أخطاء وأباطيل عن المسجد الأقصى


 بسم الله الرحمن الرحيم

 مما يؤسف له انتشار كثير من المعتقدات والتصورات الخاطئة حول المسجد الأقصى، سواء أكان ذلك خاصا بالمصلى أو بقبة الصخرة أو بهما جميعاً. ويظهر أن عدم تعريف المسلمين بحقيقة المسجد الأقصى وما يتعلق به، واختلاط كثير من المسلمين في السابق بالنصارى واليهود الذين يأتون لزيارة هذه البقعة ليؤدوا طقوسهم الخاصة، مع بعد المسلمين عن دينهم، كان له أثر أيضا في زيادة تلك الأخطاء، ولعلنا هنا نعرض لبعض تلك الأخطاء والمعتقدات حتى يتبين للناس حقيقة الأمر ويزال ما عندهم من لبس:

 

حدود المسجد الأقصى

أولا: الكثير من الناس يعتقد أن قبة الصخرة هي المسجد الأقصى، وهذا الأمر حرص اليهود على ترويجه بشتى الطرق وبكل الوسائل الخفية، حتى ينطلي على الناس ويتعلقوا به، وبالتالي لا يأبهون للمسجد الأقصى على حقيقته، فيستطيع اليهود من خلال ذلك ومع تعاقب الأزمنة الوصول إلى ما يهدفون إليه من هدم المسجد الأقصى وبناء هيكلهم المزعوم.

ثانيا: يعتقد الكثير من الناس أن المسجد الأقصى هو ذلك المبنى الذي يظهر عادة في الصور وأن ما حوله من مساحات لا علاقة له بالمسجد، والحقيقة أن المسجد الأقصى يشمل كل المساحات والأشجار وقبة الصخرة والمساحة التي بينها وبين المصلى كل هذا هو ما يطلق عليه في الأصل المسجد الأقصى، ويجب التنبه لذلك. (ولعلك تتأمل الصور المرفقة في الأعلى ليتضح لك هذان الأمران)

 

المسجد الأقصى ليس حرما ً

ثالثا: من أشد الأخطاء إطلاق لفظ الحرم على \"المسجد الأقصى\" فيقولون \"ثالث الحرمين الشريفين\" وهذه التسمية ليست بصحيحة لا حقيقة ولا معنى، وذلك لأنه في الحقيقة ليس هناك حرم للمسجد الأقصى، فالنبي - صلى الله عليه وسلم - لم يحدد له حرما، كما فعل في المسجد الحرام والمسجد النبوي، ولا يمكن أن يصح معنى لأن المراد بالحرم \"هو المساحة التي لا يجوز فيها قطع الشجر ولا الصيد\" وإنما هو أولى القبلتين ومسرى رسول الله - صلى الله عليه وسلم -.

رابعا: الثابت أن المسجد الأقصى يتميز عن سائر المساجد - بخلاف الحرمين الشريفين- بأمرين:

 1- جواز شد الرحال إليه للصلاة فيه

 2- أن الصلاة فيه تعادل خمسمائة صلاة فيما سواه. ولم يثبت في فضله غير ذلك، وما ورد على ألسنة العوام في هذا الشأن فباطل.

خامسا: من الأخطاء الشائعة اعتقاد أن للصخرة الموجودة تحت ما يسمى بقبة الصخرة لها مزية وفضيلة على غيرها، والحقيقة أنه لم يثبت حديث ولا أثر صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ولا عن صحابته يبين فضل هذه الصخرة أو ميزتها.

سادسا: هناك كثير من القصص المنتشرة عند الناس حول هذه الصخرة وأساسها، وكلها باطلة، ليس يصح منها شيء، مثل قول بعضهم إن مياه الأرض كلها منبعها تحت هذه الصخرة لفضلها، وهذا ليس له أساس من الصحة ولا دليل عليه.

سابعا: يذكر بعض الذين تعرضوا لكتابة التاريخ أن هذه الصخرة معلقة بين السماء والأرض، وأنه بإمكان الإنسان أن يمر من تحتها، ويقولون إن السبب في ذلك أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان واقفا عليها حين عرج به إلى السماء، فلما ارتفع ذهبت وراءه، فأشار إليها النبي - صلى الله عليه وسلم - بيده بأن تقف فتوقفت، فأصبحت بين السماء والأرض، وهذه القصة باطلة من أساسها، ولا أدل على بطلانها من أن من نظر إلى الصخرة لا يجد شيئا مما ذكر في الواقع، فالصخرة ليس معلقة بين السماء والأرض، وإنما غاية ما فيها وجود تجويف في أحد جنباتها، وهذا أكبر دليل على بطلان القصة.

ثامنا: وبناء على القصة الباطلة السابقة بنوا أمورا باطلة أيضا، منها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما صلى بالأنبياء في إسرائه إلى بيت المقدس صلى تحتها. وزعموا أن الصلاة تحتها لها فضيلة خاصة عن الصلاة في سائر المسجد، وكل هذا باطل لا دليل عليه بل هو باطل من أساسه، والتشريع والعبادات لا تثبت بهوى الناس وإنما بما شرعه الله وشرعه رسوله - عليه الصلاة والسلام -.

تاسعا: المحراب المسمى بمحراب داود - عليه السلام - والواقع في صدر مصلى المسجد يعتقد البعض بأنه بني في عصر النبوة، بل يبالغ البعض فيقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - هو الذي أسسه، والثابت تاريخيا أن أول من بناه إنما هو عبد الملك بن مروان عند تجديده للمسجد، ولم يعرف أصلا أنه سماه بهذا الاسم، ويبدو أن هذه التسمية إنما هي من افتراءات اليهود التي يروجونها عند العوام لمحاولة إثبات أحقيتهم في المسجد، وأن آثار أنبيائهم في المسجد ما زالت موجودة.

عاشرا: مما يروجه اليهود، ويجعلونه كأنه أمر ثابت، وأخذ يردده بعض العوام، هو إطلاق اسم \"اصطبلات سليمان\" على الجزء الواقع أسفل الجهة الجنوبية الشرقية من مصلى المسجد الأقصى، وهي مساحة كبيرة يحاول اليهود التأكيد على هذه التسمية لتوحي بأنها موجودة منذ القدم وبالتالي فإن لهم الحق فيها. والذي يقرأ التاريخ يعلم أن الخليفة الأموي مروان بن الحكم هو أو من بناها وجعلها اصطبلا لخيول المسلمين، ويبدو أن المسلمين هناك تنبهوا لهذا الأمر، ولذا فقد أعادوا تسميته على الحقيقة، بل وقاموا بالصلاة فيه وأطلقوا عليه \"المصلى المرواني\" وإنما نبهنا عليه لكثرة ما يتردد على لسان اليهود من أنه \"اصطبلات سليمان\"

الحادي عشر: لم يثبت بدليل صحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم - المكان الذي ربط فيه البراق وحتى لو ثبت فليس في هذا أي فضيلة، وكذلك لم يثبت تحديد الباب الذي دخل منه اليهود لما أمره الله - جل وعلا - بذلك، وبالتالي فإن إطلاق هذه التسمية على باب من أبوابه ليست بصحيحة.

تلك بعض الأخطاء التي وقع فيها بعض الناس والتي تؤدي باستمرارها إلى انسلاخ الناس عن كثير من أحكام دينهم وتاريخهم، بل وإعطاء الفرصة لأهل الادعاءات الكاذبة لتحقيق مآربهم الشخصية من خلال أكاذيب ينشرونها، ويرددها الناس دون علم بحقيقتها.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply