الإرادة الكونية والإرادة الشرعية


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 





سُئل: ما أقسام الإرادة؟

أجاب: الإرادة تنقسم إلى قسمين:

القسم الأول: إرادة كونية.

القسم الثاني: إرادة شرعية.

فما كان بمعنى المشيئة فهو إرادة كونية، وما كان بمعنى المحبة فهو إرادة شرعية، مثال الإرادة الشرعية قوله - تعالى -: \"والله يريد أن يتوب عليكم\" {النساء: 27}. لأن \"يريد\" هنا بمعنى يحب ولا تكون بمعنى المشيئة لأنه لو كان المعنى: \"والله يشاء أن يتوب عليكم\" لتاب على جميع العباد وهذا أمر لم يكن فإن أكثر بني آدم من الكفار، إذن يريد أن يتوب عليكم يعني يحب أن يتوب عليكم، ولا يلزم من محبة الله للشيء أن يقع لأن الحكمة الإلهية البالغة قد تقتضي عدم وقوعه.

ومثال الإرادة الكونية قوله - تعالى -: \"إن كان الله يريد أن يغويكم\" {هود: 34}. لأن الله لا يحب أن يغوي العباد، إذن لا يصح أن يكون المعنى إن كان الله يحب أن يغويكم، بل المعنى إن كان الله يشاء أن يغويكم.

ولكن بقي لنا أن نقول: ما الفرق بين الإرادة الكونية والشرعية من حيث وقوع المراد؟

فنقول: الكونية لابد فيها من وقوع المراد إذا أراد الله شيئًا كونًا فلابد أن يقع \"إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون\" {يس: 82}.

أما الإرادة الشرعية فقد يقع المراد وقد لا يقع، قد يريد الله - عز وجل - هذا الشيء شرعًا ويحبه، ولكن لا يقع لأن المحبوب قد يقع وقد لا يقع.

فإذا قال قائل: هل الله يريد المعاصي؟

فنقول: يريدها كونًا لا شرعًاº لأن الإرادة الشرعية بمعنى المحبة، والله لا يحب المعاصي، ولكن يريدها كونًا أي مشيئة، فكل ما في السماوات والأرض فهو بمشيئة الله.



الإيمان بصفات الله كما وردت:

سُئل: من المعلوم أن الليل يدور على الكرة الأرضية، والله - عز وجل - ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر فمقتضى ذلك أن يكون كل الليل في السماء الدنيا، فما الجواب عن ذلك؟

أجاب: الواجب علينا أن نؤمن بما وصف الله وسمى به نفسه في كتابه، وعلى لسان رسوله - صلى الله عليه وسلم -، من غير تحريف، ولا تعطيل، ولا تكييف، ولا تمثيل، فالتحريف في النصوص، والتعطيل في المعتقد، والتكييف في الصفة، والتمثيل في الصفة أيضًا إلا أنه أخص من التكييفº لأنه تكييف مقيد بمماثلة، فيجب أن تبرأ عقيدتنا من هذه المحاذير الأربعة. ويجب على الإنسان أن يمنع نفسه من السؤال ب \"لم\"؟ وكيف؟ فيما يتعلق بأسماء الله وصفاته، وكذا يمنع نفسه من التفكير في الكيفية، وهذا الطريق إذا سلكه الإنسان استراح كثيرًا، وهذه حال السلف - رحمهم الله -، ولهذا جاء رجل إلى مالك بن أنس - رحمه الله - قال: يا أبا عبد الله \"الرحمن على العرش استوى\" كيف استوى؟

فأطرق برأسه وعَلَته الرحضاء، وقال: \"الاستواء غير مجهول، والكيف غير معقول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه بدعة، وما أراك إلا مبتدعًا\".

وهذا يقول إن الله ينزل إلى السماء الدنيا حين يبقى ثلث الليل الآخر كل ليلة فيلزم من هذا أن يكون كل الليل في السماء الدنياº لأن الليل يدور على جميع الأرض، فالثلث ينتقل من هذا المكان إلى المكان الآخر.

جوابنا عليه أن نقول: هذا سؤال لم يسأله الصحابة رضوان الله عليهم، ولو كان هذا يرد على قلب المؤمن المستسلم لبينه الله ورسوله - صلى الله عليه وسلم -، ونقول ما دام ثلث الليل الأخير في هذه الجهة باقيًا فالنزول فيها محقق، ومتى انتهى الليل انتفى النزول، ونحن لا ندرك كيفية نزول الله، ولا نحيط به علمًا، ونعلم أنه - سبحانه - ليس كمثله شيء، وعلينا أن نستسلم وأن نقول: سمعنا، وآمنا، واتبعنا، وأطعنا، هذه وظيفتنا.



المديح الجائز للنبي:

سُئل: ما حكم جعل مدح النبي - صلى الله عليه وسلم - تجارة؟

أجاب: حكم هذا محرم، ويجب أن يُعلم بأن المديح للنبي - صلى الله عليه وسلم - ينقسم إلى قسمين:

أحدهما: أن يكون مدحًا فيما يستحقه - صلى الله عليه وسلم -، بدون أن يصل إلى درجة الغلو فهذا لا بأس به، أي لا بأس أن يمدح رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم -، بما هو أهله من الأوصاف الحميدة الكاملة في خلقه وهديه - صلى الله عليه وسلم -.

والقسم الثاني: من مديح الرسول - صلى الله عليه وسلم -، قسم يخرج بالمادح إلى الغلو الذي نهى عنه النبي - صلى الله عليه وسلم -، وقال: \"لا تطروني كما أطرت النصارى المسيح بن مريم، فإنما أنا عبد، فقولوا عبد الله ورسوله\". فمن مدح النبي - صلى الله عليه وسلم -، بأنه غياث المستغيثين، ومجيب دعوة المضطرين، وأنه مالك الدنيا والآخرة، وأنه يعلم الغيب وما شابه ذلك من ألفاظ المديح فإن هذا القسم محرم، بل قد يصل إلى الشرك الأكبر المخرج من الملة، فلا يجوز أن يمدح الرسول - عليه الصلاة والسلام - بما يصل إلى درجة الغلو لنهي النبي - صلى الله عليه وسلم -، عن ذلك.

ثم نرجع إلى اتخاذ المديح الجائز حرفة يتكسب بها الإنسان، فنقول أيضًا: إن هذا حرام ولا يجوزº لأن مدح الرسول - عليه الصلاة والسلام - بما يستحق وبما هو أهل له - صلى الله عليه وسلم -، من مكارم الأخلاق والصفات الحميدة، والهدي المستقيم مدحه بذلك من العبادة التي يتقرب بها إلى الله، وما كان عبادة فإنه لا يجوز أن يتخذ وسيلة إلى الدنيا لقول الله - تعالى -: \"من كان يريد الحياة الدنيا وزينتها نوف إليهم أعمالهم فيها وهم فيها لا يبخسون (15) أولئك الذين ليس لهم في الآخرة إلا النار وحبط ما صنعوا فيها وباطل ما كانوا يعملون\" {هود: 15، 16}، والله الهادي إلى سواء الصراط.



إلصاق الكعب بالكعب عند القيام للصلاة:

سُئل: ما المعتمد في إقامة الصفوف؟ وهل يشرع للمصلي أن يلصق كعبه بكعب من بجانبه؟ أفتونا مأجورين؟

أجاب: الصحيح أن المعتمد في تسوية الصف محاذاة الكعبين بعضهما بعضًا، لا رؤوس الأصابع، وذلك لأن البدن مركب على الكعب، والأصابع تختلف الأقدام فيها، فهناك القدم الطويل، وهناك القدم القصير، فلا يمكن ضبط التساوي إلا بالكعب.

وأما إلصاق الكعبين بعضهما ببعض فلا شك أنه وارد عن الصحابة - رضي الله عنهم - فإنهم كانوا يسوون الصفوف بإلصاق الكعبين بعضهما ببعض، أي أن كل واحد منهم يلصق كعبه بكعب جاره لتحقق المحاذاة وتسوية الصف، فهو ليس مقصودًا لذاته، لكنه مقصود لغيره كما ذكر ذلك أهل العلم، ولهذا إذا تمت الصفوف وقام الناس ينبغي لكل واحد أن يلصق كعبه بكعب صاحبه لتحقق المساواة، وليس معنى ذلك أن يلازم هذا الإلصاق ويبقى ملازمًا له في جميع الصلاة.

ومن الغلو في هذه المسألة ما يفعله بعض الناس من كونه يلصق كعبه بكعب صاحبه ويفتح قدميه فيما بينهما حتى يكون بينه وبين جاره في المناكب فرجة فيخالف السنة في ذلك، والمقصود أن المناكب والأكعب تتساوى.



حكم المصافحة وقول \"تقبل الله\" بعد الصلاة:

سُئل: ما رأي فضيلتكم في المصافحة وقول: \"تقبل الله\" بعد الفراغ من الصلاة مباشرة؟ وجزاكم الله خيرًا.

أجاب:لا أصل للمصافحة، ولا لقول: \"تقبل الله\" بعد الفراغ من الصلاة، ولم يرد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، ولا عن أصحابه - رضي الله عنهم -.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply