الرقية الشرعية - منهج تطبيقي


بسم الله الرحمن الرحيم

أخي المريض :
أعلم أن الله - عز وجل - حين ابتلاك بهذا المرض- ورضيت بقضاء الله وقدره - كان ذلك دلالة حب من الله عز وجل- لك ليطهرك ويمحص ذنوبك، ومؤشراً لمحاسبة نفسك ، ويذكرك بحقيقة الدنيا الفانية فلا تتمادى فيها وعليك بالأسباب الشرعية لعلاجك.
عن أنس - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - : \" إنَّ عظم الجزاء من عظم البلاء ، وأن الله - تعالى - إذا أحب قوماً ابتلاهم ، فمن رضي فله الرضا ، ومن سخط فله السخط \" أخرجه الترمذي في سننه ( 2398 ) .

من أسباب دفع البلاء :
1 - اليقين وحسن الظن بالله - عز وجل - وألاّ يقول : أجرب كلام الله بل يتقين بأن فيه الشفاء فهو الأصل في العلاج - قال تعالى - : ( وننــزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ).
2 - استشعار عظمة الخالق والالتجاء إليه والتعلق به و دعاؤه و التوبة إليه فهو الشافي وحده، فإن أصابك عارض فالرقية على النفس أفضل من رقية غيرك عليك.
3 - حفظ العبد ربه بامتثال أوامره كالمحافظة على الصلوات جماعة في المسجد ، واجتناب نواهيه كترك النظر المحرم والابتعاد عن الشاشات الهابطة التي أضرت بعض الأسر وتسببت في شقائها ، وترك استماع الأغاني والذي انتشر في حفلات الزواج . قال ـ صلى الله عليه وسلم ـ :\" احفظ الله يحفظك \" ( صحيح الجامع / 7957 ) .
4 - الإكثار من الأوراد والأذكار المستمدة من القرآن والسنة المطهرة ، وذكر الله على كل حال كأذكار الصباح والمساء والورد اليومي وأذكار النوم ما بعد الصلاة . قال تعالى ( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكى ونحشره يوم القيامة أعمى ) ومن الأذكار التي تحفظك من شياطين الجن والإنس - بإذن الله - \" لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، له الملك وله الحمد وهو على كل شئ قدير \" في كل يوم مئة مرة .
5 - المداومة على الأعمال الصالحة فهي تقوي الإيمان ، وقد سئل النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ أي الأعمال أحب إلى الله ؟ قال : ( أدومها وإن قل ) رواه البخاري ومن الأعمال الصالحة :
أ - المداومة على قراءة وحفظ ما تيسر من القرآن ، وتدبر آياته ، والمكث في المسجد .
ب - المــداومة على السنن التطوعية كالسنن الرواتب وقيام الليل وصلاة الضحى .
ج - بر الوالدين ، وصلة الأرحام حتى وإن قطعوا .
د - صيــام التطـوع كصيام أيام البيض والاثنين والخميس ، وأيام العشر من ذي الحجة .
هـ - استغلال الوقت بما هو مفيد ، كطلب العلم الشرعي والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وخير معين الصحبة الصالحة .
و - الإحسان إلى الناس والصدقة عن - أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ ( داووا مرضاكم بالصدقة ) ( صحيح الجامع / 3358 ) .

( المرض الغالب على الناس ) - العين - :
قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ : \" أكثر من يموت من أمتي بعد قضاء الله وقدره بالعين \" . رواه البخاري .
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين : العين يتبعها شيطان من شياطين الجن فتؤثر في المعين ـ بإذن الله الكوني القدري ـ لقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: ( العين حق ، ولو كان شيء سابق القدر لسبقته العين ) ( صحيح الجامع / 4147 ) .
أمثلة على العين :
بعض أمراض السرطان أو الجلطة أو الربو أو الشلل أو العقم أو السكر أو الضغط أو عدم انتظام الدورة الشهرية للنساء أو الأمراض النفسية كالاكتئاب وأمراض التوحد والوسواس .
منهج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ في العلاج :
الجمع بين الأصل الدوائي وهي الرقية الشرعية ، والسبب الدوائي وهي الأمور المادية الطبية . قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ \" عليكم بالشفائين : القرآن والعسل ) أخرجه ابـــن ماجـه في السنن ( 2 / 1142 ) بإسناد صحيح .

قواعد في الرقية :
1 - القراءة بنية الشفاء لهذا المريض ، فالقرآن لو نزل على جبال لصدعها أفلا يشفي جسماً من لحم ودم . قال ابن القيم : \" فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة ، حتى لو طالت المدة \" ، قــال- تعالى ـ : ( سيجعل الله بعد عسر يسراً ) .
2 - القراءة بنية الدعوة لهذا المريض باستشعار الآيات وللمتلبس (الجان ) بالهداية : فنجد التأثير العجيب بدون مخاطبة .
3 - طــريقة الاتهام : إعمالاً لحديث الرسول ـ صلى الله عليه وسلم - : ( من تتهمون ؟ ) ( صحيح الجامع / 556) .
وقد يتذكر المريض وصفاً معيناً في حادثة أو موقفاً معيناً له ارتباط بمرضه أو رؤيا يراها ، حتى لو كثر العائنون حيث أن هذه الأدلة ظنية لا يقطع بها ولكنه يستأنس بها مع إحسان الظن بالجميع .
قال فضيلة الشيخ عبد الله بن جبرين : \" ليس في الاتهام فتح لباب العداوة والبغضاء كما يظن البعض فإن العين لا يخطر ضررها ببال العائن فالاتهام لإنسان ما ليس جزماً بأنه العائن إنما هو إعمال للحديث ، وتكون من أسباب الألفة والمحبة لنفع المسلم وإزالة الضرر عنه ، فيؤخذ من الأثر المفيد من عرقه أو ريقه أو شئ مما مس كاليدين ولو بدون علمه ويصب على المعين فإنه يبرأ وهو نافع - بإذن الله تعالى -... ) والشرب أبلغ كما دلت عليه التجربة.
4 - القراءة التصويرية : فلا يكفي مجرد القراءة ولكن لا بد من تصور معاني الآيات والتأثر بها كطريقة شيخ الإسلام ابن تيمية كيف تصور تصوراً علاجياً لمريض النزيف حيث شبه الأرض بالإنسان ( الأرض في بلعها للماء والإنسان بتوقف النزيف ، وأن هذا النزيف بلعته تلك الأرض ، وأن مصدر النزيف أقلع وأن النزيف غاض وأن الأمر انتهى . ( كتاب : زاد المعاد - ج 4 - 358 ) .

علامة الإنسان المصاب بعين :
غالباً الأعراض إن لم تكن مرضاً عضوياً: ( صداع - صفرة في الوجه - كثرة التعرق والتبول - ضعف الشهية - تنمل أو حرارة أو برودة في الأطراف - خفقان في القلب - ألم متنقل أسفل الظهر والكتفين - حزن وضيق في الصدر - أرق في الليل - انفعالات شديدة من خوف وغضب غير طبيعي ) وقد توجد هذه العلامات أو بعضها حسب قوة العين وكثرة العائنين .

الآيات والأوراد التي تقرأ على المعيون : القرآن كله شفاء :
وإليك بعض الآيات : سورة الفاتحة - آية الكرسي - ( فسيكفيكهم الله وهو السميع العليم ) - خواتيم البقرة - ( ولولا إذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوة إلا بالله ) - ( فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير ) - ( وإن يكاد الذين كفروا ليزلقونك بأبصارهم لما سمعوا الذكر ويقولون إنه لمجنون وما هو إلا ذكر للعالمين ) - سورة الإخلاص والمعوذتين - ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وأمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم ) .
( وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خساراً ) - ( قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء ) - ( وإذا مرضت فهو يشفين ) - ( ويشف صدور قوم مؤمنين ) - ( يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور وهدى ورحمة للمؤمنين ) - سورة الانشراح - ( وله ما سكن في الليل والنهار وهو السميع العليم ) - ( حسبي الله لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم ) سبع مرات - سورة الزلزلة - ( وقيل يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء أقلعـي وغيض الماء وقضي الأمر واستوت على الجودي وقيل بعدا للقوم الظالمين ) - ( وإذا الأرض مدت وألقت ما فيها وتخلت وأذنت لربها وحقت ) ..
ومن الأدعية : ( أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يشفيك ) سبع مرات - ( أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة وكل عين لامة ) ثلاث مرات ( اللهم رب الناس اذهب البأس اشف أنت الشافي لا شفاء إلا شفاؤك شفاء لا يغادر سقما ) ثلاث مرات - ( اللهم أذهب عنه حرها وبردها ووصبها)

وختاماً .. لابد من اليقين وحسن الظن بالله والتوبة إليه فالقرآن الكريم هو أصل دوائي في علاج الأمراض الروحية والعضوية والنفسية ، وقد تمت الرقية على كثير من الأمراض وبخاصة المستعصية منها وتم الشفاء بفضل من الله ومنّه . وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

المراجع :
1 - قواعد الرقية الشرعية . الشيخ / عبد الله بن محمد السدحان .
2 - كيف تعالج مريضك بالرقية الشرعية . ( دراسة شرعية تأصيلية ) الشيخ / عبد الله بن محمد السدحان .
هذا الموضوع ( الرقية الشرعية منهج تطبيقي) من إعداد هيئة الرياض.

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply