ترك الحج مع القدرة عليه


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

قال -تعالى-: ((ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا)).

وقال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: ((من ملك زاداً وراحلة تبلغه حج بيت الله الحرام ولم يحج فلا عليه أن يموت يهودياً أو نصرانياً)).

الحج مفروض على المستطيع كما قال اللّه -تعالى- وكما قال  النبي -صلى الله عليه وسلم- وهو واجب في العمر كله مرة واحدة بإجماع العلماء، ولحديث البخاري ومسلم وغيرهما أن  النبي  -صلى الله عليه وسلم- لما أمر الناس بالحج سئل أفي كل عام فقال "لو قلت نعم لوجبت ولما استطعتم" ولكن هل إذا توافرت أسباب الاستطاعة وجب على الفور أداء الحج أو يجوز تأجيله إلى عام آخر؟

قال جمهور العلماء: الوجوب على الفور، ويأثم من أخره إلى عام آخر، بحيث إذا مات حوسب عليه إن لم يغفر الله له، ودليلهم في ذلك حديث أحمد وابن ماجه والبيهقي "من أراد الحج فليعجل فإنه قد يمرض المريض وتضل الراحلة وتكون الحاجة" وفى رواية "تعجلوا الحج فإن أحدكم لا يدرى ما يعرض له".

لكن الإمام الشافعي قال: إن وجوب الحج على التراخي، بمعنى أنه لو أخره مع الاستطاعة لا يأثم بالتأخير متى أداه قبل الوفاة ودليله أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- أخر الحج إلى السنة العاشرة وكان معه أزواجه وكثير من أصحابه، مع أنه فرض في السنة السادسة من الهجرة، فلو كان واجبا على الفور ما أخره.

وقال الشافعي: ومع ذلك فالأفضل التعجيل بناء على الأحاديث المذكورة التي حملها على الندب لا على الوجوب، ويضم إليها حديث رواه ابن حبان في صحيحه والبيهقى، أن  النبي -صلى الله عليه وسلم- قال "يقول الله -عز وجل-: إن عبدا صححت له جسمه ووسعت عليه في المعيشة تمضى عليه خمسة أعوام لا يفد إلىَّ لمحروم".

وعندما قال الله -تعالى-: {ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا} قال بعد ذلك {ومن كفر فإن الله غنى عن العالمين} قال الحسن البصري: المراد بالكفر هو الترك أي عدم الحج.

كالحديث الذي رواه مسلم وينص على أن من ترك الصلاة فهو كافر، لكن ابن عباس ومعه المحققون من العلماء قالوا: إن الكفر لا يكون إلا بإنكار الفريضة وجحود أن الحج واجب، لكن لو آمن الإنسان بأنه مفروض وواجب ولكنه تكاسل في الأداء فهو ليس بكافر بل هو مؤمن عاصٍ,، لو لم يحج مع الاستطاعة يحاسبه الله بعد موته ويدخله النار إن لم يغفر له، ويكون مصيره النهائي هو الجنة، ويحمل على هذا حديث "من ملك زادا وراحلة تبلغه إلى بيت الله ولم يحج فلا عليه أن يموت يهوديا أو نصرانيا" رواه الترمذي وقال حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وروى مثله البيهقي، فالحديث لا يدل قطعا على الكفر، ولئن صح فالمراد به الجاحد المنكر، ويحمل على الترغيب في التعجيل فقط.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply