"الساكت عن الحق شيطان أخرس" هل هو حديث نبوي؟


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

السؤال:

عبارة "الساكت عن الحق شيطان أخرس" نسمعها كثيرا، بل بعضهم ينسبها إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- على أنها حديث نبوي !!

فهل هذه النسبة صحيحة ؟

 

الجواب:

يجيب عن هذا السؤال محمد عمرو عبد اللطيف في كتابه "تبيض الصحيفة بأصول الأحاديث الضعيفة" القسم الثاني (ص 71) بقوله:

لم أقف له على أصل صحيح ولا ضعيف عن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم-، ولا موقوفا على أحد من الصحابة أو التابعين ومتقدمي السلف رضوان الله عليهم، ولا رأيت أحدا من المصنفين في "الأحاديث المشهورة" تعرض له بنفي أو إثبات، على الرغم من اشتهاره جدا في أيامنا هذه. ومن طالع الصحف الجادة بانتظام وجد كثيرا من المقالات قد صُدِّر بها هذا الكلام، وألصق بالنبي -صلى الله عليه وآله وسلم- إلصاقا بصيغة الجزم! سواء من أصحاب العمائم البيضاء أو غيرهم من أهل الفضل والصلاح، ومن الذين يظن بهم أنهم على قدر من الثقافة الإسلامية والتمييز العلمي.

نعم، المصدر الوحيد الذي وجدت فيه هذا الكلام، هو "الرسالة القشيرية" للإمام أبي القاسم القشيري -رحمه الله- إذ قال (ص 62: باب الصمت): "...والسكوت في وقته صفة الرجال، كما أن النطق في موضعه من أشرف الخصال. سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق يقول: من سكت الحق، فهو شيطان أخرس". ا. هـ. موضع الشاهد.

وقال في الحاشية (ص 74):

وفاجأني أحد الأخوة بأنه وجد حديث "الساكت عن الحق شيطان أخرس" في "الجواب الكافي" للإمام ابن القيم -رحمه الله-، وأنه في "مسند الإمام أحمد" وأنه خرجه من سنتين أثناء تحقيقه للكتاب، وأن علته إما: "باذام بن صالح" أو الانقطاع، وذلك بعد أن أريته ما سطرت عن هذا الحديث، فنزل علي قوله كالصاعقة. فكلفت أحد الكرام بإحضار الكتاب، فإذا ابن القيم يقول: (ص 136) -حكاية عن الشيطان أعاذنا الله منه-: "ثم يقول: قوموا على ثغر اللسان، فإنه الثغر الأعظم، وهو قبالة الملك..." حتى قال: "ويكون لكم في هذا الثغر أثران عظيمان لا تبالون بأيهما ظفرتم: أحدهما: التكلم بالباطل، فإنما المتكلم بالباطل أخ من إخوانكم ومن أكبر جندكم وأعوانكم. الثاني: السكوت عن الحق: فإن الساكت عن الحق أخ لكم أخرس كما أن الأول أخ لكم ناطق، وربما كان الأخ الثاني أنفع إخوانكم لكم، أما سمعتم قول الناصح المتكلم بالباطل شيطان ناطق، والساكت عن الحق شيطان أخرس ؟...".

أسأل الله لي ولأخي هذا أن يغفر زلاتنا، ويستر عوراتنا، ويؤمن روعاتنا. إنه سميع عليم. ا. هـ.

وبعد هذا التقرير يُعلم أنه لا يصح نسبة هذا القول إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كما نرى بعضا من الرواد يستشهد بهذا العبارة على أنها من كلام النبي -صلى الله عليه وسلم-.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply