حكم لعب النرد وما شابهها من الألعاب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

تعريفُ النردِ:

عرفها صاحبُ "المعجم الوسيط" (2/912) فقال: "النردُ لعبةٌ ذاتُ صندوقِ وحجارةٍ, وفصين تعتمدُ على الحظِ، وتنقلُ فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ "الزهرُ" وتعرفُ عند العامةِ بالطاولةِ". ا. هـ.

وقال ابن منظور في "لسان العرب" (3/421): "النردُ معروفٌ: شيءٌ يلعبُ به، فارسي معرب، وليس بعربي، وهو النردشير، فالنردُ اسمٌ عجمي معربٌ، وشير بمعنى حلو". ا. هـ.

وقال الزبيدي في "تاج العروس" (9/219): "يقالُ: "النردشير"، إضافةً إلى واضعهِ أرد شير بن بابك من ملوكِ الفرسِ، وقوله: "شير بمعنى حلو" وهمٌ، فالحلو شيرين كما هو معروفٌ عندهم". ا. هـ.

وعرفها علي حسين يونس في "الألعاب الرياضية... أحكامها وضوابطها في الفقه الإسلامي"(ص 252) فقال: "لعبةٌ ذاتُ صندوقٍ, وحجارةٍ, وفصين "مكعبين صغيرين" تعتمدُ على الحظِ، وتنقل فيها الحجارةُ على حسبِ ما يأتي به الفصُ، وهي المعروفةُ في أيامنا بـ "طاولة الزهر".

ويقالُ لها "الطبلُ" و"الكعابُ" و "الأرنُ" و"النردشير" و"الكوبةُ".

وهي معروفةٌ منذُ القدمِ... وترتبط هذه اللعبة ارتباطاً كبيراً بالمقاهي الشعبيةِ وغيرها. حيثُ تكثر ممارستها من قبل العاطلين عن العملِ أو من يرغب بـ "إضاعةِ وقتهِ" أو ملءِ وقتِ فراغهِ، كما لا تخلو في الكثيرِ من الأحيانِ من المقامرةِ، بحيث تؤدي في كثيرٍ, من الأحيانِ إلى حدوثِ النزاعاتِ والخصوماتِ وغيرها من المشاكلِ". ا. هـ.

 

أدلةُ تحريمها:

1.    عَن سُلَيمَانَ بنِ بُرَيدَةَ، عَن أَبِيهِ أَنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "مَن لَعِبَ بِالنَّردَشِيرِ فَكَأَنَّمَا صَبَغَ يَدَهُ فِي لَحمِ خِنزِيرٍ, وَدَمِهِ". أخرجهُ مسلمٌ (2260)، وأبو داود (4939)، وابن ماجه (3763)، وأحمد (5/352، 361)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1271).

قال الإمامُ النووي في "شرح مسلم"(16/15): قَالَ العُلَمَاء: النَّردَشِير هُوَ النَّرد، فَالنَّرد عَجَمِيّ مُعَرَّب، وَ(شِير) مَعنَاهُ حُلو... وَمَعنَى "صَبَغَ يَده فِي لَحم الخِنزِير وَدَمه فِي حَال أَكله مِنهُمَا" وَهُوَ تَشبِيه لِتَحرِيمِهِ بِتَحرِيمِ أَكلهمَا. وَاللَّهُ أَعلَم. ا. هـ.

2.    عَن أَبِي مُوسَى الأَشعَرِيِّ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ "مَن لَعِبَ بِالنَّردِ، فَقَد عَصَى اللَّهَ وَرَسُولَهُ". أخرجهُ مالكٌ في "الموطأ" (2/958)، وأحمدُ (4/397)، والبخاري [  ] في "الأدب المفردِ"(1272).

والحديثُ فيه انقطاعٌ بين سعيدِ بنِ أبي هند وأبي موسى الأشعري.

قال العلامةُ الألباني في "الإرواء"(8/285): قلتُ: وله علةٌ، وهي الانقطاعُ بين سعيد وأبي موسى، فقد ذكر أبو زرعة وغيرهُ أن حديثه عنه مرسلٌ. وقال الدارقطني في "العلل": رواه أسامة بن زيد الليثي عن سعيد بن أبي هند عن أبي مرة مولى أم هاني عن أبي موسى. قال الدارقطني بعد أن أخرجه: هذا أشبهُ بالصوابِ. ا. هـ.

ولكن الحديث يشهدُ له حديثُ بريدةَ بنِ الحصيب في مسلم.

3.    عن عبد اللهِ بنِ مسعود قال: "إياكم وهاتين الكعبتين الموسُومَتَين اللتين تزجران زجرا فإنهما من الميسر. أخرجهُ البخاري في "الأدب المفردِ "(1270).

قال العلامةُ الألباني في "صحيحِ الأدبِ المفردِ"(958): صحيحٌ.

وفي "الأدبِ المفردِ" بوب الإمامِ البخاري فقال: "بابُ الأدب وإخراج الذين يلعبون بالنردِ وأهل الباطل، وأورد عدداً من الآثارِ، نذكرُ ما صح منها كما في "صحيحِ الأدبِ المفردِ".

4.    عن نافع: أن عبد الله بن عمر كان إذا وجد أحدا من أهله يلعب بالنرد، ضربه وكسرها.

قال العلامةُ الألباني في "صحيح الأدب المفردِ"(960): "صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ".

5.    عن عائشةَ أنهُ بلغها أن أهلَ بيتٍ, في دارها كانوا سكاناً فيها عندهم نردٌ، فأرسلت إليهم: لئن لم تخرجوها لأخرجنكم من داري، وأنكرت ذلك عليهم. أخرجهُ مالكٌ في "الموطأ" (2/958)، ومن طريقهِ البخاري في "الأدب المفردِ "(1247).

قال العلامةُ الألباني في "صحيح الأدب المفردِ "(961): "حسنُ الإسنادِ موقوفٌ".

وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب "ذم الملاهي" لابن أبي الدنيا (86): "إسنادهُ حسنٌ. أمُ علقمةٍ, اسمها مرجانة، ذكرها ابنُ حبان في "الثقات"، وقال العجلي: "مدنيةٌ تابعيةٌ ثقةٌ"، وعلق لها البخاري جزماً، فأقلُ أحوالها أن تكونَ حسنةَ الحديثِ". ا. هـ.

قال الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ في "الاستذكار" (8/460): "إنكارُ عائشةَ لهذا لا يكونُ إلا لعلمٍ, عندها لا رأيها، وكذلك عبدُ اللهِ بنُ عمر، لا يكسرُ النردَ ويضربُ اللاعبَ إلا وقد بلغهُ فيها النهي عن النبي -صلى الله عليه وسلم-. ا. هـ.

6.    عن كُلثوم بنِ جَبر قال: خطبنا ابنُ الزبير فقال: يا أهلَ مكةَ، بلغني عن رجالٍ, من قريشٍ, يلعبون بلعبةٍ, يقال لها: النردشير -وكان أعسر- قال الله: "إِنَّمَا الخَمرُ وَالمَيسِرُ"[المائدة:90]، وإني أحلف بالله لا أوتى برجل لعب بها إلا عاقبته في شعرهِ وبشرهِ، وأعطيتُ سلبهُ لمن أتاني به. أخرجهُ البيهقي في "الكبرى"(10/216).

قال العلامةُ الألباني في "صحيح الأدب المفردِ" (962): "حسنُ الإسنادِ موقوفٌ".

وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب "ذم الملاهي" لابن أبي الدنيا (85): "إسنادهُ حسنٌ. كُلثومُ بنُ جَبر وثقهُ أحمدُ وابنُ معين وابنُ حبان والعجلي -كما في ترجمة تبنه ربيعة- ولينه النسائي فقال: "ليس بالقوي" فمثله لا ينزلُ عن درجةِ الحسنِ. ا. هـ.

7.    عن عبدِ اللهِ بنِ عمرو بنِ العاص: "اللاعبُ بالفصين قماراً كآكلِ لحمِ الخنزيرِ، واللاعبُ بهما غير قمارٍ,، كالغامسِ يدهُ في دمِ خنزيرٍ,.

قال العلامةُ الألباني في "صحيح الأدب المفردِ" (963): "صحيحُ الإسنادِ موقوفٌ".

وقال عمرو عبد المنعم سليم في تخريجهِ لكتاب "ذم الملاهي" لابن أبي الدنيا (81): "إسنادهُ صحيحٌ. والأثرُ أخرجهُ البيهقي في "الكبرى" (10/216): من طريقِ المصنفِ، وأخرجهُ ابنُ أبي شيبةَ في "المصنفِ" (5/286): حدثنا ابنُ علية، عن سعيد بن أبي عروبة، عن قتادة بإسناده، وبلفظ: "مثلُ الذي يلعبُ بالكعبينِ ولا يقامر كمثلِ المدهنِ بشحمهِ ولا يأكل لحمهُ. ورواهُ (5/287): حدثنا وكيع، حدثنا سلام به.

ورواه عبد الرزاق في "المصنفِ" (10/468/19729): عن معمر، عن قتادة أن عبد الله بن عمرو بن العاص قال:... فذكره.

وسنده منكرٌ، فمعمر ضعيف في قتادة، وقد أسقط من الإسنادِ أبا أيوب راويه عن ابن عمرو". ا. هـ.

وقال أيضاً في نفس الحديثِ ولكن من طريقٍ, آخر (82): "إسنادهُ حسنٌ، والأثرُ صحيحٌ بما قبلهُ. حبيبُ المعلم صدوقٌ حسنُ الحديثِ. والأثرُ صحيحٌ بما قبلهُ". ا. هـ.

أورد ابنُ أبي الدنيا في كتابِ "ذم الملاهي" أحاديث وآثاراً، وحكم عليها محققُ الكتابِ الشيخُ عمرو عبد المنعم سليم عليها بما يبين درجتها، ومنها ما جاء في كتابِ "الأدب المفردِ" للبخاري، ونقلتُ حكمه عليها، ونذكر ما بقي منها، ولم يذكره البخاري في "الأدب المفرد"، ونقتصر على ما صح.

8.    عن سريج بن النعمان قال: "سألتُ عبدَ اللهِ بنَ نافع عن الشطرنجِ والنردِ فقال: "ما أدركتُ أحداً من علمائنا إلا وهو يكرهها. هكذا كان مالكٌ يقولُ. قال سريج: "وسألتهُ عن شهادتهم"، فقال: "لا تقبلُ شهادتهم ولا كرامةَ إلا أن يكونَ يخفي ذلك ولا يعلنهُ. وهكذا كان مالكٌ يقولُ. وكذلك قولهُ في الغناءِ، لا تقبلُ لهم شهادٌ.

قال عمرو عبد المنعم عن الأثر (90): إسنادهُ صحيحٌ.

9.    عن الفضيل بنِ غزوان قال: مر مسروقٌ بقومٍ, يلعبون بالنردِ فقالوا: "يا أبا عائشةَ، إنا ربما فرغنا فلعبنا بها"، فقال: "ما بهذا أمرُ الفراغِ".

قال عمرو عبد المنعم عن الأثر (91): إسنادهُ صحيحٌ. والأثرُ أخرجهُ البيهقي في "شعبِ الإيمانِ"(5/241/6517) من طريقِ ابنِ أبي الدنيا به". ا. هـ.

10.                       وقال العلامةُ الألباني في "الإرواء" (8/287): وأخرج الآجري والبيهقي عن نافع أن عبدَ الله بنَ عمر كان يقولُ: "النردُ من الميسرِ". وإسنادهُ صحيحٌ.

 

ما يستفادُ مما سبق من الأحاديث والآثارِ:

وبعد إيرادِ الأحاديث والآثار يتبين ما يلي:

أولاً: حرمةُ اللعبِ بالنردِ، ولو لم يكن في حرمته إلا الحديث الوارد في صحيحِ مسلم لكفى.

ثانياً: اعتبارُ السلفِ أن اللعبَ بالنردِ من الميسر والقمار المحرمِ ولو لم يكن بعوضِ، ولو كان بعوضٍ, فالحرمةُ أشدُ ولا شك.

قال الآجري في " تحريم النردِ والشطرنج والملاهي" (ص 53): "واللاعبُ بهذه النرد من غيرِ قمارٍ, عاصٍ, للهِ -عز وجل- يجبُ عليه أن يتوبَ إلى الله -عز وجل- من لهوه بها. فإن لعب بها وقامر فهو أعظمُ لأنه أكل الميسر وهو القمارُ، وقد نهى اللهُ -عز وجل- عن الميسرِ، واللعبُ بالنردِ فهو من الميسر لا يختلفُ العلماءُ فيه". ا. هـ.

قال شيخُ الإسلامِ ابنُ تيميةَ في فتاوى: "وَالنَّردُ حَرَامٌ عِندَ الأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ سَوَاءٌ كَانَ بِعِوَضٍ, أَو غَيرِ عِوَضٍ,، وَلَكِنَّ بَعضَ أَصحَابِ الشَّافِعِيِّ جَوَّزَهُ بِغَيرِ عِوَضٍ,، لِاعتِقَادِهِ أَنَّهُ لَا يَكُونُ حِينَئِذٍ, مِن المَيسِرِ، وَأَمَّا الشَّافِعِيٌّ وَجُمهُورُ أَصحَابِهِ، وَأَحمَدُ، وَأَبُو حَنِيفَةَ، وَسَائِرُ الأَئِمَّةِ فَيُحَرِّمُونَ ذَلِكَ بِعِوَضٍ, وَبِغَيرِ عِوَضٍ,". ا. هـ.

ثالثاً: شدةُ إنكارِ السلفِ على من لعب بهذه اللعبة، ووضع العقوبةِ الشديدةِ على من لعب بها كما في أثرِ ابنِ الزبير.

رابعاً: عدمُ قبولِ شهادةِ من جاهر باللعبِ بها كما في أثرِ سريجِ بنِ النعمان، فكيف لو رأى السلفُ حال الناسِ مع هذه اللعبةِ في المقاهي وأماكن اللهو؟ واللهُ المستعانُ.

قال أبو إسحاق الشيرازي في "المهذب" (2/326): "ويحرمُ اللعبُ بالنردِ، وتُردُ به الشهادةُ". ا. هـ.

وقال الكاساني في "بدائع الصنائع" (6/269): من يلعبُ بالنردِ فلا عدالة له". ا. هـ.

خامساً: الرد على من قال: نقضي الوقت في اللعبِ بها كما في أثر الفضيل بن غزوان، وأنه ليس بمثلِ هذه الأمور تقضى الأوقات.

 

ما نسب إلى بعضِ السلفِ اللعب بالنردِ:

رد الإمامُ ابنُ عبدِ البرِ في "الاستذكار" (8/461) على من زعم أن بعضَ التابعين لعب بها، قال بإباحتها إن صح -على فرض صحتهِ- فإنه مخالفٌ للحقِ، وما ثبت في السنةِ من النهي عنها، بل لو فرض صحة لعبهم بها فالحجةُ بالأدلةِ قائمةٌ عليهم.

وقال القرافي في "الذخيرة" (13/283): "إنه لو فرض صحة ذلك عنهم فيحملُ على أن النهي لم يبلغهم، وإلا فالحجةُ قائمةٌ عليهم بالأدلةِ الصريحةِ عنه -عليه السلام- في حرمةِ اللعبِ بالنردِ مطلقاً". ا. هـ.

وقال صاحبُ المنتقى في شرحه للموطأ: "وَمَا رُوِيَ عَن عَبدِ اللَّهِ بنِ مُغَفَّلٍ, وَالشَّعبِيِّ وَعِكرِمَةَ أَنَّهُم كَانُوا يَلعَبُونَ بِالنَّردِ وَأَنَّ الشَّعبِيَّ كَانَ يَلعَبُ بِالشِّطرَنجِ غَيرُ ثَابِتٍ,، وَلَو ثَبَتَ لَحُمِلَ عَلَى أَنَّهُم لَم يَعلَمُوا النَّهيَ وَأَغفَلُوا النَّظَرَ وَأَخطَئُوا فِيهِ.

وَرُوِيَ عَن سَعِيدِ بنِ المُسَيِّبِ وَابنِ شِهَابِ إجَازَةُ اللَّعِبِ بِالنَّردِ وَذَلِكَ كُلٌّهُ غَيرُ ثَابِتٍ, عَمَّن تَقَدَّمَ ذِكرُهُ وَإِنَّمَا هِيَ أَخبَارٌ يَتَعَلَّقُ بِهَا أَهلُ البَطَالَةِ حِرصًا عَلَى تَخفِيفِ مَا هُم عَلَيهِ مِن البَاطِلِ، وَاَللَّهُ المُستَعَانُ". ا. هـ.

 

هل كلُ لعبةٍ, دخل فيها النرد محرمةٌ؟

لقد قرر أهلُ العلمِ أن لعبة النرد تعتمدُ بالدرجةِ الأولى على الحرزِ والتخمينِ، وذلك باعتمادها على ما يخرجهُ الفصان، وبناءً عليه فإن كلَ لعبةٍ, يدخلُ فيها الحرزُ والتخمينُ يقاس عليها النرد، ومن ذلك:

الدمينو، الورق بجميع صوره: الكوتشينه، البلوت، المونوبولي. وهذه بعضُ فتاوى المتعلقة بمسألتنا:

السؤال:

السلام عليكم أود السؤال عن بعض الألعاب الموجودة في السوق التي تعتمد على بعض من الحظ مثال لعبة مونوبولي ففيها يلعب الكبار والصغار على شكل دائرة يرمي فيها اللاعب النرد ثم يمشي إلى الإمام ويقطع مراحل إلى أن يصل إلى مكان معين فإما يشتريه وإما لا وهكذا فهل هي حرام أم حلال وهل يدخل فيها التحريم الوارد في لعب النرد كلعبة الطاولة أم أن الموضوع هنا يختلف قليلاً؟

الفتوى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فكل لعبة دخل فيها النرد فهي محرمة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه" رواه مسلم. والنردشير هو النرد، عجمي معرب، و(شير) معناه حلو.

وعن أبي داود وابن ماجه: "من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله" فهذا عام في لعب النرد سواء الطاولة و غيرها. والله أعلم.

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:

أريد أن أسأل عن اللعب بالنرد (الزهر) لأني سمعت أنه حرام والذي فهمته أن القصد من اللعب بالنرد هي اللعب بالطاوله (طاولة الزهر) فهل يدخل ضمن اللعب الحرام اللعب بأي لعبه بالنرد (كلعبة الأطفال السلم والثعبان والمونوبولي)؟

أرجو أن أعرف الإجابة لكي أمنع أولادي من اللعب بمثل هذا الألعاب إن كانت فعلا حرام وجزاكم الله خيراً.

الفتوى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فكل لعبة دخلها النرد حرم اللعب بها، ومن ذلك ما ذكر في السؤال لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: من لعب بالنردشير فكأنما صبغ يده في لحم خنزير ودمه. رواه مسلم.

ولذا فعليك -أخي الكريم- أن تبحث لأولادك عن ألعاب نافعة تنمي العقل والفكر وما أكثرها، وأن تمنعهم من هذه الألعاب التي ذكرت لاشتمالها على النرد. والله أعلم.

 

السؤال:

ما حكم لعب البلوت والضومنو في وقت فراغ خالية إن شاء الله من السب واللعن وغير ملهية عن الصلاة؟

الفتوى:

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فاللعب بالورق قد تقدم الكلام عليه وأما الضومنو فهو محرم في جميع الأحوال كذلك لاشتماله على النرد، وقد قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من لعب بالنردشير فكأنما غمس يده في لحم خنزير ودمه. رواه أحمد ومسلم وأبو داود. وقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: من لعب بالنرد فقد عصى الله ورسوله. رواه أحمد وأبو داود وابن ماجه، وحسنه الألباني. والله أعلم.

 

قصةٌ عن النردِ للزمخشري:

قال المناوي في "فيض القدير": قال الزمخشري: دخلت في زمن الحداثة على شيخ يلعب بالنرد مع آخر يعرف بازدشير فقلت الأزدشير النردشير بئس المولى وبئس العشير.

 

أيهما أشد: النرد أم الشطرنج؟

فصل شيخ الإسلام في هذه المسألة تفصيلا جيدا فقال في فتاوى (32/242): وَمَذهَبُ الأَئِمَّةِ الأَربَعَةِ أَنَّ اللَّعِبَ بِالنَّردِ حَرَامٌ وَإِن لَم يَكُن بِعِوَضِ.

وَقَد قَالَ ابنُ عُمَرَ وَمَالِكُ بنُ أَنَسٍ, وَغَيرُهُمَا: إنَّ الشِّطرَنجَ شَرُّ مِن النَّردِ وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحمَد بنُ حَنبَلٍ, وَالشَّافِعِيٌّ وَغَيرُهُم: النردشير شَرُّ مِن الشِّطرَنجِ.

وَكِلَا القَولَينِ صَحِيحٌ بِاعتِبَارِ ; فَإِنَّ النَّردَ إذَا كَانَ بِعِوَضِ وَالشِّطرَنجَ بِغَيرِ عِوَضٍ,: فَالنَّردُ شَرُّ مِنهُ وَهُوَ حَرَامٌ حِينَئِذٍ, بِالإِجمَاعِ.

وَأَمَّا إن كَانَ كِلَاهُمَا بِعِوَضِ أَو كِلَاهُمَا بِلَا عِوَضٍ, فَالشِّطرَنجُ شَرُّ مِن النَّردِ ; لِأَنَّ الشِّطرَنجَ يَشغَلُ القَلبَ وَيَصُدٌّ عَن ذِكرِ اللَّهِ وَعَن الصَّلَاةِ أَكثَرَ مِن النَّردِ.

وَلِهَذَا قِيلَ: الشِّطرَنجُ مَبنِيُّ عَلَى مَذهَبِ القَدَرِ، وَالنَّردُ مَبنِيُّ عَلَى مَذهَبِ الجَبرِ. ا. هـ.

ومقصود شيخ الإسلام بالعبارة الأخيرة وهي: "وَلِهَذَا قِيلَ: الشِّطرَنجُ مَبنِيُّ عَلَى مَذهَبِ القَدَرِ، وَالنَّردُ مَبنِيُّ عَلَى مَذهَبِ الجَبرِ" أن صاحب النرد يرمي ويحسب بعد ذلك، وأما صاحب الشطرنج فإنه يقدَّر ويفكر ويحسب حسابات النقلات قبل النقل.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply