ما هو الدليل علي عدم صلاة الغلام الذي دون البلوغ في الصف الأول


بسم الله الرحمن الرحيم

 

اختلف أهل العلم في هذه المسألة فيما إذا سبق الصبي المميز في الصف الأول على قولين:

القول الأول: لا يؤخر.وهو قول الشافعية.

واستدلوا:

1 - عَن عَمرِو بنِ سَلَمَةَ قَالَ: قَالَ لِي أَبُو قِلَابَةَ: أَلَا تَلقَاهُ فَتَسأَلَهُ قَالَ: فَلَقِيتُهُ فَسَأَلتُهُ فَقَالَ كُنَّا بِمَاءٍ, مَمَرَّ النَّاسِ وَكَانَ يَمُرٌّ بِنَا الرٌّكبَانُ فَنَسأَلُهُم: مَا لِلنَّاسِ؟ مَا لِلنَّاسِ؟ مَا هَذَا الرَّجُلُ؟ فَيَقُولُونَ: يَزعُمُ أَنَّ اللَّهَ أَرسَلَهُ أَوحَى إِلَيهِ أَو أَوحَى اللَّهُ بِكَذَا فَكُنتُ أَحفَظُ ذَلِكَ الكَلَامَ وَكَأَنَّمَا يُقَرٌّ فِي صَدرِي، وَكَانَت العَرَبُ تَلَوَّمُ بِإِسلَامِهِم الفَتحَ فَيَقُولُونَ: اترُكُوهُ وَقَومَهُ فَإِنَّهُ إِن ظَهَرَ عَلَيهِم فَهُوَ نَبِيُّ صَادِقٌ فَلَمَّا كَانَت وَقعَةُ أَهلِ الفَتحِ بَادَرَ كُلٌّ قَومٍ, بِإِسلَامِهِم وَبَدَرَ أَبِي قَومِي بِإِسلَامِهِم فَلَمَّا قَدِمَ قَالَ : جِئتُكُم وَاللَّهِ مِن عِندِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - حَقًّا فَقَالَ: صَلٌّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا، وَصَلٌّوا صَلَاةَ كَذَا فِي حِينِ كَذَا فَإِذَا حَضَرَت الصَّلَاةُ فَليُؤَذِّن أَحَدُكُم وَليَؤُمَّكُم أَكثَرُكُم قُرآنًا فَنَظَرُوا فَلَم يَكُن أَحَدٌ أَكثَرَ قُرآنًا مِنِّي لِمَا كُنتُ أَتَلَقَّى مِن الرٌّكبَانِ ، فَقَدَّمُونِي بَينَ أَيدِيهِم وَأَنَا ابنُ سِتٍّ, أَو سَبعِ سِنِينَ، وَكَانَت عَلَيَّ بُردَةٌ كُنتُ إِذَا سَجَدتُ تَقَلَّصَت عَنِّي فَقَالَت: امرَأَةٌ مِن الحَيِّ أَلَا تُغَطٌّوا عَنَّا استَ قَارِئِكُم فَاشتَزَوا فَقَطَعُوا لِي قَمِيصًا فَمَا فَرِحتُ بِشَيءٍ, فَرَحِي بِذَلِكَ القَمِيصِ. رواه البخاري (4302).

 

قالوا: دل الحديث على جواز إمامة الصبي المميز فإذا جازت إمامته فمن باب أولى جواز جلوسه في الصف المقدم وأنه لا يؤخر.

 

2 - عَن ابنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنهُمَا عَن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : لَا يُقِيمُ الرَّجُلُ الرَّجُلَ مِن مَجلِسِهِ ثُمَّ يَجلِسُ فِيهِ. رواه البخاري (6269) ومسلم (2177).

قالوا: هذا نص عام يشمل الصبي وغيره.

 

القول الثاني: يؤخر. وهو ظاهر كلام الإمام أحمد، ورجحه ابن قدامة، وابن رجب.

استدلوا:

1 - عَن أَبِي مَسعُودٍ, قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - يَمسَحُ مَنَاكِبَنَا فِي الصَّلَاةِ وَيَقُولُ : استَوُوا، وَلَا تَختَلِفُوا فَتَختَلِفَ قُلُوبُكُمº لِيَلِنِي مِنكُم أُولُو الأَحلَامِ وَالنٌّهَى ، ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم ثُمَّ الَّذِينَ يَلُونَهُم. رواه مسلم (432).

 

2 - عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ غَنمٍ, قَالَ: قَالَ أَبُو مَالِكٍ, الأَشعَرِيٌّ : أَلَا أُحَدِّثُكُم بِصَلَاةِ النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ : فَأَقَامَ الصَّلَاةَ، وَصَفَّ الرِّجَالَ، وَصَفَّ خَلفَهُم الغِلمَانَ، ثُمَّ صَلَّى بِهِم فَذَكَرَ صَلَاتَهُ، ثُمَّ قَالَ: هَكَذَا صَلَاةُ .

قَالَ عَبدُ الأَعلَى : لَا أَحسَبُهُ إِلَّا قَالَ: صَلَاةُ أُمَّتِي . رواه أبو داود (132).

وهو حديث ضعيف في سنده شهر ابن حوشب. قال العلامة الألباني - رحمه الله - في المشكاة (1115): بإسناد ضعيف فيه شهر بن حوشب، وقد ضعف لسوء حفظه. ا. هـ.

 

3 - عَن قَيسِ بنِ عُبَادٍ, قَالَ: بَينَا أَنَا فِي المَسجِدِ فِي الصَّفِّ المُقَدَّمِ فَجَبَذَنِي رَجُلٌ مِن خَلفِي جَبذَةً فَنَحَّانِي، وَقَامَ مَقَامِي، فَوَاللَّهِ مَا عَقَلتُ صَلَاتِي فَلَمَّا انصَرَفَ فَإِذَا هُوَ أُبَيٌّ بنُ كَعبٍ, فَقَالَ: يَا فَتَى لَا يَسُؤكَ اللَّهُ إِنَّ هَذَا عَهدٌ مِن النَّبِيِّ - صلى الله عليه وسلم - إِلَينَا أَن نَلِيَهُ ، ثُمَّ استَقبَلَ القِبلَةَ فَقَالَ : هَلَكَ أَهلُ العُقَدِ وَرَبِّ الكَعبَةِ ثَلَاثًا ثُمَّ قَالَ: وَاللَّهِ مَا عَلَيهِم آسَى، وَلَكِن آسَى عَلَى مَن أَضَلٌّوا قُلتُ: يَا أَبَا يَعقُوبَ، مَا يَعنِي بِأَهلِ العُقَدِ. قَالَ : الأُمَرَاءُ. رواه أحمد (5/140)، والنسائي (778)، وابن خزيمة (1573).

وصحح إسناده العلامة الألباني في المشكاة (1116).

 

وقد رجح العلامة الشيخ محمد بن صالح العثيمين القول الأول، وضعف القول الثاني، وذكر محاذيرا في مسألة تأخير الصبيان عن الصف الأول إذا سبقوا إليه. انظر الشرح الممتع (3/20 - 22).

والله أعلم.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply