص عليه، والسعي قدر المستطاع لنيل أكبر قسط منه، وعدم الرضا بغيره عوضاً عنه، فمن حصل عليه فقد ظفر. ويوصي طلبة العلم بمساعدة غيرهم في تحصيله وتقريب مباحثه، ويشير عليهم قبل ذلك كله بأن يخلصوا نياتهم - في طلبه - لوجه الله الكريم:
يا طالب العلم لا تبغي به بــــــدلا
وقدِّس العلم واعرف قدر حرمته
واجهد بعزم قوي لا انثناء لـــــه
والنصحَ فابذله للطلاب محتسبـاً
ومرحباً قل لمن يأتيك يطلبــــــه
والنية اجعل لوجه الله خالصـــة
فقد ظفرت ورب اللوح والقلـــــــم
في القول والفعل ، والآدابَ فالتزم
لو يعلم المرء قدر العلملم ينـــــــم
في السر والجهر والأستاذفاحتــرم
وفيهمُ احفظ وصايا المصطفى بهم
إن البناء بدون الأصل لم يقُــــــــم
وهناك أيضاً قصيدته الهمزية التي قالها في تشجيع الإسلام وأهله والدعوة إلى التمسك بأساسه وأصله، وهي لا تزال مخطوطة لم تنشر من قبل، وتقع في أكثر من مائتي بيت، من بحر الكامل على رويِّ الهمزة. استعرض فيها ماضي المِسلمين وحاضرهم وما ينبغي أن يكونوا عليه في مستقبلهم ، كل ذلك بأسلوب قوي رصين، وتعبير جزل، بالإضافة إلى ما تفجَّر في جوانب أبياتها من شعور فياض، ومعان سامية، وأهداف نبيلة، وروح عالية؛ تحدث في أولها عن الرسول الكريم محمد بن عبد الله صلوات الله وسلامه عليه وقيامه بالدعوة إلى الله، فقال:
ويعز ربي رسله والمؤمنيــــــــــن
حتى استتمَّ بناءهم بمحمـــــــــــــد
فهو الرسول إلى الخلائق كلهـــــم
ما لامرىء أبداً خروج عن شريـــ
لم يقبض المولى تعالى روحــــــــه
وأتمَّ نعمته وأكمل دينـــــــــــــــــه
ومضى وأمته بأقوم منهـــــــــــــج
جميعهم بالنصر والإنجــــاء
أكرم به للرسل ختم بنــــــاء
ممن تُقِل بسيطة الغبــــــراء
ـعته ونهج طريقه البيضـــاء
حتى أشاد الدين بالإعـــــلاء
ولخلقـــــــــــــه أداه أيِّ أداء
وعلى محجِّة هدية البيضـــاء
ثم تحدث عن الخلفاء الراشدين ومناهجهم في الحكم، وانتقل بعدهم يصف واقع المسلمين في العصور التي تلت عصر الخلفاء الراشدين، وعندما وصل إلى القرن السابع الهجري عصر شيخ الإسلام (ابن تيمية) وجدناه يقول:
وأتى بقرنٍ سابع من هجــــــــرة
أعني بذاك الحبر أحمد مــن إلى
كمَ هاجم البدعَ الضلال وأهلـــها
وقواعدَ التحريف هدَّ أصولهـــــا
وله جهاد ليس يُعهد مثلــــــــــه
عَلم به يؤتمُّ في الظلمــــاء
عبد الحليم نمى بلا استثناء
بدلائل الوحيين خير ضيـــاء
أعظِم به هدماً لشرِّ بنـــــاء
إلا بعهد السادة الخلفـــــــاء
وبعد أن ذكر ما قام به ابن تيمية من قمع للفتن وإبادة للطغيان، تابع المسيرة إلى العصور الإسلامية التالية، مصوراً طبيعة الحياة التي كان يعيشها المسلمون في تلك الأزمنة، مشيراً إلى بعض المصلحين الذين سعوا لتصحيح الأوضاع في بلادهم كالشيخ محمد بن عبد الوهاب في القرن الثاني عشر الهجري وغيره ثم ذهب يوجِّه الخطاب إلى العلماء وطلاب العلم في عصره، مستنهضاً هممهم للدعوة إلى الله والإخلاص في العمل، والقيام بالواجب الملقى على عواتقهم نحو إخوانهم المسلمين في كل مكان قائلاً:
هل تسمعون معاشر العلما ، ألا
يا طالبي علم الشريعة فانهضوا
انحوا بهم نحو الصراط المستقيـ
كيف انتصار المسلمين وجلّهــم
تصغون نحو مقالتي وندائي؟
وادعوا عباد الله باستهــــداء
ـم ورفض كل طريقة عوجاء
عن دينهم في غفلة عميـــاء
وقد أطال في ذلك، وبهذا نكتفي، ولعل في هذه المقتطفات من هاتين القصيدتين كفاية كنماذج حية من شعر الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - والتي تدل على تدفق شاعريته، وجودة شعره الإسلامي وسمو غاياته.
أعماله:
عندما لمس الشيخ عبد الله القرعاوي تفوُّق تلميذه حافظ ونبوغه العلمي أقامه مدرِّساً لزملائه والمستجدين من التلاميذ، فألقى عليهم دروساً نافعة استفادوا منها فائدة كبرى ثم عيَّنه شيخه في سنة 1363هـ مديراً لمدرسة (صامطة) السلفية - أول مدرسة افتتحها الشيخ في المنطقة لطلاب العلم -، وأسند إليه أمر الإشراف على مدارس القرى المجاورة واتسعت بعد ذلك مدارس الشيخ في منطقتي (تهامة وعسير) فما من مدينة أو قرية إلا وأسس بها مدرسة أو أكثر تدرس العلوم الإسلامية، وجعل بها من تلاميذه من يقوم بالتدريس فيها ويتولى شؤون إدارتها. ولما كان الشيخ يقوم في فترات متعددة بجولات على مئات المدارس التي كان قد أسسها في المنطقة جعل تلميذه الأول الشيخ حافظاً الحكمي مساعداً له يتولى الإشراف على سير التعليم وأمور الإدارة أثناء تجوال الشيخ على مدارسه، فنهض حافظ بالعبء الملقى على عاتقه وأدى الأمانة خير الأداء ثم تنقل الشيخ حافظ - للقيام بواجبه مع شيخه - في عدة أماكن منها قرية (السلامة العليا) ومدينة (بيش: أم الخشب) في الجزء الشمالي من منطقة (جازان) وغيرهما، عاد بعدها إلى مدينة (صامطة) مرة أخرى يدير مدارسها ويساعد شيخه في تحمل المسؤولية والإشراف على سير التعليم ومواصلة تدعيم مهام الدعوة والإصلاح وهكذا مضى الشيخ حافظ يؤدي واجباته في سبيل النهوض بأبناء منطقته، وليرفع من مستواهم الثقافي والاجتماعي، وليفيدهم من علمه قدر ما يستطيع، فقد كان يجتمع إليه طلبة العلم من كل مكان للتتلمذ على يديه فيستفيدون منه فائدة عظمى، ومن طلبته الآن علماء أفاضل يتولون مناصب القضاء والتدريس والوعظ والإرشاد في جميع أنحاء المنطقة الجنوبية وغيرها وفي سنة 1373هـ افتتحت وزارة المعارف السعودية مدرسة ثانوية بـ (جازان) عاصمة المنطقة، فعين الشيخ حافظ أول مدير لها في ذلك العام ثم افتتح معهد علمي تابع للإدارة العامة للكليات والمعاهد العلمية آنذاك (جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية حالياً) بمدينة (صامطة) في عام 1374هـ فعين الشيخ حافظ مديراً له؛ فقام بعمله هذا خير قيام، وكان يلقي فيه بعض المحاضرات ويملي على تلاميذه الكثير من المعلومات الشرعية واللغوية المفيدة، ويضع لهم المذكرات الدراسية للفنون التي لم تقرَّر لها كتب علمية وفق المناهج المحددة، كان يمليها أحياناً بنفسه، وقد يمليها عن طريق المدرسين بالمعهد أحياناً أخرى.
صفاته:
كان الشيخ حافظ الحكمي - رحمه الله - مثالاً يحتذي لكل طالب علم يريد التحصيل والعلم النافع ، ومثالاً لكل عالم جليل متواضع يحب لتلاميذه وزملائه كل خير وصلاح ويكفي أن أورد هنا ما قاله عنه شقيقه الأكبر الشيخ محمد بن أحمد الحكمي - رحمه الله - في رسالة كتبها إليَّ إجابة لطلبي:
((كان رحمه الله على جانب كبير من الورع والكرم والعفة والتقوى، قويّ الإيمان، شديد التمسك، صداعاً بالحق، يأمر بالمعروف ويأتيه، وينهى عن المنكر ويبتعد عنه، لا تأخذه في الله لومة لائم)).
((كانت مجالسه دائماً عامرة بالدرس والمذاكرة وتحصيل العلم، تغص بطلابه في البيت والمسجد والمدرسة، لا يملّ حديثه، ولا يسأم جليسه)).
((كان جلّ أوقاته ملازماً لتلاوة القرآن الكريم، ومطالعة الكتب العلمية، بالإضافة إلى التدريس والتأليف والمذاكرة)).
((وكان خفيف النفس يحب الرياضة والدعابة والمزاح مع زملائه وطلابه وزوَّاره، مما يجذب قلوب الناس إليه ، ويحبب إليهم مجالسته والاستفادة منه)).
وفاته:
لم يزل الشيخ حافظ مديراً لمعهد صامطة العلمي حتى حجَّ في سنة 1377هـ ، وبعد انتهائه من أداء مناسك الحج لبى نداء ربه في يوم السبت الثامن عشر من شهر ذي الحجة سنة 1377هـ بمكة المكرمة على إثر مرض ألمَّ به، وهو في ريعان شبابه، إذ كان عمره آنذاك خمساً وثلاثين سنة ونحو ثلاثة أشهر، ودفن بمكة المكرمة، رحمه الله تعالى رحمة واسعة وأسكنه فسيح جناته