محمد بن عبدالله السبيل

المملكة العربية السعودية

الاسم: محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز بن سليمان ابن إبراهيم بن عثمان بن حمد بن غيهب بن محمد بن بلدي بن زيد .

وبنو زيد من قضاعة، وقضاعة من قحطان.

ولقب: (السبيل) أطلق على جده عبد العزيز الذي قدم من مدينة شقراء إلى مدينة عنيزة في حدود سنة 1250هـ، ثم انتقل والده عبد الله وعمره خمس سنوات تقريبًا مع عمه سليمان إلى مدينة البكيرية بمنطقة القصيم، واستوطنها في عام 1280هـ، وفيها كانت ولادة سماحة الوالد-رحمه الله- عام 1345هـ.

حياته العلمية:

نشأ –رحمه الله– في البكيرية، وبدأ في حفظ القرآن الكريم على والده، وقرأه أيضًا على خاله الشيخ محمد بن علي المحمود، وعلى الشيخ عبد الرحمن بن سالم الكريديس، فأتم رحمه الله حفظ القرآن الكريم كاملًا مجودًا وعمره أربعة عشر عامًا. وقد طلب العلم على عدد من المشايخ والعلماء في القصيم وفي مكة المكرمة.

شـــــــــــيوخه:

تتلمذ –رحمه الله – على عدد من العلماء والمشايخ في منطقة القصيم وفي مكة المكرمة –شرفها الله- ، منهم :

1/ شقيقه الشيخ العلامة عبد العزيز السبيل، قاضي البكيرية ، وقد تتلمذ عليه الوالد رحمه الله ولازمه ملازمة تامة ، وانتفع منه انتفاعًا كبيرًا ، واستمر في القراءة عليه حتى بعد انتقاله إلى مكة .  ولما توفي – رحمه الله – عام 1412هـ رثاه سماحة الوالد بقصيدة يقول في مطلعها:

تجري الأمـــــور على ما خطــه القدر            وكل حــي له من دهـــــره غــــــير

تطوى الدهـــــــور وفي طيــاتها أمم            كانت فبانـــــت فلا عـــــين ولا أثر

وما الحيـــــــــاة لحــــــي دار ثوى           كل امـــــرئ لحــــمام المــوت منتظر

كم مزقت أمم في الخافقين ســـــمت            لا الشـــمس آفلـــة عنها ولا القــمر

أخنت عليها صروف الدهر واستلبت             منــــها ممالكـــــها واغتــــالها القدر

وما قضى أحــــد منها لبــــــــانته               ولا اســـــتقام له ورد ولا صــــــدر

أيامها نكـــــــد وكلها كبـــــــــد              وجمعهـــــــا فرقــــــة وصفوها كدر

2/ فضيلة الشيخ محمد بن مقبل المقبل (ت 1368هـ) قاضي البكيرية رحمه الله، وقرأ عليه في البكيرية، ولازمه حتى وفاته رحمه الله.

3/ سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن حميد رحمه الله :

قرأ عليه الوالد رحمه الله  في بريدة منذ أن انتقل الوالد إليها عام 1373هـ، واستمر في الانتفاع به وبعلمه حتى وفاته، وكان الوالد رحمه الله كثير الثناء على شيخه، والاعتراف بفضله، وأثره على طلاب العلم والعامة.

ولما توفي الشيخ عام 1402هـ – رحمه الله – رثاه سماحة الوالد بقصيدة طويلة يقول في مطلعها:

على مثــــــل هذا الخطب تهمي النواظر         وتـذري دمـــــاء مقــلة ومحــاجر

ألا أيــها النـــاعي لنا علـــــم الهــدى         أصدقًا تقــــول أم مصــــابًا تحاذر

4/ سماحة الشيخ سعدي ياسين السلفي، من علماء الشام، وعضو رابطة العالم الإسلامي، وقرأ عليه الوالد القرآن كاملًا، وأجازه الشيخ بقراءة حفص عن عاصم. وبعث بهذه الإجازة لسماحة الوالد، فأرسل له الوالد رحمه الله جوابًا وضمنه أبياتا نظمها ، منها قوله:

قد حقق الله ما قـد كنت آمله       أيـام أتلو كتـاب الله في البكر

وتارة ســحرًا أتلوا عليك به        بين المقام وبين الحِجْر والحَجَر

5/ فضيلة الشيخ أبي محمد عبد الحق بن عبد الواحد بن محمد الهاشمي، وقد أجاز الوالد في القرآن الكريم، وكتب السنة.

6/ فضيلة الشيخ أبي سعيد محمد بن عبد الله نور إلهي، وقد أجاز الوالد في القرآن الكريم، وكتب السنة.

وقد حفظ الوالد رحمه الله أثناء طلبه للعلم العديد من المتون العلمية منها: زاد المستقنع في الفقه، وعمدة الأحكام، وبلوغ المرام في أحاديث الأحكام، والرحبية في الفرائض، والبيقونية في مصطلح الحديث، وملحة الإعراب للحريري، وألفية ابن مالك في النحو، ونظم المفردات في الفقه وجزء كبير من منظومة ابن عبد القوي، إضافة إلى كثير من القصائد العلمية والأدبية.

مصنفاته :

صنف – رحمه الله – الكثير من الكتب القيمة، والرسائل العلمية النافعة في موضوعات شتى، وقد طبعت بحمد الله وفضله، وهي:

  • من منبر المسجد الحرام
  • الإيضاحات الجلية في الكشف عن حال القاديانية.
  • حد السرقة في الشريعة الإسلامية.
  • الأدلة الشرعية في بيان حق الراعي والرعية.
  • حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية.
  • حكم الاستعانة بغير المسلمين في الجهاد.
  • الخط المشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف، ومدى مشروعيته.
  • رفيق الطريق في الحج والعمرة.
  • الإجازة بأسانيد الرواية.
  • من هدي المصطفى .
  • فتاوى ورسائل مختارة.
  • دعوة المصطفى ودلائل نبوته ووجوب محبته ونصرته.
  • المختار من الأدعية والأذكار.
  • شرح بعض مسائل الجاهلية.

تلاميذه:

تتلمذ عليه رحمه الله الكثير من طلاب العلم في القصيم ومكة المكرمة، منهم:

 فضيلة الشيخ / صالح بن محمد اللحيدان عضو هيئة كبار العلماء.

 فضيلة الشيخ / صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء .

 فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد العزيز الكلية عضو هيئة كبار العلماء.

 فضيلة الشيخ / عبد الرحمن بن عبد الله العجلان المدرس بالمسجد الحرام.

 فضيلة الشيخ المحدث / مقبل بن هادي الوادعي رحمه الله.

أعماله:

أولًا: الإمامة والخطابة:

بدأ رحمه الله الإمامة في صلاة التراويح في المسجد التحتي بالبكيرية عام 1360هـ بعد أن أتم حفظ القرآن الكريم.

وفي عام 1363هـ عين إمامًا راتبًا للمسجد التحتي، ويقوم بالخطابة في جامع البكيرية نيابة عن أخيه الشيخ عبد العزيز السبيل قاضي البكيرية حينها، واستمر على ذلك حتى عام 1373هـ حيث انتقل إلى بريدة.

وفي عام 1377هـ أنشئ (مسجد الدبيب)(4) ببريدة، فعين إمامًا لهذا المسجد واستمر فيه حتى عام 1382هـ حيث عين إمامًا وخطيبًا لجامع ابن فيصل، واستمر فيه إمامًا وخطيبًا حتى عام 1385هـ حيث انتقل للإمامة والخطابة في المسجد الحرام بترشيح من سماحة الشيخ عبد الله بن محمد بن حميد –رحمه الله – رئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام.

وكان انتقاله رحمه الله إلى مكة المكرمة قبيل شهر رمضان المبارك عام 1385هـ، فكان يقوم بمساعدة أئمة المسجد الحرام في ذلك الوقت وهم: معالي الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن حسن آل الشيخ، والشيخ عبد المهيمن أبو السمح، والشيخ عبد الله خياط، والشيخ عبد الله الخليفي، والشيخ عبد الرحمن الشعلان رحمهم الله جميعًا.

وكانت أول صلاة له رحمه الله إمامًا في المسجد الحرام هي صلاة التراويح سنة 1385هـ، وكان الذي يصلي بالناس التراويح في تلك السنة هما: الشيخ عبد المهيمن أبو السمح، والشيخ عبد الله الخليفي، وكان سماحته يصلي التراويح أو القيام بعض الليالي نيابة عن أحدهما.

وكانت أول خطبة للجمعة ألقاها رحمه الله في المسجد الحرام يوم 12/12/1385هـ ، وآخر خطبة للجمعة ألقاها كانت بتاريخ 7/5/1425هـ

وظل سماحة الوالد منفردًا أكثر من عشرين عامًا بخطبة عيد الفطر المبارك، واستمر على ذلك حتى عام 1423هـ، حيث كانت خطبته في هذا العام هي آخر خطبة لعيد الفطر يلقيها رحمه الله.

وفي عام 1386هـ أصبح رحمه الله الإمام الراتب لصلاة الفجر وصلاة العشاء في المسجد الحرام، واستمر على ذلك الحال حتى تعين فضيلة الشيخ صالح بن حميد عام 1404هـ إمامًا للمسجد الحرام، فأصبح الشيخ صالح هو الإمام الراتب لصلاة الفجر، واكتفى سماحة الوالد بإمامته الراتبة لصلاة العشاء، واستمر على ذلك حتى اعتذر رحمه الله عن الاستمرار في الإمامة والخطابة بعد أن أمضى أربعة وأربعين عامًا إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام فصدرت موافقة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز على ذلك بتاريخ 24/2/1429هـ.

ومنذ عام 1390هـ تقريبًا وهو الذي يصلي بالناس في مسجد الخيف بمنى في يوم التروية وأيام التشريق وفي المشعر الحرام بمزدلفة من كل عام واستمر على ذلك قرابة عشرين عامًا.

ومن أخبار سماحته ومواقفه في المسجد الحرام:

ما ذكره -رحمه  الله- عن الحادثة التي وقعت فجر يوم 1/1/1400هـ  وهي اقتحام المسجد الحرام من جماعة من الفئة الضالة زعمت أن معها المهدي وسفكت الدماء في المسجد الحرام ودعت الناس لمبايعة مهديهم المزعوم وكان يتزعم هذه الفرقة الضالة جهيمان العتيبي وكان سماحة الوالد هو الذي يصلى بالناس صلاة الفجر، يروي رحمه الله ما حصل في ذلك اليوم فيقول:

"من أبرز الأحداث التي مررت بها حادثة جهيمان التي حدثت في الأول من المحرم سنة 1400هـ، في ذلك الوقت كنت إمامًا لصلاة الفجر، وبعد الانتهاء من الصلاة، وحين انصرفت إلى المأمومين، إذا بعشرات الأشخاص قادمين نحو الكعبة ومعهم أسلحتهم. وكانت هناك جنازة فوقفت للصلاة عليها، وإذا بشخص يريد أخذ (الميكروفون) فأمسكت به، فأخرج خنجرًا، ورفعه علي، وطلب مني ترك (الميكروفون)، فقلت له: اتق الله، ودعنا نصلي على الجنازة، فانصرف، وصلينا عليها، ثم رُفِع (الميكروفون) سريعًا، واختلط الناس، فاختفيت بينهم، ثم اتجهت إلى غرفة لي في الحرم، واتصلت مباشرة بالشيخ ناصر ابن حمد الراشد، رئيس شؤون الحرمين آنذاك رحمه الله، وأخبرته بالأمر، وأسمعته طلقات الرصاص، وعلمت فيما بعد أنهم يسمحون للحجاج بالخروج من الحرم، ويمنعون خروج السعوديين؛ إذ يطلبون منهم مبايعة مهديهم المزعوم، وبعد قرابة أربع ساعات قررت الخروج من الحرم، فتركت المشلح والشماغ، ونزلت إلى باب القبو القريب من الغرفة، وتوسطت المسلحين اللذين كانا في الباب، خافضًا رأسي متخفيًا بين الحجاج، وأغلبهم من الإخوة الأندونيسيين، حتى سلم الله تعالى، وخرجت من بينهم، وقد أشاعت بعض الإذاعات الخارجية أن إمام المسجد الحرام قد قتل، وبعضهم ذكره بالاسم، مما أقلق الكثير من الأقارب والمحبين، ونحمد الله أن سلمنا، وأطفأ تلك الفتنة "

ثانيًا: التدريس:

عين رحمه الله مدرسًا عند افتتاح أول مدرسة في مدينة البكيرية عام 1367هـ، بطلب من الشيخ محمد بن مانع مدير المعارف رحمه الله، وكان سماحة الوالد رحمه الله يدرس فيها العلوم الشرعية والعربية، بالإضافة إلى قيامه بتدريس الفرائض والنحو في المسجد التحتي في البكيرية.

وفي عام 1373هـ افتتح المعهد العلمي ببريدة فرشحه سماحة الشيخ عبد الله ابن حميد رحمه الله؛ ليكون مدرسًا فيه لما رغب منه الشيخ عبد اللطيف بن إبراهيم آل الشيخ مدير المعاهد العلمية ترشيح مدرس للفرائض فيها، فعين رحمه  الله مدرسًا في المعهد منذ افتتاحه حتى انتقاله إلى مكة المكرمة عام 1385هـ، وكان يدرس الفرائض، والفقه وأصوله، والقرآن وتجويده، والتوحيد، والتفسير، والحديث ومصطلحه، والنحو، والبلاغة، والعروض، وقام بتدريس هذه العلوم في فترات مختلفة بحسب حاجة المعهد والطلاب.

وكان مدير المعهد في ذلك الوقت معالي الشيخ محمد بن ناصر العبودي، وكان من المدرسين فيه: سماحة الشيخ عبد الرزاق عفيفي، وفضيلة الشيخ عبد القادر شيبة الحمد، وفضيلة الشيخ صالح البليهي وغيرهم.

وكان رحمه الله يعقد حلقات خاصة لبعض طلبته في المسجد في بعض هذه العلوم.

ومن أخباره – رحمه  الله – في المعهد:

إلقاؤه قصيدة ترحيبية بالملك سعود بن عبد العزيز – رحمه الله – لما زار مدينة بريدة لافتتاح المبنى الجديد للمعهد العلمي عام 1377هـ يقول في مطلعها:

أيامك الغــــر للأيــــام تيجان                     وفي اسمك المرتضى للسعد عنوان

إن السعادة في لفظ السعود بدت                 لفظًا ومعـــنى وفي الأسماء إيذان

وفي عام 1385هـ انتقل رحمه  الله إلى مكة المكرمة، حيث عين إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام، وفيه عقد دروسه العلمية في مختلف العلوم الشرعية.

ومن الكتب التي درسها في المسجد الحرام: فتح المجيد، وقرة عيون الموحدين، وبلوغ المرام، وصحيح البخاري، والأدب المفرد، والتجريد الصريح لأحاديث الجامع الصحيح للزبيدي، والروض المربع، وهداية الراغب، ومختصر زاد المعاد، وإعلام الموقعين وغيرها.

ومن أخباره رحمه  الله: أن رجلًا من المعتمرين التقى بسماحة الشيخ عبد الله بن حميد في المسجد الحرام عام 1387هـ وذكر له سؤالًا نحويًا ونظمه في أبيات فطلب سماحة الشيخ ابن حميد من الشيخ صالح الغصن أن يكتب هذه الأبيات، وقال للسائل: لعلك تأتينا في المساء وتجد الجواب، يقول سماحة الوالد: ولم أكن حاضرًا ذلك المجلس لكن سماحة الشيخ عبد الله بن حميد أمر أن أعطى صورة من هذه الأبيات فلما عدت في المساء للشيخ قرأت عليه أبياتًا كتبتها جوابًا لهذا السؤال أقول فيها:

أيـــا ســــائلًا حـــلًا للغزك قائــــلًا         بلفظ رصين زين بالســــبك والرصف

أرى لفظة أعيا علي انفهامــــــــــــها         لأني حديث في الدراســــة والصـــف

هي اســـــم وحرف وهي فعل وفاعل          خصوصًا إذا جاءت فرادى على حـرف

ثنائيـــــة تبنى وتعـــرب دائـــــــمًا            على أنها ليســــت بممنوعة الصــرف»

فدونك (في) حرفًا واســـمًا لواحــــد            من الســـتة الأســـماء حقًا بلا خـلف

ومر زينبًا قل: فِ لعمــــر بحقـــــــه            فذا فاعل والفعل جـاءك بالكشــــف

فمبنيها حرف ومعربهـــا ســــــــما                وتبنى بفعل الأمـــر في مفـرد الحـرف

فاستحسنها الشيخ واحتفظ بنسخة منها، وقال: سنعطيها السائل إذا جاء إن شاء الله.

ثالثًا: العمل في الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي:

في عام 1384هـ أمر الملك فيصل رحمه الله (ت1395هـ) بتشكيل جهاز خاص بالمسجد الحرام، سمي (الرئاسة العامة للإشراف الديني على المسجد الحرام )، وعين سماحة الشيخ العلامة عبد الله بن حميد رئيسًا له.

وفي عام 1385هـ عين  سماحة الوالد إمامًا وخطيبًا للمسجد الحرام؛ و رئيسًا للمدرسين والمراقبين في رئاسة الإشراف الديني على المسجد الحرام. ثم في عام 1390هـ عين نائبًا لرئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام للشؤون الدينية. ثم عين عام 1393هـ نائبًا عامًا لرئيس الإشراف الديني على المسجد الحرام واستمر في هذا المنصب بعد التشكيل الجديد للرئاسة عام 1397هـ ، فكان نائبًا للرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين. وفي عام 1401هـ عين رحمه الله على المرتبة الممتازة وهو نائب للرئيس العام لشؤون الحرمين الشريفين. ثم في عام 1409هـ أصبح رئيسًا عامًا مكلفًا لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي.

وفي عام 1411هـ عين رئيسًا عامًا لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي بمرتبة وزير. واستمر في هذا المنصب حتى شهر ذي القعدة عام 1421هـ، حيث صدر الأمر الملكي بالموافقة على طلبه إعفاءه من منصبه، مع استمراره بمهام الإمامة والخطابة بالمسجد الحرام.

رابعًا: عضويته في هيئة كبار العلماء:

في جمادى الآخرة عام 1413هـ اختير – رحمه  الله - عضوًا في هيئة كبار العلماء، وقد رأس عددًا من اللجان المنبثقة عن الهيئة، منها: لجنة أعلام الحرم المكي الشريف، ولجنة النظر في المشاريع الجديدة للجمرات بمنى، ولجنة النظر في بعض مساجد المواقيت وغير ذلك من اللجان، كما قدم عددًا من الأبحاث المتعلقة بأعمال الهيئة، منها: الخط المشير إلى الحجر الأسود في صحن المطاف ومدى مشروعيته، ومنها: حكم الصلح على أكثر من الدية في قتل العمد وغيرها، وقد استمر في عضويته حتى شهر ربيع الأول عام 1426هـ.

خامسًا: عضويته في المجمع الفقهي الإسلامي:

عين رحمه  الله  عضوًا في المجمع الفقهي الإسلامي التابع لرابطة العالم الإسلامي منذ تأسيسه، وشارك بصفته أحد أعضائه منذ الدورة الأولى التي عقدت في شعبان عام 1398هـ، وكان المجلس يضم في عضويته كلًا من: سماحة الشيخ عبد الله بن حميد رئيس مجلس القضاء الأعلى ورئيس مجلس المجمع، وفضيلة الشيخ محمد بن علي الحركان نائب الرئيس والأمين العام للرابطة، وسماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة والإرشاد بالمملكة، وفضيلة الشيخ محمد محمود الصواف، وفضيلة الشيخ صالح بن عبد العزيز بن عثيمين، وفضيلة الشيخ محمد رشيد قباني، وفضيلة الشيخ مصطفى الزرقاء، وفضيلة الشيخ محمد رشيدي، وفضيلة الشيخ عبد القدوس الهاشمي الندوي، وفضيلة الشيخ أبو بكر جومي.

واستمر سماحته في عضوية المجمع حتى شهر رجب عام 1433هـ.

وقد رأس رحمه  الله بعض الوفود الرسمية المنبثقة عن الرابطة،  ومن ذلك زيارته إلى جمهورية إيران الإسلامية بعد ثورة الخميني؛ حيث ذهب وفد من الرابطة برئاسته في حدود عام 1400هـ وعضوية عدد من أصحاب الفضيلة العلماء والمشايخ، كان منهم عضو المجمع الفقهي فضيلة الشيخ اللواء محمود شيت خطاب، والتقى الوفد بالخميني، وسلمه الوالد هدية الرابطة وهي نسخة من المصحف الشريف، ودعاه إلى تطبيقه والعمل بما فيه، وبما جاء عن النبي e، وبين له خلال اللقاء استنكار المسلمين ما حصل من قتل وتدمير بسبب الثورة.

وقد كتب رحمه الله للمجمع العديد من الأبحاث العلمية نشرت في مجلة المجمع الفقهي، منها: حكم التجنس بجنسية دولة غير إسلامية، وحد السرقة في الشريعة الإسلامية، وحكم مشاركة المسلم في الانتخابات مع غير المسلمين، وغيرها.

سادسًا: رئاسته للجنة أعلام الحرم المكي الشريف:

عين رحمه الله رئيسًا لهذه اللجنة منذ تأسيسها بقرار من هيئة كبار العلماء وموافقة المقام السامي عليها عام 1412هـ . وقد قامت هذه اللجنة  ببيان حدود الحرم المكي وتحديد أعلامه ورصد مسار الحد بين هذه الأعلام، وقد قامت لأجل ذلك بالرجوع إلى المصادر الشرعية والتاريخية بالإضافة إلى وقوفها على الأعلام القديمة وذلك بالصعود على قمم الجبال، والنـزول لبطون الأودية، وركوب طائرات الهليكوبتر للجبال الشاهقة؛ لتقف على حدود الحرم وأعلامه، وتم بحمد الله تعالى إنجاز العمل، ونصبت الأعلام الجديدة على مداخل مكة السبعة: (وهي: طريق جدة السريع، وطريق جدة القديم، طريق الهدا، طريق السيل، طريق الليث، طريق المدينة، طريق اليمن القديم، طريق الحسينية)، كما أن اللجنة حددت النقاط لوضع أكثر من خمسمائة علم على حدود مكة كاملة، ورصدت اللجنة أماكن الأعلام ومواقعها بالخرائط، وحددت نقاطها وإحداثياتها عبر الأقمار الاصطناعية، وكان حصيلة ما حددته اللجنة من الأعلام في جميع محيط الحرم ( 1104) أعلام، تم رصدها على الخرائط، وحددت الإحداثيات عبر الأقمار الصناعية بواسطة خبراء من هيئة المساحة العسكرية، التابعة لوزارة الدفاع والطيران، وقد فرغت اللجنة من هذه الأعمال والخرائط عام 1422هـ. كما قامت اللجنة أيضًا برسم مسار للحد بين الأعلام، وقامت بعمل الخريطة اللازمة لذلك، وتم ذلك بفضل الله تعالى عام 1429هـ، وتتولى وزارة الداخلية تنفيذ ما توصلت إليه اللجنة حيث إنها الجهة المكلفة بذلك من المقام السامي. وقد أصبح بالإمكان تحديد جميع الأماكن في مكة المكرمة من حيث كونها داخل حدود الحرم أم خارجه. وهو أمر لم يعمل مثله من قبل على مدى التاريخ.

سابعًا: رئاسته للجمعية الخيرية للمساعدة على الزواج والرعاية الأسرية بمكة المكرمة .

ثامنًا: رئاسة اللجنة الشرعية للمشاعر المقدسة بمكة المكرمة.

تاسعًا: عضويته في جمعية تحفيظ القرآن الكريم بمكة المكرمة.

عاشرًا: عضويته في هيئة التوعية الإسلامية في الحج.

حادي عشر: عضويته في مجلس الدعوة والإرشاد.

ثاني عشر: عضويته في المجلس الأعلى لدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة.

ثالث عشر: عضويته في الجمعية العامة لهيئة الإغاثة الإسلامية العالمية.

وفاته:

أصيب رحمه الله بالتهاب رئوي وضعف في القلب دخل على إثره مدينة الملك عبد العزيز الطبية للحرس الوطني بجدة يوم السبت 5/7/1433هـ وبقي فيها للعلاج حتى وفاته رحمه الله  يوم الاثنين 4/2/1434هـ وقد صُلي عليه بعد صلاة العصر في المسجد الحرام يوم الثلاثاء 5/2/1434هـ وأمَّ المصلين معالي الشيخ الدكتور صالح بن عبد الله ابن حميد إمام وخطيب المسجد الحرام وعضو هيئة كبار العلماء ، وشيعته جموع غفيرة يتقدمهم العلماء والكبراء من أعضاء هيئة كبار العلماء وأئمة الحرمين الشريفين والقضاة والمشايخ والمسئولين ، وكان يومًا مشهودًا ، وجنازة مهيبة ، وقد نعاه الديوان الملكي ، وعزى الأمة الإسلامية بفقده من منبر المسجد الحرام معالي الشيخ الدكتور عبد الرحمن بن عبد العزيز السديس إمام وخطيب المسجد الحرام، والرئيس العام لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي، في خطبة الجمعة 8/2/1434هـ وصلى عليه المسلمون صلاة الغائب في عدد من دول العالم الإسلامي وغيره، وتأسف على فقده المسلمون.

رحمه الله رحمة الأبرار، وأسكنه فسيح الجنان، وجزاه عن الإسلام والمسلمين أحسن الجزاء على ما بذل وعمل، وضاعف له المثوبة والأجر، وجمعنا به في مستقر رحمته، ودار كرامته، مع النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقًا.