نكاح المتعة


 

بسم الله الرحمن الرحيم

يسمى الزواج المؤقت أو الزواج المنقطع، أو المتعة.

وصفته: أن يعقد الرجل على المرأة لمدة محدودة، تكون طالقاً بانتهائها.

وحكمه أنه محرم تحريماً مؤبداً:

ومن أدلة تحريمه قول علي بن أبي طالب - رضي الله عنه -: نهى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - عن متعة النساء وعن لحوم الحمر الأهلية زمن خيبر (رواه البخاري ومسلم والترمذي وابن ماجة).

وقول سبرة: أمرنا رسول الله بالمتعة عام الفتح حين دخلنا مكة ثم لم نخرج حتى نهانا عنه (رواه مسلم).

وقد يشكل على البعض وقت تحريم نكاح المتعة لاختلاف الزمن في هذين الحديثين وللعلماء كلام وخلاف وحاول بعضهم الجمع فقال: إن النبي - صلى الله عليه وسلم - حرم المتعة يوم خيبر ثم رخص فيها بعد ذلك ثم حرمها عام الفتح مرة أخرى ولم يبلغ الترخيص فيها راوي الحديث الأول وهو علي - رضي الله عنه -.

قال ابن القيم - رحمه الله -: وفي حديث سبرة روايات أخرى بأن النهي كان في حجة الوداع وفي روايات شاذة والراجح رواية عام الفتح ومما يدل على ذلك أن إياس بن سلمة قال: قال لأبيه - رضي الله عنه - رخص رسول الله عام أوطاس في المتعة ثلاثا ثم نهى عنه (رواه مسلم).

وهذا تصريح بأن المتعة أبيحت يوم فتح مكة ثم حرمت.

وقد تكلم أهل العلم في معنى هذا النكاح وبيان حكمه، وقال ابن قدامة: معنى نكاح المتعة أن يتزوج المرأة مدة مثل أن يقول: زوجتك ابنتي شهرا أو سنة أو إلى انقضاء الموسم...ثم قال: وهذا نكاح باطل نص عليه أحمد فقال: نكاح المتعة حرام.

قال الشافعي - رحمه الله -: وجماع نكاح المتعة المنهي عنه: كل نكاح كان إلى أجل من الآجال، قرب أو بعد، وذلك أن يقول الرجل للمرأة: نكحتك يوما أو عشراً أو شهراً... ثم قال: وكذلك أي نكاح إلى وقت معلوم أو مجهول، فالنكاح مفسوخ. وقال ابن حزم - رحمه الله -: ولا يجوز نكاح المتعة وهو النكاح إلى أجل، وكان حلالاً على عهد رسول الله ثم نسخها الله على لسان رسوله نسخاً باتاً إلى يوم القيامة وقال الحافظ بن حجر - رحمه الله -: قول ((باب نهي رسول الله عن نكاح المتعة أخير)).

تزويج المرأة إلى أجل فإذا انقضى وقعت الفرقة.

وقد ذكر بعض أهل العلم الإجماع تحريمه وبطلانه.

قال الخطابي - رحمه الله -: تحريم نكاح المتعة كالإجماع بين المسلمين وقد كان ذلك مباحاً في صدر الإسلام ثم حرمه.. إلى أن قال: فلم يبق اليوم فيه خلاف بين الأئمة إلا شيئاً ذهب إليه الروافض.

ونظم في تحريم المتعة أبو الغنائم محمد بن علي الندسي الكوفي فقال:

 

فهي من كل إنسان * * * بما قد قيل في المتعة

 

ومن قال حلال هي * * * كمن قد قال في الرجعة

 

كذبتم لا يحب الله * * * شيئاً يشبه الخدعة

 

زوجان في طهر * * * وفي طهر لها سبعةِ

 

إذا فارقها هذا * * *  أخذها ذلك بالشفعة

 

ألا يا صاح فأخبرني * * * لها في رحمها متعةِ

 

حجج المبيحين لنكاح المتعة

احتجوا بحديث جابر بن عبد الله وسلمة بن الأكوع كما جاء عن البخاري أيضا قالا: كنا في جيش فأتانا رسول الله فقال: إنه قد أذن لكم أن تستمعوا فاستمتعوا (رواه البخاري) والرد عليه:

أن جابر ومن تمتع في عهد أبي بكر وعمر من الصحابة لم يبلغهم التحريم الوارد في حديث علي أو حديث سبرة المتقدمين.

وأيضا كان عمر نهى عن المتعة عن لسان جابر كما عند مسلم، وعمر خليفة راشد فنحن مأمورين باتباع سنته.

واحتجوا أيضا بأن ابن عباس أباح نكاح المتعة، والرد عليه:

هذا الكلام صحيح فإن ابن عباس - رضي الله عنه - أفتى بجواز المتعة ولكن لم يفتي بالجواز على الإطلاق وإنما قيد ذلك بالضرورة كأن يكون الشخص يخشى على نفسه الوقوع في المحرم ثم أنكر الصحابة عليه إذ هو بشر يصيب ويخطئ فتراجع عن قوله وإليك ما قاله ابن القيم قال: وأما ابن عباس فإنه سلك هذا المسلك في إباحته عند الحاجة والضرورة ولم يبحها مطلقاً فلما بلغه إكثار الناس منها رجع وكان يحمل التحريم على من لم يحتج إليها.

وقال الخطابي: في المنهال ابن جبير قال: قلت لابن عباس: هل تدري ما صنعت وبما أفتيت؟ قد سارت بفتياك الركبان، وقال الشعراء عنك:

قد قلت للشيخ لما طال محبسه ***  يا صاح هل في فتيا ابن عباس؟

هل لك لي رخصة الأطراف آنسة ***   تكون مثواك حتى رجعة الناس؟

فقال ابن عباس: إنا لله وإنا إليه راجعون، والله ما هذا أفتيت ولا هذا أردت ولا أحللت إلا مثل ما أحل الميتة والدم ولحم الخنزير، وما تحل إلا للمضطر.

قال إسحاق بن راهوية: عن ابن عباس قال: كانت المتعة في أول الإسلام متعة النساء فكان الرجل يقدم بسلعته البلد، ليس له من يحفظ عليه شيئه ويضم إليه متاعه فيتزوج المرأة إلى قدر ما يرى أنه يقضي حاجته وقد كانت تقرأ {فَمَا استَمتَعتُم بِهِ مِنهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} حتى نزلت {حُرِّمَت عَلَيكُم أُمَّهَاتُكُم}إلى قوله: {مُحصِنِينَ غَيرَ مُسَافِحِينَ} [سورة النساء: 23-24] فتركت المتعة وكان الإحصان إذا شاء طلق وإذا شاء أمسك ويتوارثان وليس لهما من الأمر شيء قال ابن القيم: فهاتان الروايتان المقيدتان عن ابن عباس تفسران مراده من الرواية المطلقة.

قال الخطابي: فهذه الرواية الأولى عن ابن عباس تبين لك أنه إنما سلك فيه مسلك الناس وشبهه بالمضطر إلى الطعام، وهو قياس غير صحيح لوجود الفارق، لأن الضرورة في هذا الباب لا تتحقق كهي في باب الطعام الذي به قوام النفس وبعدمه يكون التلف وإنما هذا من باب غلبة الشهوة ومصابرتها ممكنة، وقد تحسم مادتها بالصوم والصلاح، فليس أحدهما في حكم الضرورة كالآخر.

[انظر: وصايا واتحاف قبل ليلـة الزفـاف. للشيخ: سليمان بن عبد الكريم المفرج]

ومن حكمة هذا التحريم:

· أنه يؤدي إلى ضياع الأولاد.

· واختلاط الأنساب

· وإلى كثرة الفساد

والله - تعالى -أعلم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه والتابعين.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply