حكم الجهاد في هذا الوقت - فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله


حكم الجهاد في هذا الوقت
فضيلة الشيخ العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله

السؤال: ما حكم الجهاد في زمننا هذا هل هو فرض كفاية أم فرض عين؟ وإذا كان فرض كفاية متى يكون فرض عين على هذه الأمة؟
 
الجواب: أولاً يجب عليك أن تعلم أن الجهاد لا يكون فرض عين على جميع المسلمين، هذا شيء مستحيلن قال الله تعالى: {وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنْفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ} [التوبة:122].
وبين سبحانه وتعالى الحكمة فقال: {لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنْذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ} [التوبة:122].
أي: القاعدون، لأنهم لو انصرفت الأمة كلها للجهاد تعطلت بقية الشرائع والشعائر؛ لكن يكون فرض عين في مواضع:
الموضع الأول: إذا حضر الإنسان صف القتال فإنه يجب عليه أن يكمل، قال الله تبارك وتعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفاً فَلا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ * وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ إِلَّا مُتَحَرِّفاً لِقِتَالٍ أَوْ مُتَحَيِّزاً إِلَى فِئَةٍ فَقَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ} [الأنفال:15-16].
الموضع الثاني: إذا حصر العدو بلده، فهنا يجب عليه أن يقاتل دفاعاً عن نفسه وعن بلده الإسلامي.
الموضع الثالث: إذا استنفره الإمام -واضبط كلمة الإمام واكتبها بحرف كبير- إذاً لابد من إمام يقود الجيش الإسلامي، إذا استنفره الإمام يجب أن يخرج، فمثلاً يقول لأهل البلد: اخرجوا للجهاد.. يجب أن يخرجوا؛ لأن معصية ولاة الأمور محرمة، ولما وجه الخطاب لهؤلاء وجب عليهم أن يقوموا بذلك.
الموضع الرابع: إذا احتيج إليه بأن يكون هذا الرجل يعلم من استعمال هذا النوع من السلاح وغيره لا يعمله، فهنا يتعين عليه أن يباشر.
في غير هذه المواضع الأربعة لا يكون الجهاد فرض عين، ثم الجهاد -يا إخواني- لابد من راية إمام، لأنه سيصبح عصابات، لابد من إمام يقود الأمة الإسلامية، ولذلك تجد الذين قاموا بالجهاد من غير راية إمام لا يستقيم لهم حال، بل ربما يبادون عن آخرهم وإذا قدر لهم انتصار صار النـزاع بينهم.
فعلى كل حال نسأل الله أن يعيننا على جهاد أنفسنا, نحن الآن بحاجة إلى جهاد النفس, القلوب مريضة والجوارح مقصرة والقلوب متنافرة، هذا يحتاج إلى جهاد قبل كل شيء.